ما حكم ( بيع أو تبرع الإنسان بأعضاء جسمه في حياته أو يوصي بها بعد موته ) ؟
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
فضيلة الشيخ : زيد بن مسفر البحري
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
هذا السؤال : حكم التبرع بالأعضاء هذه مسألة معاصرة
أفيجوز للإنسان أن يتبرع بأعضائه ، وهو حي ، أو أن له أن يوصي بذلك بعد وفاته ، أو أنه لا يوصي بذلك لكن الورثة أذنوا بأخذ أعضائه بعد موته
أفيجوز ذلك أم لا ؟
كما سلف هي مسألة معاصرة
أكثر المعاصرين يجيزون ذلك ، وهناك من منع ، والمنع باعتبار أن هذه الأعضاء ليست مملوكة للعبد حتى يأذن بالتبرع بها حال حياته أو بعد وفاته فليست ملكا له ، إنما هي ملك لله
ولذلك قال تعالى { قُلْ مَنْ يَرْزُقُكُمْ مِنَ السَّمَاءِ وَالْأَرْضِ أَمَّنْ يَمْلِكُ السَّمْعَ وَالْأَبْصَارَ وَمَنْ يُخْرِجُ الْحَيَّ مِنَ الْمَيِّتِ وَيُخْرِجُ الْمَيِّتَ مِنَ الْحَيِّ وَمَنْ يُدَبِّرُ الْأَمْرَ فَسَيَقُولُونَ اللَّهُ فَقُلْ أَفَلَا تَتَّقُونَ }
فملك السمع والأبصار وكل ما في السموات وما في الأرض وما بينهما كل ما في هذا الكون ملك لله ، ومن ذلك ذلك الإنسان وما به من أعضاء ، وإذا كان ملكا لله فعلى هذا القول يقولون كيف يتبرع بشيء لا يملكه ؟
والقول الآخر : يقولون بالجواز وهم كثر
وذلك بشروط :
أنه إذا تبرع بها حال حياته شريطة ألا يتضرر بتبرعه بهذا العضو ، وهذا شيء نسمعه ونشاهده ، بعض الناس ربما يكون أبوه أو تكون قد أصيبت مثلا بالفشل الكلوي ، فيتبرع مثلا بكليته لها أو له ، هذا في حال حياته
أو أنه بعد وفاته يقول أعضائي تبرع مني لمن يضطر إليها
وهذا يقولون به إنما هو عند الضرورة ، عند الضرورة
وذلك باعتبار أن في ذلك مصلحة ، ومن المصالح أن به إنقاذا لمسلم ، فإنه إن كان حيا فأثبت الأطباء أنه لن يتأثر أو بعد وفاته تؤخذ أعضاؤه هنا بعد وفاته لا مصلحة له ؛ لأنه مات
فيقولون للضرورة فلا إشكال في ذلك
وأما صورة أن الورثة يأذنون بذلك بعد وفاته فقد قيل بهذا ، ولكن الذي يظهر على القول بجواز هذا الأمر أو برجحان هذا القول فإنه ليس للورثة لأنه لم يأذن بذلك في حال حياته
وذلك لأن حرمة الميت كحرمته وهو حي ، ولذلك من منع مطلقا ، يقول النبي قال : ( كسر عظم الميت ككسره وهو حي )
لكن من يجيز بالضروة باعتبارات الضرورة لأنه لا ضرر عليه فيما لو أخذ عضو من أعضائه حال حياته حسب ما يقررالأطباء وكذلك بعد وفاته إذا أذنوا بذلك
لكن لا ضرر به إنما به مصلحة و، في ذلك إنقاذ للمسلم
وهناك بعض الصور التي أجيزت ، وذكرها الفقهاء قديما
وذلك مثل ما ذكرنا : إنسان كان في حالة ضرورة ويشرف على الهلاك فوجد آدميا ميتا أيجوز أن يأخذ منه أم لا ؟ مع أنه سيأتي معنا إن شاء الله في حال الضرورات
البعض يجيز هذا ، وسيأتي إن شاء الله بيانه
ويقال لمن منع أنتم تبيحون التبرع بالدم ، والدم عضو أو جزء من الإنسان هو لا يملكه ، ولا يقال من أنه منفصل باعتبار أن الإنسان له حرية إخراجه من أجل الحجامة
الحجامة تختلف ؛ لأن هذا دم فاسد
وكل هذا تبرع ، أما البيع فلا يجوز مطلقا
انتبه : بعض الناس يبيع كليته أو يبيع عضوا من أعضائه هذا لا يجوز له لأن هذه الأعضاء ليست ملكا له ، فكيف يبيع ما لا ملك له ، الكلام هنا عن التبرع بحيث يدفع أو يتبرع بهذا العضو من غير مقابل ، من غير مقابل لا مادي ، ولا معنوي
لأن بعضا من الناس يتبرع بالدم ، بعض الناس يتبرع بالدم ، فإذا تبرع بالدم ، الجهة التي أخذت منه الدم تعطيه نظير هذا التبرع مبلغا من المال أو تعطيه هدية ، قد لا يكون مالا ، تعطيه هدية ، أو قد لا يكون مالا ، لا من نقود أو من هدية ، وإنما تعطيه شهادة أو وساما أو ما شابه ذلك يستفيد منه ويعود عليه بمردود ، هذا لا يجوز ، لا ؛ لأن الدم لا يجوز بيعه ، ولا يجوز أخذ العوض عنه ؛ لأنه لا يملكه ، فلا يأخذ عليه أي عوض لا مادي ولا معنوي
ولذلك : بعض الناس تجد أنه يتسابق للتبرع بالدم من أجل أن يظفر بهذه العطية أو بهذا الوسام أو بهذه الشهادة
إن تبرعت تبرع لله من أجل ابتغاء الأجر من الله
ومن منع له أيضا حجة صراحة لأنه قد تنفتح الأبواب فتصبح الجثث يعبث بها إذا بجثث الموتى يعبث بها ، فينتفح الباب
على كل حال : على القول بالجواز إذا كان مضطرا ، لم يجد أحدا يتبرع واشترى فالإثم على من أخذ ، إنما أراد أن ينقذ نفسه ، خصوصا بعض الأعضاء ضرورية ربما يهلك الإنسان
سهيك الإنسان وأخذ هذا العضو لا يؤثر على أخيه المسلم
ولكن بالنسبة إلى المسألة من حيث تطرح على أنها تجوز مطلقا أو أنه يعطى حكم مطلق بالجواز أو للمنع على من أجاز أو على من منع أن يكون حكيما ، فإن هذا يختلف باختلاف الأحوال والأشخاص وتسد الأبواب
فمن وقع له مثل هذه الأمور ـ نسأل الله أن يحفظنا وإياكم هنا يسأل ولا تؤخذ على أنها مسألة عامة بحيث كل من أراد تبرع
أما ما يمكن أن يقال على حسب ما قلت من أن الدم اذا تربع به لا يقاس على هذه الأعضاء باعتبار أنه متجدد ، الدم هو أصل بنية الإنسان هذا أولا
الأمر الآخر : أن هناك بعض الأعضاء حسب ما سمعنا من الآباء أنه إذا أخذ منها مثل الكبد أنها تنمو حسب ما سمعنا فإن كانت تنمو وتزيد فهنا ما الفرق بينه وبين الدم ؟
وإن كان النمو في الدم أسرع مع الأكل والشرب قد يكون أسرع
عل كل حال :
هي مسألة مثل ما ذكرت لكم قلت تكون محددة ، ولا تظهر للناس هكذا حتى لا تذهب حرمة بدن الإنسان لا حي ، ولا ميت