ما حكم ( كسر السلعة وبخس قيمتها ) عند كساد الأسواق أو وجود ضرورة لصاحبها من سفر أو دين ؟

ما حكم ( كسر السلعة وبخس قيمتها ) عند كساد الأسواق أو وجود ضرورة لصاحبها من سفر أو دين ؟

مشاهدات: 432

ما حكم (كسر السلعة وبخس قيمتها) عند كساد الأسواق أو وجود ضرورة لصاحبها من سفر أو دين ؟

ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

فضيلة الشيخ :  زيد بن مسفر البحري

ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

عند أبي داود : ( نهى النبي صلى الله عليه وسلم عن بيع المضطر )

وهذا الحديث به رجل مجهول ، فهو حديث به ضعف ، لكنه يستأنس به باعتبار النصوص العامة

وبيع المضطر : قال الخطابي في معاني السنن قال هو نوعان :

النوع الأول : ما أكره الإنسان على أن يبيع شيئا له فكما مر معنا أن البيع لا يصح باعتبار أنه ليس عن تراض ، ولذلك قال عليه الصلاة والسلام (إنما البيع عن تراض)

النوع الثاني : أن يكن المسلم قد غلبته الديون ، وأهرقته ولديه مال من مسكن أو غيره ، فيتابع ويرهق بالمتابعة هو واجد عنده مثلا مال من عقار ونحوه فيرهق من أجل أن يبيع ماله بثمن بخس حتى يرفع عنه ما أصابه  ولذلك : قال الخطابي : ” فعلى ذوي الفضل أن يقفوا معه وأن ينذروه وأن يعينوه وأن يعيروه وأن يقرضوه “

لكن لو تم البيع أو وقع البيع صح مع الكراهة ، وهذا يقع من إنسان مثلا كأن يكون من خارج هذه البلاد أو في أي بلد هو غريب عنها وأخرج خروجا نهائيا باعتبار الكفيل القائم عليه وعنده بعض الأغراض تساوي مبالغ باهظة ، وإذا بالناس يعرفون أنه مسافر ، وإذا بهم يبخسون حقه

 لو لم يأت هذا الحديث هذا ليس من شيم الفضلاء ولا الكرماء فالإنسان يعطي السلعة حقها ، لاشك أنها لن تشترى بالمبلغ الذي يريده صاحبه لكن أن يكون سعر الشيء بمائة ألف وتقول بعشرة آلاف ريال ، وأنك لو اشتريتها تعرف أنك ستبيعها بخمسين أو بستين أو بسبعين

فإنك لما رأيت أخاك المسلم في حاجة ، وأنه مثلا بعد يومين أو بعد أسبوع سيسافر ، وإن لم يكن في حالة من هو غريب عن البلد ، قد يكون من أهل البلد ، وإذا به يحتاج إلى أن يبيع مثلا عقارا له أو سلعة له لكنه بحاجة وأنت تعرف أنه محتاج ، وإذا بك تبخس سلعته هذا ليس من شيم الفضلاء ولا الكرماء سواء ثبت الحديث أو لم يثبت الحديث ، النصوص الشرعية تدل على أن المسلم أخو المسلم

ما معنى الإخوة ؟ ليست فقط الحقوق المعنوية ، لا ، حتى الحقوق المادية لأن المال قد يكون أبلغ

وهذا شيء مشاهد ، يعني في المال قد يكون أبلغ في رفع الحاجة من موقف معنوي من المسلم لأخيه المسلم مع أن الأمرين المعنوي والمادي من المال

أيضا قول النبي صلى الله عليه وسلم لما  بايع جريرا رضي الله عنه كما في صحيح مسلم من المبايعة والنصح لكل مسلم ، فأين النصيحة للمسلم ؟

لا مانع أن تشتري منه من أجل أن تربح لأن المقصود من البيع والشراء أن يحصل الإنسان على ربح ، وكما قال عليه الصلاة والسلام كما في صحيح مسلم ( دعوا الناس يرزق الله بعضهم من بعض )

لأن مثلا سلعة مليون بمليون ، تجعلها بمائة ألف أو مثلا بمائة ألف تجعلها بعشرة آلاف أو بعشرين ألف مع أنك تعرف أن هذا محتاج سدت عليه الأبواب فأين الوقوف مع المسلم وأين التيسير على المسلم ؟ وأين الأحاديث الورادة في ذلك ؟ وأين فضل من يسامح بماله ؟

  بدل ما أن تقف معه إذا بك تكسر خاطره وتكسر سلعته فهذا ليس من شيم الكرماء ( المسلم أخو المسلم لا يخذله ولا يسلمه )

لا يخذله هذا من الخذلان ،  ما أسلفت لا يدل على أن الإنسان لا يبحث  عن الرزق ، تبحث عن الزرق ، ولكن بالشيء المعقول الذي لا يضر به ولا يسلمه ، ومما يسمله أن تسلمه لهذه الحاجة ، وإذا بك تزيد حاجته حاجة

ولذلك ماذا قال تعالى { وَمَنْ يُوقَ شُحَّ نَفْسِهِ فَأُولَئِكَ هُمُ الْمُفْلِحُونَ }

{ وَأُحْضِرَتِ الْأَنْفُسُ الشُّحَّ }

  ولذلك لما وصف جل وعلا الأنصار لما وقفوا مع المهاجرين الذين أخرجوا من ديارهم أموالهم قال تعالى { وَالَّذِينَ تَبَوَّءُوا الدَّارَ وَالْإِيمَانَ مِنْ قَبْلِهِمْ } يعني الأنصار{ يُحِبُّونَ مَنْ هَاجَرَ إِلَيْهِمْ وَلَا يَجِدُونَ فِي صُدُورِهِمْ حَاجَةً مِمَّا أُوتُوا } يعني : لو أعطاهم النبي صلى الله عليه وسلم أعطى للمهاجرين شيئا لم يكن في قلوب الأنصار أدنى حرج { وَيُؤْثِرُونَ عَلَى أَنْفُسِهِمْ وَلَوْ كَانَ بِهِمْ خَصَاصَةٌ } لو كان بهم فقر وحاجة ويعلمون أن إخوانهم بحاجة قدموا إخوانهم على أنفسهم

{ وَيُؤْثِرُونَ عَلَى أَنْفُسِهِمْ وَلَوْ كَانَ بِهِمْ خَصَاصَةٌ وَمَنْ يُوقَ شُحَّ نَفْسِهِ فَأُولَئِكَ هُمُ الْمُفْلِحُونَ }

 بل كما سيأتي معنا ابن القيم رحمه الله في قضية الإيثار ،  لو أن اثنين في مهلكة سيموتان إن لم يأكلا ، وإذا بأحدهما معه الطعام له يملكه ، ولا يكفي إلا له أولصاحبه ، فإن أكله مات صاحبه ، وإن أعطاه صاحبه مات هو

 قال : هذا من أعظم الإيثار أن يقدم صديقه على نفسه مع أن بعض العلماء يقول لا ، ينقذ الإنسان نفسه قبل غيره ، ابدأ بنفسك

لكن انظر يعني كون العلماء يقولون في حالة الضرورة المهلكة التي ستموت فيها ومعك طعام إن أكلته مات صاحبكم وإن أعطيته صاحبك مت أنت قال ابن القيم رحمه الله هذا من أعظم أنواع الإيثار أن تقدم صاحبك  لترفع عنه الهلاك ولو هلكت أنت

فكيف بهؤلاء  ؟!

ولاسيما في كساد الأسواق يعني لا يلزم لأشخاص معينين قد يكون هناك كساد مثلا في بيع سيارات ، في بيع عقار ، في بيع أجهزة كساد الناس لا يشترون فعرض ما أحد يشتري ، وإذا ببعضهم يأتي ويعرف أن تلك السلع وصلت مبالغ باهظة ، وإذا به يمكن لا يشتريها إلا بعشر المبلغ مع أنه يعرف أنه لو اشتراها بنصف قيمتها أنه رابح ولو بعد حين ، وعنده قدرة مالية ، وإذا به يبخس سلع الآخرين ، وكما سلف الرزق يبحث عنه لكن لا  يكن على حساب ماذا ؟

إخوانك المسلمين ما هو في الكماليات التي تعلق بهم ، لأن فيما يتعلق بضرورياتهم

يعني يمكن بعض الناس مثلا تجد أنه مثلا متسأجر وعنده أرض ممكن اشتراها بديون وبقروض ، وما شابه ذلك مثلا اشتراها بخمسمائة ألف أو مليون ويعرضها للسوق ويعرفون حاجته أو لا يعرفون حاجته يعرفون أن هذا ليس بسعرها ، فيقول مثلا مائة ألف مضطر سبييع لا محالة الرجل سيبيع لو لم يبع حبس أو سجن ، وصارت له أضرار فمثل هذا  خسر خسر خسارة واضحة مبينة ومؤثرة أيضا عليه

فهو ما أراد ان يحصل له من مرغوب اشتراها من المرغوب من أجل أن يبيع ، وأن يسكن فيها ، وإذا بالمرغوب فات عليه ، وإذا بالمكروه حل به  فليس من شيم الكرماء ولا الفضلاء ، والإنسان التاجر عليه أن يكون رفيقا بإخوانه

 فهذا ما يسمى ببيع المضطر يعني ما أقدم إلا لأنه مضطر ، ولو لم يكن مضطرا ما باع

مثل بعض الناس ربما أنه اشترى سيارة جديدة بمائتين ألف يعرضها في السوق لحاجته فيقول مثلا بخمسين ألف أو بأربعين ألف

ما هذا ؟

لكن ماذا قال عليه الصلاة والسلام كما عند مسلم ( اتقوا الشح فإن الشح أهلك من كان قبلكم )

نسأل الله لنا ولكم نفضله

اللهم اكفنا بحلالك عن حرامك ، وأغننا بفضلك عمن سواك