ما هو الضابط الذي يحصل به إقامة حد الزنا ؟
وهل يثبت بالتصوير أو غيره من الأجهزة الحديثة ؟
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
فضيلة الشيخ : زيد بن مسفر البحري
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
حد الزنا يثبت إما بالإقرار، بإقرار الزاني على نفسه ، وهل يكفي في ذلك أن يقر مرة واحدة أو أربع مرات ؟ خلاف بين العلماء في هذا
أو يثبت بالشهود ، بأربعة شهود عدول ، قال تعالى { لَوْلَا جَاءُوا عَلَيْهِ بِأَرْبَعَةِ شُهَدَاءَ فَإِذْ لَمْ يَأْتُوا بِالشُّهَدَاءِ فَأُولَئِكَ عِنْدَ اللَّهِ هُمُ الْكَاذِبُونَ }
وقال تعالى { وَاللَّاتِي يَأْتِينَ الْفَاحِشَةَ مِنْ نِسَائِكُمْ فَاسْتَشْهِدُوا عَلَيْهِنَّ أَرْبَعَةً مِنْكُمْ }
فدل هذا على أنه لابد من وجود أربعة شهود عدول فإذا كان أقل من هذا العدد بمعنى لو أتى ثلاثة عدول ، ولو أجمع العالم الإسلامي كله على عدالتهم ، فإنهم يكونون قذفة ، يحدون حد القذف ، فلابد من أربعة شهود ولابد من الشهادة أن يصف وصفا دقيقا هذا الجماع ، وذلك ليس معناه أنه يقول وجدته عليها من غير ثياب ، وإنما هما عاريان فلا يثبت الحد بمثل هذا القول ، بل لابد أن يقول رأيته وقد أدخل ذكره في فرجها ، ولذلك النبي صلى الله عليه وسلم لما سأل ذلك ـ كما في السنن ـ ذلك الشاهد قال ( هل رأيت المرود قد أدخل في المُكْحُلة ؟ ) الناس ينطقونها المِكحَلة
بعض أهل اللغة يجيزونها ، لكن بضم الميم وإسكان الكاف وضم الحاء المُكحُلة ، لكن الضبط الصحيح كما سلف المُكحُلة
( فقال نعم )
فالشاهد من هذا :
لابد أن يقول كل شاهد رأيت ذكره قد دخل في فرجها ، لو قال ثلاثة ، وواحد قال لا إنما رأيت فقط الرجل عليها من غير ثياب ، فإنهم يكونون قذفة
ولذلك : يقول شيخ الإسلام ما ثبت حد الزنى بالشهود من عهد النبي صلى الله عليه وسلم إلى هذا الزمن ، إلى زمنه كذلك الشأن في زماننا
إذا كان كما ذكر حتى لو في هذا الزمن ، والعلم عند الله أنه بهذه الطريقة أنه لابد أن يقول وأقصد من ذلك حد الزنا بالشهادة لا بالإقرار ؛ لأن ماعزا أقر على نفسه ، والغامدية أقرت على نفسها
وهل يلزم الإقرار على نفسه مرة واحدة أم أربع ؟
بعض العلماء يقول مرة واحدة كافية ؛ لأن النبي صلى الله عليه وسلم قال ( واغد يا أنيس إلى امرأة هذا فإنا اعترفت فارجمها )
وعلى كل حال : الحاكم يرى ما هو المناسب في مثل هذا الأمر في قضية الإقرار
لكن يقول شيخ الإسلام من عهد النبي صلى الله عليه وسلم إلى عهدنا إلى عهده ما ثبت حد الزنى عن طريق الشهود
في هذا الزمن لا ندري هل يمكن أم لا ؟
لكن لو قال قائل :
هل يثبت هذا الأمر عن طريق التصوير ؟
بمعنى أنه لو تحقق يقينا من أنه أدخل ذكره في فرج امرأة ، وهي أجنبية عنه ، وتؤكد من ذلك عن طريق التصوير أفيثبت حد الزنى بهذا ؟
الجواب : والله أعلم أنه لا يثبت ، لم ؟
لأن العبث بتركيب صورة على صورة ، أو مقطع على مقطع حاصل في مثل هذا الزمن ، ولذلك الحدود تدرأ بالشبهات فليس عندنا يقين
وخصوصا مع العبث أو قدرة بعض الناس أنه يصور على أن فلانا من الناس يزني ، وهو ليس بفلان
فلا يمكن أن نقول إن الحد يثبت على فلان باعتبار أنه رئي في مقطع كذا وكذا ، وأنه رئي منه ما يرى من الرجل على امرأته ، وما يفعل الرجل بامرأته ، لم ؟
لأنه قد يحصل فيها عبث أو يسمونه ماذا ؟
مونتاج أو فوتشوب أو ما شابه ذلك
لو حصلت مثل هذه القضايا مردها للمحاكم لا شك في ذلك
بحيث تنظر في هذا الأمر ، لكن نحن نتحدث عن مسألة تنظيرية باعتبار ما يمكن أن يقع
وفي مثل هذا الزمن، ومع هذا الانفتاح يخشى أن يكون بوابة لما أخبر به النبي صلى الله عليه وسلم من أن الزنى يظهر وينتشر ،وأن الفاحشة تفعل وتتيسر سبل الزنى هذه كلها من علامات الساعة الصغرى التي ذكرها النبي صلى الله عليه وسلم في أحاديث كثيرة
حتى إن في آخر الزمن إذا استمرؤوا هذا الأمر ( أن الرجل يطأ المرأة في الطريق حتى يقول أحسنهم حالا لو واريتها عن الطريق )
فالشر قد انتشر
وأما ما يمكن أن يقال وهذا يقال من أنه ينشر أحيانا بعض الصور أو بعض المقاطع لأشخاص مع امرأة وصورها ويفعل بها ، ويفعل بها صاحبه ، وما شابه ذلك من أنهم يريدون أن يأسروها حتى تكون لعبة يعبثون بها ، وإذا امتنعت نشروا مثل هذه الأشياء فهذا قبح ، فيه إشاعة للفحشاء ، وفيه جرم وفيه اعتداء على حرمات المسلمين وتضييع لحدود الله
فمثل هؤلاء يعزرون تعزيرا عظيما شديدا من قبل ولي أمر المسلمين ؛ لأن مثل هذا الشر لو انفتح انفتحت بعده سبل أخرى وإذا لم تستح فاصنع ما شئت
قال عليه الصلاة والسلام ( إن مما أدرك من كلام النبوة إذا لم تستح فاصنع ما شئت )
فنسأل الله السلامة والعافية
وإلا كيف يصل الإنسان إلى هذا الأمر ، يصور نفسه في هذا العري أو يصور بنتا من بنات المسلمين حتى لو أنها زلت وأخطأت وضعفت فأصحبت رهينة عنده باعتبار الشهوة ، وباعتبار تسويف الشيطان فوقع بها أو حصل معه حصل معها ما لا يرضي الله فإن هذا وإن كان جرما عظيما إلا أن الجرم الأعظم أنه يصورها من أجل أن يستغلها
نسأل الله السلامة والعافية