مسائل في المسح على الخفين

مسائل في المسح على الخفين

مشاهدات: 493

بسم الله الرحمن الرحيم

خُطبة: مسائل في المسح على الخفين

فضيلة الشيخ زيد بن مسفر البحري

ــــــــــــــــــــــــــــ

بسم الله الرحمن الرحيم

نحن في فصل الشتاء، ومن تيسير الشرع أنه شَرَعَ لنا المسحَ على الخفين،

 والمسحُ على الخفين من تيسير الله ومن تيسير رسول الله ﷺ، قال تعالى: {يُرِيدُ اللّهُ بِكُمُ الْيُسْرَ وَلاَ يُرِيدُ بِكُمُ الْعُسْرَ} [البقرة: 185]، والنبي ﷺ بعث بالحنيفية السمحة.

 وبما أننا في فصل الشتاء ومع شدة البرد يحتاجُ الناسُ إلى توضيحِ شيءٍ من مسائل المسح على الخفين فأحببتُ أن أنوِّهَ على شيءٍ من مسائل المسح على الخفين:

المسح على الخفين ثبت بالقرآن: على قراءة الخفض في سورة المائدة إذا كانت القدمان مستورتين:

 {وَامْسَحُواْ بِرُؤُوسِكُمْ وَأَرْجُلِكمْ} [المائدة:6] على قراءة الخفْضِ كما قال بعضُ العلماء.

وأما مِن حيثُ السنة: فقد قال الإمام أحمد رحمه الله: ” فيه أربعون حديثا، ليس في نفس شيء من المسح على الخفين ” يعني: ليس في قلبي أدنى شكٍّ من المسح على الخفين.

بل إن العلماء عدوا المسح على الخفين من قبل الحديث المتواتر معنويا.

ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

والمسح على الخفين – عبادَ الله – يختلفُ عن المسح على الجوربين:

 ما كان مصنوعا من جلد: يُسمّى خُفًّا، مأخوذ من خِفافِ الإبل.

 وما كان مصنوعا من غير الجلد: فيسمى جوربا، وهو ما يسمى عندنا: من أنواع الجورب، ما يسمى بـ ” الشُرَّاب ” فالشُرَّابُّ من المسح على الجوارب، والمسح على الجوارب جاء فيه أحاديث عن النبي ﷺ في سُنَنِ أبي داود.

ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

من مسائل المسح على الخفين:

أن يلبسَهما على طهارة غَسْل ليس على طهارة مَسْح، لقول النبي ﷺ للمغيرة كما في الصحيحين لما أراد أن يخلعهما المغيرة، قال: ” دعهما فإني أدخلتهما طاهرتين “

فلابد أن تُلْبَسَ الخفان أو الجوربان بعد أن يتوضأ وضوءًا كاملا،

فإذا لبس الخفين قبل أن يكتمل وضوؤه: فإنه لا يصح له أن يسمح على الخفين.

ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

ومن مسائل المسح على الخفين:

أن يمسحَ عليهما في الحدَثِ الأصغر وليس في الحدث الأكبر، لحديث صفوان بن عسَّال كما في المسند وغيره، قال: ” كَانَ رَسُولُ اللَّهِ ﷺ يَأْمُرُنَا إِذَا كُنَّا سَفْرًا ” يعني: مسافرين ” أَنْ لَا نَنْزِعَ خِفَافَنَا ثَلَاثَةَ أَيَّامٍ وَلَيَالِيَهُنَّ إِلَّا مِنْ جَنَابَةٍ، وَلَكِنْ مِنْ غَائِطٍ وَبَوْلٍ وَنَوْمٍ “

بمعنى: أن الإنسان بما أنه مُحدِث حَدَثًا أصغر، يعني: توضأ فلَبِسَ الشُّرَّاب أو لبس الجَوربين، ثم بعد ذلك انتقض وضوؤه بريح أو ببول أو بغائط أو بنوم، فإن له أن يمسح، لم؟ لأن هذا الحدَثَ حَدَثٌ أصغر،

 لكن في الحدث الأكبر: الذي هو من جنابة، لا يصح،

 تصوّر: لو أن الإنسان توضأ ولبِسَ جَورَبين أو خُفين ثم أجنب، نام فاحتلم أو أنه جامَع زوجتَه، فقال: سأغتسِلُ وإذا وصلتُ إلى القدمين -فيهما الجوربان- أمسحُ على الجوربين، نقول: هذا خطأ! لم؟

 لأنه لا يُمسح على الخفين أو الجوربين إلا في الحدث الأصغر أما في الحدث الأكبر فلا.

ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

ومن مسائل المسح على الخفين:

أن يمسحَ عليهما في المدة المعتبرة شرعا: المسافر ثلاثةُ أيام بلياليهن، والمقيم يوم وليلة، لحديث علي رضي الله عنه عند مسلم: يمسح ” ثَلاَثَةَ أَيَّامٍ وَلَيَالِيَهُنَّ لِلْمُسَافِرِ وَيَوْمًا وَلَيْلَةً لِلْمُقِيمِ “

تنبيه/ فليس المقصود من ذلك -كما يتوهمه عمومُ الناس- ليس المقصود من ذلك أنه يمسح خمسة فروض إذا كان مقيما! هذا خطأ، ليس هذا هو المقصود، المقصود:

 أن المقيم يمسح أربعا وعشرين ساعة، بقَطْعِ النظرِ عن الصلوات، ويمسح المسافر اثنتين وسبعين ساعة، يعني: ثلاثة أيام بلياليهن، يتضح هذا بالمثال:

تصوّر لما أتيتُ – مُحَدِّثُكُم – لما أتيتُ ولَبِستُ الشرَّاب على وضوء أتيت إلى صلاة الجمعة،

 الشرَّاب لبِستُها وأنا على هذه الطهارة لما حَضَرتُ للخُطبة، صليتُ بهذا الوضوء وعليَّ الشُّرَّاب،

 لما جاء وقتُ العصر قد أحدثتُ -خرَجَ ريح أو بول أو ما شابه ذلك-، هنا: لما أردتُ أن أمسح،

أردتُ أن مسحَ مثلا في الساعة الثالثة عصرا من يوم الجمعة، متى يبدأ المسح؟

 من الساعة الثالثة عصرا من يوم الجمعة، ويستمر بي المسح إلى الساعة الثالثة عصرا من يوم السبت، أربعٌ وعشرون ساعة،

 والحكم في المسافر كالحكم في المقيم: اثنتان وسبعون ساعة.

تصوروا لما حضرتُ إلى الجمعة وأنا على وضوء ولبِستُ الشُّرَّاب، لما أتى وقت العصر ما أحدثتُ، بقيتُ على طهارتي من حين ما حضرتُ إلى الجمعة، فلما جاء وقت العصر ما أحدثتُ، وإنما لما جاء وقتُ المغرب: الساعة الخامسة أحدثتُ، أريدُ أن أمسح في الساعة الخامسة، فمسحتُ في الساعة الخامسة، يبتدئ المسح لي: من الساعة الخامسة من مغرب يوم الجمعة إلى الساعة الخامسة من مغرب يوم السبت، لا أنظر إلى وقتِ اللبس – لا – والمقصود: ابتداء المدة من المسح بعد الحدث،

أرجع إلى المثال السابق بصورة أخرى: لو أتيت إلى الجمعة وأنا لبست الشرَّاب وتوضأت، لما جاء وقت العصر أنا لم أحدث لكن أردتُ أن أجدد الوضوء -أنا على طهارة سابقة، على طهارتي من صلاة الجمعة – لكن أردتُ أن أتوضأ، لو أنني صليت بوضوء الجمعة لا إشكال في ذلك لأنني على طهارة سابقة لم ينتقض وضوئي، لكن قلتُ: أتوضأ لأن الوضوء فيه خيرٌ وفائدة أن يتوضأ المسلم لكل صلاة، فقلت أتوضأ، لم أتوضأ لأنني محدث – لا – إنما توضأتُ من أجل ثواب مَن توضأ لكل صلاةِ فَرْض،

توضأتُ في الساعة الثالثة عصرا وضوءَ تجديد، فلما جاءت الساعة الخامسةُ من مغرب يوم الجمعة وكنت قد أحدثت، هنا: يبدأ المسح لي من الساعة الخامسة من مغرب يوم الجمعة إلى الساعة الخامسة من مغرب يوم السبت.

 

مثال: تصوروا لو أنني أتيت للجمعة وأنا قد توضأت ولبست الشُّرَّاب، مَرَّ بي وقتُ العصر ولم أُحدِث، ومَرَّ بي وقتُ المغرب ولم أحدِث، ومَرَّ بي وقتُ العشاء ولم أحدِثْ، يعني: أنا على وضوئي من صلاة الجمعة، نمتُ فلما قمتُ لصلاة الفجر مثلا في الساعة الخامسة فجرا، فالشرَّاب علي من حين ما أتيت لصلاة الجمعة لكني لم أحدث، استمريت وقت العصر والمغرب والعشاء، الآن نمتُ والنوم ناقض للوضوء، أحدثتُ، فلما جاءت الساعة الخامسة فجرا من يوم السبت مسحتُ، المسح هنا بعد الحدث، يستمر معي المسحُ إلى الساعة الخامسة فجرا من يوم الأحد.

ولعل الصورة اتضحت إن شاء الله تعالى، وكذلك الحكم في المسافر، ما يأخُذُه المقيم يأخُذُه المسافر.

ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

ومن مسائل المسح على الخفين:

أن المسح على الخفين يُشترط أن يبقى اسمُ الخُف -على الصحيح من قولَي العلماء- بمعنى:

أنه متى ما سمّينا سمينا هذا خُفًّا أو هذا جَوربا -يعني: شُرّابا- أمسحُ عليه، ولو كانت فيه خروق، فعلى الصحيح من قولَي العلماء يصح المسحُ على الخف الذي به خروق ما دمنا نسميه خفا، ما دمنا نسميه جوربا، ما دمنا نسميه شرَّابا، فيصح المَسْح، وذلك لأنه لم يأت دليل يمنعُ المسلمَ من أن يمسح على خِفافٍ مخروقة، والصحابةُ رضي الله عنهم كانوا يمشون على خِفافهم وهي مُعَرَّضة للخروق، وما كان عليه الصلاة والسلام ينهاهم عن المسح على الخفين.

ـــــــــــــــــــــــــــــــــــ

لو قال قائل: ما رأيكم بالمسح على الشُّرَّاب الشفاف؟

المعاصرون اختلفوا، منهم مَن مَنَع ومنهم مَن أجاز، ممن أجاز: الشيخ ابنُ عثيمين رحمة الله عليه، وهذا هو القولُ الأقرب: أنه يمسح على الشرَّاب ولو كانت شفافة، ولو كانت تُرى البشرة مِن ورائها، لم؟

 لأن النبي ﷺ كما في المسند: ” أمر سريَةً أن تمسح على العصائب ” يعني: العمائم “وعلى التساخين” فكل ما يُسَخِّنُ القدم يَصِحُّ المَسْحُ عليه، بما أنَّ اسمَ الخف واسم الجورب باقي يمسح عليه، لأنه قال:

“التساخين” يعني: ما يُسَخِّنُ القدم،

 ومعلوم أنَّ مَن لَبِسَ الشُّراب الشفاف ليس كمن لم يلبس شُرابا أصلا، فمن يلبس شرابا ولو كانت شفافة لابد أن تأتيه سخونة إلى حدٍّ ما، وإن كانت ليست سخونةً كسخونة الجورب الصفيق المتين – لا – ولكن بما أن هناك سخونةً تنبعثً للإنسان إذا لبس هذا الشراب الخفيف: فإنه بأس بذلك، ومن أراد احتياطا ألا يمسح فله ذلك، لكن الأقرب أن له أن يمسحَ على الشراب ولو كانت شفافة.

ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

ومن مسائل المسح على الخفين:

أن الإنسان لو توضأ ولبس الشراب ثم أحَدَث فمسَح فخَلَعَ شُرَّابَه، هل ينتقض وضوؤه؟

مثال: لو أنني أتيتُ إلى الجمعة وأنا على وضوء وقد لبِستُ الشُّراب، صليتُ بكم الجمعة حصل مني حَدَث، فلما جاء العصر في الساعة الثالثة مَسَحتُ على الشراب، فلما مَسَحتُ على الشراب – أنا على وضوء – خلعتُ الشراب، هل ينتقض وضوئي أم لا؟

قولان لأهل العلم، والصواب: أنه لا ينتقض الوضوء، لأن هذه طهارة ثبتت بمقتضى الشرع فلا يكون هناك نقض وضوء، فيجوز لي أن أصلي بهذا الوضوء،

لكن/ لما خلعت فأردتُ أن ألبس الشراب مرة ثانية لكي أمسح – نقول لا – لم؟

 لأني لبستُ الشراب هنا على طهارةِ مَسْح لم ألبسْها على طهارةِ غَسْل، كما أوردتُ ذلك في أول الخُطبة.

 

وهنا أمر مهم جدا لا يدخل ضمن هذه المسألة أبدا:

تصور/ لو أنني أتيتُ إلى المسجد لصلاة الجمعة، وتوضأت ولبستُ الشراب، أنا على طهارة،

-أنا لم أحدِث مِن قبل حتى أمسح على الخُفين- خلعتُ هذه الشراب ما ينتقض وضوئي، لم؟

 لأنني لم أحدث فيما مضى، أنا أتيتُ إلى المسجد ولبستُ الشراب على طهارة فأردتُ أن أخلع الشراب فلا بأس بذلك.

على هذه المسألة تصوروا: لو خلعت الشراب وبقيتُ على طهارتي وقدماي مكشوفتان، فجاء وقتُ العصر، الساعة: الثالثة، فقلت: ألبس الشراب، بما أنني على طهارتي السابقة من حين ما أتيتُ على الجمعة للخُطبة، ألبس الشرب، أنا ما زلت على طهارة لم أحدِث،

يجوز لي أن ألبس هذه الشراب وأمسح عليها، لم؟  لأنني لبستُها على طهارة سابقة لم أحدِث،

 بعضُ الناس يتصوّر أنه لابد أن يلبسَ الشراب من حين ما يتوضأ! – هذا خطأ –

لو توضأتُ وجلستُ لي ساعة أو ساعتين أو ثلاث ساعات وأنا على طهارتي وأردت أن ألبسَ الشراب بعد ساعتين أو ثلاث ساعات بعد الوضوء: جائز ولا إشكال في ذلك.

ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

ومن مسائل المسح على الخفين:

[ أنَّ وقتَ المسح لا ينتهي بانتهاءِ المُدَّة ]

مثال: لو أنني حضرتُ لصلاة الجمعة، توضأتُ ولبِستُ الشراب، فلما جاء وقتُ الساعة الثالثة عصرا أحدثتُ فتوضأتُ:

(يبتدئ الوقت من الساعة الثالثة عصرا من يوم الجمعة، وينتهي الساعة الثالثة عصرا من يوم السبت)

حتى أبيّن أن ما يتوهمُه الناس من أنه لا بد مِن خمسة فروض، هذا خطأ.

 

تصور على المثال السابق: لو أنني في الساعة الثالثة إلا ربعا من يوم السبت مسحت، يعني: الساعة اثنتان وخمس وأربعون دقيقة من يوم السبت مسحت، متى تنتهي مدة مسحي؟ الساعة الثالثة عصرا من يوم السبت، لكنني مسحت قبل، فلما مسحتُ قبل، ستمر بي صلاةُ العصر، ستمر بي الساعة الثالثة وأنا على طهارة: يصح هذا وتصح الصلاة.

تصور: لو أنني لما مسحت في الساعة الثالثة إلا ربعا يوم السبت، ومدتي تنتهي الساعة الثالثة عصرا من يوم السبت، لكنني ما مسحتُ إلا قبل: الساعة الثالثة إلا خمس دقائق،

هنا سيمر بي وقتُ العصر وأنا على طهارتي: أصلي،

تصور: لو أنني بقيتُ على طهارتي التي بدأتها الساعة الثالثة إلا ربعا،

 بقيت إلى المغرب: يصح أن أصلي المغرب،

 بقيت إلى وقت العشاء: يصح أن أصليَ العشاء،

لكن الفجر: لا، لم؟ لأنني سأنام وسينتقض وضوئي.

ـــــــــــــــــــــــــــــــــ

 

 

 

 

ومن مسائل المسح على الخفين:

[ أنه لا تشترط له النية، كستر العورة في الصلاة]

 مثال: لو أنني بالليل احتجتُ إلى أن أدَهِّنَ قدَمَي حتى تلين، المهم أنني توضأت ثم دهّنتُ قدمي، فلما فرغت من الوضوء وتدهنت وبعد خمس دقائق أو عشر أو بعد ساعة، قلت: ألبس الشراب، ليس من أجل المسح، وإنما من أجل أن السخونة تكثر في قدمي فتلين أكثر، لبستُ الشراب ولم أقصد المسح،

 فلما جاء وقتُ الفجر واستيقظت: هل أمسح أم لا؟

 أمسح، لم؟ لأنني لبستُ الشراب على طهارة، بِقَطْعِ النظر عن نيتي، هل لبستُ الشراب من أجل أن تسخنَ قدماي أو من أجل أمْرٍ آخر، لا يُلتَفَتُ إلى هذا، بما أنني لبستُ الشراب على طهارة فلا تنظر إلى أيِّ شيءٍ آخَر.

ـــــــــــــــــــــــــــــــــ

ومن مسائل المسح على الخفين:

مثال: لو أني حضرتُ إلى يوم الجمعة وقد لبست شرابا واحدا بعد أن توضأت، فلما جاءت الساعة الثالثة عصرا من يوم الجمعة مسحتُ على الشراب الأول – وكنتُ قد أحدثتُ بعد الجمعة،

 فلما جاء بعد العصر اشتد البرد، أريدُ أن ألبس شرابا آخَر، فماذا أصنع؟

أتوضأ وإذا وصلت إلى القدمين أمسح على الشراب الأول ثم ألبس الثاني، ويصح لي – على الصحيح – أن أمسح على الأعلى، لكن مدة الأعلى في المسح ترجع إلى مدة الشراب الأول الذي مسحتُ عليه في الساعة الثالثة عصرا يجوز أن أمسحَ على الأعلى.

مثال آخر: لو أنني أتيتُ إلى الجمعة ولبستُ شُرّابَين مِن شِدة البرد، لبست شُرابين بعدما توضأت،

ولما جاء وقتُ العصر أحدثتُ، فمسحتُ على الشرابين الساعة الثالثة عصرا،

 بعد العصر قَلَّ البرد فلم أحتج إلا إلى شُرَّابٍ واحد، فماذا أصنع، أرد أن أخلَعَ شُرابا واحدا لا أريد أن أخلع شُرابين؟

يجوز لي أن أخلع الشراب الأعلى وإذا جاء وقتُ المغرب يجوز لي أن أمسح على الشراب الأسفل ولا جُناحَ في ذلك -على أصح القولين مِن أقوال العلماء -.

ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

ومن مسائل المسح على الخفين:

أن السُّنَّةَ كما جاء في حديثِ عليّ -رضي الله عنه- في السنن:

 أن يمسحَ على أعلى خُفّيه، لا يمسح الأسفل ولا العقِب، قال ابنُ القيم رحمه الله:

 ” لم يثبُت حديثٌ صحيح في المسح على أسفل الخف “

فالمسح على أعلى خُفّيه، لا على العَقِب ولا تحت الخُف

 الطريقة – كما قال ابن حجر رحمه الله: وردت روايات وآثار يعضُدُ بعضها بعضا –:

التفريغ: أنه يمسح من أطراف الأصابع إلى مقدمة الساق،

لا يلزم أن يمسَحَه كلًّه وأن يُعَمِّمَه، لا! إذا مَسَحَ أكثر الخُف انتهى، يعني:

يبدأ من أصابع قدَمَه إلى الساق، إذا وصَلَ إلى الساق، هذه صفةُ المسح

لا يمسح العقِب ولا يمسح أسفل الخُف.

وله في ذلك: أن يمسح الخفين معًا اليسرى مع اليمنى، ويصح له أن يمسح الأيمن أولا ثم الأيسر آخَرا، يعني: إن نظرنا إلى حديث علي رضي الله عنه “مسح على ظاهر خفيه” دلَّ على أنهما تُمسحان مثل الأذنين فإنهما تمسحان معنا،

وإن نظرنا إلى حديثِ عائشة: “كان يعجبه – عليه الصلاة والسلام – التيمن في تنعله وفي ترجلِه وفي طهوره وفي شأنه كلِّه ” قَدّمنا اليمنى ثم اليسرى، والأمْرُ في ذلك واسعٌ ولله الحمد،

 إن قدّم اليمنى ثم اليُسرى أو مسَحَ عليهما كِلتَيهِما: فلا جناح في مثل هذا الأمر.

ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

ومن مسائل المسح على الخفين:

أنه لو مسح وهو مقيم، مثلا: مسَحَ الساعة الثالثة عصرا يوم الجمعة، متى ينتهي لو كان مقيما؟

ينتهي الساعة الثالثة عصرا يوم السبت، لأن مدتَه أربعٌ وعشرون ساعة، لكنه هنا مَسَحَ ثم سافر،

 ومعلوم أن المسافر له اثنتان وسبعون ساعة،

هل يستمر إلى يوم الاثنين الساعة الثالثة عصرا أم لا -مع مأنه مسَحَ في الإقامة-؟

الصحيح: أن له ذلك، ما دام أنه خرج من بلدته قبل أن ينتهي وقتُ المسح على الخفين له، فالصحيح أن له ذلك.

 

مثال: لو أن إنسانا مسَحَ في السفر الساعة الثالثة عصرا يوم الجمعة،

قَدِمَ الساعة الواحدة ظهرا يومَ السبت: يستمر به المسح إلى الساعة الثالثة عصرا فقط،

تصور: لو أنه لم يقدُم يومَ السبت، وإنما قَدِمَ يومَ الأحد، مع أنه مَسَحَ في السفر، نقول: انتهى وقتُ المسح.

 

فهذه جملة من مسائل المسح على الخفين، لعلنا استوفينا شيئا منها، قد يغيب بعض الشيء عن الذهن، لكني أرجو أني لم أترك شيئا من ذلك، ومن أراد السؤال فليسأل.

ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ