من خصائص يوم الجمعة ــ الجزء الرابع

من خصائص يوم الجمعة ــ الجزء الرابع

مشاهدات: 464

من خصائص يوم الجمعة  ــ الجزء الرابع

فضيلة الشيخ زيد بن مسفر البحري

ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

 

ومن خصائص يوم الجمعة :

لصحة الحديث الذي يرى صحته البيهقي لكثرة الآثار وكذلك ابن القيم وهو حديث أبي قتادة عند أبي داود ومر معنا وابن القيم يقويه من أن في الحديث  اختلافا بين المحدثين وهو :

( أن جهنم تسجر كل يوم )

هذا وارد في صحيح مسلم من حديث عمرو بن عبسة أن النار تسجر كل يوم قبل الزوال

متى ؟

يعني قبل أذان الظهر بما يقرب من ربع ساعة حين يقوم قائم الظهيرة ولذلك لا نصلي وقت ينهى عن الصلاة فيه قبل أذان الظهر بعشر أو ربع ساعة

لم ؟

لأن جهنم تسجر فيه

لو قال قائل أليست الصلاة داعية إلى أن يكون المسلم مرضيا لله عز وجل فيتناسب مع تسجيرها ؟

يتناسب مع تسجيرها

بعض الناس قد يقول لماذا ينهى عن الصلاة لما تسجر جهنم ؟

تسجير جهنم هذا يدل على الترهيب والتخويف من الله ألا تكون الصلاة مناسبة ؟

فاصح الأجوبة هنا :

أن الصلاة طلب ولله المثل الأعلى :

والملك حال غضبه لا يطلب منه ولا يستحسن أن يطلب منه وهنا نهي عن الصلاة

ولذلك في حديث الشفاعة الكبرى في الصحيحين طلب الناس من الأنبياء أن يشفعوا لهم عند الله لكي يفصل لهم في القضاء فماذا كانت الأنبياء تقول ؟

تقول : إن الله

يعني هذا ليس وقتا للشفاعة منا نحن

لم ؟

قالوا إن الله غضب غضبا لم يغضب قبله ولن يغضب بعده حتى يأتي النبي عليه الصلاة والسلام فيسجد لله ثم يقال ( يا محمد ارفع رأسك وسل تعط واشفع تشفع )

إلا يوم الجمعة

لحديث أبي قتادة ( فإن جهنم لا تسجر )

ولذلك مثل ما مر معنا في الخطبة الماضية أنه ليس هناك وقت ينهى عن الصلاة فيه يوم الجمعة قبل الزوال لهذا الحديث والحديث الوارد في صحيح البخاري كما مر

قال ابن القيم : لم لا تسجر جهنم كما قال في زاد المعاد لم لا تسجر جهنم في يوم الجمعة ؟

قال رحمه الله : لكثرة ما يقع في هذا اليوم من الطاعات ولقلة ما يقع فيه من المعاصي من أهل الإيمان حتى قال إن أهل الفجور ليخف فجورهم في يوم الجمعة مما لا يخف في يوم السبت أو في غيره

 

ومن خصائص يوم الجمعة :

أن صلاة الفجر وإلى الله المشتكى مع هذا السهر الذي عم وطم بالناس أصبحت صلاة الفجر في يوم الجمعة لا تشهد في المساجد فمن باب أعظم من حيث السوء ألا تصلى في وقتها

لكن من خصائص وفضائل يوم الجمعة :

أن فجر يوم الجمعة إذا صلي جماعة في المساجد فهي أفضل صلاة فجر يؤديها المسلم في سائر أيامه

الدليل :

ما صح عنه عليه الصلاة والسلام من حديث عبد الله بن عمر عند البيهقي أن النبي عليه الصلاة والسلام قال أفضل الصلوات صلاة الفجر في يوم الجمعة في جماعة

ومع هذا السهر إلى الله المشتكى نسأل الله أن يهدي شباب المسلمين

وما ورد من حديث أبي عبيدة عند الطبراني من أنه عليه الصلاة والسلام قال ( ليس هناك صلاة أفضل من صلاة الفجر يوم الجمعة في جماعة وإني لأحسب أن من شهدها كان مغفورا له )

يكفينا الحديث السابق لكن هذا الحديث ضعيف

لكن مع هذا كله يكفي في صلاة الفجر يوم الجمعة أنها أففضل صلاة فجر في أي يوم من أيام السبوع

 

ومن خصائص يوم الجمعة :

أنه جاء الوعيد الشديد في حق من تخلف عنها قال ابن القيم ولم يأت وعيد شديد في مثله من الصلوات إلا صلاة العصر

وهناك أناس الآن في بيوتهم أعوذ بالله من أن يطبع الله على القلب

أحاديث :

ماذا قال عليه الصلاة والسلام قال كما في المسند والسنن (( من ترك ثلاث جمع تهاونا طبع الله على قلبه ))

قال عليه الصلاة والسلام كما عند مسلم (( لينتهين أقوام عن تركهم الجمعات أو ليختمن الله على قلوبهم ثم ليكونن من الغافلين ))

قال عليه الصلاة والسلام كما عند الطبراني : (( من ترك ثلاث جمع من غير عذر كتب من المنافقين ))

إذاً :

غفلة وختم على القلب وطبع على القلب ويكتب من المنافقين

نفاق غفلة طبع ختم على القلب نسأل الله السلامة والعافية

هذا الذي تهاون في صلاة الجمعة يكتب من المنافقين

لكن لو تركها وندم فعليه أن يتوب إلى الله وأن يحرص على ألا يتخلف عنها

لكن أهناك صدقة يتصدق بها ؟

فالجواب عن هذا :

ورد حديث عند أبي داود والنسائي وغيرهما أن النبي عليه الصلاة والسلام قال : (( من تخلف عن صلاة الجمعة فليتصدق بدينار فإن لم يجد فبنصف دينار ))

والدينار عملة من الذهب لكن مع هذا كله فالصحيح خلافا للحاكم وابن حبان والذهبي فالصحيح أن هذا الحديث ضعيف ولا يصح عنه عليه الصلاة والسلام

ومثله في الضعف :

الحديث  الذي ” من تخلف عن صلاة الجمعة فليتصدق بدرهم أو بنصف درهم أو بصاع حنطة أو بنصف صاع حنطة “

أيضا هذا الحديث لا يصح عنه عليه الصلاة والسلام

فواجب على المسلم مع وجود هذا السهر الذي حل بالناس وضيعت فيه الأوقات أن يكونوا حريصين على أداء صلاة الدمعة

 

ومن خصائص يوم الجمعة :

أن الله أقسم به في كتابه  { وَشَاهِدٍ وَمَشْهُود }

 فالشاهد : هو يوم الجمعة

والمشهود هو يوم عرفة كما جاء تفسيره بإسناد حسن منه عليه الصلاة والسلام كما عند الطبراني

بل إن يوم الجمعة كما جاء عند الترمذي والبيهقي من حديث أبي هريرة رضي الله عنه قال عليه الصلاة والسلام كما في هذا الحديث الحسن ( ما طلعت الشمس ولا غربت على مثل يوم الجمعة )

 

من خصائص يوم الجمعة :

أن من أتى بهذه الصفات المذكورة في الحديث الذي سأذكره بعد قليل له بكل خطوة يخطوها من بيته إلى المسجد عمل سنة

من حيث الصيام ومن حيث القيام

وهو حديث أوس بن أوس رضي الله عنه كما جاء في السنن :

من أن النبي عليه الصلاة والسلام  قال ( من غسل يوم الجمعة واغتسل ثم بكر وابتكر ومشى ولم يركب ودنا من الإمام وأنصت واستمع ولم يلغ كان له بكل خطوة يخطوها من بيته إلى المسجد عمل سنة أجر صيامها وقيامها )

نأتي إلى هذا الحديث ونشرح شيئا منه :

قوله عليه الصلاة والسلام ” من غسل يوم الجمعة واغتسل “

الأظهر أن معنى ” غسل واغتسل ” خلافا لمن قال إنها للتأكيد فقط استدلالا بكلمة ” ومشى ولم يركب ” لأن التأكيد هنا لا ينبغي أن يقال ، لم ؟

لأن كلمة مشى ولم يركب مختلفتان من حيث اللفظ فيكون معنى غسل واغتسل :

يعني أنه اغتسل يعني غسل جميع بدنه وزاد في غسل رأسه يعني بالغ في غسل رأسه كما جاءت بذلك رواية أبي داود

بعض العلماء وهو مستحسن وتدل عليه بعض الأدلة قال من غسل واغتسل بمعنى :

أنه يندب له إذا أتى إلى الجمعة أن يجامع زوجته حتى لا يلتفت بصره حال خروجه من بيته إلى أن ينظر إلى الحرام فيكون قلبه صافيا حال ذهابه إلى الجمعة

لم ؟

قال  ” من غسل يوم الجمعة واغتسل ” :

اغتسل هو وغسل غيره

ويسندون ذلك إلى ما جاء في الصحيحين قوله عليه الصلاة والسلام ” من اغتسل يوم الجمعة غسل الجنابة “

قالوا هنا إشارة لكن رواية عبد الرزاق في مصنفه قال كغسل الجنابة

قوله عليه الصلاة والسلام ” ثم بكر وابتكر ” :

قيل هي للتأكيد والصحيح أن معنى ” بكر ” يعني أتى أول الوقت يوم الجمعة

” وابتكر ” يعني أنه حضر أول الخطبة

لأن بعضا من الناس قد يأتي في أول الوقت ولا يحضر الخطبة ثم يعود بعد ذلك بعد أن فاته شيء من خطبة الخطيب

بعض العلماء يقول المقصود من ” بكر وابتكر ” يعني تصدق في يوم الجمعة لحديث باكروا بالصدقة فإن البلاء لا يتخطاها لكنه حديث ضعيف

” ومشى ولم يركب ” :

هذا يدل على فضيلة المشي إلى الجمعة لمن تيسر له ذلك لكن إن لم يتيسر لعذر ونحو ذلك ففضل الله واسع ولكن المشي له خصيصة هنا قال ” ومشى ولم يركب “

” ثم دنا من الإمام ” :

هذه مسألة مهمة :

بعض الناس يحضر مبكرا لكنه لا يدنو من الإمام ، بعض الناس ربما يحضر مبكرا وإذا به في الصفوف المتأخرة مع وجود أماكن في المقدمة قريبة من الإمام فاحرص بارك الله فيك إذا أتيت أن تدنو من الإمام قدر ما تستطيع ففرق بين الحضور مبكرا وبين القرب والدنو من الخطيب

” واستمع وأنصت ” :

قد تكون معنى استمع وأنصت من باب التأكيد ولكن الصحيح ولم أر أحد الشراح تحدث عنه لكن الصحيح أن استمع وأنصت إذا اجتمعتا فتختلفان من حيث  المعنى لكن لو ورد الاستماع وحده فهو بمعنى الإنصات وإن ورد الإنصات وحده فهو بمعنى الاستماع

لكن إذا اجتمعا في نص كما هنا فالاستماع يتعلق بعدم الكلام والإنصات يتعلق بهيئة الإنسان بمعنى أنه لا يتحرك كثيرا

ومن هنا : تعرف معنى قول الله عز وجل { وَإِذَا قُرِىءَ الْقُرْآنُ فَاسْتَمِعُواْ لَهُ وَأَنصِتُواْ لَعَلَّكُمْ تُرْحَمُون }

قال في الآية { فَاسْتَمِعُواْ لَهُ وَأَنصِتُواْ }

أهناك فرق ؟ نعم

فالاستماع من حيث عدم الكلام والإنصات من حيث هيئة الإنسان فلا يتحرك كثيرا حال سماعه لقراءة القرآن

قال ( ولم يلغ ) :

يعني لم يأت بشيء تكون جمعته لاغية

( كان له بكل خطوة يخطوها من بيته إلى المسجد عمل سنة أجر صياها وقيامها )

فكم جمعة تمر عليك في الشهر وكم جمعة تمر عليك في السنة كيف إذا أتيت بهذه الصفات في كل جمعة تأتي إليها كل أسبوع

لكن ليعلم :

أن الصدقة في يوم الجمعة مندوب إليها

وليعلم :

أن ما ذكره ابن القيم عن شيخه ابن تيمية من أنه كان يأتي إإلى الجمعة فيأخذ ما تيسر من بيته فيتصدق به فيقول إن الله أمرنا أن نتصدق بين يدي رسول الله عليه الصلاة والسلام فالصدقة بين يديه عز وجل من باب أولى

ليعلم :

أن فعله رحمه الله ليس مبنيا على استحسان ، لا ، لو لم يأت دليل ما قلنا بهذا فنحن مع الشرع من حيث الاتباع

الدليل :

ما جاء في مصنف عبد الرزاق من أن النبي عليه الصلاة والسلام قال عن يوم الجمعة ” والصدقة فيه أفضل من الصدقة في سائر الأيام “