من خصائص يوم الجمعة :
أنه يوم عيد في الأسبوع
فهو كالعيد العام
قال ابن القيم كما في زاد المعاد ولما كان بمثابة العيد العام جعل الله عز وجل فيه صلاة
أين القربان الذي يكون في العيد العام مع الصلاة أين هو في يوم الجمعة ؟
قال رحمه الله فشرع لهم الصلاة وشرع لهم التبكير إلى يوم الجمعة فإنه بمثابة القربان
قال عليه الصلاة والسلام كما في الصحيحين :
(( من اغتسل يوم الجمعة غسل الجنابة فراح في الساعة الأولى فكأنما قرب بدنة ومن راح في الساعة الثانية فكأنما قرب بقرة ومن راح في الساعة الثالثة فكأنما قرب كبشا أقرن ومن راح في الساعة الرابعة فكأنما قرب دجاجة ومن راح في الساعة الخامسة فكأنما قدم بيضة فإذا حضر الإمام حضرت الملائكة يستمعون الذكر ))
وفي رواية في الصحيحين :
(( طوت الملائكة الصحف وأتت لحضور الذكر ))
وعند النسائي :
(( تقعد الملائكة على أبواب المساجد يوم الجمعة يكتبون الناس على قدر منازلهم ))
وما جاء في الحديث السابق عند النسائي :
(( من أن من راح في الساعة الأولى فكأنما قرب بدنة وفي الساعة الثانية فكأنما قرب بقرة ومن راح في الساعة الثالثة فكأنما قرب شاة ومن راح في الساعة الرابعة فكأنما قرب دجاجة ومن راح في الساعة الخامسة فكأنما قرب عصفورا ومن راح في الساعة السادسة فكأنما قرب بيضة ))
هذا الحديث منكر بوجود كلمة العصفور ، وإنما الثابت خمس ساعات بذكر الدجاجة دون ذكر العصفور
وما جاء من حديث حديث علي رضي الله عنه عند أحمد وأبي داود :
(( أن الشياطين يوم الجمعة تغدو إلى السوق براياتها فيبثطون الناس عن الحضور إلى يوم الجمعة ))
فهو حديث ضعيف
لو قال قائل :
تلك الساعات كيف تضبط ؟ ما هو ابتداؤها ؟
قيل : من طلوع الفجر الثاني يعني من أذان الفجر
وقيل : من طلوع الشمس
وقيل : هو جزء من أجزاء الساعة السادسة
وهذا القول بنوه على أن الحديث ذكر الرواح والرواح إنما يكون بعد الزوال
وقد قال ابن القيم إن كلمة راح لا تدل على آخر النهار إلا إذا اجتمعت مع غدا وكلمة الغدو لم تذكر في هذا الحديث
وما جاء من لفظ بذكر التهجير في هذه الساعات والتهجير إنما يكون مع شدة الحر بعد الزوال فإنه ليس على كل حال يكون التهجير ليس على كل حال يكون التهجير في شدة الحر
لم ؟
لأنه يأتي بمعنى التبكير
بدليل ما جاء في الصحيحين :
أن النبي عليه الصلاة والسلام قال : (( لو يعلم الناس ما في التهجير يعني ما في التبكير لاستبقوا إليه ))
وهذا عام في جميع الصلوات
إذاً متى تبدأ وكيف تقسم ؟
الصحيح :
أنها تبدأ من طلوع الشمس لأن ما قبل طلوع الشمس الأحكام به تتعلق بصلاة الفجر إذاً من طلوع الشمس تبدأ الساعة الأولى
لكن كيف ؟
طلوع الشمس يعني الإشراق يختلف باختلاف الفصول فأعطيك طريقا وتلك الطريقة تفهم بهذا المثال :
تجمع الساعات المعروفة لدينا من الإشراق إلى الزوال ثم تقسم هذه الساعات على خمسة ، الناتج هو مقدار كل ساعة
المثال :
تصور لو أن الإشراق هذا كمثال لكن قد يختلف من فصل إلى آخر
تصور لو أن الإشراق يبدأ من الساعة السادسة وزوال الشمس الذي يؤذن له لصلاة الظهر الساعة الثانية عشرة المجموع ست ساعات
ست ساعات لو قسمت على خمس ساعات الناتج ساعة وربع وما حولها
إذاً الساعة الأولى على مثالنا تكون بدايتها من الساعة السادسة صباحا بعد الإشراق إلى الساعة السابعة والربع
بعدها تبدأ الساعة الثانية
ولتحسب ساعة وربع وهلم جرا
وهذا يختلف باختلاف الإشراق فقد يكون في الساعة وقد يكون في الساعة الخامسة أو في الساعة الرابعة
وبالتالي :
فإن على المسلم أن يحرص علبى التبكير
وللأسف نجد أن بعضا من الناس :
أحيانا لا يأتي إلا بعد الفراغ من الخطبة أو في ثنايا خطبة الخطيب فنسأل الله التوفيق والسداد والإعانة على الخير
ومن خصائص يوم الجمعة :
كما قال ابن القيم في زاد المعاد :
أن الله يتجلى لعباده ولأوليائه في الجنة ويكون أقربهم منزلة إليه أقربهم إلى الإمام وأسرعهم منزلة إليه أسرعهم إلى الحضور ليوم الجمعة
الدليل :
ما جاء عند ابن ماجه وعند البيهقي وحسنه المنذري والبوصيري واحتج به ابن القيم هنا أن علقمة قال أتيت مع ابن مسعود رضي الله عنه فوجد أن ثلاثة قد سبقوه فماذا قال رضي الله عنه ؟
قال : ” رابع أربعة وما رابع أربعة من الله ببعيد “
ثم قال رضي الله عنه سمعت النبي عليه الصلاة والسلام يقول :
(( إن الناس يجلسون من الله يوم القيامة على قدر رواحهم إلى الجمعة الأول والثاني والثالث والرابع ثم قال وما رابع أربعة من الله ببعيد ))
ومن خصائص يوم الجمعة :
كما ذكر ذلك ابن القيم هو ذكرها كخصيصة ما هي ؟
أن الموتى تعرف زوارها في يوم الجمعة أكثر من معرفتهم لهم في سائر الأيام
ولذا قال في زاد المعاد :
قال في يوم الجمعة يلتقي الأحياء والأموات في الدنيا وهي الزيارة في يوم الجمعة ولي تعليق على هذا سيأتي إن شاء الله
قال : وإذا قامت الساعة تقوم يوم الجمعة فيتلاقى أهل السماء وأهل الأرض ويلتقي العامل مع عمله والمظلوم مع ظالمه والشمس والقمر ولم تجتمعا قبل ذلك
قال : ولذلك أهل الدنيا يلتقون في يوم الجمعة أكثر من تلاقيهم في سائر الأيام
قال : وهو يوم التلاقي
والله سمى يوم القيامة بيوم التلاقي
ولا تقوم الساعة إلا في يوم الجمعة
إذاً كما قال رحمه الله تعرف الموتى زوارها في يوم الجمعة أكثر من معرفتهم لهم في سائر الأيام
ما الدليل ؟
ذكر رحمه الله في كتابه الروح ذكر منامات رأها السلف وهي كثيرة جدا في بعضها نظر لكن قال رحمه الله : وتلك الرؤى على كثرتها والتي لا يحصيها إلا الله عز وجل تدل على أنهم يعرفون زوارهم يوم الجمعة أكثر منهم في سائر الأيام
قال : وإذا كثرت الرؤى وتواطأت دل هذا على أصل لهذا الحكم
بدليل أن النبي عليه الصلاة والسلام قال كما في الصحيحين في ليلة القدر
(( أرى رؤياكم قد توطأت على السبع الأواخر ))
وقد ذكر هنا فائدة لطيفة تذكر هنا في كتابه الروح :
كان هناك رجل يسب أبا بكر وعمر رضي الله عنهما يسبهما في اليقظة ويكثر من ذلك فرأه رجل في المنام من أنه يذبح فيقول فلما أصبح الناس إذا بهذا الرجل قد ذبح ورئي أثر الذبح في عنقه ولم يعرفوا ذابحه
وهذا إن ثبت فإنها تفضل من الله وهو دفاع عن أبي بكر وعن عمر رضي الله عنهما
إذاً كما قال رحمه الله الموتى يعرفون زوارهم يوم الجمعة أكثر من معرفتهم لهم في سائر الأيام
لكن انتبه هنا أمر :
وأعرف كثيرا من الناس يخصص يوم الجمعة لزيارة ذويه من الموتى في المقابر
الاستمرار على الزيارة في يوم الجمعة هذا لا يجوز إن زارهم أحيانا وأحيانا في يوم الجمعة فلا بأس لكن أن يكون الراتب والمستمر له أن يزورهم كل جمعة فهذا مخالف لحديث أبي هريرة رضي الله عنه أن النبي عليه الصلاة والسلام قال كما عند أبي داود (( ولا تجعلوا قبري عيدا ))
فإذا زيرت المقبرة من المسلم لموتاه كل جمعة فيصدق عليه أنه اتخذ قبورهم عيدا
من خصائص يوم الجمعة :
أن الشرع نهى أن يصام فيه منفردا
كما جاء في الصحيحين قال عليه الصلاة والسلام واللفظ للبخاري (( لا يصومن أحدكم يوم الجمعة إلا أن يصوم يوما قبله أو يوما بعده ))
وقال كما عند مسلم :
(( لا تختصوا ليلة الجمعة ــ بزيادة حرف التاء في “لا تختصوا ” بالنسبة إلى القيام كما عليها الأصول من النسخ
(( لا تختصوا ليلة الجمعة بقيام من بين سائر الليالي ولا تخصوا ــ بدون التاء ــ ولا تخصوا يوم الجمعة بصيام من بين سائر الأيام إلا في صوم يصومه أحدكم ))
كيف ؟
لو أن المسلم مثلا قد اعتاد على أن يصوم يوم عرفة أو يوم عاشوراء فصادف يوم الجمعة فلا بأس أن يفرده بالصيام
ولذا :
النبي عليه الصلاة والسلام كما عند البخاري دخل على جويرية بنت الحارث رضي الله عنها يوم الجمعة وهي صائمة فقال عليه الصلاة والسلام (( أصمت أمس قالت لا قال أتصومين غدا قالت لا قال فأفطري ))
وما جاء من حديث :
وهو عند عبد العزيز الدراوردي يقرأ من كتب غيره فيخطئ والحديث فيه مجهول يعني لا يصح هذا الحديث (( من صام يوم الجمعة كتب له عشرة أيام من أيام الآخرة غر زهر لا يشاكلهن أيام الدنيا ))
هذا لا يصح عنه عليه الصلاة والسلام
لكن لو قال قائل :
ماذا تقولون في حديث ابن مسعود رضي الله عنه عند أحمد وأهل السنن أنه قال (( قلما رأيت رسول الله عليه الصلاة والسلام يوم الجمعة إلا صائما ))
فما الجواب ؟
الجواب :
أن هذا وقع اتفاقا لا قصدا
فالنبي عليه الصلاة والسلام كان يصوم ثلاثة أيام من كل شهر وأحيانا لا يسردها
فلربما في جميع أحواله يعني ابن مسعود رضي الله عنه لم ير النبي عليه الصلاة والسلام لما صادفه يوم الجمعة أنه كان صائما ليس لتخصيص يوم الجمعة ، لا ، ولكنه وافق صياما له عليه الصلاة والسلام
ما الحكمة من النهي عن صيام يوم الجمعة منفردا ؟
الحكمة هي نهي الشرع ، أتى الشرع بالنهي سمعنا وأطعنا فيجب أن تقيد بذلك لكن هل استنبطت حكم ؟
نعم
قال بعض العلماء لكي يتقوى المسلمون على العبادة في يوم الجمعة
ولكن قال ابن القيم في هذا نظر
لم ؟
لأنه لو صام يوما قبله أو يوما بعده انتفى الأمر
إذاً هذه العلة التي ذكرها بعض العلماء غير صحيحة
قال بعض العلماء لأنه يوم عيد ويوم العيد لا يصام
قال ابن القيم وفيه نظر
لم ؟
لأنه لو صام يوما قبله ويوما بعده انتفاى هذا
فدل هذا على أن هذ الحكمة غير صحيحة
إذاً ما الحكمة ؟
قال رحمه الله من باب أن يبين النبي عليه الصلاة والسلام أن الشرع حصن حصين ، فهو من باب سد الذرائع حتى لا يلحق بيوم الجمعة
قلت : وبأي يوم فاضل أن يلحق به ما لم يأت به الشرع
يعني كأنه عليه الصلاة والسلام وضع قاعدة
قاعدة في الأيام الفاضلة كيوم الجمعة أو في أي يوم من الأيام الفاضلة من أنك لا تحدث فيه شيئا
ولذا هذا الحديث وهو النهي عن صيام يوم الجمعة على وجه الانفراد يرد تلك البدع من أذكار من دعاء من عبادات خصص يوم الجمعة بها ولها
فالشرع سد الباب
من الفوائد المدرجة في يوم الجمعة :
أن النبي عليه الصلاة والسلام إذا حضر للخطبة جلس فأذن بلال وبعد الأذان يقوم فيخطب مباشرة
قال ابن القيم وما يفصل بين انتهاء الأذان وبين بداية الخطبة بذكر خبر من الأخبار يعني كخبر أمر ولو يخص عموم المسلمين قال فهذا ليس بمشروع وليس بوارد عن النبي عليه الصلاة والسلام
قال ابن القيم : ولم يكن النبي عليه الصلاة والسلام ولا الصحابة إذا فرغ المؤذن من الأذان يوم الجمعة حال حضور الخطيب لم يكونوا يصلون ركعتين لله
يمكن ترون في المسجد الحرام أو في المسجد النبوي بعض الناس إذا أذن الأذان حال حضور الخطيب قاموا فصلوا ركعتين هذا لم يرد عن النبي عليه الصلاة والسلام
الوارد كما أسلفنا أن من أتى يوم الجمعة فله أن يصلي حتى يحضر الخطيب
لكن بعد الأذان حال حضور الخطيب هذا ليس بمشروع
لو قال قائل :
أهناك سنة تصلى قبل صلاة الجمعة ؟
فالجواب عن هذا :
أنه ليس هناك سنة راتبة قبل صلاة الجمعة وإنما إذا أتى المسلم والخطيب يخطب يصلي ركعتين ويوجز فيهما كما في الصحيحين لما أمر عليه الصلاة والسلام سليك الغطفاني لما جلس أن يقوم فيصلي ركعتين
وهنا أمر وهو :
بعض الناس يأتي والمؤذن يؤذن ويقف حتى يفرغ المؤذن من أذانه
وهذا غلط
من حين ما تأتي صل ركعتين لأن الاستماع إلى أذان يوم الجمعة سنة والاستماع إلى الخطبة واجب فاستدرك حضورك بذهنك إلى سماع الخطيب من أول الخطبة واستغل عند أذان المؤذن بصلاة هاتين الركعتين
أما سنة راتبة قبل الجمعة محددة فلا
لو قال قائل :
ورد عند ابن ماجه من حديث ابن عباس رضي الله عنهما أن النبي عليه الصلاة والسلام كان يصلي قبل الجمعة أربعا وبعد الجمعة أربعا لا يفصل بينهن بشيء
فهو حديث ضعيف جدا لا يصح
وما ورد عند ابن ماجه أنه عليه الصلاة والسلام قال” أصليت قبل أن تجيء”
كأن فيه إشارة إلى أنه يشرع له أن يصلي صلاة راتبة قبل الجمعة
(( فقال لا قال قم فصل ))
قال شيخ الإسلام كما في زاد المعاد وذكر ذلك تلميذه ابن القيم قال وهذا غلط
قال شيخ ابن القيم وهو أبو الحجاج الحافظ المزي قال إن سنن ابن ماجه أتت عليه شيوخ لكنهم لم يحققوه تمام التحقيق
والصواب :
(( أصليت قبل أن تجلس )) وليس بلفظ (( أصليت قبل أن تجيء ))
ففيها تصحيف
إذاً
لا صلاة رابتة قبل الجمعة
بعدها ؟
فيه صلاة راتبة
إما أن تصلي ركعتين كما جاء في الصحيحين من حديث ابن عمر رضي الله عنهما لفعله عليه الصلاة والسلام
وإما أن تصلي أربعا تفصل بين كل ركعتين بتسليمة لما جاء من حديث أبي هريرة عند مسلم (( إذا صليتم بعد الجمعة فصلوا أربعا ))
قال سهيل وهو الرواي عن أبيه عن أبي هريرة رضي الله عنه قال (( إذا عجلت ))
يعني أتاك شيء يعجلك
(( فصل في المسجد ركعتين وفي بيتك ركعتين ))
ولذا :
الأفضل كما فعل ابن عمر رضي الله عنهما كما عند أبي داود وهو الذي روى حديث النبي عليه الصلاة والسلام أنه صلى ركعتين بعد الجمعة
إذا صليت في المسجد فصل أربعا ، وإذا صليت في بيتك فصل ركعتين ، وإن نوعت فلا إشكال في ذلك
إذاً عندنا ركعتان بعد صلاة الجمعة وعندنا أربع وعندنا ست
كل ركعتين مفصولة بتسليمة
الدليل :
ما جاء عند أبي داود أن ابن عمر بإسناد صحيح أنه إذا صلى بمكة صلى ركعتين ثم تقدم فصلى أربعا وإذا كان في المدينة صلى ركعتين
فسئل فقال كان النبي عليه الصلاة والسلام يفعل ذلك
الخلاصة :
صل بعد الجمعة إما ركعتين أو أربعا أو ست كل ركعتين مفصولة بسلام
قبل الجمعة ليس هناك سنة راتبة محددة ، صل ما شئت إلى أن يحضر الخطيب ، إذا حضر الخطيب وأذن المؤذن فلا صلاة