وجوب احترام المال العام

وجوب احترام المال العام

مشاهدات: 477

( وجوب احترام المال العام )

فضيلة الشيخ زيد بن مسفر البحري

 

بسم الله الرحمن الرحيم

الحمد لله رب العالمين والصلاة والسلام على نبينا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين :

أما بعد :

حديثنا في هذا اليوم عن الغُلول ، يقال في اللغة إن مادة غلل تعني تخلل الشيء وتعني استتاره ، يقال ” تغلّل الماء في الشجر ” أي اختفى في عروقه ، قال ابن حجر رحمه الله كما في الفتح ” إن الغلول أصله من الإخفاء ، وذلك بأن يخفي الإنسان شيئا قد غلَّه في ثوبه ” ونقل رحمه الله كما في الفتح عن النووي رحمه الله أنه قال ” نُقل الإجماع في تحريم الغلول وأنه من كبائر الذنوب “

قال الله عز وجل {  وَمَا كَانَ لِنَبِيٍّ أَن يَغُلَّ وَمَن يَغْلُلْ يَأْتِ بِمَا غَلَّ يَوْمَ الْقِيَامَةِ ثُمَّ تُوَفَّى كُلُّ نَفْسٍ مَّا كَسَبَتْ وَهُمْ لاَ يُظْلَمُونَ{161} أَفَمَنِ اتَّبَعَ رِضْوَانَ اللّهِ كَمَن بَاء بِسَخْطٍ مِّنَ اللّهِ وَمَأْوَاهُ جَهَنَّمُ وَبِئْسَ الْمَصِيرُ{162}

يقول ابن عباس رضي الله عنهما كما ذكر ذلك الطبري في تفسيره يقول ( إن قطيفة حمراء في غزوة أحد قد افتقدت فقال بعض القوم لعل رسول الله صلى الله عليه وسلم قد أخذها ، فأنزل الله عز وجل هذه الآية ، ما كان ينبغي ويستحيل أن يغلَّ رسول الله صلى الله عليه وسلم شيئا من حقوق الناس ، لأن حقوق الناس تعني المال العام ، فقال عز وجل  { وَمَا كَانَ لِنَبِيٍّ أَن يَغُلَّ وَمَن يَغْلُلْ يَأْتِ بِمَا غَلَّ يَوْمَ الْقِيَامَةِ } يقول القرطبي رحمه الله ” يعني أنه يحمل هذا الشيء الذي غلَّه- وهو من حقوق الناس – يأتي على ظهره ورقبه قد حمله مُعذَّبا بحمله مرعوبا بصوته مُوبَّخا بإظهار خيانته على رؤوس الأشهاد ، وهذا نظير من افتضح بالغدر ” ا.هـ

{ أَفَمَنِ اتَّبَعَ رِضْوَانَ اللّهِ } يعني رضا الله عز وجل ، ومن رضا الله أنه لا يغل { كَمَن بَاء بِسَخْطٍ مِّنَ اللّهِ } يعني استوجب سخطا من الله ، ومن سخط الله أن يغل ، ولذا قال عز وجل {قَوْلٌ مَّعْرُوفٌ وَمَغْفِرَةٌ خَيْرٌ مِّن صَدَقَةٍ يَتْبَعُهَا أَذًى وَاللّهُ غَنِيٌّ حَلِيمٌ }البقرة263 ، نقل السيوطي في الدر المنثور أن البخاري رحمه الله قال ” لا يقبل الله صدقة من غُلول واستشهد البخاري بهذه الآية {قَوْلٌ مَّعْرُوفٌ وَمَغْفِرَةٌ خَيْرٌ مِّن صَدَقَةٍ يَتْبَعُهَا أَذًى وَاللّهُ غَنِيٌّ حَلِيمٌ }البقرة263 فدل على أن الغُلول أذى ، وهذا يدل عليه ما جاء في صحيح مسلم قوله صلى الله عليه وسلم ( لا يقبل الله صلاة بغير طهور ولا صدقة من غُلول )

ومن نصح لولاة المسلمين وعرف حق إخوانه المسلمين وكان مخلصا لله عز وجل فلا يقدم على شيء يغضب الله فإنه لا يمكن أن يقدم على الغُلول ، ولذلك ذكر ابن الأثير أن هذا الحديث الذي سأذكره الآن أن هذا الحديث قد تضمن ثلاث صفات من عمل بها صلح قلبه وطهر من الغل والضغن والشر ، ماذا قال صلى الله عليه وسلم ؟

قال صلى الله عليه وسلم كما عند ابن ماجه من حديث زيد بن ثابت ( ثلاث ٌ لا يُغِلُّ ) لا يعني لا يأخذ الغُلول ، وضبطت ( لا يَغِلُّ ) يعني أنه لا يبقى في قلبه ضغنٌ لإخوانه المسلمين

( ثلاث لا يُغلُّ عليهن قلب امرئ مسلم ) ما هي هذه الأشياء الثلاث ؟ ( إخلاص العمل لله والنصح لأئمة المسلمين ولزوم جماعتهم )

إذاً من كان مخلصا لله ، ومن كان ناصحا لولاة المسلمين ، ومن كان عارفا حق إخوانه المسلمين لا يمكن أن يقدم على أن يأخذ شيئا من المال العام الذي يشترك فيه المسلمون جميعا.

والغُلول – عباد الله – له أنواع /

من وكَّله ولي أمر المسلمين بأن يجلب الزكاة أو الصدقة فأخذ منها شيئا فهذا من الغُلول ، من وكله أحد من المسلمين من أفراد الناس فقال وزِّع زكاتي أو صدقتي فأخذ منها شيئا بغير حق فإنه غُلول يأتي به يوم القيامة ، عند أبي داود أن أبا مسعود الأنصاري قال استعملني رسول الله صلى الله عليه وسلم على إبل الصدقة فلما انطلقت قال لا أُلفينك – يعني لا أجدك – لا أُلفينك يوم القيامة تأتي ببعير على ظهرك من إبل الصدقة قد غللته ، فقال أبو مسعود يا رسول الله إذاً لا أنطلق – بما أن الأمر جدُّ خطير – فقال عليه الصلاة والسلام لا أكرهك )

ومن أنواع الغُلول :

أن يأخذ الإنسان شبرا أو ذراعا من أرض جاره ، وهو من أعظم الغُلول ، يقول النبي صلى الله عليه وسلم كما في المسند وحسنه الهيثمي عن أبي مالك الأشجعي أن الرسول صلى الله عليه وسلم قال ( أعظم الغلول عند الله ذراع من الأرض ) الذراع : من أطراف الأصابع إلى المرفق ، هذا يسمى ذراعا ، فما ظنكم بمن أخذ مترا أو أمتارا أو أخذ كيلوات ؟! نسأل الله السلامة والعافية .

قال ( تجدون الرجلين جارين في الأرض أو في الدار فيقتطع أحدهما من حق صاحبه ذراعا فمن اقتطع شيئا طُوِّق به من سبع أراضين إلى يوم القيامة )

 

 

ومن أنواع الغُلول :

ما يستفاد منه من الوظائف ، بعض الناس يكون في وظيفة فيستفيد من وظيفته في أخذ ما يسمونه إكرامية حتى يملحونه بأنه هدايا ، يأتي أحد الأشخاص إلى الموظف ولديه معاملة فإن قال لا أعمل إلا أن تعطيني فهذه رشوة ، وإن كانت هذه المعاملة فيها حق ولم يظلم هذا الموظف أحدا فإنه داخل ضمن الغُلول ، ولذا يقول النبي صلى الله عليه وسلم كما في المسند ( هدايا العمال غُلول ) أنت تأخذ أجرة وراتبا من الدولة فلا يجوز لك أن تأخذ ريالا واحدا ، حتى لو أعطيت هذا الشيء على أنه هدية أو إكرامية هذه الأسماء لا تغير الحقائق ولا المسميات ، ولذلك لو رأيت أي عامل في أي شركة من الشركات ورأيته ضعيفاً فلا تعطه شيئا ، لم  ؟ لأنك بهذا الفعل تفسد هذا العامل وتفسد هذا الموظف على تلك الجهة الحكومية أو على تلك الشركة ، لأنه إذا اعتاد أنه لا يعمل إلا إذا أخذ شيئا فإنه لا يُسيِّر معاملات الآخرين إلا إذا أعطوه ، وهل كلٌ يقدر على أن يعطيه ، ثم إن في ذلك خيانة لولاة الأمر وكذلك فيه خيانة للمسلمين ، ولذلك يقول عليه الصلاة والسلام ( هدايا العمال غُلول ) بما أنه يأخذ أجرا وراتبا فلا يجوز له أن يأخذ ولو ريالا واحدا .

 

 

 

ومن أنواع الغُلول :

وهو محل حديثنا وهو أن يؤخذ من بيت مال المسلمين ، وأن يؤخذ من المال العام بأي طريقة كانت ، من أخذ شيئا من بيت مال المسلمين أو من المال العام بأي طريقة كانت من غير وجه حق فإنه غُلول ، في الصحيحين عن أبي حُميدٍ رضي الله عنه أنه قال ( أتى رجل إلى النبي صلى الله عليه وسلم – وهو ابن اللتبية –  قد استعمله النبي صلى الله عليه وسلم على العمل ، فلما أتاه قال يا رسول الله هذا لكم وهذا أهدي إلي ، فغضب النبي صلى الله عليه وسلم وقال أفلا جلست في بيت أبيك أو أمك فتنظر أيهدى لك أم لا ؟ ) نعم ، ما أعطيت هذه الهدية إلا لكونك عاملا ، تصور لو أن هذا الشخص لا يعرفك وأنت جالس في بيتك أو في بيت أبيك أو في بيت أمك هل يعطيك ؟ لا ، ما أعطاك إلا من أجل أن يحقق أغراضا أخرى ( ثم قام عليه الصلاة والسلام فخطب وحمد الله عز وجل وقال ما بال العامل نستعمله على العمل ثم يأتينا فيقول هذا لكم وهذا أهدي إلي أفلا جلس في بيت أبيه أو أمه فيُنظر أيهدى له أم لا ؟ والذي نفس محمد بيده لا يُغل أحدكم شيئا إلا جاء به يوم القيامة يحمله على عنقه )

فأي شيء يؤخذ من بيت مال المسلمين يحمله الإنسان يوم القيامة على عنقه وعلى ظهره خزيا وعارا وشنارا وعذابا لأنه قد يُغلُّ أشياء عظيمة لا يستطيع الإنسان أن يحملها ، ولذا قال عليه الصلاة والسلام كما في حديث أبي هريرة في الصحيحين ، قال أبو هريرة رضي الله عنه ذكر النبي صلى الله عليه وسلم الغُلول وعظَّمه ثم قال ” لَأُلْفِيَنَّ أَحَدَكُمْ يأتي يَوْمَ الْقِيَامَةِ عَلَى رَقَبَتِهِ بَعِيرٌ لَهُ رُغَاءٌ ” والرغاء هو صوت البعير فَيَقُولُ : يَا رَسُولَ اللَّهِ ، أَغِثْنِي , فَيَقُولُ : ” لا أَمْلِكُ مِنَ اللَّهِ شَيْئًا قَدْ بَلَّغْتُكَ ، لَأُلْفِيَنَّ أَحَدَكُمْ يأتي يَوْمَ الْقِيَامَةِ عَلَى رَقَبَتِهِ شَاةٌ لَهَا ثُغَاءٌ – صوت الشاة يسمى ثغاء ويسمى تيعر –  فَيَقُولُ : يَا رَسُولَ اللَّهِ أَغِثْنِي , فَأَقُولُ : ” لا أَمْلِكُ لَكَ مِنَ اللَّهِ شَيْئًا قَدْ بَلَّغْتُكَ لَأُلْفِيَنَّ أَحَدَكُمْ يأتي يَوْمَ الْقِيَامَةِ عَلَى رَقَبَتِهِ فَرَسٌ لَهُ حمحمة ” وهو صوت الفرس إذا قدِّم له الطعام وهو أقل من الصهيل  . فَيَقُولُ : يَا رَسُولَ اللَّهِ أَغِثْنِي , فَأَقُولُ : ” لا أَمْلِكُ لَكَ مِنَ اللَّهِ شَيْئًا قَدْ بَلَّغْتُكَ لَأُلْفِيَنَّ أَحَدَكُمْ يأتي يَوْمَ الْقِيَامَةِ عَلَى رَقَبته نَفْسٌ لَهَا صِيَاحٌ – وهو الرقيق من الإمام أو العبيد-  فَيَقُولُ : يَا رَسُولَ اللَّهِ أَغِثْنِي , فَأَقُولُ : ” لا أَمْلِكُ لَكَ مِنَ اللَّهِ شَيْئًا قَدْ بَلَّغْتُكَ يَأْتِي أَحَدَكُمْ يَوْمَ الْقِيَامَةِ عَلَى رَقَبَتِهِ رِقَاعٌ يَخْفِقُ ” – وهي الثياب تضطرب أو تلتمع – فَيَقُولُ : يَا رَسُولَ اللَّهِ أَغِثْنِي , فَأَقُولُ : ” لا أَمْلِكُ لَكَ مِنَ اللَّهِ شَيْئًا قَدْ بَلَّغْتُكَ لَأُلْفِيَنَّ أَحَدَكُمْ يأتي يَوْمَ الْقِيَامَةِ عَلَى رَقَبَتِهِ صَامِتٌ ” – والصامت هو الذهب والفضة ومما لا يتكلم ، يعني لو أخذ ساعة أو قلما –  فَيَقُولُ : يَا رَسُولَ اللَّهِ أَغِثْنِي فَأَقُولُ : ” لا أَمْلِكُ لَكَ مِنَ اللَّهِ شَيْئًا قَدْ بَلَّغْتُكَ )

ما مقدار ما يؤخذ حتى يكون غُلولا ؟

لو كان بمثل الهباءة فإنه غلول ، النبي صلى الله عليه وسلم كما عند مسلم من حديث عدي بن عميرة قال ( من استعملناه على عمل فكتمنا مخيطا – يعني إبرة – فما فوقه كان غلولا يأتي به يوم القيامة ) وهذا مثل ضربه النبي صلى الله عليه وسلم للقلة ، يعني من أخذ قلما ولو بنصف ريال بغير وجه حق من الدائرة التي يشتغل فيها هذا غُلول يأتي به يوم القيامة ، فالأمر جِدُّ خطير ، فما ظنكم بمن أخذ المائة ؟ بمن أخذ الألف ؟ بمن أخذ الملايين بطرق غير مشروعة ؟

ولذلك النبي صلى الله عليه وسلم كان ينصح الصحابة رضي الله عنهم على ألا يأخذوا من الغنيمة شيئا ، لأن الغنيمة حق مشترك ، ولذلك في حديث بريدة عند مسلم ( ولا تغلوا ) بل نقل وتواصى الصحابة رضي الله عنهم على هذا الأمر فكان أبو بكر رض الله عنه لما أرسل جيشا إلى الشام أوصاهم بألا يأخذوا شيئا من الغُلول .

بل إن الغلول لا يكفره العمل الصالح ولو عظم ، ولو كان هذا الغلول شيئا يسيرا ، في صحيح مسلم في غزوة خيبر من حديث ابن عباس رضي الله عنهما أنهم قالوا ( إن فلانا شهيد ، فقال صلى الله عليه وسلم كلا إني رأيته في النار من عباءة غلَّها ) عباءة لا تمثل شيئا ولم تغنه هذه الشهادة من أن تنجيه من النار لما غلَّ ، لم ؟ لأنه أخذ من المال العام الذي هو حق لجميع المسلمين .

ومن كان بعيدا عن الغلول كان قريبا من النبي صلى الله عليه وسلم ، عند الترمذي ومسند الإمام أحمد قال عليه الصلاة والسلام ( نعم الجماعة الأسد والأشعريون لا يفرقون في القتال ولا يغلون في الغنيمة فهم مني وأنا منهم )

بل بيّن النبي صلى الله عليه وسلم أن من سلم من الغلول ومن المال العام فإن سبيله إلى الجنة ، قال صلى الله عليه وسلم عند الترمذي من حديث ثوبان رضي الله عنه ( من مات وهو بريء من ثلاث من الدين ومن الكبر ومن الغول دخل الجنة ) والمقصود من الدَيّن هنا الذي أخذ دينا وهو لا يريد أن يوفيه ، وإلا فمن أخذ دينا فإنه لا يدخل ضمن الوعيد ، لأن النبي صلى الله عليه وسلم مات وعليه ديَّن ليهودي .

والغلول كما أن صاحبه قد يفتضح في الدنيا فإنه يفتضح في الآخرة ، حتى لو سلم في الدنيا من الفضيحة فإنه لا يسلم يوم القيامة ، يقول النبي صلى الله عليه وسلم كما في المسند وسنن النسائي قال ( يا أيها الناس أدَّوا الخيط والمخيط ) وهذا الأشياء لا تمثل شيئا في نفوس الناس ( يا أيها الناس أدَّوا الخيط والمخيط فإنه الغلول يكون على أهله عارا وشنارا يوم القيامة ) الشنار : هو العيب الذي يلحق صاحبه الخزي ، لأن بعض الناس قد يصيبه عيب ولكن لا يصل إلى مرتبة الخزي ، لكن الشنار أعظم من ذلك ، فإن الغلول عار وشنار يوم القيامة .

ولا يقدم على الغلول إلا من كان في قلبه ضعف إيمان ،ولذلك في حديث أبي هريرة رضي الله عنه كما عند مسلم ( ولا يغلّ أحدكم حين يغلّ وهو مؤمن فإياكم وإياكم ) حذَّر في آخر الحديث ، ولذلك لما سئل النبي صلى الله عليه وسلم كما في سنن النسائي عن أفضل الأعمال ؟ قال إيمان لا شك فيه وجهاد لا غلول فيه وحجة مبرورة ) الشاهد ( وجهاد لا غلول فيه )

ومن أخذ من الغلول ففيه شبه بالمنافقين ، فمن علامات المنافقين أنهم يأخذون من المال العام بغير وجه حق ، في المسند من حديث أبي هريرة رضي الله عنه أن النبي صلى الله عليه وسلم قال ( إن للمنافقين علامات يعرفون بها قال تحيتهم لعنة ، وطعامهم نهبة وغنيمتهم غلول ولا يقربون المساجد إلا هجرا – يعني إعراضا – ولا يأتون الصلاة إلا دبرا – يعني في آخر الوقت – مستكبرين لا يألفون ولا يؤلفون خُشب بالليل صُخب بالنار ) يعني أصواتهم مرتفعة .

 

 

 

 

الخطبة الثانية

أما بعد فيا عباد الله /

خلاصة القول فيما مضى / أن الغلول وهو الأخذ من المال العام أو الأخذ من بيت مال المسلمين بغير وجه حق شر وبلاء وفتنة ليس على صاحبه فحسب بل على المجتمع بأسره ، ولذلك إذا انتشر هذا الغلول انتشر الفقر وانتشر الفساد الإداري والفساد المالي وضيعت حقوق المساكين ، أضف إلى ذلك ما يحصل من الرعب والخوف بين أوساط الناس ، ولذلك يقول ابن عباس رضي الله عنهما ( ما ظهر الغلول في قوم إلا ظهر فيهم الخوف ) وقال عبد الله بن عمرو بن العاص رضي الله عنهما ( لو كنت مستحلا من الغلول القليل لاستحللت الكثير ) يقول لو أخذت شيئا يسيرا وأباحت نفسي هذا الشيء اليسير لاستحللت الكثير ، لأن بعضا من الناس يقول هذا شيء يسير لا يؤثر ، قد يأخذ ورقة من عمله بغير وجه حق يأخذها لكي يستفيد منها في أغراضه الشخصية ، فالأمر جِدُّ خطير   ( لو كنت مستحلا من الغلول القليل لاستحللت الكثير ما من أحد يغلّ غلولا إلا كُلِّف أن يأتي به من درك جهنم )

نسأل الله السلامة والعافية .

الخاتمة : …………….