الاستفهام ـ الجزء الثاني

الاستفهام ـ الجزء الثاني

مشاهدات: 576

البلاغة

الاستفهام (2 )

فضيلة الشيخ : زيد بن مسفر البحري

ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

أداوت الاستفهام كما  سبق تحريره وتقريره من أنها إحدى عشر أداة :

ذكرت الهمزة :

وشرعنا في شيء بما يتعلق بها

وهذه الأدوات نذكرها مجملة ولكل أداة تفصيل سيأتي في حينه :

الهمزة

هل

ما

من

متى

أيان

كيف

أين

أنى

كم

أي

فهذه هي أداوت الاستفهام وكلها أسماء ما  عدا :

الهمزة وهل فهما حرفان

وسنأخذ بإذن الله تفصيلا لكل أداة

وسبق  الحديث عن الهمزة

وحان الشروع في  بيان مسائل : هل

ولعل الابتداء بالهمزة ثم التثنية بـ [هل ] من باب حصر الذهن على أن هاتين الأداتين حرفان

فعندنا :

هل :

هل:  إحدى أداوت الاستفهام :

ويطلب بها التصديق :

والتصديق  كما سبق :

أن يكون السائل جاهلا بالحكم

ولذا تكون الإجابة بصيغة (هل ) تكون إما بالنفي وإما بالإثبات

في  النفي : لا

وفي  الإثبات : نعم

وما يجري على همزة التصديق يجري على : هل

فـ ” هل ” والهمزة بينهما اقتران و بينهما مشابهة أو اتفاق في همزة التصديق

ومن ثم :

كما لا يذكر مع همزة التصديق[ أم  ]

كذلك هنا لا تذكر [ أم ]

فإن ذكرت فتكون بمعنى ” بل ” وهي ” أم المنقطعة ”

 

 

 

لماذا هذا التشديد في عدم جواز وصحة وجود أم المتصلة في التصديق ؟

الجواب :

لأن الاستفهام الذي يراد منه التصديق يكون السائل فيه جاهلا ولا يتناسب معه ” أم ” المتصلة

لماذا ؟

لأن أم المتصلة تشعر بأن السائل لديه شيء من العلم

فلو قلت مثلا :

هل  جاء  زيدٌ أم عمروٌ ؟

فيه دلالة على أن السائل لديه علم بالحكم

لكن لديه جهل في  التعيين

ومن ثم :

يقع التنافر

فإن وجد في لفظ مستفهم عنه يراد منه التصديق  إن وجد فيه أم فهنا توجه وتحمل على أم المنقطعة التي بمعنى ” بل “

ولنضرب أمثلة على هذه الأداة :

ــ هل جاء  زيدٌ ؟

فيكون الجواب في  حالة الإثبات :

نعم

وفي حالة النفي :

لا

هل يسوغ أثناء حديثك أن تقول : هل جاء زيدٌ أم عمروٌ ؟

لا يسوغ

لا تتعمد أن تأتي في الاستفهام الذي يراد منه التصديق لا تتعمد الإتيان بــ [ أم ]

لكن لو قدر وجودها في  نص عربي فتكون هذه أم المنقطعة .

هل  جاء زيدٌ ؟

نعم في الإثبات

لا في النفي

و [ هي ] :

مثل : السين في  حيثية معينة ، وذلك أن السين ماذا تصنع في الفعل المضارع .؟

تحوله إلى الاستقبال :

فلو قلت مثلا : يقوم زيدٌ

يقوم  :

فعل مضارع يراد منه الحال

فإذا قلت :

 سيقوم زيدٌ:

سيقوم :

فعل مضارع يفيد الاستقبال بدلالة السين الذي حولت المضارع إلى الاستقبال

كذلك الشأن في ” هل” :

تحول الفعل المضارع إلى الاستقبال :

يقود زيدٌ

هنا للحاضر

إذا استفهمت بـ [ هل ] فقلت : هل يقوم زيدٌ ؟

هنا حولت المضارع للاستقبال فهو الآن يسأل عن حدث القيام من زيد في المستقبل

ما رأيكم في هذه الجملة :

ــ هل يقوم زيدٌ الآن ؟

هذه الجملة صحيحة أم خاطئة ؟

صحيحة

لماذا ؟

لأنها قيدت الفعل بالحاضر :بكلمة : الآن  فلا بأس

لكن لو قال قائل :

أكرمك الآن

فاستفهمت فقلت :

هل تصدق ؟

هل تصح هذه العبارة ؟

لا تصح هذه العبارة

فمن قال :

(هل ) تصدق جوابا لمن قال : أكرمك الآن

فنقول :

هذه خاطئة

بينما لو قال :

أكرمك

فقلت :

هل تصدق ؟

هنا تصح

فإذاً :

” هل ”  كـ  ”  السين ” :

تحول الضارع من الحاضر إلى الاستقبال

ولذا يقوى اتصالها بالفعل : إما لفظا وإما تقديرا :

فتقول مثلا :

هل يأتي  زيدٌ ؟

هنا اتصلت بالفعل مباشرة

فإذاً يقوى اتصالها واقترانها بالفعل إما لفظا وإما تقديرا :

فاللفظ كان تقول :

هل يأتي  زيد ؟

اتصالها بالفعل تقديرا :

هل زيد يأتي ؟

هنا بعد ها فيه فعل مقدر دل عليه فعل ” يأتي ”

فإذاً :

لما كانت هل  تحول الفعل المضارع من الحاضر إلى الاستقبال قوي  اتصالها  بالفعل إما لفظا وإما تقديرا :

مثال اللفظ :

هل يأتي زيد ؟

هنا اتصلت هل بالفعل مباشرة

مثال التقدير :

هل زيد يأتي

هنا فيه فعل بعد هل مقدر دل عليه الفعل الذي في آخر الجملة

أصلها : هل يأتي  زيدٌ ؟

فإن أتى بعدها ” اسم ” ولم يقترن بها الفعل فهو حسن في  حالة واحدة :

إذا كان فيه :

[ تأكيد على العناية بحصول هذا الشيء ]

فإذا أتيت مثلا بالاسم بعدها كأنك تصور هذا المطلوب الذي سيأتي كأنك تصوره كأنه حاصل فحسن

لماذا؟

للتأكيد على تحصيله وعلى أهميته

جملة :

((أَنتُمْ شَاكِرُونَ))

هذا فيه دلالة على أن الشكر حاصل

فقوله تعالى :

((فَهَلْ أَنتُمْ شَاكِرُونَ))

دخلت هنا ( هل ) على الاسم ولم يأت بعدها فعل لا لفظا ولا تقديرا

وذلك لطلب العناية بتحصيله

فهو أبلغ من أن تقول :

فهل تشكرون ؟

فإذا قوي الداعي الذي يدعو للاهتمام بالشيء المطلوب  فحسن أن يقترن بـ” هل ” الاسم

فقوله تعالى :

((فَهَلْ أَنتُمْ شَاكِرُونَ)) أبلغ في الاهتمام بالشكر والعناية من قولك : فهل تشكرون ؟

فإذاً :

هل :

تفيد الفعل المضارع لكونها تحوله من الحاضر إلى الاستقبال

ولذا قوي  اتصالها بالفعل : إما لفظا وإما تقديرا

فإذا لم يأت بعدها فعل وأتى اسم:

 فذلك للاهتمام والعناية بما هو مطلوب كأنه حاصل

فمثلا :

لو قلت لك :

هل تذاكر ؟

هذا مطلب أطلبه بحيث  يحصل

فإذا قلت لك :

هل أنت مذاكر ؟

هنا أبلغ في دعوتك إلى المذاكرة والاهتمام بشأنها

و هل  : هنا :

تنقسم إلى قسمين :

ما يسمى بـ :

ــ ” هل البسيطة “

ــ هل المركبة

فما المراد بالبسيطة ؟

هو نستفهم بــ [هل البسيطة ] عن وجود شيء في  نفسه أو عدم وجوده

كأن تسأل :

فيقال :

هل العالم الرباني موجود ؟

هنا تستفهم عن وجود العالم الرباني  هل هو موجود في المجتمع أو لا ؟

والإجابة إما :

 بنعم :

في حالة الإثبات

ولا  :

في  حالة النفي

هل المركبة :

يستفهم بها عن وجود شيء لشيء أو عدم وجوده

فمثلا :

لو قلت لك :

هل القمر مسكون ؟

لديك علم قاطع بأن القمر موجود لكن هنا سؤالك عن ماذا ؟

عن سكنى القمر

فهنا تريد أن تثبت وجود شيء لشيء أو تنفي

تريد أن تثبت أن القمر مسكون أو تنفي عنه السكنى

فهنا :

فرق بين :

هل البسيطة وهل المركبة :

فـ” هل البسيطة ”   :

نستفهم بها عن وجود شيء في  نفسه أو عدم وجوده

أما هل المركبة :

هو أن تستفهم بــ [ هل ] عن وجود شيء لشيء أو لعدم وجوده

لو قال قائل :

هذه معروفة القمر موجود فيفترض ألا يقع على هذا السؤال لأنه موجود

ولا يصح هذا السؤال ؟

هل العالم الرباني موجود في المجتمع أم لا ؟

هذه هل البسيطة

يجاب إما بنعم وإما بلا

لكن لو قلت :

هل هذا العالم رباني ؟

هنا  “هل المركبة .

لماذا؟

لأني أريد أن أثبت شيء لشيء أو أنفي شيئا عن شيء .

هل  البسيطة هو :

يُستفهم بها عن وجود شيء في  نفسه أو عدم وجوده

مثل :

عندك جهل بوجود هذا الشيء

لكن في المركبة:

أنت عندك علم بوجود هذا الشيء لكن هل يثبت له هذا الشيء أو لا ؟