البلاغة
الاستفهام (2 )
فضيلة الشيخ : زيد بن مسفر البحري
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
أداوت الاستفهام كما سبق تحريره وتقريره من أنها إحدى عشر أداة :
ذكرت الهمزة :
وشرعنا في شيء بما يتعلق بها
وهذه الأدوات نذكرها مجملة ولكل أداة تفصيل سيأتي في حينه :
الهمزة
هل
ما
من
متى
أيان
كيف
أين
أنى
كم
أي
فهذه هي أداوت الاستفهام وكلها أسماء ما عدا :
الهمزة وهل فهما حرفان
وسنأخذ بإذن الله تفصيلا لكل أداة
وسبق الحديث عن الهمزة
وحان الشروع في بيان مسائل : هل
ولعل الابتداء بالهمزة ثم التثنية بـ [هل ] من باب حصر الذهن على أن هاتين الأداتين حرفان
فعندنا :
هل :
هل: إحدى أداوت الاستفهام :
ويطلب بها التصديق :
والتصديق كما سبق :
أن يكون السائل جاهلا بالحكم
ولذا تكون الإجابة بصيغة (هل ) تكون إما بالنفي وإما بالإثبات
في النفي : لا
وفي الإثبات : نعم
وما يجري على همزة التصديق يجري على : هل
فـ ” هل ” والهمزة بينهما اقتران و بينهما مشابهة أو اتفاق في همزة التصديق
ومن ثم :
كما لا يذكر مع همزة التصديق[ أم ]
كذلك هنا لا تذكر [ أم ]
فإن ذكرت فتكون بمعنى ” بل ” وهي ” أم المنقطعة ”
لماذا هذا التشديد في عدم جواز وصحة وجود أم المتصلة في التصديق ؟
الجواب :
لأن الاستفهام الذي يراد منه التصديق يكون السائل فيه جاهلا ولا يتناسب معه ” أم ” المتصلة
لماذا ؟
لأن أم المتصلة تشعر بأن السائل لديه شيء من العلم
فلو قلت مثلا :
هل جاء زيدٌ أم عمروٌ ؟
فيه دلالة على أن السائل لديه علم بالحكم
لكن لديه جهل في التعيين
ومن ثم :
يقع التنافر
فإن وجد في لفظ مستفهم عنه يراد منه التصديق إن وجد فيه أم فهنا توجه وتحمل على أم المنقطعة التي بمعنى ” بل “
ولنضرب أمثلة على هذه الأداة :
ــ هل جاء زيدٌ ؟
فيكون الجواب في حالة الإثبات :
نعم
وفي حالة النفي :
لا
هل يسوغ أثناء حديثك أن تقول : هل جاء زيدٌ أم عمروٌ ؟
لا يسوغ
لا تتعمد أن تأتي في الاستفهام الذي يراد منه التصديق لا تتعمد الإتيان بــ [ أم ]
لكن لو قدر وجودها في نص عربي فتكون هذه أم المنقطعة .
هل جاء زيدٌ ؟
نعم في الإثبات
لا في النفي
و [ هي ] :
مثل : السين في حيثية معينة ، وذلك أن السين ماذا تصنع في الفعل المضارع .؟
تحوله إلى الاستقبال :
فلو قلت مثلا : يقوم زيدٌ
يقوم :
فعل مضارع يراد منه الحال
فإذا قلت :
سيقوم زيدٌ:
سيقوم :
فعل مضارع يفيد الاستقبال بدلالة السين الذي حولت المضارع إلى الاستقبال
كذلك الشأن في ” هل” :
تحول الفعل المضارع إلى الاستقبال :
يقود زيدٌ
هنا للحاضر
إذا استفهمت بـ [ هل ] فقلت : هل يقوم زيدٌ ؟
هنا حولت المضارع للاستقبال فهو الآن يسأل عن حدث القيام من زيد في المستقبل
ما رأيكم في هذه الجملة :
ــ هل يقوم زيدٌ الآن ؟
هذه الجملة صحيحة أم خاطئة ؟
صحيحة
لماذا ؟
لأنها قيدت الفعل بالحاضر :بكلمة : الآن فلا بأس
لكن لو قال قائل :
أكرمك الآن
فاستفهمت فقلت :
هل تصدق ؟
هل تصح هذه العبارة ؟
لا تصح هذه العبارة
فمن قال :
(هل ) تصدق جوابا لمن قال : أكرمك الآن
فنقول :
هذه خاطئة
بينما لو قال :
أكرمك
فقلت :
هل تصدق ؟
هنا تصح
فإذاً :
” هل ” كـ ” السين ” :
تحول الضارع من الحاضر إلى الاستقبال
ولذا يقوى اتصالها بالفعل : إما لفظا وإما تقديرا :
فتقول مثلا :
هل يأتي زيدٌ ؟
هنا اتصلت بالفعل مباشرة
فإذاً يقوى اتصالها واقترانها بالفعل إما لفظا وإما تقديرا :
فاللفظ كان تقول :
هل يأتي زيد ؟
اتصالها بالفعل تقديرا :
هل زيد يأتي ؟
هنا بعد ها فيه فعل مقدر دل عليه فعل ” يأتي ”
فإذاً :
لما كانت هل تحول الفعل المضارع من الحاضر إلى الاستقبال قوي اتصالها بالفعل إما لفظا وإما تقديرا :
مثال اللفظ :
هل يأتي زيد ؟
هنا اتصلت هل بالفعل مباشرة
مثال التقدير :
هل زيد يأتي
هنا فيه فعل بعد هل مقدر دل عليه الفعل الذي في آخر الجملة
أصلها : هل يأتي زيدٌ ؟
فإن أتى بعدها ” اسم ” ولم يقترن بها الفعل فهو حسن في حالة واحدة :
إذا كان فيه :
[ تأكيد على العناية بحصول هذا الشيء ]
فإذا أتيت مثلا بالاسم بعدها كأنك تصور هذا المطلوب الذي سيأتي كأنك تصوره كأنه حاصل فحسن
لماذا؟
للتأكيد على تحصيله وعلى أهميته
جملة :
((أَنتُمْ شَاكِرُونَ))
هذا فيه دلالة على أن الشكر حاصل
فقوله تعالى :
((فَهَلْ أَنتُمْ شَاكِرُونَ))
دخلت هنا ( هل ) على الاسم ولم يأت بعدها فعل لا لفظا ولا تقديرا
وذلك لطلب العناية بتحصيله
فهو أبلغ من أن تقول :
فهل تشكرون ؟
فإذا قوي الداعي الذي يدعو للاهتمام بالشيء المطلوب فحسن أن يقترن بـ” هل ” الاسم
فقوله تعالى :
((فَهَلْ أَنتُمْ شَاكِرُونَ)) أبلغ في الاهتمام بالشكر والعناية من قولك : فهل تشكرون ؟
فإذاً :
هل :
تفيد الفعل المضارع لكونها تحوله من الحاضر إلى الاستقبال
ولذا قوي اتصالها بالفعل : إما لفظا وإما تقديرا
فإذا لم يأت بعدها فعل وأتى اسم:
فذلك للاهتمام والعناية بما هو مطلوب كأنه حاصل
فمثلا :
لو قلت لك :
هل تذاكر ؟
هذا مطلب أطلبه بحيث يحصل
فإذا قلت لك :
هل أنت مذاكر ؟
هنا أبلغ في دعوتك إلى المذاكرة والاهتمام بشأنها
و هل : هنا :
تنقسم إلى قسمين :
ما يسمى بـ :
ــ ” هل البسيطة “
ــ هل المركبة
فما المراد بالبسيطة ؟
هو نستفهم بــ [هل البسيطة ] عن وجود شيء في نفسه أو عدم وجوده
كأن تسأل :
فيقال :
هل العالم الرباني موجود ؟
هنا تستفهم عن وجود العالم الرباني هل هو موجود في المجتمع أو لا ؟
والإجابة إما :
بنعم :
في حالة الإثبات
ولا :
في حالة النفي
هل المركبة :
يستفهم بها عن وجود شيء لشيء أو عدم وجوده
فمثلا :
لو قلت لك :
هل القمر مسكون ؟
لديك علم قاطع بأن القمر موجود لكن هنا سؤالك عن ماذا ؟
عن سكنى القمر
فهنا تريد أن تثبت وجود شيء لشيء أو تنفي
تريد أن تثبت أن القمر مسكون أو تنفي عنه السكنى
فهنا :
فرق بين :
هل البسيطة وهل المركبة :
فـ” هل البسيطة ” :
نستفهم بها عن وجود شيء في نفسه أو عدم وجوده
أما هل المركبة :
هو أن تستفهم بــ [ هل ] عن وجود شيء لشيء أو لعدم وجوده
لو قال قائل :
هذه معروفة القمر موجود فيفترض ألا يقع على هذا السؤال لأنه موجود
ولا يصح هذا السؤال ؟
هل العالم الرباني موجود في المجتمع أم لا ؟
هذه هل البسيطة
يجاب إما بنعم وإما بلا
لكن لو قلت :
هل هذا العالم رباني ؟
هنا “هل المركبة .
لماذا؟
لأني أريد أن أثبت شيء لشيء أو أنفي شيئا عن شيء .
هل البسيطة هو :
يُستفهم بها عن وجود شيء في نفسه أو عدم وجوده
مثل :
عندك جهل بوجود هذا الشيء
لكن في المركبة:
أنت عندك علم بوجود هذا الشيء لكن هل يثبت له هذا الشيء أو لا ؟