التفسير المختصر الشامل الدرس (3 ) تفسير سورة البقرة من الآية ( 21) إلى (28)

التفسير المختصر الشامل الدرس (3 ) تفسير سورة البقرة من الآية ( 21) إلى (28)

مشاهدات: 550

التفسير المختصر الشامل ( 3)

تفسير سورة البقرة :

من الآية (21) إلى الآية (28 )

ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

فضيلة الشيخ :  زيد بن مسفر البحري

ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

{ يَا أَيُّهَا النَّاسُ }  :

لمّا ذَكَر الأصناف الثلاثة ، والناس يكونون هكذا إمّا أن يكونوا مؤمنين أو كفّارًا أو أنّهم أصحاب نفاقٍ لا مع هؤلاء ولا مع هؤلاء ، أَمَرَ الجميع بِعبادته { يَا أَيُّهَا النَّاسُ اعْبُدُوا رَبَّكُمُ }

 

والسورة ، سورة البقرة مَدَنيّة ، وفي هذه الآية ردٌّ لِقَولِ مَن يقول إنّ مِن علامات السورة المكّيّة أن يكون فيها النداء بـ( يا أيّها الناس ) ، فيُقال : هذه الآية يُرَدّ بها عليكم لأنّها مدنيّة .

 

{ يَا أَيُّهَا النَّاسُ اعْبُدُوا } :

أُمِروا بِالعبادة

يعبدون مَن ؟

{ رَبَّكُمُ } فالذي يستحقّ العبادة هو الربّ وليست هذه الأصنام والمعبودات.

ثمّ بيّنَ أفعالَه جلّ وعلا المتعلّقة بِرُبوبيّته لأنّهم يؤمنون بِالرُّبوبيّة لكنّهم لا يؤمنون بتوحيد الأُلوهيّة ، ولذلك أَلزَمَهم الله عزّ وجلّ -كما أَقَرّوا بتوحيد الربوبيّة- ألزَمَهم بأن يُقِرّوا بتوحيد الألوهيّة { الَّذِي خَلَقَكُمْ }

{ وَلَئِن سَأَلْتَهُم مَّنْ خَلَقَهُمْ لَيَقُولُنَّ اللَّهُ } يُقِرّون .

{ وَالَّذِينَ مِن قَبْلِكُمْ } يعني وخَلَقَ الذين مِن قبلكم ،

 

وذَكَر خَلْقَ مَن قَبلَهم لِكَي يَرُدّ على مَن يقول بأنّ الدهر هو الذي يُهلِك ، فَمَن خَلَق مَن قبلَكم هو الذي خَلَق مَن قَبلَهم ، فَدلّ على أنّ لِهؤلاء المخلوقين أنّ لهم خالِقًا وهو الله عزّ وجلّ

 

{ لَعَلَّكُمْ تَتَّقُونَ } :

فإذا عَبَدتم الله عزّ وجلّ حَصَلَت لكم التقوى ، وهذا يدلّ على أنّ مَن أكثرَ مِن العبادة زادَتهُ تلك العبادةُ تُقًى وهُدى

 

{ الَّذِي جَعَلَ لَكُمُ الْأَرْضَ فِرَاشًا } :

بمثابة الفِراش ، سهلة ليست صَلبةً وليست رُخوَة ، ولذلك قال تعالى :

{ أَلَمْ نَجْعَلِ الْأَرْضَ مِهَادًا }

{ هُوَ الَّذِي جَعَلَ لَكُمُ الْأَرْضَ ذَلُولًا فَامْشُوا فِي مَنَاكِبِهَا }

 

 { وَالسَّمَاءَ بِنَاءً } :

أي بناها بِقوّة وسوّاها وجعلَها سَقفًا لِلأرض ، قال تعالى :

{ وَجَعَلْنَا السَّمَاءَ سَقْفًا مَّحْفُوظًا }

وقال تعالى :

{ وَالسَّمَاءَ بَنَيْنَاهَا بِأَيْدٍ } يعني بِقوّة .

إلى غير ذلك من الآيات .

 

{ وَأَنزَلَ مِنَ السَّمَاءِ مَاءً } :

من السماء ، المطر لا يَنزل من السماء المَبنيّة وإنّما من السحاب ، ولذلك قال تعالى :

{ وَالسَّحَابِ الْمُسَخَّرِ بَيْنَ السَّمَاءِ وَالْأَرْضِ }

 

{ فَأَخْرَجَ بِهِ مِنَ الثَّمَرَاتِ } :

تَفَضُّلًا منه عزّ وجلّ

{ رِزْقًا لَّكُم } : لكم أنتم ولِدوابِّكم .

ما النتيجة ؟

{ فَلَا تَجْعَلُوا لِلَّهِ أَندَادًا } :

أي نُظَراء وأشباه ، فيَلزَمُكم فأنتم تُقِرّون بأنّ هذه أفعال الله عزّ وجلّ وتُقِرّون بتوحيد الربوبيّة { فَلَا تَجْعَلُوا لِلَّهِ أَندَادًا وَأَنتُمْ تَعْلَمُونَ } مِن أنّه لا شريك له ولا شبيه .

{ وَإِن كُنتُمْ فِي رَيْبٍ } :

لمّا قرّرَ التوحيد قرّرَ الرسالة رسالة النبيّ صلّى الله عليه وآله وسلّم .

وإن كنتم في شَكٍّ ، في شَكّ ، وهؤلاء هُم أهل الكفر . بينما أهل الإيمان في مقدّمة السورة : { ذَلِكَ الْكِتَابُ لَا رَيْبَ فِيهِ } .

 

هؤلاء الكفّار : وإن كنتم في شكٍّ { مِّمَّا نَزَّلْنَا عَلَى عَبْدِنَا } وهو النبيّ محمّد صلّى الله عليه وآله وسلّم ، نَزّل عليه القرآن وَصَفَه بالعبوديّة في مقام التنزيل لأنّ أعظم وَصْف للنبيّ صلّى الله عليه وآله وسلّم أن يوصَف بالعبوديّة

 

{ فَأْتُوا بِسُورَة } :

فأتوا بِسورة سواءٌ كانت سورةً طويلة أو سورةً قصيرة ، وهذا هو القول المُتعيِّن والقول الصحيح لأنّ كلمة ( سورة ) نَكِرَة في سياق الشَّرْط : فَتَعُمّ أيّ سورة ، فلن يستطيعوا أن يأتوا ولو بِسورةٍ قصيرة

 

{ فَأْتُوا بِسُورَةٍ مِّن مِّثْلِهِ } :

( مِنْ ) هُنا : إمّا بيانيّة تُبَيِّن  ما يُؤمَرون بالإتيان به ، وإمّا أن تكون زائدة للتأكيد وهذا هو الأقرب . كما قال تعالى في سورة يونس { فَأْتُوا بِسُورَةٍ مِّثْلِهِ }

 

{ وَادْعُوا شُهَدَاءَكُم } :

أي ادعوا مَن تعبدونهم

لأنّ الشهود بمعنى الحُضور ، أي أحضِروا هؤلاء .

بل قال عزّ وجلّ في سورة يونس :

{ وَادْعُوا مَنِ اسْتَطَعْتُم مِّن دُونِ اللَّهِ إِن كُنتُمْ صَادِقِينَ }

إن كنتم صادقين في أنّ هذا القرآن اختَلَقَهُ محمّد صلّى الله عليه وآله وسلّم .

 

{ فَإِن لَّمْ تَفْعَلُوا } :

هذا في الماضي { وَلَن تَفْعَلُوا } هذا في المستقبَل ، تَحَدّي لهم .

ما الواجب عليكم ؟ الإذعان والإيمان { فَاتَّقُوا النَّارَ الَّتِي وَقُودُهَا النَّاسُ وَالْحِجَارَة } وَقودها الناس

لأنّ الله عزّ وجلّ وَعَدَ الجنّة بِأن يملأَها والنار بأن يملأَها

ولذلك قال عزّ وجلّ  :

{ يَوْمَ نَقُولُ لِجَهَنَّمَ هَلِ امْتَلَأْتِ وَتَقُولُ هَلْ مِن مَّزِيدٍ } فمَن يوقِد النار الحطب ، حطبُها : الناس الذين هُم فيها ، كما قال تعالى :

{ ثُمَّ فِي النَّارِ يُسْجَرُونَ }

 

وأيضًا وَقودُها الحجارة ، والحجارة : كثير مِن المفسّرين يقولون هي حجارة الكبريت لأنّها نَتِنة ولأنّها سريعة الاشتعال ، ويَدخل في ذلك الأصنام

قال تعالى :

{ إِنَّكُمْ وَمَا تَعْبُدُونَ مِن دُونِ اللَّهِ حَصَبُ جَهَنَّمَ } أي حطب جهنّم { أَنتُمْ لَهَا وَارِدُونَ } أي داخلون

 

{ أُعِدَّتْ } :

أي هُيِّئَت { لِلْكَافِرِينَ } ولَم يَقُل أُعِدّت لكم لِيَحكم عليهم بأنّهم كفّار ولأنّ النار أُعِدّت لِكُلّ كافر ، بِقَطع النظر عن نوعيّة كُفره

 

و { أُعِدَّتْ } : يعني هُيِّئَت ، وهذا يدلّ على ما ذهب إليه أهلُ السُّنَّة والجماعة خلافًا لِلجَهميّة والمُعتزِلة مِن أنّ ( النار موجودة مخلوقة الآن )

خلافًا لِمَن نَفَى ذلك مِن أهل الضلال ، وممّا يؤكّد ذلك أنّ النبيّ صلّى الله عليه وآله وسلّم رآها في صلاة الكسوف.

{ أُعِدَّتْ } : أي النار ، وقيل أُعِدّت الحجارة ، ولا تنافي بينهما

 

{ وَبَشِّرِ الَّذِينَ آمَنُوا } :  لمّا ذَكَر ما أُعِدّ للكفّار من العذاب

( وهذا ترهيب ) ذَكَرَ ما أعدّه عزّ وجلّ لِأهل الإيمان (وهذا ترغيب ) .

 

{ وَبَشِّرِ الَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ } :

العمل الصالح من الإيمان لكنّه أُفرِد لِأهمّيّته وللتأكيد عليه

{ أَنَّ لَهُمْ } أي بأنّ لهم { جَنَّاتٍ } أي بساتين

{ تَجْرِي مِن تَحْتِهَا الْأَنْهَارُ } :

أي من تحت هذه البساتين ومن تحت القصور

{ تَجْرِي مِن تَحْتِهَا الْأَنْهَارُ } :

الأنهار لا تجري ، إنّما الذي يجري الماء ، وهذا أسلوب من أساليب اللغة العربيّة وليس مَجازًا .

 

{ كُلَّمَا رُزِقُوا مِنْهَا } :

ما وصلوا إلى هذه الجنّة إلّا بِفضل من الله عزّ وجلّ وبرِزقٍ منه ، وما أعَدَّهُ من النعيم بِرِزقٍ منه عزّ وجلّ

{ كُلَّمَا رُزِقُوا مِنْهَا مِن ثَمَرَةٍ رِّزْقًا  قَالُوا هَذَا الَّذِي رُزِقْنَا مِن قَبْل } :

أي قبل قليل ، فَثِمار الجنّة تتشابه لكنّها من حيث الطعم تختلف ،

وكذلك قولهم :

{ رُزِقْنَا مِن قَبْل } أي تَشابُه الأسماء التي في الدنيا ، مثلًا التفّاح الذي في الدنيا ليس كالذي في الجنّة ، الاسم واحد ولكنّ الطعم يختلف .

 

{ وَأُتُوا بِهِ مُتَشَابِهًا } :

يُشبِه بعضُه بعضًا لكنّه يختلف في الطعم، وأيضًا { وَأُتُوا بِهِ مُتَشَابِهًا } يُشبِه بعضُه بعضًا في الخِيار وفي الكمال فلا عيب في ثمارها ولا فساد في ثمارها

 

ولمّا ذكر ما يكون لهم من البساتين التي تُسعِد الأبصار والقلوب وكذلك المياه ، بَيَّن أنّ لهم أزواجًا حتّى تكتمل النعمة

 

{ وَلَهُمْ فِيهَا أَزْوَاجٌ } :

جَمْع زَوج . والزوج يُطلَق على الذكر والأنثى ، فتقول هذه زوجي .

تقول لزوجتك ( هذه زَوجي ) وهذا هو الأشهر

ويصحّ كما هو المتعارف عندنا ( زوجتي ) ، لكِن لِيُعلَم أنّ الأشهر ( هذه زَوجي )

 

ولذلك :

وَرَدَ بالتَّاء كما قال عمّار عند البخاريّ عن عائشة رضي الله عنها ، قال إنّها زوجته في الدنيا وفي الآخرة

 

{ وَلَهُمْ فِيهَا أَزْوَاجٌ مُّطَهَّرَةٌ } :

مطهّرة معنويًّا وحِسِّيًّا ، مطهّرة من الأخلاق الرذيلة ، ومطهّرة من الرذائل الحِسِّيّة من المُخاط والحَيض وما شابه ذلك .

 

ثمّ خَتَمَ الآية بِقَوله :

{ وَهُمْ فِيهَا خَالِدُونَ } :

مِن باب الاستقرار النفسيّ والأمنيّ ، وذلك لأنّ الإنسان قد تتوفّر عنده النِّعَم لكن يخشى من زوالها

فهنا قال :

{ وَهُمْ فِيهَا خَالِدُونَ } يعني أنّهم ماكِثون ، كما قال تعالى :

 {  لَا يَمَسُّهُمْ فِيهَا نَصَبٌ وَمَا هُم مِّنْهَا بِمُخْرَجِينَ }

 

{ إِنَّ اللَّهَ لَا يَسْتَحْيِي أَن يَضْرِبَ مَثَلًا مَّا بَعُوضَةً فَمَا فَوْقَهَا } :

الكفّار لمّا عَجَزوا عن أن يأتوا بِسورة من القرآن طعنوا في القرآن ، قالوا لماذا يَذكُر التمثيل بالبعوضة وبالذباب وبالعنكبوت في القرآن ؟ يقولون هذا تمثيلٌ غيرُ لائق .

 

فَرَدّ الله عزّ وجلّ عليهم :

{ إِنَّ اللَّهَ لَا يَسْتَحْيِي } أي لا يمنعُه الحياء ، وكَونُه { لَا يَسْتَحْيِي أَن يَضْرِبَ مَثَلًا } دلّ على صفة الحياء له عزّ وجلّ ، فإنّه لمّا نفَى هنا دلّ على أنّها مُثبَتة في غير هذا السياق ،

وقد ثبت بذلك الحديث ، قوله صلّى الله عليه وآله وسلّم :

(( إنّ اللهَ حَيِيٌّ كريمٌ يستحي مِن أحدكم إذا رفع يديه أن يَرُدَّهُما صِفرًا ))

 

{ أَن يَضْرِبَ مَثَلًا مَّا } :

( ما ) هنا للتأكيد ، وهي زائدة للتأكيد

{ أَن يَضْرِبَ مَثَلًا مَّا } :

أي : أن يضرب أيّ مَثَل

{ بَعُوضَةً } :

أن يضرب مَثَلًا بالبعوضة

{ فَمَا فَوْقَهَا } :

فما فوقها في الحجم أو فما فوقها في الصِّغَر ، فإنّ الفَوقيّة تدلّ على الصِّغَر

كما لو قيل عن شخص : فلانٌ بخيل ، فيُقال: وفوق ذلك . يعني أنّه أعظم بُخلًا

فَـ { فَمَا فَوْقَهَا } وسواءً هذا أو هذا ،

وممّا يدلّ على الفَوقِيّة { فَمَا فَوْقَهَا } يعني ما هو أعظم ، قَولُه صلّى الله عليه وآله وسلّم كما ثبت عنه (( ما يُصيب المسلم مِن نَصَب ولا وَصَب حتّى الشوكة فما فوقها )) فما فوقها ، هل ما يصيب الإنسان ممّا هو أعظم من الشوكة أو أقل ؟

 

مُحتمَل هذا ومُحتمَل هذا.

 

{ فَأَمَّا الَّذِينَ آمَنُوا } :

عندهم عِلْم { فَيَعْلَمُونَ أَنَّهُ } أي هذا المَثَل { الْحَقُّ مِن رَّبِّهِمْ } عندهم عِلْم ، وصاحب العِلْم ليس كصاحب الجهل والشكّ

عندهم عِلْم ، عِلْم يقينيّ

 

ولذلك ماذا قال تعالى :

{ وَيَرَى الَّذِينَ أُوتُوا الْعِلْمَ الَّذِي أُنزِلَ إِلَيْكَ مِن رَّبِّكَ هُوَ الْحَقَّ }

{ وَلِيَعْلَمَ الَّذِينَ أُوتُوا الْعِلْمَ أَنَّهُ الْحَقُّ مِن رَّبِّكَ فَيُؤْمِنُوا بِهِ } .

 

{ وَأَمَّا الَّذِينَ كَفَرُوا } :

لِجهلِهم { فَيَقُولُونَ مَاذَا أَرَادَ اللَّهُ بِهَذَا مَثَلًا } لماذا ضرب هذا المثال ؟

فقال عزّ وجلّ مبيّنًا أنّه بهذا المَثَل :

{ يُضِلُّ بِهِ كَثِيرًا وَيَهْدِي بِهِ كَثِيرًا }

{ يُضِلُّ بِهِ كَثِيرًا } : مَن أعرضَ وكفر { وَيَهْدِي بِهِ كَثِيرًا } مَن آمن

 

{ وَمَا يُضِلُّ بِهِ } :

أي بهذا المثل { إِلَّا الْفَاسِقِينَ } والفِسق هو الخروج عن دين الله، إمّا خروجًا كُلِّيَّةً بأن يكفر ، أو أنّه يكون فاسقًا عاصيًا لله في دائرة الإسلام وهنا الفِسق ( كفر ) ، الفِسق هنا الفسق الأكبر .

 

{ وَمَا يُضِلُّ بِهِ إِلَّا الْفَاسِقِينَ } :

 ما صِفَة هؤلاء ؟  

{ الَّذِينَ يَنقُضُونَ عَهْدَ اللَّهِ مِن بَعْدِ مِيثَاقِهِ } :

المواثيق التي أخَذها الله عزّ وجلّ على جميع الناس مِن الإيمان وخصوصًا ما فَطَرَهم الله عزّ وجلّ عليه مِن التوحيد ، وما أُمِرَت به الأديان الأخرى مِن اليهود والنصارى

 { الَّذِينَ يَنقُضُونَ عَهْدَ اللَّهِ مِن بَعْدِ مِيثَاقِهِ } :

هؤلاء ، صِفَة هؤلاء الفاسقين

{ وَيَقْطَعُونَ مَا أَمَرَ اللَّهُ بِهِ أَن يُوصَلَ } :

فكُلّ ما أَمَرَ الله عزّ وجلّ به يَدخل هنا .

 

الله عزّ وجلّ أَمَرَ أن يوصِل العبد قَوله بِفعلِه ، وأَمَرَ عزّ وجلّ بِصِلة الأرحام ، وأَمَرَ عزّ وجلّ أن يُوصَل بين الأنبياء فلا يُفَرَّق في الإيمان

{ لَا نُفَرِّقُ بَيْنَ أَحَدٍ مِّن رُّسُلِهِ } فهو شامل

 

{ وَيُفْسِدُونَ فِي الْأَرْضِ } :

ما سَبَقَ ( فسادٌ ) وهنا عموم ، فَهُم أصحاب فسادٍ في الأرض .

والعاقبة : { أُولَئِكَ هُمُ الْخَاسِرُونَ } الذين خسِروا الدنيا وخسِروا أنفسهم وخسِروا الآخرة

 

{ كَيْفَ تَكْفُرُونَ بِاللَّهِ } : استفهام للتعجّب ، عجب مِن حال هؤلاء

{ كَيْفَ تَكْفُرُونَ بِاللَّهِ } : أَمَرَهم أن ينظروا إلى أنفسهم

مِن الدلائل على عظمة الله وعلى وجوب إفراده بالألوهيّة أن ينظر الإنسان إلى نفسه { وَفِي أَنفُسِكُمْ أَفَلَا تُبْصِرُونَ }

 

{ كَيْفَ تَكْفُرُونَ بِاللَّهِ } عجب { وَكُنتُمْ أَمْوَاتًا } كنتم في العَدَم ، كنتم نُطَفَة { فَأَحْيَاكُمْ ثُمَّ يُمِيتُكُمْ }

 { ثُمَّ يُحْيِيكُمْ } يوم القيامة

{ ثُمَّ إِلَيْهِ تُرْجَعُونَ } تُرجَعون فيُحاسبُكم الله عزّ وجلّ .

وهذه الآية تفسِّر قَولَه عزّ وجلّ في سورة غافر :

{ قَالُوا رَبَّنَا أَمَتَّنَا اثْنَتَيْنِ وَأَحْيَيْتَنَا اثْنَتَيْنِ فَاعْتَرَفْنَا بِذُنُوبِنَا } فهُنا ذَكَرَ مَوتَتَين وَحَيَّتَين { كَيْفَ تَكْفُرُونَ بِاللَّهِ وَكُنتُمْ أَمْوَاتًا فَأَحْيَاكُمْ ثُمَّ يُمِيتُكُمْ ثُمَّ يُحْيِيكُمْ ثُمَّ إِلَيْهِ تُرْجَعُونَ }

 

ولِلحديث إن شاء الله تتمّة في يوم غدٍ بإذن الله تعالى

وصلَّى الله وسلّمَ وباركَ على نبيّنا مُحَمَّد