التفسير المختصر الشامل تفسير سورة النساء من الآية (123) إلى (130) الدرس (70)

التفسير المختصر الشامل تفسير سورة النساء من الآية (123) إلى (130) الدرس (70)

مشاهدات: 502

بسم الله الرحمن الرحيم

تفسير سورة النساء من آية (123 )إلى آية (١٣٠ )

 الدرس 70

فضيلة الشيخ زيد بن مسفر البحري

فكنّا قد توقفنا عند قول الله عز وجّل:  ))لَّيْسَ بِأَمَانِيِّكُمْ وَلَا أَمَانِيِّ أَهْلِ الْكِتَابِ ۗ مَن يَعْمَلْ سُوءًا يُجْزَ بِهِ وَلَا يَجِدْ لَهُ مِن دُونِ اللَّهِ وَلِيًّا وَلَا نَصِيرًا (( لما ذكر عز وجّل ثواب أهل الإيمان في الآية السابقة بيّن هنا أن الإيمان ليس بالتمني ولا بالتحلي فإن اليهود افتخروا فقالوا:((وَقَالُوا لَن يَدْخُلَ الْجَنَّةَ إِلَّا مَن كَانَ هُودًا أَوْ نَصَارَىٰ))  وافتخروا  بأن دينهم أسبق من دين النبي صلى الله عليه وآله وسلم وبعض الصحابة افتخر بأن خاتم الأنبياء هو النبي محمد صلى الله عليه وآله وسلم كما قال ذلك المفسرون فأنزل الله عز وجّل : ((لَّيْسَ بِأَمَانِيِّكُمْ وَلَا أَمَانِيِّ أَهْلِ الْكِتَابِ ))  فالإيمان ليس بالتمني ولا بالتحلي فقال عز وجل بعدها :(( مَن يَعْمَلْ سُوءًا يُجْزَ بِهِ ))  أي إذا لم يتب فإنه يجزَ به ولذلك  ذكر عز وجّل  في هذه  السورة في الآيات السابقات في أول السورة و في ثناياها: ((وَمَن يَعْمَلْ سُوءًا أَوْ يَظْلِمْ نَفْسَهُ ثُمَّ يَسْتَغْفِرِ اللَّهَ يَجِدِ اللَّهَ غَفُورًا رَّحِيمًا)) وبيّن أن التوبة من السوء  إنما تكون في وقتها الشرعي الذي تقبل فيه قال تعالى: ((إِنَّمَا التَّوْبَةُ عَلَى اللَّهِ لِلَّذِينَ يَعْمَلُونَ السُّوءَ بِجَهَالَةٍ ثُمَّ يَتُوبُونَ مِن قَرِيبٍ))  وقد وضحنا  تفسير تلك الآيات في ما مضى من دروس:(( مَن يَعْمَلْ سُوءًا يُجْزَ بِهِ))  إن  كان هذا السوء إن كان شركاً بالله عز وجّل فإنه يجزى به ولا يغفر له لدلالة  ما مر معنا في موضعين من هذه  السورة(( إِنَّ اللَّهَ لَا يَغْفِرُ أَن يُشْرَكَ بِهِ وَيَغْفِرُ مَا دُونَ ذَٰلِكَ لِمَن يَشَاءُ  )) أما ما كان دون الشرك فإن العبد المؤمن إذا مرت به النكبات والمحن وذلك لأن الآثار وردت من أن مثل هذا الأمر يشق على الصحابة ويشق على أهل الإيمان من أن من يعمل سوءاً يجزَ به فجاءت الآثار الصحيحة من أن العبد ما يشاك حتى الشوكة  إلا كفّر الله بها من خطاياه إذاً تكفير الذنوب  يكون بالتوبة  إلى الله عز وجّل ويكون بما يجري للإنسان من المصائب والنكبات والأحزان والهموم وما شابه ذلك مما يكونوا في هذه الدنيا:(( مَن يَعْمَلْ سُوءًا يُجْزَ بِهِ وَلَا يَجِدْ لَهُ مِن دُونِ اللَّهِ وَلِيًّا وَلَا نَصِيرًا )) الولي كما سبق كما مر معنا إذا ذكر مع النصير  فالمقصود من الولي هو الذي يأتي بالخير والنصير هو الذي يدفع الشر إذاً هؤلاء ليس لهم ولي ينفعهم فيأتي إليهم بالخير وليس هناك نصير ينصرهم فيدفع عنهم الشر  ومن ثم قال هنا: ((مَن يَعْمَلْ سُوءًا يُجْزَ بِهِ وَلَا يَجِدْ لَهُ مِن دُونِ اللَّهِ وَلِيًّا وَلَا نَصِيرًا) ) ، (( وَمَن يَعْمَلْ مِنَ الصَّالِحَاتِ مِن ذَكَرٍ أَوْ أُنثَىٰ وَهُوَ مُؤْمِنٌ فَأُولَٰئِكَ يَدْخُلُونَ الْجَنَّةَ وَلَا يُظْلَمُونَ نَقِيرًا)) بين هنا أن من عمل الصالحات شريطة أن يكون مؤمنا فإنه يثاب  من الله الثواب العظيم لأنه لما ذكر حال من يفعلُ السوء وما يترتب على ذلك من عقاب بيّن أن من يعمل الصالحات فإنه يثاب من الله عز وجّل فقال هنا :((وَمَن يَعْمَلْ مِنَ الصَّالِحَاتِ مِن ذَكَرٍ أَوْ أُنثَىٰ  ))من تشمل الذكر والأنثى  لكنه نص هنا على الذكر والأنثى باعتبار أن الجنسين يشتركان في ما يتعلق بهذا الثواب فمن كان أكثر عملا فإنه يكون أكثر ثوابا ولو كان من جنس النساء  ولذا ماذا قال تعالى كما مر معنا في سورة آل عمران:(( فَاسْتَجَابَ لَهُمْ رَبُّهُمْ أَنِّي لَا أُضِيعُ عَمَلَ عَامِلٍ مِّنكُم مِّن ذَكَرٍ أَوْ أُنثَىٰ ۖ بَعْضُكُم مِّن بَعْضٍ )) و قال تعالى في هذه السورة:(( لِّلرِّجَالِ نَصِيبٌ مِّمَّا اكْتَسَبُوا ۖ وَلِلنِّسَاءِ نَصِيبٌ مِّمَّا اكْتَسَبْنَ )) و قال تعالى:((يَا أَيُّهَا النَّاسُ إِنَّا خَلَقْنَاكُم مِّن ذَكَرٍ وَأُنثَىٰ وَجَعَلْنَاكُمْ شُعُوبًا وَقَبَائِلَ لِتَعَارَفُوا ۚ إِنَّ أَكْرَمَكُمْ عِندَ اللَّهِ أَتْقَاكُمْ )) فقال هنا: ((وَمَن يَعْمَلْ مِنَ الصَّالِحَاتِ مِن ذَكَرٍ أَوْ أُنثَىٰ وَهُوَ مُؤْمِنٌ  ))  قيد لابد من الإيمان لأن العمل ولو كان في صورته من أنه عمل صالح  لكن ليس على الإيمان وليس على عقيدة فإنه يكون باطلا فقال هنا: ((وَهُوَ مُؤْمِنٌ فَأُولَٰئِكَ يَدْخُلُونَ الْجَنَّةَ وَلَا يُظْلَمُونَ نَقِيرًا)) جزاؤهم الجنة ولا يظلمون نقيرا والنقير كما مر معنا هي النقرة التي تكون خلف نواة التمر ولا يظلمون نقيرا فدل هذ على أنه عز وجّل لا يظلم ولو كان شيئا قليلا وذلك لكمال عدله جل وعلا:(( وَمَنْ أَحْسَنُ دِينًا مِّمَّنْ أَسْلَمَ وَجْهَهُ لِلَّهِ وَهُوَ مُحْسِنٌ وَاتَّبَعَ مِلَّةَ إِبْرَاهِيمَ حَنِيفًا ۗ وَاتَّخَذَ اللَّهُ إِبْرَاهِيمَ خَلِيلًا ))  سبحان الله لما بيّن ما يتعلق بعقاب من يعمل السوء وبثواب من يعمل  العمل الصالح بيّن أن الطريقة السليمة  أن يعبد العبد ربه على نية صالحة يريد بذلك وجه الله وأن يكون متبعا في تلك العبادة و متبعا لطريقة النبي صلى الله عليه وآله وسلم فقال هنا:(( وَمَنْ أَحْسَنُ دِينًا)) الجواب ليس هناك دين أحسن من هذا الدين فالاستفهام هنا يراد منه النفي ويراد منه التحدي يتحدى أن يؤتى بأحسن من هذا الدين :((وَمَنْ أَحْسَنُ دِينًا مِّمَّنْ أَسْلَمَ وَجْهَهُ لِلَّهِ )) هذا يدل على إخلاص العمل لله عز وجّل وهو محسن يدل على اتباع النبي صلى الله عليه وآله وسلم و إلا لوقع في البدع  ومر معنا ما يتعلق بذكر الوجه وما يتعلق بهذه الآية في تفسيرٍ لها أشمل  من هذا في سورة البقرة عند قوله تعالى:(( بَلَىٰ مَنْ أَسْلَمَ وَجْهَهُ لِلَّهِ وَهُوَ مُحْسِنٌ فَلَهُ أَجْرُهُ عِندَ رَبِّهِ وَلَا خَوْفٌ عَلَيْهِمْ وَلَا هُمْ يَحْزَنُونَ)) بيّن في سورة البقرة الثواب المترتب لهم وهنا بيّن أن أحسن الدين هو هذا الدين وهذا الدين بيّنه عز وجّل في قوله تعالى :(( وَمَن يُسْلِمْ وَجْهَهُ إِلَى اللَّهِ وَهُوَ مُحْسِنٌ فَقَدِ اسْتَمْسَكَ بِالْعُرْوَةِ الْوُثْقَىٰ ۗ وَإِلَى اللَّهِ عَاقِبَةُ الْأُمُورِ  )) ولا يكون ذلك إلا بالكفر بالطاغوت ولذلك ماذا قال عز وجّل كما مر معنا في سورة البقرة :(( فَمَن يَكْفُرْ بِالطَّاغُوتِ وَيُؤْمِن بِاللَّهِ فَقَدِ اسْتَمْسَكَ بِالْعُرْوَةِ الْوُثْقَىٰ))  قال هنا: ((َومَنْ أَحْسَنُ دِينًا مِّمَّنْ أَسْلَمَ وَجْهَهُ لِلَّهِ وَهُوَ مُحْسِنٌ )) كلمة محسن هذا هو التفسير الصحيح والأظهر لها خلاف لِبعض التفاسير التي فسرتها بتفاسير أخرى وإن كانت تدخل ضمن هذا لكن هذا التفسير هوالأوضح والأبين  والأشمل بإذن الله تعالى لأنه ذكر ما يتعلق بحق الله وهو الإخلاص و ذكر ما يتعلق بوجوب اتباع النبي صلى الله عليه وآله وسلم (( وَمَنْ أَحْسَنُ دِينًا مِّمَّنْ أَسْلَمَ وَجْهَهُ لِلَّهِ وَهُوَ مُحْسِنٌ وَاتَّبَعَ مِلَّةَ إِبْرَاهِيمَ حَنِيفًا ۗ )) سبحان  الله هنا اليهود والنصارى يقولون إن إبراهيم على ملتنا فردّ الله عليهم كما مر معنا في سورة آل عمران )) مَا كَانَ إِبْرَاهِيمُ يَهُودِيًّا وَلَا نَصْرَانِيًّا  )) فدل هذا على أن من يحاجج من الفرق المتقدمة يقال لهم هل اتبعتم  ملة إبراهيم أم لا فإذا نظرت إلى  حالهم  وحال النبي صلى الله عليه وآله وسلم و حال الصحابة فإنهم هم الذين اتبعوه ولذا ماذا قال تعالى كما مر معنا في سورة آل عمران :(( إِنَّ أَوْلَى النَّاسِ بِإِبْرَاهِيمَ لَلَّذِينَ اتَّبَعُوهُ وَهَٰذَا النَّبِيُّ وَالَّذِينَ آمَنُوا وَاللَّهُ وَلِيُّ الْمُؤْمِنِينَ))  وقال تعالى :(( ثم أَوْحَيْنَا إِلَيْكَ أَنِ اتَّبِعْ مِلَّةَ إِبْرَاهِيمَ حَنِيفًا ۖ وَمَا كَانَ مِنَ الْمُشْرِكِينَ ))وصرّح صلى الله عليه وآله وسلم كما في أواخر سورة الأنعام :(( قُلْ إِنَّنِي هَدَانِي رَبِّي إِلَىٰ صِرَاطٍ مُّسْتَقِيمٍ دِينًا قِيَمًا مِّلَّةَ إِبْرَاهِيمَ حَنِيفًا ۚ وَمَا كَانَ مِنَ الْمُشْرِكِينَ)) فدل هذا على أن من اتبع الطريقة الحسنة من أصحاب النبي صلى الله عليه وآله وسلم الذين هم أتباع النبي صلى الله عليه وآله وسلم ثم قال :(( وَاتَّخَذَ اللَّهُ إِبْرَاهِيمَ خَلِيلًا  )) إذاً تلك المنزلة وتلك المنقبة  التي ظفر بها إبراهيم باعتبار ماذا باعتبار أنه خليل الله باعتبار أنه خليل الله وهذه الآية تدل على أن إبراهيم هو خليل الله المحبة عشر درجات  أعظمها  الخلة أعظمها الخلة كما بيّن أهل العلم درجات المحبة فقال هنا: ((وَاتَّخَذَ اللَّهُ إِبْرَاهِيمَ خَلِيلًا))وهذا يدل على ماذا يدل على إن إبراهيم عليه السلام ما ظفر بهذه المنقبة و بهذه المنزلة إلا لأنه ماذا إلا لأنه كان مخلصاً وموحداً وكان إمام الحنفاء عليه الصلاة والسلام ولذا النبي صلى الله عليه وآله وسلم إذا كان إبراهيم  قد اتخذه الله خليلا إذاً عليكم أنتم أيها اليهود ومن يعيش مع النبي صلى الله عليه وآله وسلم في ذلك الزمن و من سيأتي بعده عليه أن يتبع أيضاً محمداً أي يتبع محمد صلى الله عليه وآله وسلم لمَ لأن الله اتخذه خليلا كما اتخذ  إبراهيم خليلا كما بين عليه الصلاة والسلام في الصحاح وفي غيرها :(إن الله اتخذني خليلا كما اتخذ إبراهيم خليلا) أما ما جاء عند الترمذي  من أنه صلى الله عليه وآله وسلم قال:( إبراهيم خليل الله و أنا حبيب الله) -فهو حديث ضعيف- وذلك لأن درجة المحبة أقل من درجة  الخُلة  :((وَاتَّخَذَ اللَّهُ إِبْرَاهِيمَ خَلِيلًا  )) ، (( مَا فِي السَّمَاوَاتِ وَمَا فِي الْأَرْضِ ۚ وَكَانَ اللَّهُ بِكُلِّ شَيْءٍ مُّحِيطًا  )) بيّن هنا أنه عز وجّل مالك للسماوات وللأرض  فهو ليس بحاجة إلى إبراهيم لما اتخذه خليلا وليس بحاجة إلى  أحد من البشر ولذا ماذا قال تعالى :(( قُلْ فَمَن يَمْلِكُ مِنَ اللَّهِ شَيْئًا إِنْ أَرَادَ أَن يُهْلِكَ الْمَسِيحَ ابْنَ مَرْيَمَ وَأُمَّهُ وَمَن فِي الْأَرْضِ جَمِيعًا ))- مالذي بعدها-((وَلِلَّهِ مُلْكُ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ وَمَا بَيْنَهُمَا ۚ يَخْلُقُ مَا يَشَاءُ ۚ وَاللَّهُ عَلَىٰ كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ))  ((وَلِلَّهِ مَا فِي السَّمَاوَاتِ وَمَا فِي الْأَرْضِ ۚ وَكَانَ اللَّهُ بِكُلِّ شَيْءٍ مُّحِيطًا ))  فهو المحيط بكل ما في السموات  وما في الأرض مما يتعلق بعلويه وسفليه ومن ذلك هو محيط عز وجّل بما يفعله العباد من خير أو من شر ومن ثَم فإن على العبد أن يخاف من الله عز وجّل وأن يرجو ثواب الله عز وجّل فإذا أراد أن يفعل ذنباً  فعليه أن يتذكر أن الله محيط به وإذا أراد أن يفعل طاعة  فليرجُ  ثواب الله فإن ذلك يدعوه  إلى أن يعمل العمل الصالح فإن الله محيط ومطلع عز وجّل بحاله :(( وَيَسْتَفْتُونَكَ فِي النِّسَاءِ ۖ قُلِ اللَّهُ يُفْتِيكُمْ فِيهِنَّ وَمَا يُتْلَىٰ عَلَيْكُمْ فِي الْكِتَابِ فِي يَتَامَى النِّسَاءِ اللَّاتِي لَا تُؤْتُونَهُنَّ مَا كُتِبَ لَهُنَّ وَتَرْغَبُونَ أَن تَنكِحُوهُنَّ وَالْمُسْتَضْعَفِينَ مِنَ الْوِلْدَانِ وَأَن تَقُومُوا لِلْيَتَامَىٰ بِالْقِسْطِ ۚ وَمَا تَفْعَلُوا مِنْ خَيْرٍ فَإِنَّ اللَّهَ كَانَ بِهِ عَلِيمًا  )) ، ((وَيَسْتَفْتُونَكَ فِي النِّسَاءِ )) ويستفتونك في النساء سبحان الله قلت لكم السورة إذا تأمل فيها المسلم يجد أن هناك ترابط في أولها و في ثناياها  وفي آخرها فإنه عز وجّل لما  ذكر في صدر السورة ما يتعلق بأحكام النساء هنا سألوه هل هناك من أحكام أخرى تتعلق بهؤلاء النساء  سبق بيان حكمهن فيما يتعلق بالإرث  وفيما يتعلق بالنكاح فقال عز وجّل هنا ويستفتونك أي يستخبرونك ويستنبؤنك  ((وَيَسْتَفْتُونَكَ فِي النِّسَاءِ ۖ قُلِ اللَّهُ يُفْتِيكُمْ فِيهِنَّ وَمَا يُتْلَىٰ عَلَيْكُمْ فِي الْكِتَابِ))- أي في هذا القرآن-(( فِي يَتَامَى النِّسَاءِ اللَّاتِي لَا تُؤْتُونَهُنَّ مَا كُتِبَ لَهُنَّ وَتَرْغَبُونَ أَن تَنكِحُوهُنَّ )) هذه الآية إذا ضمت مع الآية الأخرى وهي قوله عز وجّل مع بيان قول عائشة كما مر معنا :((وَإِنْ خِفْتُمْ أَلَّا تُقْسِطُوا فِي الْيَتَامَىٰ فَانكِحُوا مَا طَابَ لَكُم مِّنَ النِّسَاءِ مَثْنَىٰ وَثُلَاثَ وَرُبَاعَ ))قالت عائشة رضي الله عنها كما عند البخاري قالت هو الرجل تكون عنده اليتيمة ويكون ُولياً عليها و يحل له أن يتزوج بها  فإن كانت جميلة فإنه ينقصها من مهرها وإن كانت دميمة  تركها لأنها ليست بجميلة فلما سألت عائشة رضي الله عنها عن أول آية في سورة  النساء  ذكرت هذه الآية :(( قُلِ اللَّهُ يُفْتِيكُمْ فِيهِنَّ وَمَا يُتْلَىٰ عَلَيْكُمْ فِي الْكِتَابِ فِي يَتَامَى النِّسَاءِ )) قال في يتامى النساء هنا من باب إضافة الشيء إلى  نفسه لأن المقصود من ذلك من الإناث من اليتامى  قال هنا في يتامى النساء فإضافة اليتامى إلى النساء مع أنهن  نساء والمقصود من هنَّ اليتامى النساء من  باب بيان والعلم عند الله من باب بيان أن الحكم يتعلق بالإناث  دون الذكور و لأنه قال في آخر السورة :(( وَأَن تَقُومُوا لِلْيَتَامَىٰ بِالْقِسْطِ)) فشمل هذا الذكر والأنثى الذي هو آخر الآية فذكر هنا من أن الأمر منصوصاً على يتامى النساء لا سيما أن اليتيم هو ضعيف فكيف إذا كان اليتيم امرأة ولذا ثبت قوله صلى الله عليه وآله وسلم كما عند النسائي إني أحرج أي أوقع الحرج والإثم في حق الضعيفين المرأة واليتيم فكيف إذا كانت امرأة  وكانت يتيمة من باب التأكيد على عظم  حرمة هذه اليتيمة فقال عز وجل: ((وَمَا يُتْلَىٰ عَلَيْكُمْ فِي الْكِتَابِ فِي يَتَامَى النِّسَاءِ اللَّاتِي لَا تُؤْتُونَهُنَّ مَا كُتِبَ لَهُنَّ )) يعني أن النساء لا تعطونهن حقوقهن من الإرث وكذلك هذه  اليتيمة لا تعطونها حقها من المهر:(( وَتَرْغَبُونَ أَن تَنكِحُوهُنَّ)) سبحان الله ما أعظم القرآن قال وترغبون أن تنكحوهن هنا إما أن تتضمن حرف عن أو حرف في فقال هنا وترغبون عن أن تنكحوهن أو وترغبون في أن تنكحوهن  فإذا ضمّنت حرف عن وترغبون أن تنكحوهن يعني عن أن تنكحوهن دل هذا على ماذا من أنه إذا كان الدميمة ولا يرغب فيها فهو يتركها  وترغبون إذا ضمّنت في  وترغبون في أن تنكحوهن وذلك أنكم تريدونها زوجة لكم لكنكم  لا تعطونها حقها إذا أعجبتم  بها وترغبون أن تنكحوهن :(( وَالْمُسْتَضْعَفِينَ مِنَ الْوِلْدَانِ )) الضعفاء من الأطفال من أنهم كانوا لا يعطونهم من الإرث ولذا كما ذكر عز وجّل في أول السورة :((لِّلرِّجَالِ نَصِيبٌ مِّمَّا تَرَكَ الْوَالِدَانِ وَالْأَقْرَبُونَ وَلِلنِّسَاءِ نَصِيبٌ مِّمَّا تَرَكَ الْوَالِدَانِ وَالْأَقْرَبُونَ مِمَّا قَلَّ مِنْهُ أَوْ كَثُرَ ))فكانوا لا يورّثون الأطفال فقال هنا :(( وَالْمُسْتَضْعَفِينَ مِنَ الْوِلْدَانِ )) سبحان الله لو تأملت السورة لوجدت  أن هذه السورة تتحدث عن الضعفاء إذا رأيت حال النساء وما يتعلق مما ذكره عز وجّل في هذه الآية مما يتعلق بمالهن  بصداقهن بإرثهن بحال نشوزهن بعلاقتهن بأزواجهن إذا رأيت ما يتعلق بمن باليتامى  فيما يتعلق بالإناث  منهن من حيث الصداق من حيث اليتامى بوجه العموم من حيث المال من حيث ما يتعلق بالضعفاء من الأطفال من حيث ما يتعلق بالرجال الضعفاء والنساء الضعفاء والولدان الصغار الضعفاء كما قال تعالى في نفس السورة :(( وَمَا لَكُمْ لَا تُقَاتِلُونَ فِي سَبِيلِ اللَّهِ وَالْمُسْتَضْعَفِينَ مِنَ الرِّجَالِ وَالنِّسَاءِ وَالْوِلْدَانِ ))  فدل هذا على ماذا على أن من تأمل كتاب الله و تدبر كتاب الله عز وجّل فإنه إن تدبر هذه  السورة رحم  هؤلاء الضعفاء ولذا ماذا قال تعالى: ((وَالْمُسْتَضْعَفِينَ مِنَ الْوِلْدَانِ وَأَن تَقُومُوا )) يعني يفتيكم أن تقوموا لليتامى بالقسط يعني بالعدل واليتامى هنا يشمل الإناث ويشمل الذكور وذلك شامل لما يتعلق بالصداق فيما يتعلق بالمال فيما يتعلق بالرعاية وما شابه ذلك ومن ثَم لمّا كانت وجوه الخير متنوعة ماذا قال عز وجّل في ختام الآية :(( وَمَا تَفْعَلُوا مِنْ خَيْرٍ فَإِنَّ اللَّهَ كَانَ بِهِ عَلِيمًا ))  سبحان الله علق ورتب  هذا الحكم بِعلمه عز وجل ولم يذكر ثواب من باب ماذا من باب أن العبد يتفقه ويتدبر أسماء الله وصفاته الله عز وجل فإنه قد يترك ذكر الثواب ويكتفي بذكر الاسم  او الصفة من باب بيان عظم هذا الثواب لأن الله يعلمه وما تفعلوا من خير أي خير لأن خير نكره في سياق الشرط لأن ما شرطيه  وما تفعلوا من خير أكد كلمة خير هنا أكدها  بمِن التي تفيد التنصيص على العموم ولو قل لا تحقرن من المعروف شيئا كما قال  صلى الله عليه وآله وسلم :((وَمَا تَفْعَلُوا مِنْ خَيْرٍ فَإِنَّ اللَّهَ كَانَ بِهِ عَلِيمًا  ))  ، (( وَإِنِ امْرَأَةٌ خَافَتْ مِن بَعْلِهَا نُشُوزًا أَوْ إِعْرَاضًا))  سبحان الله هنا ذكر صنفاً  من هؤلاء الضعفاء الذين استفتى  الصحابة الصحابة رضي الله عنهم عن أحوالهم  وهن النساء :((  وَإِنِ امْرَأَةٌ خَافَتْ مِن بَعْلِهَا ))يعني من زوجها نشوزا سبحان الله إذا تأملت هذه السورة وجدت أنه سبق معنا من أن النشوز يقع من النساء أيضاً النشوز يقع من الرجال كما في هذه الآية :(( وَإِنِ امْرَأَةٌ خَافَتْ))  وإن مثل كلمة  وإن لا بد من ذكر فعل بعدها هذا الفعل يبينه ما بعده : ((وَإِنِ امْرَأَةٌ خَافَتْ)) يعني وإن خافت امرأة كما في قوله تعالى :((وَإِنْ أَحَدٌ مِّنَ الْمُشْرِكِينَ اسْتَجَارَكَ))  يدل على الفعل استجارك يعني وإن استجارك أحد فالشاهد من هذا من أنه عز وجّل قال :((وَإِنِ امْرَأَةٌ )) أي امرأة مهما كانت هذه المرأة  حتى لو كانت يتيمة فإنها لا تستضعف وقال هنا :((  وَإِنِ امْرَأَةٌ خَافَتْ مِن بَعْلِهَا )) أي توقعت وهذا على القول الصحيح خلافا لمن قال أنها لا يكون لها  ذلك إلا إذا تيقنت فإن خافت بمعنى توقعت وإن امرأة خافت من بعلها يعني من زوجها  نشوزاً بمعنى أنه يترفع عن القيام بما يجب لها عليه أو إعراضاً بمعنى أنه قام بحقوقها لكنها  ترى منه الإعراض لا ترى منه المؤانسة لا ترى منه القرب هنا ما الحل قال عز وجل قال ))فَلَا جُنَاحَ عَلَيْهِمَا ))أي لا إثم على الزوجين أن يصلح  بينهما صلحا أي  صلح وقد ذكر العلماء من باب ما ذكره  السلف  رحمهم  الله من الصحابة رضي الله عنهم وممن جاء بعدهم خلاصة هذا الصلح هذا الصلح يمكن أن يكون بين الزوجين باعتبار من أن   المرأة إما أن تهب يومها لضرتها إذا وافق الزوج لأنها قد تهب  هذه الليلة لضرتها ومع ذلك لا يرضي الزوج أن تهب مثلا ليلتها لضرتها كما فعلت  سودة كما ثبت من أن سودة لما كبرت رضي الله عنها وصارت  كبيرة في السن هي رضي الله عنها خافت أن يطلقها النبي صلى الله عليه وآله وسلم فوهبت  ليلتها لمن لعائشة رضي الله عنها أو أنها ترضى بالبقاء مع زوجها على ماذا على أنها تتركه مع زوجته الأخرى كأن يتزوج وهذا من مجموع ما جاء في الآثار  كأن يتزوج شابة وهو لا يريد هذه المرأة باعتبار أنها كبر سنها أو ما شابه ذلك فإذا بها تقول لتتركني على حالي ولك ذلك أو أن يصطلحا  مثلا على  أنها تدفع شيئا من مهرها حتى لا يطلقها أو أن تدفع  شيئا من مالها فلا إشكال في ذلك ولا يشترط  أنه يقول لها إما أن ترضي بهذا الواقع أو أن أطلقك حتى لو لم يذكر الطلاق على الصحيح وقال ما رأيك أن نصطلحَ على أمر ما من حيث إسقاط نفقة أو إسقاط ليلة  أو أنها تعطيه  شيء من مالها أو ما شابه ذلك مما يكون هناك صلح فلا إشكال في ذلك ولذا ماذا قال عز وجل هنا : ((فَلَا جُنَاحَ عَلَيْهِمَا أَن يُصْلِحَا بَيْنَهُمَا صُلْحًا)) لكن ليعلم أن المرأة لو أسقطت أي حق من حقوقها من مبيت  أو من نفقة أو ما شابه ذلك ثم أرادت  أن تعود فلها أن تعود تعود  في المستقبل لكن ما مضى من ما ذهب انتهى لكن  فيما يستقبل فإنه في هذه الحالة يلزمه أن يقسم لها وأن يعطيها حقوقها فإن رفض فما عليه إلا أن يطلقها فإن قالت لا تطلقني عدنا  مرة أخرى الى الصلح قال هنا : ((َأن يُصْلِحَا بَيْنَهُمَا صُلْحًا ۚ وَالصُّلْحُ خَيْرٌ ۗ ))الصلح خير في جميع الأحوال  ومن ذلك ما يتعلق بين الزوجين فالصلح خير و تأمل معي هنا سبحان الله ترابط الآيات سبحان الله ما أعظم هذا القران مر معنا قبلها بآيات :(( لَّا خَيْرَ فِي كَثِيرٍ مِّن نَّجْوَاهُمْ إِلَّا مَنْ أَمَرَ بِصَدَقَةٍ أَوْ مَعْرُوفٍ أَوْ إِصْلَاحٍ بَيْنَ النَّاسِ ۚ ) من بين هذا الصلح ما يقع بين الزوجين مما يقع بينهما قال هنا :(( وَالصُّلْحُ خَيْرٌ ۗ وَأُحْضِرَتِ الْأَنفُسُ الشُّحَّ )) بمعنى أن النفوس شحيحة ولذا ماذا قال تعالى :((وَمَن يُوقَ شُحَّ نَفْسِهِ فَأُولَٰئِكَ هُمُ الْمُفْلِحُونَ )) هي تشح بأن تترك زوجها ليكون مع تلك المرأة  الجديدة أو أنه لا  يقسم لها وهو يشح  بنفسه أن يكون معها ويريد أن يكون مع المرأة الأخرى ولا يشترط أيضاً من أن هذا الصلح لابد أن تكون له ضرات ربما أن الإنسان لا يريد هذه المرأة ولم يتزوج أصلا فهو يريد أن يطلقها مثلا فقالت له لنصطلح وأبقى في ذمتك وأنت في حل من ليلتي أو ما شابه ذلك فلا إشكال في ذلك قال هنا :((وَأُحْضِرَتِ الْأَنفُسُ الشُّحَّ ۚ وَإِن تُحْسِنُوا وَتَتَّقُوا فَإِنَّ اللَّهَ كَانَ بِمَا تَعْمَلُونَ خَبِيرًا)) سبحان الله ذكر الإحسان  هنا لأن العبد مأمور بماذا مأمور بأن يحسن إلى هذه المرأة الضعيفة فإنه وإن كان خلاف ما يرغبه  فإنه إن قام بالإحسان فهذا أعظم ما يكون لكن إن لم يقم  بهذا الإحسان عليه ماذا أن يتقي الله عز وجّل وأن لا يظلم هذه المرأة المسكينة ولذا قال: ((  وَإِن تُحْسِنُوا وَتَتَّقُوا فَإِنَّ اللَّهَ كَانَ بِمَا تَعْمَلُونَ خَبِيرًا )) وهذا فيه وعيد وتهديد لمن ماذا لمن ظلم هذه المرأة وفيه ترغيب وترهيب لمن أحسن إلى هذه المرأة  :((وَلَن تَسْتَطِيعُوا أَن تَعْدِلُوا بَيْنَ النِّسَاءِ وَلَوْ حَرَصْتُمْ ۖ فَلَا تَمِيلُوا كُلَّ الْمَيْلِ فَتَذَرُوهَا كَالْمُعَلَّقَةِ ۚ وَإِن تُصْلِحُوا وَتَتَّقُوا فَإِنَّ اللَّهَ كَانَ غَفُورًا رَّحِيمًا)) هنا قال ولن تستطيعوا أن تعدلوا بين النساء بمعنى أن من عنده أكثر من زوجة فإنه يجب عليه أن يسوي بين زوجاته في المبيت وفي  النفقة وما شابه ذلك لكن فيما يتعلق برغبته بالجماع فيما يتعلق بمحبة القلب هذه ليست بيده ولذلك إذا ذكر ما يتعلق به التعدد قال بعض الناس أو قال بعض النساء إنكم لو فعلتم  لن تستطيعوا أن تعدلوا ويذكرون هذه   الآية ويظنون أن الآية عامة في كل شيء والمقصود من ذلك من أنه لا يستطيع ولو حرص أن يجعل محبتها في قلبه سبحان الله قال هنا :((وَلَن تَسْتَطِيعُوا أَن تَعْدِلُوا بَيْنَ النِّسَاءِ وَلَوْ حَرَصْتُمْ ۖ ))وهذا يدل على ماذا يدل على أنه لو جامع امرأة في ليلتها مثلاً أكثر من مرة وتلك لم يستطع أن يجامعها لعدم رغبته فيها في ليلتها فإنه لا إثم  لأن هذه يتعلق بالأمور  النفسية بالأمور القلبية قال هنا : ((وَلَن تَسْتَطِيعُوا أَن تَعْدِلُوا بَيْنَ النِّسَاءِ وَلَوْ حَرَصْتُمْ ۖ)) اذاً على الزوجات  أن يعرفن هذا الأمر وتذكروا  ما مر معنا من أن نشوز المرأة ماذا قال عز وجل :(( أَطَعْنَكُمْ فَلَا تَبْغُوا عَلَيْهِنَّ سَبِيلًا ۗ إِنَّ اللَّهَ كَانَ عَلِيًّا كَبِيرًا  ))فإن أطعنكم بما يتعلق بنشوزهن فلا تبغوا عليهن سبيلا يعني لا تظلموهن  ومن ذلك لا تجبر المرأة على أن تحب الزوج لأن المحبة إنما هي من الله عز وجل وهي متعلقة بالقلب ولا قدرة للمرأة على ذلك سبحان الله هنا  ذكر ما يتعلق أيضاً بحقوق الرجال فيما يتعلق بالمحبة :((وَلَن تَسْتَطِيعُوا أَن تَعْدِلُوا بَيْنَ النِّسَاءِ وَلَوْ حَرَصْتُمْ ۖ))  لأن هذا ليس ملك  لكم لكن ما الواجب عليكم ((فَلَا تَمِيلُوا كُلَّ الْمَيْلِ ))لأن بعض الناس بعض الأزواج إذا أحب امرأة هو يقسم بين نسائه بالسوية من حيث المبيت من حيث النفقة  لكن إذا أحب بعض النساء ربما أنه عن طريق هذه المحبة تفضي به إلى أن يجعل المرأة  السابقة ولا  ويشترط ربما  أن المرأة الجديدة إذا بها تكون أيضاً بمثابة المرأة  القديمة عند بعض من الناس ربما يتزوج بامرأة جديدة وإذا بتلك المرأة  الجديدة خلاف ما يرغبه وتكون المرأة الأولى هي أحب من المرأة الثانية فدل هذا على ماذا من أن الإنسان ينتبه من حيث ماذا من حيث  إنه لا يميل عن طريق هذه المحبة فيهضم حق المرأة  ولذا  النبي صلى الله عليه وآله وسلم كما صححه  بعض أهل العلم قال:( اللهم هذا قسمي فيما أملك فلا تلمني فيما تملك ولا أملك) يعني أنا لا أملك المحبة هذا قسمي فيما أملك فلا تلمني فيما تملك ولا أملك ولذلك  النبي صلى الله عليه وآله وسلم كما في صحيح مسلم في شأن خديجة لما كان يذكرها فقيل له في ذلك قال 🙁 إني رزقت حبها )فدل على أن المحبة رزق من الله عز وجل إذا كانت بين الزوجين ولاسيما من الزوج لزوجته :((تَمِيلُوا كُلَّ الْمَيْلِ فَتَذَرُوهَا كَالْمُعَلَّقَةِ ))  فتذروها أي تتركوها المرأة  الأخرى كالمعلقة لا هي  ذات زوج ولا هي أيم بمعنى أنها معلقة ومن كان معلق فهو ليس في الأرض ولا في السماء فهي مسكينة بحاجة إلى من يرعاها ومن ثَم فإنه والعلم عند الله تمثيل بأنها معلقة من أن حال المعلق يحتاج إلى ماذا يحتاج إلى رعاية يحتاج إلى رحمة هذا وهو معلق من حيث شخص لا تعرفه فكيف إذا كانت بينه وبينها علاقة  زوجية و سبحان الله سبحان الله انظر إلى أول آية :((يَا أَيُّهَا النَّاسُ اتَّقُوا رَبَّكُمُ الَّذِي خَلَقَكُم مِّن نَّفْسٍ وَاحِدَةٍ وَخَلَقَ مِنْهَا زَوْجَهَا  ))عبارة عن ماذا جزء منك  فعليك أن تتقي الله عز وجّل فيها فتذروها كالمعلقة وإن تصلحوا وتتقوا وإن تصلحوا ذكر هنا الصلح باعتبار ماذا باعتبار أن المعلقة هو لا يرغب فيها فهنا ذكر الصلح  باعتبار ماذا باعتبار أنه لا يهضم هذه المرأة  حقها قال: ((وَإِن تُصْلِحُوا وَتَتَّقُوا فَإِنَّ اللَّهَ كَانَ غَفُورًا رَّحِيمًا)) أي ما صدر منكم من تقصير وما شابه ذلك في ما يتعلق بينكما  من حقوق بين الزوجين إن أصلحتما الحال واتقيتما الله فإن الله سيغفر لكما وسيرحمكما ((وَإِن تُصْلِحُوا وَتَتَّقُوا فَإِنَّ اللَّهَ كَانَ غَفُورًا رَّحِيمًا)) ، (( وَإِن يَتَفَرَّقَا يُغْنِ اللَّهُ كُلًّا مِّن سَعَتِهِ ۚ وَكَانَ اللَّهُ وَاسِعًا حَكِيمًا))  سبحان الله سبحان الله قال هنا  فيما يتعلق بالفراق لم   لأن حال الزوجين إما أن يكون في وفاق إما أن  يكون في وفاق  أو  أن يكون نشوز من قِبل المرأة أو نشوز من قِبل الرجل أو يكون هناك فراق  ليس هناك وئام ولا اجتماع فماذا قال عز وجّل في نفس السورة :(( فَالصَّالِحَاتُ قَانِتَاتٌ حَافِظَاتٌ لِّلْغَيْبِ بِمَا حَفِظَ اللَّهُ ))  هذا الوفاق  بين الزوجين عدم الوفاق من جهة  الزوجة : ((وَاللَّاتِي تَخَافُونَ نُشُوزَهُنَّ فَعِظُوهُنَّ وَاهْجُرُوهُنَّ فِي الْمَضَاجِعِ ))  ثم سبحان الله لما ذكر ما يتعلق من نشوز الرجل هنا ماذا ذكر الصلح لمّا ذكر عز وجّل ما يتعلق بالنشوز من المرأة : (( وَإِنْ خِفْتُمْ شِقَاقَ بَيْنِهِمَا فَابْعَثُوا حَكَمًا مِّنْ أَهْلِهِ وَحَكَمًا مِّنْ أَهْلِهَا إِن يُرِيدَا إِصْلَاحًا يُوَفِّقِ اللَّهُ بَيْنَهُمَا )) الحالة الرابعة أن لا يكون هناك وفاق  بمعنى أن الفراق محتم  فقال عز وجّل :((وَإِن يَتَفَرَّقَا يُغْنِ اللَّهُ كُلًّا مِّن سَعَتِهِ ۚ وَكَانَ اللَّهُ وَاسِعًا حَكِيمًا))  ربما إذا فارقت الزوج تجد في نفسها ما تجد  من أنها تكون مطلقة وقد تكون ذات أولاد وربما أنه لا يأتي زوج آخر يتزوج بها وما شابه ذلك وربما  ايضاً أن الزوج يظن أنه دفع أموال و ما شابه ذلك مما دفعه من أموال تلك المرأة فماذا قال عزوجّل:((وَإِن يَتَفَرَّقَا يُغْنِ اللَّهُ كُلًّا مِّن سَعَتِهِ ۚ وَكَانَ اللَّهُ وَاسِعًا حَكِيمًا))   كل من الزوج والزوجة كلا من سعته بمعنى أنها توفق مع زوج هو يوفق مع زوجة أخرى سبحان الله سبحان الله ما أعظم كلام الله عز وجل في حال الفراق  في حال الفراق الإنسان يخشى فوعد الله عز وجّل الزوجين بالغنى قبل الزواج ماذا قال عز وجّل :(( وَأَنكِحُوا الْأَيَامَىٰ مِنكُمْ وَالصَّالِحِينَ مِنْ عِبَادِكُمْ وَإِمَائِكُمْ ۚ إِن يَكُونُوا فُقَرَاءَ يُغْنِهِمُ اللَّهُ مِن فَضْلِهِ )) إذاً قال هنا: ((وَإِن يَتَفَرَّقَا يُغْنِ اللَّهُ كُلًّا مِّن سَعَتِهِ ۚ وَكَانَ اللَّهُ وَاسِعًا حَكِيمًا)) واسع الفضل واسع العطاء واسع المغفرة واسع  الرزق قل ما تشاء مما به هبات وخيرات وإنعام وإفضال  من الله عز وجل وكان الله واسعا حكيما  فهو الحكيم المدبر الذي يضع الأمور في مواضعها المناسبة ومن ذلك ما حصل من فراق بينهما إنما هو بحكمة الله عز وجّل : ((فَعَسَىٰ أَن تَكْرَهُوا شَيْئًا وَيَجْعَلَ اللَّهُ فِيهِ خَيْرًا كَثِيرًا)) فقال هنا: ((وَإِن يَتَفَرَّقَا يُغْنِ اللَّهُ كُلًّا مِّن سَعَتِهِ ۚ وَكَانَ اللَّهُ وَاسِعًا حَكِيمًا))