بسم الله الرحمن الرحيم
تفسير سورة النور من الآية ١ – ٢٠
التفسير الشامل- الدرس (184)
فضيلة الشيخ زيد بن مسفر البحري
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
[ سورة النور مدنية ]
﴿سُورَةٌ أَنزَلۡنَٰهَا وَفَرَضۡنَٰهَا وَأَنزَلۡنَا فِيهَآ ءَايَٰتِۢ بَيِّنَٰتٖ لَّعَلَّكُمۡ تَذَكَّرُونَ ﴾ (1)
{ سُورَةٌ أَنزَلۡنَٰهَا } دل هذا على أن هذه السورة من السور التي في القرآن، والقرآن مُنزّل غير مخلوق
{ وَفَرَضۡنَٰهَا } يعني ما فيها من فرائض فُرِضَت على الناس فواجبٌ عليهم أن يقوموا بها
{وَأَنزَلۡنَا فِيهَآ ءَايَٰتِۢ بَيِّنَٰتٖ} آيات دلائل واضحة بيّنات
{ لعلكم تذكرون} لعلكم تذكرون فإذا بكم تزدادون إيمانا .
﴿ٱلزَّانِيَةُ وَٱلزَّانِي فَٱجۡلِدُواْ كُلَّ وَٰحِدٖ مِّنۡهُمَا مِاْئَةَ جَلۡدَةٖۖ وَلَا تَأۡخُذۡكُم بِهِمَا رَأۡفَةٞ فِي دِينِ ٱللَّهِ إِن كُنتُمۡ تُؤۡمِنُونَ بِٱللَّهِ وَٱلۡيَوۡمِ ٱلۡأٓخِرِۖ وَلۡيَشۡهَدۡ عَذَابَهُمَا طَآئِفَةٞ مِّنَ ٱلۡمُؤۡمِنِينَ ﴾ (2)
{ الزانية والزاني } قَدَّم الزانية هُنْا وبيّنا فيما مضى ( والسارق والسارقة ) قدم السارق لأن من يكونُ مُقْدِمًا على السرقة أكثر هم الرجال، لكن هنا الزنا لأنه لو أراد الرجل أن يزنيَ قد لا يجد، لكن المرأة قد تجد أيَّ شخص، أيضًا لأن تقديم الزانية هنا يترتب على ما يحصل منها من زنا من مفاسد واختلاط الأنساب والأعراض، وسوء السمعة لأهلها وما شابه ذلك .
{ فَٱجۡلِدُواْ كُلَّ وَٰحِدٖ مِّنۡهُمَا مِاْئَةَ جَلۡدَةٖۖ } وجاءت السُنة بالتغريب سنة، يعني بالنفي عن البلد سنة وقد يُستغنى عنه إن رأى الحاكم السجن لمدة سنة، وهذا في حق البكر من الرجال والنساء، أما من تزوج وهو الثيب فإن حدَّهُ الرجم كما وضحنا ذلك في قولة تعالى في سورة النساء:
{وَاللَّاتِي يَأْتِينَ الْفَاحِشَةَ مِن نِّسَائِكُمْ فَاسْتَشْهِدُوا عَلَيْهِنَّ أَرْبَعَةً مِّنكُمْ ۖ فَإِن شَهِدُوا فَأَمْسِكُوهُنَّ فِي الْبُيُوتِ حَتَّىٰ يَتَوَفَّاهُنَّ الْمَوْتُ أَوْ يَجْعَلَ اللَّهُ لَهُنَّ سَبِيلًا} هُنا الجلدُ للبكر الذي لم يتزوج.
{وَلَا تَأۡخُذۡكُم بِهِمَا رَأۡفَةٞ فِي دِينِ ٱللَّهِ} دل هذا على أنه قد تقع رحمة ورأفة في قلب الإنسان حتى لا يُقيم الحد على هؤلاء، بل الواجب أن يقيمَ الحد،
لأن الرحمة هنا ليست محمودة -وتأمل لم يقل ولا تأخذكم بهما رحمة- قال رأفة لأن الرأفة أخص، يعني من أن إقامة حدود الله عز وجل بها الخير وأما الرحمة التي بها تتعطل حدود الله فلا خير فيها، ولذلك النبي ﷺ لما أتى كما في الصحيح أسامة ليشفع لتلك المخزومية التي سرقت فقال:
“أتشفعُ في حدٍّ من حدودِ الله وأَيْمُ الله لو أن فاطمة بنت محمدٍ سَرَقَتْ لقَطَعْتُ يدها”.
{وَلَا تَأۡخُذۡكُم بِهِمَا رَأۡفَةٞ فِي دِينِ ٱللَّهِ} ثم حثَّهُم: { إِن كُنتُمۡ تُؤۡمِنُونَ بِٱللَّهِ وَٱلۡيَوۡمِ ٱلۡأٓخِرِ}
يعني أقيموا الحدود على هؤلاء إن كنتم تؤمنون بالله واليوم الآخر
{ وَلۡيَشۡهَدۡ عَذَابَهُمَا} دل هذا على أن الحدود من حيثُ هي عذاب، عذاب على هذا الزاني أو هذه الزانية لكن بها طُهرَة له كما جاءت بذلك الأحاديث يتطهر بها، فإنه وإن وُصِفَت بالعذاب باعتبار أنه يتألم لكن هي طهرة له هذه الحدود.
{ طَآئِفَةٞ مِّنَ ٱلۡمُؤۡمِنِينَ} الطائفة كم؟ اختلف العلماء حتى قال بعضُهم: أربعة، باعتبار أن الشهود على الزنا يكونُ أربعة، وعلى كل حالٍ ما حصَلَت به المصلحة مما في زجرٌ عن فعل هذه الفاحشة من حيث العدد فيكونُ هو العدد الذي هو الراجح
{وَلۡيَشۡهَدۡ عَذَابَهُمَا طَآئِفَةٞ مِّنَ ٱلۡمُؤۡمِنِينَ﴾ بشرط أن يكونُوا من أهل الإيمان لأن أهل الإيمان هم الذين ينتفعون بتطبيق الحدود.
﴿الزَّانِي لَا يَنْكِحُ إِلَّا زَانِيَةً أَوْ مُشْرِكَةً وَالزَّانِيَةُ لَا يَنْكِحُهَا إِلَّا زَانٍ أَوْ مُشْرِكٌ وَحُرِّمَ ذَلِكَ عَلَى الْمُؤْمِنِينَ﴾ (3)
{ الزَّانِي} قدم الزاني هنا لأن الذي يُقْدِم على الزواج ويطلب الزواج الرجل أم المرأة من حيث الأصل؟ الرجل
﴿الزَّانِي لَا يَنْكِحُ}: يعني لا يعقِد ويتزوج { إِلَّا زَانِيَةً أَوْ مُشْرِكَةً} يعني الزاني لا ينكِحُ إلا زانيةً مثلَهُ فهم يتشاكلون، ولذلك كما قال ﷺ كما ثبت عنه:
” الْأَرْوَاحُ جُنُودٌ مُجَنَّدَةٌ، فَمَا تَعَارَفَ مِنْهَا ائْتَلَفَ، وَمَا تَنَاكَرَ مِنْهَا اخْتَلَفَ “
فهو لا يُقدِمُ على الزواج الزاني إلَّا بزانيةٍ مثله أو مشركة لا تعترف بحد الزنا.
{وَالزَّانِيَةُ لَا يَنْكِحُهَا} أي لا يتزوج بها {إِلَّا زَانٍ أَوْ مُشْرِكٌ}
{وَحُرِّمَ ذَلِكَ عَلَى الْمُؤْمِنِينَ﴾ وحُرِّمَ ذلك وهو النكاح، الصحيح أنه يعود إلى النكاح، لأن الزنا أصلًا محرم، كما قال عز وجل: {وَلَا تَقْرَبُوا الزِّنَا ۖ إِنَّهُ كَانَ فَاحِشَةً وَسَاءَ سَبِيلًا} [الإسراء:32]
لكن هنا قال: {وَحُرِّمَ ذَلِكَ عَلَى الْمُؤْمِنِينَ﴾ يعني العقد، ولذلك الصحيح من أقوال العلماء أن الرجل العفيف لو تزوج بامرأةٍ زانية فإن النكاحَ باطل والعكس، ولا يتزوج العفيفة إلا من هو عفيف إلّا من تاب،
من تاب هنا يجوز له الزواج.
﴿وَالَّذِينَ يَرْمُونَ الْمُحْصَنَاتِ ثُمَّ لَمْ يَأْتُوا بِأَرْبَعَةِ شُهَدَاءَ فَاجْلِدُوهُمْ ثَمَانِينَ جَلْدَةً وَلَا تَقْبَلُوا لَهُمْ شَهَادَةً أَبَدًا ۚ وَأُولَٰئِكَ هُمُ الْفَاسِقُونَ ﴾ (4)
{ وَالَّذِينَ يَرْمُونَ الْمُحْصَنَاتِ} يعني في الآيات السابقات وقع الزنا فالحكم الجلد لمن هو بِكر لمن لم يتزوج
هنا: تحدث عن رمي الناس بفعلِ الفاحشة من زنا أو لواط
{ وَالَّذِينَ يَرْمُونَ الْمُحْصَنَاتِ} والمُحصَنَة والمُحصَن هو العفيف المسلم الذي هو عفيفٌ عن الزنا،
{الْمُحْصَنَاتِ} وخَصَّ هنا المحصنات النساء مع أن الرجال يدخلون في ذلك، فمن قَذَف رجُلًا بالزنا أو باللواط فإنه يُقَام عليه حد القذف، لكن لماذا خص النساء؟ لأن الأكثر أن الرمي يكونُ للنساء.
{ ثُمَّ لَمْ يَأْتُوا بِأَرْبَعَةِ شُهَدَاءَ} قال بأربعةِ للتذكير دل على أن الحدود لابد فيها من أربعة من الرجال وليس من النساء ومرَّ ذلك مفصلًا
{ فَاجْلِدُوهُمْ ثَمَانِينَ جَلْدَةً } فاجلدوهم ثمانين جلدة
{وَلَا تَقْبَلُوا لَهُمْ شَهَادَةً أَبَدًا} وهذا الأمر الثاني
{وَأُولَٰئِكَ هُمُ الْفَاسِقُونَ﴾ وصف ثالث
إذن: { فَاجْلِدُوهُمْ ثَمَانِينَ جَلْدَةً}: عذاب جسدي
{وَلَا تَقْبَلُوا لَهُمْ شَهَادَةً أَبَدًا}: عذاب نفسي
{وَأُولَٰئِكَ هُمُ الْفَاسِقُونَ﴾: يعني هم خرجوا عن طاعة الله عز وجل.
﴿إِلَّا الَّذِينَ تَابُوا مِن بَعْدِ ذَٰلِكَ وَأَصْلَحُوا فَإِنَّ اللَّهَ غَفُورٌ رَّحِيمٌ ﴾ (5)
إلّا مَن تاب من بعد ما حصل مِن قذف وأصلح {فَإِنَّ اللَّهَ غَفُورٌ رَّحِيمٌ ﴾
﴿إِلَّا الَّذِينَ تَابُوا} هذه ثلاثةُ أشياء: { فَاجْلِدُوهُمْ ثَمَانِينَ جَلْدَةً}: لا يسقط حد القذف حتى لو بعد التوبة، {وَأُولَٰئِكَ هُمُ الْفَاسِقُونَ﴾: يسقط بالتوبة، {وَلَا تَقْبَلُوا لَهُمْ شَهَادَةً أَبَدًا}: اختلف العلماء:
لو تاب هل تقبل شهادته مرةً أخرى أم لا؟
قال بعض العلماء: لا تُقبل، وقال بعضُهم: تُقبل؛ وقال بعضهم: تُقبل إذا كَذَّب نفسَه فقال إني كَذَبتُ فيما رميتَ به ذلك الرجل أو تلك المرأة، والصحيح: أنه متى ما تاب وخصوصًا إذا اعترف وأَكْذَبَ نفسَه هُنا فإن شهادتَه تُقبَل مستقبلًا.
﴿وَالَّذِينَ يَرْمُونَ أَزْوَاجَهُمْ وَلَمْ يَكُن لَّهُمْ شُهَدَاءُ إِلَّا أَنفُسُهُمْ فَشَهَادَةُ أَحَدِهِمْ أَرْبَعُ شَهَادَاتٍ بِاللَّهِ ۙ إِنَّهُ لَمِنَ الصَّادِقِينَ ﴾ (6)
{ وَالَّذِينَ يَرْمُونَ أَزْوَاجَهُمْ} فيما مضى رمى الأجنبيات، هذه الآية: رمى فيها زوجتَهُ
رأى زوجتَهُ على زنا وليس عنده شهود فما الحل؟
ولذلك سأل بعضُ الصحابة رضي الله عنهم هذا الأمر ووقع له ما وقع فقال ﷺ:
“البيِّنَةُ أو حدٌّ في ظهرِكَ” لتأتِ بالبينة أربعة شهود على ما قذفت به امرأتَك وإلّا الحدُّ في ظهرك، ستُجلَد حدَّ القذف، فقال: “واللهِ إني لبريء يا رسول الله وسيُنزل الله في أمري القرآن” فأنزل الله هذه الآية:
﴿وَالَّذِينَ يَرْمُونَ أَزْوَاجَهُمْ وَلَمْ يَكُن لَّهُمْ شُهَدَاءُ إِلَّا أَنفُسُهُمْ فَشَهَادَةُ أَحَدِهِمْ أَرْبَعُ شَهَادَاتٍ بِاللَّهِ ۙ إِنَّهُ لَمِنَ الصَّادِقِينَ ﴾ (6)
{ وَلَمْ يَكُن لَّهُمْ شُهَدَاءُ إِلَّا أَنفُسُهُمْ} ليس لهم شهداء إلا أنفسهم، إما أن يكون غيرُ أنفسهم بمعنى صفة أو شهداء بدل. { فَشَهَادَةُ أَحَدِهِمْ أَرْبَعُ شَهَادَاتٍ بِاللَّهِ ۙ إِنَّهُ لَمِنَ الصَّادِقِينَ﴾
يحلِف، وسُميت الأيمان شهادة لأن الشهادة كما تُثبت الحق كذلك الأيمان.
﴿وَالْخَامِسَةُ أَنَّ لَعْنَتَ اللَّهِ عَلَيْهِ إِن كَانَ مِنَ الْكَاذِبِينَ ﴾ (7)
{ والخامسةُ} هذه معطوفة على {أَرْبَعُ} لأن أربع مرفوعة، ﴿وَالْخَامِسَةُ أَنَّ لَعْنَتَ اللَّهِ عَلَيْهِ}:
واللعن هو: الطرد والإبعاد عن رحمة الله.
{عَلَيْهِ}: ولم يقل عليَّ لأن الإنسان لا ينسُبُ السوء إلى نفسه إذا كان يُخبِرُ عن شيءٍ سيءٍ لا ينسُبه إلى نفسه، ولذلك لما مات أبو طالب فكان آخر ما قال كما في الحديث: “هو على ملة عبد المطلب” ولم يقل الراوي أنا على ملة عبد المطلب، بناءً على أن المتكلم هو أبو طالب.
﴿وَيَدْرَأُ عَنْهَا الْعَذَابَ أَن تَشْهَدَ أَرْبَعَ شَهَادَاتٍ بِاللَّهِ ۙ إِنَّهُ لَمِنَ الْكَاذِبِينَ﴾ (8)
{ وَيَدْرَأُ عَنْهَا الْعَذَابَ} يعني تدفع عن نفسها العذاب.
{ أَن تَشْهَدَ أَرْبَعَ شَهَادَاتٍ بِاللَّهِ ۙ إِنَّهُ لَمِنَ الْكَاذِبِينَ﴾ كذب عليها زوجُها.
﴿وَالْخَامِسَةَ أَنَّ غَضَبَ اللَّهِ عَلَيْهَا إِن كَانَ مِنَ الصَّادِقِينَ ﴾ (9)
{ والخامسةَ } نُصِبَت باعتبار أن {أَرْبَعَ} منصوبة { أَنَّ غَضَبَ اللَّهِ عَلَيْهَا إِن كَانَ مِنَ الصَّادِقِينَ}:
ذكر الغضب هُنا والغضب دل على أنه أعظم وأشد من اللعن، لأن المرأة من حيث الأصل هي أعلم بحقيقة الحال من الرجل فكان الشدة عليها أعظم.
هذه آياتُ اللعان؛ وتأمل شروط صحة اللعان لابد أن تُطَبَّق هذه الآية:
من الذي بُدئ به أولاً؟ الرجل، كم شَهِد؟ أربع والخامسة الدعاء باللعن؛
ثم الذي يليه المرأة ولابد من خمس، الخامسة تقول: أنَّ غضبَ الله عليها؛ إذا اختل شرط لم يصح.
فإذا تلاعنا: هُنا تحصُل الفُرقَة المؤبدة بينهم، ولا يجوز له أن يتزوج بها مستقبلا والولد يُنسَبُ إلى أمه.
ولماذا خُصَّ الزوج بذلك؟ لأنه لا يمكن أن يُقدِمَ رجلٌ سوي على أن يرميَ زوجتَهُ بشيءٍ إلّا وهو عنده علمٌ بذلك، لأن العاقل ما يُقْدِم على مثل هذا الأمر، ونسأل الله لنا ولكم العافية والسلامة.
﴿وَلَوْلَا فَضْلُ اللَّهِ عَلَيْكُمْ وَرَحْمَتُهُ وَأَنَّ اللَّهَ تَوَّابٌ حَكِيمٌ ﴾ (9)
{ وَلَوْلَا فَضْلُ اللَّهِ عَلَيْكُمْ وَرَحْمَتُهُ} إذ تفضَّلَ عليكم ورَحِمَكم إذ شَرَعَ لكم هذه الأحكام، والجواب محذوف من باب التعظيم لهذا الجواب، يعني: ولولا فضلُ الله عليكم ورحمته لهلكتم ولأصابتكم المشقة والعَنَت، فدل على أن تشريعات الله خيرٌ للناس.
{وَأَنَّ اللَّهَ تَوَّابٌ حَكِيمٌ﴾ سبحان الله، مع ما جرى من زِنا الله عز وجل قال: {تَوَّابٌ} يعني يتوب على من تاب حتى لو فعل ما فعل، {حَكِيمٌ﴾ إذ شرع تلك الشرائِع التي بها رحمة للناس ورأفة للناس.
﴿إِنَّ الَّذِينَ جَاءُوا بِالْإِفْكِ عُصْبَةٌ مِّنكُمْ ۚ لَا تَحْسَبُوهُ شَرًّا لَّكُم ۖ بَلْ هُوَ خَيْرٌ لَّكُمْ ۚ لِكُلِّ امْرِئٍ مِّنْهُم مَّا اكْتَسَبَ مِنَ الْإِثْمِ ۚ وَالَّذِي تَوَلَّىٰ كِبْرَهُ مِنْهُمْ لَهُ عَذَابٌ عَظِيمٌ ﴾ (10)
{ إِنَّ الَّذِينَ جَاءُوا بِالْإِفْكِ عُصْبَةٌ مِّنكُمْ} لما ذكر عز وجل في الآيات السابقات حد القذف وأنَّ من قذف محصنًا أو محصنة فإن حدَّهُ أن يجلد ثمانين جلدة.
بعد ذلك ذكر عز وجل ما يتعلق بنوع من أنواع القذف الذي حُكمه الكفر بالله عز وجل، وذلك:
إذا قذف شخصٌ عائشةَ رضي الله عنها بالزِنا بعد أن برأها الله عز وجل فإنه بالإجماع يكونُ كافراً، لأنه كذَّبَ اللهَ عز وجل الذي ذكر في هذه الآيات براءتها.
وهل إذا قذف شخصٌ إحدى زوجات النبي ﷺ سِوى عائشة كأم سلمة أو أم حبيبة فهل يكفر؟
قولان، والصحيح: أنه يكفر؛ فمن قذف زوجةً من زوجات النبي ﷺ فهو كافر، لأن الله عز وجل ما دافع عن عائشة رضي الله عنها إلّا لكونها زوجة النبي ﷺ فقذْفُ غيرِها كقَذْفِها رضي اللهُ عنهن.
فقولهُ تعالى: {إِنَّ الَّذِينَ جَاءُوا بِالْإِفْكِ عُصْبَةٌ مِّنكُمْ}
حادثةُ الإفك: جاءت في الأحاديث، مُلَخصُها -لأن السياق ليس سياقًا لذكرها وقد فصلت ما يتعلق بحادثة الإفك في غير هذا الموطن- لكن:
عائشةُ رضي الله عنها كانت مع النبي ﷺ في إحدى غزواته، وكانت خفيفة اللحم وكانت على الهَوْدَج على البعير، فلما نزل النبي ﷺ بمكان، هي رضي الله عنها ذهبت لتقضيَ حاجتَها، وكان معها عِقد،
فلما رجعت في طريقِها فقدت العقد فظنت أنه في مكان قضاءِ حاجتها فرجعت، والذين يحملون الهَوْدَج حملوا الهَوْدَج على البعير وظنوا أن عائشة فيها لأنها كما قالت كنا لم نحمل اللحم حينَها، فذهب الصحابةُ رضي الله عنهم مع النبي ﷺ، فرجعت عائشةُ رضي الله عنها بعد ما التمست العقد فلم تجد أحدا فجلست في مكانها، فلما كان الصباح كان صفوان بن مُعطَّل السلمي رضي الله عنه قد تأخر فلما رآها عرفها.
قالت رضي الله عنها: وكان يعرفني قبل أن تنزلَ آيةُ الحجاب،
فتقول: فسدَلتُ عليّ حجابي، ثم استرجع قال: {إنّا لله وإنا إليه راجعون} فأناخ بعيرَه ورَكِبَتْ رضي الله عنها، فلما قدِمَت معه، ذلكم المنافق عبدُ الله بن اُبيَ بن سلول فلما رآها معه قال:
عائشةُ ما سَلِمَت من صفوان ولا سَلِمَ منها، فانتشر الخبرُ، وإذا ببعض الصحابة غُرِّرَ في هذا الأمر كحسان بن ثابت، ومِسطَح الذي هو قريبٌ لأبي بكر رضي الله عنه، وكان أبو بكر رضي الله عنه يُنفق عليه لأنه كان فقيرًا، وكَحَمنة بنتِ جحش، فانتشر الخبر فصار ما صار فتأثر النبي ﷺ بعد ذلك أنزل اللهُ براءةَ عائشة رضي الله عنها كما في هذه الآيات.
{ إِنَّ الَّذِينَ جَاءُوا بِالْإِفْكِ} الإفك: وهو رميُ عائشة، الإفك: أشد الكَذِب.
{عُصْبَةٌ مِّنكُمْ} أي: جماعة منكم، كحسان، ومِسطح، وحَمنة، وكعبدِ الله بن أُبَيّ من حيثُ الظاهر وإلّا فليس بمسلم.
{لَا تَحْسَبُوهُ شَرًّا لَّكُم} يعني: أنتم أيها الصحابة رضي الله عنهم { لَا تَحْسَبُوهُ شَرًّا لَّكُم} وأيضًا أنتم يا بيت أبي بكر لا تحسبوه شرًا لكم { بَلْ هُوَ خَيْرٌ لَّكُمْ} سبحان الله إذ جعلَ اللهُ عز وجل في الابتلاء الخيرات، وجعل في المِحَن المِنَح.
ولذلك قال: {لَا تَحْسَبُوهُ شَرًّا لَّكُم بَلْ هُوَ خَيْرٌ لَّكُمْ} كيف هو خير؟
إذ بَرَّأ اللهُ عز وجل عائشةَ رضي الله عنها، وبَرَّأ الله بيتَ نبيه ﷺ، وأصبحت آيات تُتلى إلى قيام الساعة في براءةِ عائشةَ رضي الله عنها، ولذا فالخيرُ قد يكونُ في ثنايا الشر والابتلاء وأنت لا تعلم.
{لِكُلِّ امْرِئٍ مِّنْهُم مَّا اكْتَسَبَ مِنَ الْإِثْمِ ۚ وَالَّذِي تَوَلَّىٰ كِبْرَهُ مِنْهُمْ لَهُ عَذَابٌ عَظِيمٌ ﴾ (10)
{ لِكُلِّ امْرِئٍ مِّنْهُم } ممن خاض في الإفك { مَّا اكْتَسَبَ مِنَ الْإِثْمِ} كما فعل حسان ومِسطح وحَمنة
{ وَالَّذِي تَوَلَّىٰ كِبْرَهُ مِنْهُمْ لَهُ عَذَابٌ عَظِيمٌ} الذي تولى هذا الأمر وأفشاه وهو أساسه مَن؟
عبدُ الله بن أُبيّ بن سلول، وقد جاء في صحيح البخاري أن الذي تولى كِبْرَهُ حسان، حتى قيل لعائشة: كيف تأذنين له وقد تولى كبره؟ فقالت: أما يكفيكم أنه أصِيبَ بالعمى،
وقالت: إنه كان يُنافِحُ عن النبي ﷺ؛ قال ابن كثير رحمه الله: هذا قولٌ غريب ولولا أنه في صحيح البخاري ما ذكرناه.
ولذلك أهلُ السِير وأهلُ العلم بالأحاديث {َالَّذِي تَوَلَّىٰ كِبْرَهُ مِنْهُمْ} هو: عبد الله بن أُبي بن سلول،
قلتُ: لعلّه في الحديث الذي عند البخاري الذي تولى كبره حسان، لعلّه كان أعظم مَن ذَكَرَهُ ونَشَرَه أكثر مِن حَمنة ومِسطَح، هذا على القول بصحته لو صح.
{لَهُ عَذَابٌ عَظِيمٌ} وذلك في يوم القيامة، ولذلك حدَّ النبي ﷺ الصحابة حمنة وحسان ومسطح، حدَّهم حد القذف، بالنسبة إلى عبد الله بن أُبي بن سلول: أختُلِفَ هل حَدَّهُ النبي ﷺ أم لا؟؛ الأظهر عند جملة من أهل العلم: أنه لم يُحده لأنه كان منافقًا وهو له عذاب عظيم يوم القيامة، فإن الحد إنما هو طُهرة وهذا منافق ولا يُطَهِّرُهُ الحد.
﴿لَّوْلَا إِذْ سَمِعْتُمُوهُ ظَنَّ الْمُؤْمِنُونَ وَالْمُؤْمِنَاتُ بِأَنفُسِهِمْ خَيْرًا وَقَالُوا هَٰذَا إِفْكٌ مُّبِينٌ ﴾ (12)
﴿لَّوْلَا إِذْ سَمِعْتُمُوهُ}: يعني هلّا، حض وحث، {ظَنَّ الْمُؤْمِنُونَ وَالْمُؤْمِنَاتُ بِأَنفُسِهِمْ خَيْرًا}:
بأنفسهم يعني بإخوانهم لأن المسلم هو أخو المسلم فهو كنفسه، كما قال ﷺ كما ثبت عنه:
” مثل المؤمنين في توادهم وتراحمهم وتعاطفهم كمثل الجسد الواحد “
وحكموا على هذا القول: { وَقَالُوا هَٰذَا إِفْكٌ مُّبِينٌ﴾ كذب واضح بيّن، ولذلك:
أبو أيوب رضي الله عنه لما قالت لأبي أيوب: ” ألا تسمع ما يقال في عائشة؟ فقال أبو أيوب: أكنتِ فاعلةً ذلك يا أم أيوب؟ قالت: لا، قال: فعائشة خيرٌ منكِ” فظن أبو أيوب بها الظن الحسن.
﴿لَّوْلَا جَاءُوا عَلَيْهِ بِأَرْبَعَةِ شُهَدَاءَ فَإِذْ لَمْ يَأْتُوا بِالشُّهَدَاءِ فَأُولَٰئِكَ عِندَ اللَّهِ هُمُ الْكَاذِبُونَ ﴾ (13)
{ َّوْلَا جَاءُوا عَلَيْهِ بِأَرْبَعَةِ شُهَدَاءَ } هلّا أتو على ما قالوه من القذف بأربعة شهداء، لأن حد القذف بالزنا إذا قُذِفَ إنسانٌ بالزنا لابد من هذا القاذف أن يأتيَ بأربعة شهود حتى يُقام حد الزنا على من زنا، وإلّا حُدَّ حَد القذف بأن يُجلد.
{ فَإِذْ لَمْ يَأْتُوا بِالشُّهَدَاء} حتى لو أتو بثلاثة أو أتو بأربعة ،ولابد أن يأتي هؤلاء الأربعة فيصِفون هذا الزنا بوصفٍ دقيق، ولا يختلف وصفُ أحدِهم عن الآخَر؛
لو اجتمع أربعة فكان الوصفُ دقيقًا من ثلاثة وواحد لا: فإنهم يكونون كَذَبَه عند الله وفي حكم الله:
{َفَإِذْ لَمْ يَأْتُوا بِالشُّهَدَاءِ فَأُولَٰئِك عِندَ اللَّهِ هُمُ الْكَاذِبُون}
وهذا يدل على أن من قذف شخصًا بالزنا ولو كان صادقًا فلم يأتِ بأربعةِ شهداء فإنه في حكمِ الله كاذب ولو كان ما قاله من الصدق، لكن لابد من أربعة شهود حتى تُحفَظَ أعراضُ المسلمين.
﴿وَلَوْلَا فَضْلُ اللَّهِ عَلَيْكُمْ وَرَحْمَتُهُ فِي الدُّنْيَا وَالْآخِرَةِ لَمَسَّكُمْ فِي مَا أَفَضْتُمْ فِيهِ عَذَابٌ عَظِيمٌ ﴾ (14)
{ وَلَوْلَا فَضْلُ اللَّهِ عَلَيْكُمْ وَرَحْمَتُهُ فِي الدُّنْيَا وَالْآخِرَةِ} ما الذي يجري؟
{ لَمَسَّكُمْ} أصابكم {فِي مَا أَفَضْتُمْ فِيهِ} فيما تحدثتم عنه، دل هذا على أن الإفاضة تدل على الكلام المسترسل من هؤلاء { عَذَابٌ عَظِيمٌ } لكنه من رحمته وفضله رَحِمَكم
﴿إِذْ تَلَقَّوْنَهُ بِأَلْسِنَتِكُمْ وَتَقُولُونَ بِأَفْوَاهِكُم مَّا لَيْسَ لَكُم بِهِ عِلْمٌ وَتَحْسَبُونَهُ هَيِّنًا وَهُوَ عِندَ اللَّهِ عَظِيمٌ ﴾ (15)
{ إذ تَلَقَّوْنَهُ} هُنا {إذ} يعني وقت، وهذه مرتبطة بالسابق .
{ لَمَسَّكُمْ فِي مَا أَفَضْتُمْ فِيهِ عَذَابٌ عَظِيمٌ} وقتَ ماذا؟ وقتَ إذ تلقونه ﴿إِذْ تَلَقَّوْنَهُ بِأَلْسِنَتِكُمْ}
مجرد تلقِّي من لسان إلى لسان دون أن يكون هناك دليل وحجة
{ وَتَقُولُونَ بِأَفْوَاهِكُم} دل هذا على أن هذا الكلام امتلأ به الفم مع أن الذي يقول هو اللسان
{ مَّا لَيْسَ لَكُم بِهِ عِلْمٌ} إذ لم تأتوا بالشهداء على ما ذكرتموه
{ وَتَحْسَبُونَهُ هَيِّنًا} تظنون أن هذا الأمر هيّن وهو أن يُقذَفَ الإنسان بالزنا وهو بريء! فكيف بحال عائشة رضي الله عنها أم المؤمنين زوجة النبي ﷺ!
{ وَهُوَ عِندَ اللَّهِ عَظِيمٌ} عظيم عند الله مثل هذا الأمر، وسيعاقِبُ اللهُ عز وجل من افترى مثل هذا الكذب.
﴿وَلَوْلَا إِذْ سَمِعْتُمُوهُ قُلْتُم مَّا يَكُونُ لَنَا أَن نَّتَكَلَّمَ بِهَٰذَا سُبْحَانَكَ هَٰذَا بُهْتَانٌ عَظِيمٌ ﴾ (16)
﴿وَلَوْلَا إِذْ سَمِعْتُمُوهُ } يعني كان هذا الأجدر بكم، يعني: هلّا، وحث لكم الأجدر بكم
{ قُلْتُم مَّا يَكُونُ لَنَا أَن نَّتَكَلَّمَ بِهَٰذَا} مثل هذا الكلام لا يُقال
{سُبْحَانَكَ} يعني: عليكم أن تتعجبوا، {سُبْحَانَكَ} هو تنزيه لله عز وجل عما لا يليقُ به وتأتي في سياق التعجب كما هُنا، بل كان عليكم أن تتعجبوا من هذا القول
{سُبْحَانَكَ هَٰذَا بُهْتَانٌ عَظِيمٌ﴾ كان من الواجب عليكم أن تتعجبوا من هذا القول وتقولون هذا بهتان عظيم وافتراء وكَذِب.
﴿يَعِظُكُمُ اللَّهُ أَن تَعُودُوا لِمِثْلِهِ أَبَدًا إِن كُنتُم مُّؤْمِنِينَ﴾ (17)
{سُبْحَانَكَ هَٰذَا بُهْتَانٌ عَظِيمٌ﴾ يعني تحذير وعِظَه مِن الله لكم، وهذا يدل على:
أنَّ الوعظ ليس محصورًا كما يظنه البعض في ذكر الجنة والنار والقبر، لا! بل العِظة من حيث حفظ اللسان عن أعراض المسلمين وما شابه ذلك هذا يعتبر وعظًا.
﴿يَعِظُكُمُ اللَّهُ أَن تَعُودُوا لِمِثْلِهِ أَبَدًا}
{أَبَدًا} انتبهوا في المستقبل أن تعودوا لمثل هذا الأمر، وَحَثَّهُم: { إِن كُنتُم مُّؤْمِنِينَ} فلا تعودوا إلى مثل هذا الأمر، فرَحِمَكم الله، ولولا فضل الله عليكم ورحمته في الدنيا والآخرة لمسكم فيما أفضتم فيه عذاب عظيم
﴿وَيُبَيِّنُ اللَّهُ لَكُمُ الْآيَاتِ وَاللَهُ عَلِيمٌ حَكِيمٌ ﴾ (18
﴿وَيُبَيِّنُ اللَّهُ لَكُمُ الْآيَاتِ}: يُوضح لكم الآيات ومن ذلك ما ذُكِر في الآيات السابقات.
{ وَاللَهُ عَلِيمٌ حَكِيمٌ}: عليمٌ عز وجل بكل شيء، وحكيم إذ شرع لكم هذه الأحكام،
وعليمٌ بمن فعل الفواحش ومن لم يفعل ذلك.
﴿وَيُبَيِّنُ اللَّهُ لَكُمُ الْآيَاتِ وَاللَهُ عَلِيمٌ حَكِيمٌ ﴾ ولذلك صرح باسمه لم يقل ويبين لكم الآيات، من باب التعظيم لهذه الأحكام.
﴿إِنَّ الَّذِينَ يُحِبُّونَ أَن تَشِيعَ الْفَاحِشَةُ فِي الَّذِينَ آمَنُوا لَهُمْ عَذَابٌ أَلِيمٌ فِي الدُّنْيَا وَالْآخِرَةِ وَاللَّهُ يَعْلَمُ وَأَنتُمْ لَا تَعْلَمُونَ ﴾ (19)
{ إِنَّ الَّذِينَ يُحِبُّونَ أَن تَشِيعَ} أي: تنتشر { الْفَاحِشَةُ فِي الَّذِينَ آمَنُوا لَهُمْ عَذَابٌ أَلِيمٌ} انتبه سبحان الله!
يعني: بمجرد من يحب إشاعة الفحشاء في أهل الإيمان، بمجرد ما يسمع شيئًا ينشره ويقوله ويتحدث به دون أن يتثَّبت منه! هذا مجرد أنه يحب فقط في قلبه، فما ظنكم بمن يُشيع الفاحشةَ بنفسِه؟!
دل هذا على أن من يحب إشاعة الفاحشة له هذا العذاب، إذن ما ظنك بمن يتولاها بنفسه ويشيعها؟!
{ لَهُمْ عَذَابٌ أَلِيمٌ} يعني مؤلم، {فِي الدُّنْيَا وَالْآخِرَةِ}
في الدنيا: بحد القذف، والآخرة: ما أعده الله عز وجل له إن لم يتُب.
فقال عز وجل { وَاللَّهُ يَعْلَمُ وَأَنتُمْ لَا تَعْلَمُونَ} فما أكثرَ جهلَكم! لكنَّ اللهَ عز وجل عالمٌ ومطلعٌ على كل شيء من ثم فواجب عليكم أن تتقيدوا بشرعه.
﴿وَلَوْلَا فَضْلُ اللَّهِ عَلَيْكُمْ وَرَحْمَتُهُ وَأَنَّ اللَّهَ رَءُوفٌ رَّحِيمٌ﴾ (20)
{وَلَوْلَا فَضْلُ اللَّهِ عَلَيْكُمْ وَرَحْمَتُهُ} كررها مرةً أخرى إذ تاب عليكم ورَحِمَكم وإلّا لأصابتكم المشقة.
{ وَأَنَّ اللَّهَ رَءُوفٌ رَّحِيمٌ} والرأفة أخص من الرحمة؛ وتأمل في الآية السابقة:
{ وَلَوْلَا فَضْلُ اللَّهِ عَلَيْكُمْ وَرَحْمَتُهُ وَأَنَّ اللَّهَ تَوَّابٌ حَكِيمٌ} [10] لم؟
جاءت لأن من قذف فيما مضى: مَن تابْ تابَ الله عليه،
هُنا: لما شاعوا ما أشاعوا عن عائشةَ رضي الله عنها رَحِمَهم فقال:
﴿وَلَوْلَا فَضْلُ اللَّهِ عَلَيْكُمْ وَرَحْمَتُهُ وَأَنَّ اللَّهَ رَءُوفٌ رَّحِيمٌ﴾ (20)