التفسير الوجيز
سورة الفيل
فضيلة الشيخ زيد البحري
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
{أَلَمْ تَرَ كَيْفَ فَعَلَ رَبُّكَ بِأَصْحَابِ الْفِيلِ} 1
ألم تر: والاستفهام هنا للتعجيب من أحوال هؤلاء، والرؤية هنا رؤيا علمية لأنه لم يُبصر عليه الصلاة والسلام حالَ أهلِ الفيل لأنه ولد في ذلك العام.
ألم تر كيف فعل ربك: قال (فعل ربك) لأنه هو المربّي عز وجل والحافظ.
بأصحاب الفيل: وهي قصة أبرهة لما قَدِمَ ومعه الفيل لهَدْمِ الكعبة؛ لما بنى كعبة عظيمة في اليمن؛ كما في كتب السير وأتى رجلٌ من العرب وبال فيها؛ فغضِب فقال سأهدِمُ الكعبة.
{أَلَمْ يَجْعَلْ كَيْدَهُمْ فِي تَضْلِيلٍ} 2
ألم يجعل: والاستفهام للتقرير، يعني: قد جعل. ألم يجعل كيدهم: والكيد هو إيصالُ الشر إلى الغير عن طريقِ الخفاء؛ كما أرادوا بهَدْمِ الكعبة.
ألم يجعل كيدهم في تضليل: في ذهاب وضياع؛ كأنه لم يكن شيئا؛ ومما يدل على عظمه الله وقوته وعلى ضَعف كيدِ كلِّ کافر كما قال عز وجل {وَإِن كَانَ مَكْرُهُمْ لِتَزُولَ مِنْهُ الْجِبَالُ}
ليس بشيء مهما صنع ابنُ آدم! أرسل عليهم طيرا
{وَأَرْسَلَ عَلَيْهِمْ طَيْرًا أَبَابِيلَ} 3 أي: مجموعات.
{تَرْمِيهِم بِحِجَارَةٍ مِّن سِجِّيلٍ} 4
{ترميهم بحجارة} بحجارة! {من سجيل} من طين، فقذفت هذه الطير بهذه الحجارة من الطين فاهلكتهم
ولذلك يقولون: يعني ما عُرِفَ الجُدَري في العرب إلا بعدما جرى لأصحاب الفيل.
ترميهم بحجارة من سجيل: سجيل قيل من نار تُحرِقُهم؛ وأيضا قد كُتبت عليها أسماؤهم مِن السجل
{يَوْمَ نَطْوِي السَّمَاءَ كَطَيِّ السِّجِلِّ لِلْكُتُبِ} فدل هذا على أن كل حجارة أصابت صاحبَها التي قَدَّر اللهُ عز وجل أن يكونَ اسمُه عليها، لكن قلت من طين لأن الله عز وجل لما ذَكَر ما يتعلق بعقوبةِ قومِ لوط {وَأَمْطَرْنَا عَلَيْهَا حِجَارَةً مِّن سِجِّيلٍ مَّنضُودٍ} من سجيل يعني من طين؛ قال تعالى في سورة الذاريات:
{لِنُرْسِلَ عَلَيْهِمْ حِجَارَةً مِّن طِينٍ}
ــــــــــــــــــــــ
{فَجَعَلَهُمْ كَعَصْفٍ مَّأْكُولٍ} 5
فجعلهم: أي صيّرهم كعصف؛ والعصف هو: قِشْرُ النبات اليابس؛ ولذلك ماذا قال عز وجل في سورة الرحمن {وَالْحَبُّ ذُو الْعَصْفِ وَالرَّيْحَانُ}
{كَعَصْفٍ مَّأْكُولٍ} كنباتٍ أكلته وداستْه البهائم، وإن أردتَ معنًى أوضح؛ يعني: أن اللهَ جعلهم مثلَ التبن.
وبهذا ينتهي تفسير سورة الفيل.