الفقه الموسع
الدرس ( 134 )
مسائل الاستفتاح :
مسألة :
اختلف العلماء في محل الاستفتاح :
أهو قبل الشروع في الصلاة أم بعد الشروع فيها ؟
مسألة :
اختلف العلماء في هذه الاستفتاحات :
ما هي أفضل أنواع الاستفتاح ؟
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
فضيلة الشيخ : زيد بن مسفر البحري
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
القول الثاني :
ـــــــــــــــــــــــــــــــ
من أقوال العلماء من أي أنواع الاستفتاح أفضل :
هو لبعض العلماء وهو حديث أبي هريرة كما جاء في الصحيحين:
ونصه :
أن النبي عليه الصلاة والسلام كان إذا كبر كما قال أبو هريرة سكت هنية وتضبط هنيهة أي برهة من الزمن
فقلت :
يا رسول الله أرأيت سكوتك بين التكبير والقراءة : ماذا تقول ؟
قال عليه الصلاة والسلام أقول :
(( اللهم باعد بين وبين خطاياي كما باعدت بين المشرق والمغرب ، اللهم نقني من خطاياي كما ينقى الثوب البيض من الدنس ، اللهم اغسلني من خطاياي بالماء والثلج والبرد ))
وسبب اختيار هذا الاستفتاح عند بعض العلماء :
لأنه أصح أسانيد أنواع الاستفتاحات مطلقا لمجيئه في الصحيحين
وهؤلاء العلماء نظروا إلى السند
وهذا النوع من أنواع الاستفتاحات كان يقوله عليه الصلاة والسلام في الفرض
وهذا على ترتيب شيخ الإسلام يكون في الدرجة الثالثة في الفضل لأنه دعاء
ويكون هذا الاستفتاح يكون هو النوع الثالث من أنواع الاستفتاحات الواردة عن النبي عليه الصلاة والسلام
إذ تقدم معنا اثنان
وهذا النوع ينبغي أن نقف معه بعض الوقفات من حيث المعنى ولا نطيل
فسؤال أبي هريرة للنبي عليه الصلاة والسلام : يدل على حرصه على العلم
ولذا لما سأل النبي عليه الصلاة والسلام : من أسعد الناس بشفاعتك ؟
فقال عليه الصلاة والسلام :
(( لقد ظننت ألا يسألني عن هذا احد غيرك ))
فكان حريصا على طلب العلم وعلى السؤال عنه
وأبو هريرة قال للنبي عليه الصلاة والسلام :
أرأيت
يعني : أخبرني
سكوتك بين التكبير والقراءة
قال : سكوتك
ومع ذلك قال : ماذا تقول ؟
ففيه معارض !
لأن السكوت يخالف القول
والجواب عن هذا :
أن القول مع عدم الجهر يسمى سكوتا في اللغة العربية
فإن حركة اللسان والشفتين يعد سكوتا
مع أن هناك نوعا آخر :
وهو الصمت : وهو إغلاق الفم عن الحديث
وقوله عليه الصلاة والسلام :
(( اللهم باعدْ بين وبين خطاياي كما باعدت بين المشرق والمغرب )) :
يستفاد منها :
أن هذا فيه بيان افتقار وخضوع وذل النبي عليه الصلاة والسلام لربه عز وجل وإلا فقد غفر الله له ما تقدم ذنبه وما تأخر
وليس المقصود كما ظن البعض : أن هذا تعليم لأمته كلا، لاشك أن هذا تعليم لامته لكن هذا يدل على مزيد خضوعه وذله لله عز وجل
الفائدة الثانية :
ــــــــــــــــــــــــ
أن المراد من المباعدة أمران :
الأمر الأول :
المحو
الأمر الثاني :
التوفيق
فالمحو :
أن تمحا عنه الذنوب ان وجدت
والتوفيق :
ألا يقع فيها فيما يستقبل
فإن كانت لي ذنوب فكفرها
وإن لم تكن فاحفظني منها
الفائدة الثالثة :
ـــــــــــــــــــــ
أن ذكر المشرق والمغرب من باب المبالغة
وقوله عليه الصلاة والسلام :
(( اللهم نقني من خطاياي كما ينقى الثوب الأبيض من الدنس ))
من الفوائد تحت هذه الجملة :
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
الفائدة الأولى :
ــــــــــــــــــــــــــــ
قال ابن حجر : ذكر الثوب البيض من باب أن الثوب الأبيض يظهر فيه الوسخ أكثر من غيره
الفائدة الثانية :
ــــــــــــــــــــــــــ
أن في هذه الجملة بعد الجملة الأولى مبالغة في دعاء العبد لله عز وجل أن يزيل عنه الأثر الحاصل من الذنوب
بدليل أنه ذكر الثوب الأبيض
فإذا كان الثوب البيض يظهر فيه الوسخ أكثر من غيره
فإنه بحاجة إلى مزيد تنقية وتطهير
الجملة السابقة :
فيها تأكيد لكن بمعنى آخر:
الجملة الثانية مؤكدة لأحد المعنيين
الجملة الثالثة :
(( اللهم اغسلني من خطاياي بالماء والثلج والبرد )) :
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
وهذه أيضا تؤكد ما سبق
لكن لو قال قائل :
ــــــــــــــــــــــــــــ
لماذا ذكر الماء والثلج والبرد مع أنهما في الأصل ماء ؟
قال بعض العلماء :
هذا من باب التأكيد فلا يكون هناك معنى آخر لأن أصل هذه الأشياء إلى الماء
وقال بعض العلماء وهو الصواب :
لأن ذكر هذه الثلاث وهي ولاشك منقيات إذا تواردت على الوسخ كان أبلغ في تنقيته
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
توقفنا عند سؤال وهو :
لماذا ذكر الثلج والبرد مع أن الماء الحار أبلغ في التنظيف من الماء البارد وهذا شيء محسوس والواقع يشهد له ؟
الجواب عن هذا :
ـــــــــــــــــــــــــ
قال بعض العلماء :
إن آثار الذنوب هي الوصول إلى النار ويتناسب مع حرارة النار أن يكون هناك شيء بارد
وقال بعض العلماء :
وهو رأي شيخ الإسلام قال تلميذه ابن القيم: سألت شيخي لم ذكر الثلج والبرد مع أن الماء الحار أبلغ في التنظيف من الماء البارد ؟
قال: فأجابني : فقال :
إن الذنوب تورث ضعفا وخمولا وكسلا في القلب فناسب أن يذكر الماء البارد لتنشيط القلب وإقامته من فتوره وكسله
وسُئلنا سؤالا عن الخطايا والذنوب :
لماذا اجتمعتا ؟
والجواب :
أشرنا إلى شيء من ذلك في شرحنا للقواعد الأربع للإمام المجدد محمد بن عبد الوهاب فيما نقل عن الشيخ عبد الرحمن السعدي إذ ذكرنا آيات قرن فيها ما يدل على هذا .