الفقه الموسع
الدرس ( 136 )
تتمة أنواع الاستفتاحات
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
فضيلة الشيخ : زيد بن مسفر البحري
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
النوع السابع : من أنواع الاستفتاح :
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
” الله أكبر كبيرا والحمد لله كثيرا وسبحان الله بكرة وأصيلا “
وهذا الحديث أخرجه الإمام مسلم من حديث ابن عمر أنه قال :
” بينما نحن نصلي مع رسول الله صلى الله عليه وسلم إذ دخل رجل فذكر الحديث ……. “
فقال عليه الصلاة والسلام :
(( عجبت لها فتحت لها أبواب السماء ))
قال ابن عمر :
” فما تركتها منذ سمعت رسول الله عليه الصلاة والسلام يقول ذلك “
وهذا الحديث أفاد بأن هذا النوع يقال في الفرض لأنهم كانوا مع النبي عليه الصلاة والسلام
ولكن جاء عند أبي نعيم :
أن النبي عليه الصلاة والسلام قال ذلك في صلاة التطوع
ولا تعارض بينهما فإنه يقال هنا ويقال هنا
فيكون عليه الصلاة والسلام ذكر الفضل الذي لهذه الكلمات .
ثم هو عليه الصلاة والسلام كان يقولها من قبل أو قالها فيما بعد
وكما سبق معنا أن القاعدة :
أن ما ثبت في الفرض ثبت في النفل وكذلك في العكس ما لم يرد دليل على التخصيص
وأفاد هذا الحديث :
بأن السماء لها أبواب
وكذلك أفاد :
بأن هذه الأبواب تفتح
وأن هذه الكلمات صعدت فبمجرد صعودها فتحت لها أبواب السماء بينما قد لا تفتح إلا بعد أن يكون هناك استئذان
مثل ما حدث في قصة المعراج :
فإن جبريل لما طرق باب السماء الدنيا قالوا :
من أنت؟
قال : أنا جبريل
قالوا : من معك؟
قال : محمد
ثم فتح لهما الباب
وفيه فائدة :
” بكرة وأصيلا “
البكرة هي: أول النهار
والآصال : هو آخر النهار
وخص هذان الوقتان : لأن ملائكة الليل والنهار تجتمع فيهما كما قال بعض العلماء
وقال آخرون : بل إن ذكر البكرة والآصال يدل على الدوام
ففيه تقرب من العبد إلى الله عز وجل بهذا الذكر المستمر المثنى به على الله عز وجل على الدوام ولا يقصد به هذان الوقتان .
ويستدلون على ذلك بقوله تعالى :
((وَلَهُمْ رِزْقُهُمْ فِيهَا بُكْرَةً وَعَشِيّاً ))
النوع الثامن من أنواع الاستفتاح :
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
“الحمد لله حمدا كثيرا طيبا مباركا فيه “
وهذا الحديث أخرجه الإمام مسلم
ونصه :
أن رجلا أتى إلى النبي عليه الصلاة والسلام وهو يصلي بأصحابه وقد حبسه النفس :
فقال : هذه الكلمات
فقال عليه الصلاة والسلام :
من المتكلم آنفا ؟
فأرمَّ القوم يعني سكتوا
قال عليه الصلاة والسلام : إنه لم يقل بأسا
فقال الرجل : أنا يا رسول الله أتيت وقد حبسني النفس
فقال عليه الصلاة والسلام :
لقد رأيت اثني عشر ملكا يبتدرها أيهم يرفعها “
ويستفاد من هذا الحديث :
أن بعض الأعمال تكتبها ملائكة غير الحفظة
وكذلك يستفاد منها :
أن هذا العدد لا يدخل في كيفيته والحكمة منه
لأنه مفوض إلى الله عز وجل
ويستفاد منه :
أنه يستدل به لأصحاب القول الذين يقولون بأن الاستفتاح قبل الصلاة
ويجاب عن ذلك :
بأن الأدعية الأخرى قد جاء ذكر التكبير ولا يلزم من عدم ذكرها في دعاء أو في حديث أنه يذكر قبل الشروع في الصلاة
ومع ذلك فقد جاءت رواية عند أبي داود بذكر التكبير
وأفاد :
أن حبس النفس لهذا الرجل وهو الاضطراب الشديد أفاد بأن المصلي يجوز له أن يسرع إذا خشي أن تفوته الركعة أو خشي أن تفوته الفاتحة أو ما شابه ذلك .
لأنه قال ” حبسه النفس “
ويجاب عن هذا :
بأنه ورد في مسند الإمام أحمد وسنن أبي داود أن النبي عليه الصلاة والسلام قال :
” فليمش أحدكم على نحو ما يمشي فليصل ما أدرك وليقض ما سُبق “
فهو عليه الصلاة والسلام لم يقره
النوع التاسع من أنواع الاستفتاحات :
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
(( اللهم رب جبرائيل وميكائيل وإسرافيل فاطر السموات والأرض عالم الغيب والشهادة أنت تحكم بين عبادك فيما كانوا فيه يختلفون ، اهدني لما اختلف فيه من الحق بإذنك إنك تهدي من تشاء إلى صراط مستقيم ))
وهذا الحديث أخرجه مسلم عن عائشة: لما سئلت بأي شيء كان يستفتح النبي عليه الصلاة والسلام صلاته بالليل ؟
فقالت : كان يفتتح صلاته بالليل وذكرت الحديث
ويستفاد من هذا الحديث :
أن جبريل وميكال يذكران بالهمز جبرائيل وميكائيل
ويستفاد أيضا :
أن في هذا دليلا لمن قال : بأن الاستفتاح يكون قبل الصلاة .
وهذا واضح جلي من قولها رضي الله عنها
ولكن يجاب عن ذلك بما أجبنا عنه مسبقا :
من أن عدم ذكره في بعض الأحاديث لا يدل على نفيه مع أنه ورد في مسند الإمام أحمد أنها قالت :
” كان إذا صلى من الليل كبّر فذكرت الحديث . “
وأفاد هذا الحديث :
التوسل إلى الله عز وجل بربوبيته لهؤلاء الملائكة الثلاثة : جبرائيل وميكائيل وإسرافيل ، وذلك لأن هؤلاء الثلاثة موكلون بالحياة :
فجبريل : موكل بالوحي الذي به حياة القلوب
وميكائيل : موكل بالمطر الذي به حياة الأرض
وإسرافيل: موكل بالنفخ في الصور الذي به تحيا الموتى عند البعث والنشور
فيتوسل إلى الله بربوبيته لهؤلاء الثلاثة من أجل أن يهديه إلى الحق المختلف فيه لأن هداية الله له إلى الحق هو الحياة
ويستفاد أيضا :
أن قوله : ” اهدني “: ليس من باب تحصيل الحاصل وإنما يراد منه الثبات واللزوم على طريق الهداية مع أنه مهتدي وكذلك تجدد الهداية من الله عز وجل للعبد لأن العبد بحاجة إلى أن يهدى دائما بهداية الله عز وجل
فحاجته إلى الهداية أحوج منه إلى حاجته الى الطعام والشراب
النوع العاشر من أنواع الاستفتاحات :
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
ما جاء في مسند الإمام أحمد وسنن أبي داود والنسائي :
” الله أكبر الله أكبر الله أكبر ذو الملكوت والجبروت والكبرياء والعظمة “
ويستفاد من هذا :
أنه وردت رواية عد أبي داود أنه في قيام الليل
وكذلك ورد عنده :
أن النبي عليه الصلاة والسلام قال ذلك بعدما كبر
فيدفع قول من يقول بأنه يكون قبل الشروع في الصلاة
وورد عنده :
تثليث التكبير ورد فقط عنده
النوع الحادي عشر من أنواع الاستفتاحات :
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
التكبير عشر مرات
والتحميد كذلك
والتهليل كذلك
والتسبيح كذلك
ويقول :
اللهم اغفر لي واهدني وارزقني وعافني ” عشر “
ويتعوذ من الضيق يوم الحساب عشر
وهذه في مسند الإمام احمد وسنن أبي داود والنسائي
قال السندي : ” يحتمل أنه مع التكبير دخلت تكبيرة الإحرام ويحتمل أن تكون منفردة “
النوع الثاني عشر والأخير من أنواع الاستفتاحات :
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
(( اللهم لك الحمد أنت نور السموات والأرض ومن فيهن ولك الحمد أنت قيِّم السموات والأرض ومن فيهن ولك الحمد أنت ملك السموات والأرض ومن فيهن ولك الحمد أنت الحق ووعدك حق ولقاؤك حق وقولك حق والجنة حق والنار حق والساعة حق والنبيون حق ومحمد حق ، اللهم لك أسلمت وعليك توكلت وبك آمنت وإليك أنبت وبك خاصمت ، وإليك حاكمت فاغفر لي ما قدمت وما أخرت وما أسررت وما أعلنت أنت المقدم وأنت المؤخر لا إله إلا أنت أو لا إله غيرك ))
هذا أخرجه الإمامان البخاري ومسلم من حديث ابن عباس من أن النبي عليه الصلاة والسلام كان يقوله في قيام الليل
وأفاد هذا الحديث ما يلي :
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
أولا :
ـــــــــ
جاء في معجم الطبراني :
أن النبي عليه الصلاة والسلام كان يقول ذلك بعد التكبير وبعد قول: ” وجهت وجهي “
فأفاد هذا :
أن هذا يقال بعد تكبيرة الإحرام وأنه يقال بعد حديث علي
ورواية الطبراني بذكر التكبير لها ما يؤيدها كما جاء في بعض السنن
وأما بالنسبة لذكر هذا بعد حديث وجهت وجهي فإنه حديث ضعيف
ويستفاد من هذا :
أن الله عز وجل حق
والحق كما قال العلماء : هو المتحقق وجوده ولذلك سميت الساعة بأنها حق :
((الْحَاقَّةُ{1} مَا الْحَاقَّةُ{2}))
لأنها حق وواقع لا محالة .
ويستفاد من ذلك :
أنه جاءت رواية : ” أنت قيَّام “
قيم أو قيام :
معنى ذلك : أن السموات والأرض ما قامت إلا بالله عز وجل
ولذا من أسمائه أنه قيوم الذي يقوم بنفسه ولا يقوم غيره إلا به
في رواية عند البخاري :
” أنت إلهي “
عند بن ماجه :
” ولا حول ولا قوة إلا بك “
فهذه أنواع الاستفتاح وهي على ما عدها الألباني تصل إلى اثني عشر استفتاحا وإذا ضممنا اثنين مع حديث علي تصبح عشرة
وهذه الأنواع كما سبق للعلماء فيها أقوال في اختيار ما هو الأفضل
ولكن لو طبقنا ما ذكره شيخ الإسلام في الفضل لكان أفضل وأوجه :
إذ قال رحمه الله :
الأفضل :
ما كان فيه ثناء على الله عز وجل
يليه :
ما كان فيه إنشاء من العبد وإخبار عن عبوديته لله عز وجل
الثالث :
ما كان دعاء
وموقف المسلم على القول الصحيح هو أن ينوع
كما هي القاعدة السابقة :
وهي :
أن العبادة إذا وردت على وجوه متنوعة فالأفضل أن يفعل بهذا تارة وبذلك تارة وهلم جرا
من أجل أن نحصل على فوائد سبق ذكرها وهي :
أولا :
إحياء السنة
ثانيا :
الاقتداء بالنبي عليه الصلاة والسلام
ثالثا :
حضور القلب
رابعا :
التيسير على المكلف إذ قد يكون بعضها قليلا
ولا يسن له أن يجمع أنواعا في صلاة واحدة
وإنما عليه أن ينوع .
هذا ما يتعلق بدعاء الاستفتاح وقد فرغ منه
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ