الدرس ( 60 ) باب التيمم ( 5 ) ( التيمم شرع للحدث ـ كل ما تصعد على وجه الأرض يصح التيمم به )

الدرس ( 60 ) باب التيمم ( 5 ) ( التيمم شرع للحدث ـ كل ما تصعد على وجه الأرض يصح التيمم به )

مشاهدات: 478

بسم الله الرحمن الرحيم

باب التيمم – الدرس الستون- من الفقه الموسع

لفضيلة الشيخ/ زيد البحري

ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

مسألة/ [ الصحيح أن التيممَ إنما يُشرَعُ للحَدَث ]

الشرح/ هذه المسألة يراد منها ردُّ القولِ المرجوح، هو: القولُ المشتَهَر في مذهب الإمام أحمد رحمه الله إذ يقولون: [ إن مَن عليه نجاسةٌ وليس معه ماء أن يتيممِ لهذه النجاسة ] وعِلّتُهم:

 لأن التيمم مُطَهِّر فيكونُ كالماء، فإن الماءَ تحصُلُ به الطهارةُ من النجاسة والطهارةُ من الحدث

ولكن الصحيح ما ذُكِر: من أنه لا يُشرَعُ التيممُ للنجاسة، لأدلة منها:

الدليل الأول: أن الشريعة لم تأتِ بهذا إنما جاءت في طهارةِ التراب عن الحدث.

 

الدليلُ الثاني: أن النجاسة – كما سبق – يُرادُ منها التخلية، فهي مِن باب التروك،

 فالمقصودُ منها أن تزول، فلو تيمم لم تزُل هذه النجاسة،

 أما قولكم: [ بأنه يُقاسَ على الوُضوء ] فنقول: إنه قياسٌ مع الفارق، وذلك لأن الطهارة بالتراب طهارةٌ معنوية بينما الطهارة بالماء طهارةٌ حسية معنوية، وقد أوضح ذلك ابن القيم رحمه الله، إذ قال:

( إن الطهارة بالتراب طهارةٌ معنى وإن كانت الأعضاءُ تتلوثُ بالتراب )

 

وهنا مسألةٌ يذكرُها بعضُ فقهاءِ الحنابلة، وقالوا: [ لا نعلمُ فيها خِلافا ] وقد ذَكَرَها صاحبُ الشرحِ الكبير ونقلَها عنه ابنُ قاسِمٍ في الحاشية، هذه المسألة:

 لو أن لديه ماءً قليلا، وعليه نجاسةٌ في بدنه، وفي ثوبه، وهو محدثُ حدثا أصغر، فماذا يُقَدِّم:

 أيتوضأ بهذا الماء ويدعُ النجاسةَ التي على بدنه وثوبه، أم يكون العكس؟

الجواب/ قالوا: إنه يبدأُ بِغَسْلِ النجاسةِ التي في ثوبِه،

فإن بَقِيَ شيءٌ مِن الماء فيغسِل النجاسةَ التي في بدنه،

 فإن بقِيَ شيءٌ من الماء فلْيتوضأ،

 وإن لم يَبْقَ شيءٌ فيتيمم،

 ولم يذكروا عليها دليلا، وإنما قالوا: [ لا نعلمُ في ذلك خلافا ]

 والذي يظهرُ لي: أن تقديمَ تطهيرِ النجاسةِ التي في الثوبِ على النجاسةِ التي في البدن، لأن النجاسةَ التي على الثياب: لم تتسامح فيها الشريعةُ تسامحا كبيرا، وإن كانت هناك صورٌ يسيرةٌ لِدَفْعِ المشقة،

 وأما بالنسبة لنجاسة البدن: فقد جاء التسامح ُفي مثل الاستجمار، فإن إزالةَ النجاسةِ التي في السبيلين يبقى بعد ذلك أثر،

 وأما تقديمُ هاتين النجاستين على طهارة الحدث: فلأن الشريعة جاءت بالبدل في الحدث الأصغر عن طهارة الماء، وهذا البَدَلُ هو طهارةُ التراب،

 وأما بالنسبة للنجاسة: فلم يأت دليلٌ بتطهيرها بطهارةِ التراب، وهذا يدل على ضَعفِ مَن قال بمشروعية التيمم للنجاسة التي لا يستطيع إزالتَها،

 ومما يدل على ضَعف هذا القول أيضا: أنهم فرّقوا بين النجاسةِ التي تكونُ في البدن وبين النجاسة التي تكونُ في غيرِ البدن كالبقعة مثلا، فقالوا/ إن التيمم عن النجاسة إنما هي النجاسةُ التي تكونُ في البدن فقط أما ما عدا ذلك فلا يُتيممُ عنها.

 وهذا تفريقٌ لا وجهَ له، فإما أن يقولوا بالتيمم عن النجاسات كلِّها في البدن والثوب والبقعة،

 وأما ان يقولوا بمثل ما قلنا.

ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

 

مسألة/ [ الصحيح من قولي العلماء ان كل ما تصعد على وجه الأرض يصح التيممُ به ]

الشرح/ هذه المسألة مسألة خلافية:

القول الأول: بأن التيممَ لا يكونُ إلا بالتراب، وذلك لأن التراب له غُبار، ويستدلون على ذلك بأدلة:

 

الدليل الأول: قوله تعالى في سورة المائدة: {فَامْسَحُوا بِوُجُوهِكُمْ وَأَيْدِيكُم مِّنْهُ}

فكلمةُ {مِّنْهُ} تبعيضية، فيكونُ التيممُ ببعض أجزاءِ الأرض، والذي يبقى منه هو التراب.

 

الدليل الثاني: ما جاء في رواية مسلم، قال النبي ﷺ:

” وَجُعِلَتْ لَنَا الْأَرْضُ كُلُّهَا مَسْجِدًا، وَجُعِلَتْ تُرْبَتُهَا لَنَا طَهُورًا إِذَا لَمْ نَجِدِ الْمَاءَ “

فخصّصَ التُّربة، وهذا التخصيصُ يكون للنص العام الذي هو قولُه عليه الصلاة والسلام في الصحيحين:

” وَجُعِلَتْ لِيَ الْأَرْضُ مَسْجِدًا وَطَهُورًا “

 

القول الثاني -وهو القول الصحيح -: أن التيمم يحصل بكل ما تصعَّدَ على وجهِ الأرض، وهذا هو اختيارُ شيخِ الإسلامِ وتلميذِه ابن القيم رحمهما الله؛ ويستدلون على ذلك بأدلة:

 

الدليل الأول: قوله تعالى: {فَلَمْ تَجِدُوا مَاءً فَتَيَمَّمُوا صَعِيدًا طَيِّبًا} فذَكَر الصعيد.

 

الدليل الثاني: قولُه تعالى في سورة النساء: {فَامْسَحُوا بِوُجُوهِكُمْ وَأَيْدِيكُمْ} ولم يقل فامسحوا بوجوهكم وأيديكم منه.

 

الدليل الثالث: قول النبي ﷺ كما في الصحيحين: ” وَجُعِلَتْ لِيَ الْأَرْضُ مَسْجِدًا وَطَهُورًا ” ولم يُخَصِّص عليه الصلاةُ والسلام؛ بل جاء في إحدى الروايات وهو الدليلُ الرابع،

 

الدليل الرابع: ” وَجُعِلَتْ لِيَ الْأَرْضُ كلُّها ” فزاد هذا العمومَ توكيدا بكلمة (كل).

 

الدليلُ الخامس: قول النبي ﷺ كما عند الترمذي وأبي داود:

” إِنَّ الصَّعِيدَ الطَّيِّبَ طَهُورُ الْمُسْلِمِ، وَإِنْ لَمْ يَجِدِ الْمَاءَ عَشْرَ سِنِينَ “

فنصَّ عليه الصلاةُ والسلام على الصعيد كما نصّتِ الآيةُ بذلك،

 والصعيدُ في لغةِ العرب: كلُّ ما تصعد على وجه الأرض مِن حجرٍ وترابٍ وصخورٍ ونباتٍ ونحو ذلك.

 

الدليلُ السادس: أن النبي ﷺ كما في الصحيحين تيمم لردِّ السلامِ على الرجل، وكان تيممُه على الحائط؛ والحائطُ في الغالِبِ لا يكونُ فيه تراب.

 

الدليلُ السابع: أن النبي ﷺ كان إذا جامَعَ فكَسَلَ أن يتوضأ تيمم على الحائط.

 

الدليلُ الثامن: وهو دليلٌ قال به ابنُ خزيمةَ رحمه الله، قولُه عليه الصلاة والسلام في دار الهجرة:

” أُرِيتُكُم دارَ هِجْرَتِكُم سَبْخَةً ذَاتَ نَخْلٍ ” فإذا جُمِعَ هذا الحديث مع تسميته عليه الصلاة والسلام للمدينة بأنها (طيبة) دلَّ على جوازِ التيمم بالأرض السَّبِخَة.

 

الدليلُ التاسع: أن أرضَ الحجاز التي يسكُنُها النبي ﷺ والصحابةُ رضي الله عنهم، أكثرُ ما فيها جبالٌ وصخور، فلو كان الترابُ مشروطا لَبُيِّنَ لوجودِ الحاجةِ المُلِحَّةِ في ذلك.

 

الدليلُ العاشر: أن الرسول ﷺ غزا في تبوك ولم يُنقل – كما قال ابن القيم رحمه الله في زاد المعاد –

أنهم كانوا يحملون التراب مع أن مرورَهم كان بالرمال، والرمالُ لا يكونُ فيها غبار.

 

الدليلُ الحادي عشر: قول النبي ﷺ كما في الصحيحين لعمار:

” إِنَّمَا يَكْفِيكَ أَنْ تَضْرِبَ بِيَدَيْكَ الْأَرْضَ، ثُمَّ تَنْفُخَ فيها ” وفي النفخِ إزالةٌ للتراب.

 

الدليل الثاني عشر: ثبت من فعل النبي ﷺ أنه ضَرَبَ بيدَيه الأرض ثم نَفَخَ فيهما، قال ابن حجر:

 يُحتمل أنه نَفَخَ مِن أجلِ كثرةِ التراب، ويُحتمل أن هذا النفخَ لأذًى كان بيدِه،

 ولكن هذين الاحتمالين ليسا بواردَين لأن قولَه (يحتمل كثرة التراب) جاء في الصحيحين:

” فتَفَل فيهما ” وهذا يدل على قلةِ التراب العالقِ بيده عليه الصلاةُ والسلام،

وأما الاحتمالُ الآخَر وهو (عُلوقُ أذًى بيده) فيَرُدُّه إرشادُ النبي ﷺ لعَمّار إذ قال:

” إِنَّمَا يَكْفِيكَ أَنْ تَضْرِبَ بِيَدَيْكَ الْأَرْضَ، ثُمَّ تَنْفُخَ فيهما “

فيظهَرُ مِن هذا: أن النفخَ بعد ضَرْبِ اليدَين بالأرض مقصودٌ شرعا.

 

فهذه الأدلة من الكتاب ومن السنة ومن اللغة تدل على:

 إجزاءِ التيممِ بكل ما تصعد على وجه الأرض.

 

 وأما ما استدلوا به: من قوله تعالى: {فَامْسَحُوا بِوُجُوهِكُمْ وَأَيْدِيكُم مِّنْهُ}

 فنقول: لا نُسَلِّمُ بأن {من} هنا للتبعيض وإنما هي للابتداء، كما لو قلت: سِرتُ من المسجد إلى البيت، بدليل الآية التي في سورة النساء فلم تأت بكلمة {من} قال تعالى: {فَامْسَحُوا بِوُجُوهِكُمْ وَأَيْدِيكُمْ}  

مع أن سورة النساء أسبقُ في النزول من سورةِ المائدة.

 وأما الاستدلال برواية مسلم: ” وَجُعِلَتْ تُرْبَتُهَا لَنَا طَهُورًا ” فهذه الروايةُ لا تدل على التخصيص لأن القاعدةَ الأصوليةَ تقول: [ إن ذِكْرَ بعضِ أفرادِ العام لا يدلُّ على التخصيص، وإنما يدلُّ على مزيدِ الاهتمام ] كما لو قلتَ: أكرِم المُصلين؛ ثم قلتَ: أكرِم زيدا، وهو مِن جُملَةِ المُصَلّين، فإن تخصيصَ زيدٍ بهذه الجملة وبهذه العبارة، تدل على الاهتمام به، فيُخَصُّ بمزيد مِن الاكرام، وليس معنى هذا أن يكون الإكرامُ منحصرا في زيد.

وقد قال ابنُ حجر رحمه الله في الفتح: إن روايةَ مسلم تدل على التخصيص، لأن النص جاء في سياق التشريف والامتنان، فلو كان غيرُ الترابِ مطهّرًا لما خُصّ التراب،

ولكن الصواب كما قلنا: إن الامتنان والتشريف حَصَلَ بالعموم في الأحاديث الأخرى:

” جُعِلَتْ لِيَ الْأَرْضُ مَسْجِدًا وَطَهُورًا “

 بل رواية: ” وَجُعِلَتْ لِيَ الْأَرْضُ كلُّها ” تدل على الامتنان، بل إن الامتنان والتشريف في الكل أظهرُ منه في البعض، وإنما ذِكْرُ الترابِ هنا من بابِ التأكيد على التراب.

 

وأصحابُ هذا القول يقولون: يجوزُ أن يتيمم على صخرٍ أو على نباتٍ أو على جدارٍ إذا كان فيه غبار، أما إذا لم يكن هناك غبار فلا يصح التيمم عندهم.

 

ومما يشترط في هذا الصعيد: أن يكون طيبا، ويستفاد من كلمة ( طيب ) أن يكون هذا الترابُ طَهورا، والخلافُ في أقسامِ الترابِ كالخلافِ في أقسامِ المياه، فإن المذهب يرى أن الترابَ ثلاثةُ أنواع:

 ( طَهور – طاهر – ونجس ) ولكن الصحيح كما سبق في مسألة أقسام المياه:

 أن الصعيد نوعان ( طَهور – نجِس )

 

والدليلُ على اشتراطِ طهارةِ التراب ما يأتي:

أولا/ قولُه تعالى: {فَتَيَمَّمُوا صَعِيدًا طَيِّبًا}

ثانيا/ قول النبي ﷺ ” الصَّعِيد الطَّيِّب طَهُورُ الْمُسْلِمِ “

 

ثالثا /قول النبي ﷺ: ” جُعِلَتْ لِيَ الْأَرْضُ طَيِّبَةً طَهُورًا وَمَسْجِدًا “

 

رابعا/ أن النجِسَ يحتاجُ إلى تطهيرِ في نفسِه فكيف يُطَهِّرُ غيرَه.

 

ومسألةُ ضابط الصعيد الذي يتصعد على وجه الأرض:

فبعد النظرِ في كتب العلماء، وُجِدَ أن المسألةَ لها طرفانِ وواسطة:

فالطرفُ الأول: أن الإجماعَ انعقد على أنه لا يجوزُ أن يُتيمم بالذهب والفضة والياقوت والزمرد والأطعمة والنجاسات.

والطرف الثاني: انعقاد الاجماع على أنه يجوزُ التيمم بالترابِ غيرِ المغصوبِ والمنقول، فإذا كان الترابُ على الأرض أي: غيرَ منقول، ولم يكن غيرَ مغصوب فإن العلماء قد أجمعوا على جوازِ التيمم به.

وأما الواسطة: في التي تشعّبَ فيها الخلاف، فقد اختلف الأئمةُ الأربعةُ في هذا الصعيد، وفي اختلافهم اختلفوا في جزئياته أيضا، وقد اختلفوا في التيمم على المعادن غيرِ الذهب والفضة،

 واختلفوا في الثلج في التيمم عليه، واختلفوا في التيمم على بعض الأحجار الكريمة وما شابه ذلك، والعجيب أنه لم يُذكَر ضابطٌ عند مَن يرى أن التيمم لا يكونُ بما تصعد على وجه الأرض،

 فالمسألة ذكرها شيخُ الإسلام رحمه الله في الفتاوى، وذكر الخلاف والجزئيات التي فيه ولم يوضّح،

 وكذلك القرطبيُّ في التفسير، وكذا الشنقيطيُّ رحمه الله ذَكَر ما ذَكَره القرطبي نقلا،

 وكذا بعضُ كتب الفقه، ولم أر ضابطا ذُكِرَ هنا، إنما القائل بجواز التيمم بكل ما تصعد على وجهِ الأرض باعتبار اللغة،

والصعيدُ في لغة العرب: كلُّ ما كان على ظهر الأرض من حجر أو رمل أو ترابٍ أو نبات أو شجر؛

وعندي – والله أعلم -: أن الضابط بعد النظر في عموم الأدلة أن يُقال إن قوله تعالى:

{ فَتَيَمَّمُواْ صَعِيدًا طَيِّبًا} أن هذه الآية تُجمَعُ مع قول النبي ﷺ:

” جُعِلَتْ لِيَ الْأَرْضُ مَسْجِدًا وَطَهُورًا “

وقال كما في رواية أحمد: ” فعنده مسجدُه وطَهورُه “

 وكذلك الأحاديثُ التي يتيمم فيها النبي ﷺ على الأرض وعلى الحائط، فاستبان لي أن:

أولا/ أن المقصود ليس كل ما تصعد على وجه الأرض على وجه العموم، إذ لو كان كذلك لكانت المنةُ في الحديث بتعبيرٍ آخَر، فَلَحَسُنَ أن يقال في الجملة حتى يَكمُلَ التشريفُ والمنة:

 ( وجُعِلَ لي كلُّ شيء مسجدا وطَهورا )

ثانيا/ أن المتأمل في الحديث يرى أن النبي ﷺ جَمَعَ بين الصلاة والتيمم في أمْرٍ واحد وذلك في قوله ﷺ:

” جُعِلَتْ لِيَ الْأَرْضُ مَسْجِدًا وَطَهُورًا “

” فعنده مسجدُه وطَهورُه “

 فهذان الأمران اللذان هما: الصلاةُ والتيمم، مُتَعَلِّقٌ أحدُهما بالآخَر، ذلك بأن مِن شروطِ صحةِ الصلاة (الطهارة) وهذه الطهارةُ عند فِقدان الماء تكون بالتراب، فيكون المُتَيَمَّمُ به هو الذي يُمكِنُ الصلاةُ عليه مما تصعد على وجهِ الأرض مِن جِنسِها وتوابِعِها، هذا هو الثابتُ،

 أما المنقول: فيكون حُكْمُه كَحُكمِ ما يكونُ في المسألةِ الأولى، فيكونُ حكمُ المنقول كحكمِ الثابت،

 فيُنظَرُ إلى هذا المنقول: كالجدار مثلا، وعلى هذا: فلا يكون هناك تيممٌ لا على شجر لأنه لا تحصُلُ الصلاةُ على هذه الشجرة، أما العشبُ والنباتُ فيجوز لأنه تابِعٌ لهذه الأرض وناشئٌ منها،

 فالضابطُ – والله أعلم -:

 أنه مربوطٌ بما تحصُلُ الصلاةُ عليه شريطةَ أن يكون مِن هذه الأرض أو من توابِعِها.

( هذا ما توصلتُ إليه، ولم أرَ مَن تحدّثَ بهذا، لأن المسألة متشعبة جدا، والعلماءُ فيها يذكرون المسألةَ ولا يذكرون الضابط )

 

سؤال/ قلتم التابع للأرض فهل يدخل فيها الفرش؟

الجواب/ لا يدخل فيها.

سؤال/ بالنسبة للشجر يمكن أن يجمع الإنسان بستان ويصلي عليه، أو يقص ويرص على الأرض؟

الجواب/ مثل هذا بعيد لأن التيمم به لم يجز بناء على أن الصلاة لا تكون عليه.

سؤال/ الجدار يجوز التيمم عليه مع أنه لا تحصل الصلاة عليه؟

الجواب/ لأن الجدار أصله من الأرض، فلو حلل هذا الجدار لكان ترابا او حجر ثم أن النبي ﷺ تيمم عليه وليس يتيمم للصلاة.

 

أما القولُ بأنه يُشترطُ أن يكونَ غيرَ مغصوب، استدلال بعضِ العلماء بقوله تعالى:

{فَتَيَمَّمُوا صَعِيدًا طَيِّبًا} فقالوا: إن الطيبَ هو (الحلال)؛ ولكن الذي عليه جمهور المفسرين:

 أن الطيب هنا هو (الطاهر) ولذا قال القرطبي رحمه الله – عند من يقول بأنه هو الحلال – قال:

” فيه قلق ” يعني: لم يستحسنه رحمه الله.

 والطهارةُ بالمغصوب: حكمُها كحكم الصلاةِ في المَغصوب، فمَن غَصَبَ دارا، أو غَصَبَ أرضًا فصلّى فيها، أو مَن غَصَبَ ماءً فتوضأ به – وتأتينا هذه المسألةُ بإذن الله في المواطِن التي لا يجوزُ أن يُصلى فيها –

ولكن الصحيح في هذه المسألة: أنه يصِحُّ التيمم لكنه آثم،

 وأما تفصيلُها وذِكْرُ أدلّتها وقواعِدِها فتأتيننا في مَوضِعِها بإذن الله تعالى.