الدرس ( 89 )باب شروط الصلاة ( 11) ( حكم انكشاف عورة المصلي ـ من صلى وعليه نجاسة أو عاريا ـ حكم السدل )

الدرس ( 89 )باب شروط الصلاة ( 11) ( حكم انكشاف عورة المصلي ـ من صلى وعليه نجاسة أو عاريا ـ حكم السدل )

مشاهدات: 464

بسم الله الرحمن الرحيم

باب شروط الصلاة: ستر العورة

الدرس التاسع والثمانون من الفقه الموسع

لفضيلة الشيخ زيد بن البحري

ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

مسألة: إن انكشفت عورة المصلي متعمداً بطلت صلاته،

وإن كان غير متعمدا؟ فقد اختلف في ذلك العلماء، هل تصح صلاته أم تبطل؟

الشرح: هذه المسألة لها فرعان:

1/ إذا كشفها متعمداً: فإن صلاتَه تبطل، لأنه ترَك شرطاً من شروط صحة الصلاة، سواءٌ كان هذا المكشوفُ يسيراً أم كبيراً، وسواءٌ كان الكشفُ لوقتٍ يسير أم لوقت طويل.

2/ إذا انكشفت عورتُه غيرَ متعمد: فلما فرَغ من صلاته إذا بِخَرقٍ في سراويله مما يلي عورَتَه، فالصحيح أن يُقال باختصار: أن صلاته صحيحة، وهي لا تخلو من حالات:

1/ إن كان يسيراً والزمنُ يسير، بمعنى: أنه تفطَّنَ فَسَتَر، فهذا صلاتُه صحيحة.

2/ إن كان المكشوفُ فاحشاً، والفُحشُ يختلف، فقد يكونُ الفُحشُ مِن حيثُ الكثرة، وقد يكون الفحش لا من حيث الكثرة وإنما مِن حيثُ الموضِع: فإن المنكشفَ اليسير مما يلي الفرج ليس كالمنكشف اليسير من الفخذ، فالأولُ فاحش، والثاني ليس كذلك،

 فإذا كان المكشوفُ فاحشاً والزمنُ يسير: فالصحيحُ أن الصلاةَ لا تبطُل لأنه معذور.

3/ إذا كان فاحشاً وكان الزمنُ طويلاً: فالذي يظهرُ أنه ليس بمعذور، لأن مِثل هذا لا يَخفى ولا يُجهل فهي أمارةٌ على تفريطِه وعدمِ حِرصِه، وإلا فأمْرٌ فاحِشٌ والوقتُ طويل يدلُّ على تفريطه، ومِن ثَم:

 فإن صلاتَه لا تصح.

 

 ومما يدل على هذه المسألة وهي مسألة أن غيرَ العامد لا تبطل صلاته:

 ما جاء عند أبي داود عن عمرو بن سلمة أن عورته كانت تبدوا أحياناً وتتوارى أحيانا، وجاء عند البخاري أنه رضي الله عنه كان يصلي بقومه وكانت تنكشف عورته، فإذا سجد تقلّص ثوبه فقالت إحدى النساء (آلا واريتم عنا اُست إمامِكُم ).

ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

مسألة: [الصحيح أن من صلى وعليه نجاسةٌ قد نسيها، أو نسى أن يغسِلَها، أو جَهِلَها، أو جَهِل حُكْمَها: أن صلاتَه صحيحة]

الشرح/ هذه المسألة اختلف فيها العلماء:

 فالمشهور من مذهب الإمام أحمد: أن من صلى وعليه نجاسة فَعَلِمَ بعد الفراغِ منها: أن صلاته باطلة، لأنه ترك شرطاً من شروط صحة الصلاة، فكما لو ترك ركنا من أركان الصلاة؛ ويستثنون من ذلك:

 لو جَهِل هل أصابته هذه النجاسة قبل الصلاة أو بعدها؟

 فيقولون: إن صلاته صحيحة، لاحتمال أن هذه النجاسة قد أصابته بعد الصلاة.

القول الثاني: وهو اختيار شيخِ الإسلام رحمه الله: أن صلاتَه صحيحة سواء نَسِيَها أو نسيَ أن يغسلها، أو جَهِلَها أو جَهِلَ وقتَ إصابَتِها له قبلَ الصلاةِ أو بعدها، أو جَهِل حُكْمَها، أو جَهِلَ عَينَها فلم يدرِ أهي نجاسةٌ أم غيرُ نجاسة، ثم استبان له أنها نجاسة،

فعلى هذه الأحوال: تصح صلاتُه، وهو القول الراجح لما يأتي:

1/ عموم النصوص التي رفعت المؤاخذة عن الجاهل والناسي كقوله عزوجل: {رَبَّنَا لَا تُؤَاخِذْنَا إِن نَّسِينَا أَوْ أَخْطَأْنَا} [البقرة:286]، قال عزوجل كما عند مسلم: ” قد فعلتُ ” وفي رواية: ” نعم ” ولقوله ﷺ كما عند ابن ماجه: ” إنَّ اللهَ تجاوزَ عن أمتي الخطأَ، والنِّسيانَ، وما استُكرِهوا عليهِ “.

 

2/ وهو دليلٌ خاص: ما جاء عند أبي داود أن النبي ﷺ: صلى بنعليه ذات يوم فلما كبر لصلاة أتاه جبريل فأخبره أن في نعليه قذراً فخلعهما ﷺ، فخلع الصحابة نعالهم تأسِّياً بالنبي ﷺ فلما فرغ من صلاته قال ﷺ: «لِمَ خَلَعْتُمْ نِعَالَكُمْ؟» قَالُوا: رَأَيْنَاكَ خَلَعْتَ فَخَلَعْنَا “، قال ﷺ: ” إن جبريل أتانى فأخبرنى أن بهما قذرا”، فوجه الاستدلال من هذا الحديث:

أن النبي ﷺ لم يستأنفِ الصلاة، فدل على أن هذا معفوٌّ عنه، لأنه لا فرق في هذه النجاسة أن تكون في وقتٍ يسيرٍ مِن الصلاة أو في كلِّها، ودل على أن المعذور ليس بداخل،

 

 ولو اعترض معترض فقال: لو عَلِمَ بعد صلاته أنه لم يتوضأ، أو أنه مُحدِث، فإن صلاته باطلة!

 فنقول: نعم هي باطلة لقوله ﷺ: ” لا يقبلُ اللَّهُ صلاةً بغيرِ طُهورٍ” كما عند مسلم، قال ﷺ:

” لا يَقْبَلُ اللَّهُ صَلاةَ أحَدِكُمْ إذا أحْدَثَ حتَّى يَتَوَضَّأَ “

 

وأما التفريقُ بين الوُضوءِ وبين النجاسة: فلوجود الدليل، ولذا قال بعض العلماء:

 إن الوضوء من باب فِعلِ المأمور، والنجاسةَ مِن باب ترْكِ المحظور،

 ولذا فإن العلماء أجازوا في صلاة الخوف أن يَحمِلَ السلاحَ النجِس، فدل على أن هناك فرقا بينهما، من حيث الشرع ومن حيث النظر.

ــــــــــــــــــــــــــــــــــ

ولو قال قائل: هذا هو الناسي وهذا هو الجاهل، لكن: مَن عَلِمَ بالنجاسةِ ثم تَركها، فَفَرَغ مِن الصلاة، فمثلُ هذا لا يُعذَر لأنه فَرّط، إذ كيف يعلم ويدع هذه النجاسة!؟ لمَ لم يُبادر بإزالتها كما فَعَلَ النبي ﷺ لما بال الإعرابيُّ في المسجد -كما في الصحيحين- دعا بذَنوبٍ مِن ماء،

ولما بال عليه الغلامُ -كما جاء في الصحيحين- دعا بماءٍ فَنَضَحه؟

 فالجواب عن هذا: أن فِعلَه ﷺ مِن باب المسابقة إلى الخيرات، فلا يدل على الوجوب، لأن الله عزوجل لم يأمرنا إذا أحْدَثْنا أن نتوضأ قبل الشروع في الصلاة بزمن، وإنما أُمِرْنا على سبيل الوجوب بالوُضوء عند إرادةِ الصلاة، وكذلك هنا قال عزوجل: {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِذَا قُمْتُمْ إِلَى الصَّلَاةِ فَاغْسِلُوا وُجُوهَكُمْ وَأَيْدِيَكُمْ إِلَى الْمَرَافِقِ} الآية، فالوجوبُ عند إرادة الصلاة،

 ولأن النبي ﷺ كما جاء عند أبي داود لما خرج من الخلاء، قيل له: ” ألا نأْتيكَ بِوُضُوءٍ؟ فقال ﷺ: إنَّما أُمِرْتُ بالوُضُوءِ إذا قُمتُ إلى الصلاةِ “.

ــــــــــــــــــــــــــــــــــ

وأما حالُ مَن علم بالنجاسة في ثنايا الصلاة:

 فيجبُ عليه أن يُزيل هذا اللباسَ منه، ويستمرَّ في صلاته كما فَعلَ النبي ﷺ، فإن لم يتمكن؟

 فلْيَقطع الصلاة، فإن صلاتَه باطلة بعد عِلْمِه وهو في ثنايا الصلاة.

 

 ولو قال قائل: لو لم يجد إلا الثوبَ النجس، فماذا يصنع؟ هل يصلي عُرياناً؟

 أم يصلي به مع وجود النجاسة؟

[وهذا يدل على أن من شروط الثوبِ الملبوس أن يكون طاهراً، ودليلُ ذلك النصوصُ الكثيرة من بينها: أن النبي ﷺ لما بال عليه الغلام دعا بماء فنضحه،

[وستأتي مزيدُ أدلةٍ بإذن الله تعالى عند شرطِ اجتنابِ النجاسة]

 

فإذا لم يجد إلا هذا الثوب، فإن صلى به صلى بثوبٍ نجس،

 وإن لم يصلِّ به صلى عُرياناً، فماذا يقال له؟

يقال له: اختلف العلماء، قال بعض العلماء: يصلي عرياناً، لأنه لو صلى فقد أخلَّ بشرط مِن شروطِ صحةِ الصلاة، وهو اجتنابُ النجاسة، القولُ الثاني: أنه يصلي وعليه أن يُعيد.

القولُ الثالث: أنه يصلي وعليه الثوبُ النجس ولا يُعيد. وهذا هو الراجح لما يأتي:

1/ أن هذا حقٌّ من حقوق الله عزوجل، وقد سبق معنا في الثوب المحرم لوصفه كالطويل أو الزائد على الكعبين أو المحرم لعينه كالحرير يجوز لُبسهما إذا لم يجد غيرَهما، فصلاتُه صحيحة.

2/ أنه يجوزُ أن تُحمَل النجاسةُ عند الضرورة، كما في صلاة الخوف فكذلك هنا.

3/ أن الله عز وجل أمَر بأخْذِ الزينة في قوله: {يَا بَنِي آدَمَ خُذُوا زِينَتَكُمْ عِندَ كُلِّ مَسْجِدٍ} والصلاةُ عُريانا أقبحُ مِن الصلاة بالثوب النجس، ومِن ثَم: لو قيل: هل يتيمم لهذه النجاسة على هذا القول؟

 فالجواب عن هذا: أن المسألة قد مرت، فالصحيح على كل حال أنه لا يتيمم.

 

ولو قال قائل: لو وجد جزءً مِن لباسٍ لا يسترُ كلَّ عورتِه، وإنما يستر بعضَها، فماذا يصنع؟

فالجواب: أنه يبدأ بِسَتْرِ الفَرجَين، لأن العلماءَ متفقون على أن الفرجين عورة، بخلاف الفَخِذَين،

 ولأن الفرجينِ عورةٌ مغلظة، فَكَشْفُ اليسير منهما يُعَدُّ فاحشة بخلاف الفخِذ.

 

 فإن قال قائل: لم يجد إلا سِتراً إما لدُبره، وإما لِذَكَرِه، فما يستر؟

فالجوابُ: أنه يستُرُ الدُّبُر، لأن الدبرَ إذا سجد انفرج بخلاف الذَّكَر.

 

 فإن قال قائل إذا لم يجد لا ثوباً نجساً ولا شيئاً يستترُ به، فكيف يصلي؟

اختلف العلماء في هذا، قال بعضُ العلماء: يجب أن يصلي قائماً، لقوله ﷺ في حديث عمران بن الحصين كما عند البخاري: ” كانَتْ بي بَوَاسِيرُ، فَسَأَلْتُ النبيَّ ﷺ عَنِ الصَّلَاةِ، فَقالَ: صَلِّ قَائِمًا، فإنْ لَمْ تَسْتَطِعْ فَقَاعِدًا ” وهو مستطيعٌ أن يقوم.

وقال بعض العلماء: يصلي قاعداً استحباباً.

 وقال بعض العلماء: إن كان هناك مَن يراه يصلي قاعداً، وإن كان هناك من لا يراه أو كان حولَه أحد لكنه في ظُلمة، أو كان الموجودُ حوله لا يُبصر فيُصلي قائماً. ولعل هذا هو الأقرب، للجمع بين حق الله عزوجل وحق المخلوق، وليس هناك دليلٌ قاطع يفصِلُ في المسألة، اللهم إلا حديثَ عِمران، فإن الأمر بوجوب القيام، فما ذكرناه هو الأقرب جمعاً بين الحقَّين.

 

فلو قال قائل: إن كانوا أكثرَ مِن واحد، أتى قطاعُ طريق فسَلَبوا ما عليهم، فأصبحوا عُراةً، فكيف يصلون، أيُصلون فُرادا، أم يُصلون جماعةً؟

ج/ يُصلون جماعةً، لكنَ إمامَهم أين يكون؟

 قال بعض العلماء: يكون أمَامَهم، لأنه لا غضاضةَ عليه فهو مِثلًهم.

 وقال بعض العلماء: يصلي بينهم استحباباً.

 وقال بعض العلماء: يصلي بينهم وجوباً، وهذا هو القولُ الراجح، وذلك لأن تَقَدُّمَه يزيدُ مِن رؤيةِ عورتِه، ولأن تقدُّمَ الإمامِ في الصلاةِ مِن السنة ليس واجبا،

 وأما حديث: ” وسِّطوا الإمامَ ” ففيه ضَعف -كما سيأتي في أحكام الإمامة بإذن الله –

ومِن ثَم: فإن القولَ الراجح أنه يصلي وسَطَهم وجوباً.

 

فلو قال قائل: لو صلى العاري ثم في ثنايا صلاتِه وَجَد سُترة، فهل يمضي في صلاته؟ أو أنه يَقطَعُها؟ فالجواب: إن وجد سُترةً قريبةً غَطّى عورَتَه، واستكمل صلاتَه، فشأنُه كشأنِ مَن رأى على أحدِ ملابسه نجاسة ثم خَلَعَها،

 وأما إن كانت السُّترةُ بعيدة: فإن صلاتَه تبطُل، وذلك لأن الحركةَ الكثيرةَ في الصلاة مِن غيرِ ضرورةٍ تُبطِلُ الصلاةَ -كما سيأتي معنا إن شاء الله تعالى في أحكام سجودِ السهو-

فالخلاصةُ: أنه إن وجد سُترةً قريبةً: سَتَرَ وبنى على صلاتِه، وإن كانت بعيدةً: قَطعها وأعاد الصلاة.

 

ولو قال قائل: لو أن هذا العاري أعاره شخصٌ سُترةً، فهل يَلزمُه أن يقبلها أو لا يَلزمُه؟

 قال بعض العلماء: لا يلزمُه، وذلك لأن هذا المخلوقَ قد يَمتَنُّ عليه، ولكن الصحيح: أنه يلزمُه أن يقبلها إذا لم يكن هناك ضررٌ عليه ولا مِنّة، فكلُّ وسيلةٍ تجعلُه يُحَصِّلُ السُّتْرَةَ سواءٌ كانت هذه الوسيلةُ إعارةً أو هِبَةً أو شِراءً، فيلزمُه مالم يحصُلُ ضَررٌ عليه أو مِنّة.

ويُقال لأصحاب القول الأول: أنتم أجزتم بل ألزمتُم مَن افتقد الماءَ فأعطِيَ ماءً أن يقبَلَه،

 فلماذا هذا التفريق؟

أجابوا بجواب وهو: أن المِنَّةَ في الماء قليلة، ولكن الصواب: أنه في حالةِ العدم تحصُلُ المِنَّة،

 ولو كان في الشيءِ اليسير الذي لا يُؤبه له عند الناس.

ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

هذه أبرزُ مسائل سَتْر العورة، وقد ألحقَ العلماءُ بهذا الشرطِ بعضَ المسائلِ المتعلقةِ بالسَّتْر، وبعض المسائل المتعلقة باللباس، فمن بين المسائل المذكورةِ تحت هذا الشرط [ستر العورة]:

 

مسألة: [يُكره السَّدلُ في الصلاة]

الشرح/ السدلُ في الصلاة أصْلُ النهي عنه: ما جاء عند أبي داود أن النبي ﷺ:

” نَهَى عَنِ السَّدْلِ فِي الصَّلاَةِ، أَنْ يُغَطِّىَ الرَّجُلُ فَاهُ ” (1)

 

وما هو السدل؟ قال بعض العلماء: هو أن يَطرَح الثوبَ على كَتِفَيه، ولا يَرُدُّ طَرَفَيه.

وقال بعض العلماء: إن السدلَ أن يِضعَ الثوبَ على رأسه دون أن يَرُدَّ أحدَهما على الآخَر.

وقال بعض العلماء: السدل هو إطالةُ الثوب تحت الكعبين، وهذا هو حقيقةُ الإسبال.

 وهذا الحديث اختُلِفَ في صحته، ومِن بين مَن يُصححه الألباني رحمه الله، ومِن ثَم:

 فعلى ثبوتِ هذا الحديث فإن النهيَ ليس للكراهة كما قال الفقهاء بل إن النهي للتحريم، لأن الأصلَ في النهي هو التحريم مالم يصرفه صارف.

وتكونُ هذه المعاني التي ذَكرها العلماء داخلةً تحت السدل فكلُّها منهيٌّ عنها

 وقد يحتج الفقهاء من أن القائلين بالنهي قالوا: إن ما يُلبَسُ عادةً يجوزُ فيه السدل، استدلالاً بما يُشابه ذلك عند مسلم: أن النبي ﷺ قد صلى في ثوب ثم التحف به، فلما أراد أن يركع أخرج يديه “

 وهذا الحديث في مسألة أخرى ستأتي بإذن الله تعالى، فيقولون: إن هذا الاستثناء الذي أخذتموه من الدليل يدل على أن النهي ليس للتحريم،

 ولكن لا حجة في هذا، لأن المسألة وهي مسألة السدل تختلفُ عن هذه المسألة وهي مسألة الكَف، بأن يكُفَّ ثوبَه، فالنبيُّ ﷺ كما عند البخاري قال:

” أُمِرْنَا أَنْ نَسْجُدَ عَلَى سَبْعَةِ أَعْظُمٍ وَلَا نَكُفَّ ثَوْبًا وَلَا شَعَرًا(1)

 

فخلاصة القول: أن النهي للتحريم إلا ما كان يُلبَسُ عادةً كالمشالح، فإن هذه المشالح تُلبَسُ احياناً في العادة دون أن يُدخِلَ يدَيه، ودون أن يَرُدَّ طَرَفَي المشلح، ولذا لو صلى هكذا في المشلَح فإنه لا يدخُلُ في النهي، لأن هذا مما يُلبَسُ عادةً، أما ما عداها مِن الألبسة فإن الحكمَ باقِ.

(1) ــ أبو داود باب ما جاء في السدل رقم / 643، الترمذي باب كراهية السدل في الصلاة رقم /378، وحسنه الألباني في صحيح الترمذي رقم/378، المشكاة ( 764 )، التعليق على ابن خزيمة ( 918 )، صحيح أبي داود ( 643 )

(1) ــ متفق عليه: صحيح البخاري باب السجود على سبعة أعظم رقم /810، ومسلم باب أعضاء السجود رقم /490