شرح ثلاثة الأصول موسع
تتمة الأصل الثاني (2 )
ومعنى شهادة أن محمدا رسول الله
فضيلة الشيخ : زيد بن مسفر البحري
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
وقوله : (( معنى شهادة أن محمدا رسول الله )) :
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
إذاً :
ما معنى شهادة أن محمدا رسول الله ؟
طاعته فيما أمر
تصديقه فيما أخبر
اجتناب ما نهى عنه وزجر
وألا يعبد الله إلا بما شرع
هل لو تخلف واحد من هذه الأشياء فهل أتى بشهادة محمد رسول الله ؟
الجواب :
لا
إذا لابد في تحقيق شهادة أن محمدا رسول الله أن يأتي بهذه الأشياء الأربعة :
طاعته فيما أمر
تصديقه فيما أخبر
اجتناب ما نهى عنه وزجر
وألا يعبد الله إلا بما شرع
وقوله :
(( ودليل الصلاة والزكاة وتفسير التوحيد )) :
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
شهادة أن لا إله إلا الله وشهادة أن محمدا رسول الله من أركان الإسلام
هذا هو الركن الأول :
شهادة أن لا إله الله وأن محمدا رسول الله
طيب:
قال : (( دليل الصلاة والزكاة ))
نفهم من هذا :
أن الصلاة ر كن من أركان الإسلام
ونفهم كذلك أن الزكاة ركن من أركان الإسلام
هو لم يعرِّف الصلاة ولم يعرف الزكاة لعلم الناس بها
وتعريف الصلاة :
هي التعبد لله عز وجل بأقوال وأفعال مخصوصة في زمن مخصوص مفتتحة بالتكبير مختتمة بالتسليم
وينبغي أن نراعي في تعريف أي عبادة بقولنا : التعبد لله حتى لا تكون مجرد أقوال وأفعال فقط ، لا
قد تطلعون في بعض الكتب:
هي أقوال وأفعال مخصوصة في زمن مخصوص مفتتحة بالتكبير مختتمة بالتسليم
ولكن تصدير تعريف أي عبادة بقولنا :
التعبد لله أمر مطلوب
والزكاة :
هي التعبد لله بدفع مال مخصوص في زمن مخصوص إلى فئة مخصوصة
لنسمع إلى الدليل :
وقوله :
قوله تعالى :
{وَمَا أُمِرُوا إِلَّا لِيَعْبُدُوا اللَّهَ مُخْلِصِينَ لَهُ الدِّينَ حُنَفَاء وَيُقِيمُوا الصَّلَاةَ وَيُؤْتُوا الزَّكَاةَ وَذَلِكَ دِينُ الْقَيِّمَةِ } البينة5
هذا هو صدر هذه الآية تفسير التوحيد
دليل لتفسير التوحيد
((وَمَا أُمِرُوا إِلَّا لِيَعْبُدُوا اللَّهَ ))
فعبادة الله هي التوحيد :
التوحيد هو عبادة الله
إن كنتم تذكرون أن ابن عباس يفسر العبادة بالتوحيد : (( وما خلقت الجن والإنس إلا ليعبدون ))
أي ليوحدون
(( يا أيها الناس اعبدوا ربكم ))
أي وحدوا ربكم
((وَمَا أُمِرُوا إِلَّا لِيَعْبُدُوا اللَّهَ ))
أي ليوحدوا الله
هذا التوحيد ما تفسيره
قال بعدها : (( مُخْلِصِينَ لَهُ الدِّينَ ) ):
لابد أن تخلص لله في جميع عباداتك وهذا من مقتضيات التوحيد
قال : ((مُخْلِصِينَ لَهُ الدِّينَ حُنَفَاء ))
الحنيف :
هو المائل عن الشرك
(( حنفاء لله )) :
يفهم منها أنه لا يكون موحدا إلا إذا ابتعد عن نواقض التوحيد ، مائلا عن الشرك وعن أهله
{إِنَّ إِبْرَاهِيمَ كَانَ أُمَّةً قَانِتاً لِلّهِ حَنِيفاً وَلَمْ يَكُ مِنَ الْمُشْرِكِينَ }
أي مائلا عن الشرك
إذاً :
((وَمَا أُمِرُوا إِلَّا لِيَعْبُدُوا اللَّهَ مُخْلِصِينَ لَهُ الدِّينَ حُنَفَاء))
هذا دليل على تفسير التوحيد
أيضا :
آخر الآية هو تفسير للتوحيد أيضا لأنه قال : ((وَيُقِيمُوا الصَّلَاةَ وَيُؤْتُوا الزَّكَاةَ ))
إقامة الصلاة وإيتاء الزكاة من مقتضيات التوحيد
((وَيُقِيمُوا الصَّلَاةَ وَيُؤْتُوا الزَّكَاةَ ))
يقيموا الصلاة :
دليل على الركن الثاني : الصلاة
(( ويؤتوا الزكاة ))
دليل على الركن الثالث
((وَذَلِكَ دِينُ الْقَيِّمَةِ )):
إذاً :
من عبد الله عز وجل مبتعدا عن الشرك آتيا للزكاة أو مؤديا للزكاة فقد أتى بالدين قال :
((وَذَلِكَ دِينُ الْقَيِّمَةِ ))
أي الدين القويم المستقيم الذي لا اعوجاج فيه
ولذا :
أمر النبي عليه الصلاة والسلام أن يقول :
((قُلْ إِنَّنِي هَدَانِي رَبِّي إِلَى صِرَاطٍ مُّسْتَقِيمٍ دِيناً قِيَماً مِّلَّةَ إِبْرَاهِيمَ حَنِيفاً وَمَا كَانَ مِنَ الْمُشْرِكِينَ{161}))
هذه الآية تأتي في سياق هذه الآية
لم يقل : يفعلوا الصلاة قال :
(( ويقيموا الصلاة ))
(( وأقاموا الصلاة ))
(( إقام الصلاة ))
(( أقم الصلاة ))
فالصلاة لابد أن تقام
وليس المعنى : أن تفعل هكذا
بل لابد أن تقام الصلاة بأركانها بشروطها وواجباتها ومستحباتها
هذا معنى إقامة الصلاة وإلا قد يأتي إنسان ويصلي ويركع ويسجد ويرفع ولكن صلاته باطلة لأنه لم يقم الصلاة
وقوله :
(( ودليل الصيام )) :
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
لم يعرف الصيام :
وهو التعبد لله بالإمساك عن المفطرات في زمن مخصوص
إذاً :
الصيام ركن من أركان الإسلام
ما دليله ؟
قوله تعالى :
{يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُواْ كُتِبَ عَلَيْكُمُ الصِّيَامُ كَمَا كُتِبَ عَلَى الَّذِينَ مِن قَبْلِكُمْ لَعَلَّكُمْ تَتَّقُونَ }
البقرة183
إذاً :
من مقتضيات الإيمان أن يصام لله
يفهم من ذلك :
أن من لم يصم فليس من أهل الإيمان
ولما كان الصيام فيه نوع من المشقة أراد الله أن يحض النفوس على هذه العبادة فأول ما أتى أتى بمناداة أهل الإيمان بأحب وصف إليهم
وهذا من باب التشجيع على فعل هذه العبادة ))
يعني :
لستم الأوائل الذين طولبتم بهذا الصيام فتسلوا بمن سبقكم ثم قال : ((لَعَلَّكُمْ تَتَّقُونَ }البقرة183
فهناك ثمرة لهذا الصيام وإن كان شاقا على النفس ما ثمرته ؟
أن تتحصل على التقوى
وإذا اتقيت الله اتقيت ما يغضبه
أليس هذا مشاهدا في حياة الصائمين ؟
ترى منه إعراضا وعزوفا عن المعاصي أو تقليلا لها
وترى منه إقبالا على فعل الطاعة
ثم قال أيضا من باب التخفيف وهذا يدل على رحمته عز وجل وعلمه الواسع بحال الإنسان وما يناسبه ويلائمه قال : (( أياما معدودات ))
يعني :
هذا الصيام يعتبر أياما
هو وإن كان شهرا لكنه عبارة عن أيام
وأيضا من باب التسلية ” معدودات “
والشيء الذي يعد : قليل
ولذا لما ذكر قصة يوسف قال :
{وَشَرَوْهُ بِثَمَنٍ بَخْسٍ دَرَاهِمَ مَعْدُودَةٍ وَكَانُواْ فِيهِ مِنَ الزَّاهِدِينَ } يوسف20
فالشيء الذي يعد ليس بكثير إنما هو قليل
وهذا من لطف الله عز وجل بعباده
والعبادة وإن كانت شاقة على النفس وعلى العبد إلا وفيها خير عظيم لروحه ولقبله ولبدنه ولحياته الدنيوية والأخروية
فلو حصلت هناك مشقة في أي عبادة من العبادات فليعلم أنها خير له :
فإذاً :
لما كان هذا الصيام شاقا على النفس أراد الله أن يخفف على عباده وذكر لهم الثمرات والفوائد التي يجنيها من هذا الصيام
وقوله : ( (ودليل الحج )) :
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
ذكر المصنف دليل الحج
فالحج هو الركن الخامس من أركان الإسلام ولم يأت له بتعريف
وقد عرفه العلماء :
هو التعبد لله عز وجل بقصد البيت الحرام لأداء عبادة مخصوصة في زمن مخصوص
وقوله :
(ودليل الحج قوله تعالى :
((وَلِلّهِ عَلَى النَّاسِ حِجُّ الْبَيْتِ مَنِ اسْتَطَاعَ إِلَيْهِ سَبِيلاً وَمَن كَفَرَ فَإِنَّ الله غَنِيٌّ عَنِ الْعَالَمِينَ }
آل عمران97
هذا هو الدليل على أن الحج ركن من أركان الإسلام
قال : ((وَلِلّهِ عَلَى النَّاسِ))
وعلى : من صيغ الوجوب ما لم يأت دليل يخرجها
فقوله : ((وَلِلّهِ عَلَى النَّاسِ حِجُّ الْبَيْتِ مَنِ اسْتَطَاعَ إِلَيْهِ سَبِيلاً ))
فقوله : (( الناس )) :
لكن جاء في سياق هذا النص ما يخصصه وما يقيده
قوله : ((مَنِ اسْتَطَاعَ إِلَيْهِ سَبِيلاً ))
فإذاً :
هو واجب عيني على من استطاع إليه سبيلا
وهو على الأمة كافة كما قال بعض العلماء: واجب كفائي
بمعنى : أنه لا يجوز أن يترك الحج في إحدى السنوات
لو ترك الكل هذا الحج في إحدى السنوات فقد أثمت الأمة كافة
وقد فرض الحج على الصحيح:
في السنة التاسعة
وقيل : في السنة العاشرة
أما من يقول بأن فرض في السنة السادسة فليس له دليل صريح
على كل حال لا نريد أن نستفيض في أحكام الحج ولا في متعلقاته ولكننا بصدد دليل على فرضية الحج
ولذا قال تعالى بعدها : (( ومن كفر )) :
وأطلق هنا :
يعني : من كفر بالله أو بشرعه ومن ذلك الكفر بفرضية الحج
لأن تارك الحج لمن هو معتقد لوجوبه ولكنه تارك له تهاونا أو كسلا فالصحيح أنه لا يكفر
لكنه على خطر كبير
فقوله عز وجل :
((وَمَن كَفَرَ فَإِنَّ الله غَنِيٌّ عَنِ الْعَالَمِينَ ))
هذا يدل على ما يذكر دائما :
من أن الطاعة إنما يعود نفعها على المطيع وأن المعصية ضررها على العاصي
فمن أطاع الله فإن نفع طاعته يعود عليه
ولذا قال : ((فَإِنَّ الله غَنِيٌّ عَنِ الْعَالَمِينَ )) فلا يزيد ملكه بطاعة المطيع ولا ينقص بمعصية العاصي