شرح ثلاثة الأصول موسع
تتمة أركان الإيمان ( القدر )
أدلة أركان الإيمان
الإحسان
الأدلة على مراتب الدين من السنة
فضيلة الشيخ : زيد بن مسفر البحري
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
وقوله : (( والدليل من السنة )) :
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
على جميع مراتب الدين :
الإسلام
والإيمان
والإحسان
فليس هذا الدليل من السنة قاصرا على الإحسان فقط ، لا
بل المراد :
هو دليل على جميع مراتب الدين وأركان كل مرتبة
قوله :
(( حديث جبرائيل المشهور عن عمر قال : بينما نحن جلوس عند رسول الله ذات يوم ))
هذا يدل على أنهم كانوا قريبين منه
لأن لفظ العندية ” عند “ تفيد القرب
وهذه هي أفضل أحوال المتعلم أن يحرص على القرب من معلمه
قوله :
(( إذ طلع علينا رجل شديد بياض الثياب )) :
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
هذا الوصف الدقيق من الرواي لهذا الرجل له فائدة :
قال أولا :
((شديد بياض الثياب ))
إذاً :
هو في ثيابه شديد البياض
فهو لابس ثوبا أبيض
والثوب الأبيض في الغالب أن الوسخ يسارع إليه أكثر من غيره
فهذا يدل على أن هذا الرجل وهو غريب لا يعرفونه يدل على أن هذا الرجل لم يأت من سفر
وهو أيضا ليس من أهل المدينة فهنا حصل الاستغراب
كيف ؟
رجل لا يعرف أنه من أهل البلد
إذاً :
إذا لم يكن من أهل البلد
ما الذي يلزم ؟
أن يكون من خارج البلد
وإذا كان من خارج البلد لابد أن تظهر عليه آثار السفر
وهذا الرجل مع أن عليه ثيابا بيضا وهي أسرع في الوسخ من غيرها يجعل الإنسان في محل استغراب وحيرة
ولذا :
ذكر هنا وفصلها ليبين أن المحل هنا محل استغراب
وأيضا هو شديد سواد الشعر
ومعلوم :
أن المسافر لابد أن تظهر عليه آثار السفر فيكون شعره أشعث
(( لا يرى عليه أثر السفر ))
أيضا هذا من باب التأكيد
(( ولا يعرفه منا أحد ))
هذا أيضا من باب التأكيد
ولكل هذا يدل على زيادة التعمية والإخفاء لحال هذا الرجل
(( حتى جلس إلى النبي عليه الصلاة والسلام فأسند ركبتيه إلى ركبتيه ، ووضع كفيه على فخذيه ))
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
هذا أيضا محل استغراب
كيف بهذا الرجل الغريب الذي لا يعرف له حال ولا شان أن يأتي ويدنو من النبي عليه الصلاة والسلام ويضع ركبتيه مقابل ركبتي النبي عليه الصلاة والسلام
وأيضا وضع كفيه على فخذيه
الأصح :
أنهما فخذا النبي عليه الصلاة والسلام كما في رواية النسائي
هذا الرجل :
أسند ركبتيه إلى ركبتي النبي عليه الصلاة والسلام ووضع يديه على فخذي النبي عليه الصلاة والسلام
من هذه حالته من هذا شأنه :
هو رجل لا يعرف
وأيضا ليست عليه آثار السفر
وأفعاله التي فعلها مع النبي عليه الصلاة والسلام تدل على أمر غريب
كل هذه الأحوال من أجل أن يستحضر الجميع كل حركة وكل كلمة يقوم بها هذا الرجل
الإنسان لو رأى أمرا غريبا سوف يستجمع عقله وفكره للاطلاع على هذا الشيء فيحرص على أن لا يفوته شيء من هذا أبدا
فكأنه أراد أن يحرص الكل على استجماع قلبه
لماذا ؟
لأن الأمر عظيم
هناك شيء سيسأل عنه
وما هو هذا الشيء العظيم الذي سيسأل عنه ؟
هو الدين
ولذا النبي عليه الصلاة والسلام يقول :
(( ما خفي عليَّ إلا هذه المرة ))
يعني : حتى هو عليه الصلاة والسلام يقول : إن جبريل أتى وكان من عادته أن يعلم النبي بمجيئه إلا في هذه المرة
(( فقال : يا محمد أخبرني عن الإسلام )) :
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
لم يقل : يا رسول الله
لأنه لا يجوز للصحابة أن ينادوا النبي عليه الصلاة والسلام باسمه كما ينادي بعضهم بعضا :
قال تعالى : ((لَا تَجْعَلُوا دُعَاء الرَّسُولِ بَيْنَكُمْ كَدُعَاء بَعْضِكُم بَعْضاً ))
فإذا دعي النبي عليه الصلاة والسلام ونودي لا ينادى من قبل الصحابة باسمه هكذا : يا محمد – لا –
فله احترامه ومكانته عليه الصلاة والسلام
(( فقال النبي عليه الصلاة والسلام : الإسلام :
أن تشهد أن لا إله إلا الله وأن محمدا رسول الله وتقيم الصلاة وتؤتي الزكاة وتصوم رمضان وتحج البيت إن استطعت إليه سبيلا ))
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
فلما سأل أجابه عليه الصلاة والسلام
إذاً :
كل ما سلف وكل ما تقدم من أمارات الاستغراب والعجب من أجل أن تصغي الآذان وأن تعي القلوب لهذه الأسئلة التي ستطرح على النبي عليه الصلاة والسلام من قبل هذا الرجل
فأجابه عليه الصلاة والسلام :
فقال : (( فقال النبي عليه الصلاة والسلام : الإسلام : أن تشهد أن لا إله إلا الله وأن محمدا رسول الله وتقيم الصلاة وتؤتي الزكاة وتصوم رمضان وتحج البيت إن استطعت إليه سبيلا ))
هذه هي أركان الإسلام
كم عددها ؟
خمسة
ولا يصح إسلام إلا بعمل
وإلا أصبح من المنافقين
ولذا :
في حديث وفد عبد القيس :
لما سألوا النبي عليه الصلاة والسلام عن الإيمان ؟
الإيمان لابد فيه من عمل
فقال عليه الصلاة واسللام :
(( شهادة أن لا إله إلا الله وأن محمدا رسول الله وإقام الصلاة )) إلى آخر ما ذكر في الحديث
فهذا يدل على أن الإسلام لابد أن يكون معه إيمان
وكذلك الإيمان لابد أن يكون معه إسلام
ولذا :
قلنا إذا أطلق الإسلام دخل الإيمان
وإذا أطلق الإيمان دخل فيه الإسلام
وإذا اجتمعا كيف افترقا ؟
يكون الإسلام : للأعمال الظاهرة
والإيمان : للأعمال الباطنة
قال : ( (صدقت )) :
ــــــــــــــــــــــــــــــــ
يسأل ثم يجاب ثم يصدق
إذاً :
هذا محل استغراب
ولذا قال الصحابة : (( فعجبنا له يسأله ويصدقه ))
ولذلك :
النفوس لابد أن تنظر : عجب ثم عجب أن يسأل ثم يجاب ثم يقول : صدقت
إذاً :
لماذا تسأل ؟
فقوله : صدقت : دعوة إلى أن تحضر القلوب والأسماع والأفهام
قال : (( فأخبرني عن الإيمان )) :
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
أتى السؤال الثاني : عن الإيمان
وهو المرتبة الثانية من مراتب الدين
قال :
(( أن تؤمن بالله وملائكته وكتبه ورسله واليوم الآخر وتؤمن بالقدر خيره وشره ))
إذاً :
هذه هي أركان الإيمان الستة
وقلنا : لابد أن يكون مع الإيمان عمل
تذكرون حديث النبي عليه الصلاة والسلام الذي أورده المصنف قال :
(( الإيمان بضع وسبعون شعبة أعلاها : قول : لا إله إلا الله وأدناها : إماطة الأذى عن الطريق ))
إذاً :
لابد من عمل مع الإيمان وإلا تصبح دعاوي زائفة
فهذه هي أركان الإيمان الستة في صدر جوابه عن الإيمان : (( أن تؤمن ))
هكذا :
(( أن تؤمن بالله وملائكته وكتبه ورسله واليوم الآخر ))
لما أتى القدر أعاد الفعل مرة أخرى قال : (( وتؤمن بالقدر خيره وشره ))
لماذا أعيد هذا الفعل ؟
لمَ لمْ يقل :
(( أن تؤمن بالله وأن تؤمن بملائكته وأن تؤمن بكتبه وأن تؤمن برسله وأن تؤمن باليوم الأخر ))
الأركان الخمسة صدرت بفعل واحد : (( أن تؤمن ))
لما أتى القدر قال : (( وأن تؤمن بالقدر خيره وشره ))
لماذا ؟
فيه إشارة من النبي عليه الصلاة والسلام الى أن أهمية هذا الركن الثالث
ولعلمه بأن هناك من سيضل في القدر فأعاد الفعل من باب التأكيد على هذا الركن
وقد أخبر أن مجوس هذه الأمة هم القدرية
مر معنا أن هناك طائفتين ضلتا في باب القدر :
الجبرية :
يقولون : إن العبد مجبور على فعله
يعني ليست له مشيئة وإرادة
القدرية :
الذين يقولون :
إن العبد يخلق فعل نفسه
وسموا بالمجوس لأن المجوس يجعلون لهذا الكون إلهين :
النور والظلمة
إذاً :
هم جعلوا لهذا الكون خالقينِ : النور والظلمة
لكن يقولون : النور يخلق الخير : الإله النور في زعمهم هو الذي يخلق الخير
والظلمة هي التي تخلق الشر
ولهم تفرعات في النور والظلمة
لكن الشاهد من هذا :
لماذا سميت القدرية بالمجوس ؟
لأنهم إذا قالوا أن العبد يخلق فعل نفسه إذاً : أنت الآن تخلق فعل نفسك
هذا يخلق فعل نفسه
الكل
إذاً : هم أفظع من المجوس
كيف أفظع ؟
لأن المجوسية القديمة أو المجوسية من غير هذه الأمة يعتقدون أن لهذا الكون خالقينِ اثنين : النور والظلمة
أما هؤلاء يجعلون مع الله خالقِينَ :
هذا العبد يخلق فعل نفسه
وهذا يخلق فعل نفسه
وذلك
الكل
قال : (( وتؤمن بالقدر خيره وشره ))
تفسيرها قوله :
(( أن تعلم أن ما أصابك لم يكن ليخطئك وما أخطأك لم يكن ليصيبك ))
ما أصابك لا يمكن أن يهذب إلى غيرك
لماذا ؟
لأنه قدر وكتب عليك
جفَّ القلم بما هو كائن إلى يوم القيامة
قد كتب كل شيء
(( وما أخطأك لم يكن ليصيبك ))
ما فاتك من خير لم يكن ليصيبك
لماذا ؟
لأن كل شيء قد كتب
(( إنا كل شيء خلقناه بقدر ))
(( اكتب مقادير كل شيء حتى تقوم الساعة ))
{مَا أَصَابَ مِن مُّصِيبَةٍ فِي الْأَرْضِ وَلَا فِي أَنفُسِكُمْ إِلَّا فِي كِتَابٍ مِّن قَبْلِ أَن نَّبْرَأَهَا إِنَّ ذَلِكَ عَلَى اللَّهِ يَسِيرٌ }
من أجل ماذا ؟
((لِكَيْلَا تَأْسَوْا عَلَى مَا فَاتَكُمْ ))
لا تيأس ولا تحزن على ما فاتك
((وَلَا تَفْرَحُوا بِمَا آتَاكُمْ ))
لا تفرحوا فرح بطر وكبرياء
قال : ( (صدقت )) :
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
هذا أيضا عجب
ربما يكون هناك سهو أو خطأ في سؤاله في المرة الأولى فقال لما أجابه : صدقت
فلما كررها مرة أخرى عجب
إذاً :
لابد أن يزداد الشوق إلى معرفة هذا الرجل قال : (( فأخبرني عن الإحسان ))
أخبرني عن المرتبة العليا العظمى وهي مرتبة الإحسان
قال :
(( أن تعبد الله كأنك تراه فإن لم تكن تراه فإنه يراك ))
ذكر الركن الوحيد للإحسان
وذكر أيضا مرتبتي أو درجتي الإحسان :
أن تعبد الله كأنك تراه
فإن لم تكن تراه فإنه يراك
قال : (( فأخبرني عن الساعة ))
إذاً :
ورد سؤال عن الساعة
لعل هنا لطيفة
هو السؤال عن الساعة بعد هذه المراتب
أن هذا المراتب
وهي مراتب الدين :
الإسلام
والإيمان
والإحسان
من تمثل بها هنا فهناك يوم سيجازى فيه على عمله يجازى بالخير وبالثواب
وأن من أعرض وترك أن هناك يوما سيجد فيه العقاب
قال : ((ما المسئول عنها بأعلم من السائل ))
قال : ((ما المسئول عنها بأعلم من السائل ))
أوتي جوامع الكلم عليه الصلاة والسلام
الكلمة الواحدة تحمل معاني متعددة
لم يقل عليه الصلاة والسلام :
(( أنا لا أعلمها وأنت لا تعلمها ))
أو (( لست بأعلم منك ))
وإنما قال :
(( ما المسئول عنها بأعلم من السائل ))
يعني :
أي سائل وأي مسئول فهو لا يدرك ولا يعرف الساعة
والله أعلم وصلى الله على نبينا محمد .