الشرح الموسع لدليل الطالب ـ الدرس ( 14 )

الشرح الموسع لدليل الطالب ـ الدرس ( 14 )

مشاهدات: 435

شرح ( دليل الطالب لنيل المطالب )

الدرس ( 14 )

فضيلة الشيخ زيد بن مسفر البحري

ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

بسم الله الرحمن الرحيم ، والحمد لله رب العالمين ، والصلاة والسلام على نبينا محمد وعلى آله وأصحابه وسلم تسليما كثيرا إلى يوم الدين .

أما بعد :

فيقول الماتن رحمه الله :

فصل

( وسننه ثمانية عشر : استقبال القبلة ، والسواك ، وغسل الكفين ثلاثا ، والبداءة قبل غسل الوجه بالمضمضة والاستنشاق ، والمبالغة فيهما لغير صائم ، والمبالغة في سائر الأعضاء مطلقا ، والزيادة في ماء الوجه  ، وتخليل اللحية الكثيفة ، وتخليل الأصابع ، وأخذ ماء جديد للأذنين ، وتقديم اليمنى على اليسرى ، ومجاوزة محل الفرض )

الشرح :

( استقبال القبلة ) فمن سنن الوضوء استقبال القبلة ، والدليل على ذلك كما قال ابن مفلح رحمه الله في كتابه الفروع ، قال ( استقبال القبلة متجه في كل عبادة إلا بدليل ) مقصوده أن كل عبادة يؤديها المسلم ، السنة في حقه أن تكون تجاه القبلة إلا إذا ورد الدليل على أن استقبال القبلة ليس مسنونا ، كالحال الخطيب في خطبة الجمعة ، فإنه يتجه إلى المأمومين ويجعل القبلة وراء ظهره ، وهذا معمم في كل عبادة كما قال رحمه الله – وفيه نظر – فكون كل عبادة يسن ويشرع أن أستقبل فيها القبلة ، هذا يحتاج إلى دليل واضح وصريح لهذه القاعدة .

( والسواك ) لقول النبي صلى الله عليه وسلم ( لولا أن أشق على أمتي لأمرتهم بالسواك عند كل وضوء ) .

( وغسل الكفين ثلاثا ) فهذا من السنن ، لأن آية الوضوء لم تذكر غسل الكفين ، لكنه يجب عند الاستيقاظ من نوم الليل .

( والبداءة قبل غسل الوجه بالمضمضة والاستنشاق ) يعني لو بدأ في أول الوضوء بغسل وجهه ، فلما فرغ من غسل الوجه تمضمض واستنشق ، أيصح وضوؤه ؟ نعم ، لأن الفم والأنف داخلان ضمن الوجه ، لكن السنة أن يبدأ بالمضمضة ثم يثني بالاستنشاق ثم بغسل الوجه .

( والمبالغة فيهما لغير الصائم ) لقول النبي صلى الله عليه وسلم للقيط بن صبرة كما في السنن ( وبالغ في الاستنشاق إلا أن تكون صائما ) وقد وردت رواية ( وبالغ في المضمضة و الاستنشاق إلا أن تكون صائما ) ولكن هذا في حالة الإفطار ، أما في حالة الصوم فإنه لا يشرع ، لم ؟ لأنه وسيلة من وسائل الإفطار ، فقد يبالغ فينزل الماء إلى جوفه عن طريق أنفه .

( والمبالغة في سائر الأعضاء مطلقا ) هذا من السنن ، لقول النبي صلى الله عليه وسلم في حديث لقيط ( أسبغ الوضوء ) والإسباغ : هو الإنقاء ، وكان الرسول صلى الله عليه وسلم ( يدلك ذراعيه في الوضوء )

( والزيادة في ماء الوجه ) ليست الزيادة على ثلاث – كلا – وإنما المقصود الزيادة في كمية الماء ، ولذا ثبت في مسند الإمام أحمد ( أن عليا رضي الله عليه لما أراد أن يبين لابن عباس رضي الله عنهما وضوء الرسول صلى الله عليه وسلم أخذ حفنة من ماء فصبها على ناصيته فنزلت على وجهه ) لأن الوجه به شعور وغضاريف وما شابه ذلك، فهو بحاجة إلى زيادة الماء .

( وتخليل اللحية الكثيفة ) أما إذا كانت خفيفة فسبق أنه يجب غسل ظاهرها وباطنها ، لكن إن كانت كثيفة فإن الواجب غسل الظاهر ، أما الباطن فسنة كما ذكر المؤلف رحمه الله ، بناء على أحاديث وردت من فعله عليه الصلاة والسلام ، وبعض العلماء يرى أنه لا يثبت حديث في تخليل اللحية ، ومن هنا حصل التنازع بين العلماء ، هل تخليل اللحية سنة أم لا ؟ بناء على ثبوت الأحاديث من عدم ثبوتها ، وابن القيم رحمه الله يرى أنها سنة ولكن لا يواظب على ذلك .

( وتخليل الأصابع ) لما ورد في السنن من حديث لقيط ( وخلل بين الأصابع ) ولم يكن تخليل الأصابع واجبا ، لم ؟ لأن الماء بطبعه سيال ، فيصل إلى هذه المواطن ، فلو لم يخلل بين أصابعه فوضوؤه صحيح ، ولكن الأحسن والأكمل أن يخلل بين الأصابع ، كما كان يفعل عليه الصلاة والسلام كما في حديث المستورد بن شداد .

( وأخذ ماء جديد للأذنين ) هذا ما ذهب إليه الماتن رحمه الله ، بناء على أنهما عضوان مستقلان ، وإنما مُسِحا مع الرأس تبعا ، ولكن الصواب كما قال ابن حجر رحمه الله أن الرواية الواردة في هذا الموطن شاذة ، والثابت كما في صحيح مسلم ( فمسح رأسه بماء غير فضل يديه ) إذاً الأذنان السنة فيهما أن تمسحا مع الرأس دون أن تفرد بماء جديد .

( وتقديم اليمنى على اليسرى ) فمن السنة أن يقدم في غسل اليدين اليمنى ثم اليسرى ، وفي القدمين اليمنى ثم اليسرى ، ولو عكس فغسل اليسرى ثم اليمنى ، فوضوؤه صحيح لكنه ترك السنة ، والدليل على ذلك / أن الله سبحانه وتعالى أطلق في الآية غسل اليدين والقدمين ، فدل على أنه لو بدأ بإحداهما فلا بأس بذلك ، ولما في الصحيحين من حديث عائشة رضي الله عنها أنها قالت ( كان النبي صلى الله عليه وسلم يعجبه التيمن في تنعله وفي ترجله وفي طهوره في شأنه كله ) .

( ومجاوزة محل الفرض ) لأنه إذا جاوز محل الفرض زادت غرته وتحجيله .

والغرة : هي بياض في الوجه .

والتحجيل : بياض في اليدين والقدمين ، ولذلك كان أبو هريرة رضي الله عنه وهو راوي حديث ( إن أمتي يأتون يوم القيامة غرا محجلين من آثار الوضوء ) كان يزيد زيادة بالغة ، وقد أدرج رضي الله عنه – كما اتفق الحفاظ على هذا – كابن حجر وشيخ الإسلام وابن القيم وغيرهم – أدرج ضمن هذا الحديث جملة ( فمن استطاع منكم أن يطيل غرته فليفعل ) فهذا من قوله رضي الله عنه وليس من قول الرسول صلى الله عليه وسلم ، ولذا قال ابن القيم رحمه الله كما في زاد المعاد هذا اجتهاد من أبي هريرة رضي الله عنه ، وإنما الوارد عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه غسل الفرض فقط ، وإنما أشرع في العضد وأشرع في الساق كما في رواية مسلم من باب استيعاب محل الفرض ، وليس من باب الزيادة .

والله أعلم وصلى الله وسلم على نبينا محمد .

ا.هـ