الشرح الموسع لدليل الطالب ـ الدرس ( 4 )

الشرح الموسع لدليل الطالب ـ الدرس ( 4 )

مشاهدات: 432

شرح ( دليل الطالب لنيل المطالب )

الدرس الرابع

فضيلة الشيخ زيد بن مسفر البحري

ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

بسم الله الرحمن الرحيم ، والحمد لله رب العالمين ، والصلاة والسلام على نبينا محمد وعلى آله وأصحابه وسلم تسليما كثيرا إلى يوم الدين .

أما بعد :

فقد قال المؤلف رحمه الله :

( وعظم الميتة وقرنها وظفرها وحافرها وعصبها وجدها ، نجس ، ولا يطهر بالدباغ )

الشرح :

هذا ما ذهب إليه المؤلف رحمه الله استدلالا بقوله تعالى { حُرِّمَتْ عَلَيْكُمُ الْمَيْتَةُ }المائدة3 ، وهذه من الميتة .

والصواب / أن الظفر والقرن وما شابه ذلك مما هو ظاهر ومنفصل عن البدن أنه لا ينجس ، لأن الحياة لا تحل به ، فلا يوصف بالحياة حتى نقول إنه ميِّت .

وأما عظم الميتة فالصواب أنه داخل ضمن التحريم ويكون نجسا ، خلافا لما يراه شيخ الإسلام رحمه الله من أن العظم طاهر .

والمؤلف رحمه الله يرى أن جلد الميتة ليس بطاهر حتى لو دبغ ، وهذا هو المشهور من مذهب الإمام أحمد ، ولذلك يقولون : يجوز أن يستعمل الجلد المدبوغ من الميتة في اليابسات دون المائعات ، يمكن أن تتخذ جلد ميتة كقربة ، فيصح لك أن تضع فيها أرزا أو قمحا ، لأنها يابسة لا تتأثر بنجاسة هذه القربة ، بينما لو وضعت مائعا من ماء أو لبن أو مشروب ، يقولون – لا – لأنه نجس ، واستدلالهم بالآية{ حُرِّمَتْ عَلَيْكُمُ الْمَيْتَةُ}المائدة3 ، وبحديث عبد الله بن عكيم ( أن النبي صلى الله عليه وسلم قال : لا تنتفعوا من الميتة بإهاب أو عصب ) وهذا الحديث حكم عليه بعض العلماء بأنه مضطرب ، ويصححه آخرون ، ولو صح فليس فيه دلالة ، لم ؟ لأن جلد الميتة قبل أن يدبغ يسمى إهابا ، إما إذا دبغ فلا يسمى إهابا ، والمذكور في حديث عبد الله بن عكيم ” الإهاب ” ولم يقل ” لا تنتفعوا من الميتة بجلد ” لو قال ، لصح استدلالهم .

ومما يدل على الجواز قول النبي صلى الله عليه وسلم ( دباغ الأديم ذكاته) وحديث ميمونة رضي الله عنها ( أن شاة لها قد ماتت ، فقال النبي صلى الله عليه وسلم : هلا انتفعتم بإهابها ؟ قالوا : إنها ميتة ، فقال عليه الصلاة والسلام : إنما حرم أكلها ) فأمرهم بأن ينتفعوا من إهابها بالدبغ .

هذا هو الصواب / أن جلد الميتة يطهر بالدباغ ، والمقصود من الميتة هي مأكولة اللحم ، كشاة ماتت أو ناقة أو بقرة ، أما إذا كانت هذه الميتة لا يؤكل لحمها مثل : أسد أو نمر أو ثعبان ، فهل يطهر جلدها بالدباغ ؟

قولان لأهل العلم : والصواب / أنه لا يطهر ، لحديث ( دباغ الأديم ذكاته ) فنص على الذكاة ، والذي يذكى حتى يباح أكله ، هو مأكول اللحم ، ولذا لو ذكيت أسدا أو نمرا ، ما نفعت هذه التذكية ، فيعد ميتة.

قال رحمه الله :

( والشعر والصوف والريش طاهر ، إذا كان من ميتة طاهرة في الحياة ولو كانت غير مأكولة كالهر والفأر )

الشرح :

الشعر والصوف والوبر ، هذه طاهرة من الميتة ، لأن الله سبحانه أباحها كما في سورة النحل { وَمِنْ أَصْوَافِهَا وَأَوْبَارِهَا وَأَشْعَارِهَا أَثَاثاً وَمَتَاعاً إِلَى حِينٍ }النحل80 ، فنصه على الإباحة يدل على أنها طاهرة ، ولم يفرق بين ما هو ميت أو حال الحياة .

وهذا فيما يتعلق بمأكولة اللحم ، أما ما لا يؤكل لحمه من الطاهرات في حال الحياة ، فقولان لأهل العلم ، مثل ” الهرة ” هي طاهرة حال الحياة ، لكن لو ماتت ، أيكون شعرها طاهرا ؟ ومثل ” الفأرة ” على رأي الحنابلة ، لأنهم يرون الشيء الطاهر في حال الحياة ، فيكون سؤره ولعابه وعرقه وجلده طاهر حال الحياة ، يقولون ما كان مثل الهرة في الحجم أو دونها ، فالشيء الذي يكون كالهرة أو ما دونها ، مثل ” الفأره ” هذه طاهرة حال الحياة  .

والصواب / أن الشعر وما شابه ذلك ، يكون طاهرا كما ذهب إليه رحمه الله ، وأما بالنسبة إلى طهارة الشيء حال الحياة ، هل هو منضبط بالحجم أو منضبط بعلة أخرى ؟

هم يرون أنه منضبط بالحجم ، ما مكان مثل الهرة في الحجم فما دونها ، هذا يكون طاهرا .

ولكن الصواب / أن ما يطوف علينا ويتردد في البيوت فإنه طاهر ، سواء كان مثل حجم الهرة أو أكبر أو أصغر ، ولذلك الحمار لا يرونه طاهرا ، باعتبار أنه أكبر حجما من الهرة ، ولكن الصواب أن النبي صلى الله عليه وسلم كما في السنن ، قال عن الهرة ( إنها ليست بنجس ، إنما هي من الطوافين عليكم والطوافات ) فما يطوف علينا ويشق علينا أن نحترز منه ، فإن لعابه وعرقه طاهر حال الحياة .

أما فضلاته من بول وغائط وروث ودم ، فإنه نجس .

قال رحمه الله :

( ويسن : تغطية الآنية وإيكاء الأسقية )

يسن ذلك لأمر النبي صلى الله عليه وسلم كما في صحيح مسلم وغيره قال  ( أوكئوا السقاء واذكروا اسم الله عليه ، وأغلقوا الباب واذكروا اسم الله عليه) فلا ينبغي لمسلم في الليل أن يجعل إناء مكشوفا فيه مشروب من ماء وما شابه ذلك ثم يشرب منه ، لأن النبي صلى الله عليه وسلم أخبر ( أن في السنة الليلة ينزل فيها وباء لا يدع إناء مكشوفا إلا وقع فيه ) وهذا يمكن أن ينبه إليه من يذهب إلى الصحراء ، ولذلك أمر النبي صلى الله عليه وسلم ( أمر أن يعرض عليه ولو بعود ) أهم شيء أن تغطيه ، إن غطيته كاملا فهذا أكمل وأحسن ، إن لم تستطع ولم يكن عندك شيء فبأقل ما يكون .