ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
بسم الله الرحمن الرحيم ، والحمد لله رب العالمين ، والصلاة والسلام على نبينا محمد وعلى آله وأصحابه وسلم تسليما كثيرا إلى يوم الدين .
أما بعد :
فقد قال المؤلف رحمه الله :
( يسن : بعود رطب لا يتفتت .
وهو مسنون مطلقا ، إلا بعد الزوال للصائم ، فيكره ، وسن له قبله بعود يابس ، ويباح برطب .
ولم يصب السنة من استاك بغير عود .
ويتأكد عند وضوء ، وصلاة ، وقراءة ، وانتباه من نوم ، وتغير رائحة فم ، وكذا عند دخول مسجد ، ومنزل ، وإطالة سكوت ، وصفرة أسنان ولا بأس بأن يتسوك بالعود الواحد اثنان فصاعدا )
الشرح :
قال المؤلف ( باب السواك ) يعني هذا باب السواك .
الباب هو : المدخل للشيء .
والسواك ورد في فضله أحاديث كثيرة سيأتي شيء منها بإذن الله تعالى وإنما ذُكر السواك بعد الخلاء لأن السواك آلة للتطهير ، كما أن باب الخلاء يُعد باب استطابة وتطهير .
ذكر رحمه الله صفات العود الذي يُستاك به ، قال :
( يسن بعود رطب لا يتفتت ) يشترط أن يكون رطباً وألا يتفتت ، لم ؟ حتى يكون أبلغ في التنظيف ، لأن المقصود من السواك غير العبادة ، المقصود الآخر هو التطهير ، ولذا قال عليه الصلاة والسلام كما عند البخاري معلقا ( السواك مطهرة للفهم مرضاة للرب ) فإذا كان يابسا أو يتفتت فإن المقصود لا يحصل به ، ويسن أن يكون هذا السواك من الأراك ، لما ثبت في المسند ( أن ابن مسعود رضي الله عنه كان يجتني الأراك لرسول الله صلى الله عليه وسلم )
وقوله ( وهو مسنون مطلق ، إلا بعد الزوال للصائم فيكره )
وهو مسنون مطلقا لعموم الأحاديث ، منها قوله عليه الصلاة والسلام ( السواك مطهرة للفم مرضاة للرب ) ومنها ما جاء في الصحيحين قوله عليه الصلاة والسلام ( لولا أن أشق على أمتي لأمرتهم بالسواك عند كل صلاة ) إلا أن الماتن استثنى وقتا ، فذكر أنه لا يكون بعد الزوال للصائم ، لم ؟ قالوا : لأن السواك يزيل رائحة الفم التي هي مستطابة عند الله سبحانه وتعالى ( ولخلوف فم الصائم أطيب عند الله من ريح المسك ) ولحديث عند الدارقطني ( إذا صمتم استاكوا بالغداة ولا تستاكوا بالعشي ) ولكنه حديث ضعيف ، وأما ما ذكروه من العلل فهي ضعيفة ، لم ؟ لأن هذه الرائحة الكريهة لا تنبعث من الفم وإنما تنبعث من المعدة لخلوها من الطعام ، ومن ثمَّ فإن الإنسان قد يتسحر في وقت مبكر فتخرج معه هذه الرائحة قبل الزوال يعني قبل الظهر ، فما ذكروه غير منضبط ، واستثنوا ما قبل الزوال ، قال رحمه الله ( إلا بعد الزوال للصائم ، فيكره ، وسن له قبله بعود يابس ، ويباح برطب )
قالوا : يكره للصائم بعد الزوال مع أن الحديث لو صح لكان هذا الفعل محرما ، ولكن الحديث كما أسلفنا ضعيف ، وهذا يدل على ضعف هذا القول إذ حكموا عليه بأنه مكروه ، وأما قبل الزوال فيسن بعود يابس ، أما الرطب فيباح ، وكل ذلك من أجل ألا يبالغ في التنظيف ، لأن اليابس لا يعطي تطهيرا كتطهير الرطب ، فكما أنهم نهوا الصائم بعد الزوال ، فكذلك شددوا عليه قبل الزوال حتى لا يبالغ في التنظيف ، ولكن الصواب أنه يسن للصائم في كل وقت قبل الزوال أو بعده ، لأن الرسول صلى الله عليه وسلم قال كما في الصحيحين ( لولا أن أشق على أمتي لأمرتهم بالسواك عند كل صلاة ) وهذا يشمل صلاة الظهر وصلاة العصر ، وفي رواية عند أحمد ( مع كل وضوء ) وقد يتوضأ الإنسان بعد الزوال ، وكذلك كما في صحيح مسلم ( كان يدخل النبي صلى الله عليه وسلم على زوجته عائشة فكان أول ما يبدأ بالسواك ) وهذا شامل لكل وقت .
وقوله ( ولم يصب السنة من استاك بغير عود )
هذا ما ذهب إليه الماتن أن السنة لا تحصل إلا بالعود ، بينما وردت أحاديث يقوي بعضها بعضا كما قال ابن حجر رحمه الله من حديث علي أن النبي صلى الله عليه وسلم ( استاك بأصبعه ) فإذا لم يتيسر العود فإن الأصبع كافٍ .
والمؤلف رحمه الله لما ذكر أن السواك مسنون مطلقا واستثنى ما يتعلق بالصائم ، ذكر أن السواك تتأكد سنيته في بعض المواضع ، منها :
( ويتأكد عند وضوء ) لرواية الإمام أحمد السابقة .
( وصلاة ) كما مر معنا في الصحيحين ( لولا أن أشق على أمتي لأمرتهم بالسواك عند كل صلاة ) وهذا شامل لصلاة الفرض ولصلاة النفل .
( وقراءة ) وكذلك تتأكد سنية السواك عند قراءة القرآن ، لقول النبي صلى الله عليه وسلم كما في السنن ( طيبوا أفواهكم بالسواك فإنها طرق القرآن )
( وانتباه من نوم ) لما جاء في الصحيحين من حديث حذيفة رضي الله عنه ( أن الرسول صلى الله عليه وسلم إذا قام من الليل كان يشوص فاه بالسواك ) يعني يدلكه بالسواك .
( وتغير رائحة فم ) وعند تغير رائحة الفم ، لما مر معنا في الحديث ( السواك مطهرة للفم مرضاة للرب ) فإذا تغيرت رائحة الفم بكثرة كلام أو بطول سكوت أو بأكل طعام أو بشرب شراب ، فإنه يتأكد في مثل هذه الحال ، ويؤكد ذلك ما مضى من حديث حذيفة ، لأن النوم يؤثر في رائحة الفم .
( وكذا عند دخول مسجد ومنزل ) أما المنزل فقد جاء في حديث عائشة رضي الله عنها ( لما سئلت بأي شيء كان يبدأ رسول الله صلى الله عليه وسلم إذا دخل البيت ؟ قالت بالسواك ) فيسن عند خول المنزل أن تستاك ، وألحق الماتن رحمه الله المسجد بالمنزل ، فقبل أن تدخل المسجد يسن لك ويتأكد في حقك أن تستاك ، ولكن الصواب عدم ذلك ، لم ؟ لأن الرسول صلى الله عليه وسلم كان يدخل المسجد وما كان يتحين عند دخوله للمسجد أن يستاك ، فدل على أن هذا الأمر غير مشروع ، إذ لو كان مشروعا لفعله عليه الصلاة والسلام .
( وإطالة سكوت ) كما أسلفنا ، لأن إطالة السكوت يحصل معها تغير رائحة الفم .
( وصفرة أسنان ) لأن ذلك داخل تحت حديث ( السواك مطهرة للفم ) ولحديث ( طيبوا أفواهكم بالسواك ) .
( ولا بأس أن يتسوك بالعود الواحد اثنان فصاعدا ) لما ثبت عند البخاري أن النبي صلى الله عليه وسلم استاك بالسواك الذي كان يستاك به عبد الرحمن بن أبي بكر لما دخل عليه في مرض موته ، فأخذت عائشة رضي الله عنها السواك من أخيها فنظفته وطيبته ثم استاك به رسول الله صلى الله عليه وسلم ، وكذا كانت عائشة رضي الله عنها تفعل بعد رسول الله صلى الله عليه وسلم ، وهناك أحاديث أخرى ، فالسنة جاءت بمثل هذا .