الشرح الموسع لكتاب التوحيد ـ الدرس (101) مسائل على باب لا يُذبح لله بمكان يُذبح فيه لغير الله

الشرح الموسع لكتاب التوحيد ـ الدرس (101) مسائل على باب لا يُذبح لله بمكان يُذبح فيه لغير الله

مشاهدات: 477

الشرح الموسع لكتاب التوحيد ـ الدرس (101)

مسائل على باب لا يُذبح لله بمكان يُذبح فيه لغير الله

ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

فضيلة الشيخ :  زيد بن مسفر البحري

ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

قال المصنف : [ فيه مسائل ] : ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

الأولى :

ـــــــــــــ

تفسير قوله تعالى : (( لا تقم فيه أبدا )) :

ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

الشرح :

ـــــــــــــــــــ

وتفسيرها مضى ، وأنها نازلة في مسجد الضرار الذي أريد به  المشاقة والمحاداة لله ، وذلك أن :” أبا عامر الفاسق “

وكانوا يلقبونه بـ ” الراهب “ ، لكنه فسق في أفعاله

لما أتى إلى النبي عليه الصلاة والسلام إلى المدينة زال عنه الوصف الذي كان يؤمله من الرئاسة كما هو الشأن في ” عبد الله بن سلول “

فذهب إلى الروم ، وقال للمنافقين : ” اتخذوا مكانا أراسلكم فيه ، وسآتي بمدد من ملك الروم لقتال محمد

فبنوا هذا المسجد فقال تعالى : (( والذين اتخذوا مسجدا ضرارا )) لمضارة المسلمين

( وكفرا )) : ما أنشئ على الطاعة وعلى الإيمان

((وَتَفْرِيقاً بَيْنَ الْمُؤْمِنِينَ )) :

وذلك بأن تتفرق جماعة المسلمين فبدل أن يصلوا في مسجد واحد ، ويجتمعون فيه يفترقون

فيكون في ذلك استخطاف لبعض المصلين من مسجد النبي عليه الصلاة والسلام إلى مسجدهم

((وَإِرْصَاداً لِّمَنْ حَارَبَ اللّهَ وَرَسُولَهُ مِن قَبْلُ )) :

ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

كأبي عامر الفاسق

ولذا : آتوا إلى النبي عليه الصلاة والسلام ، وهو في وقت ذهابه إلى تبوك ، فطلبوا من النبي عليه الصلاة والسلام أن يصلي فيه فقال : (( إذا عُدتُ صليت فيه ))

فلما عاد من تبوك وقبل أن يدخل المدينة آتاه الوحي من الله ، فأمر النبي عليه الصلاة والسلام بهدمه

الثانية :

ـــــــــــــــ

أن المعصية قد تؤثر في الأرض ، وكذلك الطاعة :

ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

الشرح :

ــــــــــــــــ

وهذا مأخوذ من النصين :

(( لا تقم فيه أبدا ))

ولقول النبي عليه الصلاة والسلام : (( هل كان فيها وثن من أوثان الجاهلية يُعبد ؟ هل كان فيها عيد من أعيادهم ؟ ))

وإلا فالأرض الأصل فيها أنها متعبد للمسلمين

ولذا جاء في الصحيحين قول النبي عليه الصلاة والسلام : (( جُعلت لي الأرض مسجدا وطهورا ، فأيما رجل من أمتي أدركته الصلاة فعنده مسجده وطهوره ))

فالمعصية لها أثر كما في هذين النصين

وكذلك الطاعة ، فالطاعة لها أثر في الأرض ، ولذا قال تعالى – لما أهلك الله قوم فرعون قال : ((فَمَا بَكَتْ عَلَيْهِمُ السَّمَاء وَالْأَرْضُ ))

وذلك لأنهم لم يحدثوا فيها أثرا طيبا حتى تبكي عليهم السماء والأرض .

ففهم بعض العلماء من أن السماء والأرض تبكي على المطيع لأن له أثرا عليها

ولذا يوم القيامة تتحدث الأرض وتخبر بما عُمل فيها من خير أو شر :

قال تعالى : {يَوْمَئِذٍ تُحَدِّثُ أَخْبَارَهَا }

جاء تفسير هذه الآية عند الترمذي ، وفيه مقال :  (( أنها تخبر عما عمله كل عبد أو أمة من خير أو شر عليها ))

الثالثة :

ـــــــــــــــ

رد المسألة المشكلة إلى المسألة البيِّنة ليزول الإشكال ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

الشرح :

ـــــــــــ

وهذا ما يسمى برد المتشابه إلى الحكم

فإذا رد المتشابه إلى المحكم صار الكل محكما

ولذا :

ــــــــــــ

من يتبع المتشابه يزيغ

كيف يترك نصوصا كالجبال هي محكمة  ثم يأتي إلى نص واحد فيه خفاء في المعنى ويعول عليه الأحكام ويدع تلك النصوص

وما وُضع هذا المتشابه إلا من أجل الابتلاء والاختبار :

قال تعالى : ((هُوَ الَّذِيَ أَنزَلَ عَلَيْكَ الْكِتَابَ مِنْهُ آيَاتٌ مُّحْكَمَاتٌ هُنَّ أُمُّ الْكِتَابِ وَأُخَرُ مُتَشَابِهَاتٌ فَأَمَّا الَّذِينَ في قُلُوبِهِمْ زَيْغٌ فَيَتَّبِعُونَ مَا تَشَابَهَ مِنْهُ ابْتِغَاء الْفِتْنَةِ وَابْتِغَاء تَأْوِيلِهِ وَمَا يَعْلَمُ تَأْوِيلَهُ إِلاَّ اللّهُ )) .

هؤلاء أهل الزيغ لكن أهل الهدى والتقى والتوفيق والسداد من الله ، وهم الراسخون في العلم .

ولم يقل العلماء ، وإنما قال : ((وَالرَّاسِخُونَ فِي الْعِلْمِ يَقُولُونَ آمَنَّا بِهِ كُلٌّ مِّنْ عِندِ رَبِّنَا  )) .

المتشابه والمحكم  : ((كُلٌّ مِّنْ عِندِ رَبِّنَا وَمَا يَذَّكَّرُ إِلاَّ أُوْلُواْ الألْبَابِ ))

فإذا رد المتشابه إلى المحكم أصبح الكل محكما

فإذا رد ما خفي معناه إلى ما علم معناه أصبح الجميع واضحا 

ولذا النبي عليه الصلاة والسلام يقول : (( إذا رأيت الذين يتبعون المتشابه فأولئك الذين سمى الله فاحذرهم ))

فإذا وجدت الإنسان يتتبع المتشابه فهذا في قلبه زيغ

كما هو الشأن فيمن يتتبع الرخص

فمن يتتبع الرخص في إباحة الغناء أو إباحة شرب الدخان فهذا في قلبه هوى وزيغ

ولذا : لا تجد هذا الرجل مستقرا فهو يأخذ ما يحلو له ، ويدع ما لا يحلو له

فهنا مسألة :

قال ” رد المسألة المشكلة إلى المسألة البينة ليزول الإشكال

ما الإشكال هنا ؟

هو لم يحدد : هل هو في هذه الاية أم في ظاهر الحديث ؟

وعلى كل حال : لما قال الرجل : ” إني نذرت أن أنحر إبلا ببوانه “

فماذا قال النبي عليه الصلاة والسلام ؟

قال : (( هل كان فيها وثن من أوثان الجاهلية يعبد ؟ ))

فحصل الإشكال

قالوا : لا

لم يجب هو  ، وإنما أجاب من في المجلس ــــــــــــــ لم ؟

لأن هناك إشكال طرأ عليهم

ما هو هذا الإشكال ؟

الإشكال :

ــــــــــــــ

أن النذر يجب الوفاء به دون النظر إلى متعلقاته

رجل نذر أن ينحر إبلا ، فلماذا يستفهم ويستفسر عن هذا المكان ؟

ثم قال : (( هل كان فيها عيد من أعيادهم ))

قالوا : ” لا “

فقال : (( أوفِ بنذرك ))

فلما حصل الإشكال وبُيِّن هذا الإشكال ، والعلل الواردة عليه أعاد النبي عليه الصلاة والسلام الأمر إلى أصله .

ما الأصل الأول ؟

أن نذر الطاعة يجب الوفاء به

الرابعة :

ـــــــــــــــــ

استفصال المفتي إذا احتاج إلى ذلك

الشرح :

ــــــــــــــ

ليس هذا على سبيل العموم فلو سئل المفتي  سؤالا واضحا فلا يحتاج فيه إلى أن يستفصل من المستفتي

ما حكم سماع الغناء ؟

الجواب :

حرام

لكن إن وُجدت مسألة تحتاج في جوابها إلى تفصيل فيجب الاستفصال ، ولذا النبي عليه الصلاة والسلام استفصل :

(( هل كان فيها وثن من أوثان الجاهلية يعبد ؟

(( هل كان فيها عيد من أعيادهم ؟ ))

ولذا لو أتى آتٍ فقال :  (( هلك رجل عن زوجة وأم وأخ )):

ــــ الزوجة معروفة

ــــ الأم معروفة

ــــ لكن هذا الأخ :

هل هو أخ شقيق ؟

هل هو أخ لأب ؟

هل هو أخ لأم ؟

فيحتاج إلى أن يستفصل

الخامسة :

ــــــــــــــ

أن تخصيص البقعة بالنذر لا بأس به إذا خلا من الموانع :

ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

الشرح :

ـــــــــــــ

وذلك لقوله : (( أوف بنذرك ))

ومتى قال له ” أوف بنذرك ” لما خلا من الموانع

ما هي هذه الموانع ؟

الشرك ووسائله

فإذا خلا من هذين الأمرين فيجوز شريطة – وهذا مانع ثالث – شريطة أن لا يظن أن لهذاا لمكان مزية على غيره

السادسة :

ــــــــــــــــ

المنع منه إذا كان فيه وثن من أوثان الجاهلية ولو بعد زواله :

ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

الشرح :

ــــــــــــ

وسبق إيضاح ذلك

وذلك لمجيء الكينونة : (( هل كان فيها )) والكينونة تفيد المضي ،

ولأن والد ” ميمونة بن كردم ” : سأل والدها النبي عليه الصلاة والسلام في حجة الوداع ، وفي حجة الوداع زالت الأوثان

السابعة :

ــــــــــــــ

المنع منه إذا كان فيه عيد من أعيادهم ، ولو بعد زواله :

ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

الشرح :

ــــــــــــــ

فالسادسة تتحدث عن الشرك

والسابعة تتحدث عن وسائل الشرك ، فالعيد وسيلة من وسائل الشرك ، وسبق إيضاح هذا

الثامنة :

ـــــــــــــ

أنه لا يجوز الوفاء بما نذر في تلك البقعة لأنه نذر معصية :

ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

الشرح :

ـــــــــــــ

على الداعية إذا نهى عن شيء أن يبين آثاره وأسبابه

وذلك حتى تطمئن النفوس إلى قبول هذا الحكم  ، وذلك لن النبي عليه الصلاة والسلام قال : (( أوف بنذرك فإنه لا وفاء لنذر في معصية الله ))

معنى هذا : أن هذه البقعة لو كان فيها وثن فيما سلف أو كان فيها عيد فيما سلف فوفيت بنذرك فإنه نذر معصية

ونذر المعصية لا يجوز أن يصنعه العبد

فرد النبي عليه الصلاة والسلام هذا الرجل إلى العلة من سؤاله : (( هل كان فيها وثن من أوثان الجاهلية يعبد ؟ هل كان فيها عيد من أعيادهم ؟ ))

وذلك لأن الوفاء بهذا النذر مع وجود هذين المانعين أو وجود أحدهما يكون نذر معصية ، ونذر المعصية لا يجوز الوفاء به

التاسعة :

ـــــــــــــ

الحذر من مشابهة المشركين في أعيادهم ، ولو لم يقصده :

ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

الشرح :

ــــــــــــ

وهذا كما سلف دليل على النوع الثاني من أنواع الحكم

فهناك حكم متعلق بالنية كقوله : (( إنما الأعمال بالنيات ))

وهناك حكم معلق بالوصف

وسبق إيضاح ذلك

فالحكم يتعلق بوصفه وجودا وعدما ، ولو لم توجد النية

ومن ثم : فلو أن الناذر قال : لم أقصد أن أتشبه بهؤلاء الكفار لا في عبادة وثن ولا في إقامة عيد

فنقول :

ــــــــــــــــــ

لا يجوز

لأن النبي عليه الصلاة والسلام استفصل عن او صاف ولم يسأل في استفصاله عن النوايا

فإذا نوى فهذا إثم على إثم

العاشرة :

ـــــــــــــــــ

لا نذر في معصية :

ــــــــــــــــــــــــــــ

الشرح :

ــــــــــــــــ

لقول النبي عليه الصلاة والسلام : (( لا نذر في معصية ))

الحادية عشرة :

ـــــــــــــــــــــــ

لا نذر لابن آدم فيما لا يملك :

ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

الشرح :

ـــــــــــــــــ

وهذا ظاهر في الحديث

لكن لو قال قائل : العلة الأولى واضحة قال : (( فإنه لا نذر في معصية ))

وذلك لأن الوفاء بهذا النذر في تلك البقعة التي فيها الموانع الوفاء به معصية

ــــ فما علاقة هذه الزيادة : (( ولا فيما لا يملك ابن آدم )) ؟

فائدتها :

ـــــــــــ

أنه لا نذر لك فيما لا تملكه قدرا أو شرعا

فإذا قلت : نذر عليّ أن أتصدق بسيارة فلان

هذه لا تملكها قدرا

ولما كان الحديث عن أمر يتعلق بدين الله عز وجل ، وهو ” الوفاء بهذا النذر في هذه البقعة فإن هذا لا يملكه ابن آدم

إنما الواجب عليك يا ابن آدم أن تكون عابدا مطيعا لله عز وجل

وذلك لأن أحكام الشرع لا تملكها ، فعليك الاستسلام والانقياد