الشرح الموسع لكتاب التوحيد ـ الدرس (122) حديث ( يا معشر قريش اشتروا أنفسكم )

الشرح الموسع لكتاب التوحيد ـ الدرس (122) حديث ( يا معشر قريش اشتروا أنفسكم )

مشاهدات: 475

الشرح الموسع لكتاب التوحيد ـ درس (122)

حديث ( يا معشر قريش اشتروا أنفسكم )

ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

فضيلة الشيخ :  زيد بن مسفر البحري

ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

قال المصنف رحمه الله “

وفيه عن أبي هريرة قال :

(( قام رسول الله صلى الله عليه وسلم حين أنزل الله : {وَأَنذِرْ عَشِيرَتَكَ الْأَقْرَبِينَ }

فقال :

(( يا معشر قريش أو كلمة نحوها اشتروا أنفسكم لا أغني عنكم من الله شيئا

يا عباس بن عبد المطلب لا أغني عنك من الله شيئا

يا صفية عمة رسول الله لا أغني عنك من الله شيئا

يا فاطمة بنت محمد سليني من مالي ما شئتِ لا أغني عنك من الله شيئا ))

ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

الشرح :

ـــــــــــــــــــ

ثم ذكر المصنف رحمه الله حديث أبي هريرة :

قال : ” وفيه ” الضمير يعود على الصحيح

وقوله : (( قام فينا رسول الله )) :

ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

لم يقل أبو هريرة سمعت رسول الله أو رأيته أو أبصرته

ومن ثم :

فإن هذا الحديث يعد من مراسيل الصحابة ، وذلك لأن ما صنعه النبي عليه الصلاة والسلام كان بمكة ، وأبو هريرة إنما أسلم في السنة السابعة من الهجرة عام خيبر

فيكون أبو هريرة قد تلقى هذا عن غيره من الصحابة

وسبق معنا أن مرسل الصحابي حجة ومقبول ، وذلك لأن الصحابي لا يمكن لعدالته أن يروي إلا عن الصحابي الذي سمع هذا الخبر أو رأى هذه الواقعة من النبي عليه الصلاة والسلام

بينما مراسيل غيرهم فإنها لا تقبل حتى ولو كان من التابعين وذلك لأن الله عز وجل أثنى على الصحابة وجعلهم عدولا

فبهذا الثناء قُبل مرسل الصحابي لأن الصحابي وديانته تأبى عليه أن يقول قال النبي عليه الصلاة والسلام وهو لم يسمعه من صحابي آخر

بينما التابعي ربما قال : قال النبي عليه الصلاة والسلام ولم يسمع هذا من الصحابي

ولذا بعض التابعين كان مدلسا يسقط بعض الرواة كالحسن رحمه الله

وأما كبار التابعين كسعيد بن المسيب اختلف العلماء في قبول مراسيلهم وذلك لأنهم بلغوا مرتبة من الثناء عند الأمة

ولكن الأصوب أن مراسيل غير الصحابة لا تقبل ، إنما المقبول هو مرسل الصحابي

فهذا من قبيل مرسل الصحابي

فيكون أبو هريرة سمعه من غير النبي عليه الصلاة والسلام

والمرسل : هو أن يسند الرواي خبر أو حدثا عن النبي عليه الصلاة والسلام ولم يسمعه ولم يره .

وقوله : قال أبو هريرة : ((قام رسول الله حين أنزل عليه ))

الحينية : تدل على المبادرة : فمن حين نزلت هذه الآية قام

وهذا يدل على مبادرته السريعة لتبليغ رسالة ربه

قال تعالى : ((يَا أَيُّهَا الرَّسُولُ بَلِّغْ مَا أُنزِلَ إِلَيْكَ مِن رَّبِّكَ وَإِن لَّمْ تَفْعَلْ فَمَا بَلَّغْتَ رِسَالَتَهُ ))

وقد بلغ هذه الرسالة

وما الذي أنزل عليه ؟

{وَأَنذِرْ عَشِيرَتَكَ الْأَقْرَبِينَ }

عند مسلم :

(( ورهطك منهم المخلصين ))

قال النووي كأن هذه آية (( ورهطك منهم المخلصين )) آية نسخت

والنسخ :

ـــــــــــــــــ

هو الرفع والإزالة :

قال تعالى : {مَا نَنسَخْ مِنْ آيَةٍ أَوْ نُنسِهَا نَأْتِ بِخَيْرٍ مِّنْهَا أَوْ مِثْلِهَا أَلَمْ تَعْلَمْ أَنَّ اللّهَ عَلَىَ كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ }

وقال تعالى : {وَإِذَا بَدَّلْنَا آيَةً مَّكَانَ آيَةٍ وَاللّهُ أَعْلَمُ بِمَا يُنَزِّلُ قَالُواْ إِنَّمَا أَنتَ مُفْتَرٍ بَلْ أَكْثَرُهُمْ لاَ يَعْلَمُونَ }

فتكون هذه آية على رأي النووي ((ورهطك منهم المخلصين ))

والنبي عليه الصلاة والسلام في هذه الآية أمر بأن ينذر عشريته الأقربين

وذلك لأن القريب أحق بالرعاية والاعتناء من غيره

وذلك في كل المجالات :

فنأتي مثلا إلى النفقة :

ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

قول النبي عليه الصلاة والسلام – كما عند مسلم – : (( ابدأ بنفسك فإن فضل  شيء فلأهلك ))

في مجال الصدقة على القريب :

ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

قال النبي عليه الصلاة والسلام : (( صدقتك على المسكين صدقة ، وعلى ذي الرحم صدقة وصلة ))

وقد أمر النبي بأن ينذر جميع الخلق :

قال تعالى : ((وَأَنذِرِ النَّاسَ يَوْمَ يَأْتِيهِمُ الْعَذَابُ ))

فهذا لعموم البشر :

قال تعالى : ((قُلْ يَا أَيُّهَا النَّاسُ إِنِّي رَسُولُ اللّهِ إِلَيْكُمْ جَمِيعاً الَّذِي لَهُ مُلْكُ السَّمَاوَاتِ وَالأَرْضِ ))

وقال تعالى : ((يَا أَيُّهَا الْمُدَّثِّرُ{1} قُمْ فَأَنذِرْ{2} ))

وأطلق

فيكون هذا إنذارا مطلقا فقام عليه الصلاة والسلام بإنذار من هو قريب منه

والقرب يختلف :

فدعا خديجة وأبا بكر وعلي بن أبي طالب ممن هو قريب منه

ثم أمر بأن يذيع هذا الإنذار على الملأ من قريش

فانزل جل وعلا : {وَأَنذِرْ عَشِيرَتَكَ الْأَقْرَبِينَ }

فقوله : ((وَأَنذِرْ )) :

ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

الإنذار هو الإعلام

لكنه إعلام محفوف بتخويف

فالإنذار هو الإعلام مع التحذير والتخويف

وقوله : ((عَشِيرَتَكَ )) :

ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

العشيرة هي القبيلة

ومع أنه هي القبيلة خصص فقال : الأقربين

و (( الأقربين )) :

ــــــــــــــــــــــــــــــــ

على صيغة أفعل : فيكون الإنذار الأولى به الأقرب فالأقرب

وقد صنع هذا عليه الصلاة والسلام

وقوله : (( فقال النبي عليه الصلاة والسلام : (( يا معشر قريش ))  :

ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

” يا حرف نداء

” معشر المعشر هي الفئة أو الجماعة أو القبيلة

و ” قريش   هو ” فهر بن النضر ” أحد أجداد النبي عليه الصلاة والسلام

وسموا بهذا الاسم مع أن اسمه ” فهر ” لأنه من ” التقرش ” وهو التجمع إذ كانوا متفرقين فاجتمعوا

وقوله : (( أو كلمة نحوها )) :

ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

يعني : شبيها لها

وهذا فيه احتياط من الرواة

وهذا لعدالة الرواة ، ولأجل إبراء ذمتهم يقولون : أو

وذلك حتى يأتوا بالحديث على الوجه الصحيح

فإذا شكوا في ذلك قالوا : ” أو ”

حتى لا يتقولوا على النبي عليه الصلاة والسلام

وحتى لا يصدق عليهم حديثه : (( من كذب عليّ متعمدا فليتبوأ مقعده من النار  ))

قال النبي عليه الصلاة والسلام : (( من حدث عني حديثا يرى انه كذب فهو أحد الكذابِين ))

وفي رواية : (( فهو أحد الكاذِبَيْن )) على صيغة المثنى

ولذا قال بعض العلماء :

ـــــــــــــــــــــــــــــــــــ

(( لا يجوز لأحد أن يذكر حديثا عن النبي عليه الصلاة والسلام ، وهو لا يعرف صحته

فإذا كان يعلم بصحته سواء كان عن طريق البحث أو عن طريق تصحيح أو تحسين إمام في هذا الفن فيجوز له

ــ وأما أن يقول هذا الحديث وهو لا يعلم ما درجته ، ما صحته فإنه يدخل تحت حديث النبي عليه الصلاة والسلام : (( من كذب عليّ متعمدا فليتبوأ مقعده من النار ))

ومن ثم : فإن ما يفعله بعض الوعاظ أو بعض الخطباء من ذكر أحاديث لا تُعزى إلى مصادرها ولم يتحقق من صحتها فإنهم على خطر  أرادوا أن يحسنوا لكنهم أساءوا من حيث لا يشعرون

وقوله : (( أو كلمة )) :

ــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

هذا فيه دليل على أن الجملة يطلق عليها كلمة ، وذلك لأن الكلمة التي قبل هذه ، قال : (( يا معشر قريش  )) وهذه أكثر من كلمة

فلما قال : (( أو كلمة نحوها )) :

ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

دل على أن هذا الكلام المجموع المفيد ولو كان أكثر من كلمة أو كلمتين يطلق عليه كلمة ،

فهذا جائز في عرف أهل اللغة ، وفي القرآن الكريم

قال تعالى : ((حَتَّى إِذَا جَاء أَحَدَهُمُ الْمَوْتُ قَالَ رَبِّ ارْجِعُونِ{99} لَعَلِّي أَعْمَلُ صَالِحاً فِيمَا تَرَكْتُ كَلَّا إِنَّهَا كَلِمَةٌ ))

يعني : ما ذكره كلمة

وقال تعالى : ((وَيُنذِرَ الَّذِينَ قَالُوا اتَّخَذَ اللَّهُ وَلَداً{4} )) إلى أن قال : ((كَبُرَتْ كَلِمَةً تَخْرُجُ مِنْ أَفْوَاهِهِمْ إِن يَقُولُونَ إِلَّا كَذِباً ))

وقوله : (( اشتروا أنفسكم )) :

ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

” اشتروا ” أمر

والأمر كما هو معلوم عند أهل البلاغة : ” هو طلب الفعل من الأعلى إلى الأدنى على وجه الاستعلاء بإحدى صيغ الأمر”

هذا هو الأصل في الأمر

لكن النبي عليه الصلاة والسلام لم يقل هذا من أجل أن يكون عاليا عليهم

فإذا لم يأتِ الأمر على غرار ما ذكر في التعريف يكون هذا الأمر قد خرج عن مراده

ويخرج عن مراده وعن أصله لأغراض

وهذا الغرض الذي من أجله خرج هذا الأمر : (( هو الإرشاد والنصح ))

ولذا قال  : (( اشتروا ))

وكلمة الشراء تنبئ عن رغبة :

فإنك لا تقدم على شراء شيء إلا لأنك ترعب فيه

فما رئي شخص إلا إن كان سفيها يشتري شيئا إلا عن رغبة

ولذا قبّح الله صنيع المنافقين إذ قالوا : ((أُوْلَـئِكَ الَّذِينَ اشْتَرُوُاْ الضَّلاَلَةَ بِالْهُدَى ))

فإنهم لما اشتروا الضلال ، وجعلوا الثمن هو الهدى قبح الله فعلهم لأنهم ما أقدموا على هذا إلا من محض رغبة في نفوسهم

لأن الشراء يدل على وجود رغبة

وقوله : (( أنفسكم )) /

ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

وهذا فيه ترغيب من النبي عليه الصلاة والسلام أغلى ما لدى الإنسان نفسه

ولذا : يوردها موارد الخير ويجنبها موارد الشر لأنها عزيزة عليه

ولذا قال تعالى عن الجهاد لأن فيه إذهابا للنفس : ((كُتِبَ عَلَيْكُمُ الْقِتَالُ وَهُوَ كُرْهٌ لَّكُمْ ))

وقال تعالى : ((إِنَّ اللّهَ اشْتَرَى مِنَ الْمُؤْمِنِينَ أَنفُسَهُمْ وَأَمْوَالَهُم بِأَنَّ لَهُمُ الجَنَّةَ ))

فقال : (( اشتروا أنفسكم )) :

ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

فالذي لا يشترى نفسه ولا يذهب بها إلى مواطن الخير والنفع فهو الجاهل الذي لا يعرف مقدار ن فسه ولا ينقذها فهو الجاهل السفيه

ولذا قال تعالى : ((وَمَن يَرْغَبُ عَن مِّلَّةِ إِبْرَاهِيمَ إِلاَّ مَن سَفِهَ نَفْسَهُ ))

وقال تعالى : ((سَيَقُولُ السُّفَهَاء مِنَ النَّاسِ مَا وَلاَّهُمْ عَن قِبْلَتِهِمُ الَّتِي كَانُواْ عَلَيْهَا ))

وقال تعالى : ((إِنَّمَا التَّوْبَةُ عَلَى اللّهِ لِلَّذِينَ يَعْمَلُونَ السُّوَءَ بِجَهَالَةٍ ))

فهم ما أقدموا على إهلاك أنفسهم إلا من جهالة

وقال تعالى : ((قُلْ إِنَّ الْخَاسِرِينَ الَّذِينَ خَسِرُوا أَنفُسَهُمْ وَأَهْلِيهِمْ يَوْمَ الْقِيَامَةِ ))

وقوله : (( لا أغني عنكم من الله شيئا )) :

ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

” لا “ نافية

و ” شيئا “ نكرة في سياق النفي فتعم

فيكون النبي عليه الصلاة والسلام غير مغني عن قومه بأي شيء حتى ولو قلّ .

فإذا كان هذا هو قول النبي عليه الصلاة والسلام مع علو منزلته ، فما ظنكم بمن هو دونه

وما ظنكم بهذه الأصنام ؟

ففي هذا دليل على بطلان تعلق هؤلاء بهذه المعبودات التي لا تنفع ولا تضر

وهذا هو دأب الأنبياء يفوضون أمرهم إلى الله عز وجل

ولذا قال يعقوب لبنيه : ((وَمَا أُغْنِي عَنكُم مِّنَ اللّهِ مِن شَيْءٍ إِنِ الْحُكْمُ إِلاَّ لِلّهِ ))

ونستفيد من هنا فائدة :

ــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

وهي أن الإنسان يعلم قدره

فإذا كان النبي عليه الصلاة والسلام يعلم قدره ، وأنه لا يملك لهؤلاء شيئا

ولذا كما سيأتي معنا في قصة عمه أبي طالب :

قال : (( يا عم : قل كلمة أحاج لك بها عند الله ))

فلو كان يملك شيئا لدفع عن عمه السوء لكنه لا يملك من الأمر شيئا

ومن ثم : فإن علينا أن نعرف قدر أنفسنا سواء ملكنا مالا أو ظفرنا بجاه أو حفظنا علما فنحن بحاجة إلى عون من الله

وهذا يعد من باب التواضع

ولذا قال النبي عليه الصلاة والسلام : (( وما تواضع أحد لله إلا رفعه ))

ويظهر من هنا : أنه قال في أول الجمل : (( يا معشر قريش ))

وهذا على وجه العموم ثم لما عمم خصص :

فقال : (( يا عباس بن عبد المطلب  )) :

ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

ــــ ” العباس ” هو عمه

ــ وإذا جاءت كلمة ابن بين علمين والعلم الأول منادى فإن هذا المنادى أنت مخير فيه بين أمرين :

ـــ إما بالضم : ” يا عباسُ “

ــ وإما بالنصب : ” يا عباسَ “

لكن كلمة ” ابن ” تكون منصوبة

إن قلت : يا عباسُ تقول : ابنَ عبد المطلب

وإن قلت : يا عباسَ تقول: ابنَ عبد المطلب

وعباس تضاف إليه كلمة ” ال “

وهي معروفة عند النحويين بال التي للمح الصفة ” العباس بن عبد المطلب “

وذلك لكي يلحظ ما فيه من الصفة ، وهي صفة العبوسة والشدة

وقوله : (( يا عباس بن )) :

ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

فيه فائدة :

ـــــــــــــــــــ

ونحن في هذا العصر وللأسف قد ألغينا هذه الفائدة من حيث نشعر أو من حيث لا نشعر

وهي أن الإنسان إذا ذكر اسمه وذكر اسم أبيه وذكر اسم جده أن يأتي بكلمة ” ابن ” وهذا مما يميز أهل الإسلام

ففرق بيننا وبين الإفرنج

فإنهم يأتون بأسمائهم متتابعة دون أن يفصلوا بينها بكلمة ” ابن ”

وذلك لأن وجودهم في الغالب يكون من سفاح ليس من نكاح

أما نحن المسلمين فلننسب أنفسنا إلى آبائنا وإلى أجدادنا بكلمة ” ابن ” :

فلان بن فلان بن فلان

وهلم جرا

فهذا مما يميزنا

ولذا لو تأملتم في الأحاديث من ذكر أسماء أو ما في السير تجد أنها تذكر كلمة ” ابن “

ولا يلزم إذا ذكر الإنسان اسمه أن يذكر اسم أبيه لأن البعض قد ينكر

لاشك أن ذكر الأب له وجه ومطلب ، لكن ليس من الضروري

ولذا لو ذكر إنسان اسمه ثم ذكر اسم جده ولم يذكر اسم أبيه أنكر عليه البعض

نقول : قد أتى بهذا النص كقوله : (( أنا ابن عبد المطلب  )) 

مع أن أباه عبد الله ، فنسب اسمه إلى جده ، والأمر في هذا واسع

وهنا فائدة تتعلق بالإملاء  :

ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

وهي أن كلمة ” ابن ” إذا جاءت بين علمين فإن الألف تحذف ، فلا توضع ألف بينهما فتكون هكذا : ” العباس بن عبد المطلب  ”

وكما قال هناك : (( لا أغني عنكم من الله شيئا )) قال هنا : (( لا أغني عنك من الله شيئا ))

وهذا من ؟

العباس عمه

ثم لما ذكر العم ذكر العمة :

قال : (( يا صفية عمة رسول الله لا أغني عنك من الله شيئا ))

ثم قال مخصصا ما هو أرفع درجة مما سبق قال : (( يا فاطمة بنت محمد )) :

ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

وفاطمة :

ــ هي بنت النبي عليه الصلاة والسلام كما لا يخفى

ـــ زوجها : علي بن أبي طالب

ـــ وابناها : الحسن والحسين

ـــ وقد قال عليه الصلاة والسلام في ابنيها : الحسن والحسين : (( سيدا شباب أهل الجنة ، وأبوهما خير منهما ))

ـــ وقال عن فاطمة رضي الله عنها :(( سيدة نساء أهل الجنة ))

ـــ ومن مزاياها كما قيل : ” إنها لا تحيض / وإذا وضعت لا ينزل  معها دم “

وقد جاء هذا في حديث ولكنه لا يصح

ـــ والأصل أنها كبنات آدم يأتيها ما يأتي النساء

ـــ وهي بضعة منه ،

ـــ وهي حبيبته

ـــ وكان كما جاء في الأدب المفرد عند البخاري : (( إذا رآها قادمة قام إليها وقبلها وأجلسها في مكانه ))

ـــ ولما خطب علي ابنة أبي جهل  ليتزوجها غضبت ، واتت إلى النبي عليه الصلاة والسلام وقالت :  (( يتحدث الناس أنك لا تغضب لبناتك ))

قال :(( لم ؟ ))

قالت : هذا علي خطب بنت أبي جهل

فقام وقال : (( إن فاطمة بضعة مني – يعني قطعة مني – يريبني ما رابها ، ويؤذيني ما آذاها ، وقد استأذنوني ، والله لا آذن ، والله لا آذن ، وإني لا أحرم حلالا ، ولا أحل حراما ، ولكن والله لا تجتمع بنت رسول الله صلى الله عليه وسلم وبنت عدو الله عند رجل واحد إلا إذا أراد علي أن يطلق ابنتي  ))

ــ والحديث قد عُد من مناقب علي رضي الله عنه فإنه ترك هذا الزواج

ــ ثم إن النبي عليه الصلاة والسلام لمكانة علي عنده ، وذلك لأن فاطمة بضعة منه ، فإذا تأذت فاطمة تأذى رسول الله صلى الله عليه وسلم ، وأذية النبي عليه الصلاة والسلام أذية لله .، ففي هذا كف لعلي أن يقع في ذنب ومعصية

فتعد منقبة له رضي الله عنه

 

ــــــــــــ فقال : (( يا فاطمة بنت محمد : )) :

ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

فالوصف بـ ” بنت ” واجب الضم مثل : (( يا فاطمة بنتُ محمد )) فيجب ضم المنادى (( فاطمةُ ))

لو قلت : (( يا فاطمة ابنة محمد )) جاز الوجهان :

ــ يا فاطمةُ ابنة محمد

ـــ يا فاطمةَ ابنة محمد

فابنة مثل ابن

قال : (( سليني ما شئت )) :

ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

هذا هو ما يملكه عليه الصلاة والسلام

قال :(( سليني ما شئت لا أغني عنك من الله شيئا ))

والشاهد كما قلنا :

ــــــــــــــــــــــــــــــــ

أن النبي عليه الصلاة والسلام لا يملك شيئا ، فكيف تملك هذه الأصنام والمعبودات شيئا ؟!

ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ