الشرح الموسع لكتاب التوحيد ـ الدرس ( 137 )
حديث (من أسعد الناس بشفاعتك )
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
فضيلة الشيخ : زيد بن مسفر البحري
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
وقال له أبو هريرة : من أسعد الناس بشفاعتك ؟
قال : (( من قال لا إله إلا الله خالصا من قلبه ))
وقوله : (( وقال له أبو هريرة )) :
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
[[ أبو هريرة ]] :
ــــــــــــــــــــــــــــــــ
هو الإمام المحدث الصحابي الفقيه ، ومعروف انه أكثر الصحابة رواية للحديث عن النبي عليه الصلاة والسلام ، ونُقم عليه في ذلك
فالشاهد من هذا :
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــ
أن أبا هريرة سأل النبي عليه الصلاة والسلام : (( من أسعد الناس بشفاعتك يا رسول الله ؟ ))
فقال : (( ما ظننت أن أحدا سيسألني غيرك لما أرى من حرصك على العلم ))
[[ وأبو هريرة ]] :
ــــــــــــــــــــــــــــــــــ
ـــ قد أعطاه الله حافظة بفضل بركة قول النبي عليه الصلاة والسلام ذات يوم : (( من يبسط رداءه فلا أفرغ من حديثي فيرفعه إلا وعى ما أقول ))
فاغتنمها أبو هريرة فبسط ثوبه
ـــ ولذا أصبح من الحفاظ
ـــ ولذا : نقم عليه بعض الصحابة لكونه يكثر الحديث عن النبي عليه الصلاة والسلام ،
ـــ فقال : (( إني أكون مع النبي عليه الصلاة والسلام على شبع بطني أقوم عليه وأخدمه ، أما إخواننا من الأنصار فإنهم يشتغلون بأموالهم ))
ـــ فكان متفرغا للعلم
ـــ ولذا عُدّ انه رئيس أهل الصفة :
وأهل الصُفة – كما قال شيخ الإسلام : ” لا يأوون إلى أهل ، ولا إلى مال ،وليس لهم عدد معين كما يظن ، وليس المذهب الموجود ، وهو مذهب التصوف منسوبا إليهم ، لأنهم من الصفة ، وهو : المكان الذي يكون في المسجد ، ولو كانوا هؤلاء امتدادا لهل الصفة الفقراء، لأن الصوفية ينحبسون عن ملاذ الدنيا ويلبسون الصوف ، فيقول : ” لو كان كما زعمو لقيل [ صُفِّي ]
ولا يقال ” صوفي “
وذلك لأنه أهل الصفة
ـــ فعُدّ أبو هريرة رئيسهم ، وهم لا يأوون إلى أهل ، ولا إلى مال ، وليس هناك عدد معين لهؤلاء ، وإنما يأتي بعضهم ثم يذهب البعض ، ثم يأتي آخرون
وهلم وجرا
ـــ فإذا أتيت إلى النبي عليه الصلاة والسلام بصدقة بعث بها إليهم ، وإن أتي بهدية أكل منها وأطعمهم
ـــ وقصة [ أبو هريرة مع أهل الصفة في اللبن ] قصة مشهورة :
” وذلك أنه وقف في طريق أبي بكر ، وفي طريق عمر ، وسألهما عن آية ، وقال : ما سألتهما إلا ليشبعاني ، فلما مرّ النبي عليه الصلاة والسلام ورأى ما فيوجه أبي هريرة تبسم وقال : ((الحق بنا أبا هر ))
فدخل على إحدى زوجاته وقال : (( عندكم شيء ؟ ))
فقالوا : لبن
فقال : (( يا أبا هريرة ادعُ أهل الصفة ))
فقال أبو هريرة : وما يغني هذا في أهل الصفة ، لو كان لي
فدعا أهل الصفة ، فأمر النبي عليه الصلاة والسلام أبا هريرة أن يسقيهم حتى شبعوا ، ولم ينفد شيء من هذا اللبن فقال عليه الصلاة والسلام : ((اشرب يا أبا هريرة ))
فشرب
فقال : (( اشرب ))
فشرب
فقال : (( اشرب ))
فشرب قال : ” والله لا أجد له مسلكا “
فأخذ النبي عليه الصلاة والسلام الفضلة وشربها
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
وقوله : (( من أسعد الناس بشفاعتك ؟ ))
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
” أسعد “ أفعل التفضيل
وأفعل التفضيل يقتضي أن هناك مفضل عليه
فأين يكون أفعل التفضيل هنا ؟
قالوا : أفعل التفضيل هنا ليس على بابه
فيكون قوله : (( من أسعد الناس بشفاعتك ؟ ))
يعني : من هو السعيد بشفاعتك ؟
وذلك لأن الإخلاص واجب على الكل ، لا يتفاضل فيه أحد
والقول الآخر :
ــــــــــــــــــــــــــــــــ
وهو الصواب : أن أفعل التفضيل على بابه لأنه هو الأصل ، ولأن الناس يتفاضلون في الأعمال بناء على ما في قلوبهم من الإخلاص
ولذا : [ الإخلاص ] ليس له درجة
وقوله : (( من أسعد الناس بشفاعتك يا رسول الله ؟
قال : من قال : [ لا إله إلا الله خالصا من قلبه ] )) :
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
ـــ وقيدها بكلمة (( خالصا )) :
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
وهذا هو أحد شروط ” لا إله إلا الله ” وسبق الحديث عن ذلك مفصلا
وأن ما جاء في بعض النصوص من الإطلاق من أنه إذا قال : ((لا إله إلا الله دخل الجنة ))
فهي محمولة على ما قيدت به بعض الأحاديث
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
وقوله :
ـــــــــــــــ
(( وحقيقته : أن الله سبحانه هو الذي يتفضل على أهل الإخلاص فيغفر لهم بواسطة دعاء من أذن له أن يشفع ليكرمه وينال المقام المحمود )) :
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
الشرح :
ــــــــــــــــــــ
فالشفاعة فضل من الله على الكل ، وليس هناك فضل لهذا الشافع في إيصال هذا النفع ، وإنما الفضل من الله أولا وآخر
ولذا قال : (( ليكرمه ))
ليكرم الشافع
هذه هي الفائدة الأولى من الشفاعة : (( ليكرمه وينال المقام المحمود ))
وقوله :
ــــــــــــــ
(( فالشفاعة التي نفاها القرآن ما كان فيها شرك )) :
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
هذه هي الشفاعة الأولى التي نفاها القرآن ، وهي التي فيها الشرك
وقوله :
ــــــــــــــ
(( ولهذا أثبت الشفاعة بإذنه في مواضع )) :
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
هذا هو النوع الثاني من أنواع الشفاعة /
وهي الشفاعة المثبتة لكن مع أنها مثبتة لا يمكن أن تكون إلا بالشرطين المذكورين آنفا :
ـــ الإذن
ـــ والرضا
وقوله :
ـــــــــــــ
(( وقد بيّن النبي عليه الصلاة والسلام أنها لا تكون إلا لأهل التوحيد )) :
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
لقوله عليه الصلاة والسلام :
(( من قال : لا إله إلا الله خالصا من قلبه ))
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ