الشرح الموسع لكتاب التوحيد ـ الدرس (141) حديث (لما حضرت أبا طالب الوفاة )(2)

الشرح الموسع لكتاب التوحيد ـ الدرس (141) حديث (لما حضرت أبا طالب الوفاة )(2)

مشاهدات: 404

الشرح الموسع لكتاب التوحيد ـ درس ( 141 )

حديث (لما حضرت أبا طالب الوفاة ) الجزء الثاني

ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

فضيلة الشيخ :  زيد بن مسفر البحري

ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

قوله :(( فقالا له : ………. )) :

ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

القائل : عبد الله بن أمية ، وأبو جهل

(( عبد الله بن أمية )) أسلم

أما ” أبو جهل ” فقد مات على كفره ، وكان يكنى بـ ” أبي الحكم ” ، وذلك لأن قريشا يعدونه من أحكمهم وأصوبهم رأيا : لكن لما جاء الإسلام سماه أبا جهل

جعل كنيته ” أبا جهل ” : لأن كل من عصى الله عز وجل فهو جاهل ، ولو كان عنده من التفكير والرأي مما يفخر به الناس ، فالعلم الحقيقي هو ” طاعة الله عز وجل ” هذا هو العالم :

ولذا قال تعالى عن العلماء الربانيين قال :

(( إنما يخشى الله من عباده العلماء ))

وقال عن هؤلاء الذين هم أهل علم ، لكنهم ليسوا من أهل علم في دين الله عز وجل لبعدهم عن الله قال تعالى : {يَعْلَمُونَ ظَاهِراً مِّنَ الْحَيَاةِ الدُّنْيَا وَهُمْ عَنِ الْآخِرَةِ هُمْ غَافِلُونَ }

وقال :

((ذَلِكَ مَبْلَغُهُم مِّنَ الْعِلْمِ ))

فأقصى علمهم الدنيا ، وما يدور فيها ، وما يجري حولها

ولذا من دعاء النبي عليه الصلاة والسلام كما عند الترمذي :

(( اللهم لا تجعل الدنيا أكبر همنا ولا مبلغ علمنا ))

يستفاد من هذا :

أن مبلغ العلم الحسن المحمود هو ” العلم في طاعة الله عز وجل “

(( فقالا له :  )) :

ــــــــــــــــــــــــــــــ

أتى بالفاء ، وذلك لأنها تفيد الترتيب والتعقيب :

فهم قد انتهزوا الفرصة أن لا يكون لقول النبي عليه الصلاة والسلام أثر على ” أبي طالب “

وهذا فيه بيان لمغبة رفقاء السوء :

كما قال النبي عليه الصلاة والسلام – عند الترمذي وغيره :

(( المرء على دين خليله فلينظر أحدكم من يخالل ))

قوله : (( فقالا له : أترغب عن ملة عبد المطلب ؟ )) :

ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

الهمزة : للاستفهام

والاستفهام : معناه : ” هو طلب العلم عن شيء مجهول بإحدى أدوات الاستفهام “

لكن الاستفهام هنا قد خرج عن هذا الأصل :

(( فقالا له : أترغب عن ملة عبد المطلب ؟ ))

فهذا الاستفهام يراد منه :

[ التهييج ]

ويراد منه :

[ التذكير بنعرة الجاهلية وتعظيم الأسلاف ]

فيكون هذا الاستفهام للتهييج

يهيجانه على ان يبقى على دينه :

(( فقالا له : أترغب عن ملة عبد المطلب ؟ ))

ما هي ملة عبد المطلب ؟

الكفر

ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

 

 

فقوله : (( فقالا له : أترغب عن ملة عبد المطلب ؟ ))

ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

قلنا : إن الاستفهام هنا ليس على بابه ، وإنما يراد منه ” التهييج والتذكير لأبي طالب بمعتقد أبيه عبد المطلب “

[ من الفوائد ] تحت هذه الجملة  :

ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

ـــ أن القائل لأبي طالب اثنان :

ــ عبد الله بن أمية

ــ وأبو جهل

وكان المسيب موجودا ولم ينكر عليهما فدل على أنه ليس بمسلم في تلك الحال  ، وذلك لأن المسلم لا يرضى أن يُدعى إلى الكفر في مكان يكون فيه

[ من الفوائد ] تحت هذه الجملة:

ـــــــــــــــــــــــــــــــ

ــ أن ذكر التعبيد لغير الله هنا في اسم ” عبد المطلب ” لا يعني الإقرار من النبي عليه الصلاة والسلام، ولا يعني أن المسيب لما نقله نقله وهو راض عنه

بمعنى :  أنه مقر بأن يُعبَّد الاسم لغير الله ، وذلك لأن ناقل الكفر ليس بكافر

ولذا النبي عليه الصلاة والسلام في “ حنين ” قال : (( أنا النبي لا كذب ، أنا ابن عبد المطلب  ))

وسيأتي معنا باب عنون له المؤلف بقوله : ((فَلَمَّا آتَاهُمَا صَالِحاً جَعَلاَ لَهُ شُرَكَاء فِيمَا آتَاهُمَا ))

وذكر قول ابن حزم : من أن العلماء أجمعوا على تحريم تعبيد الاسم لغير الله حاشا عبد المطلب

وسيأتي كلام لنقض كلامه رحمه الله

[ من الفوائد ] تحت هذه الجملة :

ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

ـــ أن عبد المطلب مات على الكفر : وذلك لأنهما قالا (( أترغب عن ملة عبد المطلب ؟ )) وعبد المطلب آنذاك كان ميتا ، فدل على أن عبد المطلب مات على الكفر

[ من الفوائد ] تحت هذه الجملة :

ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

ـــ بيان خطر تعظيم الأكابر من الآباء والأجداد ونحوهم

والخطورة تكمن فيما إذا كان هؤلاء الأكابر على باطل

أما إذا كانوا على حق فإنهم يعظمون قدر تعظيمهم

فمثل ذلك : أسلافنا نعظمهم ونرفع من شأنهم لكن على الوجه المطلوب شرعا دون أن يُزاد فيه كما صنع بعض من انتسب إلى هذا الدين إذ رفع بعض الناس فوق منزلته فغلا فيه

وقوله:((فأعاد عليه النبي عليه الصلاة والسلام )) :

ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

الفاء : هنا تفيد الترتيب والتعقيب

فأراد النبي عليه الصلاة والسلام ان يقطع عليهما ما أرادا ان يكون من أبي طالب ، فلم يجعل زمنا تتمكن كلمة هذين الرجلين من قلب أبي طالب بادر وأعاد عليه تلك الكلمة

ثم هما : (( فأعادا عليه )) :

ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

وهذا يقتضي أنهما لم يتركا فرصة لكلمة النبي عليه الصلاة والسلام أن تبلغ من قلب أبي طالب مبلغها

وقوله : (( فكان آخر ما قال : هو على ملة عبد المطلب )) :

ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

فتكون خاتمته خاتمة سوء

وقوله : (( فكان آخر )) :

ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

يصح : فكان آخر

فإذا قلنا : فكان آخرُ يكون ” آخرُ ” اسم كان

وإن قلنا ” فكان آخرَ ” يكون ” آخر ” منصوب على الظرفية

[ من الفوائد ] تحت هذه الجملة (( فكان آخر ما قال : هو على ملة عبد المطلب )) :

ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

ـــ أن كلمة ” آخر “ تدل على أن الأعمال بالخواتيم ، فأفادت هذه الكلمة أن كلمة التوحيد لو كانت آخر ما تلفظ بها أبو طالب لنفعته

وذلك على القول بأن أبا طالب قد حضرته أمارات وعلامات الموت

[ من الفوائد ] تحت هذه الجملة :

ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

ـــ بيان خطر رفقاء السوء ، وذلك لأن رفقاء السوء يصرفون الإنسان عن الخير

وهذا واضح من خلال ما جاء من نصوص في هذا الشأن ، وواضح من خلال واقع الناس ،ولا أدل من القصة

[ من الفوائد ] تحت هذه الجملة :

ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

ـــ أن البيئة والمجتمع لهما أثر: إما سلبي ، وإما إيجابي على سلوك الإنسان

وذلك لأن البيئة التي عاش فيها أبو طالب كانت بيئة سوء وشر

ومع هذا السوء ، مع هذه  البيئة أحاط به رفقاء السوء

فالبيئة لها أثر

ولذا في قصة :” من قتل تسعة وتسعين نفسا فأراد ان يتوب فدُل على عابد فاستعظم هذا العابد هذا العدد الذي قتله فاستعظم هذا العابد هذا العدد الذي قتله فقال : ليس لك توبة

فكمل به المائة

وهذا يدلنا على أن العلم يحيا به الإنسان حياة في دينه ، وحياة في دنياه :

إذ لو كان عالما لما أودت به هذه الكلمة إلى أن تزهق روحه

فدُل على عالم فقال : ” ومن يحول بينك وبين التوبة ، ولكن اذهب إلى أرض كذا وكذا فإن بها قوما يعبدون الله فاعبد الله معهم ، ولا ترجع إلى أرضك فإنها أرض سوء ))

ومن ثم : فيجب على الإنسان أن يغير البيئة التي كان عليها

ولذا :

ــــــــــــ

إذا استقام شخص يُنصح بأن لا يقبل على بيئته السابقة : لا محادثة ، ولا حضورا ، ولا أي صلة

وذلك حتى لا تعود نفسه إلى ما اعتادت عليه في الماضي ، وحتى لا يؤثر عليه رفقاء السوء

لأن البعض قد يقول : أذهب وأدعوهم فلما استطعمت حلاوة الإيمان أحببت ان أوصله إلى غيري ، وهم أحق الناس بهذا

فيقال له : على رسلك ، لا تحرص على هذا ، عليك أن تزيد من إيمانك في قلبك ثم إذا أردت أن تدعوهم فعليك أن تصحب أناسا من أهل الخير معك حتى يذكروك إذا نسيت ويعينوك إذا ذكرت

ومن ثم : فإن أعظم وسائل الثبات على الدين أن لا يعود الإنسان إلى بيئته السابقة بأي وجه من الوجوه

ومما يدل على أن للأرض أثرا :

ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

أن النبي عليه الصلاة والسلام في قصة نومه في خيبر – وأصله في الصحيحين :

جاء عند أبي داود قال : (( تحولوا عن هذا المكان الذي أصابتكم فيه الغفلة ))

فدل دلالة واضحة على أن للبيئة أثرا

وهذا ما وقع لأبي طالب

[ من الفوائد ] تحت هذه الجملة :

ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

ـــ أنه قال : (( هو على ملة عبد المطلب ))

قال : (( هو )) :

ــــــــــــــــــــــــــــــ

والضمير يعود إلى أبي طالب ، مع أن الناقل هو ” ابن المسيب ” ومع ذلك لم يذكر النص لظاهر الأثر

لم يقل : (( أنا على ملة عبد المطلب ))

ولكن جاء عند الإمام أحمد جاء بلفظ ضمير المتكلم :

قال : (( أنا على ملة عبد المطلب ))

فكان في هذا بيان أن الراوي غيّب فلم ينقل النص على وجهه ، وإنما عدل به في الأصل إلى ضمير الغيبة

حتى لا ينسب إليه ما ستقبح

ولذا النبي عليه الصلاة والسلام كما عند مسلم قال : (( إن ابن آدم إذا قرأ السجدة فسجد اعتزل الشيطان يبكي يقول : يا ويله أُمر ابن آدم بالسجود فسجد فله الجنة ، وأُمرت بالسجود فعصيت فلي النار ))

فيأتي الرواة فيغيرون

وهذا أصل موجود في كتاب الله :

قال تعالى في آيات اللعان :

((وَالَّذِينَ يَرْمُونَ أَزْوَاجَهُمْ وَلَمْ يَكُن لَّهُمْ شُهَدَاء إِلَّا أَنفُسُهُمْ فَشَهَادَةُ أَحَدِهِمْ أَرْبَعُ شَهَادَاتٍ بِاللَّهِ إِنَّهُ لَمِنَ الصَّادِقِينَ{6} وَالْخَامِسَةُ أَنَّ لَعْنَتَ اللَّهِ عَلَيْهِ ))

لم يقل : ” أن لعنة الله عليّ

((وَيَدْرَؤوا عَنْهَا الْعَذَابَ أَنْ تَشْهَدَ أَرْبَعَ شَهَادَاتٍ بِاللَّهِ إِنَّهُ لَمِنَ الْكَاذِبِينَ{8} وَالْخَامِسَةَ أَنَّ غَضَبَ اللَّهِ عَلَيْهَا إِن كَانَ مِنَ الصَّادِقِينَ{9} ))

ومن ثم :

ــــــــــــ

فإن من الأدب الأكمل إذا نقلت أمرا قد وقع وهو قبيح أن لا تنسب حين بيانك لهذا الواقع أن لا تنسب ما يستقبح إلى نفسك ، فلا تأت بضمير المتكلم وإنما تأتي بضمير الغيبة

[ من الفوائد ] تحت هذه الجملة :

ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

ـــ أن أبا طالب من حكمة الله في شأنه أنه لم يسلم ، فلو شاء الله جل وعلا أن يجعله مسلما لأسلم

بل لو شاء جل وعلا أن لا يشرك احد :

قال تعالى :

((وَلَوْ شَاء اللّهُ مَا أَشْرَكُواْ ))

وقال تعالى :

((وَلَوْ شَاء اللّهُ لَجَمَعَهُمْ عَلَى الْهُدَى ))

لكن حكمة الله اقتضت أن يكون هناك كفار ومسلمون

ــ * : ومن بين الحكم في عدم إسلام أبي طالب

لا في ثنايا حياته ولا في آخر حياته

مع أن قلبه يميل إلى دين النبي عليه الصلاة والسلام  بل إن له أشعارا ينافح فيها عن الرسول عليه الصلاة والسلام من بينها :

والله لن يصلوا إليك بجمعهم

حتى أوسد في التراب دفينا

فامض لأمرك ما عليك غضاضة

أبشر وقر بذاك منه عيونا

ودعوتني وعلمت انك ناصحي

فلقد صدقت وكنت ثم أمينا

لولا الملامة أو حذار سبة

لوجدتني سمحا بذاك مبينا

فأشعاره تدل على رغبته في الدخول في الإسلام ، لكن الله عز وجل حجب عنه ذلك لحكمة منه جل وعلا :

أما الحكمة التي تستبين لي في بقائه على الكفر:

أن لا يُزاد في العناء والاضطهاد للنبي عليه الصلاة والسلام ، فوجود أبي طالب على ملة قومه يمنع الكفار من ان يأتوا بجميع أذاهم إلى النبي عليه الصلاة والسلام ، ولذلك فإنهم يتوقفون احترازا من مكانة أبي طالب

ولذا كانوا يأتون إلى أبي طالب ويشكون النبي عليه الصلاة والسلام إليه

فلو كان أبو طالب مسلما لما كان هناك من يحول بعد الله مني حول بين النبي عليه الصلاة والسلام وبين أذى الكفار

ـــ وأما الحكمة من كون النبي عليه الصلاة والسلام لم يؤثر في أبي طالب في آخر حياته :

الحكمة من ذلك :

ــ أن العلماء قالوا : إن النبي عليه الصلاة والسلام لم يؤثر في أبي طالب حتى يعلم الناس ان الأمر ليس بيد النبي عليه الصلاة والسلام ، وإنما الأمر كله بيد الله

فهذا عمه وكان ينافح عنه وقال ما قال : (( لأستغفرنَّ لك ما لم أُنه عنك ))

فكون النبي عليه الصلاة والسلام لم يستطع أن يوصل الهداية إلى قلب أبي طالب فيكون فيه بيان أن النبي عليه الصلاة والسلام لا يملك نفعا ولا ضرا

فيكيف يُتعلق به ؟

إذ لو كان عنده نفع لكان أحق من وصل إليه هذا النفع عمه أبا طالب

[ من الفوائد ] تحت هذه الجملة :

ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

أن أبا طالب مات على الكفر لقوله : (( فكان آخر ما قال : هو على ملة عبد المطلب ))

وعندنا اليقين  والجزم بأن عبد المطلب مات على الكفر ، ويزيد هذا بيانا وإيضاحا ذلك الحديث الذي صححه الألباني :

(( أن عليا أتى إلى النبي عليه الصلاة والسلام وقال :” إن عمك الضال قد مات فقال النبي عليه الصلاة والسلام : (( قم فواره بالتراب ))

فكون ابنه علي يصفه بأنه ضال ، ويقره النبي عليه الصلاة والسلام فيه دليل على أنه مات على الكفر

وفي هذا صفعة للروافض الذين يزعمون أن أبا طالب قد مات على الإسلام

وكذبوا إذ لو مات على الإسلام لما كان للنبي عليه الصلاة والسلام شفاعة خاصة به

وهذا دليل ثابت على أنه مات على الكفر

ولذا العباس – كما في الصحيحين : قال : (( أما نفعت عمك أبا طالب ؟

فقال : (( هو في ضحضاح من نار ولولا أنا لكان في الدرك الأسفل من النار ))

فهذه أدلة تبن أن أبا طالب مات على الكفر

ـــ وأما موجب ” الروافض أنه مات على الإسلام فلأنهم يعظمون أهل البيت

ولذا : عندهم الإمامة منزل عالية ، فقد يصلون بالأئمة عندهم إلى درجة الرسل إن لم يكن إلى درجة الله

وهذا شاهد:

فإنهم أذا أرادوا أن يدعوا توجهوا إلى قبور أهل البيت فيتوجهون بالدعاء ويستشفعون بهم ، وأبو طالب من أهل البيت ، فكونه من قرابة النبي عليه الصلاة والسلام قالوا : إنه مات على الإسلام

وذلك لأنهم يعظمون أئمتهم ولاسيما أن أبا طالب كان ينصر النبي عليه الصلاة والسلام ، فهذه النصرة أوقعتهم في شبهة ، ولا أدري ماذا يقولون في أبي لهب ؟

لكن حجتهم داحضة فإن هذا النص قد أتى بالفصل في بيان حاله

سؤال / لماذا قالوا هذا في أبي طالب ؟

الجواب :

ـــــــــــــ

لأن هناك قرائن أوقعتهم في  الشبهة ، وذلك لأن قلوبهم مفتوحة للشبه ولو كانت قلوبهم سليمة لأيقنوا أنه مات على الكفر ولما صرفوا عبادات لغير الله إلى هؤلاء الأولياء الذين لا يملكون حتى لأنفسهم لا يملكون لها نفعا ولا ضرا

وقوله : (( وأبى أن يقول : لا إله إلا الله )) :

ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

[ أبى ] :

ـــــــــــــ

وهذا هو كفر الإباء الذي كان عليه أبو طالب ، فإنه أبى وأعرض من أجل أن لا ينشر عنه أنه خالف ملة أبيه أو أن جزع الموت أثر فيه

و[ كفر الإباء ] الذي عليه أبو طالب : أنه علم الحق ولم يعمل به ، عرف دين النبي عليه الصلاة والسلام هو الحق وأعرض عنه