الشرح الموسع لكتاب التوحيد ـ الدرس (156) حديث ( هلك المتنطعون _قالها ثلاثا )

الشرح الموسع لكتاب التوحيد ـ الدرس (156) حديث ( هلك المتنطعون _قالها ثلاثا )

مشاهدات: 731

الشرح الموسع لكتاب التوحيد ـ الدرس ( 156 )

حديث ( هلك المتنطعون _قالها ثلاثا )

ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

فضيلة الشيخ :  زيد بن مسفر البحري

ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

ولمسلم  :

عن ابن مسعود رضي الله عنه :

أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال :

(( هلك المتنطعون : قالها ثلاثا  )) :

ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

الشرح :

ـــــــــــــ

ولمسلم عن ابن مسعود رضي الله عنه :

ابن مسعود :

سبق وأن ترجم له

أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال :

(( هلك المتنطعون )) :

ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

قال : (( هلك المتنطعون ))

الهلاك هنا :

كما قيل إما أن يكون هلاكا حسيا وإما أن يكون هلاكا معنويا

وأما التنطع :

فهو المبالغة في الكلام والتشدق فيه والتقعر في ألفاظه

هذا من حيث الأصل

ثم أطلق التنطع على القول والفعل

فمن تعمق في أقواله وفي أفعاله فخرج عن الحد الشرعي إما بزيادة وإما بنقصان فهو ” المتنطع الذي هلك “

ولو سألت سؤالا :

ينبني على ما سبق في باب ما جاء في الرقى والتمائم :

أهذه العبارة الصادرة منه عليه الصلاة والسلام : أهي على سبيل الخبر أم على سبيل الطلب ؟

أهي كعبارته عليه الصلاة والسلام :

(( من تعلق تميمة فلا أتم الله له ، ومن تعلق ودعة فلا ودع الله له )) ؟

أم ماذا ؟

هذه الجملة تحتمل كما ذكرت :

ــ أن تكون طلبية :

بمعنى : أنه عليه الصلاة والسلام دعا بالهلاك على المتنطعين

ــ ويحتمل أن تكون خبرية :

فتكون خبرا منه عليه الصلاة والسلام عن لهلاك المتنطعين

لكن إذا كانت طلبية : فلماذا جاءت بسياق الخبر ؟

فلماذا جاءت ؟

الجواب :

البلاغيون يقولون :

إن الجملة قد تأتي في سياق الخبر ويراد منها الطلب لفوائد  مرت معنا :

(( هلك المتنطعون )) :

بمعنى : اللهم أهلك المتنطعين :

ما فائدة مجيء الدعاء في صورة الخبر ؟

فائدته :

كان هذه الدعوة قد وقعت وتحققت فيكون فيه تخويف وترهيب للمتنطعين

ما إعراب المتنطعين ؟

فاعل مرفوع وعلامة رفع الواو لأنه جمع مذكر سالم

(( قالها ثلاثا )) :

ــــــــــــــــــــــــــــ

أي قال هذه الجملة ثلاث مرات :

لم ؟

لم قالها عليه الصلاة والسلام مرات ؟

هذا ما يسمى بالإطناب:

إما أن تكرر الكلمة وإما أن تكرر الجملة

وهنا عليه الصلاة والسلام كرر الجملة :

هلك المتنطعون

هلك المتنطعون

هلك المتنطعون

لكن الرواي اختصر فبدل أن يذكرها ثلاث مرات ذكرها مرة واحدة وقال : قالها ثلاثا

فهذا من باب الإطناب الذي يراد منه التحذير من التنطع

والنبي عليه الصلاة والسلام – كما جاء عند البخاري – كان إذا تكلم بكلمة أعادها ثلاثا حتى تفهم عنه :

قال إذا تلكم بكلمة قالها ثلاثا حتى تفهم عنه

وإذا سلم على قوم سلم ثلاثا

وجهه النووي رحمه الله وأعني بذلك أمر السلام أن هذا محمول على جماعة كثر:

فإن النبي عليه الصلاة والسلام أسمع من في مقدمة المجلس ولم يسمع من في وسطه ومن في آخره

حديثنا عن إعادة الكلمة حتى تفهم عنه

وهذا لا يخالف ما ذكرنا من فائدة الإطناب ،

فإن من أوجه الإطناب :

إما التفهيم

وإما التحذير

أو  ما شابه ذلك

وقد قالت عائشة رضي الله عنها كما في سنن أبي داود قالت :

(( كان عليه الصلاة والسلام إذا تكلم بكلام فهمه من يسمعه ، كان إذا تكلم بكلام تكلم بكلام فصل يفهمه كل من سمعه ))

يفهم من هذا أن طريقته في عرض كلامه طريقة عجلة أم رفق ؟

رفق

وهذا يعود بنا إلى القاعدة التي ذكرها عليه الصلاة والسلام :

(( إن الرفق لا يكون في شيء إلا زانه ، ولا ينزع من شيء إلا شانه ))

ولذا قال جابر رضي الله عنه- كما عند أبي داود – :

(( كان في كلامه عليه الصلاة والسلام ترتيل أو ترسيل ))

فائدة :

ــــــــــــــــ

هنا في قوله : (( هلك المتنطعون )) حذف المعمول

وحذف المعمول يدل على العموم

فلم يقل : هلك المتنطعون في العبادة او المتنطعون في العقائد

أو ما شابه ذلك

وكذلك في قوله : (( إنما أهلك من كان قبلكم الغلو ))

لم يقل : الغلو في العبادة أو العقائد

فيدل على تحريم الغلو والتنطع

ــــــــــــــــــــــــ