الشرح الموسع لكتاب التوحيد ـ الدرس (179)حديث ( لا تجعلوا بيوتكم قبورا )(3)

الشرح الموسع لكتاب التوحيد ـ الدرس (179)حديث ( لا تجعلوا بيوتكم قبورا )(3)

مشاهدات: 429

الشرح الموسع لكتاب التوحيد ـ الدرس ( 179)

حديث ( لا تجعلوا بيوتكم قبورا )  الجزء الثالث

ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

فضيلة الشيخ :  زيد بن مسفر البحري

ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

وقوله : (( وصلوا عليَّ )) :

ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

هكذا ينبغي للداعية إذا نهي عن شيء أن يفتح بابا آخر

وهذا معلوم لمن تتبع نصوص الكتاب  ونصوص السنة يجد أن الشرع ما ينهى عن شيء إلا ويوجد له البديل ، ومرت معنا أمثلة على ذلك

منها قوله تعالى :

((يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُواْ لاَ تَقُولُواْ رَاعِنَا وَقُولُواْ انظُرْنَا وَاسْمَعُوا ))

وأيضا :

ـــــــــــــــ

مر معنا أنه نهى من قوله تعالى :

{وَأَنَّهُ كَانَ رِجَالٌ مِّنَ الْإِنسِ يَعُوذُونَ بِرِجَالٍ مِّنَ الْجِنِّ فَزَادُوهُمْ رَهَقاً }

أنهم كانوا إذا أتوا إلى واد قالوا : نعوذ بسيد هذا الوادي من سفهاء قومه

وهذه مقولة شركية فجاء الإسلام بالبديل :

عند مسلم حديث [ خولة ] :

ـــــــــــــــــــــــــــــــــــ

(( من نزل منزلا فقال : أعوذ بكلمات الله التامات من شر ما خلق لم يضره شيء حتى يرحل من منزله ذلك ))

وكذلك :

ـــــــــــــــ

فإن الصحابة لما اعتادوا على أن يقولوا : ما شاء الله وشئت

أمرهم أن يقولوا : ما شاء الله ثم شئت

وكذلك :

ــــــــــ

فيمن سأل عن بيع الصاعين الرديئين بالصاع الجيد من التمر ، فنهى النبي عليه الصلاة والسلام عن ذلك

وقال :

(( بع الجَمْع ))

وهو التمر الرديء

(( بالدراهم واشتر بالدراهم جَنيبا ))

 وهو التمر الطيب

والأمثلة في هذا كثيرة :

ومن بين هذه الأمثلة هنا :

قال :

(( لا تتخذوا قبري عيدا ))

الباب الآخر مفتوح :

(( وصلوا عليَّ ))

وهذا فيه توجيه وتربية الدعاة إذا نهوا عن شيء أن يبينوا ما هو البديل

ولذا إذا اُستفتي عالم عن أمر هو محرم كمعاملة مثلا يبين حرمتها ثم يضع البديل لمعاملة أخرى

وقوله : (( وصلوا عليَّ )) :

ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

هذه المسألة ذكرت في المقدمة ، فلنأت عليها على عجالة

فالأمر هنا يقتضي الوجوب ، ولكنه مطلق

و [ المطلق يصدق فعله مرة واحدة ]

وهذا قد يكون دليلا لما قال أنه يجب أن يصلي على النبي عليه الصلاة والسلام في العمر مرة واحدة

مع قوله تعالى :

((يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا صَلُّوا عَلَيْهِ وَسَلِّمُوا تَسْلِيماً ))

والصحيح كما ذكرنا :  أنه يجب أن يصلي على النبي كلما ذكر

وقد تكون هذه الجملة دليلا على أنه يجوز أن يقتصر في ذكر النبي عليه الصلاة والسلام على الصلاة دون السلام أو العكس

لأنه قال :

(( وصلوا عليّ ))

ولم يضف إليها السلام

والدليل الأوضح في هذا  :

هو حديث ابن مسعود في الصحيحين في التشهد أنهم بقوا فترة وهم يسلمون على النبي عليه الصلاة والسلام ولم يأت الأمر بالصلاة إلا فيما بعد

ولذا قالوا : يا رسول الله عرفنا السلام عليك ، وكيف نصلي عليك ؟

فأجابهم

ويستفاد من هذه :

ــــــــــــــــــــــــــ

ما ذهب إليه الحنابلة من أن مطلق الصلاة على النبي عليه الصلاة والسلام في الصلاة من غير التقيد بالصفات المذكورة أنه مجزئ في إسقاط ركنية الصلاة على النبي عليه الصلاة والسلام في التشهد الأخير

خلافا لما ذهب إليه بعض العلماء كالألباني :

ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

يرى أنه  :

يجب أن تذكر صيغة من إحدى الصيغ الواردة عن النبي عليه الصلاة والسلام لقولهم  : كيف نصلي عليك يا رسول الله ؟

فقال : (( قولوا .. ))

وذكر عدة صفات

وهذا يقتضي الوجوب

بينما الحنابلة يرون أنه لو قال : اللهم صل على محمد فقد سقط عنه الركن وبرئت ذمته

وهذا هو الأقرب :

ـــــــــــــــــــــــــ

لأن الصحابة يعرفون من قوله تعالى :

((يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا صَلُّوا عَلَيْهِ وَسَلِّمُوا تَسْلِيماً ))

يعرفون اصطلاح الإطلاق لكنهم أرادوا ان يعرفوا ما هي الصفة ؟

فأخبرهم النبي عليه الصلاة والسلام

وأما قوله عليه الصلاة والسلام :

(( قولوا )) فهذا ليس للوجوب لأنه أمر في سياق جواب فلا يدل على الوجوب

كما لو قال قائل : أين بيت فلان ؟

فأنت تقول على سبيل الإرشاد : اذهب من هنا

ويمكن كدليل آخر في المسألة السابقة في ترجيح المذهب :

أن الناظر في كتب المحدثين يجد أن الصحابي إذا ذكر النبي عليه الصلاة والسلام قال : صلى الله عليه وسلم

والعلماء إذا ذكروا النبي عليه الصلاة والسلام قالوا : صلى الله عليه وسلم

ولم يلتزموا بالصفات الواردة عن النبي عليه الصلاة والسلام

ـــــ [ وعندنا إشكال هنا ] :

ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

قلنا :

الصلاة من الله على العبد : هي ثناؤه على العبد في الملأ الأعلى

وهذا ما ذكره البخاري .

وجنح إليه فيما نقله عن أبي العالية

وذهب إليه جمع من المحققين

وذلك لأن معنى الصلاة أنها هي  الرحمة على القول الآخر يستوجب أن الرحمة عطفت على الرحمة

ومعلوم أن الأصل في العطف ” التغاير “

فقوله :

((أُولَـئِكَ عَلَيْهِمْ صَلَوَاتٌ مِّن رَّبِّهِمْ وَرَحْمَةٌ ))

فعلى هذا القول تكون (( رحمات من ربهم ورحمة )) ــــــــــ ففيه تكرار

ولكن المشكل هنا وهو ما ذهب إليه هؤلاء المحققون :

المشكل هنا :

ــــــــــــــــــــــ

أن أبا العالية ليس صحابيا

وهذا المعنى وهو : ” ثناؤه على عبده في الملأ الأعلى يحتاج إلى دليل “

أين الدليل على أن الصلاة من الله على عبده هي الثناء ؟

لو كان صحابيا لقلنا :

إن مثل هذا مما لا يقال بالرأي فيأخذ حكم الحديث المرفوع حكما

لكن هنا هو من ” أبي العالية ” وهذا هو موطن الإشكال ؟

لكن من خلال التأمل في بعض النصوص وجدت ما يأتي ، نأتي عليها

وقد تكون دليلا لمن قال : إنها رحمة

وقد تكون دليلا لمن قال : إنها الثناء

ويمكن أن تكون هذه الأدلة للقول الأول وهي بمعنى الرحمة أقوى وأظهر

من بين الأدلة التي تأملتها :

ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

أولا :

ـــــــــــــ

قوله تعالى :

((رَحْمَتُ اللّهِ وَبَرَكَاتُهُ عَلَيْكُمْ أَهْلَ الْبَيْتِ ))

ثانيا :

ــــــــــــــ

قوله تعالى :

{هُوَ الَّذِي يُصَلِّي عَلَيْكُمْ وَمَلَائِكَتُهُ لِيُخْرِجَكُم مِّنَ الظُّلُمَاتِ إِلَى النُّورِ وَكَانَ بِالْمُؤْمِنِينَ رَحِيماً }

ثالثا :

ـــــــــــــــ

ما جاء في التشهد :

(( السلام عليك أيها النبي ورحمة الله ))

ثم ذكر بعدها :

(( وبركاته ))

ثم ذكر بعد ذلك الصلاة على النبي عليه الصلاة والسلام

فمن خلال هذه الأدلة الثلاثة يظهر ماذا ؟

يظهر في قوله تعالى :

((رَحْمَتُ اللّهِ وَبَرَكَاتُهُ عَلَيْكُمْ أَهْلَ الْبَيْتِ ))

أن الصلاة بمعنى الرحمة :

ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

وذلك لأنك لو تأملت في الصلاة الإبراهيمية :

(( كما صليت على إبراهيم وعلى آل إبراهيم إنك حميد مجيد ))

بعدها :

(( وبارك على محمد وعلى آل محمد كما باركت على إبراهيم وعلى آل إبراهيم إنك حميد مجيد ))

ما ختام الآية ؟

((رَحْمَتُ اللّهِ وَبَرَكَاتُهُ عَلَيْكُمْ أَهْلَ الْبَيْتِ إِنَّهُ حَمِيدٌ مَّجِيدٌ ))

قوله تعالى :

((هُوَ الَّذِي يُصَلِّي عَلَيْكُمْ وَمَلَائِكَتُهُ لِيُخْرِجَكُم مِّنَ الظُّلُمَاتِ إِلَى النُّورِ ))

ثم قال :

(( وَكَانَ بِالْمُؤْمِنِينَ رَحِيماً ))

هذه تحتمل أن تكون الصلاة بمعنى الرحمة

وتحتمل أنها غير معنى الرحمة لأنه وجد العطف أو يحتمل أن تكون الصلاة بمعنى الرحمة لأن ختام الآية يكون له متعلق بأولها

ـــ أما التشهد :

 فإنه قال :

(( السلام عليك أيها النبي ورحمة الله ))

ثم ذكر الصلاة الإبراهيمية

وبالتالي فإن الصلاة ليست هي الرحمة وإلا كانت تكرارا

ــ لكن يرد على هذا ويقال :

إنه قال :

(( وبركاته ))

مع أنه صرح بالبركة في الصلاة الإبراهيمية فقال :

(( وبارك على محمد ))

فدل على أن عطف الشيء على الشيء ليس بعيدا ، فكما أن البركة ذكرت في  التشهد ذكرت في الصلاة الإبراهيمية

كذلك نقول :

إن الرحمة في التشهد ذكرت مرة أخرى في الصلاة الإبراهيمية فتكون الصلاة بمعنى : الرحمة

ــ وعطف الشيء على الشيء موجود لتغاير الصفة :

مثل قوله :

(( غافر الذنب وقابل التوب ))

وكذلك قوله :

{وَإِذْ آتَيْنَا مُوسَى الْكِتَابَ وَالْفُرْقَانَ لَعَلَّكُمْ تَهْتَدُونَ }

فالفرقان معطوف على الكتاب من باب تغاير الصفة فإنه كتاب يفرق بين الحق والباطل

وقوله : (( فإن صلاتكم )) :

ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

هذا يفيد أن الأحكام الشرعية قد تأتي على وجهين

ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

الوجه الأول :

ـــــــــــــــــــــــــــ

أن تأتي من غير ذكر العلة

وهذا يوجب على العبد أن ينفذ ، وإذا نفذ كان ذلك أبلغ في الانقياد :

{وَمَا كَانَ لِمُؤْمِنٍ وَلَا مُؤْمِنَةٍ إِذَا قَضَى اللَّهُ وَرَسُولُهُ أَمْراً أَن يَكُونَ لَهُمُ الْخِيَرَةُ مِنْ أَمْرِهِمْ وَمَن يَعْصِ اللَّهَ وَرَسُولَهُ فَقَدْ ضَلَّ ضَلَالاً مُّبِيناً }

الوجه الثاني :

ـــــــــــــــــــــــــ

أن تأتي هذه الأحكام وقد نص على علتها :

فإذا فعلت كان ذلك أبلغ في الاطمئنان

ولذا جاء هنا بذكر العلة  :

(( فإن صلاتكم تبلغني حيث كنتم )) :

ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

لو قال قائل :

ـــــــــــــــــــ

كيف تبلغ صلاتنا النبي عليه الصلاة والسلام ؟

الجواب :

ـــــــــــ

أنه ورد عند النسائي قوله :

(( إن لله ملائكة سياحين في الأرض يبلغونني عن أمتي السلام ))

وهذا يضم مع حديث النبي عليه الصلاة والسلام إذ قال :

(( أكثروا عليّ من الصلاة يوم الجمعة فإن صلاتكم معروضة عليّ ))

قالوا : كيف تعرض عليك وقد أرمْتَ ؟

يعني بليت :

قال :

(( فإن الله حرم على الأرض أن تأكل أجساد الأنبياء ))

فهذا الحديث مع هذا الحديث المذكور هنا يدل على أن الصلاة تعرض على النبي عليه الصلاة والسلام ويبلغها

وليس فيه دليل على أن النبي عليه الصلاة والسلام إذا سُلم عليه من قريب انه يسمع تسليم من سلم عليه ، فتكون له خاصية تختلف عمن بعد

لا ليس هذا مقصودا

وقوله : (( فإن صلاتكم تبلغني حيث كنتم )) :

ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

” حيث “ ظرف للمكان وهذا هو الأصل فيه

وقد يأتي للزمان لكن الأصل فيه ان يأتي للمكان

ومن ثم :

ــــــــــــــ

فإن بلوغ سلام المسلم على النبي عليه الصلاة والسلام يصل إليه من أي مكان لقوله :

(( حيث كنتم ))

ــ ففي أي مكان يكون فيه الإنسان :

فإن سلامه على النبي عليه الصلاة والسلام يبلغه حتى ولو كان خارج هذا الكون كمن يذهب إلى الفضاء ويصلي  ويسلم على النبي عليه الصلاة والسلام فإن الحكم سواء ، وليس ثَمَّت تفريق لعموم الظرفية المكانية التي دلت عليها كلمة  : [ حيث ]

ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

وقوله : (( فإن صلاتكم تبلغني حيث كنتم )) :

ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

” حيث “  :

ظرف للمكان وهذا هو الأصل فيه

وقد يأتي للزمان لكن الأصل فيه أن يأتي للمكان

ومن ثم :

ــــــــــــــ

فإن بلوغ سلام المسلم على النبي عليه الصلاة والسلام يصل إليه من أي مكان لقوله : (( حيث كنتم ))

ــ ففي أي مكان يكون فيه الإنسان فإن سلامه على النبي عليه الصلاة والسلام يبلغه حتى ولو كان خارج هذا الكون كمن يذهب إلى الفضاء ويصلي  ويسلم على النبي عليه الصلاة والسلام فإن الحكم سواء ، وليس ثَمَّت تفريق لعموم الظرفية المكانية التي دلت عليها كلمة : [ حيث ]

وقوله : (( رواه أبو داود بإسناد حسن )) :

ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

مر معنا : أن هناك فرقا  بين مصطلح إسناد ، وسند :

فكلمة  :

(( صحيح السند ))  :

تنبئ عن صحة السند والمتن

وأما كلمة :

(( صحيح الإسناد )) 

فهي تدل على صحة السند  ، والمتن قد يكون صحيحا وقد لا يكون صحيحا

(( بإسناد حسن )) :

ــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

الحسن :

ــــــــــــــــ

عند المحدثين ينقسم إلى قسمين :

ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

القسم الأول :

ـــــــــــــــــــــــــــ

حسن لذاته

القسم الثاني :

ــــــــــــــــــــــــــــــ

حسن لغيره

فالحسن لغيره :

ـــــــــــــــــــــــــــــــ

هو الحديث الضعيف الذي انجبر بشواهد أو باعتبارات أخرى فأصبح بهذا الاعتبار حسنا ليس لذاته وإنما لغيره

أما الحسن لذاته :

ــــــــــــــــــــــــــــــ

فهو ما قلّ عن شروط الصحيح

فهو مقبول في ذاته لكنه لم يصل إلى درجة الحديث الصحيح

يقول الألباني :

ــــــــــــــــــــــــــــــــ

(( إن الحسن في مصطلح الترمذي إذا قال الترمذي : هذا حديث حسن ، فإنه يريد منه الحسن لغيره كما ذكر الترمذي ذلك في كتابه ” العلل ” ))

والحسن :

ـــــــــــــــــ

هو ما رواه عدل خفيف الضبط بسند متصل ،  وقد خلا من الشذوذ والعلة

(( عدل )) :  يخرج الفاسق

(( خفيف الضبط )) :  يخرج شيئين :

ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

الشيء الأول :

ـــــــــــــــــــــ

من هو عديم الضبط

وهذا لا يقبل حديثه

وليس معنى ذلك أن من عنده بعض الأوهام أنه لا يقبل حدثه ، لأن الوهم لا يسلم منه أحد

والمراد ما دون خفيف الضبط : هو الذي كثرت أوهامه وأغلاطه

الأمر الثاني :

ـــــــــــــــــــــــــــ

الذي تخرجه كلمة خفيف الضبط  :

هو [ تام الضبط ] وهذا أعلى منه

وهذا هو تعريف الحديث الصحيح :

فتعريف الحديث الصحيح :

ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

[ ما رواه عدل تام الضبط بسند متصل وخلا من الشذوذ والعلة القادحة ]

فهو نفس تعريف الحديث  الحسن اللهم إلا أن الاختلاف في كلمة : (( خفيف الضبط ))

[ بسند متصل ] :

ـــــــــــــــــــــــــــــ

يخرج المنقطع

[ وخلا من الشذوذ ] :

ـــــــــــــــــــــــــــــــــ

تخرج هذه الكلمة ما إذا خالف هذا الثقة من هو أوثق منه يكون [ شاذا ]

و [ العلة القادحة ] :

ــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

والعلة القادحة قد تكون في المتن ، وقد تكون في السند :

ولذا يقول شيخ الإسلام :

” إن عند المحدثين علما هو من أشرف علومهم ، وهو علم علل الحديث ، فيعرفون ضعف الحديث من متنه قبل سنده ، وذلك كأن يخالف هذا الحديث القواعد الشرعية الكبرى أو يخالف النصوص الكبرى “

وضرب أمثلة :

ـــــــــــــــــــــــ

منها :

ــــــــــ

ما عند البخاري أنه ذكر  :

(( أن الله يخلق للنار خلقا ))

فهذا حدث فيه علة لأنه ينافي الحديث الآخر :

(( أن هذا الخلق يكون للجنة ))

ويخالف حديث النبي عليه الصلاة والسلام فيما يرويه عن ربه :

(( إن رحمتي سبقت غضبي ))

ولأن النصوص الشرعية جاءت بذكر عدل الله عز وجل : (( وما ربك بظلام للعبيد ))

بل هو لا يريد الظلم كما قال تعالى :

(( وما الله يريد ظلما للعالمين ))

ولابد أن تكون هذه العلة هي علة قادحة وإلا ما كانت سببا في تضعيف الحديث

لابد أن تكون علة قادحة حتى يكون الحديث ضعيفا

وقوله : (( ورواته ثقات )) :

ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

قد يقول قائل :

إن قوله : (( ورواته ثقات )) يغني عنها كلمة ” الحسن ”

لأن الحسن تعريفه : ما رواه عدل خفيف الضبط ؟

والجواب عن هذا :

ـــــــــــــــــــــــــــــ

أن المصنف أراد أن يبين أن هذا الحديث لم يصل إلى رتبة الحسن فحسب بل إنه أعلى من رتبة الحسن

ولذلك أكد قوله :

(( ورواته ثقات ))

فإن قوله : ” حديث حسن ” ليس في القوة كقوله : ” حديث حسن رواته ثقات “

ولتعلم :

ـــــــــــــ

أن بعض المحدثين وهذا ما جنح إليه الهيثمي في   :  “مجمع الزوائد ” وتبعه في مثل هذا في بعض الأحيان تلميذه ” ابن حجر ” في الفتح

لكن السمة الغالبة هي عند الهيثمي عند شيخه :

إذا ذكر الحديث قال :

[ رواته ثقات ]

أو قال :

[ رجاله رجال الصحيح ]

أو يقول :

[ رجاله رجال الصحيح ما عدا فلانا وهو ثقة ]

أو يقول :

[ رواته ثقات ما عدا فلانا فهو ضعيف ]

أو يقول :

[ رجاله رجال الصحيح ما عدا فلانا فإنه ضعيف ]

ويندر أو يقل أن يقول : ” هذا الحديث حسن “

أو ” هذا الحديث صحيح “

هو يذكر هذا لكنه بالنسبة إلى هذه المصطلحات التحسيين والتصحيح عنده قليل

وبالتالي فإن قول المحدث : (( رواته ثقات ))

أو : (( رجاله رجال الصحيح ))

لا يدل على تصحيح الحديث

وقد أشار إلى ذلك الألباني من وجهين :

ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

الوجه الأول :

ــــــــــــــــــــــــــــ

أن الحديث لو كان صحيحا أو ثابتا عند هذا الحديث لقال : هو حديث حسن أو حديث صحيح

الوجه الثاني :

ـــــــــــــــــــــــــــ

أن هذا المؤلف أو المحدث تتبع رجال السند فوجدهم ثقات لكن لا يعني أن لا يكون في السند انقطاع أو يكون في السند إرسال

قد يكون في السند انقطاع أو إرسال

فليُتنبه لمثل هذا

لكن المصنف هنا جمع بين أمرين :

ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

فإن قوله : (( حسن )) طمأن النفس بصحته

وزاده قوة إذ قال : (( ورواته ثقات ))

ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ