الشرح الموسع لكتاب التوحيد ـ الدرس (182) مسائل على باب (ما جاء في حماية المصطفى جناب التوحيد)

الشرح الموسع لكتاب التوحيد ـ الدرس (182) مسائل على باب (ما جاء في حماية المصطفى جناب التوحيد)

مشاهدات: 511

الشرح الموسع لكتاب التوحيد ـ الدرس( 182)

مسائل على باب(ما جاء في حماية المصطفى جناب التوحيد)

ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

فضيلة الشيخ :  زيد بن مسفر البحري

ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

قال المصنف رحمه الله :

ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

فيه مسائل /

ــــــــــــــــــــــــــ

الأولى :

ـــــــــــــــــ

تفسير آية ( براءة )

ـــــــــــــــــــــــــــــ

الشرح :

ــــــــــــــــــــ

وهي قوله تعالى :

{ لقد جاءكم رسول من أنفسكم عزيز عليه ما عنتم حريص عليكم بالمؤمنين رؤوف رحيم } .

الثانية :

ـــــــــــــــ

إبعاده أمته عن هذا الحمى غاية البعد .

ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

الشرح  :

ـــــــــــــــــ

وهذا يدل عليه الحديث وهو قوله عليه الصلاة والسلام

( لا تتخذوا قبري عيدا )

وقد مر معنا أن شيخ الإسلام رحمه الله يقول :

” ما كان أصحاب النبي صلى الله عليه وسلم يرون أن الدعاء عند قبر النبي صلى الله عليه وسلم له مزية ، ولو كان له مزية لفتحوا الباب وأتوا إلى قبره . “

وقد ذكر رحمه الله في الفتاوى أحاديث يتعلق بها أهل القبور وحكم عليها بالوضع ، كقول أحدهم وينسبونه إلى النبي عليه الصلاة والسلام :

(( إذا أعيتكم الأمور فعليكم بأهل القبور ))

ومنها حديث :

(( لو أحسن أحدكم ظنه بحجر لنفعه ))

قال رحمه الله : وهذا حديث باطل .

الثالثة :

ــــــــــــــــ

ذكر حرصه علينا ورأفته ورحمته .

ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

الشرح  :

ــــــــــــــــــــ

وهذا يؤخذ من قوله عز وجل :

{ عزيز عليه ما عنتم حريص عليكم بالمؤمنين رؤوف رحيم}

الرابعة :

ــــــــــــــــــــ

نهيه عن زيارة قبره على وجه مخصوص مع أن زيارته من أفضل الأعمال .

ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

الخامسة :

ــــــــــــــــ

نهيه عن الإكثار من الزيارة .

ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

الشرح    :

ــــــــــــــــ

لقوله عليه الصلاة والسلام :

(( لا تتخذوا قبري عيدا ))  .

السادسة   :

ــــــــــــــــــ

حثه على النافلة في البيت .

ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

الشرح     :

ـــــــــــــــــ

وذلك في قوله عليه الصلاة السلام:

(( لا تجعلوا بيوتكم مقابر ))

هذا على المعنى الثاني وهو :

لا تدعوا الصلاة في بيوتكم حتى لا تشبه المقبرة ، لأن المقبرة لا يصلى فيها ،

وهناك حديث آخر وهو في الصحيح ، قوله عليه الصلاة والسلام:

(( أفضل الصلاة ، صلاة المرء في بيته إلا المكتوبة ))

حتى ولو تعارض مع فضل المكان ، لأن النبي عليه الصلاة والسلام قال هذا الحديث وهو في المدينة فدل على أن صلاة الرجل في بيته النافلة أفضل من التنفل في المسجد النبوي .

السابعة  :

ــــــــــــــــــ

أنه مقررٌ عندهم أنه لا يصلى في المقبرة .

ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

الشرح   :

ـــــــــــــــــــ

وذلك يؤخذ من قوله عليه الصلاة والسلام :

(( اجعلوا من صلاتكم في بيوتكم ولا تتخذوها قبورا ))

وهذا كله على المعنى الثاني .

الثامنة :

ــــــــــــــــــــ

تعليل ذلك بأن صلاة الرجل وسلامه عليه يبلغه وإن بعد ، فلا حاجة إلى ما يتوهمه من أراد القرب

ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

الشرح :

ـــــــــــــ

ويستدل على ذلك بقوله عليه الصلاة والسلام :

(( فإن صلاتكم تبلغني حيث كنتم ))

ولقول الحسن بن الحسن :

(( ما أنت ومن بالأندلس إلا سواء )) .

التاسعة :

ــــــــــــــــــ

كونه عليه الصلاة والسلام تعرض أعمال أمته في الصلاة والسلام عليه .

ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

الشرح  :

ــــــــــــــــــ

وذلك لما أوردنا من حديث :

(( أن هناك ملائكة سياحين في الأرض يبلغونني عن أمتي السلام ))

ولقوله عليه الصلاة والسلام :

(( أكثروا من الصلاة عليَّ يوم الجمعة فإن صلاتكم معروضة علي ، قالوا : كيف تعرض عليكم وقد أرمت – يعني بليت – قال : إن الله حرم على الأرض أن تأكل أجساد الأنبياء ))

فوائد تتعلق بالنصوص السابقة .

ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

الأولى :

ـــــــــــــــ

ما جاء عند أبي داود من حديث أبي هريرة :

أن النبي عليه الصلاة والسلام قال :

(( ما من أحد يسلم علي إلا رد الله علي روحي حتى أرد عليه السلام ))

هذا الحديث يحسنه الألباني رحمه الله

وهذا الحديث لا يتنافى مع قوله عليه الصلاة والسلام :

(( إن لله ملائكة سياحين في الأرض يبلغونني عن أمتي السلام ))

فهم يبلغونه عليه الصلاة والسلام ، وهذا التسليم الحاصل عن طريق التبليغ ، لكنه عليه الصلاة والسلام إذا بلغه رد الله عليه روحه حتى يرد السلام على من سلم ، وليس هناك تعارض لأن الحديث منصب على  رد السلام ، ليس على تبليغه :

(( ما من أحد يسلم علي إلا رد الله عليه روحي حتى أرد عليه السلام ))

يسلم عليه أحد فيَصل إلى النبي عليه الصلاة والسلام عن طريق التبليغ فإذا وصله ، رد الله عليه روحه حتى يرد عليه السلام . وكيفية ما يكون في القبر الله أعلم به ،

وقد يكون هذا الحديث مع الحديث السابق يفسر سؤال الصحابة رضي الله عنهم ، لما قالوا :

(( كيف تعرض عليك وقد أرمت – يعني بليت – قال : فإن الله حرم على الأرض أن تأكل أجساد الأنبياء ))

بحيث إذا سلم على النبي عليه الصلاة والسلام ردت الروح إلى الجسد فكان الرد صادرا من الروح والجسد لكن كيفية ذلك الله أعلم بحقيقته .

الثانية :

ــــــــــــــــ

الصلاة على النبي صلى الله عليه وسلم لها فضل ، ومما يدل على ذلك ما جاء عند مسلم  :

(( من صلى علي صلاة واحدة صلى الله عليه بها عشر ))

ورد حديث :

(( من صلى علي صلاة كان له قيراط والقيراط مثل أحد ))

لكنه حديث لا يصح كما قال الألباني رحمه الله .

الثالثة :

ــــــــــــــــــــ

أن الألباني رحمه الله قال :

” يظن البعض أن شيخ الإسلام رحمه الله لا يرى زيارة قبر النبي صلى الله عليه وسلم ،وهذا ليس بصحيح ، وإنما المراد من كلام شيخ الإسلام رحمه الله هي الزيارة التي يترتب عليها محظور شرعي ، أما إذا خلت من المحظور كشد الرحل ، وما شابه ذلك من المحظورات الشرعية فإنها من المشروع . “

الرابعة :

ــــــــــــــــ

أن النبي صلى الله عليه وسلم قال كما عند أبي داود :

(( ما من أحد يسلم علي إلا رد الله علي روحي حتى أرد عليه ))

هذا الحديث حديث صحيح وصححه قبل الألباني رحمه الله محدثون كثر .

ولكن وقع عندهم إشكال :

وهذا الإشكال  :

هو كيف يرد إلى النبي صلى الله عليه وسلم روحه مع أنه حي  ؟

وبالتالي :

ـــــــــــــــــــــ

فإن هذا الحديث يشكل من حيث إن هناك مفارقة لروح النبي عليه الصلاة والسلام لبدنه ويترتب على ذلك محظورات

من بينها / :

ــــ  أن هناك موتات ترد على النبي صلى الله عليه وسلم ، مع أن الله عز وجل لم يذكر إلا موتتين وحياتين  :

قال عز وجل :

{ كيف تكفرون بالله وكنتم أمواتا فأحياكم ثم يميتكم ثم يحييكم ثم إليه ترجعون }

وقال تعالى عن أهل النار:

{ قالوا ربنا أمتنا اثنتين وأحييتنا اثنتين }

فيلزم من ذلك أن تتردد روح النبي عليه الصلاة والسلام على بدنه لأن المصلين عليه كثر ، بل ربما أن الصلاة تتكرر عليه في آن واحد إذا حصلت صلاة من هذا ومن هذا ومن ذاك في وقت واحد .

وهذا إشكال تحدث عنه بأوجه كثيرة / :

ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

القول الأول :

ـــــــــــــــــــــــــ

إن الروح هنا عبارة عن ملك ، لأن الملك قد يعبر عنه بالروح في كتاب الله عز وجل ، وبهذا يتفق مع قول النبي عليه الصلاة والسلام :

(( إن لله ملائكة سياحيين في الأرض يبلغونني عن أمتى السلام ))

القول الثاني :

ــــــــــــــــــــــــ

أن النبي عليه الصلاة والسلام مستغرق في عبادة الله عز وجل كما هو الشأن في موسى، فقد رآه النبي عليه الصلاة والسلام يصلي في قبره ، وهذا من التلذذ ، فيكون رد الروح ليس معنى أنها كانت مفارقة له ثم رجعت وإنما رد الروح هو إيقاظه وتنبيهه

القول الثالث :

ــــــــــــــــــــــــ

إن قوله عليه الصلاة والسلام :

(( إلا رد الله علي روحي ))

جملة حالية للماضي

والجملة الحالية إذا كانت مصدرة بالفعل الماضي يقدر قبلها [ قد ]

(( إلا رد الله علي روحي ))

يعني روحه مردودة إليه في الماضي ، يعني إلا قد رد الله علي روحي .

وذكروا أن البيهقي رواه بإضافة  : ( قد )

ولذا قال تعالى :

{ حصرت صدورهم }

هنا جملة حالية لكنها مصدرة بالفعل الماضي فيقدر قبلها ” قد ”  ، يعني قد حصرت ، وهذه فائدة اللغة العربية ، هذه أوضح وأبين ما قيل فيها ،

حتى تحدث عنها علماء كبار كالسخاوي رحمه الله والسيوطي وغيرهم ،

هذه أجوبة ، مع أن من ذكرها من هؤلاء لا يزال الإشكال باقي عندهم لأنها أجوبة فيها ما فيها ،

وذلك لأن” قد ”  إتيانها بعد إلا غير وارد لكن هذه الرواية التي عند البيهقي لم أقف عليها ، ولكن إن ثبتت لكن فيها رد على من منع مجيء قد بعد إلا في الجملة الحالية .

وأما من قال بالقول الأول :

أن الروح عبارة عن ملك ، فلا يمكن أن تحمل على هذا الحديث لأن فيه ركاكة :

(( ما من أحد يسلم علي إلا رد الله علي روحي حتى أرد عليه السلام ))

أضاف الروح إليه فكيف يكون ملك ، فهذا التوجيه فيه شيء من البعد .

وأما من قال :

أن النبي مستغرق في العبادة ، نقول له أين الدليل  ؟!

الخامسة :

ـــــــــــــــــ

وقد تكون جوابا للفائدة التي قبلها :

أن الألباني رحمه الله حصلت على كلام له في الضعيفة يعلق على حديث موضوع فقال :

” إن هذا الحديث يتعارض مع قول النبي عليه الصلاة والسلام :

(( ما من أحد يسلم علي إلا رد الله علي روحي حتى أرد عليه السلام ))

قال :

” فهذا الحديث يفيد بأن روح النبي عليه الصلاة والسلام مفارقة لبدنه ويتعارض مع هذا الحديث الذي هو:

(( ما مات نبي إلا ردت إليه روحه بعد أربعين صباحا ))

فيقول رحمه الله  :

” حصل التعارض هنا ، فمن غير المعقول أن ترد روحه في الحديث الصحيح ، والحديث الآخر أن روحه ترد إليه بعد أربعين صباحا ، فلم يبق إلا أن يقال إن هذا الحديث لا يصح ، لأنه معارض للحديث الصحيح:

(( ما من أحد يسلم علي إلا رد الله علي روحي حتى أرد عليه السلام ))

ولم يذكر أقوال من سبق ، فهذا يفيد أن الألباني رحمه الله أخذ بظاهر الحديث ، وهذا يؤكد ما ذكر سابقا من أن هذه أمور غيبية لا ندرك كنهها فنبقى على النص .

السادسة :

ــــــــــــــــــ

أن هناك حديثا :

(( ما مكث نبي في الأرض بعد أربعين يوما إلا رفع ))

وهنا فيه تعارض بين الحديثين الضعيفين لأن ذلك يثبت أن الروح ترد إلى بدن النبي عليه الصلاة والسلام في قبره .

وهذا يثبت بأن جسد النبي عليه الصلاة والسلام وجسد غيره من الأنبياء عليهم الصلاة والسلام يرفع .

ويقول هذا مخالف لحديث النبي عليه الصلاة والسلام :

(( إن الله حرم على الأرض أن تأكل أجساد الأنبياء ))

إذ لو رفعت لما تمكنت الأرض ، بل لأصبح فيه تعارض  بل ويعارض ما ميز به عيسى عليه الصلاة والسلام من إنه رفع إلى السماء .

السابعة :

ـــــــــــــــــــــ

أن هناك حديثا عند البيهقي الحديث لفظه:

(( من سلم علي عند قبري سمعته ومن سلم علي نائيا بلغته ))

فهذا الحديث يبين فيه بأن السلام عند قبر النبي عليه الصلاة والسلام له ميزة تختلف عمن بعد ، لأن من قرب يسمعه وأما من بعد يبلغ .

وبالتالي فإنه يعارض ما مر معنا من أحاديث التي جاءت بالمساواة .

فيقول الألباني رحمه الله  :

“هذا حديث موضوع “

ويقول:

” وجدت متابعة ناقصة قد ينجو بها هذا الحديث من الحكم عليه بالوضع لكنه لا يثبت “

” وكذلك ضعفه شيخ الإسلام رحمه الله ، فإذاً لا مزية لمن قرب على من بعد .”

 

ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ