الشرح الموسع لكتاب التوحيد ـ الدرس (183) معنى باب(ماجاء أن بعض هذه الأمة يعبد الأوثان)

الشرح الموسع لكتاب التوحيد ـ الدرس (183) معنى باب(ماجاء أن بعض هذه الأمة يعبد الأوثان)

مشاهدات: 492

الشرح الموسع لكتاب التوحيد ـ الدرس( 183)

معنى باب(ماجاء أن بعض هذه الأمة يعبد الأوثان)

ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

فضيلة الشيخ :  زيد بن مسفر البحري

ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

قال المصنف رحمه الله :

باب

[[ ما جاء أن بعض هذه الأمة يعبد الأوثان ]]

ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

 

كما أسلفنا أن المصنف رحمه الله عنده حسن ترتيب ، وهذا واضح من خلال ما ذكر من أبواب وقد ذكرنا في الغالب عند كل باب مزية هذا الباب إذا ذكر بعد الباب الذي قبله .

والمصنف رحمه الله لما بين في الأبواب السابقة حرص النبي عليه الصلاة والسلام على التوحيد، وتنفيره من وسائل الشرك مع هذا كله فإن الشرك واقع في هذه الأمة .

ولذا قال :

باب ما جاء أن بعض هذه الأمة يعبد الأوثان .

ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

باب   :

الباب مر معنا لغة واصطلاحا .

ما جاء   :

هذه الكلمة يراد منها هنا هو باب ما جاء من نصوص في أن بعض هذه الأمة يعبد الأوثان .

قال: بعض / :

ـــــــــــــــــــــــ

البعض ينفي الكل ، وذلك لأن شرك هذه الأمة على وجه العموم لا يمكن ، لأن ذلك يعارض النصوص الأخرى .

قال : هذه الأمة /

ـــــــــــــــــــــــــــــــــــ

أهي أمة الإجابة أم أمة الدعوة  ؟

هي أمة الإجابة ، لأن أمة الدعوة معروف حالها .

لكن هنا / :

ـــــــــــــــــــ

أن بعض أمة الإجابة ممن من الله عز وجل عليه الإسلام قد يخرج منه .

قال : يعبد الأوثان / :

ـــــــــــــــــــــــــــــــــــ

الوثن  :

ـــــــــــــــ

مر معنا أنه يختلف عن الصنم ،

فالصنم :

ـــــــــــــــ

ما كان منحوتا على صورة ،

والوثن :

ـــــــــــــــ

كل ما عبد من دون الله سواء كان على صورة أو لم يكن .

ودللنا على ذلك بأدلة تدل على أن الوثن أعم من الصنم ، وأن الصنم داخل تحت معنا الوثن .

من بينها / :

ـــــــــــــــــــــ

أولا :

ـــــــــــ

قوله عليه الصلاة :

(( اللهم لا تجعل قبري وثنا يعبد ))

ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

 

 

الوثن  :

مر معنا أنه يختلف عن الصنم .

فالصنم :

ما كان منحوتا على صورة .

والوثن :

كل ما عبد من دون الله سواء كان على صورة أو لم يكن .

ودللنا على ذلك بأدلة تدل على أن الوثن أعم من الصنم ، وأن الصنم داخل تحت معنا الوثن .

من بينها / :

ـــــــــــــــــ

أولا :

ــــــــــــ

قوله عليه الصلاة  :

(( اللهم لا تجعل قبري وثنا يعبد )) .

ثانيا :

ـــــــــــــــ

قوله تعالى :

{ وَإِبْرَاهِيمَ إِذْ قَالَ لِقَوْمِهِ اعْبُدُوا اللَّهَ وَاتَّقُوهُ ذَلِكُمْ خَيْرٌ لَّكُمْ إِن كُنتُمْ تَعْلَمُونَ{16} إِنَّمَا تَعْبُدُونَ مِن دُونِ اللَّهِ أَوْثَاناً وَتَخْلُقُونَ إِفْكاً}

وقال  :

{أَئِفْكاً آلِهَةً دُونَ اللَّهِ تُرِيدُونَ  }

وقال في الآية الأخرى :

{ َلَقَدْ آتَيْنَا إِبْرَاهِيمَ رُشْدَهُ مِن قَبْلُ وَكُنَّا بِه عَالِمِينَ{51} إِذْ قَالَ لِأَبِيهِ وَقَوْمِهِ مَا هَذِهِ التَّمَاثِيلُ الَّتِي أَنتُمْ لَهَا عَاكِفُونَ{52}}

مع قوله تعالى :

{وَإِذْ قَالَ إِبْرَاهِيمُ لأَبِيهِ آزَرَ أَتَتَّخِذُ أَصْنَاماً آلِهَةً  }

فجعل الصنم داخلا تحت الوثن .

وقول المصنف رحمه الله :

ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

باب ما جاء أن بعض هذه الأمة يعبد الأوثان .

ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

وذلك بتذكير كلمة :

( يعبد )

جاء في نسخة :

”  باب ما جاء أن بعض هذه الأمة تعبد الأوثان “

فأما ما ذكر هنا فلا إشكال وذلك أن كلمة( البعض ) مذكر

وكلمة ( يعبد ) مذكر .

لكن كيف يتوافق في هذا كلمة  ( بعض ) وهي مذكرة مع كلمة ( تعبد ) وهي مؤنث ؟

هذه يقول عنها النحويون :

[ ربما يكتسب المضاف التأنيث من المضاف إليه  شريطة أن يستغنى بحذف المضاف وجعل المضاف إليه في محله ]

مثال /  :

لو قلت : قطعت بعض أصابعه .

بعض هنا مذكر أم مؤنث  ؟

مذكر ، ومع ذلك الفعل أنث ، لأن كلمة ( بعض ) مضاف إلى ( أصابعه ) والأصابع مؤنثة ، فاكتسب المضاف من المضاف إليه التأنيث .

فيصح أن تقول :

قطعت أصابعه .

فالأصل / :

قطعت أصابعه .

فلما قال : قطعت بعض أصابعه ، اكتسب المضاف من المضاف إليه التأنيث .

وهذا هو التأنيث لكلمة ( تعبد ) على النسخة الأخرى ، أما على نسخة :

( يعبد ) فلا إشكال فيها لأن كلمة (بعض) مذكر ، وكلمة (يعبد ) مذكر .

وإتماما للفائدة / :

ــــــــــــــــــــــــــــــــ

فقد يكتسب المضاف من المضاف إليه التذكير ، ما مر معنا يكتسب التأنيث ، كذلك قد يكتسب المضاف من المضاف إليه التذكير ، وأكثر ما يرد ، يرد في الشعر أما النثر فقليل .

وقد ذكر بعض العلماء أن قوله تعالى :

{ إِنَّ رَحْمَتَ اللّهِ قَرِيبٌ مِّنَ الْمُحْسِنِينَ}

ولم يقل  :

إن رحمة الله قريبة من المحسنين .

قال :

إن المضاف اكتسب من المضاف إليه التذكير :

لأن { رَحْمَتَ } أضيفت إلى الله .

فيصح أن تقول في غير القرآن : إن الله قريب من المحسنين ، بحذف المضاف وجعل المضاف إليه مكانه .

ومثل هذا يفيدنا أن اللغة العربية لابد منها .

قال ابن القيم رحمه الله :

” إن هذا المسلك الذي ذهب إليه بعض الفضلاء ليس بقوي ، وضعفه من أوجه “

وهذه الآية :

ــــــــــــــــــ

ذكر بعض العلماء فيها ستة عشر وجها ، وابن القيم رحمه الله ذكر اثني عشر مسلكا ، وهو لا يرى ما قاله هؤلاء .

وقد قال رحمه الله :

إن الأولى بالآية أن يقال :

إن قرب رحمة الله من المحسنين ، وقرب الله من المحسنين متلازمان ، فكونه جل وعلا يقول : { إِنَّ رَحْمَتَ اللّهِ قَرِيبٌ مِّنَ الْمُحْسِنِينَ}

فيه فائدة وهي/ :

ـــــــــــــــــــــــــــــــ

أنه كما أن رحمة الله قريبة من المحسنين هو أيضا قريب من المحسنين ولو قال : إن رحمة الله قريبة ، لدل على قرب الرحمة ولا تدل على قرب الله عز وجل .

وبعضهم يقول :

إنها صفة لموصوف محذوف ، إن رحمة الله شيء قريب من المحسنين .

وأذكر إن لم تخني الذاكرة قبل خمس عشرة سنة أني قرأتها للشنقيطي في أضواء البيان ورجحها .

لكن هذا ما ذهب إليه ابن القيم رحمه الله وقال رحمه الله  إن الكلام الفصيح لا يأتي كثيراً في مثل هذا وإنما كثر في الشعر ، ولا يمكن أن يحمل كلام الله عز وجل على النادر .

ولكن إذا دل عليه دليل أو قرينة فإنه معتبر ،

 

وأما مناسبة ذكر المصنف لهذا الباب بعد الأبواب السابقة / :

ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

فإنه كما قلنا مرارا أن المصنف رحمه الله قد أعطي حسن ترتيب للأبواب ، فإنه رحمه الله لما ذكر الأبواب السابقة في التحذير من الغلو في قبور الصالحين .

ذكر بابا يبين فيه  :

حرص النبي عليه الصلاة والسلام على حماية جناب التوحيد ذكر بعد تلك الأبواب هذا الباب ليبين أن ذلك التحذير وذلك الحرص  قد لا يفيد عند البعض وقد لا ينتفع به فمع هذه التحذيرات يقع الشرك من بعض هذه الأمة .

وقد يعترض على هذا  :

بأن الشرك لن يقع من هذه الأمة لحديث النبي عليه الصلاة والسلام في صحيح مسلم  قال :

(( إن الشيطان يئس أن يعبد في جزيرة العرب ، لكن في التحريش بينهم ))

فهذا الحديث يفيد أن الشرك لا يمكن أن يقع في جزيرة العرب ، وهذا يعارض مع ما ذكر هنا ، وذلك لأن الإسلام إنما انطلق من جزيرة العرب ،

فما هو توجيه هذا الحديث  ؟

ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

الجواب /  :

ــــــــــــــــــ

توجيه هذا الحديث أن النبي عليه الصلاة والسلام أخبر عما وقع في نفس الشيطان لما رأى أن الناس يدخلون في دين الله أفواجا وقع في نفسه اليأس من أن يعبد غير الله عز وجل ، وليس فيه إقرار منه عليه الصلاة والسلام لما وقع في نفس الشيطان .