الشرح الموسع لكتاب التوحيد ـ الدرس (194) حديث ( وإنما أخاف على أمتي الأئمة ….. ) الجزء (1)

الشرح الموسع لكتاب التوحيد ـ الدرس (194) حديث ( وإنما أخاف على أمتي الأئمة ….. ) الجزء (1)

مشاهدات: 458

الشرح الموسع لكتاب التوحيد ـ الدرس( 194)

حديث ( وإنما أخاف على أمتي ) الجزء (1)

ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

فضيلة الشيخ :  زيد بن مسفر البحري

ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

قال المصنف :

ورواه البرقاني في صحيحه

وزاد :

(( وإنما أخاف على أمتي الأئمة المضلين ، وإذا وقع عليهم السيف لم يرفع إلى يوم القيامة ، ولا تقوم الساعة حتى يلحق صبي من أمتي  بالمشركين ، وحتى يعبد فئام من أمتي الأوثان ،  وأنه سيكون في أمتي كذابون ثلاثون كلهم يزعم أنه نبي ، وأنا خاتم النبيين ولا نبي بعدي ، ولا تزال طائفة من أمتي على الحق  منصورة ، لا يضرهم من خذلهم حتى يأتي أمر الله تبارك وتعالى ))

ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

ــ ما سبق في رواية مسلم لا دلالة فيه على ما بوب به المصنف

لأن التبويب من اجل ان هذه الأمة تعبد الأوثان ، وليس في  رواية مسلم ما يدل على ذلك

ــ ولكن يمكن أن يستدل بحديث مسلم بإشارة خفية على ما بوب به المصنف

فكأن القتل والسبي الحاصل من الأمة ببعضها للبعض يكون فيه شيء من الكفر

أهو كفر مخرج عن الملة أم كفر غير مخرج عن الملة ؟

النبي عليه الصلاة والسلام:

(( لا ترجعوا بعدي كفارا يضرب بعضكم رقاب بعض ))

فقد يكون هذا الإهلاك والسبي من بعضهم للبعض قد يكون من بعضهم أنه استباح هذا الأمر

ومن استباحه فقد كفر

ــ أما  من لم يستبحه وإنما أقدم عليه مع علمه بحرمة القتل فإن جماهير العلماء يرون ان له توبة

بينما [ ابن عباس ] كما جاء في الصحيحين وغيرهما يرى أن القاتل عمدا لا توبة له ،  لقوله تعالى :

{وَمَن يَقْتُلْ مُؤْمِناً مُّتَعَمِّداً فَجَزَآؤُهُ جَهَنَّمُ خَالِداً فِيهَا وَغَضِبَ اللّهُ عَلَيْهِ وَلَعَنَهُ وَأَعَدَّ لَهُ عَذَاباً عَظِيماً }

وله توجيه في قوله تعالى :

((وَالَّذِينَ لَا يَدْعُونَ مَعَ اللَّهِ إِلَهاً آخَرَ وَلَا يَقْتُلُونَ النَّفْسَ الَّتِي حَرَّمَ اللَّهُ إِلَّا بِالْحَقِّ وَلَا يَزْنُونَ وَمَن يَفْعَلْ ذَلِكَ يَلْقَ أَثَاماً{68} يُضَاعَفْ لَهُ الْعَذَابُ يَوْمَ الْقِيَامَةِ وَيَخْلُدْ فِيهِ مُهَاناً{69} إِلَّا مَن تَابَ وَآمَنَ وَعَمِلَ عَمَلاً صَالِحاً فَأُوْلَئِكَ يُبَدِّلُ اللَّهُ سَيِّئَاتِهِمْ حَسَنَاتٍ وَكَانَ اللَّهُ غَفُوراً رَّحِيماً{70} ))

فأثبت هنا ان القاتل له توبة

وفي سورة النساء في ظاهرها أنه لا توبة له

فهو يرى أن التي في سورة الفرقان هي  في حق  الكفار

بينما التي في سورة النساء في حق المؤمنين

وعلى كل حال :

 فإن التوجيه الذي يوجه به كلامه رضي الله عنه أن الله عز وجل قال في سورة النساء :

((فَجَزَآؤُهُ جَهَنَّمُ ))  ــــــــــ هذا جزاء

ولا يلزم من الجزاء أن يقع

فإن الله قد يجعل للشيء جزاء ولا يوقع الجزاء تكرما منه وتفضلا

هذا مما قد يستدل  به على أن رواية مسلم داخلة تحت هذا الباب

والله أعلم

وقوله : (( ورواه البرقاني )) :

ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

ــ هذا الحديث رواه غير البرقاني

رواه أبو داود

فلماذا لم يذكر المصنف أن أبا داود رواه ؟

ــ يمكن أن لا يكون اطلع عليه

ــ ويمكن ان يكون قد اطلع عليه لكنه ذكر البرقاني ، لأن البرقاني صنف ” مسندا ” ضم إليه أحاديث مع أحاديث الصحيحين

فيكون ما ذكره البرقاني مذكورا في صحيح مسلم

وهو الحديث الذي مر معنا لكنه أضاف إليه هذه الرواية

و [ البرقاني ] :

ــــــــــــــــــــــــ

ــ هو أبو بكر أحمد الخوارزمي الشافعي

ــ عاش في القرن الرابع ، وسكن في بغداد

ــ وكان حافظا ثقة ورعا

ــ من شيوخه : الدارقطني

ــ ومن طلابه : البيهقي ، والخطيب البغدادي

ـــ صاحب تصانيف

ــ يقول الذهبي في سير أعلام النبلاء :

(( إن هذا الرجل قد شغف قلبه وتُيم بحب الحديث  وأفضى به حب الحديث مبلغا كبيرا

ــ قد أشغله إلى درجة أنه طلب من أحد الصالحين أن يسأل الله له أن ينزع حب الحديث من قلبه ، لما شغف به ذلك الشغف الكبير الذي أشغله وأقلقه ))

(( ورواه  البرقاني في صحيحه )) :

ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

الذي هو المسند

وقال : (( وإنما أخاف على أمتي الأئمة المضلين )) :

ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

[ إنما ] أداة حصر

ماذا تعمل ؟

فهي  تفيد الحصر ، وإثبات الحكم للذي بعدها وتنفيه عما سواه دفعة واحدة

والحصر نوعان :

ـــــــــــــــــــــــــــــ

ـــ حصر حقيقي

ــ حصر لإضافي

الحصر الحقيقي كقوله تعالى :

((  إنما الله إله واحد ))

فليس هناك إله معبود بحق إلا هو

ــ وأما الحصر الإضافي : فكما هنا :

فإن النبي عليه الصلاة والسلام خاف على أمته من الأئمة المضلين

مع أنه خاف على أمته من أشياء أخرى

فدل على أن هذا الحصر حصر إضافي

كقوله :

(( أخوف ما أخاف على أمتي الشرك الخفي  ))

فمثل هذا الحديث يدل على أن هذا الحصر حصر إضافي

قوله : (( إنما أخاف على أمتي  )) :

ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

ما هي الأمة هنا ؟

مع ذكر الدليل ؟

الأمة هنا : هي أمة الإجابة

وذلك لأن هذا امتداد للحديث السابق

والحديث السابق يتحدث عن أمة الإجابة

فالحديث مازال موصولا عن أمة الإجابة

ثم انظر إلى روعة الترابط بين هذه الرواية والرواية السابقة ؟

لماذا الأئمة المضلون ؟

ــ لأن بهؤلاء الأئمة المضلين تحصل الفتنة

ــ ويحصل أن يهلك بعض الأمة بعضها الآخر، وأن يسبي الأمة بعضها الآخر

ومن ثم :

فإن منشأ الفتن من الأئمة

ــ ولو نظر المسلم إلى التاريخ الإسلامي لوجدنا أنه في عهد عثمان ما نبعت الفتنة إلا من أئمة مضلين

وهنا قال : (( الأئمة ))

[ الـ ] هنا ما نوعها ؟

أو ماذا تفيد ؟

تفيد العموم

ما الدليل على أنها أفادت العموم هنا ؟

ما بعدها :

(( إنما أخاف على أمتي الأئمة المضلين ))

فلو قال : (( إنما أخاف على أمتي الأئمة )) لانصرف الذهن إلى جميع الأئمة

فلما قيَّد دل على أن هناك أئمة آخرين

فالقيد هنا بين أن [ الـ ] تفيد العموم

ووصفه لهؤلاء الأئمة أنهم مضلون يدل على ان هناك أئمة مصلحين

قال تعالى :

{وَجَعَلْنَا مِنْهُمْ أَئِمَّةً يَهْدُونَ بِأَمْرِنَا لَمَّا صَبَرُوا وَكَانُوا بِآيَاتِنَا يُوقِنُونَ }

ـ وأما الدليل على ان هناك أئمة ضلال ؟

قوله :

((فَقَاتِلُواْ أَئِمَّةَ الْكُفْرِ ))

وقال عن حزب  فرعون :

{وَجَعَلْنَاهُمْ أَئِمَّةً يَدْعُونَ إِلَى النَّارِ وَيَوْمَ الْقِيَامَةِ لَا يُنصَرُونَ }

وقوله :

 (( وإذا وقع عليهم السيف لم يرفع إلى يوم القيامة )) :

ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

في رواية أبي داود :

(( وإذا وُضع عليهم السيف ))

فإن الوقوع هنا من السيف

لكن السيف ما الذي يوقعه ؟

هناك أدوات تحركه

ولذا قال في رواية أبي داود :

(( وإذا وضع ))

دل على أن هناك أناسا يضعونه

وخص السيف هو أبرز أدوات الحرب آنذاك

وهل قع السيف في هذه الأمة ؟

نعم وقع

ومن الذي أوقعه ؟

الأئمة المضلون ، ومن هنا حذرهم فقد وقع في عهد عثمان ، فبقتله حصلت الفتنة التي لا تحصى

ولما وقع السيف لم يرفع إلى الآن ، ولن يرفع إلا إذا قامت القيامة

لكن قد يُعترض على هذا الأمر بأن السيف اضمحل أو كاد أن يضمحل في عهد عمر بن عبد العزيز ؟

فما الجواب ؟

الجواب :

ـــــــــــــــــــ

إن قلنا كما قال الحسن البصري : لابد للناس من تنفيس فلا إشكال

وإن لم نقل به فيقال :

ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

إن السيف لم يرفع عن هذه الأمة البتة

فإذا نشط في وقت قد يضعف بعض الشيء في وقت

وإذا نشط في مكان قد يضعف في مكان آخر

لكن من حيث الجملة السيف لم يرفع ، لكن يختلف الزمان في تأثير وقوع هذا السيف

فتكون هذه الأخبار واقعة

لكن لو قال قائل :

في الاعتراض يطرح ليس في عهد عمر بن عبد العزيز لكن اعتراض على ما مر معنا في استجابة دعوة النبي عليه الصلاة والسلام أن لا يغرق أمته وأن لا يهلكهم بالسنة

ومع ذلك وقع

ولا أدل مما حصل في [ أندونسيا ] وفي غيرها من بلدان المسلمين

فيقال : إن المراد العموم

أما كون هذا يقع في  جهة دون جهة أخرى أو في بعض الأوقات دون البعض ، ولم يحصل العموم فلا ينافي الدعوة

بدليل أنه قال :

(( أن لا يهلكهم بسنة عامة ))

وقد جاء عند البخاري لما قرأ عليه الصلاة والسلام :

((قُلْ هُوَ الْقَادِرُ عَلَى أَن يَبْعَثَ عَلَيْكُمْ عَذَاباً مِّن فَوْقِكُمْ ))

قال : أعوذ بوجهك .

((أَوْ مِن تَحْتِ أَرْجُلِكُمْ ))

قال : أعوذ بوجهك .

((أَوْ يَلْبِسَكُمْ شِيَعاً وَيُذِيقَ بَعْضَكُم بَأْسَ بَعْضٍ ))

قال : (( هذا أهون وأيسر ))

لم ؟

لأن العقوبة الحاصلة من الله أشد مما يحدثه البعض في  البعض ، لأن بطش الآدميين لا يمكن أن يُسَاوى ببطش الجبار، لاسيما وأن العذاب المفسر من الفوق ومن التحت شديد لا طاقة للخلق بدفعه

بينما البأس والقتال يكون فيه دفع أو قد تكون فيه قدرة على الدفع

وقد جاءت آثار عن أبي بن كعب

وهناك أقوال في  تفسيرها :

لكن ارتضى ابن حجر لآثار كثيرة ما فسره أبي بن كعب من أن العذاب الذي يكون منهم فوق هو الرجم أو القذف

أما الذي تحت الرجل هو الخسف

ولاشك أن جعل البأس بين الأمة شديد لكن أشد منه هذا العذاب

ووقوع السيف في عهد عثمان جرت بعده فتن لا تحصى

وقد صنف المحدثون في  كتب حديثهم أحاديث  كثيرة عن الفتن :

ومن بين أحاديث  الفتن :

ــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

ما جاء  في الصحيحين :

ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

أن حذيفة قال : قام فينا رسول الله صلى الله عليه وسلم قائما فما يكون من قيامه إلى قيام الساعة الا حدث به حفظه من حفظه ونسيه من نسيه

ولقد علمه هؤلاء أصحابي

وفي رواية : ” أصحابه “

وإنه ليكو ن الشيء :

يعني يقع الشيء مما يدل  على أن حذيفة قد نسي وإنه ليكون الشيء فأعرفه كما يعرف الرجل  وجه أخيه إذا غاب عنه ثم رآه عرفه

وهذا توضيح منه عليه الصلاة والسلام لما سيكون

ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

ومن أحاديث الفتن :

ــــــــــــــــــــــــــــ

ما جاء عند أبي داود :

ـــــــــــــــــــــــــــــــــ

أن النبي عليه الصلاة والسلام قال :

(( إن الله لا يجمع على أمتي سيفين : سيفا منها ،  وسيفا من عدوها ))

ومعنى هذا الحديث :

أن الأمة  إذا وقعت في قتل بعضها البعض فلا يمكن للعدو أن يسلط عليها تسليطا عاما

ولو قدر أنه سلط عليها ، وهم يشتغلون بأنفسهم فإن مردهم إلى أن يجتمعوا حتى يقتتلوا مع هؤلاء الأعداء

وهذا أيضا من رحمة الله عز وجل بهذه الأمة

ولذا يمكن أن نقول : إن النبي عليه الصلاة والسلام قال :

(( إن هذا أهون أيسر ))

لأن القتل الواقع إنما هو في الأمة دون أن يكون من الأمة في أنفسهم ، ومع عدوهم