الشرح الموسع لكتاب التوحيد ـ الدرس (200) حديث ( وإنما أخاف على أمتي الأئمة ….. ) الجزء (7)

الشرح الموسع لكتاب التوحيد ـ الدرس (200) حديث ( وإنما أخاف على أمتي الأئمة ….. ) الجزء (7)

مشاهدات: 453

الشرح الموسع لكتاب التوحيد ـ الدرس( 200)

حديث ( وإنما أخاف على أمتي ) الجزء (7)

ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

فضيلة الشيخ :  زيد بن مسفر البحري

ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

 (( وأنه سيكون )) :

ـــــــــــــــــــــــــ

[ سيكون ] : فعل مضارع مرفوع وعلامة رفعه الضمة الظاهرة على آخره

لكن ما الذي أدراك بأنه فعل مضارع ؟

دخلت عليه السين

والسين إذا أعربناها

ماذا نعربها ؟

حرف استقبال

فدخلت السين ، فيكون دخول السين على الفعل المضارع الذي في أصله أنه للحاضر ، فإذا دخلت عليه السين حولته من الحاضر إلى المستقبل

ففيه إخبار من النبي عليه الصلاة والسلام أنه سيوجد في المستقبل من يدعي النبوة

وهل كان هذا ؟

نعم كان ووقع

ومن بين من ادعى النبوة في آخر حياة النبي عليه الصلاة والسلام :

[ مسيلمة الكذاب ]

وقد زعم أنه يوحى إليه ، وقد قتله الصحابة في خلافة أبي بكر

وكان قد قتله : [ وحشي بن حرب ] ليكفر عن ذنبه الذي هو قتله لحمزة بن عبد المطلب عم النبي عليها لصلاة والسلام

وقد شاركه في قتله رجل من الأنصار

ــ وممن ادعى النبوة :

[ الأسود العنسي ]

ادَّعاها باليمن

وقد قتل في آخر عهد النبي عليه الصلاة والسلام

يعني  : قبل وفاته بقليل

قتله شخص سيأتي  معنا ذكر ابنه في باب: ”  ما جاء في منكري القدر ”   :

وهو [ ابن الديلمي ]

ــ وادعت النبوة امرأة واسمها :

[ سجاح ] :

ــــــــــــــــــ

وقد تزوجت بمسيلمة فلما قتل رجعت إلى الإسلام وتابت إلى الله

ــ وكذلك ادعاها :

ـــــــــــــــــــــــــ

[ طليحة الأسدي ] :

ــــــــــــــــــــ

وتاب ورجع إلى الله

ثم توالت العصور

وفي كل عصر يأتي  من يدعي النبوة ولا يزالون يظهرون

ــ وممن ادَّعاها في آخر عصر الصحابة :

ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

[ المختار الثقفي ]

ـــــــــــــــــــــــــــ

هذا الرجل استولى على الكوفة في عهد عبد الله بن الزبير ،

وأظهر محبته وولاءه لأهل البيت بيت النبي عليه الصلاة والسلام ، وطلب بدم الحسين ، وتتبع من قتله ، ومن أعان على قتله فقتله

وسبق شيء  من هذا

فقتلهم وجمع رؤوسهم

وجاءت حية كما ذكرنا –وذكر ذلك الترمذي في سننه ، وجاءت إلى رأس عبيد الله بن زياد وسبق ذكرها

الشاهد من هذا :

ـــــــــــــــــــــــ

أنه لما مرت به فترة بعد قتله لمن قتل الحسين ادَّعى النبوة ، وزعم أن جبريل يأتيه بالوحي

ولذا أخبر النبي عليه الصلاة والسلام :

(( أنه سيكون في ثقيف كذاب ومبير ))

الكذاب : هو المختار

والمبير : مأخوذ من البوار الذي هو الإفساد وهو :

[ الحجاج بن يوسف الثقفي ]

وقوله : (( كذابون ثلاثون )) :

ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

في تقديم كلمة ” كذابون ” على ” ثلاثون ” فيه فوائد :

ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

الأصل : (( ثلاثون كذابون ))

فتكون كلمة ” كذابون ” صفة ، لكنها قدمت هنا من أجل تقبيح هؤلاء في ذواتهم وتقبيح ما ادعوه

ــ وأفاد ذلك أيضا : أن صيغة ” كذابون ”

صيغة مبالغة على وزن فعَّال

كذاب ــــــــ كذابون

فقد بلغوا في الكذب مرتقى كبيرا

والنبي عليه الصلاة والسلام هنا حصرهم بثلاثين

وهنا يأتي إشكالان :

ـــــــــــــــــــــــــــ

[ الإشكال الأول ] :

ــــــــــــــــــــــــــ

جاء في الصحيحين :

قوله عليه الصلاة والسلام عن هؤلاء :

((قريبون من ثلاثين ))

إذاً ليسوا بثلاثين محصورين في العدد

لأن رواية الصحيحين تدل على أنهم لم يبلغوا هذا العدد ، وهو الثلاثون

ويؤكد ذلك ما جاء في مسند الإمام أحمد قوله :

(( إن عددهم سبعة وعشرون منهم أربع نسوة ))

فتكون رواية الإمام أحمد قريبة من رواية الصحيحين لأن السبعة والعشرين قريبة من الثلاثين

فكيف يجاب عن هذا ؟

يجاب  عن هذا :

ــــــــــــــــــــــــــــ

بأن ذكر الثلاثين هو من باب جريان لغة العرب على إجبار الكسر

منهم من يجبرون الكسر :

فسبعة وعشرون يجبرونها إلى ثلاثين

وبهذا تتفق الروايات

ومن قال بالسبعة والعشرين أو بالقريب من الثلاثين هذا على إلغاء الكسر

وقد مر معنا هذا :

من بينها ما ورد في الصحاح :

(( أن النبي عليه الصلاة والسلام توفي  وعمره ستون ))

وفي رواية :

(( ثلاث  وستون ))

وفي رواية :

(( خمس وستون ))

فمن قال بالخمسة فعلى جبر الكسر

ــ أو أنه مفهوم عدد غير معتبر عند البعض كما سبق في مسألة سابقة

[[ الإشكال الثاني ]] :

ــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

إذا أكدنا ما أجبنا عنه في الإشكال الأول من أن عددهم محصور بالسبعة والعشرين أو بقرب الثلاثين أو بالثلاثين

لأنه يمكن أن يجاب بجواب آخر :

ويقال :

إن الله أخبر نبيه في آخر الأمر أن عددهم سيصل إلى ثلاثين

يمكن أن يجاب بهذا الجواب

فإذا قررنا بالإشكال الأول أن عددهم محصور في السبعة والعشرين

أو في قرب الثلاثين

أو في  الثلاثين

يأتي  الإشكال  :

وهو أن من ادعى النبوة أكثر من هذا ؟

ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

فالجواب عن هذا :

ـــــــــــــــــــــــــــــ

أن مقصود النبي عليه الصلاة والسلام في حصرهم بهذا العدد إنما هو في حق من له شوكة وأتباع وظهور

أما من يدعي النبوة من غير أن يكون له أتباع كثر أو من غير أن تكون له شوكة ومنعة فإنه غير داخل هنا

لأن من له شوكة ومنعة وأعداد يكون له أثر كبير في الأمة

وقوله : (( كلهم )) :

ـــــــــــــــــــــــــــــــــ

من باب التوكيد : كل هؤلاء

(( يزعم أنه نبي )) :

ــــــــــــــــــــــــــــ

يزعم : يعني : يدعي

ومن زعم شيئا فإنه يزعمه من تلقاء نفسه

ولكن لتعلم أن زعم في أصلها : الإخبار عن ثبوت شيء من غير دليل

لكن قد يرد في النصوص الشرعية أو في أقوال الصحابة أو في أقوال الرواة أنهم يقولون : زعم فلان أن النبي عليه الصلاة والسلام قال كذا

زعم فلان : فليس مرادهم هذا الزعم الموجود هنا في هذا الحديث

وإنما مرادهم هو القول المتحقق الذي بُني على دليل

فليس فيما زعمه كذب

فلينتبه لمثل هذا الأمر

(( كلهم يزعم أنه نبي  )) :

ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

ثم قال مبيننا الحقيقة  :

قال : (( وأنا  خاتم النبيين )) :

ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

[ خاتم ] : يكون بفتح التاء وبكسرها

[ خاتَم أو خاتِم ]

وقد جاء القرآن بالتنصيص على أنه خاتم النبيين :

قال تعالى :

((مَّا كَانَ مُحَمَّدٌ أَبَا أَحَدٍ مِّن رِّجَالِكُمْ وَلَكِن رَّسُولَ اللَّهِ وَخَاتَمَ النَّبِيِّينَ ))

والعجب : أن من ادعى النبوة من هؤلاء كالمختار ، العجب أنه يؤمن بالقرآن ومع ذلك يزعم أنه نبي ، وفي  القرآن ما يدحض حجته

وهو ما ذكر في هذه الآية من أن النبي عليه الصلاة والسلام خاتم النبيين

فهذا يدل على أن الإنسان إذا ابتعد عن الشرع اضطربت به الأقوال وضل وأضل

ولو قال قائل :

ــــــــــــــــــــــ

كيف يكون النبي عليه الصلاة والسلام خاتم النبيين مع أنه جاء في الصحيح أن النبي عليه الصلاة والسلام قال :

(( ليوشكن أن ينزل فيكم ابن مريم عدلا فيكسر الصليب ويقتل الخنزير ولا يقبل الجزية ))

وعيسى مرفوع رفعه الله إلى السماء ، وهو حي في السماء

فما الجواب عن هذا ؟

ــــــــــــــــــــــــــــــ

الجواب عن هذا :

ــــــــــــــــــــــــــــــ

أن نزول عيسى ليس  نزولا بنبوته بعد النبي عليه الصلاة والسلام ، وإنما ينزل ليبين للنصارى ولليهود أنه متبع للنبي عليه الصلاة والسلام ، فيكون عيسى في نزوله من جملة أفراد النبي عليه الصلاة والسلام بل هو أفضلهم

ولذا قال : لا يقبل الجزية

بمعنى : أنه لا يقبل إلا الإسلام

ولماذا يقتل الخنزير ويكسر الصليب ؟

من أجل أن يبين للنصارى أن ما عبدوه في زمن النبي عليه الصلاة والسلام باطل وليس بحق ، فيندفع الإشكال إذاً حول هذه الجملة

ثم قال النبي عليه الصلاة والسلام من باب التأكيد :

قال : (( وإنه لا نبي بعدي )) :

ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

هذا تأكيد لأنه إذا كان خاتم النبيين فيفهم من ذلك أنه لا نبي بعده

فلماذا جاءت هذه الجملة ؟

أليست جملة : (( وأنا خاتم النبيين )) كافية ؟

كافية ، لكن جاءت هذه الجملة : (( لا نبي بعدي  ))

هذه الجملة تسمى عند البلاغيين بـ [ الإطناب ]

لأن الكلام عندهم :

ــ إما إيجازا

ـــ وإما مساواة

ــ وإما إطنابا

فالإيجاز :

قد يكو ن إيجاز قصر ،  وقد يكون  إيجاز حذف

ــ وإيجاز القصر :

هو أن يؤتى بكلمة ، ويندرج تحتها معان كثيرة

ــ وأما المساواة :

فهو أن يكون الكلام مساويا للمعنى من غير زيادة أو نقصان

ــ وأما الإطناب :

أن يزاد في الكلام على المعنى المقصود

فإن كان لغير غرض سمي  حشوا وعبثا ولغوا

ــ وإن كان لغرض سمي : إطنابا

وهذا هو الإطناب

إذاً ما الغرض من هذا الإطناب ؟

مع أن جملة : (( وأنا خاتم النبيين )) كافية ،

ما الغرض ؟

التأكيد على أنه هو خاتم النبيين

فهذه الجملة جملة إطناب لتقوية المعنى

ما هو المعنى ؟

أنه خاتم النبيين

ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

 

ــ  ما الغرض من هذا الإطناب ؟

مع أن جملة : (( وأنا خاتم النبيين )) كافية ، ما الغرض      ؟

التأكيد على أنه هو خاتم النبيين

فهذه الجملة جملة إطناب لتقوية المعنى

ما هو المعنى ؟

أنه خاتم النبيين

وقد فسد عقل وقلب وقول من قال :

أن في هذه الجملة : (( لا نبي بعدي )) قال : إن فيها إثباتا لوجود نبي بعد النبي عليه الصلاة والسلام

وهذا من الفساد في المعتقد :

 لأنه يخالف صريح القرآن .

وفساد في العقل :

لأن مثل هذا الكلام لا يقول به إلا المجانين

وفساد في اللغة :

قالوا فيه إثبات

قد أعمى الله بصيرتهم ، فإن الجملة الأولى كافية في بيان المقصود

قال بعضهم :

ــ فيه إثبات نبي  ، وهو : ” لا ” فيكون المعنى : ” لا ” كأنه اسم رجل ، وأثبت له النبوة بعد النبي عليه الصلاة والسلام ، ففصل ” لا ” عن كلمة ” نبي “

وهذا فيه فساد من حيث المعنى ، ومن حيث اللغة

فإما من حيث المعنى :

ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

1ــ فإن الجملة السابقة بينت المقصود

2 ــ من حيث اللغة :

ــــــــــــــــــــــــــــــــ

فإن”  لا “  لو كانت اسم رجل لقال : (( لا نبيٌ بعدي ))

فيكون : ( لا ) مبتدأ

ونبي : خبر

أخبر بأن ” لا ” الذي هو اسم رجل أخبر بأنه نبي بعده

فكان الواجب أن تضم لا أن تنصب

ولذا قال : (( لا نبيَ بعدي ))

هنا [ لا ] نافية للجنس

نفت أن يكون هناك نبي بعد النبي عليه الصلاة والسلام

ويكون

نبي  اسم لا مبني على الفتح