الدرس ( 24 ) الشرح الموسع لكتاب التوحيد
( مسائل على باب كتاب التوحيد )
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
فضيلة الشيخ : زيد بن مسفر البحري
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
قال الإمام المجدد رحمه الله / فيه مسائل :
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
الضمير يرجع إلى الباب السابق فهو رحمه الله أورد نصوصا تحت الباب ، فأراد أن يبين بعض المسائل المتعلقة بهذا الباب وبما أورد فيه من نصوص،فهو بمثابة الشرح المختصر جدا :
فقال رحمه الله :
الأولى : الحكمة في خلق الجن والإنس
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
وهذا يؤخذ من قوله تعالى : (( وما خلقت الجن والإنس إلا ليعبدون ))
ومضى الحديث مستوفى عن هذه المسائل
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
الثانية /: أن العبادة هي التوحيد ، لأن الخصومة فيه
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
الشرح :
ــــــــــ
المراد من هذا التوحيد هو ” توحيد الألوهية ” وليس المراد هو توحيد الربوبية ، ولذا قال : ” فإن الخصومة فيه “
وقريش خاصمت النبي صلى الله عليه وسلم في توحيد العبادة فهم مقرون بتوحيد الربوبية
ولذا فسّر ابن عباس رضي الله عنهما ان معنى : يعبدون ” أي ” يوحدون “
الثالثة / :
أن من لم يأتِ به لم يعبد الله ، ففيه معنى قوله : (( ولا أنتم عابدون ما أعبد ))
وذلك لأن الحكمة من إرسال الرسل وإنزال الكتب توحيد الألوهية
الشرح :
ـــــــــ
ففيه معنى قوله تعالى : (( ولا أنتم عابدون ما أعبد )) وهذه السورة سورة الكافرون محمولة على قوم قد علم الله جل وعلا أنهم لن يؤمنوا
كقوله تعالى : {إِنَّ الَّذِينَ كَفَرُواْ سَوَاءٌ عَلَيْهِمْ أَأَنذَرْتَهُمْ أَمْ لَمْ تُنذِرْهُمْ لاَ يُؤْمِنُونَ }
الرابعة : الحكمة من إرسال الرسل :
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
الشرح :
ـــــــــــــ
مأخوذ من قوله تعالى : {وَلَقَدْ بَعَثْنَا فِي كُلِّ أُمَّةٍ رَّسُولاً أَنِ اعْبُدُواْ اللّهَ وَاجْتَنِبُواْ الطَّاغُوتَ ))
الخامسة : أن الرسالة عمّت كل أمة
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
الشرح :
ــــــــــــــــ
وهذه مأخوذة من الآية السابقة : {وَلَقَدْ بَعَثْنَا فِي كُلِّ أُمَّةٍ رَّسُولاً أَنِ اعْبُدُواْ اللّهَ ))
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
السادسة : أن دين الأنبياء واحد
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
الشرح :
ـــــــــــــــــــ
وهذه أيضا مأخوذة من الآية السابقة : {وَلَقَدْ بَعَثْنَا فِي كُلِّ أُمَّةٍ رَّسُولاً أَنِ اعْبُدُواْ اللّهَ ))
والمراد بالدين هنا : الأصول الذي هو العقائد ، أما ما عدا العقائد من التشريعات الفرعية فهم مختلفون :
قال عز وجل : ((لِكُلٍّ جَعَلْنَا مِنكُمْ شِرْعَةً وَمِنْهَاجاً ))
وكما قال عليه الصلاة والسلام في الصحيحين : (( أنا أولى الناس بعيسى بن مريم الأنبياء إخوة من علات : أبوهم واحد وأمهاتهم شتى ))
يعني : أن دينهم الذي هو العقيدة واحد لكن الفروع مختلفون فيها
ولذا ما جاءت به الشرائع السابقة فلا يؤخذ بجملته ، وغنما يكون مقسما على حسب التقسيم الآتي :
1ـــ أن يأتي في شرعنا ما يؤيده ، ومن ثم فيكون مقبولا
2 ـــ أن يأتي في شرعنا ما يرده فهذا يكون مرفوضا
3ـــ أن يُذكر ولا يأتي شرعنا بخلافه ولا بقبوله ( يعني لم يُرد ولم يُقبل )
فقد اختلف العلماء في ذلك ، وهي مسألة أصوليه لكن الصحيح أنها مقبولة ، لأنها ما ذُكرت في شرعنا إلا لنعمل بها
ولذا قال عز وجل : {لَقَدْ كَانَ فِي قَصَصِهِمْ عِبْرَةٌ لِّأُوْلِي الأَلْبَابِ ))
السابعة : المسألة الكبيرة :
أن عبادة الله لا تحصل إلا بالكفر بالطاغوت :
ففيه معنى قوله تعالى : ((فَمَنْ يَكْفُرْ بِالطَّاغُوتِ وَيُؤْمِن بِاللّهِ ….. الآية ))
الشرح :
وهذا مأخوذ أيضا من الآية السابقة في قوله عز وجل : ((أَنِ اعْبُدُواْ اللّهَ وَاجْتَنِبُواْ الطَّاغُوتَ ))
وكل هذا سبق مفصلا
الثامنة :
أن الطاغوت علم في كل ما عُبد من دون الله
الشرح :
ـــــــــــــــ
فكما أسلفت في ثنايا الشرح لابد من التقييد أي كل ما عُبد من دون الله وهو راض ، حتى يخرج من ذلك عيسى بن مريم عليه الصلاة والسلام ، وسائر من عُبد من الصالحين
وهذا أيضا مأخوذ من الآية السابقة ، لأنه قال جل وعلا : ((أَنِ اعْبُدُواْ اللّهَ وَاجْتَنِبُواْ الطَّاغُوتَ ))
فلما أمر بعبادته دل على أن صرف هذه العبادة لغيره يُعد طغيانا ، لقوله بعدها : (( وَاجْتَنِبُواْ الطَّاغُوتَ ))
التاسعة :
عظم شأن الثلاث آيات المحكمات في سورة الأنعام عند السلف .
وفيها عشر مسائل : أولها : النهي عن الشرك
الآيات سبق شرحها ، وهي قوله تعالى : ((قُلْ تَعَالَوْاْ أَتْلُ مَا حَرَّمَ رَبُّكُمْ عَلَيْكُمْ ………….. )) الآيات
أول مسألة من المسائل العشر : ألا تشركوا به شيئا
العاشرة :
الآيات المحكمات في سورة الإسراء ، وفيها ثماني عشرة مسألة :
بدأها الله بقوله : {لاَّ تَجْعَل مَعَ اللّهِ إِلَـهاً آخَرَ فَتَقْعُدَ مَذْمُوماً مَّخْذُولاً }
وختمها بقوله : ((وَلاَ تَجْعَلْ مَعَ اللّهِ إِلَهاً آخَرَ فَتُلْقَى فِي جَهَنَّمَ مَلُوماً مَّدْحُوراً }
ونبهنا الله سبحانه وتعالى على عظم شأن هذه المسائل بقوله : ((ذَلِكَ مِمَّا أَوْحَى إِلَيْكَ رَبُّكَ مِنَ الْحِكْمَةِ ))
الآيات المحكمات هي التي لم تُنسخ ،
وكذا يكون القول في سابقتها في سورة الأنعام ، فهي آيات محكمات غير منسوخات
يعني : أحكامها ثابتة
وما ذكره في سورة الإسراء فيها ثماني عشرة مسألة :
بدأها بقوله : {لاَّ تَجْعَل مَعَ اللّهِ إِلَـهاً آخَرَ فَتَقْعُدَ مَذْمُوماً مَّخْذُولاً }
ثم ذكر بعدها : ((وَقَضَى رَبُّكَ أَلاَّ تَعْبُدُواْ إِلاَّ إِيَّاهُ ))
ثم ذكر الزنا : (( وَلاَ تَقْرَبُواْ الزِّنَى ))
وذكر قتل النفس وأكل مال اليتيم ، وغيرها من المسائل
ثم ختمها بقوله جل وعلا : ((وَلاَ تَجْعَلْ مَعَ اللّهِ إِلَهاً آخَرَ فَتُلْقَى فِي جَهَنَّمَ مَلُوماً مَّدْحُوراً ))
فهذه المسائل اُفتتحت ببيان فضل التوحيد وعقوبة من أشرك به .
وختمها : ببيان عظم عقوبة المشرك
الحادية عشرة :
آية سورة النساء التي تُسمى آية الحقوق العشرة بدأها بقوله : {وَاعْبُدُواْ اللّهَ وَلاَ تُشْرِكُواْ بِهِ شَيْئاً ))
الشرح :
ــــــــــــــــــ
وقد فصلنا الحقوق وبيناها عند شرح الآية
الثانية عشرة :
التنبيه على وصية رسول الله صلى الله عليه وسلم عند موته
الشرح :
ــــــــــــ
وهذا مأخوذ من قول ابن مسعود رضي الله عنه : ” من سره أن ينظر إلى وصية محمد بن عبد الله صلى الله عليه وسلم التي عليها خاتمه ؟، فليقرأ ……….. ثم ذكر الآيات التي في سورة الأنعام
الثالثة عشرة :
معرفة حق الله تعالى علينا :
كما جاء في حديث معاذ :
حق الله على العباد : أن يعبدوه ولا يشركوا به شيئا
الرابعة عشرة :
معرفة حق العباد عليه إذا أدوا حقه
وهذا مستوحى من حديث معاذ رضي الله عنه :
قال عليه الصلاة والسلام : (( وحق العباد على الله ألا يعذب من لا يشرك به شيئا ))
وحقهم كما سلف حق تفضل وإنعام وإكرام منه جل وعلا لا حق معاوضة ، ولا استحقاق كاستحقاق المخلوق على المخلوق
الخامسة عشرة :
أن هذه المسألة لا يعرفها أكثر الصحابة
الشرح :
وهي مسألة حق العباد على الله :
قال : ” ألا أبشرهم “
قال : ” لا تبشرهم فيتكلوا “
فأخبر بها معاذا عند موته تأثما
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
سـ 1 : / من كان يقصد النبي عليه الصلاة والسلام بقوله : (( لا تبشرهم ))
هل المقصود عموم الأمة أم المقصود هم الصحابة رضي الله عنهم ؟
جـ1/ المقصود الصحابة رضي الله عنهم
وهذا تنبيه على أنّ من جاء بعدهم أن يحذر من أن يتكل على هذا الفضل ، فإن النبي صلى الله عليه وسلم إذ خشي على أكثر الصحابة وهم أجلاء ،
فمن جاء بعدهم من باب أولى أن يخاف على نفسه
فليكن المسلم حريصا على تحقيق التوحيد ، وعدم الركون إلى عمله
ولذا عند مسلم :
لما ذهب النبي عليه الصلاة والسلام من بعض الصحابة ودخل حائطا وتبعه أبو هريرة رضي الله عنه ، وأعطاه النبي عليه الصلاة والسلام نعليه ، وقال له : (( من لقيت خلف هذا الحائط يشهد أن لا إله إلا الله مستيقنا بها قلبه فبشره بالجنة ))
فأتى أبو هريرة وقابله عمر فأخبر أبو هريرة عمر ، فيقول أبو هريرة : ” فضربني عمر في صدري حتى وقعت على استي ( يعني على مؤخرتي ) وقال : راجع ولا تخبر أحدا
فيقول : رجعت وعمر خلفي ؟، وقد خفت منه حتى أتى إلى النبي عليه الصلاة والسلام ، وأخبره أبو هريرة بما فعله :
فقال : لم فعلت هذا يا عمر ؟
قال : أخشى أن يتكل الناس
فأقر النبي عليه الصلاة والسلام عمر على هذا الكتمان
السادسة عشرة :
جواز كتمان العلم للمصلحة :
لقوله عليه الصلاة والسلام : ” لا تبشرهم “
ما هي المصلحة ؟
فيتكلوا
أي خيفة من أن يتكلوا
وضوابط المصلحة يُرجع فيها إلى أهل العلم
ولذا عمر رضي الله عنه منع أبا هريرة أن يفشي هذا الخبر
فحتى لا تكون المسألة عائمة ، وكل يرعى المصلحة في الكتمان للعلم وفي ظهوره ، فلتضبط بمعرفة أهل العلم للمصلحة
السابعة عشرة :
استحباب بشارة المسلم بما يسره
الشرح :
وذلك لمبادرة معاذ في الاستئذان من النبي صلى الله عليه وسلم أن يبشر الناس
الثامنة عشرة :
الخوف من الاتكال على سعة رحمة الله عز وجل
الشرح :
وهذا مأخوذ من قوله عليه الصلاة والسلام : (( لا تبشروهم فيتكلوا ))
والاتكال على رحمة الله عز وجل يفضي بالعبد إلى الأمن من مكر الله ، فيغلب جانب الرجاء على جانب الخوف ، وإذا غلب جانب الرجاء على جانب الخوف هلك :
قال عز وجل : {أَفَأَمِنُواْ مَكْرَ اللّهِ فَلاَ يَأْمَنُ مَكْرَ اللّهِ إِلاَّ الْقَوْمُ الْخَاسِرُونَ }
والحديث عن الاتكال على سعة رحمة الله جل وعلا يأتي مفصلا إن شاء الله تعالى عند باب قوله تعالى : ((أَفَأَمِنُواْ مَكْرَ اللّهِ ))
التاسعة عشرة :
قول المسئول عن ما لا يعلم الله ورسوله أعلم
الشرح :
ـــــــــــــ
دليل هذه المسألة قول النبي صلى الله عليه وسلم لمعاذ : (( أتدري ما حق الله على العباد ، وما حق العباد على الله ؟ قال : الله ورسوله أعلم ))
وفي إحدى الروايات :
لما قال : يا معاذ ؟
قال معاذ : لبيك ، وسعديك .
” ولبيك ” مأخوذ من ألبَ بالمكان أي إذا أقام فيه
وسعديك : أي إسعادا لك بعد إسعاد
ولأهل اللغة فيها معان أخرى
العشرون : جواز تخصيص بعض الناس بالعلم دون بعض
وهذا مأخوذ من تخصيصه عليه الصلاة والسلام لمعاذ بهذه المسألة
وتخصيص البعض دون البعض الآخر لاقتضاء المصلحة
الحادية والعشرون :
تواضعه صلى الله عليه وسلم بركوب الحمار مع الإرداف عليه
الشرح :
وهذا مأخوذ من قول معاذ : ” كنت رديف النبي صلى الله عليه وسلم على حمار “
وقد جاء في إحدى الروايات : أنه ليس بينه وبين النبي صلى الله عليه وسلم غلا مؤخرة الرحل : ( وهي الخشبة التي توضع على ظهر البعير )
وجواز هذا الإرداف مشروط كما سلف بعدم الإضرار بالدابة
الثانية والعشرون
جواز الإرداف على الدابة
الشرح :
دليل هذه المسألة هو نفس الدليل السابق
الثالثة والعشرون :
فضيلة معاذ بن جبل رضي الله عنه
الشرح :
وذلك لأن النبي عليه الصلاة والسلام خصصه بهذا العلم
وهذا يدل على مزية معاذ ، ولا يعني أنه أفضل من أبي بكر ، وعمر رضي الله عنهما ، فلا يقتضي هذا فضيلته ومزيته على غيره من كبار الصحابة ، وإنما يكون معاذ من جملة من فضلهم النبي عليه الصلاة والسلام في تخصيص بعض العلوم لما تقتضيه المصلحة
الرابعة والعشرون :
عظم شأن هذه المسألة
الشرح :
والإشارة تعود إلى ما ذُكر في حديث معاذ من أن من عبد الله جل وعلا فقد أمن من عذابه