الشرح الموسع لكتاب التوحيد ـ الدرس (36)حديث عبادة (من شهد أن لا إله إلا الله … ) (8)

الشرح الموسع لكتاب التوحيد ـ الدرس (36)حديث عبادة (من شهد أن لا إله إلا الله … ) (8)

مشاهدات: 430

الشرح الموسع لكتاب التوحيد

الدرس (36)

حديث عبادة(من شهد أن لا إله إلا الله) الثامن

ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

فضيلة الشيخ :  زيد بن مسفر البحري

ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

 

تتمة حديث عبادة رضي الله عنه :

(( من شهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له ، وان محمدا عبده ورسوله ، وأن عيسى عبد الله ورسوله وكلمته ألقاها إلى مريم وروح منه ، والجنة حق ، والنار حق أدخله الله الجنة على ما كان من العمل ))

ـــــــــــــــــــــــــــــ

وقوله عليه الصلاة والسلام  :

(( أدخله الله الجنة على ما كان من العمل )) :

ـــــــــــــــــــــــــــــ

 هذا هو جواب الشرط  :

فمن أتى بما سبق في صدر وثنايا هذا الحديث فإن عاقبته إلى الجنة

وهذه الجملة وهي : (( أدخله الله الجنة على ما كان من العمل ))

ورد في الصحيحين رواية أخرى : (( أدخله الله الجنة من أي الأبواب شاء ))

وقبل الحديث عن هذه الرواية ينصب حديثنا :

أولا :على هذه الرواية التي بين أيدينا فقوله عليه الصلاة والسلام : (( أدخله الله الجنة على ما كان من العمل ))

أي على ما كان من العمل وما جرى فيه من صلاح وفساد فإذا كان هذا الموحد عاملا بالأعمال الصالحة فإنه يدخل الجنة على ما كان فيه من صلاح وفساد

هذا هو التوجيه الأول .

ولبعض العلماء توجيه آخر :

وهو احتمال احتمله ابن حجر رحمه الله :

” أن معنى هذه الجملة أن الله أدخل أهل الجنة الجنة في مراتبهم كل بحسب عمله فالدخول لأهل الجنة ثابت “

أو بعبارة أخرى : ” من تحقق فيه ما معنى  أدخله الله الجنة ثم كأن هناك استئنافا جديدا وهو على ما كان من العمل الصالح تتفاوت درجاتهم في هذا الدخول بينما على المعنى الأول يوصل الكلام  (( أدخله الله الجنة )) موصولا هذا الكلام بقوله: (( على ما كان من العمل )) “

وبتفاوت العمل تتفاوت الدرجات فيها .

وهذا الحديث موضع الاستشهاد منه في هذا الباب

أن من فضائل التوحيد دخول الجنة حتى ولو كان هذا الموحد عاصيا وقد يطرأ إشكال وهو أن الموحد قد يأتي بكبائر

وقد جاءت نصوص كثيرة بأن هناك من العصاة من يدخل النار فكيف يكون الجمع بين هذه الأحاديث ؟

فنقول :

بأن قوله عليه الصلاة والسلام : (( أدخله الله الجنة )) على غير احتمال بن حجر يكون معنى أدخله الله الجنة يكون الدخول على نوعين :

أولا : دخول لم يسبقه عذاب وه والموحد العابد التقي

ثانيا : دخول يسبقه عذاب وهو دخول الموحد العاصي الذي استوجبت له النار .

فلا تعارض إذن بين هذه النصوص فبعض الموحدين يدخل الجنة ابتداء والبعض يدخلها عقب عذاب وكلما كان التوحيد أكمل في قلب العبد كلما كان دخوله إلى الجنة أسرع بدليل ما سيأتي معنا بإذن الله تعالى أن هناك سبعين ألفا يدخلون الجنة بغير حساب ولا عذاب  ـــــــــــــــــــــــ من هم ؟

(( الذين لا يسترقون ولا يكتوون ولا يتطيرون وعلى ربهم يتوكلون ))

وأما الرواية الأخرى :

فقوله عليه الصلاة والسلام : (( أدخله الله الجنة من أي الأبواب شاء )) :

المراد  : دخوله من الباب الذي يكثر فيه من عمل التطوع

ولذا جاء في الصحيحين  :

أن النبي صلى الله عليه وسلم قال : (( من أنفق زوجين في سبيل الله قيل هذا خير، فمن كان من أهل الصلاة دعي من باب الصلاة  ، وإن كان من أهل الصيام دعي من باب الريان ، وإن كان أهل الصدقة دعي من باب الصدقة ، وإن كان من أهل الجهاد دعي من باب الجهاد  )) :

زوجين : يعني شيئين

فقال أبو بكر رضي الله عنه: ”  يا رسول الله ما على أحد دعي من تلك الأبواب من ضرورة أفيدعى أحد من جميعها ؟ (( قال:نعم،وأرجوا أن تكون منهم يا أبا بكر ))

وجاء مصرحا في صحيح بن حبان : (( أنت منهم يا أبا بكر ))  بعبارة التصريح

ولو نظرنا إلى المسلم لوجدنا أنه يصلي،ويتصدق، ويجاهد ويصوم فليس المراد الفرائض،وإنما المراد النوافل فإذا أكثر من النوافل كنافلة الصلاة مثلا دعي من باب الصلاة ،ولو كانت له نوافل في أعمال أخرى

ولذا جاء في مسند الإمام أحمد ما يدل على هذا وصححه ابن حجر  :

ولذا أبو بكر رضي الله عنه لما كان مكثرا من جميع النوافل يدعى من جميعها

ولو قال قائل  :

فيه اعتراض أو إشكال في أن هذا الحديث الذي معنا وكذا في حديث عمر رضي الله عنه عند مسلم : (( ما من أحد يتوضأ فيسبغ الوضوء ثم يقول : ” أشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له وأن محمدا عبده ورسوله إلا فتحت له أبواب الجنة الثمانية يدخل من أيها شاء ))

ومن هذا الحديث والحديث الآخر كأنه لا مزية لأبي بكر رضي الله عنه  ؟

والجواب /  :

ما إن يكون وهذا هو الاحتمال الأول  : ” أن أبا بكر رضي الله عنه يمتاز بالدخول من جميع الأبواب وأما غيره فيدخل من باب واحد “

الاحتمال الثاني :

أن أبا بكر رضي الله عنه امتاز عن غيره فغيره تفتح له الأبواب فيدعى من الباب الذي أكثر فيه من عمل التطوع وأما أبو بكر رضي الله عنه عند فتح الأبواب له يدعى من جميعها

وفرق بين أن يفتح وتدعى إليه ولذا جاء في إحدى الروايات أن كل خزنة باب تدعوه تقول : ” هلم “

الاحتمال الثالث : أنه يدعى من جميع الأبواب كلها بينما غيره يدعى من باب واحد .

الاحتمال الرابع : قال ابن حجر: ”  يحتمل أن هذه الأبواب أبواب داخل الجنة وذلك لأن أبواب الجنة ثمانية والعمل الصالح أكثر من ثمانية “

ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

وقول المصنف رحمه الله: (( أخرجاه ))

ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

أي ” البخاري ومسلم “ فإذا قيل :

أخرجاه

أو لهما

أو فيهما

فالمراد من ذلك البخاري ومسلم

ولذا قال بعد هذه الحديث  : “ولهما