الشرح الموسع لكتاب التوحيد ـ الدرس (51) حديث ( سبعون ألفا يدخلون الجنة بغير حساب)(5)

الشرح الموسع لكتاب التوحيد ـ الدرس (51) حديث ( سبعون ألفا يدخلون الجنة بغير حساب)(5)

مشاهدات: 451

الشرح الموسع لكتاب التوحيد ــ الدرس ( 51 )

حديث ( سبعون ألفا يدخلون الجنة بغير حساب) الخامس

ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

فضيلة الشيخ :  زيد بن مسفر البحري

ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

 (( ثم نهض فدخل منزله )) :

الناهض : ” هو النبي عليه الصلاة والسلام “

ومنزله عليه الصلاة والسلام : تسع حجرات عن يسار القبلة  .

والله أعلم ما هو هذا المنزل : أهو منزل عائشة أم غيرها ؟

فخاض الناس في أولئك :

أي تحدث وتباحث الناس في هؤلاء الذين حظوا بهذا الفضل العظيم إذ لا حساب ولا عقاب يقع عليهم

والناس هنا من باب إطلاق الكل على البعض، فليس المراد  : كل الناس أو كل الصحابة ، وإنما المراد من حضر ذلك المجلس

فقال بعضهم : ” فلعلهم الذين صحبوا رسول الله صلى الله عليه وسلم “

وقال بعضهم : فلعلهم الذين وُلدوا في الإسلام ، فلم يشركوا بالله شيئا

وذكروا أشياء :

وهذا التباحث يستفاد منه عدة فوائد :

الفائدة الأولى :

ـــــــــــــــــــــــــ

عمق فهم الصحابة رضي الله عنهم إذ تباحثوا في هؤلاء لأنهم يعلمون أن هؤلاء لم يحظوا بهذا إلا  بعمل ، فما هو هذا العمل ؟

الفائدة الثانية :

حرص الصحابة على معرفة هذا العمل لكي يفعلوا نظيره ، فيظفروا بهذا الفضل .

ثالثا :

جواز التباحث والاجتهاد في مسائل الذين للوصول إلى الحق

رابعا :

جواز التباحث والاجتهاد في أمر ليس عند المتباحثين دليل فيه ، لكن عليهم ألا يجزموا بصواب أنفسهم ، ولذا في نهاية الأمر ذكروا أشياء إذ تفاوتت آراؤهم

خامسا :

ـــــــــــــ

جواز اجتهاد الصحابي في عصر النبي عليه الصلاة والسلام

سادسا :

أن صحبة النبي عليه الصلاة والسلام لها فضل ومزية عند الصحابة أنفسهم إذ قالوا : فلعلهم الذين صحبوا رسول الله صلى الله عليه وسلم :

والمراد من هذه الصحبة عند الصحابة لأنهم صحابة :

المراد : الصحبة الخاصة ، وهو الذي صحب النبي عليه الصلاة والسلام أكثر أمره

ولذا لما حصل شجار بين خالد بن الوليد وعبد الرحمن بن عوف :

قال عليه الصلاة والسلام لخالد مع انه صحابي لكنه أسلم بعد الحديبية :

قال لخالد : ” لا تسبوا أصحابي  ……… ” الحديث
مع أن خالدا وعبد الرحمن م صحابته

وأعظمهم في الصحبة :

أبو بكر: ولذا قال عليه الصلاة والسلام كما عند البخاري – فهل أنتم تاركوا لي صاحبي “

الفائدة السابعة :

أن من لم يمر به زمن في حياته مشركا أن له مزية عند الصحابة :

ولذا قال بعضهم : ” فلعلهم الذين ولدوا في الإسلام فلم يشركوا بالله شيئا “

وذلك كأبنائهم

فأبناء الصحابة ممن وُلد في عصر النبي عليه الصلاة والسلام هؤلاء ولدوا في الإسلام ، لأنهم في الصغر تبع لآبائهم ، وبعد تكليفهم صاروا على ما كانوا عليه .

 

 

وقوله : (( وقال بعضهم : فلعلهم الذين وُلدوا في الإسلام ، ولم يشركوا بالله شيئا ))  :

هذا يدل على أن من وُلِد في الإسلام فله مزية عند الصحابة ، ولذا جعلوا هذا الأمر من أمور المفاضلة

وليس هذا على إطلاقه :

فقد يكون الرجل أدرك الجاهلية ، ومعدنه نفيس فلما أسلم وعلا وارتفع في الدين كان أحسن  من غيره .

ويدل لهذا ما جاء في الصحيحين :

من حديث أبي هريرة رضي الله عنه : قال عليه الصلاة والسلام : (( فعن معادن الناس تسألوني أو تسألونني ؟

قالوا : نعم

قال:خيارهم في الجاهلية خيارهم في الإسلام إذا فقهوا ))

فشبه عليه الصلاة والسلام الناس بالمعادن ، والمعادن تختلف من حيث النفاسة والقيمة والأهمية،فكذلك الناس هم كالمعادن

فإذا كان معدن الإنسان أصيلا شريفا فأسلم زاده الإسلام شرفا  وإذا تفقه ازداد شرفا على شرف

وذلك كـ ” عمر بن الخطاب رضي الله عنه “

وخالد بن الوليد

وغيرهما من الصحابة الفضلاء

ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

وقوله : (( وذكروا أشياء )) :

 

هذا يدل على أن الصحابة رضي الله عنهم لم يجزموا لصحة ما اجتهدوا فيه .

ولذا فالقولان الأولان لا يتناسبان مع ذكر هذا العدد :

فقولهم : (( فلعلهم صحبوا رسول الله صلى الله عليه وسلم )) :

قلنا : ” إن المراد من هذه الصحبة هي صحبة الخاصة ، والصحابة الذين صحبوه عليه الصلاة والسلام صحبة خاصة لا يبلغون هذا العدد ،وكذلك من وُلد في الإسلام لا يبلغون هذا العدد “

ولذا تنوعت آراؤهم ، ولم يصلوا إلى قول يقين ثبت .

فلما طال الخلاف قال الراوي : (( وذكروا أشياء )) :

وهذا يدل على أن الآراء قد كثرت ، فلكثرتها اختصرها الراوي في جملة : ” وذكروا أشياء “

فأخبروه : أي بتخوضهم

الخوض قد يدل على ذميم ما يخاض فيه

وقد يذكر ويراد منه محمدة ما خيض فيه

ولاشك أن ما خاض فيه الصحابة رضي الله عنهم لاشك أنه خير

والخوض قد يكون في الشيء الذميم ، قال عز وجل عن المنافقين : ((كَالَّذِينَ مِن قَبْلِكُمْ كَانُواْ أَشَدَّ مِنكُمْ قُوَّةً وَأَكْثَرَ أَمْوَالاً وَأَوْلاَداً فَاسْتَمْتَعُواْ بِخَلاقِهِمْ فَاسْتَمْتَعْتُم بِخَلاَقِكُمْ كَمَا اسْتَمْتَعَ الَّذِينَ مِن قَبْلِكُمْ بِخَلاَقِهِمْ وَخُضْتُمْ كَالَّذِي خَاضُواْ ))

فاستفدنا من هذه الجملة في هذا الحديث : أن الخوض قد يكون في الشيء المحمود ، وقد يكون في الشيء المذموم .

وخوضهم رضي الله عنهم يدل على عمق علمهم وفهمهم إذ لم يخوضوا إلا في أمر عظيم يدل على أن الذين يدخلون الجنة بغير حساب ولا عذاب يدل على أنهم ما نالوا هذه الفضيلة إلا بعمل .

فأخبروه ، فقال عليه الصلاة والسلام : (( هم الذين لا يسترقون ولا يكتوون ، ولا يتطيرون ، وعلى ربهم يتوكلون ))