الشرح الموسع لكتاب التوحيد ـ الدرس (66) حديث ( بعث معاذا إلى اليمن)(3)

الشرح الموسع لكتاب التوحيد ـ الدرس (66) حديث ( بعث معاذا إلى اليمن)(3)

مشاهدات: 425

الشرح الموسع لكتاب التوحيد ــ الدرس ( 66 )

حديث ( بعث معاذا إلى اليمن) الجزء الثالث

ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

فضيلة الشيخ :  زيد بن مسفر البحري

ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

وهنا مسألة مهمة جدا :

وهي مسألة اختلف فيها :

وهي مسألة قبول الخبر الواحد :

هل  يقبل الخبر الواحد أم لا يقبل ؟

وهو ما يسمى عند العلماء بالمتواتر والآحاد

وهذا الحديث من الآحاد .

فهذا الحديث ، وهو حديث ابن عباس : في بيان إرسال النبي صلى الله عليه وسلم معاذا إلى اليمن

هذا الحديث من أوضح وأعظم الأدلة على جواز العمل بخبر الآحاد في العقائد .

وأحاديث الآحاد تختلف عن الأحاديث المتواترة :

فالمتواتر كما هو عند المحدثين : (( ما رواه جماعة عن جماعة يستحيل أن يتواطئوا على الكذب وأسندوه إلى أمر محسوس )) :

وذلك كحديث النبي عليه الصلاة والسلام : (( من كذب عليّ متعمدا فليتبوأ مقعده من النار ))

فقد رواه : ” خمسون صحابيا أو أكثر ” فهذا الحديث يعد من أمثلة المتواتر

والمتواتر نوعان :

ــــ متواتر لفظي :

كما مثلنا بحديث : (( من كذب عليّ متعمدا فليتبوأ مقعده من النار ))

وذلك أن الرواة اتفقوا على لفظه ومعناه

وأما المتواتر المعنوي :

” هو ما اتفق الرواة على معناه واختلفوا في لفظه “

فهم متفقون على أصل المعنى :

وذلك كأحاديث المسح على الخفين :

قال الإمام احمد : ” ليس في قلبي شيء من المسح على الخفين ، فيه أربعون حديثا عن النبي صلى الله عليه وسلم “

فيكون الآحاد بخلاف المتواتر

فتعريف المتواتر كما سلف ، فيكون مقابله الآحاد ، فإذا اختل شرط من شروط المتواتر كما جاء في بيان معنى المتواتر ، فغنه يعد من قبيل أحاديث الآحاد

وهذا الحديث دليل قوي على وجوب العمل بخبر الآحاد

وقد اختلف العلماء :

هل خبر الآحاد تثبت به الأحكام أم لا تثبت ؟

الصحيح أن خبر الآحاد تثبت به الأحكام ، وكما تثبت الأحكام بخبر الآحاد تثبت العقائد بخبر الآحاد

وذلك لأن المعطلة للأسماء والصفات يقولون : ” إن أسماء الله وصفاته لا نثبتها ـــــــــــــــــــــــ لم ؟

قالوا : لأن دليلها خبر الآحاد ، وخبر الآحاد لا يفيد القطع ، وغنما يفيد الظن

ولكن الصحيح : أن خبر الآحاد تثبت به الأحكام الفرعية كذلك تثبت به الأحكام الأصولية من العقائد

والدليل :

أن النبي عليه الصلاة والسلام أرسل معاذا ، وهو فرد واحد ، وأول ما قال له : (( فليكن أول ما تدعوهم إليه شهادة أن لا إله إلا الله ، وأني رسول الله ))

وهذا يتعلق بالعقائد

ومن الأدلة أيضا :

ــــــــــــــــــــــــــــ

إرساله عليه الصلاة والسلام لأبي موسى الأشعري

ومن الأدلة أيضا :

ـــــــــــــــــــــــــ

قوله عز وجل : ((يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِن جَاءكُمْ فَاسِقٌ بِنَبَأٍ فَتَبَيَّنُوا ))

فيفهم منه : أنه إذا جاءنا ” عدل ” غننا نأخذ برأيه وبكلامه

ومن الأدلة أيضا :

ـــــــــــــــــــــــــــــــ

في الصحيحين :

ـــــــــــــــــــــــــــــــ

أن أحد الصحابة صلى مع النبي عليه الصلاة والسلام ، وكانت الصلاة آنذاك تجاه بيت المقدس ، فصلى مع النبي عليه الصلاة والسلام إلى الكعبة ، فنُسخ الحكم فمرّ رضي الله عنه على أهل ” قباء ” وهم يصلون تجاه بيت المقدس ، فقال لهم : ” لقد صليت مع رسول الله صلى الله عليه وسلم نحو الكعبة ، فحولوا وجوههم إلى الكعبة “

فأخذوا بخبر واحد

وهذه مسألة مهمة :

” وهي مسألة العمل بخبر الآحاد “:

هل يُعمل به أم لا ؟

الصحيح : أنه يعمل به حتى في العقائد  ، وإلا لم تثبت لله أسماء وصفات كثيرة لأن معظم ذلك يأتي عن طريق خبر الآحاد

ولن الأخبار المتواترة قليلة جدا بالنسبة للآحاد

وهناك رأي ” للشنقيطي ” قال : ” إن خبر الآحاد ينظر إليه من جهتين : من جهة النقل ، ومن جهة العمل به ” :

فأما من جهة النقل :

ـــــــــــــــــــــــــ

فإنه ظني :

يعني : ليس بقطعي لأن الرواة قد يخطئون :

ولذلك قال النبي عليه الصلاة والسلام في حق المتخاصمين كما في حديث : ” أم سلمة ” في الصحيحين ،قال : (( إنما أقضي على نحو ما أسمع ))

ولذا قد تكون هذه الشهادة فيها شيء من الكذب

وأما من جهة العمل بخبر الآحاد :

ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

فإنه قطعي :

يقول رحمه الله : ” فإنه قطعي ، ومن ثم فغن القصاص إذا ثبت بشهادة عدلين يكون العمل بتنفيذ القصاص قطعيا ، لأننا نعمل به بمقتضى الشرع “

وأما من جهة ما أخبر به الشهود يكون ظنيا لن هؤلاء الشهود قد يخطئون ، فهم عرضة للخطأ “

ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

قوله : (( أخرجاه )) :

ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

أي البخاري ومسلم :

وهذه صيغة اختصار ، وهي رمز وعلامة على أن الراويين لهذا الحديث هما ” البخاري ومسلم “

كما يقال : ” لهما “

وكما يقال : ” وعندهما “

وكما يقال : ” أخرجاه “