الشرح الموسع لمسائل الحج الدرس ( 9 ) باب المواقيت الزمانية

الشرح الموسع لمسائل الحج الدرس ( 9 ) باب المواقيت الزمانية

مشاهدات: 886

بسم الله الرحمن الرحيم

فقه الحج ـ الدرس ( 9 )

باب: [ المواقيت الزمانية ]

فضيلة الشيخ زيد بن مسفر البحري

الحمد لله رب العالمين، والصلاة والسلام على نبينا محمد وعلى آله وأصحابه وسلم تسليما كثيرا إلى الدين.

 

المواقيت الزمانية

أما المواقيت الزمانية فقد اختلف العلماء في تحديد الأخيرِ منها.

فالمواقيت الزمانية للحج هي:

  1. شوال
  2. ذو القِعدة
  3. وذو الحجة

والاختلاف وقع في الثالث هل هو شهرُ ذي الحجة بأكمله أو العشر الأولى منه؟

فبعض العلماء يقول: إن أشهرَ الحج [شوال، وذو القعدة، وعشرٌ من ذي الحِجة ] ودليلُهم: أنَّ اليومَ العاشرَ هو يوم النحر وقد سماه النبي ﷺ كما في صحيح البخاري: (يوم الحج الأكبر).

والقولُ الثاني: أن أشهرَ الحج [ شوال ، وذو القِعدة ،وذو الحِجة] ويستدلون على ذلك بقوله تعالى: {الْحَجُّ أَشْهُرٌ مَّعْلُومَاتٌ}

و {أَشْهُرٌ} جمع، وأقلُّ الجمعِ ثلاثة، ولأن الله عز وجل قال:

{الْحَجُّ أَشْهُرٌ مَّعْلُومَاتٌ} ولم يقل: الحج ( في) أشهرٍ معلومات.

فلو قال: الحج في أشهرٍ معلومات، فلا يلزم أن تكونَ أشهُراً كاملة.

وقد رد أصحابُ القول الأول على هذا الدليل فقالوا:

 { أَشْهُرٌ مَّعْلُومَاتٌ} يعني أكثرَها

ولذا تقولُ العرب: ثلاث خَلَوْنَ من ذي الحجة، وهم ما زالوا في الثالثة ومع ذلك يقولون ثلاثٌ خَلَونَ من ذي الحَجة.

 

والأصَح: أنها شوال وذو القعدة وذو الحجة لأن الآيةَ صريحة: {الْحَجُّ أَشْهُرٌ مَّعْلُومَاتٌ} ولأن هناك أعمالا للحج تُؤدَّى في اليوم الحادي عشر والثاني عشر والثالث عشر لمن لم يتعجل

 أما قولكم/ إنَّ العربَّ تقول وهم في الثالثة، يقولون: ثلاثٌ خَلَوْنَ من ذي الحجة:

 فهذا على لغتهم، فهم في العدد إما أن يجبُروا الكسر أو يُلغوه.

ولذا كمثال يُبين هذه النقطة:

توفِيَ النبي ﷺ وعمره ثلاثٌ وستون سنة، مع أنه وردت روايات أنه توفي وعمره خمسٌ وستون سنة، وروايات أنه توفي وعمره ستون سنة وهي في الصحيح عند مسلم،

فمن قال خمسا وستين سنة: على لغة الجَبْر

 ومن قال ستين سنة: على لغة الإلغاء.

فنقول لهم/ أين الدليلُ لكم على أن هذه الأشهر ليس المراد كلها، مع أن الآية صريحة

{الْحَجُّ أَشْهُرٌ مَّعْلُومَاتٌ} ؟

يقولون: ليس المراد الأشهر الثلاثة بأكملِها إنما المراد أكثرُها

 أما استدلالهم بالحديث: فلا دلالة فيه، لأنه فرقٌ بين القول بأنه الحج الأكبر وبين القول الحج المُنقضي؛

 وإنما حاز على هذا الفضل – أعني يوم النحر – لأن معظم أعمال الحج تكون فيه فأصبح هو اليومَ الأكبر في الحج، ولا يعني أن الحج انتهى فهذا نظيرُ من وقف يعرفه فإنه تمَّ حَجُّه مع أن هناك أعمالا قد بقيت له.

 

ومن ثَم فإن الثمرةَ موجودة في هذا الخلاف بل ثمار:

لو قال شخص مثلاً: والله لا أدخل بيتَك في أشهر الحج، فلما جاء اليوم العشرون دخل البيت، هل يحنَث أو لا يحنَث؟

الجواب: على القولين.

إن قلنا إن أشهر الحج تنتهي باليوم العاشر: فلا يحنَث.

وإن قلنا إنها تنتهي بانسلاخ شهر ذي الحجة: فإنه يحنَث.

 

وسُمي شوال بهذا الاسم لأنه: من شالت الإبل بأذنابها إذا استعدت للضراط، فهي ترفع أذنابَها في هذا الشهر.

وسُمِّي بذي القعدة لأن: الناس يقعدون فيه عن القتال أو عن الترحال كما قيل.

وسُمي بذي الحجة لأن: الحجَّ يقع فيه.

ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

لو قال قائل: هل هناك فرق بين المواقيت الزمانية والمكانية في الحكم؟

الجواب/ نقول: إنهما يتفقان في: أنَّ المُحرِمَ من الميقات المكاني، والمحرم في الميقات الزماني موافقٌ للشرع.

ويفترقان في: أن الإحرامَ قبل الميقات المكاني سبق الحديثُ عنه.

 أما المحرم قبل الميقات الزماني فله حكمٌ آخر:

فلو أحرم مثلاً بالحج في شهر رمضان أو في شعبان أوفي  رجب فماذا يقال عن هذا الإحرام؟

قال بعض العلماء: لا ينعقد إحرامه، لأنه لم يُوقع العبادةَ في وقتها كما لو صلى قبل دخول الوقت.

سؤال/ وهل له أن يجعلها عمرة؟

الجواب/ على هذا القول لا يجعلُها عمرة لأنه لا ينعقد هذا الإحرام لأنه أصلاً ليس بمُحرم.

 

القول الثاني: انه ينعقد إحرامُه ويكون إحرامُه إحرام حج مع الكراهَة، ويستدلون على ذلك بقوله تعالى: {يَسْأَلُونَكَ عَنِ الأهِلَّةِ قُلْ هِيَ مَوَاقِيتُ لِلنَّاسِ وَالْحَجِّ } البقرة189، فدلَّ على أن جميعَ الأشهر مواقيت للحج.

والقول الثالث: أنه ينعقد إحرامُه بعمرة لا بحج، ودليلهم الآية:

 {الْحَجُّ أَشْهُرٌ مَّعْلُومَاتٌ} ثم قال: {فَمَن فَرَضَ فِيهِنَّ الْحَجَّ فَلاَ رَفَثَ وَلاَ فُسُوقَ وَلاَ جِدَالَ فِي الْحَجِّ } البقرة197  فالصلاةُ لو صلى قبل الوقت انعقدت على أنها نفل لا على أنها فرض؛ وهذا هو الأقرب  وهو أقرب من قول من يقول إنه لا ينعقد؛ وهو الراجح عند قَولِ مَن يقول ينعقد إحرامُه حجاً مع الكراهة.

 

وأما الآيةُ وهي قوله تعالى: {يَسْأَلُونَكَ عَنِ الأهِلَّةِ قُلْ هِيَ مَوَاقِيتُ لِلنَّاسِ وَالْحَجِّ } البقرة189، يقول الشَنقيطي رحمة الله عليه: ” ما كنت أعتقد أن أحداً من الأئمة يستدلُ بها على هذه المسألة لأنه لا دَلالةَ فيها البتة ” انتهى كلامُه.

 

 ولو قلنا باستدلالهم بالآية: فعلى قولهم فإنَّ شهر رمضان قد يثبُتُ دخولُه بالهلال لو قلنا بهذا قلنا يجوز أن يصامَ رمضان قبل دخول رمضان.

 

ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

 

مسألة: قلنا إن الراجحَ أن إحرامَه ينعقد ولكن بعمرة

 وهناك حديث وهو الفيصل في هذه المسألة قال ﷺ:

 ( لا ينبغي إن يُحرَمَ بالحج إلا في أشهُرِه)  قال ابنُ كثير رحمه الله: إسنادُه لابأسَ به. ولْتَعلَم أن القاعدةَ كما قال ابنُ القيم يرحمه الله:

 [ أن كلمة لا ينبغي في كلام الله وفي كلام رسول الله ﷺ ممتنِع بها الوقوع عقلاً وشرعاً، كقوله تعالى: { وَمَا يَنبَغِي لِلرَّحْمَنِ أَن يَتَّخِذَ وَلَداً } مريم92

 

هذا ما يتعلق بالميقات الزماني للحج

وأما الميقات الزماني للعمرة: فمعروفٌ أن كلَّ أيام السنة أيام عمرة.

 

ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ