بسم الله الرحمن الرحيم
فقه الحج ـ الدرس ( 13 )
الشرح الموسع لمسائل الحج [محظورات الإحرام]
الجزء الأول: (لبس المَخيط)
فضيلة الشيخ/ زيد بن مسفر البحري
الحمد لله رب العالمين، والصلاة والسلام على نبينا محمد وعلى آله وأصحابه وسلم تسليما كثيرا إلى يومِ الدين.
محظورات الإحرام تسعة:
1. لبس المخيط | 4. الطيب | 7. عقد النكاح |
2. قتل الصيد | 5. الجماع | 8. تقليم الأظافر |
3. تغطيةُ الرأس | 6. المُباشَرة | 9. حلق الشعر |
المحظور الأول: لبس المخيط
ينبغي أن يُعبرَ بغيرِ هذا التعبير، لأنَّ هذه الكلمةَ قالها بعضُ الفقهاء فاشتهرت، فَلَبَّسَتْ على بعضِ الناس فظنوا أنَّ لبس المَخيط هو ما كان فيه خيوط، ولذا لم تأت هذه الكلمة على لسان الشارع، وإنما الوارِد كما جاء في الصحيحين:
” أن رجلاً قال يا رسولَ الله ما يَلْبَسُ الْمُحْرِمُ مِنَ الثِّيَابِ؟ “ فأجابه عليه الصلاةُ والسلام بجواب أسلوب الحكيم، وأسلوب الحكيم من بلاغةِ المُتَحَدِّث، بحيث يصرِف بجوابِه السائلَ عن سؤاله إلى سؤالٍ ينبغي أن يُسأل/
فعن ماذا سأله؟ عن الأشياءِ التي يجوزُ للمُحرِم أن يلبَسَها،
والأشياءُ التي يجوزُ للمُحرِم أن يلبَسَها كثيرة، أما التي لا يلبَسُها وهي ممنوعةٌ عليه قليلة.
قال السائل: ما يلبَسُ المُحرِم يا رسول الله؟ فَعَدَلَ عن هذا السؤال بإجابةٍ أخرى فقال:
” لَا تَلْبَسُوا الْقُمُصَ، وَلَا الْعَمَائِمَ، وَلَا السَّرَاوِيلَاتِ، وَلَا الْبَرَانِسَ، وَلَا الخفاف”
فهذا هو الوارد على لسان النبي ﷺ، ولذا قال شيخُ الإسلام رحمه الله:
يُقاسُ عليها ما كان مثلَها.
فيكونُ التعبيرُ الصحيح:
” لُبْسُ ما خِيطَ على قِياسِ عُضوٍ، مثلُ: الْعَمَائِم والسراويل.
أو: ما خِيطِ على قِياسِ البدن، مثلُ: القميص والبرانس “.
ثم يُشترطُ مع هذا الضابط: أن يلبسَهُ على الوجهِ المُعتاد
فلو أنه أخذ قميصاً ولَفَّهُ على أسفَلِهِ كإزار، وأخَذَ قميصا آخر والتحَفَ به كرِداء:
فإنه ليس بمرتكب محظوراً.
ومن المسائل المتعلقة بهذا المحظور:
أن النبي ﷺ نهى وهو في المدينة أن يلبَسَ المُحرِمُ الخُفَّين من حديثِ ابنِ عمر رضي الله عنهما، وأجاز ﷺ بعد خروجِهِ لُبس الخُفَّين إذا لم يجِد النَّعلَين.
ومِن ثَمَّ اختلفَ العلماء/
فمن أخذ بحديث ابن عمر رضي الله عنهما: حَرَّمَ الخُفَّينِ مُطلقاً إلَّا إذا قَطَعَهُما لقوله ﷺ في حديث ابنِ عمر رضي الله عنهما:
(فإنْ لَمْ يَجِدِ النَّعْلَيْنِ فَلْيَلْبَسِ الخُفَّيْنِ، ولْيَقْطَعْهُما أسفلَ مِنَ الكعبين)
وبعضُ العلماء أخذ بحديث ابن عباس رضي الله عنهما: فأجازَ لبس الخُفين من غيرِ قَطعٍ إذا انعدمت النَّعلان. وهو الصحيح، لأنَّ حديثَ ابن عباس رضي الله عنهما مُتأخر، والمُتأخر ينسَخُ المُتقدم.
لو قال قائل/ لو أنَّ النَّعلَين موجودتان فهل له أن يلبَسَ خُفَّينِ دونَ الكَعبَين؟
توضيح المسألة: (ما هو المحظور؟ لُبس الخُفين مع وجود النَّعلَين.
هنا: وُجِدَ النَّعلان، فهل أن يلبَسَ الخُفين المقطوعَين تحت الكَعبَين؟
فالجواب/ فيه خلاف بين العلماء:
فبعض العلماء: يرى أنه لا يجوز، لأن النبي ﷺ اشترط في جوازِ لُبس الخفين عدمَ وجود النعلين وهما موجودتان، ومِن ثَمَّ فعليه الفِديَة.
وبعض العلماء: يرى أنه يجوز ولا فِديَةَ في هذا، ويستدلون بأنَّ النبيَّ ﷺ أمرَ بقطعِهِما، فلو كان فيهما فدية لم يأمر ﷺ بقطعهما. وهذا هو الصحيح.
لو قال قائل/ لو وُجَدَ النعلين ولم يتمكن من لُبسِهِما إما لضيقِهِما أو نحوِ ذلك، فهل له أن يلبسَ الخفين ولا فديةَ عليه؟ أو يلبس وعليه الفدية؟
الجواب/ هناك قولان:
فبعض العلماء يقول: عليه الفدية، وذلك لأنه واجد فالنَّعلان بين يديه، والنبي ﷺ اشترط عدمَ وجودِهِما.
وبعض العلماء يقول: ليس عليه شيء، لأن وجودَهما في هذه الصورة كعدمِهِما. وهذا هو الصحيح.
وإنما قولُه ﷺ لمن لم يجد النعلين مبنيٌّ على الغالب، والنَّصُّ إذا جاء في سياقِ الغالب لا مفهومَ له.
ثُمَّ إنَّ النص هل جاء في مورد التخفيف والتيسير أو في مورد التشديد؟
بل جاء في مورد التيسير، فما الفرقُ بين هذه الصورة وتلك!
ولا يُظَن بأن النبي ﷺ يُخرِجُ وَاجِدَها مع عدم تمكُّنِهِ من لُبسِها من هذا الحكم، والقاعدةُ: [ أنَّ الشريعةَ لا تُفَرِّقُ بين مُتماثلَين ] وهذه مثلُ تلك.
ومن المسائل المتعلقة بهذا المحظور:
هل له أن يلبسَ أيَّ نَعل، فالنعال أشكال وألوان؟
الجواب/ نعم يُباحُ له، لأنَّ إباحةَ النَّعلَين وردت مطلقة، ولا يجب قَطعُ شيءٍ منها.
ومن المسائل المتعلقة بهذا المحظور
أنه يجوز أن يلبَسَ حِزاماً، وساعةً، ونعلاً مخروزةً بخيوط، ونظارةً،
وله أن يلبَسَ إزاراً مَخِيطاً أعلاه بشرط:
أن يبقى اسمُ الإزارِ عليه، لأن النبي ﷺ أطلق الإزار، فمتى ما سُمِّيَ إزاراً فيجوزُ لُبسُهُ.
أما ما يوجد الآن من خياطتِهِ خياطةً كاملة فإنه في الحقيقة وإن أفتى بجوازِهِ فقيهُ هذا العصر ابنُ عثيمين رحمه الله فإنه في الحقيقة لا يُوصَف بأنه إزار، وإنما يُقال هذه تنورة
ولعلَّ الشيخ لم يُرِد ما صُنِعَ الآن، فلعلَّ الشيخ يُريد إزاراً مَخِيطاً بخياطةٍ مُعتدلة،
أما الموجود الآن: تنورة مائة في المائة
لكن لو أنه خِيطَ أعلاه وبقيت جوانبه مفتوحة فهذا يصدق عليه أن يقال عنه إزار.
ومن المسائل المتعلقةِ بلبس المَخيط
مسألة/ يجوز لبس السراويل إذا لم يجد الإزار:
لأن النبي ﷺ قال في حقِّ من لم يجد الإزار أن يلبَسَ السراويل:
” مَن لَمْ يَجِدْ إزَارًا فَلْيَلْبَسْ سَرَاوِيلَ “
والصحيح أن له لُبس السراويل إذا عَدِمَ الإزار من غيرِ فتقٍ ولا شَقّ، خلافاً لمن قال بهذا لعدَمِ الدليل.
مسألة: (هذه المسألة غير موجودة في الصوت)
أن المرأة يجوز لها أن تلبس الخفين، لأن المُحَرَّمَ عليها كما سيأتي/
(النقاب والقفازان) ولها أن تلبس ما شاءت من الألبسة على قياس عضو أو بدن، ماعدا (النقاب والقفاز) لقوله ﷺ كما في صحيح البخاري:
(ولا تنتقبُ المرأةُ المحرمةُ ولا تلبسُ القفَّازينِ)