تعليقات على سنن أبي داود ـ الدرس الخامس والثمانون
28 – باب كَيْفَ الأَذَانُ .
وشرح حديث ( 503 )
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
فضيلة الشيخ: زيد بن مسفر البحري
ــــــــــــــــــــــــــــــ
503 – حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ بَشَّارٍ حَدَّثَنَا أَبُو عَاصِمٍ حَدَّثَنَا ابْنُ جُرَيْجٍ أَخْبَرَنِى ابْنُ عَبْدِ الْمَلِكِ بْنِ أَبِى مَحْذُورَةَ – يَعْنِى عَبْدَ الْعَزِيزِ – عَنِ ابْنِ مُحَيْرِيزٍ عَنْ أَبِى مَحْذُورَةَ قَالَ أَلْقَى عَلَىَّ رَسُولُ اللَّهِ -صلى الله عليه وسلم- التَّأْذِينَ هُوَ بِنَفْسِهِ فَقَالَ « قُلِ اللَّهُ أَكْبَرُ اللَّهُ أَكْبَرُ اللَّهُ أَكْبَرُ اللَّهُ أَكْبَرُ أَشْهَدُ أَنْ لاَ إِلَهَ إِلاَّ اللَّهُ أَشْهَدُ أَنْ لاَ إِلَهَ إِلاَّ اللَّهُ أَشْهَدُ أَنَّ مُحَمَّدًا رَسُولُ اللَّهِ أَشْهَدُ أَنَّ مُحَمَّدًا رَسُولُ اللَّهِ – مَرَّتَيْنِ مَرَّتَيْنِ – قَالَ ثُمَّ ارْجِعْ فَمُدَّ مِنْ صَوْتِكَ أَشْهَدُ أَنْ لاَ إِلَهَ إِلاَّ اللَّهُ أَشْهَدُ أَنْ لاَ إِلَهَ إِلاَّ اللَّهُ أَشْهَدُ أَنَّ مُحَمَّدًا رَسُولُ اللَّهِ أَشْهَدُ أَنَّ مُحَمَّدًا رَسُولُ اللَّهِ حَىَّ عَلَى الصَّلاَةِ حَىَّ عَلَى الصَّلاَةِ حَىَّ عَلَى الْفَلاَحِ حَىَّ عَلَى الْفَلاَحِ اللَّهُ أَكْبَرُ اللَّهُ أَكْبَرُ لاَ إِلَهَ إِلاَّ اللَّهُ ».
صحيح
ــــــــــــــــــــــــــ
من فوائد هذا الحديث :
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
بيان فضية علو الإسناد فإن أبا محذورة قال : ” ألقى علي النبي عليه الصلاة والسلام التأذين بنفسه” مما يدل على أنه ليس هناك واسطة ما يدل على علو الإسناد
وعلو الإسناد : يختلف عن نزول الإسناد فإن الإسناد العالي يختلف عن الإسناد النازل
الإسناد العالي : أن يقل عدد الرواة إذا قل عدد الرواة في السند كان هذا أبعد للحديث من الضعف
بينما لو كان الإسناد نازلا فإن الرواة يكثرون ، وهؤلاء الرواة لما يكثرون فإن هذا الحديث عرضة لأن يكون فيه انقطاع أو ضعف أو مدلس أو ما شابه ذلك من علل الحديث
ولذلك لفظة ” سمعت “ كما مر معنا في حديث أبي سعيد الخدري في بلوغ المرام قال : ” سمعت رسول الله عليه الصلاة والسلام “
يختلف عن قول قال رسول الله عليه الصلاة والسلام أو فعل رسول الله عليه الصلاة والسلام
لأنه يمكن أن يكون الصحابي أخذ الحديث عن صحابي آخر ، ويكون هذا الحديث الذي أخذه هذا الصحابي عن صحابي آخر ولم يسمعه هو من النبي عليه الصلاة والسلام يكون مرسل صحابي ومراسيل الصحابة ثابتة وصحيحة لم ؟
لأنهم عدول ولا يمكن أن ينقل عن النبي عليه الصلاة والسلام إلا ما سمعه منه
لكن لو أن التابعي أرسل حديثا كأن يقول الحسن البصري قال رسول الله عليه الصلاة والسلام أو قال سعيد بن جبير قال رسول الله عليه الصلاة والسلام
هذا مرسل
ومراسيل التابعين نوعان :
التابعون الصغار: لا تقبل مراسيلهم
وأما التابعون الكبار : كسعيد بن المسيب وابن جبير ونحوهما فخلاف بين أهل العلم :
فبعضهم قال لكبر منزلته من حيث رتبة التابعين فإنه في مثل هذه الحال يبعد أن ينسب شيئا إلى النبي عليه الصلاة والسلام لم يقله وبالتالي يقبل
والصواب :
حفاظا على سنة النبي عليه الصلاة والسلام فإنه لا يقبل أي مرسل من مراسيل التابعين لا الصغير ولا الكبير
ولذلك وجد من التابعين من هو مدلس ، وبالتالي فإنه لا يقبل ، صحيح أنه لو جاء أحاديث فيها ضعف وهناك مراسيل مرسل من هو من كبار التابعين ليس كمرسل من هو من صغار التابعين في تقوية ذلك الحديث الضعيف
ولذلك سيأتي معنا في بلوغ المرام ما يخص النهي عن الصلاة قبل الزوال يوم الجمعة
سيأتي إن شاء الله ترجيح في ذلك
فالشاهد من هذا :
أن علو السند ليس كنزوله
ولذلك ابن عباس كان صغيرا فتحمل أحاديث كثيرة لكن هل تحلها من النبي عليه الصلاة والسلام مباشرة ، لا
ولذلك يقول ابن القيم كما في تهذيب سنن أبي داود قال : يعني يقرب من عشرين أو ما يقرب منها أنه سمع من النبي عليه الصلاة والسلام أما بقية الأحاديث فسمعها من غيره
ولذلك قول ابن عباس كما في الصحيحين : تزوج النبي عليه الصلاة والسلام ميمونة وهو محرم في الصحيحين قال وهو محرم
فكيف يجوز أن يتجوز وهو محرم ؟
الصواب :
أن ما قاله قد وهم فيه لأنه كما أسلفنا لم يتحمل من النبي عليه الصلاة والسلام كثيرا من الأحاديث ولكن مراسيل الصحابة مقبولة
ولذلك في حديث أبي هريرة في الصحيحين قال : (( قام النبي عليه الصلاة والسلام على الصفا فنادى في قريش قال : لو أني مخبركم أن خلف هذا الجبل خيلا أكنتم مصدقي ؟ قالوا : نعم ، قال : فإني نذير لكم بين يدي عذاب شديد فقال أبو لهب : تبا لك ألهذا جمعتنا فانزل الله سورة المسد ))
أبو هريرة يقول قام النبي عليه الصلاة والسلام على الصفا متى ؟ في مكة
ومتى أسلم أبو هريرة ؟ عام خيبر في السنة السابعة من الهجرة يعني مدة طويلة ومع ذلك قبل هذا الحديث لأنه تلقاه من غيره هذا مرسل صحابي
فعلو الإسناد أراد أن يوضحه أبو محذورة حتى لا يظن ظان أن هناك خللا في تلقيه للأذان
أذانه ثبت لم ؟
لأنه تلقاه من النبي عليه الصلاة والسلام
ومن الفوائد :
ــــــــــــــــــــــــــــ
أنه قال : (( أَلْقَى عَلَىَّ رَسُولُ اللَّهِ – صلى الله عليه وسلم- التَّأْذِينَ هُوَ بِنَفْسِهِ )) يعني هو أذن عليه الصلاة والسلام ؟
هو أذن من حيث التعليم يعني ألقى عيله جمل الأذان تعليما لكن هل قام فأذن كما يؤذن بلال أو كما يؤذن أبو محذورة أو كما يؤذن ابن أم مكتوم ؟
مر معنا أن بعض العلماء قال نعم لما جاء عند الترمذي أن النبي عليه الصلاة والسلام أذن في سفر
لكن مع أن هذا الحديث ضعيف إلا أنه أتى في مسند الإمام أحمد أن النبي عليه الصلاة والسلام أمر بلالا أن يؤذن
فقوله ” أذن ” يعني أمر غيره بالأذان
كما تقول : ضرب الأمير السجين أقام الأمير بنفسه وضرب ؟ أم أنه أمر ؟
أمر غيره
ولذلك :
يلغز بلغز : عبادة أمر بها النبي عليه الصلاة والسلام ولم يفعلها ؟
ما هي ؟
الأذان
يقول السيوطي كما في قوت المغتذي على جامع الترمذي يقول : ” بعضهم أخطأ فقال لغز بهذا اللغز يقول هذا اللغز ليس بصحيح لأن النبي عليه الصلاة والسلام أذن ” لكنه غفل عن تلك الرواية التي في المسند
ومن الفوائد :
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
أن النبي عليه الصلاة والسلام : (( قَالَ ثُمَّ ارْجِعْ فَمُدَّ مِنْ صَوْتِكَ )) هذا فيه رد على من قال : إن الترجيع ليس ثابتا وهو ترجيع الشهادتين
لم ؟
قالوا : لأن النبي عليه الصلاة والسلام إنما رجع بالشهادة وكررها سرا ثم جهرا من باب توثيق هاتين الشهادتين في قلب أبي محذورة لأنه في التو أسلم
ولكي ينقل هذه الشهادة إلى ممن لم يسلم حتى يتأثر وليس المقصود أنه يرجع بها في الأذان
لكن قوله يقول هنا : (قَالَ ثُمَّ ارْجِعْ فَمُدَّ مِنْ صَوْتِكَ) يدل على أن المقصود أن الترجيع ثابت ومتحقق ومتعين في الأذان ولا عبرة لمن قال بعدم الترجيع في الشهادتين لأنه أمره أن يعود وأن يمد بها صوته