تعليقات على سنن أبي داود ـ الدرس الرابع والستون
حديث 474
( 2 )
فضيلة الشيخ : زيد بن مسفر البحري
بسم الله الرحمن الرحيم
الحمد لله رب العالمين والصلاة والسلام على نبينا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين :
باب في كراهية ” البُزاق في المسجد )
حديث رقم – 474-
( صحيح ) حدثنا مسلم بن إبراهيم ثنا هشام وشعبة وأبان عن قتادة عن أنس بن مالك أن النبي صلى الله عليه وسلم قال :
( التفل في المسجد خطيئة وكفارته أن تواريه )
حديث رقم – 475-
( صحيح ) حدثنا مسدد ثنا أبو عوانة عن قتادة عن أنس بن مالك قال قال رسول الله صلى الله عليه وسلم :
( البزاق في المسجد خطيئة وكفارتها دفنها )
حديث – رقم – 476-
( صحيح ) حدثنا أبو كامل ثنا يزيد يعني بن زريع عن سعيد عن قتادة عن أنس بن مالك قال قال رسول الله صلى الله عليه وسلم :
( النخاعة في المسجد )
فذكر مثله
حديث رقم – 477-
( حسن صحيح ) حدثنا القعنبي ثنا أبو مودود عن عبد الرحمن بن أبي حدرد الأسلمي سمعت أبا هريرة يقول قال رسول الله صلى الله عليه وسلم :
( من دخل هذا المسجد فبزق فيه أو تنخم فليحفر فليدفنه فإن لم يفعل فليبزق في ثوبه ثم ليخرج به )
حديث رقم – 478-
( صحيح ) حدثنا هناد بن السري عن أبي الأحوص عن منصور عن ربعي عن طارق بن عبد الله المحاربي قال قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : إذا قام الرجل إلى الصلاة أو إذا صلى أحدكم فلا يبزق أمامه ولا عن يمينه ولكن عن تلقاء يساره إن كان فارغا أو تحت قدمه اليسرى ثم ليقل به )
حديث رقم – 479-
( صحيح ) حدثنا سليمان بن داود ثنا حماد ثنا أيوب عن نافع عن بن عمر قال : بينما رسول الله صلى الله عليه وسلم يخطب يوما إذ رأى نخامة في قبلة المسجد فتغيظ على الناس ثم حكها قال وأحسبه قال فدعا بزعفران فلطخه به ، وقال : إن الله قبل وجه أحدكم إذا صلى فلا يبزق بين يديه “
قال أبو داود : رواه إسماعيل وعبد الوارث عن أيوب عن نافع ومالك وعبيد الله وموسى بن عقبة عن نافع نحو حماد إلا أنه لم يذكروا الزعفران ورواه معمر عن أيوب وأثبت الزعفران فيه وذكر يحيى بن سليم عن عبيد الله عن نافع الخلوق .
حديث رقم – 480-
( حسن صحيح ) حدثنا يحيى بن حبيب بن عربي ثنا خالد يعني بن الحرث عن محمد بن عجلان عن عياض بن عبد الله عن أبي سعيد الخدري :
( أن النبي صلى الله عليه وسلم كان يحب العراجين ولا يزال في يده منها فدخل المسجد فرأى نخامة في قبلة المسجد فحكها ثم أقبل على الناس مغضبا فقال أيسر أحدكم أن يبصق في وجهه إن أحدكم إذا استقبل القبلة فإنما يستقبل ربه جل وعز والملك عن يمينه فلا يتفل عن يمينه ولا في قبلته وليبصق عن يساره أو تحت قدمه فإن عجل به أمر فليقل هكذا ووصف لنا بن عجلان ذلك أن يتفل في ثوبه ثم يرد بعضه على بعض )
حديث رقم – 481-
(حسن ) حدثنا أحمد بن صالح ثنا عبد الله بن وهب أخبرني عمرو عن بكر بن سوادة الجذامي عن صالح بن خيوان عن أبي سهلة السائب بن خلاد قال أحمد من أصحاب النبي صلى الله عليه وسلم :
( أن رجلا أم قوما فبصق في القبلة ورسول الله صلى الله عليه وسلم ينظر فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم حين فرغ لا يصلي لكم فأراد بعد ذلك أن يصلي لهم فمنعوه وأخبروه بقول رسول الله صلى الله عليه وسلم فذكر ذلك لرسول الله صلى الله عليه وسلم فقال نعم وحسبت أنه قال إنك آذيت الله ورسوله )
حديث رقم – 482-
( صحيح ) رقم حدثنا موسى بن إسماعيل ثنا حماد أخبرنا سعيد الجريري عن أبي العلاء عن مطرف عن أبيه قال : أتيت رسول الله صلى الله عليه وسلم وهو يصلي فبزق تحت قدمه اليسرى )
حديث رقم – 483-
( صحيح ) حدثنا مسدد ثنا يزيد بن زريع عن سعيد الجريري عن أبي العلاء عن أبيه : بمعناه زاد ثم دلكه بنعله
حديث رقم – 484-
( ضعيف ) حدثنا قتيبة بن سعيد ثنا الفرج بن فضالة عن أبي سعيد قال : رأيت واثلة بن الأسقع في مسجد دمشق بصق على البوري ثم مسحه برجله فقيل له لم فعلت هذا قال لأني رأيت رسول الله صلى الله عليه وسلم يفعله .
( ومن الفوائد )
” أن على المسلم أن يظهر أمام الآخرين بصورة حسنة “
فإن النبي صلى الله عليه وسلم لما أوضح ما يكون في البزاق في الثوب ” دلك بعضه على بعض ” حتى لا يظهر شيء بارز منه ، ليكون بالمظهر الحسن اللائق ، وينبغي للمسلم أن يكون كذلك .
( ومن الفوائد )
” أن البزاق ومن باب أولى النخامة في قبلة المسجد محرم وكذلك من جهة اليمين ، وكذلك من جهة اليسار إذا كان بجانبه شخص سيؤذيه بهذه النخامة ” أما إذا كان فراغا فإنه يجوز .
هل يجوز في المسجد أم لا ؟
مرت معنا هذه المسألة .
( ومن الفوائد )
أن ذكر العلة فيها طمأنة للقلب “
قال صلى الله عليه وسلم لما نهى عن البزاق والنخامة في القبلة ، لم ؟
( لأن الله قِبل وجه المصلى )
والنهي عن البصاق من جهة اليمين من أجل ” وجود الملك “
من هو هذا الملك ؟
كاتب الحسنات ، إذاً هنا إشكال : فإن عن يساره ملكاً ؟
الجواب /
ما جاء عند الطبراني : أن النبي صلى الله عليه وسلم قال :
( فإن عن يساره القرين )
فيكون كاتب السيئات بعيدا حينها ، وربما أنه يكون مع كاتب اليمين من جهة اليمين ، لم ؟
لأن الصلاة عبادة ، ولا دخل للسيئات بها .
وليس هناك دليل واضح ، لكن الدليل الذي معنا أن ” كاتب السيئات لا يكون حينها من جهة اليسار “
( ومن الفوائد )
أن هذه الأحاديث أتت روايات بالإطلاق دون تقييد بالصلاة ، وفي كثير منها التقييد بالصلاة ، وبالتالي لو أن الإنسان ليس في صلاة ، وكان خارج المسجد ، فهل له أن يبزق عن يمينه ؟
ظاهر تبويب البخاري رحمه الله : ” أن هذا مخصوص بالصلاة “
فظاهر الأحاديث أنها مخصوصة بالصلاة ، فما دام أنه في صلاة سواء داخل المسجد أو خارج المسجد فما دام في صلاة فالحكم هو هو .
لكن أتى أثر عن ابن مسعود رضي الله عنه :
( أنه نهى أن يبصق المسلم خارج الصلاة عن يمينه )
فرأي ابن مسعود رضي الله عنه العموم .
و كذا ما ورد عن معاذ رضي الله عنه قال :
( ما بصقت عن يميني من حين ما أسلمت )
وكان عمر بن عبد العزيز رحمه الله ” ينهى ابنه نهيا مطلقا أن يبصق من جهة اليمين لا في الصلاة ولا خارج الصلاة )
ومن ثم فإن الأحوط في حق المسلم إذا أراد أن يبصق خارج الصلاة ألا يبصق من جهة اليمين .
( ومن الفوائد )
” أن في ظاهره دليلا للجهمية الذي يقولون إن الله حلَّ في كل مكان .
ولتعلموا أن الجهمية نوعان :
العبَّاد : الذين يرون أنهم يعبدون الله ، يرون أن الله حلَّ في كل مكان – تعالى الله عما يقولون علوا كبيرا .
ونظراؤهم : ممن ليسوا بعبَّاد يرون ما هو أعظم ، يرون أن الله عز وجل اتحد في كل شيء ، فكل ما تراه هو الله – تعالى الله عن ذلك علوا كبيرا .
وقد قال شيخ الإسلام رحمه الله : إن الجهمية نوعان ” عبَّاد وهم الحلولية ، ونظراء وهم الاتحادية “
ما دليلكم ؟
قالوا ( إن الله قِبل وجه المصلي )
ولذا قال بعض المحدثين : ( إن الله قِبل وجه المصلي ) المراد ” القبلة ” وليس المقصود هو الله ، وأضيفت إلى الله إضافة تشريف .
وقال بعضهم : المقصود هو ثواب الله ، يعني أن ثواب الله أمامك .
وكل هذه التأويلات لا تصح على طريقة أهل السنة والجماعة .
إذاً ما الجواب ؟
الجواب / كما قال شيخ الإسلام رحمه الله وغيره” أنه لا يمنع أن يكون الله جل وعلا قِبل وجه المصلي وهو في العلو “
كيف ؟ قال المخلوق يكون في العلو وهو قِبل وجه الإنسان ، فالشمس في العلو وأنت تنظر إليها ، فهي قِبلك ومع ذلك هي في العلو ، فإذا جاز في حق المخلوق ، أفلا يجوز في حق الخالق عز وجل من باب أولى ؟ بلى .
( ومن الفوائد )
” أن التفضيل والتشريف يكون عن طريق الشرع لا عن طريق البشر “
أيهما أفضل الجهة اليمنى أم الجهة اليسرى ؟
الجهة اليمنى ، لأن النبي صلى الله عليه وسلم نهى أن يبزق من جهة اليمين وأجاز أن يبزق من جهة اليسار .
أيهما أفضل اليد أم الرِّجل ؟
اليد ، لأن النبي صلى الله عليه وسلم ” أمر أن يدلك بالرِّجل على هذا البزاق “
( ومن الفوائد )
” أن القول يطلق في اللغة على الفعل “
لأنه قال : ( ثم ليقل به )
والمراد فليفعل به .