تعليقات على سنن ابن ماجه ( 13 ) من حديث ( 267-280 )

تعليقات على سنن ابن ماجه ( 13 ) من حديث ( 267-280 )

مشاهدات: 487

تعليقات على سنن (  ابن ماجه  )

 ( الدرس الثالث عشر  )

267-280

فضيلة الشيخ زيد بن مسفر البحري

بسم الله الرحمن الرحيم

الحمد لله رب العالمين والصلاة والسلام على نبينا محمد وعلى آله وأصحابه وسلم تسليما كثيرا إلى يوم الدين .

أما بعد :

فقد قال المصنف رحمه الله :

كتاب الطهارة وسننها

باب ما جاء في مقدار الماء للوضوء والغسل من الجنابة

حديث رقم – 267-

( صحيح ) حدثنا أبو بكر بن أبي شيبة حدثنا إسمعيل بن إبراهيم عن أبي ريحانة عن سفينة قال كان رسول الله صلى الله عليه وسلم يتوضأ بالمد ويغتسل بالصاع )

حديث رقم – 268-

( صحيح ) حدثنا أبو بكر بن أبي شيبة حدثنا يزيد بن هارون عن همام عن قتادة عن صفية بنت شيبة عن عائشة قالت كان رسول الله صلى الله عليه وسلم يتوضأ بالمد ويغتسل بالصاع )

حديث رقم – 269-

( صحيح ) حدثنا هشام بن عمار حدثنا الربيع بن بدر حدثنا أبو الزبير عن جابر أن رسول الله صلى الله عليه وسلم كان يتوضأ بالمد ويغتسل بالصاع )

من الفوائد :

أن الإجزاء المذكور هنا في هذا الحديث معناه الاكتفاء ، فيكفي في الوضوء المدّ ويكفي في الغسل الصاع ، وليس معناه أن ما دون ذلك ليس مجزئا – كلا – فالصواب أنه لا تحديد في مقدار الماء الذي يتوضأ به أو يغتسل به ، لأن الأحاديث جاءت متنوعة في ذلك ، فجاء في الوضوء ما هو أقل من المد ، وجاء في الغسل ما هو أكثر من ذلك ، ولذلك قد يختلف مقدار الماء باختلاف جسم الإنسان ، فباعتبار أن الرسول صلى الله عليه وسلم متوسط الخلقة يمكن أن يكون المد كافيا له في الوضوء والصاع كافيا له في الغسل ، بخلاف من هو قصير أو من هو طويل بدين ، فهذا يختلف، المهم أن الواجب هو أن يسبغ العضو المراد غسله في الوضوء أو في الغسل مع عدم الإسراف .

حديث رقم – 270-

( صحيح ) حدثنا محمد بن المؤمل بن الصباح وعباد بن الوليد قالا حدثنا بكر بن يحيى ابن زبان حدثنا حبان بن علي عن يزيد بن أبي زياد عن عبد الله بن محمد بن عقيل بن أبي طالب عن أبيه عن جده قال قال رسول الله صلى الله عليه وسلم يجزئ من الوضوء مد ومن الغسل صاع فقال رجل لا يجزئنا فقال قد كان يجزئ من هو خير منك وأكثر شعرا يعني النبي صلى الله عليه وسلم )

من الفوائد :

أن هذا المقدار كان كافيا لبدن رسول الله صلى الله عليه وسلم مع أنه أتقى عباد الله ، وأكثر الصحابة شعرا ، ومع ذلك قد يتوهم إنسان أن هذا لا يكفي ، وهذا مدخل من مداخل الشيطان ، فعل هذا الحديث يعالج بعض الموسوسين الذين يبالغون في أمر الوضوء وفي أمر الغسل ، فيقال كان النبي صلى الله عليه وسلم أكثر شعرا وكان أتقى لله عز وجل ومع ذلك كان يكفيه هذا المقدار من الماء .

ومن الفوائد :

الرد على من خالف سنة رسول الله صلى الله عليه وسلم ظاهرا ولو لم يقصد المخالفة ، لأنه أراد أن يستبين من هذا الأمر من أنه لا يكفيه ، فرُد عليه بالجواب المناسب حتى ولو كان في باطن أمره غير معترض ، المهم من اعترض على سنة النبي صلى الله عليه وسلم يؤنب ويوجه إليه اللوم ولو لم يقصد المعارضة ، وهناك أحاديث أخرى تدل على هذا الأمر .

 

 

 

باب لا يقبل الله صلاة بغير طهور

حديث رقم – 271-

( صحيح ) حدثنا محمد بن بشار حدثنا يحيى بن سعيد ومحمد بن جعفر ح و حدثنا بكر بن خلف أبو بشر ختن المقرئ حدثنا يزيد بن زريع قالوا حدثنا شعبة عن قتادة عن أبي المليح بن أسامة عن أبيه أسامة بن عمير الهذلي قال قال رسول الله صلى الله عليه وسلم لا يقبل الله صلاة إلا بطهور ولا يقبل صدقة من غلول )

حديث رقم – 272-

( صحيح ) حدثنا علي بن محمد حدثنا وكيع حدثنا إسرائيل عن سماك ح و حدثنا محمد بن يحيى حدثنا وهب بن جرير حدثنا شعبة عن سماك بن حرب عن مصعب بن سعد عن ابن عمر قال قال رسول الله صلى الله عليه وسلم لا يقبل الله صلاة إلا بطهور ولا صدقة من غلول )

من الفوائد :

أن الأصل في عدم القبول هو عدم الصحة ، ويمكن أن يخرج عن ذلك بدليل، فلا يأتي إنسان ويقول أتت أدلة مثل ( لا يقبل الله صلاة عبد أبق حتى يرجع ) فإن صلاته صحيحة ويكون آثما ، فلا يأتي إنسان ويقول إن الصلاة صحيحة مع عدم وجود الطهور ، فالأصل في عدم القبول هو عدم الصحة ، ويمكن أن يخرج إلى معنى آخر بأدلة أخرى .

ومن الفوائد :

أن بعض العلماء ضبط كلمة ( طُهور ) بالفتح ( طَهور) فقال إن الفعل يمكن أن يقال عنه ( طُهور ) وهذا هو المشهور عند أكثر العلماء ، ويمكن أن يقال ( طَهور ) فيصح اللفظان .

ومن الفوائد :

أن الوضوء شرط من شروط صحة الصلاة .

ومن الفوائد :

أن ( صلاة ) هنا نكرة في سياق النفي فتعم أي صلاة ، فأي صلاة تخلو من الطهارة فإنها صلاة غير شرعية ، سواء كانت صلاة فرض أو نفل ، صلاة جمعة أو استسقاء أو ما شابه ذلك من الصلوات .

ومن الفوائد :

أن الغُلول معناه الخيانة والسرقة من الغنيمة ، ويقصد به على وجه العموم أخذ المال الحرام من بيت مال المسلمين ، سواء كان من غنيمة أو لم يكن، فإذا غَلّ فتصدق فإن هذه الصدقة غير مقبولة ، لأن ( الله طيب لا يقبل إلا طيبا ) كما جاء في الصحيح .

حديث رقم – 273-

( صحيح ) حدثنا سهل بن أبي سهل حدثنا أبو زهير عن محمد بن إسحق عن يزيد بن أبي حبيب عن سنان بن سعد عن أنس بن مالك قال سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول لا يقبل الله صلاة بغير طهور ولا صدقة من غلول )

من الفوائد :

أن ( غير ) يمكن أن تحل محل ( إلا ) وكذلك العكس ، فكلتاهما أداة استثناء ، ومن ثم فإن هذه الأداة حلت محل الأداة الأخرى ، فيمكن أن يقال إن رواية الحديث بالمعنى من قِبل الراوي لا بأس بها إذا كان عارفا باللغة بحيث لو أبدل كلمة بأخرى لم يتغير معنى الحديث  .

حديث رقم – 374-

( صحيح ) حدثنا محمد بن عقيل حدثنا الخليل بن زكريا حدثنا هشام بن حسان عن الحسن عن أبي بكرة قال قال رسول الله صلى الله عليه وسلم لا يقبل الله صلاة بغير طهور ولا صدقة من غلول )

إذا نوَّع العلماء في ذكر الأحاديث ا لتي تدل على معنى واحد فإن المقصود من ذلك تقوية المدلول ، فكلما كثرت الأدلة كلما كان أقوى في تثبيت الحكم وتقويته ، فلم تذكر هذه الأحاديث سردا على وجه العبث – كلا – وإنما المقصود منها تقوية الحكم وتثبيته .

 

باب مفتاح الصلاة الطهور

حديث رقم – 275-

( حسن صحيح ) حدثنا علي بن محمد حدثنا وكيع عن سفيان عن عبد الله بن محمد بن عقيل عن محمد ابن الحنفية عن أبيه قال قال رسول الله صلى الله عليه وسلم مفتاح الصلاة الطهور وتحريمها التكبير وتحليلها التسليم )

من الفوائد :

أن الطهارة شرط من شروط صحة الصلاة ، لأن الشيء لا يمكن أن يفتح بابه إلا بمفتاح ، ومفتاح الصلاة الطهور .

ومن الفوائد :

أن الطهور كما هو مفتاح للصلاة ، فكذلك تكبيرة الإحرام لا يمكن أن يدخل للصلاة إلا بها ، ولذلك قال ( وتحريمها التكبير )

ومن الفوائد :

أن التكبيرة الأولى تسمى بتكبيرة الإحرام ، لأنه إذا كبَّر حرم عليه ما كان مباحا له قبل الدخول في الصلاة .

ومن الفوائد :

أن قوله ( تحريمها التكبير ) يدل على أنه لا يجزئ غير هذا اللفظ ، خلافا للحنيفة الذين قالوا إن له أن يدخل بأي لفظ يدل على التعظيم ، وخلافا للشافعية الذين قالوا إن له أن يدخل في الصلاة بأي لفظ من ألفاظ التكبير كلفظ ( الله الكبير ) ولكن الصحيح أنه لابد من قول ( الله أكبر) لحديث في سنن أبي داود ( لا تتم صلاة أحدكم حتى يضع الوضوء مواضعه ثم يستقبل القبلة ويقول الله أكبر )

ومر معنا هذا الحديث في السنن الأخرى .

حديث رقم – 276-

( صحيح بما قبله ) حدثنا سويد بن سعيد حدثنا علي بن مسهر عن أبي سفيان طريف السعدي ح و حدثنا أبو كريب محمد بن العلاء حدثنا أبو معاوية عن أبي سفيان السعدي عن أبي نضرة عن أبي سعيد الخدري عن النبي صلى الله عليه وسلم قال مفتاح الصلاة الطهور وتحريمها التكبير وتحليلها التسليم )

باب المحافظة على الوضوء

حديث رقم – 277-

( صحيح ) حدثنا علي بن محمد حدثنا وكيع عن سفيان عن منصور عن سالم بن أبي الجعد عن ثوبان قال قال رسول الله صلى الله عليه وسلم استقيموا ولن تحصوا واعلموا أن خير أعمالكم الصلاة ولا يحافظ على الوضوء إلا مؤمن )

من الفوائد :

وجواب الاستقامة على شرع الله على قدر المستطاع {فَاتَّقُوا اللَّهَ مَا اسْتَطَعْتُمْ }التغابن16.

ومن الفوائد :

أن الإحصاء والقدرة الكاملة على الاستقامة قد تتعذر ، فلا يشاد أحد الدين ، إنما المأمور به أن تستقيم على شرع الله وان تحرص على ذلك على قدر وسعك وطاقتك ، كما في الصحيحين ( إذا أمرتكم بأمر فاتوا منه ما استطعتم )

ومن الفوائد :

أن الصلاة سبب بإذن الله تعالى لتحصيل الاستقامة ، ولذلك ذكر جملة الصلاة بعد الاستقامة ، وهذا شيء واضح في كلام الله سبحانه وتعالى {اتْلُ مَا أُوحِيَ إِلَيْكَ مِنَ الْكِتَابِ وَأَقِمِ الصَّلَاةَ إِنَّ الصَّلَاةَ تَنْهَى عَنِ الْفَحْشَاء وَالْمُنكَرِ }العنكبوت45 ، ولذلك جاءت الأحاديث الأخرى كما سيأتي معنا إن شاء الله بالأمر بالإكثار من الصلاة .

ومن الفوائد :

أن المحافظة على الوضوء علامة الإيمان ، وكيف يحافظ على الوضوء ؟ أهو على الدوام ؟ محتمل ، كما جاء في بعض الروايات عن بلال رضي الله عنه أنه لما سمع النبي صلى الله عليه وسلم دف نعليه في الجنة، قال ما أحدثت إلا توضأت ، وما توضأت إلا صليت بذلك الوضوء ما كتب الله لي “

ويمكن أن يكون وقت الوجوب ، لأنه كما سيأتي معنا إن شاء الله تعالى أن النبي صلى الله عليه وسلم ( لما خرج من الخلاء أتي بماء ، فقال إنما أمرت بالوضوء عند الصلاة ) كما قال تعالى {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُواْ إِذَا قُمْتُمْ إِلَى الصَّلاةِ فاغْسِلُواْ وُجُوهَكُمْ }المائدة6 ، فهذا محتمل ، فمن حافظ على الوضوء وقت الوضوء حينما يجب عليه أن يتوضأ لفعل عبادة حظي بإذن الله بهذا الفضل وهو الإيمان ، وإذا أراد الإنسان المرتبة العليا فعليه أن يحرص على الوضوء كلما أحدث .

ومن الفوائد :

أن من لم يحافظ على الوضوء فإنه ليس بمؤمن ، فقد يكون دليلا لمن قال إن تارك الصلاة ولو فرضا من الفروض يكون كافرا ، لأنه إذا لم يحافظ على الوضوء في أوقات الصلاة الواجبة عليه فإن ظاهر هذا الحديث أنه ليس بمؤمن، فيمكن أن يستدل به من قال إن تارك الصلاة ولو فرضا واحدا على سبيل التهاون يكون كافرا ، إلى غير ذلك مما استدلوا به .

ومن الفوائد :

أن أعظم شروط صحة الصلاة ” الطهارة ” إذ ذكر الوضوء بعد الصلاة .

حديث رقم – 278-

( صحيح ) حدثنا إسحق بن إبراهيم بن حبيب بن الشهيد حدثنا المعتمر بن سليمان عن ليث عن مجاهد عن عبد الله بن عمرو قال قال رسول الله صلى الله عليه وسلم استقيموا ولن تحصوا واعلموا أن من أفضل أعمالكم الصلاة ولا يحافظ على الوضوء إلا مؤمن )

حديث رقم – 279-

( صحيح ) عن أبي أمامة يرفع الحديث قال ( استقيموا ، ونِعِما إن استقمتم ، وخير أعمالكم الصلاة ، ولا يحافظ على الوضوء إلا مؤمن )

من الفوائد :

أن الرسول صلى الله عليه وسلم أثنى على الاستقامة بقوله ( ونِعِما ) وهي من أفعال المدح ، وأصلها ( نعم ما ) فادغمت ما في الميم الأولى ، كما قال تعالى { إِن تُبْدُواْ الصَّدَقَاتِ فَنِعِمَّا هِيَ }البقرة271 ، ففيه ثناء على الاستقامة .

ومن الفوائد :

أن مرتبة الإنسان تعلو  بقدر مرتبته من الاستقامة ، فكلما كان في الاستقامة في أعلى مراتبها كلما ناله ثناء أكثر ، والجزاء من جنس العمل ، كما قال تعالى { إِنَّ أَكْرَمَكُمْ عِندَ اللَّهِ أَتْقَاكُمْ }الحجرات13 ، أتى بصيغة التفضيل في الثواب وفي العمل ( أكرم ) على وزن أفعل ، ( أتقى ) على وزن أفعل ، فلما كان الفعل وهو التقوى بلغ هذه المراتب نال فضلا وثوابا وهو الكرم في أعلى مراتبه .

باب الوضوء شطر الإيمان

حديث رقم – 280-

( صحيح ) حدثنا عبد الرحمن بن إبراهيم الدمشقي حدثنا محمد بن شعيب بن شابور أخبرني معاوية بن سلام عن أخيه أنه أخبره عن جده أبي سلام عن عبد الرحمن ابن غنم عن أبي مالك الأشعري أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال إسباغ الوضوء شطر الإيمان والحمد لله ملء الميزان والتسبيح والتكبير ملء السماوات والأرض والصلاة نور والزكاة برهان والصبر ضياء والقرآن حجة لك أو عليك كل الناس يغدو فبائع نفسه فمعتقها أو موبقها )

من الفوائد :

أن الوضوء حكم عليه بأنه نصف الإيمان ، لأن الشطر بمعنى النصف ، لكن كيف يكون الوضوء شطر الإيمان ؟

قال بعض العلماء : لأن الإيمان تطهير للقلب من النجاسة الشركية ، والوضوء طهارة للظاهر وللبدن من النجاسة الحسية ، فكان شطر الإيمان بهذا الاعتبار .

وقال بعض العلماء : إن الوضوء شطر الإيمان الذي هو الصلاة ، فقد سمى الله عز وجل الصلاة إيمانا ، قال تعالى { وَمَا كَانَ اللّهُ لِيُضِيعَ إِيمَانَكُمْ }البقرة143 ، فكما أن الصلاة تبلغ بالعبد مرتبة عالية من الإيمان كما في الحديث السابق ( واعلموا أن من أفضل أعمالكم الصلاة ) كذلك الوضوء يشارك الصلاة في بلوغ العبد إلى مراتب عالية من الإيمان ، وهذا يؤكد على أن الطهارة من أعظم شروط صحة الصلاة .

ومن الفوائد :

أن الأعمال الصالحة توزن حتى لو لم تكن عرضا يعني أجساما ، فإن الله سبحانه وتعالى قادر على أن يجعلها أجساما ، فإن كلمة ( الحمد ) معنى ، فكيف توزن ؟ الله سبحانه وتعالى قادر على ذلك ، قال صلى الله عليه وسلم ( كلمتان خفيفتان على اللسان ، حبيبتان للرحمن ، ثقيلتان في الميزان ) فهذه توزن .

ومن الفوائد :

أن للإنسان بهذه الكلمات ثواب عظيم ( التسبيح والتكبير ) فلو قدِّر أن هناك ثوابا يملأ السماوات والأرض من الأجرام لكانت هاتان الكلمتان ،ففيها إشارة إلى أن قول ” سبحان الله والحمد لله والله أكبر ” من أفضل ما يلهج به لسان المسلم ، والأحاديث في هذه الأذكار كثيرة جدا ، وسيأتي إن شاء الله تعالى شيء منها .

ومن الفوائد :

أن الصلاة نور ، ولا شك أنها نور في قلب العبد ، في وجهه ، في قبره ، في آخرته ، ولذلك أطلق .

ومن الفوائد :

أن الصدقة دليل ساطع واضح على إيمان العبد ، لأنها تبرهن عن صدق إيمانه ، لأن المال محبوب ولا يمكن أن يبذل المحبوب إلا ما هو أحب {وَيُطْعِمُونَ الطَّعَامَ عَلَى حُبِّهِ }الإنسان8 ، قال بعض المفسرين يعني على ” حب الله ” وقال بعضهم على ” حب المال ” كما قال تعالى { وَآتَى الْمَالَ عَلَى حُبِّهِ ذَوِي الْقُرْبَى }

ومن الفوائد :

أن الصبر ضياء ، فمن صبر أضاء الله سبحانه وتعالى له أبوابا من الخير والتفريج واليسر ، ونلحظ أن النبي صلى الله عليه وسلم وصف الصلاة بأنها نور والصبر بأنه ضياء ، ولذلك وصف الله سبحانه وتعالى القمر بأنه نور في كتابه ، ووصف الشمس بأنها ضياء ،فهذا يدل على أن نور القمر ليس بمؤذي ، بينما نور الشمس فيه أذية ، فدل على أن الصبر يحتاج إلى عناءً فقد يتأذى منه الإنسان .

ومن الفوائد :

أن النبي صلى الله عليه وسلم لما بين فضائل الأعمال القولية مثل الذكر ، وبين ثواب الأعمال الفعلية مثل الصلاة ، وبين ثواب الأعمال المالية مثل الصدقة ، وبين ثواب الأعمال القلبية البدنية مثل الصبر ، وهو حبس النفس عن الجزع والتسخط وعن ضرب الخدود وشق الجيوب وما شابه ذلك ، بين أن الناس يغدون ويسيرون في هذه الدنيا ، والناس في هذه الدنيا على مفترقين ( كل الناس يغدو فبائع نفسه فمعتقها ) يسير في طريق الخير حتى يعتق نفسه من النار ، وآخرون يسيرون في طريق مخالف للشرع فيوبق نفسه يعني يهلك نفسه .

ومن الفوائد :

أن فيه تأكيدا لما ذهب إليه شيخ الإسلام رحمه الله من أن الإنسان متحرك مريد بطبعه ، إن لم يعمل خيرا عمل شرا ، إن لم يهتم بأمور خيرة في نفسه اهتم بأمور شريرة ، فكل الناس يغدو ليس هناك أحد يقف ، لكن هناك من يغدو في طرق الخير فيربح ، وهناك من يغدو في طرق الشر فيخسر ، ولذلك كما قال ابن القيم رحمه الله  ” إن النفس مثل الرحى الدائرة التي لا تفتر ، فمن وضع فيها حبا أخرجت له دقيقا و طحينا ، ومن وضع فيها حصا ورملا أخرجت له ترابا وتبنا ، وعند الخَبْز يتبين لكل شخص ما طحنه ، متى الخَبز ؟ إذا توفاه الله سبحانه وتعالى ، يعرف ماذا خبزت يداه .

ومن الفوائد :

أن الله سبحانه وتعالى بين أن القرآن إما أن يكون حجة لك وإما أن يكون حجة عليك ، فهذا القرآن قد وضح فيه كل شيء ، فكأنه يقول أنت أيها العبد سائر إما في طريق الخير وإما في طريق الشر ، إذا أردت النجاة فعليك بهذا القرآن وامتثل بما جاء فيه يسيرك إلى الطريق المستقيم ، وإن عدلت عنه فإنك لا محالة واقع في طريق الشر الذي يوصلك إلى الهلاك .