تعليقات على سنن ابن ماجه ( 16 ) من حديث ( 294- 301 )

تعليقات على سنن ابن ماجه ( 16 ) من حديث ( 294- 301 )

مشاهدات: 454

تعليقات على سنن (  ابن ماجه  )

 ( الدرس السادس عشر   )

294- 301

فضيلة الشيخ زيد بن مسفر البحري

بسم الله الرحمن الرحيم

الحمد لله رب العالمين والصلاة والسلام على نبينا محمد وعلى آله وأصحابه وسلم تسليما كثيرا إلى يوم الدين .

أما بعد :

فقد قال المصنف رحمه الله :

باب الفطرة

حديث رقم – 294-

( حسن ) حدثنا سهل بن أبي سهل ومحمد بن يحيى قالا حدثنا أبو الوليد حدثنا حماد عن علي بن زيد عن سلمة بن محمد بن عمار بن ياسر عن عمار بن ياسر أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال من الفطرة المضمضة والاستنشاق والسواك وقص الشارب وتقليم الأظفار ونتف الإبط والاستحداد وغسل البراجم والانتضاح والاختتان )

من الفوائد :

أن خصال الفطرة ليست محصورة ، ولذا قال ( من الفطرة ) فما ورد من لفظ ( خمس من الفطرة ) أو ( عشر من الفطرة ) لا يراد منها التحديد ، بل هي أكثر من ذلك ، ولذا صُدِّر هذا الحديث بـ ( من ) التبعيضية .

ومن الفوائد :

أن المضمضة مما جُبِل عليها ابن آدم ولو لم يأت دليل يدل عليها ، ومن ثم فإن قوله ( من الفطرة ) قد يكون دليلا لمن قال إن المضمضة ليست واجبة في الوضوء ولا في الغسل ، وقد سبق وأن قلنا إن خصال الفطرة منها ما هو مستحب ومنها ما هو واجب ، فإذا دل الدليل الآخر على وجوب شيء منها ، فنثبت الوجوب .

ومن الفوائد :

أن المضمضة هنا مطلقة ، فدل على أن مما يندب إليه العبد حينما تتغير رائحة فهمه أن يتمضمض أو إذا أكل شيئا أن يتمضمض .

ومن الفوائد :

أنه قد يكون دليلا لمن قال إن الاستنشاق سنة ، وقد سبق القول في ذلك ، فالقول في المضمضة كالقول هنا ، وكذلك إذا شعر الإنسان بأن هناك أشياء عالقة في أنفه فإن الاستنشاق في حقه مطلوب .

ومن الفوائد :

أنه عبر هنا بقص الشارب ، وهذا يدل على أن الشارب مطلوب فيه أن يؤخذ منه كله ، لأن ( أل ) تفيد العموم ، فلعله يقوي ما ذهب إليه بعض العلماء الذين قالوا بأن الإحفاء يكون من جميع الشارب لا ما نزل من الشعر مما يلي الفم .

ومن الفوائد :

أن الانتضاح من خصال الفطرة ، والانتضاح هو أن ينضح على فرجه الماء بعد الوضوء حتى يدفع الوسواس .

حديث رقم – 295-

( صحيح ) حدثنا بشر بن هلال الصواف حدثنا جعفر بن سليمان عن أبي عمران الجوني عن أنس بن مالك قال وقت لنا في قص الشارب وحلق العانة ونتف الإبط وتقليم الأظفار أن لا نترك أكثر من أربعين ليلة )

من الفوائد :

أن التوقيت أبهم فيه المؤقت ، وذلك للعلم به ، كما سلف قلنا إن الفاعل قد يحذف للعلم به ، فالموقت للصحابة رضي الله عنهم هو النبي صلى الله عليه وسلم ، وقد وردت رواية في ذلك .

ومن الفوائد :

أن هذه الأشياء المذكورة أيحرم على العبد أن يدعها بعد هذه المدة أم أنه يحرم عليه أن يدعها إذا طالت ولو مر عليه عشرة أيام أو خمسة أيام ؟

قولان لأهل العلم :قال بعض العلماء متى ما طالت دون أن يكون هناك تحديد بزمن متى ما طالت فيجيب عليه أن يأخذها وقال بعض العلماء : لا يلزم قبل الأربعين ولو طالت ، ولكن السنة في حقه أن يزيلها ، ولكنه لا يأثم إلا بعد الأربعين ، وهذا هو الصحيح ، لأن الرسول صلى الله عليه وسلم وقَّت ذلك بوقت .

إذاً الحكم ليس مربوطا بعلة الإطالة من عدمها .

باب ما يقول الرجلُ إذا دخل الخلاء

حديث رقم – 296-

( صحيح ) حدثنا محمد بن بشار حدثنا محمد بن جعفر وعبد الرحمن بن مهدي قالا حدثنا شعبة عن قتادة عن النضر بن أنس عن زيد بن أرقم قال قال رسول الله صلى الله عليه وسلم إن هذه الحشوش محتضرة ، فإذا دخل أحدكم فليقل اللهم إني أعوذ بك من الخبُث والخبائث )

من الفوائد :

أن الحشوش أصلها من حيث اللغة مأخوذة من الحش ، والحش هو مجموعة من النخيل ، كانوا قبل أن يتخذوا الكُنف في المنازل ، كانوا يقضون حوائجهم عند هذه الحشوش التي هي مجموعة من النخيل ، فانتقل هذا الاسم إلى المكان الذي تقضى فيه الحاجة ، وهذا يدل على أن قضاء الحاجة في الظل ليس محرما على سبيل الإطلاق ، لأن النخيل له ظل ، وإنما هو مربوط بظل ينتفع به ، فإذا كان هناك ظل ينتفع به فلا يجوز أن تقضى الحاجة فيه .

ومن الفوائد :

أن الرسول صلى الله عليه وسلم كما سيأتي معنا في السنن قال ( الأرض كلها مسجد إلا المقبرة والحمام ) فالحمام هي الأماكن التي تكون في باطن الأرض، كلما نزل اشتدت حرارتها ، وأكثر ما توجد في الشام في الأماكن الباردة ، فالصلاة فيها على القول الراجح لا تصح ، فألحق بعض العلماء بالحمام الكنف أو المراحيض ، فلو صلى فيها فإن صلاته لا تصح ، ولا شك أن ما ذهبوا إليه هو الصواب بدليل صدر هذا الحديث ( إن هذه الحشوش محتضرة ) يعني يحضر الشيطان فيها ، وذلك معاطن الإبل لا تصح الصلاة فيها لوجود الشياطين فيها ، فكذلك هذه الحشوش التي هي الكنف .

ومن الفوائد :

أن هذا الدعاء مستحب قبل دخول الخلاء ، وهو يلفظ إما ( الخُبُث ) بضم الباء ، أو ( الخُبْث ) بإسكان الباء ، فإذا ضممنا الباء فالمقصود ذكران الشياطين ، فتكون الخبائث هم الإناث ، وإذا سكنا الباء فالمقصود الشر و الخبائث أهل الشر سواء كانوا ذكرانا أو إناثا .

وبعض العلماء يقول هما بمعنى واحد ، لكن تسكين الباء تخفيفا ، من باب التخفيف على اللسان أثناء النطق .

ومن الفوائد :

أن الرسول صلى الله عليه وسلم أمر بهذا الذكر قبل الدخول إلى هذه الكنف ، ومعلوم أن القاعدة الشرعية الأصولية تقول [ إن الأصل في الأمر هو الوجوب ما لم يأت دليل يصرفه من الوجوب إلى الاستحباب ] وهنا أمر ، لكني لا أعلم أحدا من العلماء أوجبه ، ويمكن ان يكون الصارف له هو أول الحديث ، فإن الأمر بهذا الذكر من أجل أن هذه الحشوش محتضرة ، ومعلوم أن العبد لا يلزمه أن يستعيذ بالله عز وجل من الشياطين حتى في الأماكن التي يسكنون فيها ، فقد قال النبي صلى الله عليه وسلم كما عند مسلم ( إن الشيطان يحضر أحدكم في كل شيء ) هذا ما ظهر لي والله أعلم .

حديث رقم – 297-

( صحيح ) حدثنا محمد بن حميد حدثنا الحكم بن بشير بن سلمان حدثنا خلاد الصفار عن الحكم النصري عن أبي إسحق عن أبي جحيفة عن علي قال قال رسول الله صلى الله عليه وسلم ستر ما بين الجن وعورات بني آدم إذا دخل الكنيف أن يقول بسم الله )

من الفوائد :

أن البسملة مهمة قبل الدخول للخلاء ، فهي تكون بمثابة الساتر والمانع بين الجن وبين أن يلعبوا بعورته .

ومن الفوائد :

أن الإنسان إذا أراد أن يبين فضل الذكر يمكن أن يقول إن من فوائد الذكر أنه يكون حجابا بين الجن وبين عورة العبد ، فإن الذكر يطمس على أعين الجن أو يمنع إيذاء الجن من أن يصلوا إلى عورته .

حديث رقم – 298-

( صحيح ) حدثنا عمرو بن رافع حدثنا إسمعيل ابن علية عن عبد العزيز بن صهيب عن أنس بن مالك قال كان رسول الله صلى الله عليه وسلم إذا دخل الخلاء قال أعوذ بالله من الخبث والخبائث )

ومن الفوائد :

أن هذا الذكر كما أمر به الرسول صلى الله عليه وسلم في الحديث السابق طبقه ، فيكون هذا الذكر واردا من وجهين ، من السنة القولية ومن السنة الفعلية .

ومن الفوائد :

أن ( كان ) تفيد في اللغة الاستمرار ما لم يأت دليل يصرفها عن ذلك ، فدل على أن العادة المستمرة منه عليه الصلاة والسلام قول هذا الذكر .

ومن الفوائد :

أنه وردت رواية تدل أه

على أن هذا الذكر يقال حال قضاء الحاجة في الصحراء ، فلا يحصر على قوله في المدن .

حديث رقم – 299-

( ضعيف ) حدثنا محمد بن يحيى حدثنا ابن أبي مريم حدثنا يحيى بن أيوب عن عبيد الله ابن زحر عن علي بن يزيد عن القاسم عن أبي أمامة أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال لا يعجز أحدكم إذا دخل مرفقه أن يقول اللهم إني أعوذ بك من الرجس النجس الخبيث المخبث الشيطان الرجيم )

هذا الحديث ضعيف ، ولو صح لكان ذكرا آخر يقال قبل الدخول للخلاء ، ولو صح لدل على أن العبد حينما يدخل الخلاء فيقضي حاجته يدل على أنه يكون في مرفق من أمره ، فإنه إذا دخل الخلاء ارتفقت حاله إذ يتخلى من هذه الفضلات فيكون أحسن ما يكون ، لكن الحديث ضعيف .

باب ما يقول إذا خرج من الخلاء

حديث رقم – 300-

( صحيح ) حدثنا أبو بكر بن أبي شيبة حدثنا يحيى بن أبي بكير حدثنا إسرائيل حدثنا يوسف بن أبي بردة قال سمعت أبي يقول دخلت على عائشة فسمعتها تقول كان رسول الله صلى الله عليه وسلم إذا خرج من الغائط قال غفرانك )

من الفوائد :

أن هذا الذكر يقال بعد الخروج من الخلاء ، ومعناه ” اغفر غفرانك ” أو ” نسألك غفرانك ” .

قال بعض العلماء إن مناسبة ذكره وهو طلب المغفرة ، مناسبة ذكره بعد خروجه من الخلاء لأنه انحبس في ذلك الوقت عن ذكر الله سبحانه وتعالى ، فيستغفر عن هذا التقصير ، وهو لم يتعمده ، وليس في إرادته

وقال بعض العلماء : إن طلب المغفرة هنا لأن المسلم عاجز عن أن يشكر نعمة الله في إخراج هذا البلاء من بطنه ، كما سيأتي إن شاء الله تعالى الحديث حوله ، هل هو ثابت أو لا ؟ ( كان إذا خرج من الخلاء قال : الحمد لله الذي أذهب عني الأذى وعافاني )

وبعض العلماء كابن القيم رحمه الله يقول : إن هذا من باب تذكر الشيء بالشيء ، فإنه لما أزاح الله – سبحانه وتعالى – عنه أذى هذا الغائط أو هذا البول ، تذكر الأذى الأعظم الذي يكون في يوم القيامة وهو أذى الذنوب ، فاستغفر الله من ذنوبه .

ومن الفوائد :

أن الغائط من حيث أصل اللغة يطلق على المكان المطمئن من الأرض ، فالمكان المنخفض من الأرض يسمى غائطا ، لأن الناس كانوا يقصدونه لقضاء حوائجهم ، فانتقل اسمه إلى هذا الخارج ، ولذلك قالت ( كان إذا خرج من الغائط ) يعني من المكان الذي تقضى فيه الحاجة .

إذاً المكان الذي تقضى فيه الحاجة إما أن يسمى غائطا ، وإما أن يسمى كنيفا ، وإما أن يسمى خلاءً ، وإما أن يسمى مرفقا إن صح الحديث ، لكنه حديث ضعيف .

ومن الفوائد :

أن المغفرة أضيفت إلى الله سبحانه وتعالى ، مع العلم أنه لا يغفر الذنوب إلا الله ، فالإضافة كما قال بعض العلماء استفيد منها أنه سأل الله مغفرة كبيرة تليق بجناب الله سبحانه وتعالى ، فكأنه استحضر قلبه في مثل هذا الموطن الذي هو بحاجة إلى أن يستغفر الله فيه ، فقال هذا الذكر كأنه يطلب المغفرة التي تليق بجناب الله والتي ترفع هذا الضعيف المقصر عما صنع .

حديث رقم – 301-

( ضعيف ) حدثنا هارون بن إسحق حدثنا عبد الرحمن المحاربي عن إسمعيل بن مسلم عن الحسن وقتادة عن أنس بن مالك قال كان النبي صلى الله عليه وسلم إذا خرج من الخلاء قال الحمد لله الذي أذهب عني الأذى وعافاني )

هذا الحديث ضعفه كثير من العلماء ، ومن ذهب إلى تصحيحه فإن له مناسبة وهي أن العبد حينما خرج من هذا الخلاء فقد سهَّل الله سبحانه وتعالى له الطعام الذي تناوله بيسر ثم أخرجه منه بيسر ، فهذه نعمة تقصر همة العبد عن أن يشكر الله عز وجل عليها حق الشكر ، فناسب أن يأتي بهذا الذكر ( الحمد لله الذي أذهب عني الأذى وعافاني )