بسم الله الرحمن الرحيم
الحمد لله رب العالمين والصلاة والسلام على نبينا محمد وعلى آله وأصحابه وسلم تسليما كثيرا إلى يوم الدين .
أما بعد :
فقد قال المصنف رحمه الله :
باب النهي عن استقبال القبلة بالغائط والبول
حديث رقم – 317-
( صحيح ) حدثنا محمد بن رمح المصري أنبأنا الليث بن سعد عن يزيد بن أبي حبيب أنه سمع عبد الله بن الحارث بن جزء الزبيدي يقول أنا أول من سمع النبي صلى الله عليه وسلم يقول لا يبولن أحدكم مستقبل القبلة وأنا أول من حدث الناس بذلك )
من الفوائد :
أن فيه دليلا لمن قال إن استقبال القبلة لا يجوز لا في البيان ولا في الصحراء لإطلاق الحديث .
ومن الفوائد :
أن التبويب المذكور هنا ذكره فيه الغائط ، بينما الحديث اقتصر فيه على البول ، وذلك لأن الغائط أولى بالحكم من البول ، ومسائل استقبال القبلة واستدبارها حال قضاء الحاجة مرت معنا في السنن الأخرى .
حديث رقم – 318-
( صحيح ) حدثنا أبو الطاهر أحمد بن عمرو بن السرح أنبأنا عبد الله بن وهب أخبرني يونس عن ابن شهاب عن عطاء بن يزيد أنه سمع أبا أيوب الأنصاري يقول نهى رسول الله صلى الله عليه وسلم أن يستقبل الذي يذهب إلى الغائط القبلة وقال شرقوا أو غربوا )
من الفوائد :
أن هذا الحديث الخطاب موجه فيه لأهل المدينة وذلك لأن قبلتهم جهة الجنوب ، ولذلك قال ( شرِّقوا أو غرِّبوا ) بينما نحن في نجد لو شرقنا أو غربنا لحصل استقبل أو استدبار للقبلة ، فنحن إما أن نشمِّل وإما أن نُجنِّب إما جهة الشمال وإما جهة الجنوب .
ومن الفوائد :
أن حديث أبي أيوب مر معنا أنه قال ( فقدمنا الشام فوجدنا مراحيض قد بنيت نحو القبلة فننحرف عنها ونستغفر الله ) ففيه دليل لمن قال إن استقبال القبلة واستدبارها في حال البنيان هو كحال من في الصحراء .
حديث رقم – 319-
( ضعيف ) حدثنا أبو بكر بن أبي شيبة حدثنا خالد بن مخلد عن سليمان بن بلال حدثني عمرو بن يحيى المازني عن أبي زيد مولى الثعلبيين عن معقل بن أبي معقل الأسدي وقد صحب النبي صلى الله عليه وسلم قال نهى رسول الله صلى الله عليه وسلم أن نستقبل القبلتين بغائط أو ببول )
هذا الحديث ضعيف ، وضعفه من حيث السند ومن حيث المتن ، لأن القبلتين هما ” الكعبة وبيت المقدس ” ومعلوم كما في حديث ابن عمر رضي الله عنها ( أن النبي صلى الله عليه وسلم استقبل بيت المقدس )
ومن صحح هذا الحديث فإنه يحمله على أهل المدينة ، فيقول هو خاص بأهل المدينة ، لم ؟ لأنهم لو استقبلوا بيت المقدس حال قضاء الحاجة وقعوا في استدبار القبلة .
وقال بعض العلماء : إن الراوي ذكر النهي عن استقبال بيت المقدس حال قضاء الحاجة لما كانت قبلة للمسلمين ثم لما تحولت إلى الكعبة ذكر هذا الحكم .
وقال بعض العلماء : إن هذا النهي هو النهي عن استقبال بيت المقدس حال قضاء الحاجة لما كانت قبلة ، فيكون النهي من القِدم .
حديث رقم – 320-
( صحيح ) حدثنا العباس بن الوليد الدمشقي حدثنا مروان بن محمد حدثنا ابن لهيعة عن أبي الزبير عن جابر بن عبد الله حدثني أبو سعيد الخدري أنه شهد على رسول الله صلى الله عليه وسلم أنه نهى أن نستقبل القبلة بغائط أو ببول )
من الفوائد :
أن هذا الحديث عام ، فيعم الصحراء والبنيان .
حديث رقم – 321-
( صحيح ) قال أبو الحسن بن سلمة وحدثناه عمير بن مرداس الدونقي حدثنا عبد الرحمن بن إبراهيم أبو يحيى البصري حدثنا ابن لهيعة عن أبي الزبير عن جابر أنه سمع أبا سعيد الخدري يقول إن رسول الله صلى الله عليه وسلم نهاني أن أشرب قائما وأن أبول مستقبل القبلة )
من الفوائد :
النهي عن الشرب قائما ، مع أن هناك أحاديث وردت من فعل النبي صلى الله عليه وسلم أنه شرب قائما ، والجمع بين هذه الأحاديث ما ذهب إليه الجمهور من أن النهي للكراهة ، وأن فعله عليه الصلاة والسلام لبيان الجواز ، وأنه ليس من قبيل التحريم .
وقال بعض العلماء : هو على بابه ” النهي للتحريم ” وما حصل من النبي صلى الله عليه وسلم من فعل ، فإننا نقدم القول ، لأن القاعدة في الأصول [ أن القول من النبي صلى الله عليه وسلم مقدم على الفعل ] ولكن القول الأول هو الصواب ، لم ؟ لأننا نأخذ بالدليلين ، بينما لو أخذنا بما ذهب إليه أصحاب القول الثاني أخذنا بدليل واحد وعطلنا الدليل الآخر الوارد عن النبي صلى الله عليه وسلم من فعله .
باب الرخصة في ذلك في الكنيف وإباحته دون الصحاري
حديث رقم – 322-
( صحيح ) حدثنا هشام بن عمار حدثنا عبد الحميد بن حبيب حدثنا الأوزاعي حدثني يحيى بن سعيد الأنصاري ح و حدثنا أبو بكر بن خلاد ومحمد بن يحيى قالا حدثنا يزيد بن هارون أنبأنا يحيى بن سعيد أن محمد بن يحيى بن حبان أخبره أن عمه واسع بن حبان أخبره أن عبد الله بن عمر قال يقول أناس إذا قعدت للغائط فلا تستقبل القبلة ولقد ظهرت ذات يوم من الأيام على ظهر بيتنا فرأيت رسول الله صلى الله عليه وسلم قاعدا على لبنتين مستقبل بيت المقدس )
من الفوائد :
أن فيه دليلا لمن قال إن النهي عن استقبال القبلة واستدبارها حال قضاء الحاجة إنما هو في الصحراء ، لم ؟ لأن النبي صلى الله عليه وسلم فعل ذلك في البنيان كما في بيت حفصة ، بينما من يرى أن النهي عام يقول إن هذا فعل من النبي صلى الله عليه وسلم ، وأحاديث النهي أحاديث قولية ، فيكون القول مقدما على الفعل ، فيكون هذا الفعل من خصوصيات النبي صلى الله عليه وسلم ، ولكن كما قلنا لو قيل بأن القول مقدم على الفعل في جميع الأحوال لعطلنا أدلة كثيرة
فالصواب أنه جائز في البنيان محرم في الصحراء ، لكن ينبغي للمسلم أن يتورع عن ذلك ما استطاع إلى ذلك سبيلا ، لأن الأدلة في مثل هذه المسألة أدلة قوية، ولذا شيخ الإسلام رحمه الله يرى أن النهي عام في الصحراء وفي البنيان ، ومن تعليلاته رحمه الله قوله لو كان هذا الحائل في البنيان مانعا من هذا الحكم ، لكن في الصحراء أولى ، لم ؟ قال رحمه الله لأن هناك أشجارا وجبالا بين قاضي حاجته وبين الكعبة ، وهذا تعليل في ظاهره تعليل مقبول ، لكن يقال الشرع أتى بالتفريق بين البنيان وبين الصحراء ، وأيضا الشرع ما ذكر الجواز في البيان إلا لأن الحائل قريب ، أما في الصحراء فالحائل بعيد ، فلا يقاس هذا على هذا .
ومن الفوائد :
أن هذا البيت الذي صعد عليه ابن عمر رضي الله عنهما هو بيت حفصة ، وابن عمر نسبه إليه قال ( ولقد ظهرت ذات يوم على ظهر بيتنا ) مع أن البيت لحفصة ، ونسب البيت إليه رضي الله عنه باعتبار أنها أخته ، وفي الحقيقة هو بيت النبي صلى الله عليه وسلم ، وقد جاءت أحاديث أنه بيت حفصة ، ونُسب البيت إلى حفصة باعتبار أنها تسكنه ، وإلا فالبيت للنبي صلى الله عليه وسلم ، فتكون الإضافة إلى ابن عمر وإلى حفصة إضافة مجازية ، كما يقول أهل البلاغة ، باعتبار أنها أخته وباعتبار أن حفصة تسكنه ، ولكن يقال ليست إضافة مجازة ، وإنما هذا من التنوع في أسلوب العرب ،فقد أضيف إلى ابن عمر لأن البيت بيت أخته ، وأضيف إلى حفصة لأنها تسكنه ، وهذه إضافة حقيقية .
وقال بعض العلماء : إن ابن عمر رضي الله عنها نسب البيت إليه باعتبار أنه هو الذي ورث حفصة رضي الله عنها في نهاية الأمر ، لأنها أخته .
ومن الفوائد :
أن بعض العلماء قال : إن النهي حال قضاء الحاجة مخصوص به الاستقبال لا الاستدبار ، فالنبي صلى الله عليه وسلم فعل الاستدبار ولم يفعل الاستقبال ، وهذا هو رأي الشيخ ابن عثيمين رحمه الله يقول إن النهي في الصحراء لا إشكال في ذلك ، ويجوز في البنيان الاستدبار دون الاستقبال ، ويقول رحمه الله هذا هو الجمع بين الأدلة .
ولكن ستأتي معنا أدلة إن شاء الله تبين أن ما ذهب إليه رحمه الله يرده دليل آخر .
فالصواب كما قلنا إنه في البنيان جائز سواء كان استقبالا أو استدبارا .
وأما كون الاستدبار جائز على ما ذهب إليه رحمه الله ، فقد قال ابن حجر رحمه الله كما في الفتح ، قال لأن الاستقبال أعظم، لم ؟ قال لأنه إذا استقبل الكعبة حال قضاء الحاجة فلربما يستقبلها ببول وغائط بينما الاستدبار لا يكون إلا بالغائط فقط .
ومن الفوائد :
أن ابن عمر رضي الله عنهما لم يدقق بصره إلى النبي صلى الله عليه وسلم وإنما وقع بصره فجأة ، فأخبر بهذا الخبر، وليس معنى ذلك أن ابن عمر أمعن النظر في ذلك ، فإن هذا مما لا يليق بابن عمر رضي الله عنهما .
حديث رقم – 323-
( ضعيف جدا ) حدثنا محمد بن يحيى حدثنا عبيد الله بن موسى عن عيسى الحناط عن نافع عن ابن عمر قال رأيت رسول الله صلى الله عليه وسلم في كنيفه مستقبل القبلة قال عيسى فقلت ذلك للشعبي فقال صدق ابن عمر وصدق أبو هريرة أما قول أبي هريرة فقال في الصحراء لا يستقبل القبلة ولا يستدبرها وأما قول ابن عمر فإن الكنيف ليس فيه قبلة استقبل فيه حيث شئت )
هذا الحديث لو صح لكان فيه فوائد ، من بينها :
أن القبلة لا تتحقق في الكُنف ، لم ؟ لأنه ليس مكان يصلى فيه ، فأي جهة استقبلت في بيت الخلاء أو في الحمام كما نسميه الآن ، وإن كانت تسميته بالحمام فيما مضى يختلف عن الآن ، فلا بأس لو استقبل أي جهة ، لم ؟ لأن بيت الخلاء ليس فيه قبلة لأنه لا يصلى فيه .
ومن الفوائد :
أن فيه دليلا على أن الصلاة في بيت الخلاء لا تصح ، لأنه ليس محلا للصلاة .
حديث رقم – 324-
( ضعيف ) حدثنا أبو بكر بن أبي شيبة وعلي بن محمد قالا حدثنا وكيع عن حماد بن سلمة عن خالد الحذاء عن خالد بن أبي الصلت عن عراك بن مالك عن عائشة قالت ذكر عند رسول الله صلى الله عليه وسلم قوم يكرهون أن يستقبلوا بفروجهم القبلة فقال أراهم قد فعلوها استقبلوا بمقعدتي القبلة )
هذا الحديث لو صح لكن بيانه أن هذا الفعل في البيان جائز ، لإنكار النبي صلى الله عليه وسلم على هؤلاء القوم الذين عمموا الحكم ، وأراد من ذلك أن تحول بيوت الخلاء إلى جهة القبلة ، فالمقصود أنه أمر عليه الصلاة والسلام في بيوت الخلاء أن توجه إلى الكعبة إنكارا لهم وإيضاحا بأن هذا الفعل جائز في البنيان ، لكن الحديث ضعيف .
حديث رقم – 325-
( حسن ) حدثنا محمد بن بشار حدثنا وهب بن جرير حدثنا أبي قال سمعت محمد بن إسحق عن أبان بن صالح عن مجاهد عن جابر قال نهى رسول الله صلى الله عليه وسلم أن نستقبل القبلة ببول فرأيته قبل أن يقبض بعام يستقبلها )
من الفوائد :
أن فيه ظاهره أن التحريم عام في الصحراء وفي البنيان ، وذلك لأن هذا الخبر من جابر رضي الله عنه كان في أواخر حياة النبي صلى الله عليه وسلم ، فتكون الأحاديث المجيزة فيما سبق ، وجاء التحريم عاما في البنيان وفي الصحراء ، ولكن هذا الحديث لا يؤخذ على ظاهره وإنما يكون مخصوصا به الصحراء .
لو قال قائل : لماذا خصصتم مع أن الحديث عام ؟
الجواب : أن النبي صلى الله عليه وسلم – كما أخبر جابر – رآه جابر ، ومعلوم أن النبي صلى الله عليه وسلم – كما مرت معنا الأحاديث وستأتي إن شاء الله – كان في الصحراء يبتعد ، وأما في البنيان فإنه يكون في بيت الخلاء ، فهذا الحديث يخصص بالفضاء بمعنى أن هذا الفعل يجوز في البنيان دون الفضاء ، لأن رؤية النبي صلى الله عليه وسلم في البنيان ممكنة ولا أدل من أن النبي صلى الله عليه وسلم لما بال قائما وقف حذيفة عند عقبه ، وهذا في البنيان ، بينما في الفضاء لا يمكن لجابر أن يراه ، لم ؟ لأنه النبي صلى الله عليه وسلم ( كان يتوارى حتى لا يراه أحد )
فإذا قلنا إن هذا الحديث في البنيان وفيه لفظة ( الاستقبال ) فيرد ما ذهب إليه الشيخ ابن عثيمين رحمه الله من أن النهي خاص في البنيان بالاستقبال ، وأما في الاستدبار فجائز ، ونحن نقول أن هذا الحديث وضَّح أن الاستقبال في البنيان جائز .
والمسألة فيها أقوال أخرى، منهم من يرى التحريم مطلقا في البيان والصحراء كشيخ الإسلام رحمه الله ، ومنهم من يرى أن النهي إنما هو في الصحراء دون البنيان ، ومنهم من يرى أن النهي في الصحراء وفي البنيان حالة الاستقبال ، ومنهم من يرى أن النهي للكراهة وليس للتحريم سواء في البنيان أو في الصحراء ، يقول بما أن الأحاديث أتت منها ما هو مجيز ومنها ما هو مانع فإن النهي للكراهة ، والأقرب في ذلك الجواز في البنيان دون الصحراء .
باب الاستبراء بعد البول
حديث رقم – 326-
( ضعيف ) حدثنا علي بن محمد حدثنا وكيع ح و حدثنا محمد بن يحيى حدثنا أبو نعيم قال حدثنا زمعة بن صالح عن عيسى بن يزداد اليماني عن أبيه قال قال رسول الله صلى الله عليه وسلم إذا بال أحدكم فلينتر ذكره ثلاث مرات )
هذا الحديث ضعيف ، وقد استدل به فقهاء الحنابلة على أن هذا من السنن ، فإذا فرغ الإنسان من البول السنة له أن ينتر ذكره ، والنتر : هو تحريك الذكر من الداخل حتى يخرج ما فضل من البول ، وهو يختلف عن المسح ، فإنهم ذكروا النتر والمسح ، فالمسح أن تأخذ بأصل ذكرك بيدك إلى الحشفة من أجل أن تخرج ما بقي ، أما النتر فليس هناك حركة باليد ، وإنما من الداخل حتى يخرج ما فضل من البول ، هذا هو النتر ، ولكن هذا الحديث ضعيف ، ولذلك يرى شيخ الإسلام رحمه الله أن النتر من البدع ، ويقول ” إن الذكر مثل الثدي إن حركته در وإن تركه قر ” فالنتر مدعاة إلى أن يصاب الإنسان بسلسل البول ، فالواجب على المسلم والمشروع في حقه إذا بال أن يغسل ذكره ثم يقوم ولا يلتفت إلى الوساوس .
باب من بال ولم يمس ماء
حديث رقم – 327-
( ضعيف ) حدثنا أبو بكر بن أبي شيبة حدثنا أبو أسامة عن عبد الله بن يحيى التوأم عن ابن أبي مليكة عن أمه عن عائشة قالت انطلق النبي صلى الله عليه وسلم يبول فاتبعه عمر بماء فقال ما هذا يا عمر قال ماء قال ما أمرت كلما بلت أن أتوضأ ولو فعلت لكانت سنة )
هذا الحديث يضعفه الألباني رحمه الله ويصححه غيره فيستفاد من هذا الحديث :
أن بعض العلماء حمل الوضوء هنا على الاستنجاء ،فقال إن الوضوء هو وضوء لغوي وهو الاستنجاء ، فأراد النبي صلى الله عليه وسلم أن يبين لعمر رضي الله عنه أن الاستنجاء ليس بلازم ، بل لو اقتصر على الحجارة لكفى ، هذا إذا قلنا بأن الوضوء معناه الاستنجاء .
ولكن هناك رواية عند أبي داود ترد ذلك ، مع أن هناك شيئا يرد ذلك وهو أن الأصل في الألفاظ الشرعية أن تحمل على حقائقها الشرعية ، فإذا جاء ذكر الوضوء في الأدلة فالمراد الوضوء الشرعي ، لم ؟ لأن الناطق بهذا هو الشارع فالمراد الوضوء الشرعي، ومع ذلك ترده رواية عند أبي ( أن عمر رضي الله عنه قام خلف النبي صلى الله عليه وسلم بكوز من ماء ليصب عليه ) ومن ثم فإن النبي صلى الله عليه وسلم ما توضأ وبين لعمر أنه ليس من طريقته أنه كلما بال توضأ ، فيترتب على ذلك أن النبي صلى الله عليه وسلم كان في بعض أحواله كان غير متطهر ، فيكون الحديث الذي مر معنا ( إني كرهت أن أذكر الله إلا على طهارة ) هذا في غالب الأحوال .
ومن الفوائد :
أن السنة المذكورة هنا هي السنة الواجبة ، يعني حتى لا يجب هذا الفعل على الصحابة رضي الله عنهم .
وقال بعض العلماء : تحمل على السنة المندوبة ، فحتى لا يشق على أصحابه ، ولا شك أن الإنسان كلما أحدث فتوضأ كلما كان أفضل ، فالنبي صلى الله عليه وسلم لما قال لبلال رضي الله عنه ( إني سمعت دُف نعليك في الجنة ، فقال رضي الله عنه ليس عندي عمل أرجى من أني كلما توضأ صليت لله ) في رواية ( كلما أحدثت توضأ ، فإذا توضأت صليت بذلك الوضوء ما كتب الله لي ) فدل على أن الإنسان كلما أحدث فتوضأ كان أفضل في حقه ، لكن النبي صلى الله عليه وسلم عدل عن ذلك حتى لا يشق على أصحابه مشقة وجوب أو مشقة سنية مؤكدة .
ومن الفوائد :
أنه أنَّث الفعل ( لكانت سنة ) ولم يقل ( لكان سنة ) إذ لو قال ( لكان سنة ) لكان جائزا ، بل هذا هو الظاهر ( لكان هذا الفعل سنة ) لكن لماذا أنَّث الفعل ؟ يؤنَّث الفعل أحيانا لتأنيث الخبر، فالخبر ( سنة ) وهي مؤنثة .