الحمد لله رب العالمين والصلاة والسلام على نبينا محمد وعلى آله وأصحابه وسلم تسليما كثيرا إلى يوم الدين .
فقد قال المصنف رحمه الله :
بَابُ التَّوَقِّي فِي الْحَدِيثِ عَنْ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ
حديث رقم – 27 –
( صحيح )
(حَدَّثَنَا الْعَبَّاسُ بْنُ عَبْدِ الْعَظِيمِ الْعَنْبَرِيُّ قَالَ: حَدَّثَنَا عَبْدُ الرَّزَّاقِ قَالَ: أَنْبَأَنَا مَعْمَرٌ، عَنِ ابْنِ طَاوُسٍ، عَنْ أَبِيهِ، قَالَ: سَمِعْتُ ابْنَ عَبَّاسٍ، يَقُولُ: «إِنّا كُنَّا نَحْفَظُ الْحَدِيثَ، وَالْحَدِيثُ يُحْفَظُ عَنْ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، فَأَمَّا إِذَا رَكِبْتُمُ الصَّعْبَ وَالذَّلُولَ، فَهَيْهَاتَ» )
من الفوائد :
بيان حرص الصحابة رضي الله عنهم على سنة رسول الله صلى الله عليه وسلم من التهاون أو التفريط أو الإفراط ، فإن الجيل لما تغير واستخف بالنقل في الرواية عن رسول الله صلى الله عليه وسلم امتنع من الصحابة من امتنع من كثرة الرواية خيفة من أن يسمع الحديث على غير وجهه ثم يتساهل الناقل في روايته .
حديث رقم – 28-
(حَدَّثَنَا أَحْمَدُ بْنُ عَبْدَةَ قَالَ: حَدَّثَنَا حَمَّادُ بْنُ زَيْدٍ، عَنْ مُجَالِدٍ، عَنِ الشَّعْبِيِّ، عَنْ قَرَظَةَ بْنِ كَعْبٍ، قَالَ: بَعَثَنَا عُمَرُ بْنُ الْخَطَّابِ إِلَى الْكُوفَةِ وَشَيَّعَنَا، فَمَشَى مَعَنَا إِلَى مَوْضِعٍ يُقَالُ لَهُ صِرَارٌ، فَقَالَ: «أَتَدْرُونَ لِمَ مَشَيْتُ مَعَكُمْ؟» قَالَ: قُلْنَا: لِحَقِّ صُحْبَةِ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، وَلِحَقِّ الْأَنْصَارِ، قَالَ ” لَكِنِّي مَشَيْتُ مَعَكُمْ لِحَدِيثٍ أَرَدْتُ أَنْ أُحَدِّثَكُمْ بِهِ، فأردْتُ أَنْ تَحْفَظُوهُ لِمَمْشَايَ مَعَكُمْ، إِنَّكُمْ تَقْدَمُونَ عَلَى قَوْمٍ لِلْقُرْآنِ فِي صُدُورِهِمْ هَزِيزٌ كَهَزِيزِ الْمِرْجَلِ، فَإِذَا رَأَوْكُمْ مَدُّوا إِلَيْكُمْ أَعْنَاقَهُمْ، وَقَالُوا: أَصْحَابُ مُحَمَّدٍ، فَأَقِلُّوا الرِّوَايَةَ عَنْ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، ثُمَّ أَنَا شَرِيكُكُمْ ” )
من الفوائد :
عمر رضي الله عنه صحب تلك القافلة من أجل أن يحدثهم بأمر عظيم لا كما ظنوا من أن تشييعه لهم من أجل أنهم صحابة رسول الله صلى الله عليه وسلم أو أن للأنصار فضلا – ولا شك أن لهم فضلا – ولكن مقصوده بذلك أن يتأكد الأمر لديهم لأن الأمر عظيم ، فما مشى معهم إلا ليبلغهم بأمر عظيم وهو أنهم أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم ولهم مكانة ولهم سمعة عالية فنبههم على أن يُقِلوا الحديث عن رسول الله صلى الله عليه وسلم
وكما أسلفت قلة الحديث عند عدم الحاجة إلى ذلك ، أما مع وجود الحاجة فإن الحديث يذكر وينقل ، ولذلك نقل عمر وغيره من الصحابة رضي الله عنهم ما تعلمون من سنة رسول الله صلى الله عليه وسلم .
ومن الفوائد :
أن قوله : ( وأنا شريككم ) يعني في الأجر لأنني أعنتكم على ذلك فيعد شريكا لهم في الأجر إذا أقلوا الرواية ، لأن في تقليل الرواية تعظيم لسنة رسول الله صلى الله عليه وسلم ، ولعل بعضهم قلَّل الرواية باعتبار أن غيره قد كفاه كأبي هريرة رضي الله عنه فقد كان مكثرا من الحديث .
وهؤلاء الذين سيقدم عليهم لهم اعتناء بكلام الله سبحانه وتعالى ، فكانوا يقرءونه ولصدورهم أزيز كأزيز المرجل من قراءة القرآن ، لأن القِدر إذا وضع فيه ماء وأغلي يكون له صوت ، فهذا الصوت يشبه صوت صدور هؤلاء من قراءة القرآن ، فلا تظنوا أن هذا مسوغ لكم في الإكثار من رواية حديث رسول الله صلى الله عليه وسلم .
حديث رقم – 29-
( صحيح وكذا قال البوصيري )
(حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ بَشَّارٍ قَالَ: حَدَّثَنَا عَبْدُ الرَّحْمَنِ قَالَ: حَدَّثَنَا حَمَّادُ بْنُ زَيْدٍ، عَنْ يَحْيَى بْنِ سَعِيدٍ، عَنِ السَّائِبِ بْنِ يَزِيدَ، قَالَ: «صَحِبْتُ سَعْدَ بْنَ مَالِكٍ مِنَ الْمَدِينَةِ إِلَى مَكَّةَ، فَمَا سَمِعْتُهُ يُحَدِّثُ عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بِحَدِيثٍ وَاحِدٍ» )
من الفوائد :
كما ذكرنا آنفا من أنهم حدثوا لما احتاج الناس إلى حديثهم ، أو أن بعضهم اكتفى برواية غيره من الصحابة ، فكانت هذه الرواية من باب واجب الكفاية ، إذا قام به البعض سقط الإثم عن الباقين ، وفي هذا تربية لنا في مثل هذا العصر أن نتريث فيما نتحدث به وفيما نحدث به الناس من سنة رسول الله صلى الله عليه وسلم ، فلا يسارع أحد بالحديث إلا فيما يعلم وفيما يحتاج الناس إليه ، والإنسان يعجب حينما يرى البعض يمكن أن يذكر أحاديث عن رسول الله صلى الله عليه وسلم وهي ضعيفة ، بل تكون موضوعة .
بَابُ التَّغْلِيظِ فِي تَعَمُّدِ الْكَذِبِ عَلَى رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ
حديث رقم -30-
( صحيح ، بل متواتر )
(حَدَّثَنَا أَبُو بَكْرِ بْنُ أَبِي شَيْبَةَ، وَسُوَيْدُ بْنُ سَعِيدٍ، وَعَبْدُ اللَّهِ بْنُ عَامِرِ بْنِ زُرَارَةَ، وَإِسْمَاعِيلُ بْنُ مُوسَى، قَالُوا: حَدَّثَنَا شَرِيكٌ، عَنْ سِمَاكٍ، عَنْ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ مَسْعُودٍ، عَنْ أَبِيهِ، قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: «مَنْ كَذَبَ عَلَيَّ مُتَعَمِّدًا، فَلْيَتَبَوَّأْ مَقْعَدَهُ مِنَ النَّارِ»
__________
حديث رقم – 31-
( صحيح )
(حَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ عَامِرِ بْنِ زُرَارَةَ، وَإِسْمَاعِيلُ بْنُ مُوسَى، قَالَا: حَدَّثَنَا شَرِيكٌ، عَنْ مَنْصُورٍ، عَنْ رِبْعِيِّ بْنِ حِرَاشٍ، عَنْ عَلِيٍّ، قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: «لَا تَكْذِبُوا عَلَيَّ، فَإِنَّ الْكَذِبَ عَلَيَّ يُولِجُ النَّارَ»)
حديث رقم – 32-
( صحيح )
(حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ رُمْحٍ الْمِصْرِيُّ قَالَ: حَدَّثَنَا اللَّيْثُ بْنُ سَعْدٍ، عَنِ ابْنِ شِهَابٍ، عَنْ أَنَسِ بْنِ مَالِكٍ، قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: «مَنْ كَذَبَ عَلَيَّ – حَسِبْتُهُ قَالَ مُتَعَمِّدًا – فَلْيَتَبَوَّأْ مَقْعَدَهُ مِنَ النَّارِ» )
حديث رقم – 33-
( صحيح )
(حَدَّثَنَا أَبُو خَيْثَمَةَ زُهَيْرُ بْنُ حَرْبٍ قَالَ: حَدَّثَنَا هُشَيْمٌ عَنْ أَبِي الزُّبَيْرِ، عَنْ جَابِرٍ، قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: «مَنْ كَذَبَ عَلَيَّ مُتَعَمِّدًا، فَلْيَتَبَوَّأْ مَقْعَدَهُ مِنَ النَّارِ»)
من الفوائد :
هذا الحديث جعله العلماء حديثا متواترا ، لأنه تواتر – قيل عن خمسين ، وقيل عن ستين ، وقيل عن أكثر من ذلك من الصحابة رضي الله عنهم – فذكروه من أمثلة الحديث المتواتر وهو المتواتر الحقيقي ، لأن هناك تواترت معنويا مثل أحاديث المسح على الخفين ومثل أحاديث الشفاعة ، فهذه من أقسام الحديث المتواتر معنويا ، فالمتواتر الحقيقي من أمثلته هذا الحديث .
وهذا الحديث استدل به العلماء على أن الكذب على رسول الله صلى الله عليه وسلم كبيرة من كبائر الذنوب ، لأن الله سبحانه وتعالى قد توعد عليه بالنار ، وأخرج هذا الحديث من ذكر حديثا عن رسول الله صلى الله عليه وسلم على سبيل النسيان فأخطأ ، فإنه لا يكون له مثل هذا العقاب ، وقال بعض العلماء إنه لا يأثم ، والصواب أنه يأثم لأنه لا يجوز لأحد أن يتحدث عن رسول الله صلى الله عليه وسلم بما لا يعلمه، أما إخراج الجاهل والناسي من هذا الحديث فكما قالوا ، لكن كونه يكون سالما من الإثم – كلا .
ومن الفوائد :
أن كثرة النقولات بهذا اللفظ تدل على أن الحديث متواتر .
حديث رقم – 34-
( حسن صحيح )
(حَدَّثَنَا أَبُو بَكْرِ بْنُ أَبِي شَيْبَةَ قَالَ: حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ بِشْرٍ، عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ عَمْرٍو، عَنْ أَبِي سَلَمَةَ، عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ، قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: «مَنْ تَقَوَّلَ عَلَيَّ مَا لَمْ أَقُلْ، فَلْيَتَبَوَّأْ مَقْعَدَهُ مِنَ النَّارِ»)
من الفوائد :
أن هذا الحديث يفيد فائدة على ما سبق وهي التعبير بقوله ( من تقوَّل ) يدل على أنه تكلَّف ، فقد يكذب الإنسان على رسول الله صلى الله عليه وسلم ، لكن هنا قد لا يكذب كذبا متعمدا لكنه يتكلَّف هذا الأمر ، فيكون كحكم من فعل ذلك ابتداء ، قد يكون علق في ذهنه شيء من القول فظن أنه حديث عن رسول الله صلى الله عليه وسلم .
وهذا يدل – وهو التواتر – يدل على أن هذا الحديث لما أتى بهذه الكثرة يدل على أن النبي صلى الله عليه وسلم أراد أن يعظم سنته ، وأن الزيادة عليها قدح في الدين .
حديث رقم – 35-
( حسن )
(حَدَّثَنَا أَبُو بَكْرِ بْنُ أَبِي شَيْبَةَ قَالَ: حَدَّثَنَا يَحْيَى بْنُ يَعْلَى التَّيْمِيُّ، عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ إِسْحَاقَ، عَنْ مَعْبَدِ بْنِ كَعْبٍ، عَنْ أَبِي قَتَادَةَ، قَالَ: سَمِعْتُ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَقُولُ عَلَى هَذَا الْمِنْبَرِ: «إِيَّاكُمْ وَكَثْرَةَ الْحَدِيثِ عَنِّي، فَمَنْ قَالَ عَلَيَّ، فَلْيَقُلْ حَقًّا أَوْ صِدْقًا، وَمَنْ تَقَوَّلَ عَلَيَّ مَا لَمْ أَقُلْ، فَلْيَتَبَوَّأْ مَقْعَدَهُ مِنَ النَّارِ» )
من الفوائد :
أن الإشارة من الصحابي رضي الله عنه إلى المنبر يدل على أن الأمر خطير ، لأن منبر النبي صلى الله عليه وسلم له مكانة في الشرع كما جاءت بذلك أحاديث كثيرة
فهذا يدل على أنه سمع من رسول الله صلى الله عليه وسلم هذا الحديث على مسمع من الناس مبينا فيه التحذير من كثرة الحديث عن رسول الله صلى الله عليه وسلم ، لأن كثرة الحديث تفضي بالإنسان ولا محالة إلى أن يقول ” قال النبي صلى الله عليه وسلم ” وهو لم يقله ، ولذلك أكد فقال ( صدقا أو حقا ) فما دون ذلك فأمسك لسانك ، فما ترددت فيه فأمسك لسانك .
حديث رقم – 36-
( صحيح )
( حَدَّثَنَا أَبُو بَكْرِ بْنُ أَبِي شَيْبَةَ، وَمُحَمَّدُ بْنُ بَشَّارٍ، قَالَا: حَدَّثَنَا غُنْدَرٌ مُحَمَّدُ بْنُ جَعْفَرٍ قَالَ: حَدَّثَنَا شُعْبَةُ، عَنْ جَامِعِ بْنِ شَدَّادٍ أَبِي صَخْرَةَ، عَنْ عَامِرِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ الزُّبَيْرِ، عَنْ أَبِيهِ، قَالَ: قُلْتُ: لِلزُّبَيْرِ بْنِ الْعَوَّامِ، مَا لِيَ لَا أَسْمَعُكَ تُحَدِّثُ عَنْ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ كَمَا أَسْمَعُ ابْنَ مَسْعُودٍ، وَفُلَانًا وَفُلَانًا؟ قَالَ: أَمَا إِنِّي لَمْ أُفَارِقْهُ مُنْذُ أَسْلَمْتُ، وَلَكِنِّي سَمِعْتُ مِنْهُ كَلِمَةً، يَقُولُ: «مَنْ كَذَبَ عَلَيَّ مُتَعَمِّدًا، فَلْيَتَبَوَّأْ مَقْعَدَهُ مِنَ النَّارِ» )
حديث رقم – 37-
( صحيح )
(حَدَّثَنَا سُوَيْدُ بْنُ سَعِيدٍ قَالَ: حَدَّثَنَا عَلِيُّ بْنُ مُسْهِرٍ، عَنْ مُطَرِّفٍ، عَنْ عَطِيَّةَ، عَنْ أَبِي سَعِيدٍ، قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: «مَنْ كَذَبَ عَلَيَّ مُتَعَمِّدًا، فَلْيَتَبَوَّأْ مَقْعَدَهُ مِنَ النَّارِ»)
من الفوائد :
أن الزبير بن العوام رضي الله عنه لم يفارق رسول الله صلى الله عليه وسلم منذ أسلم ، فدل على أنه لم يصحبه دون أن يكون له وعي أو حرص – كلا – لديه حرص على حفظ واستماع ما قاله النبي صلى الله عليه وسلم ، ولكنه ما أقدم على كثرة الحديث خيفة من أن يصدق عليه هذا الحديث ، وكما أسلفت هو رأى أن غيره من الصحابة رضي الله عنهم كابن مسعود وغيره أتوا بالواجب الذي أسقط الإثم عن الآخرين .
بَابُ مَنْ حَدَّثَ عَنْ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ حَدِيثًا وَهُوَ يَرَى أَنَّهُ كَذِبٌ
حديث رقم – 38-
( صحيح )
(حَدَّثَنَا أَبُو بَكْرِ بْنُ أَبِي شَيْبَةَ قَالَ: حَدَّثَنَا عَلِيُّ بْنُ هَاشِمٍ، عَنِ ابْنِ أَبِي لَيْلَى، عَنِ الْحَكَمِ، عَنْ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ أَبِي لَيْلَى، عَنْ عَلِيٍّ، عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ: «مَنْ حَدَّثَ عَنِّي حَدِيثًا وَهُوَ يَرَى أَنَّهُ كَذِبٌ، فَهُوَ أَحَدُ الْكَاذِبَيْنِ» )
حديث رقم – 39-
( صحيح )
(حَدَّثَنَا أَبُو بَكْرِ بْنُ أَبِي شَيْبَةَ قَالَ: حَدَّثَنَا وَكِيعٌ، ح وَحَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ بَشَّارٍ، قَالَ: حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ جَعْفَرٍ، قَالَا: حَدَّثَنَا شُعْبَةُ، عَنِ الْحَكَمِ، عَنْ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ أَبِي لَيْلَى، عَنْ سَمُرَةَ بْنِ جُنْدَبٍ، عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ: «مَنْ حَدَّثَ عَنِّي حَدِيثًا وَهُوَ يَرَى أَنَّهُ كَذِبٌ، فَهُوَ أَحَدُ الْكَاذِبَيْنِ»)
حديث رقم – 40-
( صحيح )
(حَدَّثَنَا عُثْمَانُ بْنُ أَبِي شَيْبَةَ قَالَ: حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ فُضَيْلٍ، عَنِ الْأَعْمَشِ، عَنِ الْحَكَمِ، عَنْ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ أَبِي لَيْلَى، عَنْ عَلِيٍّ، عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ: «مَنْ رَوَى عَنِّي حَدِيثًا وَهُوَ يَرَى أَنَّهُ كَذِبٌ، فَهُوَ أَحَدُ الْكَاذِبَيْنِ» حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ قَالَ: أَنْبَأَنَا الْحَسَنُ بْنُ مُوسَى الْأَشْيَبُ، عَنْ شُعْبَةَ، مِثْلَ حَدِيثِ سَمُرَةَ بْنِ جُنْدَبٍ)
حديث رقم – 41-
( صحيح )
(حَدَّثَنَا أَبُو بَكْرِ بْنُ أَبِي شَيْبَةَ قَالَ: حَدَّثَنَا وَكِيعٌ، عَنْ سُفْيَانَ، عَنْ حَبِيبِ بْنِ أَبِي ثَابِتٍ، عَنْ مَيْمُونِ بْنِ أَبِي شَبِيبٍ، عَنِ الْمُغِيرَةِ بْنِ شُعْبَةَ، قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: «مَنْ حَدَّثَ عَنِّي بِحَدِيثٍ وَهُوَ يَرَى أَنَّهُ كَذِبٌ، فَهُوَ أَحَدُ الْكَاذِبَيْنِ» )
من الفوائد :
أن هذا الحديث يرد به على بعض الوضاعين ، لأن من يضع الحديث في السنة له نوايا ، إما أن يقصد بذلك الطعن في الشريعة فيأتي بأحاديث لا تليق بالشريعة .
وإما أن يتزلف إلى أمير أو إلى حاكم بذكر حديث في صفة في هذا الأمير أو في مهنة يمتهنها هذا الأمير لينال مكافأة .
أو يقصد بذلك تدعيم مذهبه ومعتقده كالروافض ومن شابههم أو يقصد بذلك أن يرغب الناس في شيء في الدين ، أو يرهب الناس في شيء في الدين لكن لم يقله النبي صلى الله عليه وسلم ، فأراد حث الناس على هذا الأمر أو ترهيبهم من هذا الأمر، فهذه أسباب متعددة في الوضع ، فهذا الحديث يرد على الصنف الأخير ، لأنه قال : ( وهو يُرى أنه كذب ) يعني يظن ، وضبط ( وهو يَرى ) يعني يعلم ، فإنه داخل تحت هذا الحكم ، لأن البعض منهم يقول أنا لم أكذب على رسول الله صلى الله عليه وسلم ، لأن الرسول صلى الله عليه وسلم قال : ( من كذب علي ) أنا لم أكذب عليه ، ولكنني كذبت له من أجل أن أحث الناس على هذه العبادة أو أرهب الناس من هذا الشر ، فيقال أنت داخل ضمن هذا الحديث .
ومن الفوائد :
أن قوله ( فهو أحد الكاذِبَيْن ) يعني أنه شريك في الإثم ، يعني من نقل هذا الحديث وهو يعلم أنه موضوع قد وضعه من سبقه فهو مثله في الحكم .
وضبط ( فهو أحد الكاذِبِين ) يقصد على المجموع ، يعني أنه من ضمن الكذابين .
ومن الفوائد :
أن التعبير بقوله ( من روى ) يدل على أنه رواه من غيره ، فهذا يفيد أن الناقل لحديث قد وضعه شخص أخر أنه مثله ، لأنه قال ( من روى )
بَابُ اتِّبَاعِ سُنَّةِ الْخُلَفَاءِ الرَّاشِدِينَ الْمَهْدِيِّينَ
حديث رقم – 42-
( صحيح )
(حَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ أَحْمَدَ بْنِ بَشِيرِ بْنِ ذَكْوَانَ الدِّمَشْقِيُّ حَدَّثَنَا الْوَلِيدُ بْنُ مُسْلِمٍ قَالَ: حَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ الْعَلَاءِ يَعْنِي ابْنَ زَبْرٍ قَالَ: حَدَّثَنِي يَحْيَى بْنُ أَبِي الْمُطَاعِ، قَالَ: سَمِعْتُ الْعِرْبَاضَ بْنَ سَارِيَةَ، يَقُولُ: قَامَ فِينَا رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ذَاتَ يَوْمٍ، فَوَعَظَنَا مَوْعِظَةً بَلِيغَةً، وَجِلَتْ مِنْهَا الْقُلُوبُ، وَذَرَفَتْ مِنْهَا الْعُيُونُ، فَقِيلَ يَا رَسُولَ اللَّهِ: وَعَظْتَنَا مَوْعِظَةَ مُوَدِّعٍ، فَاعْهَدْ إِلَيْنَا بِعَهْدٍ، فَقَالَ: «عَلَيْكُمْ بِتَقْوَى اللَّهِ، وَالسَّمْعِ وَالطَّاعَةِ، وَإِنْ عَبْدًا حَبَشِيًّا، وَسَتَرَوْنَ مِنْ بَعْدِي اخْتِلَافًا شَدِيدًا، فَعَلَيْكُمْ بِسُنَّتِي، وَسُنَّةِ الْخُلَفَاءِ الرَّاشِدِينَ الْمَهْدِيِّينَ، عَضُّوا عَلَيْهَا بِالنَّوَاجِذِ، وَإِيَّاكُمْ وَالْأُمُورَ الْمُحْدَثَاتِ، فَإِنَّ كُلَّ بِدْعَةٍ ضَلَالَةٌ» )
من الفوائد :
أن الرسول صلى الله عليه وسلم قد وعظ الصحابة رضي الله عنهم موعظة بالغ فيها بالإنذار ، وليس معنى هذا أنه بليغ من حيث اللفظ والمعنى – لا شك أنه بليغ عليه الصلاة والسلام – ولكن بالغ في الإنذار لأن الأمر جد خطير ، فشعر الصحابة رضي الله عنهم بأنها موعظة مودع ، فأوصاهم عليه الصلاة والسلام بأمور :
أن يسمعوا وأن يطيعوا لولاة الأمر ، ولو كان هذا الولي عبدا حبشيا ، وفي رواية ( كأن رأسه زبيبة ) ومعلوم أن الرقيق لا يولى ، ولكن حمل العلماء ذكر العبد هنا في الولاية حملوه على المبالغة ، حتى ولو كان عبدا حبشيا .
وحمله بعضهم على الحقيقة فقال : حتى لو كان وليا حقيقيا بحيث استولى بقوة منه على الرئاسة .
وحمله بعضهم على الحقيقة فقال : إذا ولي من ولي الأمر العام .
ثم ذكر عليه الصلاة والسلام ما يتعلق بهذه الولاية ، فإن الولاية يحصل فيها اختلاف ، فقد ترى اختلافا كثيرا متباينا من الخلفاء في سنة رسول الله صلى الله عليه وسلم ، فلا يحق لك مع هذا الاختلاف لا يحق لك ألا تسمع وألا تطيع ، اسمع وأطع ، ولذلك قال تعالى : { يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُواْ أَطِيعُواْ اللّهَ وَأَطِيعُواْ الرَّسُولَ وَأُوْلِي الأَمْرِ مِنكُمْ } ماذا قال بعدما مما يدل على وجود الاختلاف ، وأنه لا يجوز لأحد أن يخرج على ولي الأمر ؟
{ فَإِن تَنَازَعْتُمْ فِي شَيْءٍ فَرُدُّوهُ إِلَى اللّهِ وَالرَّسُولِ إِن كُنتُمْ تُؤْمِنُونَ بِاللّهِ وَالْيَوْمِ الآخِرِ ذَلِكَ خَيْرٌ وَأَحْسَنُ تَأْوِيلاً } النساء59.
وكلٌ يحاسب على ما صنع ما لم يأت بكفر بواح ، أنتم إذا رأيتم عليهم هذا الاختلاف عليكم بسنة رسول الله صلى الله عليه وسلم ( فعليكم بسنتي وسنة الخلفاء الراشدين المهديين من بعدي عضوا عليها بالنواجذ ) يعني بالأضراس ، يدل على أن الاهتمام والتمسك بسنة رسول الله صلى الله عليه وسلم يتأكد تأكيدا بالغا ، فإن الذي يمسك بالأضراس هو الشيء الثمين .
ومن الفوائد :
هل هذا الحديث المراد منه الخلفاء الراشدون الأربعة ، أم يدخل تحتهم ممن قام بسنة رسول الله صلى الله عليه وسلم ؟
قولان ، والصواب أنه شامل لكل ولي قام بسنة رسول الله صلى الله عليه وسلم إلى قيام الساعة .
ومن الفوائد :
أن قوله ( المهديين ) يرد ذلك الحديث الذي لفظه ( لا مهدي إلا عيسى ) ولو صح فإنه يحمل على أن عيسى عليه السلام هو أعظم المهديين ، ولا ينفي أن ما سواه يكون مهديا .
ومن الفوائد :
أن النبي صلى الله عليه وسلم لما ذكر السنة ذكر البدعة ، فدل على أن البدعة لا يمكن أن تتوافق مع السنة في أي حال من الأحوال ، فإذا حلت بالناس بدعة ارتفعت سنة ، فإنهما متناقضان ، كما يتناقض التوحيد مع الشرك .
ومن الفوائد :
الرد على من زعم أن البدعة تنقسم إلى خمسة أقسام ، وقد ذهب إلى ذلك النووي رحمه الله ، وكل يؤخذ من قوله ويرد ، وإن كان عالما فاضلا ، فإنه رأى أن البدعة تنقسم إلى خمسة أقسام ، إذ قال وهناك بدعة واجبة وبدعة مستحبة وبدعة محرمة وبدعة مكروهة وبدعة مباحة .
والصواب أن النبي صلى الله عليه وسلم فصل في الموضوع ( وكل بدعة ضلالة )
حديث رقم – 43 –
( صحيح )
(حَدَّثَنَا إِسْمَاعِيلُ بْنُ بِشْرِ بْنِ مَنْصُورٍ، وَإِسْحَاقُ بْنُ إِبْرَاهِيمَ السَّوَّاقُ، قَالَا: حَدَّثَنَا عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ مَهْدِيٍّ عَنْ مُعَاوِيَةَ بْنِ صَالِحٍ، عَنْ ضَمْرَةَ بْنِ حَبِيبٍ، عَنْ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ عَمْرٍو السُّلَمِيِّ، أَنَّهُ سَمِعَ الْعِرْبَاضَ بْنَ سَارِيَةَ، يَقُولُ: وَعَظَنَا رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مَوْعِظَةً ذَرَفَتْ مِنْهَا الْعُيُونُ، وَوَجِلَتْ مِنْهَا الْقُلُوبُ، فَقُلْنَا: يَا رَسُولَ اللَّهِ، إِنَّ هَذِهِ لَمَوْعِظَةُ مُوَدِّعٍ، فَمَاذَا تَعْهَدُ إِلَيْنَا؟ قَالَ: «قَدْ تَرَكْتُكُمْ عَلَى الْبَيْضَاءِ لَيْلُهَا كَنَهَارِهَا، لَا يَزِيغُ عَنْهَا بَعْدِي إِلَّا هَالِكٌ، مَنْ يَعِشْ مِنْكُمْ فَسَيَرَى اخْتِلَافًا كَثِيرًا، فَعَلَيْكُمْ بِمَا عَرَفْتُمْ مِنْ سُنَّتِي، وَسُنَّةِ الْخُلَفَاءِ الرَّاشِدِينَ الْمَهْدِيِّينَ، عَضُّوا عَلَيْهَا بِالنَّوَاجِذِ، وَعَلَيْكُمْ بِالطَّاعَةِ، وَإِنْ عَبْدًا حَبَشِيًّا، فَإِنَّمَا الْمُؤْمِنُ كَالْجَمَلِ الْأَنِفِ، حَيْثُمَا قِيدَ انْقَادَ»
)
من الفوائد :
أن النبي صلى الله عليه وسلم وعظ أصحابه بموعظة بليغة ، وهذه الموعظة أثرت فيهم إلى أن ذرفت وسالت منهم الدموع ووجلت منها القلوب ، وهذا يجعل المتحدث والواعظ مستحضرا لما يقول ، فإذا استحضر ما يقوله عن الله أو عن رسول الله صلى الله عليه وسلم أصبح لموعظته أثرا ، لكن إذا كان ما يقوله بعيد عنه قلبه ، فإنه في الغالب لا تكون هذه الموعظة لها أثر كبير .
ومن الفوائد :
أن النبي صلى الله عليه وسلم بين كل شيء ، فتركها على الطريقة البيضاء فلا يختلف لونها لا في ليل ولا في نهار ، فقد قامت الحجة ، ففيه رد على المبتدعة وعلى الوضاعين الذين أتوا بأشياء زائدة على الشرع .
ومن الفوائد :
أن الخارج عن هذه المحجة البيضاء يكون في هلاك ، وإذا هلك دين الإنسان هلكت دنياه ، فلا بركة في دنيا من لا يكون على طريقة الشرع .
ومن الفوائد :
وصف المؤمن بالجمل الأنف الذي يوضع الزمام في أنفه فيقاد حيث ما انقاد حتى من الطفل ، فدل على أن المؤمن لا يمكن أن ينازع الأمر أهله ، حتى ولو كان هذا الولي صغيرا ، حتى ولو كان عبدا حبشيا ، فيجب عليك السمع والطاعة مهما عظمت ولو رأيت من أعلى منك لا يستحق ذلك فيجب عليك أن تنقاد .
لم هذا الحث على السمع والطاعة لولاة الأمر ؟
لأن أمور الناس لا يمكن أن تصلح أبدا إلا بالولاة ، ولا يمكن أن تقوم لهم قائمة في أمور دينهم ودنياهم ، والواقع خير شاهد ، في الدول الأخرى التي تمنوا أن تذهب رؤساؤها وحلَّ محلهم أناس آخرون ، وصفوا الزعيم السابق بأن وقته بمثابة الجنة ، مع أن فيه شرا ، فهذا يتنبه إليه .
ومن الفوائد :
أن المسلم متى ما جاءه الحق من عالم أو من غيره فإن عليه أن ينقاد ، قد ترى أن المتحدث أقل منك منزلة لكن تقبل هذا الحديث لأنه حديث رسول الله صلى الله عليه وسلم ، لأن الشرع قد جاء به .
حديث رقم – 44-
( صحيح )
(حَدَّثَنَا يَحْيَى بْنُ حَكِيمٍ قَالَ: حَدَّثَنَا عَبْدُ الْمَلِكِ بْنُ الصَّبَّاحِ الْمِسْمَعِيُّ قَالَ: حَدَّثَنَا ثَوْرُ بْنُ يَزِيدَ، عَنْ خَالِدِ بْنِ مَعْدَانَ، عَنْ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ عَمْرٍو، عَنِ الْعِرْبَاضِ بْنِ سَارِيَةَ، قَالَ: صَلَّى بِنَا رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ صَلَاةَ الصُّبْحِ ثُمَّ أَقْبَلَ عَلَيْنَا بِوَجْهِهِ فَوَعَظَنَا مَوْعِظَةً بَلِيغَةً فَذَكَرَ نَحْوَهُ )
من الفوائد :
هذه الرواية بينت أن هذه الموعظة بعد صلاة الفجر ، وأنه ينبغي للمتحدث أن يكون مستقبلا لوجوه القوم لأن هذا أنفع في إقبالهم وقبولهم لحديثهم .
ومن الفوائد :
أن الحديث بعد الفجر ليس منهيا عنه ، فالبعض من الناس قد يأنف من أن يتحدث الإمام أو أن يتحدث شخص بعد صلاة الفجر ، وهذا يرده هذا الحديث ، ولا شك أن الإنسان مطالب بأن يختار الأوقات المناسبة للناس إذا أراد أن يحدثهم حتى يقبلوا ما يريد أن يقوله .
بَابُ اجْتِنَابِ الْبِدَعِ وَالْجَدَلِ
حديث رقم – 45-
( صحيح )
(حَدَّثَنَا سُوَيْدُ بْنُ سَعِيدٍ، وَأَحْمَدُ بْنُ ثَابِتٍ الْجَحْدَرِيُّ، قَالَا: حَدَّثَنَا عَبْدُ الْوَهَّابِ الثَّقَفِيُّ، عَنْ جَعْفَرِ بْنِ مُحَمَّدٍ، عَنْ أَبِيهِ، عَنْ جَابِرِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ، قَالَ: كَانَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: إِذَا خَطَبَ احْمَرَّتْ عَيْنَاهُ، وَعَلَا صَوْتُهُ، وَاشْتَدَّ غَضَبُهُ، كَأَنَّهُ مُنْذِرُ جَيْشٍ يَقُولُ: «صَبَّحَكُمْ مَسَّاكُمْ» وَيَقُولُ: «بُعِثْتُ أَنَا وَالسَّاعَةَ كَهَاتَيْنِ، وَيَقْرِنُ بَيْنَ إِصْبَعَيْهِ السَّبَّابَةِ وَالْوُسْطَى» ثُمَّ يَقُولُ: «أَمَّا بَعْدُ، فَإِنَّ خَيْرَ الْأُمُورِ كِتَابُ اللَّهِ، وَخَيْرُ الْهَدْيِ هَدْيُ مُحَمَّدٍ، وَشَرُّ الْأُمُورِ مُحْدَثَاتُهَا، وَكُلُّ بِدْعَةٍ ضَلَالَةٌ» وَكَانَ يَقُولُ: «مَنْ تَرَكَ مَالًا فَلِأَهْلِهِ، وَمَنْ تَرَكَ دَيْنًا أَوْ ضَيَاعًا، فَعَلَيَّ وَإِلَيَّ» )
من الفوائد :
أن الرسول صلى الله عليه وسلم يستحضر ما كان يتلقاه من الله سبحانه وتعالى ويعظم الوحي فيحمر وجهه ويعلو صوته ، حتى وصف بأنه ( منذر جيش ) إذا أتى إلى القوم وقال إن الجيش قد داهمكم في الصباح أو في المساء ، ولذلك عبَّر عنه بالماضي ( صبحكم ومساكم ) لأنه متحقق وقوع هذا الشيء المخوف ، فتنبهوا إلى هذا الأمر .
وهذا يدل على حرصه عليه الصلاة والسلام في تبليغ الناس الخير ( كأنه منذر جيش ) يريد أن ينقذ قومه من مداهمة العدو .
ومن الفوائد :
أنه عليه الصلاة والسلام قال : ( بعث والساعة كهاتين وأشار بالسبابة والوسطى ) يدل على أنه ليس بينه وبين الساعة نبي ، فيستدل بهذا اللفظ على أنه خاتم الأنبياء ، فلا نبي بينه وبين الساعة .
وقد حمل بعض العلماء هذا الحديث : على أن المدة قريبة كقرب طرف السبابة من طرف الوسطى ، وليس معنى هذا أنه والساعة سواء –لا – ولذلك أتت رواية ( بعث في نسم الساعة ) يعني في بداية الساعة .
ومن الفوائد :
أن القيامة قريبة ببعثة رسول الله صلى الله عليه وسلم ، فما ظنكم في زمننا هذا ؟!
ومن الفوائد :
أن المتحدث ينبغي له أن يصدر حديثه بعد الثناء على الله سبحانه وتعالى بقوله ( أما بعد ) وأما قول البعض ( وبعد ) أو ( ثم أما بعد ) فلا يعلم لذلك أصل في سنة رسول الله صلى الله عليه وسلم ، وإنما اللفظ المشهور المعروف في السنة ( أما بعد ) دون زيادة ودون تبديل .
ومن الفوائد :
أن النبي صلى الله عليه وسلم بين في هذا الحديث أن الخيرية تكمن في أمرين ، في كتاب الله عز وجل ، و في سنته عليه الصلاة والسلام .
ومن الفوائد :
أن قوله ( وخير الهدي ) ضبط ( وخير الهُدى ) بضم الهاء وفتح الدال .
ومن الفوائد :
أن قوله ( فعلي وإلي ) هذا من باب الطي والنشر ، ( علي ) ما الذي على النبي صلى الله عليه وسلم ؟ الدين والضياع الذين هو الأولاد ، لأنه إذا لم يكن لهم والي ضاعوا .
( وإلي ) في تربيتهم وتولي شؤونهم ، وهذا يدل على أن بيت مال المسلمين يتولى أمر من كان عاجزا ، فمن كان عاجزا فإن بيت مال المسلمين يتولى أمره ، ولا يجوز أن يهمل وأن يترك .
حديث رقم – 46-
( ضعيف )
(حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ عُبَيْدِ بْنِ مَيْمُونٍ الْمَدَنِيُّ أَبُو عُبَيْدٍ قَالَ: حَدَّثَنَا أَبِي، عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ جَعْفَرِ بْنِ أَبِي كَثِيرٍ، عَنْ مُوسَى بْنِ عُقْبَةَ، عَنْ أَبِي إِسْحَاقَ، عَنْ أَبِي الْأَحْوَصِ، عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ مَسْعُودٍ، أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ: ” إِنَّمَا هُمَا اثْنَتَانِ، الْكَلَامُ وَالْهَدْيُ، فَأَحْسَنُ الْكَلَامِ كَلَامُ اللَّهِ، وَأَحْسَنُ الْهَدْيِ هَدْيُ مُحَمَّدٍ، أَلَا وَإِيَّاكُمْ وَمُحْدِثَاتِ الْأُمُورِ، فَإِنَّ شَرَّ الْأُمُورِ مُحْدَثَاتُهَا، وَكُلُّ مُحْدَثَةٍ بِدْعَةٌ، وَكُلُّ بِدْعَةٍ ضَلَالَةٌ، أَلَا لَا يَطُولَنَّ عَلَيْكُمُ الْأَمَدُ، فَتَقْسُوَ قُلُوبُكُمْ، أَلَا إِنَّ مَا هُوَ آتٍ قَرِيبٌ، وَإِنَّمَا الْبَعِيدُ مَا لَيْسَ بِآتٍ، أَلَا إِنَّمَا الشَّقِيُّ مَنْ شَقِيَ فِي بَطْنِ أُمِّهِ، وَالسَّعِيدُ مَنْ وُعِظَ بِغَيْرِهِ، أَلَا إِنَّ قِتَالَ الْمُؤْمِنِ كُفْرٌ وَسِبَابُهُ فُسُوقٌ، وَلَا يَحِلُّ لِمُسْلِمٍ أَنْ يَهْجُرَ أَخَاهُ فَوْقَ ثَلَاثٍ، أَلَا وَإِيَّاكُمْ وَالْكَذِبَ، فَإِنَّ الْكَذِبَ لَا يَصْلُحُ بِالْجِدِّ وَلَا بِالْهَزْلِ، وَلَا يَعِدُ الرَّجُلُ صَبِيَّهُ ثُمَّ لَا يَفِي لَهُ، فَإِنَّ الْكَذِبَ يَهْدِي إِلَى الْفُجُورِ، وَإِنَّ الْفُجُورَ يَهْدِي إِلَى النَّارَ، وَإِنَّ الصِّدْقَ يَهْدِي إِلَى الْبِرِّ، وَإِنَّ الْبِرَّ يَهْدِي إِلَى الْجَنَّةِ، وَإِنَّهُ يُقَالُ لِلصَّادِقِ: صَدَقَ وَبَرَّ، وَيُقَالُ لِلْكَاذِبِ: كَذَبَ وَفَجَرَ، أَلَا وَإِنَّ الْعَبْدَ يَكْذِبُ حَتَّى يُكْتَبَ عِنْدَ اللَّهِ كَذَّابًا “)
من الفوائد :
أن هذا الحديث مع ضعفه في بعض جمله ما هو صحيح ، ومنها ما هو مؤيد بأحاديث أخرى .
ومن الفوائد :
أن قوله : ( فأحسن الكلام كلام الله ، وأحسن الهدي هدي محمد ) هذا يدل عليه ما سبق من وعظ النبي صلى الله عليه وسلم فيحمر وجهه ويعلو صوته .
ومن الفوائد :
أن قوله : ( ألا يطولن عليكم الأمد فتقسوا قلوبكم ) أيضا هذا له ما يدل عليه من كلام الله سبحانه وتعالى : { أَلَمْ يَأْنِ لِلَّذِينَ آمَنُوا أَن تَخْشَعَ قُلُوبُهُمْ لِذِكْرِ اللَّهِ وَمَا نَزَلَ مِنَ الْحَقِّ وَلَا يَكُونُوا كَالَّذِينَ أُوتُوا الْكِتَابَ مِن قَبْلُ فَطَالَ عَلَيْهِمُ الْأَمَدُ فَقَسَتْ قُلُوبُهُمْ وَكَثِيرٌ مِّنْهُمْ فَاسِقُونَ } الحديد16 ، فدل على أن طول العهد عن الأخذ بالشرع يقسي القلب وأن على المسلم أن يكون قريبا من شرع الله ، وأن يكون قريبا من العلم ومن الدروس ومن المحاضرات ، لأنها حياة القلوب .
وضبط في رواية ( الأمل ) فدل على أن طول الأمل مودي بالإنسان إلى الهلاك ، فيأمل أن يطول عمره ويتوب فيما بعد ذلك فيكون في طول أمل حتى يفجأه الموت فيهلك .
ومن الفوائد :
أن قوله : ( ألا إن ما هو آت قريب وإنما البعيد ما ليس بآت ) دليله من كتاب الله عز وجل ، قوله تعالى : {اقْتَرَبَ لِلنَّاسِ حِسَابُهُمْ وَهُمْ فِي غَفْلَةٍ مَّعْرِضُونَ }الأنبياء1 .
ومن الفوائد :
قوله ( إنما الشقي من شقي في بطن أمه ) يدل له ما جاء في الصحيحين ( أن الملك يؤمر بكتابة رزقه وأجله وشقي أو سعيد )
ومن الفوائد :
أن قتال المؤمن من شأن الكفار ، لأنه لا يقاتل المؤمنين إلا الكفار ، ومن قاتل المؤمنين ففي إيمانه خلل ، ولذلك لو استحل هذا الأمر كفر .
وسباب المؤمنين فسوق لأنه من شأن الفساق ، فإنه لا يمكن أن يسب مؤمن مؤمنا إلا إذا كان فاسقا ، ولذلك تروا أن من يلزم أو يهمز بالصالحين إنما هم الفساق .
ومن الفوائد :
قوله ( ولا يحل للمسلم أن يهجر أخاه فوق ثلاث ) هذا أيضا جاء في أحاديث أخرى عند البخاري وغيره .
والهجران حدد بثلاث ليال ، وهذا يدل على أن الشريعة تراعي نفوس البشر ، فإنه لو كان بينك وبين شخص مغاضبة فإن النفس لا يمكن أن تميل في نفس اللحظة فتحتاج إلى وقت حتى تستريح وحتى تعيد النظر ، اللهم إلا إذا كان المهجور صاحب معصية ينزجر عن معصيته مع طول الهجر فيجوز الهجر ، كما هجر النبي صلى الله عليه وسلم الثلاثة الذين تخلفوا في غزوة تبوك ، وكذلك إذا كان فيه تأديبٌ للزوجات ، فإن النبي صلى الله عليه وسلم قد هجر نساءه شهرا كاملا .
ومن الفوائد :
أن جملة ( فإن الكذب لا يصلح بالجد ولا بالهزل ) ترد على من قال إن هناك كذبة بيضاء وكذبة سوداء ، فالكذب واحد ، وسيأتي حديث ( أنا زعيم ببيت في ربض الجنة لمن ترك المراء ولو كان محقا ، وببيت في وسط الجنة لمن ترك الكذب وإن كان مازحا ) فدل على أن الكذب سيء ، سواء كان في جد أو في هزل .
ومن الفوائد :
أن قوله ( ولا يعد الرجل صبيه ثم لا يفي له ) يدل عليه حديث عامر بن أبي ربيعة ( لما كان النبي صلى الله عليه وسلم في بيتهم ، فأرادت المرأة أن تعطيه تمرة ، فقالت تعال ، فقال النبي صلى الله عليه وسلم ماذا أردت أن تعطيه ؟ قالت تمرة ، فقال أما إنك لو لم تفعلي لكتبت عليك كذبة ) فدل على أن الإنسان لا يجوز له أن يكذب حتى مع الصغير لا لتسكيت ولا لسلامة من إزعاج أو ما شابه ذلك ، فيجب أن تصدق حتى مع الأطفال .
ومن الفوائد :
قوله 🙁 وإن الكذب يهدي إلى الفجور ، وإن الفجور يهدي إلى النار ، وإن الصدق يهدي إلى الجنة ، وإن الصدق يهدي إلى البر ) يدل له حديث ابن مسعود رضي الله عنه في الصحيح ، فأفهم هذا الحديث أن من شأن الكذب أن يجر الإنسان إلى الفجور ، ومن أنواع الفجور أن يحلف بالله كاذبا من أجل مصلحة دنوية أو ما شابه ذلك ، وإذا وقع في الفجور فالفجور بريد النار .
ومن الفوائد :
أن من تعود الكذب يكتب عليه بأنه عند الله كذاب .
وقال بعض العلماء : ( حتى يكتب عند الله كذابا ) أي يفضح الله عز وجل أمره على عموم الناس فلا يصدق بأي حديث ، فيعرف هذا الرجل بأنه هو الرجل الكذوب ، مثل ما فعل الله سبحانه وتعالى بمسيلمة لما ادعى النبوة وكذب على الله عز وجل أصبح الناس إذا ذكروا اسمه يقولون مسيلمة الكذاب ، لا يقولون مسيلمة فقط ، وإنما يقولون مسيلمة الكذاب ، فأصبح هذا الوصف لاحقا له في جميع أحواله .
حديث رقم – 47-
( صحيح )
(حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ خَالِدِ بْنِ خِدَاشٍ قَالَ: حَدَّثَنَا إِسْمَاعِيلُ ابْنُ عُلَيَّةَ قَالَ: حَدَّثَنَا أَيُّوبُ، ح وَحَدَّثَنَا أَحْمَدُ بْنُ ثَابِتٍ الْجَحْدَرِيُّ، وَيَحْيَى بْنُ حَكِيمٍ، قَالَا: حَدَّثَنَا عَبْدُ الْوَهَّابِ قَالَ: حَدَّثَنَا أَيُّوبُ، عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ أَبِي مُلَيْكَةَ، عَنْ عَائِشَةَ، قَالَتْ: تَلَا رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ هَذِهِ الْآيَةَ {هُوَ الَّذِي أَنْزَلَ عَلَيْكَ الْكِتَابَ مِنْهُ آيَاتٌ مُحْكَمَاتٌ هُنَّ أُمُّ الْكِتَابِ وَأُخَرُ مُتَشَابِهَاتٌ} [آل عمران: 7] إِلَى قَوْلِهِ، {وَمَا يَذَّكَّرُ إِلَّا أُولُو الْأَلْبَابِ} فَقَالَ: «يَا عَائِشَةُ، إِذَا رَأَيْتُمُ الَّذِينَ يُجَادِلُونَ فِيهِ، فَهُمُ الَّذِينَ عَنَاهُمُ اللَّهُ، فَاحْذَرُوهُمْ» )
من الفوائد :
أن الله سبحانه وتعالى وصف كتابه بأنه محكم {الَر كِتَابٌ أُحْكِمَتْ آيَاتُهُ }هود1 ، ووصف كتابه في آية أخرى بأنه متشابه {اللَّهُ نَزَّلَ أَحْسَنَ الْحَدِيثِ كِتَاباً مُّتَشَابِهاً } وذكر في موضع آخر من سورة آل عمران من أن معظمه محكم وأن بعضه متشابه {هُوَ الَّذِيَ أَنزَلَ عَلَيْكَ الْكِتَابَ مِنْهُ آيَاتٌ مُّحْكَمَاتٌ هُنَّ أُمُّ الْكِتَابِ وَأُخَرُ مُتَشَابِهَاتٌ } آل عمران7، فوصفه بأنه ( محكم ) أي متقن ، فهو متقن من حيث اللفظ ومن حيث المعنى ومن حيث الأخبار ، ومتشابه أي يشبه بعضه بعضا في الحسن والكمال ، هذا معنى كونه متشابها ومعنى كونه محكما .
أما هذه الآية التي تلاها رسول الله صلى الله عليه وسلم ، فالمحكم ما ظهر معناه ، والمتشابه ما خفي معناه والتبس على البعض من الناس ، فالأصل هو المحكم ، والمتشابه جعله الله عز وجل في شرعه ابتلاء واختبارا للناس ، فينظر أيكون راسخا في العلم فإذا جاء هذا المتشابه رده إلى المحكم حتى يكون الكل محكما ؟ أم أنه يقتصر على المتشابه وهو القليل ويبني عليه أحكاما ثم يترك ذلك المحكم الكثير .
ومن أمثلة ذلك : – وهي أمثلة كثيرة – أن الأحاديث جاءت عن رسول الله صلى الله عليه وسلم ( بأن الحلف بغير الله شرك )
فيأتي حديث آخر مثل حديث ( أفلح وأبيه إن صدق ) فيقولون إن الحلف بغير الله جائز، فيأخذون بهذا الحديث الواحد ويتركون تلك الأحاديث الكثيرة التي هل مثل الجبال ، فهذا ضرب الكتاب بعضه ببعض ، ولو أنه رد هذا المتشابه إلى المحكم الذي هو الأصل لأصبح الكل محكما ، ولذلك حذر النبي صلى الله عليه وسلم من هذه الطائفة ، وأن من صنع صنيعهم فقد حاد عن سنته صلى الله عليه وسلم .
وأيضا يحذر المسلم من أن يصاحب وأن يجالس هؤلاء .
حديث رقم – 48-
( حسن )
(حَدَّثَنَا عَلِيُّ بْنُ الْمُنْذِرِ قَالَ: حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ فُضَيْلٍ، ح وَحَدَّثَنَا حَوْثَرَةُ بْنُ مُحَمَّدٍ قَالَ: حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ بِشْرٍ، قَالَا: حَدَّثَنَا حَجَّاجُ بْنُ دِينَارٍ، عَنْ أَبِي غَالِبٍ، عَنْ أَبِي أُمَامَةَ، قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: «مَا ضَلَّ قَوْمٌ بَعْدَ هُدًى كَانُوا عَلَيْهِ إِلَّا أُوتُوا الْجَدَلَ» ثُمَّ تَلَا هَذِهِ الْآيَةَ {بَلْ هُمْ قَوْمٌ خَصِمُونَ} [الزخرف: 58])
من الفوائد :
أن الجدل مذموم من حيث الأصل ، وأن الناس إذا أراد الله عز وجل أن يضلهم بعد هدى كانوا عليه أدخل بينهم الجدل ، حينها يتفرقون ، ولكن يستثنى من هذا الذم الجدل الذي يراد به إظهار الحق ، فإذا دارت مسألة ما تتعلق بالدين أو تتعلق بالدنيا وعلم أن المنازع لا يريد الوصول إلى الحق وإنما يريد أن يفرض رأيه فأحجمْ عن الجدل ، لكن إذا كانت لديه رغبة وكان المتحاوران يرغبان في إظهار الحق فهنا جائز ، لكن إذا وجدت أن السبل قد انسدت وأنه لا يريد إظهار الحق فاسكت فإن الجدل ليس فيه خير ، ولذلك قال تعالى : {وَلَا تُجَادِلُوا أَهْلَ الْكِتَابِ إِلَّا بِالَّتِي هِيَ أَحْسَنُ إِلَّا الَّذِينَ ظَلَمُوا مِنْهُمْ } العنكبوت46 ، وقال تعالى : { وَجَادِلْهُم بِالَّتِي هِيَ أَحْسَنُ }النحل125 .
ومن الفوائد :
أن ذكر الآية السابقة في حديث عائشة رضي الله عنها وذكر هذه الآية في هذا الحديث يفيد أن كلام الله وكلام رسول الله صلى الله عليه وسلم لا يمكن أن يتعارضا أو يختلفا أو يتناقضا .
حديث رقم – 49-
( موضوع )
(حَدَّثَنَا دَاوُدُ بْنُ سُلَيْمَانَ الْعَسْكَرِيُّ قَالَ: حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ عَلِيٍّ أَبُو هَاشِمِ بْنِ أَبِي خِدَاشٍ الْمَوْصِلِيُّ، قَالَ: حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ مِحْصَنٍ، عَنْ إِبْرَاهِيمَ بْنِ أَبِي عَبْلَةَ، عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ الدَّيْلَمِيِّ، عَنْ حُذَيْفَةَ، قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: «لَا يَقْبَلُ اللَّهُ لِصَاحِبِ بِدْعَةٍ صَوْمًا، وَلَا صَلَاةً، وَلَا صَدَقَةً، وَلَا حَجًّا، وَلَا عُمْرَةً، وَلَا جِهَادًا، وَلَا صَرْفًا، وَلَا عَدْلًا، يَخْرُجُ مِنَ الْإِسْلَامِ كَمَا تَخْرُجُ الشَّعَرَةُ مِنَ الْعَجِينِ»)
من الفوائد :
هذا الحديث حكم عليه الألباني رحمه الله بأنه موضوع ، وسنن ابن ماجه هي أقل السنن صحة ، فإن فيها الموضوع ، ولماذا كان موضوعا ؟ لأن الذي لا تقبل منه العبادة هو الكافر ، وصاحب البدعة لا يكون كافرا إلا إذا كانت بدعته مكفرة .
حديث رقم – 50-
( ضعيف )
(حَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ سَعِيدٍ قَالَ: حَدَّثَنَا بِشْرُ بْنُ مَنْصُورٍ الْحَنَّاطُ، عَنْ أَبِي زَيْدٍ، عَنْ أَبِي الْمُغِيرَةِ، عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عَبَّاسٍ، قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: «أَبَى اللَّهُ أَنْ يَقْبَلَ عَمَلَ صَاحِبِ بِدْعَةٍ حَتَّى يَدَعَ بِدْعَتَهُ»)
من الفوائد :
أن الضعيف أهون من مرتبة الوضع ، لأن الضعيف قد يتقوى بغيره فيصبح حسنا .
حديث رقم – 51-
( سنده ضعيف )
(حَدَّثَنَا عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ إِبْرَاهِيمَ الدِّمَشْقِيُّ، وَهَارُونُ بْنُ إِسْحَاقَ، قَالَا: حَدَّثَنَا ابْنُ أَبِي فُدَيْكٍ، عَنْ سَلَمَةَ بْنِ وَرْدَانَ، عَنْ أَنَسِ بْنِ مَالِكٍ، قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: «مَنْ تَرَكَ الْكَذِبَ وَهُوَ بَاطِلٌ، بُنِيَ لَهُ قَصْرٌ فِي رَبَضِ الْجَنَّةِ، وَمَنْ تَرَكَ الْمِرَاءَ وَهُوَ مُحِقٌّ، بُنِيَ لَهُ فِي وَسَطِهَا، وَمَنْ حَسَّنَ خُلُقَةُ، بُنِيَ لَهُ فِي أَعْلَاهَا»)
من الفوائد :
هذا الحديث سنده ضعيف ، وسيأتي معنا إن شاء الله حديث أقوى منه من حيث السند ، لكن لو كان صحيحا ، فإن المراء المذكور هنا حمله بعض العلماء على الكذب .
ومن الفوائد :
أن قوله ( وهو باطل ) يعني مازحا .
ومن الفوائد :
أن قوله ( ربض ) يعني طرف الجنة ، فدل على أن الجنة متفاوتة المنازل ، منها ما هو في الأطراف ومنها ما هو في الوسط ومنها ما هو في العلو .