تعليقات على سنن ابن ماجه ( 22 ) من حديث ( 346- 356 )

تعليقات على سنن ابن ماجه ( 22 ) من حديث ( 346- 356 )

مشاهدات: 457

تعليقات على سنن (  ابن ماجه  )

 ( الدرس الثاني والعشرون   )

346- 356

فضيلة الشيخ زيد بن مسفر البحري

بسم الله الرحمن الرحيم

الحمد لله رب العالمين والصلاة والسلام على نبينا محمد وعلى آله وأصحابه وسلم تسليما كثيرا إلى يوم الدين .

أما بعد :

فقد قال المصنف رحمه الله :

 باب التشديد في البول

حديث رقم – 346-

( صحيح ) حدثنا أبو بكر بن أبي شيبة حدثنا أبو معاوية عن الأعمش عن زيد بن وهب عن عبد الرحمن ابن حسنة قال خرج علينا رسول الله صلى الله عليه وسلم وفي يده الدرقة فوضعها ثم جلس فبال إليها فقال بعضهم انظروا إليه يبول كما تبول المرأة فسمعه النبي صلى الله عليه وسلم فقال ويحك أما علمت ما أصاب صاحب بني إسرائيل كانوا إذا أصابهم البول قرضوه بالمقاريض فنهاهم عن ذلك فعذب في قبره )

من الفوائد :

أن السنة أن يبول المسلم قاعدا ، لأن ذلك أبلغ في تستره وعدم رجوع البول إليه ، ولذلك أحضر النبي صلى الله عليه وسلم الدَّرقة وهي مثل التُرس الذي يتقي به المحارب في القتال من ضربات السيوف ، فأنكر عليه من رآه ، وهذا المنكر قد قيل إنه من المنافقين ، لأن مثل هذا القول لا يصدر من مسلم ، فكيف ينكر على النبي صلى الله عليه وسلم هذا الأمر .

بينما رأى بعض العلماء أن هذا من المسلمين قليلي العلم ، وذلك لأنه قد رسخ في ذهنه ما اعتادوا عليه في الجاهلية من عدم التستر أثناء البول ، فإن الرجال في الجاهلية فيما سبق كانوا يكشفون عوراتهم ولا يتسترون ، بينما النساء خلاف ما عليه الرجال في ذلك الزمن الجاهلي ، ومما يقوي ما ذهب إليه العلماء الآخرون من أن هذا الرجل مسلم أن الرسول صلى الله عليه وسلم قال ( ويحك ) وهي كلمة ترحم ، تختلف عن كلمة ( ويلك ) فإنها كلمة عذاب وتهديد ، ومما يؤكده أن الرسول صلى الله عليه وسلم بين له ماذا أصاب صاحب بني إسرائيل ، فلو كان منافقا لم يعبأ بقوله .

ومن الفوائد :

أن التنزه من البول واجب لأن ( عامة عذاب القبر منه )  كما سيأتي إن شاء الله تعالى في حديث آخر .

ومن الفوائد :

بيان الآصار والأغلال التي كانت على بني إسرائيل ، فكان أحدهم إذا أصاب ثوبه بول قطعه ولا يصلح في حقهم أن يغسلوه ، فنهاهم من نهاهم فعذِّب في قبره ، فدل على أن عدم التحفظ من البول من أسباب عذاب القبر .

حديث رقم – 347-

( صحيح ) حدثنا أبو بكر بن أبي شيبة حدثنا أبو معاوية ووكيع عن الأعمش عن مجاهد عن طاوس عن ابن عباس قال مر رسول الله صلى الله عليه وسلم بقبرين جديدين فقال إنهما ليعذبان وما يعذبان في كبير أما أحدهما فكان لا يستنزه من بوله وأما الآخر فكان يمشي بالنميمة )

من الفوائد :

أن القبر الذي هو قريب عهد بالدفن يطلق عليه اسم الجديد ، باعتبار قرب زمنه  .

ومن الفوائد :

بيان سببين يحصل بهما العذاب في القبر :

السبب الأول : عدم التنزه من البول .

السبب الثاني : النميمة .

والنميمة : هي نقل الكلام عن الغير بقصد الإفساد ، أما إذا نقل كلام الغير للآخر للإصلاح ، فلا يسمى نميمة ، إذ وردت أحداث ومواقف في عصر النبي صلى الله عليه وسلم نقل فيها الكلام عن الغير من باب المصلحة ، لا من باب الفساد ولا الإفساد .

ومن الفوائد :

أن توقي الإنسان من هذين الأمرين يسير عليه ، ولذا قال ( وما يعذبان في كبير ) فيمكن التحرز منهما ، ولكن لعظم جرم هذين الذنبين ، قال صلى الله عليه وسلم ( بلى إنه كبير )

ومن الفوائد :

أن فيه تأييدا لقول كثير من العلماء من أن البول كله ليس بنجس ، فمثلا بول ما يؤكل لحمه ليس بنجس خلافا للشافعي رحمه الله ، ولذلك قال هنا ( من بوله ) فأضاف البول إلى الآدمي ، فدل على أن المقصود هنا بول الآدمي وما يأخذ حكمه في النجاسة مما قد حكم بنجاسته في الشرع  .

ومن الفوائد :

أن عذاب القبر من المغيبات، ولذلك من كان مع النبي صلى الله عليه وسلم ما كان يعلم إلا بعد أن أُخبر ، فدل على أنه غيب أطلع الله عز وجل رسوله صلى الله عليه وسلم عليه .

ومن الفوائد :

الرد على المعتزلة الذين ينكرون عذاب القبر ، قيل لهم لم تنكرونه ؟ قالوا لأن العقل لا يدل عليه، فنحن حينما ننبش قبرا لكافر لا نرى عذابا ولا أثر عذاب !

فهذا الحديث يرد عليهم لأنه من كان مؤمنا بالله سبحانه وتعالى تمام الإيمان آمن به أخبر به الله سبحانه وتعالى أو أخبره به رسول صلى الله عليه وسلم .

حديث رقم – 348-

( صحيح ) حدثنا أبو بكر بن أبي شيبة حدثنا عفان حدثنا أبو عوانة عن الأعمش عن أبي صالح عن أبي هريرة قال قال رسول الله صلى الله عليه وسلم أكثر عذاب القبر من البول )

من الفوائد :

أن السبب الأكبر والأكثر في عذاب القبر هو عدم التنزه من البول ، فدل على أن هناك أسبابا أخرى يعذب بها العبد في قبره ، من بينها كما سبق ” النميمة ” لكن الأكثر والأغلب هو عدم التستر من البول .

ومن الفوائد :

أن هذا الحديث فيه دليل للشافعية الذين قالوا إن بول ما يؤكل لحمه نجس ، لأنه أطلق هنا ( أكثر عذاب القبر من البول )

ويجاب عما ذهبوا إليه : من أن الأحاديث الأخرى كالحديث الماضي خصص عموم هذا الحديث .

حديث رقم – 349-

( حسن صحيح ) حدثنا أبو بكر بن أبي شيبة حدثنا وكيع حدثنا الأسود بن شيبان حدثني بحر ابن مرار عن جده أبي بكرة قال مر النبي صلى الله عليه وسلم بقبرين فقال إنهما ليعذبان وما يعذبان في كبير أما أحدهما فيعذب في البول وأما الآخر فيعذب في الغيبة )

من الفوائد :

أن هذه الرواية بينت أن العذاب الآخر هو الغيبة ، بينما في الحديث السابق وفي الأحاديث الكثيرة بينت أن السبب هو النميمة ، ومعلوم أن الغيبة أخف من النميمة ، فيجاب عن هذا

أن النميمة مشتملة على الغيبة ،لأن من نقل الكلام عن الغير لابد أن يقع في الغيبة ،  فكان غيبة من هذا الاعتبار .

ومن الفوائد :

تحذير المسلم من أن يقع في الغيبة ، فلربما كانت الغيبة سببا في عذاب القبر .

ومن الفوائد :

أن فيه دليلا على أن النميمة من كبائر الذنوب ، بل إن الغيبة من كبائر الذنوب ، لأن الكبيرة هي ” ما توعد عليها العبد مما يفعله من معصية بعذاب أو نار أو لعنة أو غضب أو حدٍّ في الدنيا ” فليحذر المسلم كل الحذر من الوقوع في هذا الأمر وهو الغيبة والنميمة .

باب الرجل يسلم عليه وهو يبول

حديث رقم – 350-

( صحيح ) حدثنا إسمعيل بن محمد الطلحي وأحمد بن سعيد الدارمي قالا حدثنا روح بن عبادة عن سعيد عن قتادة عن الحسن عن حضين بن المنذر بن الحارث بن وعلة أبي ساسان الرقاشي عن المهاجر بن قنفذ بن عمرو بن جدعان قال أتيت النبي صلى الله عليه وسلم وهو يتوضأ فسلمت عليه فلم يرد علي السلام فلما فرغ من وضوئه قال إنه لم يمنعني من أن أرد إليك إلا أني كنت على غير وضوء )

من الفوائد :

أن هذا الحديث يختلف عن الأحاديث الأخرى الواردة في سياق هذه القصة ، فإن المذكور هنا أنه مر على النبي صلى الله عليه وسلم وهو يتوضأ ، بينما الأحاديث الأخرى وهو يبول ، بل إن تبويب ابن ماجه رحمه الله يدل على أنه ( وهو يبول ) فلماذا جاء السياق هنا بالوضوء ؟

قال العلماء : هو يتوضأ يعني أنه في مقدمة الوضوء ، فلم يزل صلى الله عليه وسلم لم يزل محدثا ، فكأنه ما زال في قضاء الحاجة باعتبار أنه في أول الوضوء ، ولذلك قال في آخر الحديث ( إني كنت على غير وضوء ) في الأحاديث الأخرى ( إني كرهت أن أذكر الله إلا على طهارة ) .

ومن الفوائد:

أن هذا الحديث – وله ما يشابهه – قد بين أن حديث عائشة رضي الله عنها كما عند مسلم ( كان يذكر الله على كل أحيانه ) ليس عاما ، لأنه هنا في حين من أحيانه صلوات ربي وسلامه عليه لم يذكر الله ، لأنه كان يقضي حاجته ، فدل هذا على أن حديث عائشة رضي الله عنها ( كان يذكر الله على كل أحيانه ) ليس على سبيل العموم المطلق ، فهناك ما يخصصه كهذا الحديث .

ومن الفوائد :

أن القارئ للقرآن عن ظهر قلب ينبغي له ويندب في حقه أن يتوضأ ولو لم يمس المصحف ، لأنه قراءة القرآن أعظم الذكر ، فيستدل بهذا الحديث على أن المسنون في حق من به حدث أصغر إذا أراد أن يقرأ القرآن حفظا أن يتوضأ .

ومن الفوائد :

أن المشغول بشيء ينبغي ألا يُسلَّم عليه ، فإذا كان مشغولا بعبادة كقراءة قرآن أو ذكر فإن العلماء قالوا يكره من مر به أن يسلم عليه ، حتى لا يشغله عما هو بصدد فعله أو قوله .

 حديث رقم – 351-

( صحيح بلفظ ” الجدار ” مكان ” الأرض ” ) حدثنا هشام بن عمار حدثنا مسلمة بن علي حدثنا الأوزاعي عن يحيى بن أبي كثير عن أبي سلمة عن أبي هريرة قال مر رجل على النبي صلى الله عليه وسلم وهو يبول فسلم عليه فلم يرد عليه فلما فرغ ضرب بكفيه الأرض فتيمم ثم رد عليه السلام  )

من الفوائد :

أن هذا الرجل قد سلَّم على النبي صلى الله عليه وسلم حال البول ، بينما في الحديث الآخر ( حال الوضوء ) وقد جمعنا بين الروايتين .

ومن الفوائد :

أن فيه دليلا للحنفية القائلين بأن الوضوء المندوب يغني عنه التيمم ، فإن الماء حاضر وموجود ومع ذلك تيمم صلى الله عليه وسلم واستغنى بالتيمم عن الوضوء المندوب ، ولذلك على قولهم لو أن الإنسان أراد أن ينام فله أن يتيمم بدل الوضوء قبل النوم سنة وليس بواجب ، ومثل قراءة القرآن عن ظهر قلب لمن به حدث أصغر ، فيتيمم لأن الوضوء ليس واجبا عليه إنما هو مستحب .

بينما يرى علماء آخرون واختاره شيخ الإسلام رحمه الله من أن التيمم يكون مجزئا في عبادة يجب فيها الوضوء ولكن هذه العبادة تفوت ولا يمكن قضاؤها على وجه الانفراد ، قال رحمه الله مثل ” صلاة الجنازة ” فإنه لو ذهب وتوضأ فاتته صلاة الجنازة فيتيمم ” وأيضا مثل ” صلاة الجمعة ” فيقول لو أنه ذهب وتوضأ فاتته صلاة الجمعة ، بمعنى أنه لا يدرك الركوع في الركعة الثانية ، فهنا يتيمم ويصلي ، هذا هو رأي شيخ الإسلام رحمه الله .

والصواب أن الوضوء لا يمكن أن يغني عنه التيمم مع وجود الماء إلا إذا كان هناك ضرر في بدنه أو ماله أو ما شابه ذلك ، لأن مثل هذه الوقائع كصلاة الجمعة والجنازة قد حصل لبعض الصحابة ما ينقض وضوءه ، فمثل هذه المواقف تكثر ولا يمكن للنبي صلى الله عليه وسلم أن يغفل عن ذكرها لأنها من المهمات .

ومن الفوائد :

أن التيمم لا يشترط في تراب أن يكون فيه غبار ، لأن الرسول صلى الله عليه وسلم ضرب على الجدار ، وليس في كل الجدران غبار ، ففيه تقوية لقول من يقول إن التيمم يحصل بكل ما تصعد على وجه الأرض من تراب أو رمل أو حصى أو نحو ذلك .

ومن الفوائد :

أن الفاصل الزمني بين السلام ورده لا يؤثر إذا وجد عذر ، كمثل هذه الحال ، فإنه سلَّم على الرسول صلى الله عليه وسلم ولم يرد عليه مباشرة بل انتظر حتى تيمم ، فهذا يدل على أنه تأخر في رد السلام .

حديث رقم – 352-

( صحيح ) حدثنا سويد بن سعيد حدثنا عيسى بن يونس عن هاشم بن البريد عن عبد الله بن محمد بن عقيل عن جابر بن عبد الله أن رجلا مر على النبي صلى الله عليه وسلم وهو يبول فسلم عليه فقال له رسول الله صلى الله عليه وسلم إذا رأيتني على مثل هذه الحالة فلا تسلم علي فإنك إن فعلت ذلك لم أرد عليك)

حديث رقم – 353-

( حسن صحيح ) عن ابن عمر قال مر رجل على النبي صلى الله عليه وسلم وهو يبول فسلم عليه فلم يرد عليه )

من الفوائد :

أن من سلم على شخص قد انشغل بعبادة أو في حال لا يمكن أن يُسلَّم عليه فيها فلا يستحق الجواب بدلالة هذا الحديث ، فهدده صلى الله عليه وسلم ألا يرد عليه مرة أخرى ، وهذا يدل على أن هذا الرجل تكرر منه هذا الفعل ، لأنه رد عليه في المرة الأولى ، وإلا لم يقل صلى الله عليه وسلم هذا القول له .

 

 

باب الاستنجاء بالماء

حديث رقم – 354-

( صحيح ) عن عائشة قالت ما رأيت رسول الله صلى الله عليه وسلم خرج من غائط قط إلا مس ماء )

من الفوائد :

أن هذا الحديث في ظاهره يدل على أن النبي صلى الله عليه وسلم في جميع أحواله إذا خرج من الخلاء توضأ ، وهذا تخالفه أحاديث أخرى ، فإن النبي صلى الله عليه وسلم لما خرج من الخلاء وأحضر له الماء قال ( ما أمرت كلما أحدثت أن أتوضأ ) فكيف يوجه هذا الحديث ؟

توجيه هذا الحديث : أن الغائط المذكور هنا ليس هو بيت الخلاء ، إنما هو الخارج من الدبر ، حتى يستقيم تبويب المصنف مع هذا الحديث ، قال رحمه الله ( باب الاستنجاء بالماء ) فهو يتحدث عن الاستنجاء ، فيكون المقصود من هذا أن الرسول صلى الله عليه وسلم ما خرج من بيت الخلاء وقد خرج من الغائط إلا استعمل الماء ولم يستعمل الأحجار ، وأما أن يكون هذا في غالب الأحوال ، وقد يكون استعمال الأحجار إذا خرج منه بول ، فإما أن يبقى الحديث على عمومه وأنه كلما خرج منه غائط استنجى بالماء ، بينما لو خرج منه بول يمكن أن يستنجي ويمكن أن يستجمر  .

حديث رقم – 355-

( صحيح ) عن أبي أيوب الأنصاري وجابر بن عبد الله وأنس بن مالك أن هذه الآية نزلت { فِيهِ رِجَالٌ يُحِبُّونَ أَن يَتَطَهَّرُواْ وَاللّهُ يُحِبُّ الْمُطَّهِّرِينَ }التوبة108

 قال رسول الله صلى الله عليه وسلم يا معشر الأنصار إن الله قد أثنى عليكم في الطهور فما طهوركم قالوا نتوضأ للصلاة ونغتسل من الجنابة ونستنجي بالماء قال فهو ذاك فعليكموه

من الفوائد :

أن الأفضل في حق من خرج منه بول أو غائط ، الأفضل في حقه أن يستنجي بالماء ، ولو استجمر أجزأ ، ولذلك نص النبي صلى الله عليه وسلم على الأنصار ، مع أن المهاجرين يستنجون بالماء ،لكن الغالب في حق المهاجرين أنهم يستجمرون بالحجارة ، وقد جاءت رواية تدل على أن هؤلاء الأنصار هم ” أهل قباء “

ولو قال قائل : ورد حديث آخر ( أن الآية نزلت في أهل المدينة ) لأن أول الآية{ لَّمَسْجِدٌ أُسِّسَ عَلَى التَّقْوَى مِنْ أَوَّلِ يَوْمٍ أَحَقُّ أَن تَقُومَ فِيهِ فِيهِ رِجَالٌ يُحِبُّونَ أَن يَتَطَهَّرُواْ وَاللّهُ يُحِبُّ الْمُطَّهِّرِينَ }التوبة108 ، هذا المسجد في رواية أنه مسجد قباء ، وفي رواية أنه مسجد الرسول صلى الله عليه وسلم ) فبماذا يجاب عن هاتين الروايتين ؟

يقال : إن الآية وردت في حق هذين المسجدين لأن مسجد الرسول صلى الله عليه وسلم أولى .

ولو قال قائل : ما الشاهد من هذا الحديث على أن الاستنجاء بالماء أفضل من الاستجمار ؟ ولو استجمر مع وجود الماء أجزأ ؟

الشاهد في جملتين :

الأولى : ( أن الله أثنى عليهم )

الثانية : أن الرسول صلى الله عليه وسلم حرصهم على أن يبقوا على ما هم عليه قال ( فعليكموه )

وقد مر معنا فيما ذكرنا أن بعض الصحابة كان لا يرى الاستنجاء بالماء ، لم ؟ قالوا لأن الماء مطعوم ، فلا ينبغي أن يعرض للنجاسة .

وقالوا أيضا : أن الماء لا يزيل الرائحة ، بخلاف الاستجمار فإن هناك فاصل بين اليد وبين هذا النجس ، بينما الاستنجاء يباشر بيده النجاسة .

والصواب جواز الأمرين مع أن الاستنجاء بالماء أفضل .

حديث رقم – 356-

( ضعيف ) حدثنا علي بن محمد حدثنا وكيع عن شريك عن جابر عن زيد العمي عن أبي الصديق الناجي عن عائشة ” أن النبي صلى الله عليه وسلم كان يغسل مقعدته ثلاثا ، قال ابن عمر فعلناه فوجدناه دواء وطهورا )

هذا الحديث ضعيف ولو صح لكان فيه دلالة على أن الاستنجاء بالماء أفضل من الاستجمار ، ولو صح لكان فيه دلالة لقول من يقول إن الاستنجاء يكون ثلاث مرات سواء تطهر في المرة الأولى أو لم يتطهر ، ولكن الصواب أن الاستنجاء بالماء متى ما تنظف منه العبد بمرة واحدة أجزأ ولا يكرر .