تعليقات على سنن ابن ماجه ( 29 ) من حديث ( 397-401 )

تعليقات على سنن ابن ماجه ( 29 ) من حديث ( 397-401 )

مشاهدات: 463

تعليقات على سنن (  ابن ماجه  )

397-401

فضيلة الشيخ زيد بن مسفر البحري

بسم الله الرحمن الرحيم

الحمد لله رب العالمين والصلاة والسلام على نبينا محمد وعلى آله وأصحابه وسلم تسليما كثيرا إلى يوم الدين .

أما بعد :

فقد قال المصنف رحمه الله :

باب ما جاء في التسمية على الوضوء

حديث رقم – 397-

( حسن ) عن أبي سعيد أن النبي صلى الله عليه وسلم قال لا وضوء لمن لم يذكر اسم الله عليه

حديث رقم – 398-

( حسن ) عن سعيد بن زيد قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم لا صلاة لمن لا وضوء له ولا وضوء لمن لم يذكر اسم الله عليه

حديث رقم – 399-

( حسن ) عن أبي هريرة قال قال رسول الله صلى الله عليه وسلم لا صلاة لمن لا وضوء له ولا وضوء لمن لم يذكر اسم الله عليه

حديث رقم – 400-

( صحيح عدا ما بين المعقوفتين فهو ” منكر ) عن عبد المهيمن بن عباس ابن سهل بن سعد الساعدي عن أبيه عن جده عن النبي صلى الله عليه وسلم قال لا صلاة لمن لا وضوء له ولا وضوء لمن لم يذكر اسم الله عليه ولا صلاة لمن لا يصلي على النبي ولا صلاة لمن لا يحب الأنصار

من الفوائد :

هذا الحديث للعلماء فيه كلام وقد وردت فيه أحاديث كثيرة ، فمنهم من يرى أنها ضعيفة ولا تثبت كالإمام أحمد قال ( لا يثبت منها شيء )

ومنهم من نظر إلى كثرة طرقها فقال بتحسينها كابن حجر رحمه الله ، قال إن هذه الطرق لعلها بعضها يعضد بعضا ” وابن كثير وابن القيم والشوكاني والألباني رحمهم الله وغيرهم ، ومن ثم على غرار ما اختلف فيه هؤلاء المحدثون من ثبوت الحديث من عدم ذلك اختلفوا ، الإمام أحمد يرى في المشهور عنه أن التسمية ” واجبة في الوضوء مع الذكر ” وبعضهم العلماء أوجبها وألزم من نسي أن يعيد وضوءه ، ويستدلون بهذا الحديث ، بل أتى أمر في الحديث عند الطبراني ( إذا توضأت فقل بسم الله والحمد لله فإن الحفظة يكتبون لك الحسنات ما لم تحدث ) ولكنه حديث لا يصح .

وأما من يقول بأنها واجبة قد حمل بعضهم ما جاء عند الدارقطني ( إذا قلت بسم الله في أول وضوئك تطهر بدنك كله ، وإذا قلته في أثناء وضوئك تطهر منك أعضاء الوضوء ) وأيضا هذا لا يثبت .

وأما الجمهور فيرون أن التسمية سنة وليست بواجبة ، لأن هذا الحديث لم يثبت ولأن إبطال وضوء المسلم بترك التسمية مع ما في  ذلك من النزاع ليس بمسبوغ ، ولا شك أن الأقرب من حيث النظر أنها لا تجب ، ولكن على ما رآه بعض العلماء من حسن هذا الحديث فعلى المسلم أن يحرص على التسمية قبل الوضوء .

ومن قال بوجوب التسمية قاس الغسل والتيمم على الوضوء ، ونحن نقول إذا كان إثبات هذا الحكم في الأصل ضعيفا فما تفرع عنه من باب أولى .

وقد قال النووي رحمه الله ” من قال ” بسم الله ” أجزأ ، وإن قال ” بسم الله الرحمن الرحيم ” فهو أكمل ، وهذا يتناقله الفقهاء ، ولكن لو ثبت هذا النص ، فإن النص أتى بالإطلاق .

وأما دليل السنة للجمهور فهي الأحاديث التي أتت بفضل البداءة بالتسمية على وجه العموم مثل حديث ( كل أمر ذي بال لا يبدأ فيه ببسم الله فهو أقطع ) مع أن هذا الحديث أيضا فيه ما فيه من المقال ، وأيضا ( لما نبع الماء من أصابع النبي صلى الله عليه وسلم قال توضئوا بسم الله ) ليس فيه صراحة على أن التسمية واجبة ، لكن فيه دلالة على أن أمر الوضوء أمرٌ له شأن .

ومن أدلتهم : أن هذا الحديث تأرجح بين القبول وبين الرفض فجعلوه مستحبا .

من الفوائد :

أن الصلاة لا تصح إلا بوضوء ، ولها أحاديث أخرى منها ما جاء في السنن قول النبي صلى الله عليه وسلم ( مفتاح الصلاة الطهور ) يعني لا يمكن أن تلج إلى الصلاة إلا بالطهور ، ولقول النبي صلى الله عليه وسلم ( لا يقبل الله صلاة أحدكم إذا أحدث حتى يتوضأ ) وقوله عليه الصلاة والسلام ( لا صلاة بغير طهور )

من الفوائد :

إيراد ابن ماجه رحمه الله لهذه الأحاديث من باب تقوية المدلول ، لأن مثل هذه الأحاديث يقوي بعضها بعضا ، فالاستدلال بحديث واحد على شيء معين ليس كالاستدلال عليه بعشرة أحاديث ، فإن هذه الأحاديث وما يكون فيها من طرق تحدث أصلا لهذا الحكم .

 

 

باب التيمن في الوضوء

حديث رقم – 401-

( صحيح ) عن عائشة أن رسول الله صلى الله عليه وسلم كان يحب التيمن في الطهور إذا تطهر وفي ترجله إذا ترجل وفي انتعاله إذا انتعل )

هذا الحديث مر معنا في درس البلوغ ، لكن هذا اللفظ المذكور عند ابن ماجه فيه بعض الزيادات ، ما جاء عند مسلم ( كان يعجبه ) فالإعجاب مفسر هنا بالمحبة ، وأن الترجل والتنعل والتطهر المطلق هناك مؤكد هنا ( إذا تطهر ، إذا ترجَّل )

ولا شك أن الكلمة كلما أتت معها كلمة تؤكدها كان أبلغ مما لو خلت منها ، وأعطيكم مثالا شبيها بهذا ، النبي صلى الله عليه وسلم لما ذكر أهل الكبائر ممن يعذب في النار ، قال ( يميتهم الله عز وجل إماتة ) والتأكيد بالمصدر يدل على أنهم يموتون موتا حقيقيا ، لأنه ربما يأتي إنسان ويقول لو قال ( ثم يميتهم الله ) ربما يكون هذا الموت نوما ، فلما قال إماتة فهذا من باب التأكيد .

ومن الفوائد :

أن عائشة رضي الله عنها لم تذكر إلا ثلاثة أشياء ( التطهر والترجل والانتعال ) وأما رواية مسلم قالت ( في شأنه كله ) فلو كان الإنسان يحفظ مثلا لفظ ابن ماجه لاقتصر على ذلك ، لو كان يحفظ الذي عند مسلم لاقتصر على ما عند مسلم ولم يعلم بقولها ( يحب ) لو كان الإنسان مقتصرا على هذين اللفظين لفاته ما جاء عند أبي داود ( وفي سواكه )

وهذا يدل على أن طالب العلم كلما كانت عنده دراية بالروايات كلما كان  قريبا إلى القول الصواب .