ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
بسم الله الرحمن الرحيم
الحمد لله رب العالمين والصلاة والسلام على نبينا محمد وعلى آله وأصحابه وسلم تسليما كثيرا إلى يوم الدين .
أما بعد :
فقد قال المصنف رحمه الله :
بَابُ اجْتِنَابِ الرَّأْيِ وَالْقِيَاسِ
حديث رقم – 52-
( صحيح )
(حَدَّثَنَا أَبُو كُرَيْبٍ، قَالَ: حَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ إِدْرِيسَ، وَعَبْدَةُ، وَأَبُو مُعَاوِيَةَ، وَعَبْدُ اللَّهِ بْنُ نُمَيْرٍ، وَمُحَمَّدُ بْنُ بِشْرٍ، ح وَحَدَّثَنَا سُوَيْدُ بْنُ سَعِيدٍ، قَالَ: حَدَّثَنَا عَلِيُّ بْنُ مُسْهِرٍ، وَمَالِكُ بْنُ أَنَسٍ، وَحَفْصُ بْنُ مَيْسَرَةَ، وَشُعَيْبُ بْنُ إِسْحَاقَ، عَنْ هِشَامِ بْنِ عُرْوَةَ، عَنْ أَبِيهِ، عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عَمْرِو بْنِ الْعَاصِ، أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ: «إِنَّ اللَّهَ لَا يَقْبِضُ الْعِلْمَ انْتِزَاعًا يَنْتَزِعُهُ مِنَ النَّاسِ، وَلَكِنْ يَقْبِضُ الْعِلْمُ بِقَبْضِ الْعُلَمَاءِ، فَإِذَا لَمْ يُبْقِ عَالِمًا اتَّخَذَ النَّاسُ رُءُوسًا جُهَّالًا، فَسُئِلُوا فَأَفْتَوْا بِغَيْرِ عِلْمٍ، فَضَلُّوا وَأَضَلُّوا» )
من الفوائد :
أن انتزاع العلم من علامات الساعة الصغرى ، وانتزاعه ليس من صدور الناس وإنما بقبض العلماء ، فيتولى بعض الناس أمور الفتيا فيفتون الناس بالرأي المجرد الذي لا دليل عليه ، وحتى لا يدخل داخل ويقول إن الفقهاء داخلون تحت هذا الحديث ، فيقال إن آراءهم ليست مجردة وليست نابعة من هوى ، إنما هي من اجتهاد .
حديث رقم – 53-
( حسن )
(حَدَّثَنَا أَبُو بَكْرِ بْنُ أَبِي شَيْبَةَ قَالَ: حَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ يَزِيدَ، عَنْ سَعِيدِ بْنِ أَبِي أَيُّوبَ قَالَ: حَدَّثَنِي أَبُو هَانِئٍ حُمَيْدُ بْنُ هَانِئٍ الْخَوْلَانِيُّ، عَنْ أَبِي عُثْمَانَ مُسْلِمِ بْنِ يَسَارٍ، عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ، قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: «مَنْ أُفْتِيَ بِفُتْيَا غَيْرَ ثَبَتٍ، فَإِنَّمَا إِثْمُهُ عَلَى مَنْ أَفْتَاهُ»)
من الفوائد :
بيان خطورة الفتيا ، وأن الواجب على المسلم ألا يفتي إلا بعلم ، فإنه إن أفتى شخصا على غير هدى وعلى غير علم فعمل هذا المستفتي عملا بناء على فتواه ، فإن الإثم يتحمله المفتي ، ولذلك قيد النبي صلى الله عليه وسلم بقوله ( غير ثبت ) فدل على أن الفتيا لو وقعت عن اجتهاد وأخطأ العالم في اجتهاده فإنه لا وزر عليه ، بل كما قال عليه الصلاة والسلام كما في حديث عمرو بن العاص كما في الصحيحين ( إذا اجتهد العالم فأخطأ فله أجر وإذا اجتهد فأصاب فله أجران )
حديث رقم – 54-
( ضعيف )
(حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ الْعَلَاءِ الْهَمْدَانِيُّ قَالَ: حَدَّثَنِي رِشْدِينُ بْنُ سَعْدٍ، وَجَعْفَرُ بْنُ عَوْنٍ، عَنِ ابْنِ أَنْعُمٍ هُوَ الْإِفْرِيقِيُّ، عَنْ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ رَافِعٍ، عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عَمْرٍو، قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: ” الْعِلْمُ ثَلَاثَةٌ، فَمَا وَرَاءَ ذَلِكَ فَهُوَ فَضْلٌ: آيَةٌ مُحْكَمَةٌ، أَوْ سُنَّةٌ قَائِمَةٌ، أَوْ فَرِيضَةٌ عَادِلَةٌ “)
من الفوائد :
هذا الحديث لو صح لكان فيه بيان فضل الفرائض ، ولذا ينبغي على طالب العلم أن يكون له إلمام بعلم الفرائض .
وأما الآية المحكمة فهي الآية غير المنسوخة .
والسنة الثابتة : أي القائمة التي لم يأتها نسخ ، فمن حوى هذه الأشياء الثلاثة المذكورة في الحديث ، فإن ما زاد على ذلك فهو فضل أي زيادة .
حديث رقم – 55-
( موضوع )
(حَدَّثَنَا الْحَسَنُ بْنُ حَمَّادٍ سَجَّادَةُ، حَدَّثَنَا يَحْيَى بْنُ سَعِيدٍ الْأُمَوِيُّ، عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ سَعِيدِ بْنِ حَسَّانَ، عَنْ عُبَادَةَ بْنِ نُسَيٍّ، عَنْ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ غَنْمٍ قَالَ: حَدَّثَنَا مُعَاذُ بْنُ جَبَلٍ، قَالَ: ” لَمَّا بَعَثَنِي رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ إِلَى الْيَمَنِ قَالَ: «لَا تَقْضِيَنَّ وَلَا تَفْصِلَنَّ إِلَّا بِمَا تَعْلَمُ، وإنْ أَشْكَلَ عَلَيْكَ أَمْرٌ، فَقِفْ حَتَّى تَبَيَّنَهُ أَوْ تَكْتُبَ إِلَيَّ فِيهِ»)
من الفوائد :
هذا الحديث حكم عليه جمع من الأئمة بأنه موضوع ، لم ؟ لأنه ينفي القياس ، لأن القياس من أصول التشريع الإسلامي ، فإذا لم يجد المجتهد حكما في كلام الله أو سنة رسول الله صلى الله عليه وسلم فيجتهد بالقياس ، والقياس له أدلته منها قوله تعالى : { فَاعْتَبِرُوا يَا أُولِي الْأَبْصَارِ }الحشر2 .
حديث رقم – 56-
( ضعيف )
(حَدَّثَنَا سُوَيْدُ بْنُ سَعِيدٍ قَالَ: حَدَّثَنَا ابْنُ أَبِي الرِّجَالِ، عَنْ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ عَمْرٍو الْأَوْزَاعِيِّ، عَنْ عَبْدَةَ بْنِ أَبِي لُبَابَةَ، عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عَمْرِو بْنِ الْعَاصِ، قَالَ: سَمِعْتُ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَقُولُ: «لَمْ يَزَلْ أَمْرُ بَنِي إِسْرَائِيلَ مُعْتَدِلًا حَتَّى نَشَأَ فِيهِمُ الْمُوَلَّدُونَ، وَأَبْنَاءُ سَبَايَا الْأُمَمِ، فَقَالُوا بِالرَّأْيِ، فَضَلُّوا وَأَضَلُّوا» )
من الفوائد :
لو صح هذا الحديث فإن فيه ذما للرأي المجرد .
بَابٌ فِي الْإِيمَانِ
حديث رقم – 57-
( صحيح )
(حَدَّثَنَا عَلِيُّ بْنُ مُحَمَّدٍ الطَّنَافِسِيُّ قَالَ: حَدَّثَنَا وَكِيعٌ قَالَ: حَدَّثَنَا سُفْيَانُ، عَنْ سُهَيْلِ بْنِ أَبِي صَالِحٍ، عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ دِينَارٍ، عَنْ أَبِي صَالِحٍ، عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ، قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: «الْإِيمَانُ بِضْعٌ وَسِتُّونَ أَوْ سَبْعُونَ بَابًا، أَدْنَاهَا إِمَاطَةُ الْأَذَى عَنِ الطَّرِيقِ، وَأَرْفَعُهَا قَوْلُ لَا إِلَهَ إِلَّا اللَّهُ، وَالْحَيَاءُ شُعْبَةٌ مِنَ الْإِيمَانِ )
(حَدَّثَنَا أَبُو بَكْرِ بْنُ أَبِي شَيْبَةَ قَالَ: حَدَّثَنَا أَبُو خَالِدٍ الْأَحْمَرُ، عَنِ ابْنِ عَجْلَانَ، ح وَحَدَّثَنَا عَمْرُو بْنُ رَافِعٍ قَالَ: حَدَّثَنَا جَرِيرٌ، عَنْ سُهَيْلٍ، جَمِيعًا عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ دِينَارٍ، عَنْ أَبِي صَالِحٍ، عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ، عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، نَحْوَهُ )
من الفوائد :
أن هذا الحديث أوضح فيه النبي صلى الله عليه وسلم أن الشعبة المذكورة في بعض ألفاظ الحديث أن المراد منها الباب ، ولا يعني الحصر ، فإن الشعبة والباب يندرج تحته أمور كثيرة .
ومن الفوائد :
أن الإيمان ليس قولا فقط وإنما فيه عمل ، ولذلك قال : ( وإماطة الأذى عن الطريق )
ومن الفوائد :
أن أفضل الإيمان هو ما يتعلق بالعقائد .
ومن الفوائد :
أن الخصلة التي تعتري الإنسان فتمنعه من الوقوع فيما حرم الله أو في ترك ما أوجب الله فهي الخصلة المحمودة وهي خصلة الحياء .
حديث رقم – 58-
( صحيح )
(حَدَّثَنَا سَهْلُ بْنُ أَبِي سَهْلٍ، وَمُحَمَّدُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ يَزِيدَ، قَالَا: حَدَّثَنَا سُفْيَانُ، عَنِ الزُّهْرِيِّ، عَنْ سَالِمٍ، عَنْ أَبِيهِ، قَالَ: سَمِعَ النَّبِيُّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ رَجُلًا يَعِظُ أَخَاهُ فِي الْحَيَاءِ، فَقَالَ: «إِنَّ الْحَيَاءَ شُعْبَةٌ مِنَ الْإِيمَانِ»)
من الفوائد :
أن الحياء خير ، ولذلك لا يوعظ أحد فيما هو خير لكي يتركه وإنما يُحث عليه ، فهذا الرجل لما رأى أن هناك حياء زائدا على أخيه وعظه ظنا منه بأنه حثه على خير .
حديث رقم – 59-
( صحيح )
(حَدَّثَنَا سُوَيْدُ بْنُ سَعِيدٍ قَالَ: حَدَّثَنَا عَلِيُّ بْنُ مُسْهِرٍ، عَنِ الْأَعْمَشِ، ح وَحَدَّثَنَا عَلِيُّ بْنُ مَيْمُونٍ الرَّقِّيُّ قَالَ: حَدَّثَنَا سَعِيدُ بْنُ مَسْلَمَةَ، عَنِ الْأَعْمَشِ، عَنْ إِبْرَاهِيمَ، عَنْ عَلْقَمَةَ، عَنْ عَبْدِ اللَّهِ، قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: «لَا يَدْخُلُ الْجَنَّةَ مَنْ كَانَ فِي قَلْبِهِ مِثْقَالُ ذَرَّةٍ مِنْ خَرْدَلٍ مِنْ كِبْرٍ، وَلَا يَدْخُلُ النَّارَ مَنْ كَانَ فِي قَلْبِهِ مِثْقَالُ حَبَّةٍ مِنْ خَرْدَلٍ مِنْ إِيمَانٍ»)
من الفوائد :
أن الإيمان ولو قلَّ يودي بصاحبه إلى الجنة ولو كان دخوله إلى الجنة مسبوقا بعذاب ، فإن المصير إلى الجنة .
ومن الفوائد :
أن الكِبر شر ، وأنه مودي بصاحبه إلى النار ، فإن كان ترفعا عن الحق فهذا يخلد صاحبه في النار كما هو حال أبي جهل وأشباهه ، وأما إذا كان كبرا أقل من ذلك فإنه يكون تحت رحمة الله سبحانه وتعالى إن شاء الله عز وجل عذبه بقدر هذا الذنب ثم مصيره إلى الجنة وإن شاء عفا عنه برحمة منه ، ومما يدل على النوع الأول أن الخصلة العظمى في اليهود – كما قال شيخ الإسلام رحمه الله – هي الكبر .
وبعض العلماء حمل هذا الحديث على أنه في حق المؤمنين ، فإنهم لا يدخلون الجنة حتى يهذبوا وينقوا ، لأنهم لا يدخلون الجنة وفي قلوبهم مثقال حبة من كِبر .
ولكن حمل هذا الحديث على هذا المعنى بعيد ، لأن الصحابي في حديث آخر قال ( يا رسول الله الرجل يحب أن يكون ثوبه حسنا ونعله حسنا آلكبر ذاك ؟ فقال الكبر بطر الحق وغمط الناس )
ومن الفوائد :
أن ( الذرة ) حملها بعض العلماء على النمل الأحمر الصغير ، و بعضهم حملها على الذرة التي تكون في شعاع الشمس – تكاد ألا ترى – وهذا يدل على عظم الكبر والتحذير منه .
حديث رقم -60-
( صحيح )
( حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ يَحْيَى قَالَ: حَدَّثَنَا عَبْدُ الرَّزَّاقِ قَالَ: أَنْبَأَنَا مَعْمَرٌ، عَنْ زَيْدِ بْنِ أَسْلَمَ، عَنْ عَطَاءِ بْنِ يَسَارٍ، عَنْ أَبِي سَعِيدٍ الْخُدْرِيِّ، قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: ” إِذَا خَلَّصَ اللَّهُ الْمُؤْمِنِينَ مِنَ النَّارِ وَأَمِنُوا، فَمَا مُجَادَلَةُ أَحَدِكُمْ لِصَاحِبِهِ فِي الْحَقِّ يَكُونُ لَهُ فِي الدُّنْيَا، أَشَدَّ مُجَادَلَةً مِنَ الْمُؤْمِنِينَ لِرَبِّهِمْ فِي إِخْوَانِهِمُ الَّذِينَ أُدْخِلُوا النَّارَ، قَالَ: يَقُولُونَ: رَبَّنَا، إِخْوَانُنَا، كَانُوا يُصَلُّونَ مَعَنَا، وَيَصُومُونَ مَعَنَا، وَيَحُجُّونَ مَعَنَا، فَأَدْخَلْتَهُمُ النَّارَ، فَيَقُولُ: اذْهَبُوا، فَأَخْرِجُوا مَنْ عَرَفْتُمْ مِنْهُمْ، فَيَأْتُونَهُمْ، فَيَعْرِفُونَهُمْ بِصُوَرِهِمْ، لَا تَأْكُلُ النَّارُ صُوَرَهُمْ، فَمِنْهُمْ مَنْ أَخَذَتْهُ النَّارُ إِلَى أَنْصَافِ سَاقَيْهِ، وَمِنْهُمْ مَنْ أَخَذَتْهُ إِلَى كَعْبَيْهِ، فَيُخْرِجُونَهُمْ، فَيَقُولُونَ: رَبَّنَا، أَخْرَجْنَا مَنْ قَدْ أَمَرْتَنَا، ثُمَّ يَقُولُ: أَخْرِجُوا مَنْ كَانَ فِي قَلْبِهِ وَزْنُ دِينَارٍ مِنَ الْإِيمَانِ، ثُمَّ مَنْ كَانَ فِي قَلْبِهِ وَزْنُ نِصْفِ دِينَارٍ، ثُمَّ مَنْ كَانَ فِي قَلْبِهِ مِثْقَالُ حَبَّةٍ مِنْ خَرْدَلٍ ” قَالَ أَبُو سَعِيدٍ: فَمَنْ لَمْ يُصَدِّقْ هَذَا، فَلْيَقْرَأْ {إِنَّ اللَّهَ لَا يَظْلِمُ مِثْقَالَ ذَرَّةٍ وَإِنْ تَكُ حَسَنَةً يُضَاعِفْهَا وَيُؤْتِ مِنْ لَدُنْهُ أَجْرًا عَظِيمًا} [النساء: 40])
من الفوائد :
أن الإنسان بطبعه يحب أن ينال الخير أولا ثم يناله غيره من إخوانه ، فإن الله عز وجل لما خلص المؤمنين بدءوا يجادلون في شأن إخوانهم .
ومن الفوائد :
فضل المحبة في الله سبحانه وتعالى .
ومن الفوائد :
أن الإيمان له فضل ولو نقص ، فإن صاحبه يكون من أهل الجنة ولا محالة .
ومن الفوائد :
أن الإيمان يزيد وينقص ، لأن هناك من زاد إيمانه وهناك من نقص إيمانه .
ومن الفوائد :
بيان عدل الله عز وجل وأنه على قدر الذنب يكون العقاب فإن بعضهم تأخذه النار إلى كعبيه إلى آخر ما ذكر في الحديث .
حديث رقم – 61-
( صحيح )
(حَدَّثَنَا عَلِيُّ بْنُ مُحَمَّدٍ قَالَ: حَدَّثَنَا وَكِيعٌ قَالَ: حَدَّثَنَا حَمَّادُ بْنُ نَجِيحٍ، وَكَانَ ثِقَةً، عَنْ أَبِي عِمْرَانَ الْجَوْنِيِّ، عَنْ جُنْدُبِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ، قَالَ: كُنَّا مَعَ النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَنَحْنُ فِتْيَانٌ حَزَاوِرَةٌ، «فَتَعَلَّمْنَا الْإِيمَانَ قَبْلَ أَنْ نَتَعَلَّمَ الْقُرْآنَ، ثُمَّ تَعَلَّمْنَا الْقُرْآنَ فَازْدَدْنَا بِهِ إِيمَانًا» )
من الفوائد :
أن الإيمان يتعلم ، ولذلك لما ذكر الشيخ المجدد المسائل الأربع ” العلم والعمل والدعوة والصبر على تحمل الأذى في سبيل الدعوة إلى الله ” ذكر قوله تعالى : { وَالْعَصْرِ{1} إِنَّ الْإِنسَانَ لَفِي خُسْرٍ{2} إِلَّا الَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ وَتَوَاصَوْا بِالْحَقِّ وَتَوَاصَوْا بِالصَّبْرِ{3} }
فأين دلالة العلم من السورة ؟ دلالته من ذكر الإيمان .
ومن الفوائد :
أن العلم مقدم على العمل ، لأنه قال ( فتعلمنا الإيمان قبل أن نتعلم القرآن ) لأن تعلم القرآن ليس المحمود منه أن يتعلمه فقط دون أن يعمل به .
حديث رقم – 62-
( ضعيف )
(حَدَّثَنَا عَلِيُّ بْنُ مُحَمَّدٍ قَالَ: حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ فُضَيْلٍ قَالَ: حَدَّثَنَا عَلِيُّ بْنُ نِزَارٍ، عَنْ أَبِيهِ، عَنْ عِكْرِمَةَ، عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ، قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: ” صِنْفَانِ مِنْ هَذِهِ الْأُمَّةِ لَيْسَ لَهُمَا فِي الْإِسْلَامِ نَصِيبٌ: الْمُرْجِئَةُ وَالْقَدَرِيَّةُ ” )
من الفوائد :
هذا الحديث ضعيف ، وبعض العلماء كابن حجر رحمه الله يرى أنه حسن باعتبار تعدد طرقه ، ومن رآه حسنا يمكن أن يتمسك بأن هاتين الطائفتين كافرة ، لأن من لا نصيب له يكون كافرا .
ومن الفوائد :
أن ( المرجئة ) هم الذين يقولون لا يضر مع الإيمان ذنب كما أنه لا ينفع مع الكفر عمل ، وسموا مرجئة من باب التأخير ، لأنهم قالوا إن الله أخر عذاب هؤلاء ، يعني من أذنب فإن الله سبحانه وتعالى لا يعذبه ، ولذلك أصل الإيمان عندهم واحد لا يختلف ، فإيمان أبي بكر رضي الله عنه كإيمان الفساق ، وهذا يدل على ضلالهم .
ومن الفوائد :
أن ( القدرية ) هم الذين نفوا القدر وقالوا إن العبد يخلق فعل نفسه وليس لله سبحانه وتعالى أي تأثير في عمل ابن آدم ، وهذا ضلال مبين ، لأن الله سبحانه وتعالى قال : {اللَّهُ خَالِقُ كُلِّ شَيْءٍ وَهُوَ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ وَكِيلٌ }الزمر62، وقال تعالى : {إِنَّا كُلَّ شَيْءٍ خَلَقْنَاهُ بِقَدَرٍ } القمر49.
ولذا قال بعض العلماء حتى لو قيل بأن هذا الحديث حسن فإنه لا يمكن أن يؤخذ به في تكفير هاتين الطائفتين ، لما فيه من الضعف ، وكونه ينجبر بطرقه لا يكون معولا في كفر هاتين الطائفتين .
حديث رقم – 63-
( صحيح )
(حَدَّثَنَا عَلِيُّ بْنُ مُحَمَّدٍ قَالَ: حَدَّثَنَا وَكِيعٌ، عَنْ كَهْمَسِ بْنِ الْحَسَنِ، عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ بُرَيْدَةَ، عَنْ يَحْيَى بْنِ يَعْمَرَ، عَنِ ابْنِ عُمَرَ، عَنْ عُمَرَ، قَالَ: كُنَّا جُلُوسًا عِنْدَ النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: فَجَاءَ رَجُلٌ شَدِيدُ بَيَاضِ الثِّيَابِ، شَدِيدُ سَوَادِ شَعَرِ الرَّأْسِ، لَا يُرَى عَلَيْهِ أَثَرُ سَفَرٍ، وَلَا يَعْرِفُهُ مِنَّا أَحَدٌ، قَالَ: فَجَلَسَ إِلَى النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، فَأَسْنَدَ رُكْبَتَهُ إِلَى رُكْبَتِهِ، وَوَضَعَ يَدَيْهِ عَلَى فَخِذَيْهِ، ثُمَّ قَالَ: يَا مُحَمَّدُ، مَا الْإِسْلَامُ؟ قَالَ: «شَهَادَةُ أَنْ لَا إِلَهَ إِلَّا اللَّهُ، وَأَنِّي رَسُولُ اللَّهِ، وَإِقَامُ الصَّلَاةِ، وَإِيتَاءُ الزَّكَاةِ، وَصَوْمُ رَمَضَانَ، وَحَجُّ الْبَيْتِ» قَالَ: صَدَقْتَ، فَعَجِبْنَا مِنْهُ، يَسْأَلُهُ وَيُصَدِّقُهُ، ثُمَّ قَالَ: يَا مُحَمَّدُ، مَا الْإِيمَانُ؟ قَالَ: «أَنْ تُؤْمِنَ بِاللَّهِ، وَمَلَائِكَتِهِ، وَرُسُلِهِ، وَكُتُبِهِ، وَالْيَوْمِ الْآخِرِ، وَالْقَدَرِ خَيْرِهِ وَشَرِّهِ» ، قَالَ: صَدَقْتَ، فَعَجِبْنَا مِنْهُ، يَسْأَلُهُ وَيُصَدِّقُهُ، ثُمَّ قَالَ: يَا مُحَمَّدُ، مَا الْإِحْسَانُ؟ قَالَ: «أَنْ تَعْبُدَ اللَّهَ كَأَنَّكَ تَرَاهُ، فَإِنَّكَ إِنْ لَا تَرَاهُ فَإِنَّهُ يَرَاكَ» ، قَالَ: فَمَتَى السَّاعَةُ؟ قَالَ: «مَا الْمَسْئُولُ عَنْهَا بِأَعْلَمَ مِنَ السَّائِلِ» ، قَالَ: فَمَا أَمَارَتُهَا؟ قَالَ: «أَنْ تَلِدَ الْأَمَةُ رَبَّتَهَا» – قَالَ: وَكِيعٌ: يَعْنِي تَلِدُ الْعَجَمُ الْعَرَبَ – «وَأَنْ تَرَى الْحُفَاةَ الْعُرَاةَ الْعَالَةَ رِعَاءَ الشَّاءِ يَتَطَاوَلُونَ فِي الْبِنَاءِ» قَالَ: ثُمَّ قَالَ: فَلَقِيَنِي النَّبِيُّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بَعْدَ ثَلَاثٍ، فَقَالَ: «أَتَدْرِي مَنِ الرَّجُلُ؟» قُلْتُ: اللَّهُ وَرَسُولُهُ أَعْلَمُ، قَالَ: «ذَاكَ جِبْرِيلُ، أَتَاكُمْ يُعَلِّمُكُمْ مَعَالِمَ دِينِكُمْ»)
من الفوائد :
أن جبريل عليه السلام أراد أن يخفي أمره
وذلك بأمور منها :
أنه أتى وثوبه ليس به دنس ، وشعره ليس به شعث وهذا يدل على أنه مقيم وليس من المسافرين ، ففي ذلك العصر تتأثر ثياب المسافرين وتتأثر أبدانهم ، فهذا فيه إخفاء لأمره .
ومنها :
أنه أسنده ركبتيه إلى ركبي رسول الله صلى الله عليه وسلم ، ووضع يديه على فخذي رسول الله صلى الله عليه وسلم وهذا لا يليق ، فهذا فيه زيادة في تعمية أمره .
ومنها :
أنه كان يقول ( يا محمد ) ومعلوم أن الصحابة رضي الله عنهم لا يدعون النبي صلى الله عليه وسلم باسمه .
ومنها :
أنه كان يسأل النبي صلى الله عليه وسلم ويصدقه ، وهذا أمر غريب ، لأن شأن السائل أن يكون جاهلا ، فكيف يسأله ويجيب ثم يصدقه .
ومن الفوائد :
بيان مراتب الدين وأنها ثلاث مرات ” الإسلام والإيمان والإحسان “
ومن الفوائد :
أن أركان الإسلام خمسة ، وأن أركان الإيمان ستة ، وأن الإحسان له ركن واحد ، لكن هذا الركن مكون من مرتبتين إحداهما أعلى من الأخرى :
الأولى: أن تعبد الله كأنك تراه ، تستحضر بأنك ترى الله حتى يزيد خشوعك وإقبالك ، فإن عجزت عن هذه المرتبة فلا تعجزك المرتبة الثانية وهي أن تعبد الله معتقدا بأنه يراك ومطلع عليك .
ومن الفوائد :
أن علامات الساعة الصغرى قد وقع شيء منها ، من بينها ما ذُكر في هذا الحديث .
ومن الفوائد :
أن قول عمر رضي الله عنه في بعض الروايات ( فلبثت مليا ) أن الملي مقدر بثلاثة أيام كما في هذه الرواية .
ومن الفوائد :
أن الدين كله موجود في هذا الحديث .
حديث رقم – 64-
( صحيح )
(حَدَّثَنَا أَبُو بَكْرِ بْنُ أَبِي شَيْبَةَ قَالَ: حَدَّثَنَا إِسْمَاعِيلُ ابْنُ عُلَيَّةَ، عَنْ أَبِي حَيَّانَ، عَنْ أَبِي زُرْعَةَ، عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ، قَالَ: كَانَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَوْمًا بَارِزًا لِلنَّاسِ، فَأَتَاهُ رَجُلٌ، فَقَالَ: يَا رَسُولَ اللَّهِ، مَا الْإِيمَانُ؟ قَالَ: «أَنْ تُؤْمِنَ بِاللَّهِ، وَمَلَائِكَتِهِ، وَكُتُبِهِ، وَرُسُلِهِ، وَلِقَائِهِ، وَتُؤْمِنَ بِالْبَعْثِ الْآخِرِ» قَالَ: يَا رَسُولَ اللَّهِ، مَا الْإِسْلَامُ؟ قَالَ: «أَنْ تَعْبُدَ اللَّهَ، وَلَا تُشْرِكَ بِهِ شَيْئًا، وَتُقِيمَ الصَّلَاةَ الْمَكْتُوبَةَ، وَتُؤَدِّيَ الزَّكَاةَ الْمَفْرُوضَةَ، وَتَصُومَ رَمَضَانَ» قَالَ: يَا رَسُولَ اللَّهِ، مَا الْإِحْسَانُ؟ قَالَ: «أَنْ تَعْبُدَ اللَّهَ كَأَنَّكَ تَرَاهُ، فَإِنَّكَ إِنْ لَا تَرَاهُ فَإِنَّهُ يَرَاكَ» قَالَ: يَا رَسُولَ اللَّهِ، مَتَى السَّاعَةُ؟ قَالَ: «مَا الْمَسْئُولُ عَنْهَا بِأَعْلَمَ مِنَ السَّائِلِ، وَلَكِنْ سَأُحَدِّثُكَ عَنْ أَشْرَاطِهَا، إِذَا وَلَدَتِ الْأَمَةُ رَبَّتَهَا، فَذَلِكَ مِنْ أَشْرَاطِهَا، وَإِذَا تَطَاوَلَ رِعَاءُ الْغَنَمِ فِي الْبُنْيَانِ، فَذَلِكَ مِنْ أَشْرَاطِهَا، فِي خَمْسٍ لَا يَعْلَمُهُنَّ إِلَّا اللَّهُ» ، فَتَلَا رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: {إِنَّ اللَّهَ عِنْدَهُ عِلْمُ السَّاعَةِ وَيُنَزِّلُ الْغَيْثَ وَيَعْلَمُ مَا فِي الْأَرْحَامِ وَمَا تَدْرِي نَفْسٌ مَاذَا تَكْسِبُ غَدًا وَمَا تَدْرِي نَفْسٌ بِأَيِّ أَرْضٍ تَمُوتُ إِنَّ اللَّهَ عَلِيمٌ خَبِيرٌ} [لقمان: 34])
من الفوائد :
أن هذا الحديث مع الروايات الأخرى نجمع فوائده ، فما كان ناقصا في حديث في بعض الألفاظ قد وجد في الحديث الآخر
ومن الفوائد :
أن لقاء الله عز وجل يجب الإيمان به كما يجب الإيمان بالبعث ، ومعلوم أن لقاء الله جزء من أجزاء الإيمان بالبعث ، ولكنه ذكره لأهميته ، حتى يرهب ابن آدم منه أنه ملاقٍ الله سبحانه وتعالى ولا محالة { يَا أَيُّهَا الْإِنسَانُ إِنَّكَ كَادِحٌ إِلَى رَبِّكَ كَدْحاً فَمُلَاقِيهِ } الانشقاق6 ، فيكون أكثر استعدادا .
ومن الفوائد :
أن النبي صلى الله عليه وسلم فصل في موضوع الساعة ، قال ( ما المسؤول عنها بأعلم من السائل ) فدل على أن كل مسؤول وكل سائل يجهلانها .
ومن الفوائد :
تغير الزمن وتغير المفاهيم في أواخر هذه الدنيا ، فإن الأَمَة تلد ربتها ، حمل بعض العلماء هذه الجملة على أن السبايا يكثرن في العرب فيطأ الحر أَمَتَه فيحصل من هذا الوطء ولد إما ذكر وإما أنثى ، ومعلوم أن ما في بطنها ينسب إلى الواضع ، فتكون بهذا الاعتبار تكون ولدت الأمة سيدتها .
وحمل بعض العلماء هذا الحديث : على أن العقوق يكثر حتى تصبح الأم بمثابة الرقيقة عند ابنتها لقلة الدين .
ومن الفوائد :
أن من كان في الصحراء وكان راعيا فيما سبق وكان قليل ذات اليد ليس عنده نعال يلبسها أن الوضع يتغير ، فبينما كانوا في فقر أصبحوا في ترف يتطاولون في البنيان .
حديث رقم – 65-
( موضوع )
(حَدَّثَنَا سَهْلُ بْنُ أَبِي سَهْلٍ، وَمُحَمَّدُ بْنُ إِسْمَاعِيلَ، قَالَا: حَدَّثَنَا عَبْدُ السَّلَامِ بْنُ صَالِحٍ أَبُو الصَّلْتِ الْهَرَوِيُّ قَالَ: حَدَّثَنَا عَلِيُّ بْنُ مُوسَى الرِّضَا، عَنْ أَبِيهِ، عَنْ جَعْفَرِ بْنِ مُحَمَّدٍ، عَنْ أَبِيهِ، عَنْ عَلِيِّ بْنِ الْحُسَيْنِ، عَنْ أَبِيهِ، عَنْ عَلِيِّ بْنِ أَبِي طَالِبٍ، قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: «الْإِيمَانُ مَعْرِفَةٌ بِالْقَلْبِ، وَقَوْلٌ بِاللِّسَانِ، وَعَمَلٌ بِالْأَرْكَانِ»
من الفوائد :
هذا الحديث موضوع ، لأن واضعه في ظنه أراد خيرا ، وهو الرد على المرجئة الذين يقولون إن الإيمان يتعلق بالقلب فقط ، ولكن النوايا غير مقبولة في الشرع إذا لم تكن مربوطة بحسن التصرف ، وحسن التصرف لا يمكن أن يكون خارجا عن الشرع ، فنحن لا نثبت أحكاما بمجرد آرائنا أو أهوائنا ، وإنما ما جاء به الشرع غنية وكفاية ، والآيات والأحاديث في كون الإيمان هو معرفة بالقلب وقول باللسان وعمل بالجوارح كثيرة .
حديث رقم – 66-
( صحيح )
(حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ بَشَّارٍ، وَمُحَمَّدُ بْنُ الْمُثَنَّى، قَالَا: حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ جَعْفَرٍ قَالَ: حَدَّثَنَا شُعْبَةُ، قَالَ: سَمِعْتُ قَتَادَةَ، يُحَدِّثُ عَنْ أَنَسِ بْنِ مَالِكٍ، أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ: «لَا يُؤْمِنُ أَحَدُكُمْ حَتَّى يُحِبَّ لِأَخِيهِ – أَوْ قَالَ لِجَارِهِ – مَا يُحِبُّ لِنَفْسِهِ»)
من الفوائد :
بيان فضل الجار .
ومن الفوائد :
أن الإيمان الكامل أن تحب لأخيك المسلم ما تحبه لنفسك ، فمن رغب أن يكمل إيمانه فعليه بما ذكر في هذا الحديث وبما ذكر في أحاديث أخرى ، فلا يظن ظان أن إيمانه يكتمل بمجرد ما ورد في هذا الحديث فقط – لا – وإنما عليه أن يأتيه بما جاء في الأحاديث الأخرى ، ولعله أن يأتينا شيء منها .
حديث رقم – 67-
( صحيح )
(حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ بَشَّارٍ، وَمُحَمَّدُ بْنُ الْمُثَنَّى، قَالَا: حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ جَعْفَرٍ قَالَ: حَدَّثَنَا شُعْبَةُ، قَالَ: سَمِعْتُ قَتَادَةَ، عَنْ أَنَسِ بْنِ مَالِكٍ، قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: «لَا يُؤْمِنُ أَحَدُكُمْ حَتَّى أَكُونَ أَحَبَّ إِلَيْهِ مِنْ وَلَدِهِ، وَوَالِدِهِ، وَالنَّاسِ أَجْمَعِينَ»)
من الفوائد :
أن هذا الحديث يؤكد ما ذكر مسبقا من أن الإيمان الكامل يحصل بجميع ما جاءت به السنة ، فلا يحصل إيمان كامل حتى يكون النبي صلى الله عليه وسلم أحب إلى الإنسان من ولده ووالده والناس أجمعين ( أحب إليه من ولده ) أي من فرعه ( ووالده) وهو أصله ( والناس أجمعين ) من قريب أو بعيد .
ولعل لفظة ( والناس أجمعين ) يدخل ضمنها نفس الإنسان ، لأنه ورد حديث أن عمر رضي الله عنه ( قال يا سول الله والله إنك لأحب إلي من كل شيء إلا من نفسي ، فقال ومن نفسك ، قال ومن نفسي ، قال الآن يا عمر ) يعني قد كمل إيمانك يا عمر .
حديث رقم – 68-
( صحيح )
(حَدَّثَنَا أَبُو بَكْرِ بْنُ أَبِي شَيْبَةَ قَالَ: حَدَّثَنَا وَكِيعٌ، وَأَبُو مُعَاوِيَةَ عَنِ الْأَعْمَشِ، عَنْ أَبِي صَالِحٍ، عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ، قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: «وَالَّذِي نَفْسِي بِيَدِهِ، لَا تَدْخُلُوا الْجَنَّةَ حَتَّى تُؤْمِنُوا، وَلَا تُؤْمِنُوا حَتَّى تَحَابُّوا، أَوَلَا أَدُلُّكُمْ عَلَى شَيْءٍ إِذَا فَعَلْتُمُوهُ تَحَابَبْتُمْ؟ أَفْشُوا السَّلَامَ بَيْنَكُمْ»)
من الفوائد :
أن هذا الحديث جاء فيه ما يخالف المشهور في اللغة ، لأن ( لا ) هنا نافية ، والنافية لا تجزم الفعل المضارع ،فأين ( النون ) في قوله ( تدخلوا ) وكذلك في قوله ( لا تؤمنوا ) ؟
العلماء حملوا هذا الحديث على أن النون تحذف مع لا النافية تخفيفا إذا كان السياق يقتضي ذلك ، لأن نطقها فيه شيء من الكلفة .
ومن الفوائد :
أن محبة المؤمنين بعضهم لبعض تفضي إلى الإيمان ، وهذا وللأسف قلَّ في هذا العصر .
ومن الفوائد :
أن من أسباب زيادة المحبة أن يفشى السلام ، فقلة المحبة بسبب قلة إفشاء السلام .
والإفشاء : هو الإظهار والتكرار ، بمعنى أن يكثر منه حتى يكون ظاهرا .
أما قول بعض العلماء : من أن إفشاء السلام يكون برفع الصوت ، فلا شك أنه داخل في إفشاء السلام ، ولكن ليس محصورا به ، وهذا أيضا قد قل ، فتجد أن المسلم يمر ويسلم على أخيه المسلم لكنه لا يرفع صوته بالسلام ، أو يمكن أن يرفع صوته لكن المُسَلَّم عليه يرد بصوت خفيض ، ومعلوم أن الله سبحانه وتعالى قال : {وَإِذَا حُيِّيْتُم بِتَحِيَّةٍ فَحَيُّواْ بِأَحْسَنَ مِنْهَا أَوْ رُدُّوهَا } النساء86، فإذا رد المُسَلَّم عليه بصوت ضعيف على المُسَلِم فهو في الحقيقة لم يرد التحية بأحسن منها ولا بمثلها .
حديث رقم – 69-
( صحيح )
(حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ نُمَيْرٍ قَالَ: حَدَّثَنَا عَفَّانُ قَالَ: حَدَّثَنَا شُعْبَةُ، عَنِ الْأَعْمَشِ، ح وَحَدَّثَنَا هِشَامُ بْنُ عَمَّارٍ قَالَ: حَدَّثَنَا عِيسَى بْنُ يُونُسَ قَالَ: حَدَّثَنَا الْأَعْمَشُ، عَنْ أَبِي وَائِلٍ، عَنْ عَبْدِ اللَّهِ قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: «سِبَابُ الْمُسْلِمِ فُسُوقٌ، وَقِتَالُهُ كُفْرٌ»)
مر معنا هذا الحديث .
حديث رقم – 70-
( ضعيف )
(حَدَّثَنَا نَصْرُ بْنُ عَلِيٍّ الْجَهْضَمِيُّ قَالَ: حَدَّثَنَا أَبُو أَحْمَدَ قَالَ: حَدَّثَنَا أَبُو جَعْفَرٍ الرَّازِيُّ، عَنِ الرَّبِيعِ بْنِ أَنَسٍ، عَنْ أَنَسِ بْنِ مَالِكٍ، قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: «مَنْ فَارَقَ الدُّنْيَا عَلَى الْإِخْلَاصِ لِلَّهِ وَحْدَهُ، وَعِبَادَتِهِ لَا شَرِيكَ لَهُ، وَإِقَامِ الصَّلَاةِ، وَإِيتَاءِ الزَّكَاةِ، مَاتَ وَاللَّهُ عَنْهُ رَاضٍ» قَالَ أَنَسٌ: وَهُوَ دِينُ اللَّهِ الَّذِي جَاءَتْ بِهِ الرُّسُلُ، وَبَلَّغُوهُ عَنْ رَبِّهِمْ قَبْلَ هَرْجِ الْأَحَادِيثِ، وَاخْتِلَافِ الْأَهْوَاءِ، وَتَصْدِيقُ ذَلِكَ فِي كِتَابِ اللَّهِ، فِي آخِرِ مَا نَزَلَ، يَقُولُ اللَّهُ: {فَإِنْ تَابُوا} [التوبة: 5] قَالَ: خَلْعُ الْأَوْثَانِ وَعِبَادَتِهَا {وَأَقَامُوا الصَّلَاةَ وَآتَوُا الزَّكَاةَ} [البقرة: 277] وَقَالَ فِي آيَةٍ أُخْرَى: {فَإِنْ تَابُوا وَأَقَامُوا الصَّلَاةَ وَآتَوُا الزَّكَاةَ فَإِخْوَانُكُمْ فِي الدِّينِ} [التوبة: 11])
من الفوائد :
هذا الحديث ضعيف ولو صح فإن ما جاء فيه مؤيد بأحاديث أخرى ، فيدل على أن رضا الله هو كمال الإيمان ، وأن من رضي الله عز وجل عنه فقد كمل إيمانه .
ومن الفوائد :
أن التوحيد هو أعظم الأسس، لأنه صدِّر كلامه بالإخلاص لله سبحانه وتعالى وعبادته .
حديث رقم – 71-
( صحيح متواتر )
(حَدَّثَنَا أَحْمَدُ بْنُ الْأَزْهَرِ قَالَ: حَدَّثَنَا أَبُو النَّضْرِ قَالَ: حَدَّثَنَا أَبُو جَعْفَرٍ، عَنْ يُونُسَ، عَنِ الْحَسَنِ، عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ، قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: «أُمِرْتُ أَنْ أُقَاتِلَ النَّاسَ حَتَّى يَشْهَدُوا أَنْ لَا إِلَهَ إِلَّا اللَّهُ، وَأَنِّي رَسُولُ اللَّهِ، وَيُقِيمُوا الصَّلَاةَ، وَيُؤْتُوا الزَّكَاةَ»)
حديث رقم – 72-
( صحيح متواتر )
(حَدَّثَنَا أَحْمَدُ بْنُ الْأَزْهَرِ قَالَ: حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ يُوسُفَ قَالَ: حَدَّثَنَا عَبْدُ الْحَمِيدِ بْنُ بَهْرَامَ، عَنْ شَهْرِ بْنِ حَوْشَبٍ، عَنْ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ غَنْمٍ، عَنْ مُعَاذِ بْنِ جَبَلٍ، قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: «أُمِرْتُ أَنْ أُقَاتِلَ النَّاسَ حَتَّى يَشْهَدُوا أَنْ لَا إِلَهَ إِلَّا اللَّهُ، وَأَنِّي رَسُولُ اللَّهِ، وَيُقِيمُوا الصَّلَاةَ، وَيُؤْتُوا الزَّكَاةَ»)
من الفوائد :
هذا الحديث عده العلماء من الأحاديث المتواترة عن رسول الله صلى الله عليه وسلم .
والمتواتر خلافه الآحاد ، فالمتواتر ما رواه جماعة عن جماعة يستحيل أن يتواطئوا في العادة على الكذب على أمر محسوس ، كأن يقولوا سمعنا أو رأينا أو شاهدنا .
وأما الآحاد : فما دون ذلك .
لأن الحديث ينقسم باعتبار طرقه إلى قسمين ” متواتر وآحاد “
ومن الفوائد :
أن الفارق بين المسلم والكافر هو شهادة أن لا إله إلا الله ، وأن إقام الصلاة وإيتاء الزكاة من توابع ومن مستلزمات التوحيد .
ومن الفوائد :
أن هذا الحديث جاءت فيه زيادة ( ويقيموا الصلاة ويؤتوا الزكاة ) لأن بعض الأحاديث لم تذكر هاتين اللفظتين ، ومن ثم قال عمر رضي الله عنه لأبي بكر رضي الله عنه لما أراد أن يقاتل المرتدين وأراد أن يقاتل مانعي الزكاة ، قال ( أتقاتل قوما يشهدون أن لا إله إلا اله ) فذكر هذا الحديث ، وقال : ( إن من حق لا إله إلا الله الزكاة )
فهذا الحديث فيه حجة قائمة لأبي بكر رضي الله عنه بهذه الرواية ، ولو لم تأت فإن استدلاله بأن الزكاة من حق لا إله إلا الله استدلال واضح ، ولذلك وافقه عمر ووافقه جميع الصحابة رضي الله عنهم على هذا الأمر .
حديث رقم – 73-
( ضعيف )
(حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ إِسْمَاعِيلَ الرَّازِيُّ قَالَ: أَنْبَأَنَا يُونُسُ بْنُ مُحَمَّدٍ قَالَ: حَدَّثَنَا عبْدُ اللَّهِ بْنُ مُحَمَّدٍ اللَّيْثِيُّ قَالَ: حَدَّثَنَا نِزَارُ بْنُ حَيَّانَ، عَنْ عِكْرِمَةَ، عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ، وَعَنْ جَابِرِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ، قَالَا: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: ” صِنْفَانِ مِنْ أُمَّتِي لَيْسَ لَهُمَا فِي الْإِسْلَامِ نَصِيبٌ: أَهْلُ الْإِرْجَاءِ، وَأَهْلُ الْقَدَرِ “)
من الفوائد :
هذا الحديث مر معنا ، وقلنا إن ابن حجر رحمه الله بناء على تعدد طرقه حكم بأنه حسن .
حديث رقم – 74-
( ضعيف جدا )
(حَدَّثَنَا أَبُو عُثْمَانَ الْبُخَارِيُّ سَعِيدُ بْنُ سعْدٍ قَالَ: حَدَّثَنَا الْهَيْثَمُ بْنُ خَارِجَةَ قَالَ: حَدَّثَنَا إِسْمَاعِيلُ يَعْنِي ابْنَ عيَّاشٍ، عَنْ عبْدِ الْوَهَّابِ بْنِ مُجَاهِدٍ، عَنْ مُجَاهِدٍ، عَنْ أَبِي هُرَيْرةَ، وَابْنِ عبَّاسٍ قَالَا: «الْإِيمَانُ يَزِيدُ وَيَنْقُصُ» )
حديث رقم – 75-
( ضعيف )
(حَدَّثَنَا أَبُو عُثْمَانَ الْبُخَارِيُّ قَالَ: حَدَّثَنَا الْهَيْثَمُ قَالَ: حَدَّثَنَا إِسْمَاعِيلُ، عَنْ حَرِيزِ بْنِ عُثْمَانَ، عَنِ الْحَارِثِ، أَظُنُّهُ، عَنْ مُجَاهِدٍ، عَنْ أَبِي الدَّرْدَاءِ، قَالَ: «الْإِيمَانُ يَزْدَادُ وَيَنْقُصُ»)
من الفوائد :
هذا الحديث قد حكم عليه البعض بأنه موضوع وليس بأنه ضعيف جدا ، والحامل لهؤلاء الذين وضعوه الحامل لهم الرد على من قال إن الإيمان واحد لا يزيد ولا ينقص .
والصواب كما هو معتقد أهل السنة والجماعة والأدلة قائمة على ذلك ” أن الإيمان يزيد بالطاعة وينقص بالمعصية “
قال تعالى : { لِيَزْدَادُوا إِيمَاناً مَّعَ إِيمَانِهِمْ } الفتح4 ، وقال النبي صلى الله عليه وسلم : ( ما رأيت من ناقصات عقل ودين ) فدل على أن الدين ينقص ، ومعلوم أن الشيء الذي ينقص يزيد ، وأن الزيادة إنما هي عن نقصان سابق ، بل إن الإنسان ليشعر في بعض الأحوال وفي بعض الأزمان أن عنده من الإيمان ما لم يكن قبل ذلك ، ويشعر بأنه في هذا الوقت عنده من الإيمان ما قلَّ عما سبق .
بَابٌ فِي الْقَدَرِ
حديث رقم – 76 –
( صحيح )
(حَدَّثَنَا عَلِيُّ بْنُ مُحَمَّدٍ قَالَ: حَدَّثَنَا وَكِيعٌ، وَمُحَمَّدُ بْنُ فُضَيْلٍ، وَأَبُو مُعَاوِيَةَ، ح وَحَدَّثَنَا عَلِيُّ بْنُ مَيْمُونٍ الرَّقِّيُّ قَالَ: حَدَّثَنَا أَبُو مُعَاوِيَةَ، وَمُحَمَّدُ بْنُ عُبَيْدٍ، عَنِ الْأَعْمَشِ، عَنْ زَيْدِ بْنِ وَهْبٍ، قَالَ: قَالَ: عَبْدُ اللَّهِ بْنُ مَسْعُودٍ، حَدَّثَنَا رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَهُوَ الصَّادِقُ الْمَصْدُوقُ أَنَّهُ: ” يُجْمَعُ خَلْقُ أَحَدِكُمْ فِي بَطْنِ أُمِّهِ أَرْبَعِينَ يَوْمًا، ثُمَّ يَكُونُ عَلَقَةً مِثْلَ ذَلِكَ، ثُمَّ يَكُونُ مُضْغَةً مِثْلَ ذَلِكَ، ثُمَّ يَبْعَثُ اللَّهُ إِلَيْهِ الْمَلَكَ، فَيُؤْمَرُ بِأَرْبَعِ كَلِمَاتٍ، فَيَقُولُ: اكْتُبْ عَمَلَهُ، وَأَجَلَهُ، وَرِزْقَهُ، وَشَقِيٌّ، أَمْ سَعِيدٌ، فَوَالَّذِي نَفْسِي بِيَدِهِ، إِنَّ أَحَدَكُمْ لَيَعْمَلُ بِعَمَلِ أَهْلِ الْجَنَّةِ، حَتَّى مَا يَكُونُ بَيْنَهُ وَبَيْنَهَا إِلَّا ذِرَاعٌ، فَيَسْبِقُ عَلَيْهِ الْكِتَابُ، فَيَعْمَلُ بِعَمَلِ أَهْلِ النَّارِ فَيَدْخُلُهَا، وَإِنَّ أَحَدَكُمْ لَيَعْمَلُ بِعَمَلِ أَهْلِ النَّارِ، حَتَّى مَا يَكُونُ بَيْنَهُ وَبَيْنَهَا إِلَّا ذِرَاعٌ، فَيَسْبِقُ عَلَيْهِ الْكِتَابُ، فَيَعْمَلُ بِعَمَلِ أَهْلِ الْجَنَّةِ فَيَدْخُلُهَا ” )
من الفوائد :
الرد على القدرية ، فإن الله سبحانه وتعالى قد قدَّر كل شيء ، ويكون العمل الذي يعمله ابن آدم على ما مضى به القلم ، لا على ما يستقبل ، كما جاءت بذلك الأحاديث الأخرى .
ومن الفوائد :
أن التقدير أنواع :
أولا : تقدير يومي ، كما قال تعالى : { كُلَّ يَوْمٍ هُوَ فِي شَأْنٍ } الرحمن29 ، يغني فقيرا ، يشفي مريضا ، ييسر أمرا .
ثانيا : تقدير سنوي : في ليلة القدر ، يقدر ما يكون في السنة إلى السنة التي تليها { إِنَّا أَنزَلْنَاهُ فِي لَيْلَةٍ مُّبَارَكَةٍ إِنَّا كُنَّا مُنذِرِينَ{3} فِيهَا يُفْرَقُ كُلُّ أَمْرٍ حَكِيمٍ{4} }.
ثالثا : تقدير عمري ، وهو التقدير المذكور هنا ، إذ يبعث الله عز وجل الملك بعد مضي مائة وعشرين يوما من خلق هذا الجنين فيكتب له ما قدره الله عز وجل .
ومن الفوائد :
أن ابن مسعود رضي الله عنه وصف النبي صلى الله عليه وسلم بأنه صادق وأنه مصدوق ، فكونه صادقا – لا غبار على ذلك – لأن كفار قريش كانوا يلقبونه بهذا اللقب ، لكنهم عدلوا عن هذا اللقب افتراء وعنادا واستكبارا عن الحق .
والمصدوق : هو الذي صُدِّق بالمعجزات من قبل الله عز وجل ، وله على صدقه آيات وبراهين ، وكذلك مُصَدَق من قبل المؤمنين ، كما قال تعالى : {وَالَّذِي جَاء بِالصِّدْقِ وَصَدَّقَ بِهِ }الزمر33 .
ومن الفوائد :
أن السعيد من سعد في بطن أمه وأن الشقي من شقي في بطن أمه ، ولذلك لا ينبغي أن يقال كما هي اللفظة الدارجة عند البعض لا ينبغي أن يقال للطفل كثير الحركة أو كثير المشاغبة لا يقال ” هذا ولد شقي ” لأن الشقي حقيقة من شقي في بطن أمه .
ومن الفوائد :
أن الواجب على ابن آدم أن يعمل ، ولا يقول ربما قدَّر الله أن أكون من أهل النار – كلا – وكذلك في المقابل لا يجوز لأهل الكفر والعصيان أن يقولوا سنعمل ما نشاء لأن الله يمكن أن يكون قدر لنا الجنة ، ولذلك عول النبي صلى الله عليه وسلم على العمل ، فعليك أن تعمل ، لأنك لا تدري ، من ترك العمل الصالح بناء على أنه لا يدري ما يكون له يقول أنا من أهل النار ، نقول له وما أدراك أنك لست من أهل الجنة ؟ فلماذا لا تعمل بعمل أهل الجنة ؟
ومن الفوائد :
قال ابن القيم رحمه الله لا يظهر معنى الحديث ظهورا واضحا إلا بالرواية الأخرى قال : ( فيما يبدو للناس ) لكن عنده خفايا وعنده أشياء في الستر ، فهذا قد يختم له بخاتمة السوء بناء على العمل الذي يمارسه في الخفاء ، فهو عند الناس صاحب طاعة وصاحب خير ، لكنه إذا اختفى عمل أشياء ، فلربما تكون خاتمته على هذا العمل السيئ ، فيكون من أهل النار ، ولذلك في حديث ثوبان رضي الله عنه ( يأتي قوم من أمتي بحسنات كجبال تهامة يجعلها الله هباء منثورا ، فقالوا يا رسول الله صفهم لنا ، فقال إنهم منكم ، يصومون ويصلون ويأخذون من الليل كما تأخذون ، ولكنهم قوم إذا خلوا بمحارم الله انتهكوها )
فلا يجوز لأحد أن يحتج بالقدر على فعل الذنب أو ترك الواجب ، فعليه أن يعمل وأن يتوكل على الله سبحانه وتعالى ، ولذلك القدر كما قال أهل السنة والجماعة هو ( سر الله ) لا تبحث عنه ، ولو جاز لأحد أن يحتج بالقدر على ترك الواجب أو على فعل الذنب ، فلا يجوز له أن يحتج بالقدر فيما يصيبه من أذى من الآخرين ، لو لطمته لطمة وقلت له هذا قدر الله ، أيرضى بهذا ؟! لا يرضى بهذا ، فكيف لا يرضى بهذا ويرضى بالاحتجاج بالقدر على حقوق الله سبحانه وتعالى !
حديث رقم – 77-
( صحيح )
(حَدَّثَنَا عَلِيُّ بْنُ مُحَمَّدٍ قَالَ: حَدَّثَنَا إِسْحَاقُ بْنُ سُلَيْمَانَ، قَالَ: سَمِعْتُ أَبَا سِنَانٍ، عَنْ وَهْبِ بْنِ خَالِدٍ الْحِمْصِيِّ، عَنِ ابْنِ الدَّيْلَمِيِّ، قَالَ: وَقَعَ فِي نَفْسِي شَيْءٌ مِنْ هَذَا الْقَدَرِ، خَشِيتُ أَنْ يُفْسِدَ عَلَيَّ دِينِي وَأَمْرِي، فَأَتَيْتُ أُبَيَّ بْنَ كَعْبٍ، فَقُلْتُ: أَبَا الْمُنْذِرِ، إِنَّهُ قَدْ وَقَعَ فِي نَفْسِي شَيْءٌ مِنْ هَذَا الْقَدَرِ، فَخَشِيتُ عَلَى دِينِي وَأَمْرِي، فَحَدِّثْنِي مِنْ ذَلِكَ بِشَيْءٍ، لَعَلَّ اللَّهَ أَنْ يَنْفَعَنِي بِهِ، فَقَالَ: «لَوْ أَنَّ اللَّهَ عَذَّبَ أَهْلَ سَمَاوَاتِهِ وَأَهْلَ أَرْضِهِ، لَعَذَّبَهُمْ وَهُوَ غَيْرُ ظَالِمٍ لَهُمْ، وَلَوْ رَحِمَهُمْ لَكَانَتْ رَحْمَتُهُ خَيْرًا لَهُمْ مِنْ أَعْمَالِهِمْ، وَلَوْ كَانَ لَكَ مِثْلُ جَبَلِ أُحُدٍ ذَهَبًا، أَوْ مِثْلُ جَبَلِ أُحُدٍ تُنْفِقُهُ فِي سَبِيلِ اللَّهِ، مَا قُبِلَ مِنْكَ حَتَّى تُؤْمِنَ بِالْقَدَرِ، فَتَعْلَمَ أَنَّ مَا أَصَابَكَ لَمْ يَكُنْ لِيُخْطِئَكَ، وَأَنَّ مَا أَخْطَأَكَ لَمْ يَكُنْ لِيُصِيبَكَ، وَأَنَّكَ إِنْ مُتَّ عَلَى غَيْرِ هَذَا دَخَلْتَ النَّارَ» وَلَا عَلَيْكَ أَنْ تَأْتِيَ أَخِي عَبْدَ اللَّهِ بْنَ مَسْعُودٍ، فَتَسْأَلَهُ، فَأَتَيْتُ عَبْدَ اللَّهِ، فَسَأَلْتُهُ، فَذَكَرَ مِثْلَ مَا قَالَ أُبَيٌّ وَقَالَ لِي: وَلَا عَلَيْكَ أَنْ تَأْتِيَ حُذَيْفَةَ، فَأَتَيْتُ حُذَيْفَةَ، فَسَأَلْتُهُ، فَقَالَ مِثْلَ مَا قَالَا، وَقَالَ: ائْتِ زيْدَ بْنَ ثابتٍ، فَاسْأَلْهُ، فَأَتَيْتُ زيْدَ بْنَ ثابتٍ، فَسَأَلْتُهُ، فَقَالَ: سَمِعْتُ رَسُولَ اللَّهِ صلَّى اللَّهُ عليْهِ وسلَّمَ يَقُولُ: «لوْ أَنَّ اللَّهَ عذَّبَ أهْلَ سَمَاوَاتِهِ وأهْلَ أرْضِهِ، لَعَذَّبَهُمْ وَهُوَ غيْرُ ظَالِمٍ لَهُمْ، وَلَوْ رَحِمَهُمْ لَكَانَتْ رَحْمَتُهُ خيْرًا لَهُمْ مِنْ أَعْمَالِهِمْ، وَلَوْ كَانَ لَكَ مِثْلُ أُحُدٍ ذَهَبًا، أوْ مِثْلُ جَبَلِ أُحُدٍ ذَهَبًا تُنْفِقُهُ فِي سَبِيلِ اللَّهِ، مَا قَبِلَهُ مِنْكَ حتَّى تُؤْمِنَ بِالْقَدَرِ كُلِّهِ، فَتَعْلَمَ أنَّ مَا أَصَابَكَ لَمْ يَكُنْ لِيُخْطِئَكَ، وَمَا أَخْطَأَكَ لَمْ يَكُنْ لِيُصِيبَكَ، وَأَنَّكَ إِنْ مُتَّ عَلَى غيْرِ هَذَا دَخَلْتَ النَّارَ»)
من الفوائد :
أن الإيمان بالقضاء والقدر أصل من أصول الإيمان الستة ، فمن كفر به أو بجزء منه فقد كفر بالله عز وجل ، ويكون مصيره إلى النار ، لأن من لا تقبل منه النفقة هو الكافر {وَمَا مَنَعَهُمْ أَن تُقْبَلَ مِنْهُمْ نَفَقَاتُهُمْ إِلاَّ أَنَّهُمْ كَفَرُواْ بِاللّهِ وَبِرَسُولِهِ }التوبة54 .
ومن الفوائد :
أن ابن الديلمي رحمه الله لما رأى تغير الناس في أمر القضاء والقدر خشي على نفسه ، فذهب إلى من يزيل عنه هذه الفتنة وهذه الشبهة ، ذهب إلى العلماء الربانيين ، فلا تذهب إلى أي شخص وإنما تذهب إلى العلماء الربانيين ، ذهب ليسأل أبي بن كعب ، لأن أبي بن كعب أقرأ الأمة ، وعبد الله بن مسعود يحلف بالله يقول لو أعلم أن أحدا تبلغه المطايا أعلم مني بكتاب الله لأتيه ، حذيفة سر رسول الله صلى الله عليه وسلم ، زيد بن ثابت أعلم الأمة بالفرائض رضي الله عنهم ، فهذا يدل على أن الإنسان متى ما وقع في شبهة يجب عليه أن يأتي للعلماء الربانيين ، لا يأتي إلى أي شخص .
ومن الفوائد :
أن العلماء بحاجة ماسة إلى علم الآخرين من إخوانهم العلماء ، ولذلك كل واحد يوصي أن يذهب إلى العالم الآخر لكي يسأله ، لأنه أمر يتعلق بالعقائد ، فاجتماع العلماء الربانيين على أمر ما فيه خير ونفع للأمة .
ومن الفوائد :
أن ينبغي للعالم ألا يذكر حكما دون أن يربطه بالدليل ، ولذلك الصحابة رضي الله عنهم ربطوا قولهم بقول النبي صلى الله عليه وسلم .
ومن الفوائد :
أن الواجب على المسلم أن يطمئن فهو في قضاء الله وقدره ، وإذا كان في قضاء الله وقدره وهو يعلم أن الله عز وجل أرحم به من أمه فإن الله سبحانه إن قدَّر له الخير ، فهذا خير له ، وإن قدّر عليه الشر فإنما أراد له خيرا إما في دنياه وإما في أخراه ، فلعله أن يرتدع عن أمر يكون فيه عليه مضرة ، قد يكون متغطرسا متكبرا لا يرى الآخرين ، فتأتيه طامة من الله عز وجل فتهلك ماله أو تضعف صحته فيعود إلى الله سبحانه وتعالى ، فهذا خير له ، ولا شك أنه خير في أخراه ، لأن من أطاع الله عز وجل في الدنيا وجد الخير والمغنم في الآخرة .
ومن الفوائد :”
أن أي عذاب يوقعه الله سبحانه وتعالى بخلقه إنما هو عدل منه وليس ظلما {وَمَا ظَلَمْنَاهُمْ وَلَكِن كَانُوا هُمُ الظَّالِمِينَ }الزخرف76 ، فأي مصيبة تحصل للإنسان فهي عدل من الله ، أي عذاب هو عدل من الله {إِنَّ اللّهَ لاَ يَظْلِمُ النَّاسَ شَيْئاً وَلَـكِنَّ النَّاسَ أَنفُسَهُمْ يَظْلِمُونَ }يونس44 .
ولماذا كان عدلا ؟
لأن الكون كله لله عز وجل، ومن كان مالكا للشيء فله الحق أن يتصرف فيه ، فإذا تصرف فيه لأنه ملكه أيكون ظالما ؟ كلا ، فالله عز وجل يملكك وما تملك ، ومع ذلك فإن الله عز وجل لا يظلم الناس شيئا ، ولذا قال النبي صلى الله عليه وسلم ( ما من مولود إلا ويولد على الفطرة ) فالله لم يظلمك ( فأبواه يهودانه أو ينصرانه أو يمجسانه ) { فِطْرَةَ اللَّهِ الَّتِي فَطَرَ النَّاسَ عَلَيْهَا لَا تَبْدِيلَ لِخَلْقِ اللَّهِ } الروم30 ، يعني لا تبدلوا خلق الله ، فإذا تغير سلوك ابن آدم فليس هذا من الله ظلما وإنما هذا من ابن آدم ذاته ، لأن الله قد هيأ له الأمر وخلقه على الفطرة السليمة وهي فطرة الإسلام .
ومن الفوائد :
ان رحمة الله عز وجل هي خير للعبد من عمله ، لكن العمل الصالح سبب في دخول الجنة .
حديث رقم – 78-
( صحيح )
(حَدَّثَنَا عُثْمَانُ بْنُ أَبِي شَيْبَةَ قَالَ: حَدَّثَنَا وَكِيعٌ، ح وَحَدَّثَنَا عَلِيُّ بْنُ مُحَمَّدٍ قَالَ: حَدَّثَنَا أَبُو مُعَاوِيَةَ، وَوَكِيعٌ، عَنِ الْأَعْمَشِ، عَنْ سَعْدِ بْنِ عُبَيْدَةَ، عَنْ أَبِي عَبْدِ الرَّحْمَنِ السُّلَمِيِّ، عَنْ عَلِيِّ، قَالَ: كُنَّا جُلُوسًا عِنْدَ النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَبِيَدِهِ عُودٌ، فَنَكَتَ فِي الْأَرْضِ، ثُمَّ رَفَعَ رَأْسَهُ، فَقَالَ «مَا مِنْكُمْ مِنْ أَحَدٍ إِلَّا وَقَدْ كُتِبَ مَقْعَدُهُ مِنَ الْجَنَّةِ، وَمَقْعَدُهُ مِنَ النَّارِ» ، قِيلَ: يَا رَسُولَ اللَّهِ، أَفَلَا نَتَّكِلُ؟ قَالَ: «لَا، اعْمَلُوا وَلَا تَتَّكِلُوا، فَكُلٌّ مُيَسَّرٌ لِمَا خُلِقَ لَهُ» . ثُمَّ قَرَأَ {فَأَمَّا مَنْ أَعْطَى وَاتَّقَى وَصَدَّقَ بِالْحُسْنَى فَسَنُيَسِّرُهُ لِلْيُسْرَى وَأَمَّا مَنْ بَخِلَ وَاسْتَغْنَى وَكَذَّبَ بِالْحُسْنَى فَسَنُيَسِّرُهُ لِلْعُسْرَى} [الليل: 6])
من الفوائد :
أن مقعد كل بني آدم قد انتهى إما إلى الجنة وإما إلى النار ولا يتغير ، ولذا الصحابة رضي الله عنهم سألوا النبي صلى الله عليه وسلم ( أفلا نتكل على ما مضى وقدِّر وكتب ؟ قال اعملوا ) فعل أمر يدل على الاستقبال ، فلا تركنوا إلى ما مضى ، قال ( اعملوا فكل ميسر لما خلق له ، ثم قرأ
{ فَأَمَّا مَن أَعْطَى } إذاً لابد أن يكون لديك عمل { وَاتَّقَى{5} وَصَدَّقَ بِالْحُسْنَى{6} } ما الثمرة ؟ ما الفائدة ؟ { فَسَنُيَسِّرُهُ لِلْيُسْرَى{7} } بمعنى أنك يا ابن آدم متى ما تقربت إلى الله سبحانه وتعالى فإن الله عز وجل سيهيئك إلى الأمر الأيسر والأحسن الذي هو طريق الجنة ، لكن لو كان على خلاف ذلك فإن فعله السيئ يودي به إلى الطريق السيئ وهو طريق النار .
حديث رقم – 79-
( حسن صحيح )
(حَدَّثَنَا أَبُو بَكْرِ بْنُ أَبِي شَيْبَةَ، وَعَلِيُّ بْنُ مُحَمَّدٍ الطَّنَافِسِيُّ قَالَا: حَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ إِدْرِيسَ، عَنْ رَبِيعَةَ بْنِ عُثْمَانَ، عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ يَحْيَى بْنِ حَبَّانَ، عَنِ الْأَعْرَجِ، عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ، قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: ” الْمُؤْمِنُ الْقَوِيُّ خَيْرٌ وَأَحَبُّ إِلَى اللَّهِ مِنَ الْمُؤْمِنِ الضَّعِيفِ، وَفِي كُلٍّ خَيْرٌ، احْرِصْ عَلَى مَا يَنْفَعُكَ، وَاسْتَعِنْ بِاللَّهِ وَلَا تَعْجَزْ، فَإِنْ أَصَابَكَ شَيْءٌ، فَلَا تَقُلْ: لَوْ أَنِّي فَعَلْتُ كَذَا وَكَذَا، وَلَكِنْ قُلْ: قَدَّرَ اللَّهُ، وَمَا شَاءَ فَعَلَ، فَإِنَّ لَوْ تَفْتَحُ عَمَلَ الشَّيْطَانِ “)
من الفوائد :
أن المؤمن القوي في طاعة الله وفي تحمل أقدار الله هو خير ممن ليس كذلك ، لكن فالمؤمن فيه صفة الإيمان وهي صفة خير ، لكنهم يتفاوتون ، وأما ما يفعله بعض معلمي التربية البدنية أو ممن يسلك طريق الرياضة من وضع هذا الحديث تأييدا لما يفعله فليس بصواب ، لأن الحديث لا يدل عليه ، لأنه جعل صنفين ( المؤمن القوي خير وأحب إلى الله من المؤمن الضعيف ) فوصفه بالإيمان ولم يوصفه بنشاط في بدنه ، اللهم إلا إذا كان هذا النشاط البدني يعود على الإنسان بفائدة عليه في دينه فيتقوى على طاعة الله سبحانه وتعالى .
ومن الفوائد :
أن الإنسان لا يبحث عن القدر ، وإنما عليه أن يحرص على ما ينفعه ( احرص على ما ينفعك ) وعليك أن تبذل السبب في فعل النافع والأنفع ، لكن لا تحصر نفسك على قدراتك ( واستعن بالله ولا تعجز )
ثم لو حصل شيء على خلاف ما تريده لا تقل لو ، فلو تفتح عمل الشيطان وتفتح عليك أبوابا من الندم والحزن – كلا – ولكن قل ( قدَّر الله وما شاء فعل ) ولذلك كثير من الصحابة رضي الله عنهم وصلوا إلى هذه المرحلة ، لا يأسفون على ما فاتهم ولا يفرحون بما آتاهم ، فهم يسيرون مع قدر الله حيث سار قدر الله .
حديث رقم – 80-
( صحيح )
(حَدَّثَنَا هِشَامُ بْنُ عَمَّارٍ، وَيَعْقُوبُ بْنُ حُمَيْدِ بْنِ كَاسِبٍ قَالَا: حَدَّثَنَا سُفْيَانُ بْنُ عُيَيْنَةَ، عَنْ عَمْرِو بْنِ دِينَارٍ سَمِعَ طَاوُسًا يَقُولُ: سَمِعْتُ أَبَا هُرَيْرَةَ، يُخْبِرُ عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ: ” احْتَجَّ آدَمُ وَمُوسَى، فَقَالَ لَهُ مُوسَى: يَا آدَمُ، أَنْتَ أَبُونَا خَيَّبْتَنَا وَأَخْرَجْتَنَا مِنَ الْجَنَّةِ بِذَنْبِكَ، فَقَالَ لَهُ آدَمُ: يَا مُوسَى، اصْطَفَاكَ اللَّهُ بِكَلَامِهِ، وَخَطَّ لَكَ التَّوْرَاةَ بِيَدِهِ، أَتَلُومُنِي عَلَى أَمْرٍ قَدَّرَهُ اللَّهُ عَلَيَّ قَبْلَ أَنْ يَخْلُقَنِي بِأَرْبَعِينَ سَنَةً، فَحَجَّ آدَمُ مُوسَى، فَحَجَّ آدَمُ مُوسَى، فَحَجَّ آدَمُ مُوسَى، ثَلَاثًا ” )
من الفوائد :
أن هناك محاجة حصلت بين آدم وموسى عليهما السلام ، فغلب آدمُ موسى بالحجة ، وآدم عليه السلام لم يحتج بالقدر على حصول الذنب ، وإنما احتج بالقدر على المصيبة ، ولذلك قال شيخ الإسلام رحمه الله ” يحتج بالقدر على المصائب لا على المعائب ” يأتي إنسان فيفعل عيبا مما يغضب الله فيقول هذا ما قدره الله علي ، نقول هذا احتجاج بالقدر مذموم ، لكن لو أنه أذنب ثم تاب وقيل له يا فلان لم فعلت هذا الذنب – هو قد تاب منه – فيقول هذا قدر الله ، فنقول احتجاجه بالقدر في هذه الحال احتجاج محمود وجائز .
ويقول ابن القيم رحمه الله عبارة أخرى يقول ” الاحتجاج بالقدر في الماضي جائز ، أما في المستقبل فغير جائز ” لأن الذي وقع من آدم عليه السلام فيما مضى .
حديث رقم – 81-
( صحيح )
(حَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ عَامِرِ بْنِ زُرَارَةَ قَالَ: حَدَّثَنَا شَرِيكٌ، عَنْ مَنْصُورٍ، عَنْ رِبْعِيٍّ، عَنْ عَلِيٍّ، قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: ” لَا يُؤْمِنُ عَبْدٌ حَتَّى يُؤْمِنَ بِأَرْبَعٍ: بِاللَّهِ وَحْدَهُ لَا شَرِيكَ لَهُ، وَأَنِّي رَسُولُ اللَّهِ، وَبِالْبَعْثِ بَعْدَ الْمَوْتِ، وَالْقَدَرِ ” )
من الفوائد :
هذا يؤكده ما جاء في حديث جبريل .
ومن الفوائد :
أن قوله ( وبالبعث بعد الموت ) أن الإنسان من حين ما يموت تقوم قيامته ، وأن اليوم الآخر يطلق على ما بعد الموت .
حديث رقم – 82-
( صحيح )
(حَدَّثَنَا أَبُو بَكْرِ بْنُ أَبِي شَيْبَةَ، وَعَلِيُّ بْنُ مُحَمَّدٍ قَالَا: حَدَّثَنَا وَكِيعٌ قَالَ: حَدَّثَنَا طَلْحَةُ بْنُ يَحْيَى بْنِ طَلْحَةَ بْنِ عُبَيْدِ اللَّهِ، عَنْ عَمَّتِهِ عَائِشَةَ بِنْتِ طَلْحَةَ، عَنْ عَائِشَةَ أُمِّ الْمُؤْمِنِينَ، قَالَتْ: دُعِيَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ إِلَى جِنَازَةِ غُلَامٍ مِنَ الْأَنْصَارِ، فَقُلْتُ: يَا رَسُولَ اللَّهِ، طُوبَى لِهَذَا، عُصْفُورٌ مِنْ عَصَافِيرِ الْجَنَّةِ، لَمْ يَعْمَلِ السُّوءَ، وَلَمْ يُدْرِكْهُ، قَالَ: أَوَغَيْرُ ذَلِكَ يَا عَائِشَةُ، «إِنَّ اللَّهَ خَلَقَ لِلْجَنَّةِ أَهْلًا، خَلَقَهُمْ لَهَا وَهُمْ فِي أَصْلَابِ آبَائِهِمْ، وَخَلَقَ لِلنَّارِ أَهْلًا، خَلَقَهُمْ لَهَا وَهُمْ فِي أَصْلَابِ آبَائِهِمْ»)
من الفوائد :
وجوب الإيمان بالقضاء والقدر ، وأن على المسلم ألا يخوض في قدر الله سبحانه وتعالى وألا يماري وألا يجادل فيه .
ومن الفوائد :
أن هناك عصافير في الجنة ، لأن النبي صلى الله عليه وسلم سكت عن قول عائشة ولم ينكر عليها أن هناك عصافير .
ومن الفوائد :
أن المسلم ينبغي له ألا يتكلم في أمر لا يعود عليه بالنفع في العمل الصالح ، فالنبي صلى الله عليه وسلم أنكر عليها لأن هذا أمر لا تستفيد منه ، علم أن هذا في الجنة أو ليس في الجنة ، أهناك فائدة تعود عليها فيما يقربها إلى الله عز وجل ؟ ليست هناك فائدة ، ولذلك ينبغي للمسلم ألا يسأل إلا فيما يحتاج إليه في عبادته لربه .
وقد قال بعض العلماء : إن هذا الحديث محمول على أن النبي صلى الله عليه وسلم لم يعلم أن أطفال المسلمين في الجنة ، فهذا الحديث ورد قبل أن يخبر ، لأنه ورد حديث ( أن أطفال المسلمين في الجنة )
ولكن قال العلماء الآخرون : أنه كان يعلم لكنه أنكر عليها من أجل ألا تبحث عن شيء لا يعود عليها بفائدة .
ومن الفوائد :
أن من لم يجر عليه القلم يكون من أهل الجنة .
ومن الفوائد :
أن معنى ( طوبى ) قيل هي الجنة ، وقيل اسم شجرة في الجنة ، وقد جاء حديث صحيح أن ( طوبى شجرة في الجنة )
حديث رقم – 83-
( صحيح )
(حَدَّثَنَا أَبُو بَكْرِ بْنُ أَبِي شَيْبَةَ، وَعَلِيُّ بْنُ مُحَمَّدٍ، قَالَا: حَدَّثَنَا وَكِيعٌ قَالَ: حَدَّثَنَا سُفْيَانُ الثَّوْرِيُّ، عَنْ زِيَادِ بْنِ إِسْمَاعِيلَ الْمَخْزُومِيِّ، عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ عَبَّادِ بْنِ جَعْفَرٍ، عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ، قَالَ: ” جَاءَ مُشْرِكُو قُرَيْشٍ يُخَاصِمُونَ النَّبِيَّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فِي الْقَدَرِ، فَنَزَلَتْ هَذِهِ الْآيَةُ: {يَوْمَ يُسْحَبُونَ فِي النَّارِ عَلَى وُجُوهِهِمْ ذُوقُوا مَسَّ سَقَرَ إِنَّا كُلَّ شَيْءٍ خَلَقْنَاهُ بِقَدَرٍ} [القمر: 49] “)
من الفوائد :
الرد على من احتج بالقدر على معايبه ، فلا يجوز لكافر ولا لفاسق أن يحتج بالقدر على كفره أو على فسقه .
ومن الفوائد :
أن من عنده مخاصمة في القدر فليعلم أنه تبع لسلالة كفار قريش أول من كذب النبي صلى الله عليه وسلم ، فليحذر المسلم كل الحذر .
ومن الفوائد :
أن النبي صلى الله عليه وسلم رد عليهم بكلام الله { إِنَّا كُلَّ شَيْءٍ خَلَقْنَاهُ بِقَدَرٍ{49} } فدل على أنه ما من شيء يحدث في هذا الكون إلا بقدر من الله سبحانه وتعالى ، فاجتماعنا ، وحركاتنا كلها بقدر من الله سبحانه وتعالى .
حديث رقم – 84-
( ضعيف )
(حَدَّثَنَا أَبُو بَكْرِ بْنُ أَبِي شَيْبَةَ قَالَ: حَدَّثَنَا مَالِكُ بْنُ إِسْمَاعِيلَ قَالَ: حَدَّثَنَا يَحْيَى بْنُ عُثْمَانَ، مَوْلَى أَبِي بَكْرٍ قَالَ: حَدَّثَنَا يَحْيَى بْنُ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ أَبِي مُلَيْكَةَ، عَنْ أَبِيهِ، أَنَّهُ دَخَلَ عَلَى عَائِشَةَ، فَذَكَرَ لَهَا شَيْئًا مِنَ الْقَدَرِ، فَقَالَتْ: سَمِعْتُ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَقُولُ: «مَنْ تَكَلَّمَ فِي شَيْءٍ مِنَ الْقَدَرِ سُئِلَ عَنْهُ يَوْمَ الْقِيَامَةِ، وَمَنْ لَمْ يَتَكَلَّمْ فِيهِ لَمْ يُسْأَلْ عَنْهُ» قَالَ: أَبُو الْحَسَنِ الْقَطَّانُ، حَدَّثَنَاهُ خَازمُ بْنُ يَحْيَى قَالَ: حَدَّثَنَا عَبْدُ الْمَلِكِ بْنُ سِنَانٍ قَالَ: حَدَّثَنَا يَحْيَى بْنُ عُثْمَانَ، فَذَكَرَ نَحْوَهُ )
من الفوائد :
لو صح هذا الحديث لدل على أن المسلم يجب عليه أن يبتعد عن الخوض فيما قدره الله عز وجل ، ولذا قال بعض أهل السنة ” هو سر الله ” وإذا كان سرا لله أيجوز البحث عنه ؟ لا يجوز .
حديث رقم – 85-
( حسن صحيح )
(حَدَّثَنَا عَلِيُّ بْنُ مُحَمَّدٍ قَالَ: حَدَّثَنَا أَبُو مُعَاوِيَةَ قَالَ: حَدَّثَنَا دَاوُدُ بْنُ أَبِي هِنْدٍ، عَنْ عَمْرِو بْنِ شُعَيْبٍ، عَنْ أَبِيهِ، عَنْ جَدِّهِ، قَالَ: خَرَجَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ عَلَى أَصْحَابِهِ، وَهُمْ يَخْتَصِمُونَ فِي الْقَدَرِ، فَكَأَنَّمَا يُفْقَأُ فِي وَجْهِهِ، حَبُّ الرُّمَّانِ مِنَ الْغَضَبِ، فَقَالَ: «بِهَذَا أُمِرْتُمْ، أَوْ لِهَذَا خُلِقْتُمْ، تَضْرِبُونَ الْقُرْآنَ بَعْضَهُ بِبَعْضٍ، بِهَذَا هَلَكَتِ الْأُمَمُ قَبْلَكُمْ» قَالَ: فَقَالَ: عَبْدُ اللَّهِ بْنُ عَمْرٍو، مَا غَبَطْتُ نَفْسِي بِمَجْلِسٍ تَخَلَّفْتُ فِيهِ عَنْ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، مَا غَبَطْتُ نَفْسِي بِذَلِكَ الْمَجْلِسِ وَتَخَلُّفِي عَنْهُ )
من الفوائد :
أن بعض الصحابة اختصم في أمر القدر ما بين مثبت وما بين نافي ، ففصل النبي صلى الله عليه وسلم في الموضوع وبيَّن أن المجادلة في القدر هو ضرب لكلام الله بعضه ببعض ، ولذلك غضب عليه الصلاة والسلام غضبا شديدا .
ومن الفوائد :
أن الخوض في القدر ليس هو المقصود من خلقنا وليس هو المقصود مما أمرنا به في الشرع ، ولذلك قال تعالى : { أَلاَ لَهُ الْخَلْقُ وَالأَمْرُ } الأعراف54 ، إذاً أنت لست بمعني حينما أمرت بطاعة الله ليست بمعني في الخوض في أمر القدر .
ومن الفوائد :
حرص الصحابة رضي الله عنهم على مجالس رسول الله صلى الله عليه وسلم ، لكن عبد الله كان يأسف على نفسه لما حضر هذا المجلس الذي قال فيه النبي صلى الله عليه وسلم ما قال .
حديث رقم – 86-
( صحيح دون قوله ( ذلكم القدر )
(حَدَّثَنَا أَبُو بَكْرِ بْنُ أَبِي شَيْبَةَ، وَعَلِيُّ بْنُ مُحَمَّدٍ، قَالَا: حَدَّثَنَا وَكِيعٌ قَالَ: حَدَّثَنَا يَحْيَى بْنُ أَبِي حَيَّةَ أَبُو جَنَابٍ الْكَلْبِيُّ، عَنْ أَبِيهِ، عَنِ ابْنِ عُمَرَ، قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: «لَا عَدْوَى وَلَا طِيَرَةَ، وَلَا هَامَةَ» فَقَامَ إِلَيْهِ رَجُلٌ أَعْرَابِيٌّ، فَقَالَ: يَا رَسُولَ اللَّهِ، أَرَأَيْتَ الْبَعِيرَ يَكُونُ بِهِ الْجَرَبُ، فَيُجْرِبُ الْإِبِلَ كُلَّهَا؟ قَالَ: «ذَلِكُمُ الْقَدَرُ، فَمَنْ أَجْرَبَ الْأَوَّلَ؟»)
من الفوائد :
أن السبب ولو كان قويا لا يمكن أن يستأثر بشيء دون أن يكون بقدر الله ، ولذلك يقول ابن القيم رحمه الله ” عليك أن تعمل السبب وتتوكل على الله معتقدا بأن هذا السبب ليس موصلا لك إلى خير أو دافعا لك عن شر ” فتعلق قلبك بالله سبحانه وتعالى ، لكنك تفعل السبب لأن الله أمر بالسبب ، فقال النبي صلى الله عليه وسلم ( لا عدوى ) هنا ينفي أن تكون العدوى مؤثرة بنفسها ، فقد يأتي إنسان صحيح بجانب إنسان مريض فيصيبه المرض فنقول إن العدوى لم تنقل المرض بذاتها ، لكنها سبب، لكن الذي نقلها هو الله سبحانه وتعالى ، ولذلك لما قال الأعرابي في شأن البعير الأجرب ، قال : ( أرأيت البعير يكون به الجرب فيجربها كلها ؟ فقال النبي صلى الله عليه وسلم فمن أجرب الأول ؟! ) الجواب هو الله سبحانه وتعالى .
ومن الفوائد :
أن قوله ( ولا طيرة ) نهي عن التشاؤم ، فعلى المسلم أن يعلق قلبه بالله ، لأنهم كانوا إذا رأوا الطير يسير من جهة اليمين قالوا هذا خير سيأتينا ، وإذا ذهب جهة الشمال قالوا هذا شر سيأتينا ، وإذا أرادوا سفرا أو حاجة أطلقوا طيرا ،فإن ذهب جهة اليمين استمروا في هذا العمل ، وإن ذهب جهة اليسار أحجموا ، ظنا منهم أنها تؤثر ، ولذلك ابن عباس رضي الله عنهما لما كان جالسا وعنده رجل ومر طير فنعق ، فقال هذا الرجل ” خير ” فقال ابن عباس رضي الله عنهما ” لا خير ولا شر ” أي ليس عند هذا الطائر لا خير ولا شر ، ولذلك هناك كلمة ينبغي أن يتنبه إليها ، بعض الناس يقول ( خير يا طير ) أخشى أن تكون موصولة بهذا الأمر ، ما الذي أتى بكلمة خير عند كلمة طير ؟!
ومن الفوائد :
أن قوله ( ولا هامة ) وضبطها بعضهم بتشديد الميم ( ولا هامَّة ) لكن النطق المشهور ( ولا هامَة ) وهي طير كانوا يتشاءمون به ، فإذا أتى هذا الطير على بيت قالوا ربما تصيبه مصيبة أو أن صاحبه يهلك ، فنفى أن تكون هذه الأشياء مؤثرة ، فلو حصل تأثير إنما هو من الله ( من أجرب الأول ؟! )
حديث رقم – 87-
( ضعيف جدا )
(حَدَّثَنَا عَلِيُّ بْنُ مُحَمَّدٍ قَالَ: حَدَّثَنَا يَحْيَى بْنُ عِيسَى الْجَرَّارُ، عَنْ عَبْدِ الْأَعْلَى بْنِ أَبِي الْمُسَاوِرِ، عَنِ الشَّعْبِيِّ، قَالَ: لَمَّا قَدِمَ عَدِيُّ بْنُ حَاتِمٍ الْكُوفَةَ، أَتَيْنَاهُ فِي نَفَرٍ مِنْ فُقَهَاءِ أَهْلِ الْكُوفَةِ، فَقُلْنَا لَهُ: حَدِّثْنَا مَا سَمِعْتَ مِنْ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، فَقَالَ: أَتَيْتُ النَّبِيَّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَقَالَ: «يَا عَدِيَّ بْنَ حَاتِمٍ، أَسْلِمْ تَسْلَمْ» ، قُلْتُ: وَمَا الْإِسْلَامُ؟ فَقَالَ: «تَشْهَدُ أَنْ لَا إِلَهَ إِلَّا اللَّهُ، وَأَنِّي رَسُولُ اللَّهِ، وَتُؤْمِنُ بِالْأَقْدَارِ كُلِّهَا، خيْرِهَا وَشَرِّهَا، حُلْوِهَا وَمُرِّهَا»)
من الفوائد :
أن هذا الحديث مع ضعفه تؤيده الأحاديث الأخرى ، ولكنه يدل على أن المسلم ينبغي له بل يجب عليه أن يؤمن بالقضاء والقدر ما كان حلوا وما كان مرا ، ما كان خيرا وما كان شرا ، ومتى وصل المسلم إلى هذه المرتبة فقد غنم خيرا كثيرا ، لأن من آمن بهذا فإن حسن ظنه بالله سيكون كبيرا ، يكون إيمانه بأسماء الله وصفاته يكون إيمانا كبيرا ، فلو أصابته مصيبة أو مرض يعلم أن من بين أسمائه عز وجل الشافي ، لو أصابه فقر أو حاجة يعلم أن من بين أسمائه عز وجل الرزَّاق ، الغني .
حديث رقم – 88-
( صحيح )
(حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ نُمَيْرٍ قَالَ: حَدَّثَنَا أَسْبَاطُ بْنُ مُحَمَّدٍ قَالَ: حَدَّثَنَا الْأَعْمَشُ، عَنْ يَزِيدَ الرَّقَاشِيِّ، عَنْ غُنَيْمِ بْنِ قَيْسٍ، عَنْ أَبِي مُوسَى الْأَشْعَرِيِّ، قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: «مَثَلُ الْقَلْبِ مَثَلُ الرِّيشَةِ تُقَلِّبُهَا الرِّيَاحُ بِفَلَاةٍ»)
من الفوائد :
أن قلب ابن آدم رقيق ، فيخشى عليه من الشبه والفتن ، فإنه بمثابة الريشة إذا وضعت في صحراء ليس بها أشجار وليس بها بيوت وهناك رياح، ماذا يكون حال هذه الريشة ؟ في تقلب ، فكذلك قلب ابن آدم في تقلب ، فإذا حصل تقلب في قلبك من خير إلى غيره فعليك أن تتعاهد قلبك ، وعليك أن تراجع من يزيد في إيمانك ويثبت قلبك ، كما فعل ابن الديلمي رحمه الله لما حصل عنه اضطراب في قلبه ذهب وفزع إلى من ؟ إلى الصحابة الأجلاء كأبي بن كعب وعبد الله بن مسعود وحذيفة وزيد بن ثابت رضي الله عنهم .
حديث رقم – 89-
( صحيح )
(حَدَّثَنَا عَلِيُّ بْنُ مُحَمَّدٍ قَالَ: حَدَّثَنَا خَالِي يَعْلَى، عَنِ الْأَعْمَشِ، عَنْ سَالِمِ بْنِ أَبِي الْجَعْدِ، عَنْ جَابِرٍ قَالَ: جَاءَ رَجُلٌ مِنَ الْأَنْصَارِ إِلَى النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَقَالَ: يَا رَسُولَ اللَّهِ، إِنَّ لِي جَارِيَةً، أَعْزِلُ عَنْهَا؟ قَالَ: «سَيَأْتِيهَا مَا قُدِّرَ لَهَا» فَأَتَاهُ بَعْدَ ذَلِكَ، فَقَالَ: قَدْ حَمَلَتِ الْجَارِيَةُ فَقَالَ النَّبِيُّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: «مَا قُدِّرَ لِنَفْسٍ شَيْءٌ إِلَّا هِيَ كَائِنَةٌ» )
من الفوائد :
أن العزل هو أن يعزل الزوج عن زوجته في جماعه فإذا أوشك أن ينزل أنزل خارج الفرج حتى لا تحمل ، ففعل هذا الرجل ما فعل ، لكن النبي صلى الله عليه وسلم بين له أن ما قدره الله سيكون ، فعزل فحملت هذه المرأة ، ولذلك يقول الفقهاء يمكن أن تحمل المرأة من المني عن طريق الرائحة ، فيمكن أن يشم الفرج رائحة المني فتحمل المرأة من هذا المني
حديث رقم – 90-
( حسن ، عدا ما بين المعقوفتين فهو ضعيف )
(حَدَّثَنَا عَلِيُّ بْنُ مُحَمَّدٍ قَالَ: حَدَّثَنَا وَكِيعٌ، عَنْ سُفْيَانَ، عَنْ عبْدِ اللَّهِ بْنِ عِيسَى، عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ أَبِي الْجَعْدِ، عَنْ ثَوْبَانَ، قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: «لَا يَزِيدُ فِي الْعُمْرِ إِلَّا الْبِرُّ، وَلَا يَرُدُّ الْقَدَرَ إِلَّا الدُّعَاءُ، وَإِنَّ الرَّجُلَ لَيُحْرَمُ الرِّزْقَ بِخَطِيئَةٍ يَعْمَلُهَا»)
من الفوائد :
أنه ما من ذنب يفعله ابن آدم إلا ويحرم الرزق ، سواء كان زرق مال أو رزق صحة أو رزق بركة أو ما شابه ذلك {وَلَوْ أَنَّ أَهْلَ الْقُرَى آمَنُواْ وَاتَّقَواْ لَفَتَحْنَا عَلَيْهِم بَرَكَاتٍ مِّنَ السَّمَاءِ وَالأَرْضِ وَلَـكِن كَذَّبُواْ فَأَخَذْنَاهُم بِمَا كَانُواْ يَكْسِبُونَ }الأعراف96 .
من الفوائد :
أن هذا الحديث فيه شيء من الإشكال : إذا كان عمر ابن آدم قد قُدِّر فكيف يزيده البر ؟
البر جعله الله سبحانه وتعالى سببا في زيادة عمر ابن آدم ، فما كان في علم الله وما كتبه الله في اللوح المحفوظ لا يتغير {يَمْحُو اللّهُ مَا يَشَاءُ وَيُثْبِتُ وَعِندَهُ أُمُّ الْكِتَابِ }الرعد39 أي اللوح المحفوظ ، فقد قدر الله سبحانه وتعالى أنه إن أبر زاد عمره إلى كذا ، وإن لم يبر كان عمره كذا ، إذاً البر سبب من الأسباب ، وهو من قضاء الله وقدره .
ومن الفوائد :
أن قوله : ( ولا يرد القدر إلا الدعاء ) فالدعاء من قدر الله ، فقد يقدر الله سبحانه وتعالى على شخص مصيبة من المصائب لكنها لا تحل به ، الملائكة فيما في أيديهم أن هذه المصيبة لم تحل به ، لكنه في اللوح المحفوظ مكتوب وفي علم الله أن هذا الرجل سيدعو الله سبحانه وتعالى ويرد هذه المصيبة ، فالدعاء سبب ، والدعاء من أقدار الله سبحانه وتعالى فلا تعارض .
وقال بعض العلماء : ( لا يزيد في العمر إلا البر ) يقول إن هناك بركة يجعلها الله سبحانه وتعالى في عمر الإنسان البار ما لا تكون في عمر شخص أكبر منه عمرا .
وقال بعض العلماء : إن زيادة عمره أن يدع أولادا صالحين يدعون له ، فإذا وجد من يدعو له كأنه حي ، لأنه ( إذا مات ابن آدم انقطع عمله إلا من ثلاث ) منها ( ( أو ولد صالح يدعو له )
(حَدَّثَنَا هِشَامُ بْنُ عَمَّارٍ قَالَ: حَدَّثَنَا عَطَاءُ بْنُ مُسْلِمٍ الْخَفَّافُ قَالَ: حَدَّثَنَا الْأَعْمَشُ، عَنْ مُجَاهِدٍ، عَنْ سُرَاقَةَ بْنِ جُعْشُمٍ، قَالَ: قُلْتُ: يَا رَسُولَ اللَّهِ، الْعَمَلُ فِيمَا جَفَّ بِهِ الْقَلَمُ، وَجَرَتْ بِهِ الْمَقَادِيرُ، أَمْ فِي أَمْرٍ مُسْتَقْبَلٍ؟ قَالَ: «بَلْ فِيمَا جَفَّ بِهِ الْقَلَمُ، وَجَرَتْ بِهِ الْمَقَادِيرُ، وَكُلٌّ مُيَسَّرٌ لِمَا خُلِقَ لَهُ» )
هذا يدل عليه قول النبي صلى الله عليه وسلم ( جف القلم بما هو كائن إلى يوم القيامة )
وعند الترمذي وغيره أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: ( أول ما خلق الله القلم قال اكتب ، قال وماذا أكتب ؟ قال اكتب مقادير كل شيء حتى تقوم الساعة )
قوله ( أم في أمر مستقبل ؟ ) لم لا نتكل ؟
قال ( بل فيما جف به القلم وجرت به المقادير ، وكل ميسر لما خلق له )
(حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ الْمُصَفَّى الْحِمْصِيُّ قَالَ: حَدَّثَنَا بَقِيَّةُ بْنُ الْوَلِيدِ، عَنِ الْأَوْزَاعِيِّ، عَنِ ابْنِ جُرَيْجٍ، عَنْ أَبِي الزُّبَيْرِ، عَنْ جَابِرِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ، قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: «إِنَّ مَجُوسَ هَذِهِ الْأُمَّةِ الْمُكَذِّبُونَ بِأَقْدَارِ اللَّهِ، إِنْ مَرِضُوا فَلَا تَعُودُوهُمْ، وَإِنْ مَاتُوا فَلَا تَشْهَدُوهُمْ، وَإِنْ لَقِيتُمُوهُمْ فَلَا تُسَلِّمُوا عَلَيْهِمْ» )
هذا الحديث بين أن القدرية الذين نفوا قدر الله وقالوا إن المخلوق يخلق فعل نفسه ، بمعنى لما حركت يدي ورفعتها يقولون أنت الذي خلقت هذا الأمر وليس لله في ذلك مشيئة – تعالى الله عما يقولون علوا كبيرا – فوصفهم النبي صلى الله عليه وسلم بأنهم مجوس هذه الأمة
ومعلوم أن المجوس فيما سبق يعبدون إلهين ” الظلمة والنور ” يعتقدون بأن هذا الكون له خالقان ” الظلمة والنور ” لكنهم يعترفون بأن النور أفضل من الظلمة ، لأن النور فيه خير والظلمة فيها شر ، فقال النبي صلى الله عليه وسلم عن القدرية ( هم مجوس هذه الأمة ) لم ؟ لأنهم يعتقدون أن مع الله خالِقِين ، لأنك تخلق فعل نفسك وأنا أخلق فعل نفسي وذاك يخلق فعل نفسه بناء على معتقدهم ، فأصبحوا مجوسا بهذا الاعتبار .