ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
بسم الله الرحمن الرحيم
الحمد لله رب العالمين والصلاة والسلام على نبينا محمد وعلى آله وأصحابه وسلم تسليما كثيرا إلى يوم الدين .
(حَدَّثَنَا عَلِيُّ بْنُ مُحَمَّدٍ قَالَ: حَدَّثَنَا وَكِيعٌ قَالَ: حَدَّثَنَا الْأَعْمَشُ، عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ مُرَّةَ، عَنْ أَبِي الْأَحْوَصِ، عَنْ عَبْدِ اللَّهِ، قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: «أَلَا إِنِّي أَبْرَأُ إِلَى كُلِّ خَلِيلٍ مِنْ خُلَّتِهِ، وَلَوْ كُنْتُ مُتَّخِذًا خَلِيلًا، لَاتَّخَذْتُ أَبَا بَكْرٍ خَلِيلًا، إِنَّ صَاحِبَكُمْ خَلِيلُ اللَّهِ» ، قَالَ وَكِيعٌ: يَعْنِي نَفْسَهُ )
الصحابي كما عرفه ابن حجر رحمه الله وهو رأي الإمام أحمد وغيره هو ” من لقي النبي صلى الله عليه وسلم مؤمنا به ومات على ذلك ” ويدخل في ذلك كل من لقيه ورآه ، حتى من لقيه ومنع منه مانع كالأعمى ، فالذي لم ير النبي صلى الله عليه وسلم كابن أم مكتوم فإنه داخل ضمن الصحابة ، وكذلك من ارتد بعد وفاة النبي صلى الله عليه وسلم ثم عاد مرة أخرى كالأشعث بن قيس فإنه معدود عند العلماء من الصحابة ، وكذلك يدخل فيه من رأى النبي صلى الله عليه وسلم ولو لحظة واحدة .
أن فيه فضيلة لأبي بكر رضي الله عنه وأن النبي صلى الله عليه وسلم لو كان متخذا أحدا خليلا تتخلل محبته القلب ولا تدع منه شيئا لاتخذ أبا بكر خليلا .
أن الخلة ليست محصورة في إبراهيم عليه الصلاة والسلام ، فكما أن إبراهيم عليه السلام خليل الله فكذلك نبينا عليه الصلاة والسلام .
أن النبي صلى الله عليه وسلم يمكن أن يطلق عليه صاحب باعتبار المصاحبة ، ولذلك قال 🙁 فإن صاحبكم خليل الله )
الرد على الروافض الذين شككوا في فضل أبي بكر رضي الله عنه بل شككوا في خلافته رضي الله عنه ، فإنه لم يقل هذا الكلام لأحد من الصحابة ، إنما ذكره لأبي بكر رضي الله عنه .
أن معنى قوله : ( ( ألا إني أبرأ ) ) يعني أن النبي صلى الله عليه وسلم بين أنه قد تبرأ من أن يتخذ من أصحابه خليلا ، لكن لا يعني أن الصحابة لا يتخذونه خليلا ، ولذلك قال أبو هريرة رضي الله عنه ( أوصاني خليلي بثلاث ) فالخلة منه صلى الله عليه وسلم ممنوعة ، أما الخلة له من قِبل الصحابة فهي مقبولة بل مندوبة .
(حَدَّثَنَا أَبُو بَكْرِ بْنُ أَبِي شَيْبَةَ، وَعَلِيُّ بْنُ مُحَمَّدٍ، قَالَا: حَدَّثَنَا أَبُو مُعَاوِيَةَ قَالَ: حَدَّثَنَا الْأَعْمَشُ، عَنْ أَبِي صَالِحٍ، عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ، قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: «مَا نَفَعَنِي مَالٌ قَطُّ، مَا نَفَعَنِي مَالُ أَبِي بَكْرٍ» قَالَ: فَبَكَى أَبُو بَكْرٍ، وَقَالَ: يَا رَسُولَ اللَّهِ، هَلْ أَنَا وَمَالِي إِلَّا لَكَ يَا رَسُولَ اللَّهِ )
بيان أن المال الذي أنفقه أبو بكر رضي الله عنه في زمن المشقة والعسر الذي كان فيه النبي صلى الله عليه وسلم أن له فضلا كبيرا { لَا يَسْتَوِي مِنكُم مَّنْ أَنفَقَ مِن قَبْلِ الْفَتْحِ وَقَاتَلَ أُوْلَئِكَ أَعْظَمُ دَرَجَةً مِّنَ الَّذِينَ أَنفَقُوا مِن بَعْدُ وَقَاتَلُوا } الحديد10
أن أبا بكر رضي الله عنه مع ما له من هذه المزايا المذكورة فله مزية على جميع الصحابة رضي الله عنهم ، فإن جميع أولاده وأبويه كليهما قد دخلوا في الإسلام ، وهذه تعد مزية لأبي بكر لا يساويه فيها أحد .
(حَدَّثَنَا هِشَامُ بْنُ عَمَّارٍ قَالَ: حَدَّثَنَا سُفْيَانُ، عَنِ الْحَسَنِ بْنِ عُمَارَةَ، عَنْ فِرَاسٍ، عَنِ الشَّعْبِيِّ، عَنِ الْحَارِثِ، عَنْ عَلِيٍّ، قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: «أَبُو بَكْرٍ وَعُمَرُ سَيِّدَا كُهُولِ أَهْلِ الْجَنَّةِ مِنَ الْأَوَّلِينَ وَالْآخِرِينَ، إِلَّا النَّبِيِّينَ وَالْمُرْسَلِينَ، لَا تُخْبِرْهُمَا يَا عَلِيُّ مَا دَامَا حَيَّيْنِ» )
الرد على الروافض فإنهم قللوا من شأن هذين الشيخين أبي بكر وعمر رضي الله عنهما ، ومعلوم أنهم يرفعون عليا رضي الله عنه منزلة عليا ، ومع ذلك فقد روى علي رضي الله عنه هذا الحديث مما يدحض حجة الرافضة ، فإن أعظم الأئمة عندهم وهو علي رضي الله عنه قد وقف على فضل أبي بكر وعمر رضي الله عنهما .
أن الكهل هو ما كان من سن الثلاثين وقيل من سن ثلاث وثلاثين إلى الخمسين ، لأنه انتقل من الشباب إلى الكهولة ، وكلمة الكهل قد تورث إشكالا وهو أن الجنة ليس فيها كهول ، إنما هم أبناء ثلاثين أو أبناء ثلاث وثلاثين ؟
قال بعض العلماء : إن المقصود من ذلك أنهما سيدا كهول أهل الجنة في عصرهما ، يعني من كان كهلا في عصرهما ، وليس معنى ذلك أن في الجنة كهولا ، فمن كان في الدنيا كهلا ومات على الكهولة فإنه يكون مسودا عند أبي بكر وعمر .
وإذا كانا رضي الله عنهما سيدي كهول أهل الجنة فمن باب أولى أن يكونا سيدي الشباب ، فلا يحتج محتج بما سيأتي معنا من أن آل البيت أفضل من أبي بكر وعمر لأن النبي صلى الله عليه وسلم أخبر ( أن الحسن والحسين سيدا شباب أهل الجنة )
أن الأنبياء عليهم الصلاة والسلام لا يوازيهم أحد .
أن أفضل الناس بعد النبيين أبو بكر وعمر رضي الله عنهما
الإشارة إلى خلافتهما رضي الله عنهما .
أن الذي ينبغي أن يكون عليه المسلم أن يخفي ما مدح به الشخص ، مع أن هذين الصحابيين رضي الله عنهما ما كانا ليتأثرا بهذه المنقبة في التقليل من طاعة الله عز وجل ، بل إن النبي صلى الله عليه وسلم شهد لأناس بالجنة ولهم من الفضائل ما لهم ومع ذلك ما زادهم هذا الأمر إلا خيرا وتقى وإقبالا على الخير .
(حَدَّثَنَا عَلِيُّ بْنُ مُحَمَّدٍ، وَعَمْرُو بْنُ عَبْدِ اللَّهِ، قَالَا: حَدَّثَنَا وَكِيعٌ قَالَ: حَدَّثَنَا الْأَعْمَشُ، عَنْ عَطِيَّةَ بْنِ سَعْدٍ، عَنْ أَبِي سَعِيدٍ الْخُدْرِيِّ، قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: «إِنَّ أَهْلَ الدَّرَجَاتِ الْعُلَى يَرَاهُمْ مَنْ أَسْفَلَ مِنْهُمْ كَمَا يُرَى الْكَوْكَبُ الطَّالِعُ فِي الْأُفُقِ مِنْ آفَاقِ السَّمَاءِ، وَإِنَّ أَبَا بَكْرٍ وَعُمَرَ مِنْهُمْ وَأَنْعَمَا»)
فيه شهادة لأبي بكر وعمر أنهما من أهل الجنة ، بل إن منزلتهما أعظم ، ولذلك قال : ( وأنعما ) يعني أكثر نعيما ومنزلة من ذلك .
أن أهل الجنة يتطالعون فيما بينهم من المنازل ولكن كلٌ راض بما قسم الله عز وجل له ، وليس في قلبه على الآخر أي شيء ، لا كما يكون في هذه الدنيا .
أن المنازل قد تكون عالية جدا ، لأن من في الأرض حينما يرى النجم يراه بعيدا وليس قريبا ، فدل على أن منازل الجنة متفاوتة .
(حَدَّثَنَا عَلِيُّ بْنُ مُحَمَّدٍ قَالَ: حَدَّثَنَا وَكِيعٌ، ح وَحَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ بَشَّارٍ قَالَ: حَدَّثَنَا مُؤَمَّلٌ، قَالَا: حَدَّثَنَا سُفْيَانُ، عَنْ عَبْدِ الْمَلِكِ بْنِ عُمَيْرٍ، عَنْ مَوْلًى لِرِبْعِيِّ بْنِ حِرَاشٍ، عَنْ رِبْعِيِّ بْنِ حِرَاشٍ، عَنْ حُذَيْفَةَ بْنِ الْيَمَانِ، قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: «إِنِّي لَا أَدْرِي مَا قَدْرُ بَقَائِي فِيكُمْ، فَاقْتَدُوا بِاللَّذَيْنِ مِنْ بَعْدِي» وَأَشَارَ إِلَى أَبِي بَكْرٍ وَعُمَرَ )
أخذ بعض العلماء من هذا الحديث الإشارة من نص النبي صلى الله عليه وسلم في هذا الحديث الإشارة إلى خلافة أبي بكر وعمر رضي الله عنهما ، لأنه أمر الصحابة رضي الله عنهم أن يقتدوا باللذين من بعده ، فكلمة ( من بعدي ) وذكر أبي بكر وعمر تدل على أنهما أحق بالخلافة من غيرهما
ولذلك يقول الإمام أحمد رحمه الله ونقل ذلك شيخ الإٍسلام قال ” من نازع في ذلك فهو أضل من حمار أهله ، فهو ضال مبتدع ” فمن قدَّم أحدا عليهما في الخلافة أو في الفضل فإنه أضل من حمار أهله .
أن الاقتداء أرفع منزلة من الاهتداء فإنه قال : ( عليكم بسنتي وسنة الخلفاء الراشدين المهديين من بعدي ) بينما نص على هذين الصحابيين بالاقتداء ، فدل على أنهما أقرب للحق من غيرهما .
(حَدَّثَنَا عَلِيُّ بْنُ مُحَمَّدٍ قَالَ: حَدَّثَنَا يَحْيَى بْنُ آدَمَ قَالَ: حَدَّثَنَا ابْنُ الْمُبَارَكِ، عَنْ عُمَرَ بْنِ سَعِيدِ بْنِ أَبِي حُسَيْنٍ، عَنِ ابْنِ أَبِي مُلَيْكَةَ، قَالَ: سَمِعْتُ ابْنَ عَبَّاسٍ، يَقُولُ: لَمَّا وُضِعَ عُمَرُ عَلَى سَرِيرِهِ، اكْتَنَفَهُ النَّاسُ يَدْعُونَ وَيُصَلُّونَ – أَوْ قَالَ يُثْنُونَ وَيُصَلُّونَ – عَلَيْهِ قَبْلَ أَنْ يُرْفَعَ، وَأَنَا فِيهِمْ، فَلَمْ يَرُعْنِي إِلَّا رَجُلٌ قَدْ زَحَمَنِي، وَأَخَذَ بِمَنْكِبِي، فَالْتَفَتُّ فَإِذَا عَلِيُّ بْنُ أَبِي طَالِبٍ، فَتَرَحَّمَ عَلَى عُمَرَ، ثُمَّ قَالَ: مَا خَلَّفْتَ أَحَدًا أَحَبَّ إِلَيَّ أَنْ أَلْقَى اللَّهَ بِمِثْلِ عَمَلِهِ مِنْكَ، وَايْمُ اللَّهِ، إِنْ كُنْتُ لَأَظُنُّ لَيَجْعَلَنَّكَ اللَّهُ عَزَّ وَجَلَّ مَعَ صَاحِبَيْكَ، وَذَلِكَ أَنِّي كُنْتُ أَكْثَرُ أَنْ أَسْمَعَ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَقُولُ: «ذَهَبْتُ أَنَا وَأَبُو بَكْرٍ وَعُمَرُ، وَدَخَلْتُ أَنَا وَأَبُو بَكْرٍ وَعُمَرُ، وَخَرَجْتُ أَنَا وَأَبُو بَكْرٍ وَعُمَرُ» ، فَكُنْتُ أَظُنُّ لَيَجْعَلَنَّكَ اللَّهُ مَعَ صَاحِبَيْكَ )
الرد على الروافض الذين قدموا عليا رضي الله عنه على أبي بكر وعمر رضي الله عنهما في الفضل وفي الخلافة ، لأن عليا رضي الله عنه ما كان يتمنى أن يلقى الله سبحانه وتعالى بعمل أحد مثل عمر ، فما ظنكم بأبي بكر رضي الله عنه .
أن أبا بكر وعمر رضي الله عنهما من أكثر الصحابة عملا وتقى ، ولذلك لم ينكر على علي رضي الله عنه أحد من الصحابة ، ولم ينكر عليه ابن عباس رضي الله عنهما ولا من حضر .
أن وضع عمر على السرير ، قيل لكي يغسل ، والأقرب أنه وضع على سريره لكي يحمل إلى المقبرة ، ولذلك قال ( قبل أن يُرفع )
أن الصحبة تختلف ، فالصحابة رضي الله عنهم ليسوا على درجة واحدة من الصحبة ، ولذلك قال ( فكنت أظن ليجعلنك الله مع صاحبيك ) مع أن الصحابة هم صحابة النبي صلى الله عليه وسلم ، لكن الصحبة تختلف .
(حَدَّثَنَا عَلِيُّ بْنُ مَيْمُونٍ الرَّقِّيُّ قَالَ: حَدَّثَنَا سَعِيدُ بْنُ مَسْلَمَةَ، عَنْ إِسْمَاعِيلَ بْنِ أُمَيَّةَ، عَنْ نَافِعٍ، عَنِ ابْنِ عُمَرَ، قَالَ: خَرَجَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بَيْنَ أَبِي بَكْرٍ وَعُمَرَ، فَقَالَ: «هَكَذَا نُبْعَثُ» )
هذا الحديث ضعيف ، لأنه يخالف حديث النبي صلى الله عليه وسلم ( أنا أول من تنشق عنه الأرض )
(حَدَّثَنَا أَبُو شُعَيْبٍ صَالِحُ بْنُ الْهَيْثَمِ الْوَاسِطِيُّ قَالَ: حَدَّثَنَا عَبْدُ الْقُدُّوسِ بْنُ بَكْرِ بْنِ خُنَيْسٍ قَالَ: حَدَّثَنَا مَالِكُ بْنُ مِغْوَلٍ، عَنْ عَوْنِ بْنِ أَبِي جُحَيْفَةَ، عَنْ أَبِيهِ، قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: «أَبُو بَكْرٍ وَعُمَرُ سَيِّدَا كُهُولِ أَهْلِ الْجَنَّةِ مِنَ الْأَوَّلِينَ وَالْآخِرِينَ، إِلَّا النَّبِيِّينَ وَالْمُرْسَلِينَ»)
(حَدَّثَنَا أَحْمَدُ بْنُ عَبْدَةَ، وَالْحُسَيْنُ بْنُ الْحَسَنِ الْمَرْوَزِيُّ، قَالَا: حَدَّثَنَا الْمُعْتَمِرُ بْنُ سُلَيْمَانَ، عَنْ حُمَيْدٍ، عَنْ أَنَسٍ، قَالَ: قِيلَ: يَا رَسُولَ اللَّهِ، أَيُّ النَّاسِ أَحَبُّ إِلَيْكَ؟ قَالَ: «عَائِشَةُ» قِيلَ: مِنَ الرِّجَالِ؟ قَالَ: «أَبُوهَا» )
أن المحبة تختلف عن الخلة ، فالخلة هي أعظم درجات المحبة ، لأن درجات المحبة عشر ، أرفعها وأعلاها الخلة ، فنفى النبي صلى الله عليه وسلم في الحديث الأول الخلة عن أبي بكر رضي الله عنه وأثبت المحبة له ولابنته عائشة رضي الله عنها .
أن عائشة رضي الله عنها هي أحب أزواج النبي صلى الله عليه وسلم والأحاديث في هذا شهيرة ، لكن لهذا الحديث ولغيره ذهب بعض العلماء إلى أن عائشة رضي الله عنها أفضل من جميع زوجاته .
وقد وقع خلاف بين العلماء أيهما أفضل عائشة أم خديجة أم فاطمة ؟
كل أخذ بقول ، والأصوب والعلم عند الله أن عائشة رضي الله عنها أفضل باعتبار آخر حياة النبي صلى الله عليه وسلم إذ نشرت العلم الذي أخذته من النبي صلى الله عليه وسلم ، وخديجة أفضل باعتبار أول حياة النبي صلى الله عليه وسلم لما ساندته وعاضدته ، وفاطمة أفضل باعتبار أنها من النبي صلى الله عليه وسلم كما قال ( هي بضعة مني )
( حَدَّثَنَا عَلِيُّ بْنُ مُحَمَّدٍ قَالَ: حَدَّثَنَا أَبُو أُسَامَةَ قَالَ: أَخْبَرَنِي الْجُرَيْرِيُّ، عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ شَقِيقٍ، قَالَ: قُلْتُ لِعَائِشَةَ: أَيُّ أَصْحَابِهِ كَانَ أَحَبَّ إِلَيْهِ؟ قَالَتْ: «أَبُو بَكْرٍ» قُلْتُ: ثُمَّ أَيُّهُمْ؟ قَالَتْ: «عُمَرُ» قُلْتُ: ثُمَّ أَيُّهُمْ؟ قَالَتْ: «أَبُو عُبَيْدَةَ»)
هذا الحديث ذكر فيه أبو عبيدة بعد عمر ، فلما لم يذكر عثمان ؟
ذكر النبي صلى الله عليه وسلم لأبي عبيدة لا يدل على أنه أفضل من الصحابة مما عدا أبا بكر وعمر – لا – وإنما المقصود المحبة الجزئية باعتبار شيء معين ، كاعتبار أمانته رضي الله عنه .
(حَدَّثَنَا إِسْمَاعِيلُ بْنُ مُحَمَّدٍ الطَّلْحِيُّ قَالَ: حَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ خِرَاشٍ الْحَوْشَبِيُّ، عَنِ الْعَوَّامِ بْنِ حَوْشَبٍ، عَنْ مُجَاهِدٍ، عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ، قَالَ: ” لَمَّا أَسْلَمَ عُمَرُ، نَزَلَ جِبْرِيلُ فَقَالَ: يَا مُحَمَّدُ، لَقَدِ اسْتَبْشَرَ أَهْلُ السَّمَاءِ بِإِسْلَامِ عُمَرَ “)
( حَدَّثَنَا إِسْمَاعِيلُ بْنُ مُحَمَّدٍ الطَّلْحِيُّ قَالَ: أَنْبَأَنَا دَاوُدُ بْنُ عَطَاءٍ الْمَدِينِيُّ، عَنْ صَالِحِ بْنِ كَيْسَانَ، عَنِ ابْنِ شِهَابٍ، عَنْ سَعِيدِ بْنِ الْمُسَيِّبِ، عَنْ أُبَيِّ بْنِ كَعْبٍ، قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: «أَوَّلُ مَنْ يُصَافِحُهُ الْحَقُّ عُمَرُ، وَأَوَّلُ مَنْ يُسَلِّمُ عَلَيْهِ، وَأَوَّلُ مَنْ يَأْخُذُ بِيَدِهِ فَيُدْخِلُهُ الْجَنَّةَ»)
نكارته قد تكمن في أنه قدم في هذا الحديث على أبي بكر ، ولو صح هذا الحديث فإن المقصود من ذلك الفضل الجزئي وليس الفضل الكلي ، فإن عمر رضي الله عنه أول من يصل إلى الحق ، والأحاديث في هذا كثيرة وسيأتي لها طرف حديث إن شاء الله تعالى .
(حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ عُبَيْدٍ أَبُو عُبَيْدٍ الْمَدِينِيُّ قَالَ: حَدَّثَنَا عَبْدُ الْمَلِكِ بْنُ الْمَاجِشُونِ قَالَ: حَدَّثَنِي الزَّنْجِيُّ بْنُ خَالِدٍ، عَنْ هِشَامِ بْنِ عُرْوَةَ، عَنْ أَبِيهِ، عَنْ عَائِشَةَ، قَالَتْ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: «اللَّهُمَّ أَعِزَّ الْإِسْلَامَ بِعُمَرَ بْنِ الْخَطَّابِ خَاصَّةً»)
فضل عمر رضي الله عنه وأن بإسلامه يصبح المسلمون في عزة ، وقد وقع ذلك لما أسلم رضي الله عنه ، وأما كلمة ( خاصة ) فإنها تتنافى مع الحديث الآخر ( اللهم أعز الإسلام بأحد العمرين ) وذكر ( أبا جهل عمرو بن هشام )
ولو صحت هذه اللفظة يمكن أن يحمل على أنه قبل أن يُخبر من قِبل الله عز وجل بأن الدعاء يكون للاثنين لعمر رضي الله عنه ولعمرو بن هشام .
(حَدَّثَنَا عَلِيُّ بْنُ مُحَمَّدٍ قَالَ: حَدَّثَنَا وَكِيعٌ قَالَ: حَدَّثَنَا شُعْبَةُ، عَنْ عَمْرِو بْنِ مُرَّةَ، عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ سَلَمَةَ، قَالَ: سَمِعْتُ عَلِيًّا، يَقُولُ: «خَيْرُ النَّاسِ بَعْدَ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَبُو بَكْرٍ، وَخَيْرُ النَّاسِ بَعْدَ أَبِي بَكْرٍ عُمَرُ» )
كما أسلفنا يرد على الروافض .
( حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ الْحَارِثِ الْمِصْرِيُّ قَالَ: أَنْبَأَنَا اللَّيْثُ بْنُ سَعْدٍ قَالَ: حَدَّثَنِي عُقَيْلٌ، عَنِ ابْنِ شِهَابٍ قَالَ: أَخْبَرَنِي سَعِيدُ بْنُ الْمُسَيِّبِ، أَنَّ أَبَا هُرَيْرَةَ، قَالَ: كُنَّا جُلُوسًا عِنْدَ النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ: ” بَيْنَا أَنَا نَائِمٌ، رَأَيْتُنِي فِي الْجَنَّةِ، فَإِذَا أَنَا بِامْرَأَةٍ تَتَوَضَّأُ إِلَى جَنْبِ قَصْرٍ، فَقُلْتُ: لِمَنْ هَذَا الْقَصْرُ؟ فَقَالَتْ: لِعُمَرَ، فَذَكَرْتُ غَيْرَتَهُ، فَوَلَّيْتُ مُدْبِرًا ” قَالَ أَبُو هُرَيْرَةَ: فَبَكَى عُمَرُ، فَقَالَ: أَعَلَيْكَ، بِأَبِي وَأُمِّي، يَا رَسُولَ اللَّهِ أَغَارُ؟ )
فضل عمر رضي الله عنه وأنه من أهل الجنة وأن له قصرا
أن العبادات الموجودة في الجنة ليست عن تكليف وإنما هي نعيم كما يلهم أهل الجنة التسبيح مثل ما يلهمون النَفَسَ .
فضل الوضوء ، وأن الوضوء بإذن الله سبب لدخول الجنة .
أن قوله ( أعليك أغار ) هذا من باب القلب ، وإلا فالأصل ( أأغار منك ؟ )
(حَدَّثَنَا أَبُو سَلَمَةَ يَحْيَى بْنُ خَلَفٍ قَالَ: حَدَّثَنَا عَبْدُ الْأَعْلَى، عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ إِسْحَاقَ، عَنْ مَكْحُولٍ، عَنْ غُضَيْفِ بْنِ الْحَارِثِ، عَنْ أَبِي ذَرٍّ، قَالَ: سَمِعْتُ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَقُولُ: «إِنَّ اللَّهَ وَضَعَ الْحَقَّ عَلَى لِسَانِ عُمَرَ يَقُولُ بِهِ»)
أن عمر رضي الله عنه هو أسرع الصحابة رضي الله عنهم لإصابة الحق ، وموافقاته للقرآن كثيرة ، ولا ينفي أن يخرج أبو بكر رضي الله عنه من هذه المنزلة ، فالنبي صلى الله عليه وسلم يذكر لبعض الصحابة من الفضل ما غلب عليه .
(حَدَّثَنَا أَبُو مَرْوَانَ مُحَمَّدُ بْنُ عُثْمَانَ الْعُثْمَانِيُّ قَالَ: حَدَّثَنَا أَبِي عُثْمَانُ بْنُ خَالِدٍ، عَنْ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ أَبِي الزِّنَادِ، عَنْ أَبِيهِ، عَنِ الْأَعْرَجِ، عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ، أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ: «لِكُلِّ نَبِيٍّ رَفِيقٌ فِي الْجَنَّةِ، وَرَفِيقِي فِيهَا عُثْمَانُ بْنُ عَفَّانَ»)
(حَدَّثَنَا أَبُو مَرْوَانَ مُحَمَّدُ بْنُ عُثْمَانَ الْعُثْمَانِيُّ قَالَ: حَدَّثَنَا أَبِي عُثْمَانُ بْنُ خَالِدٍ، عَنْ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ أَبِي الزِّنَادِ، عَنْ أَبِي الزِّنَادِ، عَنِ الْأَعْرَجِ، عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ، أَنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ لَقِيَ عُثْمَانَ عِنْدَ بَابِ الْمَسْجِدِ، فَقَالَ: «يَا عُثْمَانُ، هَذَا جِبْرِيلُ أَخْبَرَنِي أَنَّ اللَّهَ قَدْ زَوَّجَكَ أُمَّ كُلْثُومٍ بِمِثْلِ صَدَاقِ رُقَيَّةَ، عَلَى مِثْلِ صُحْبَتِهَا»)
أما ثبوت زواج عثمان رضي الله عنه من بنتي رسول الله صلى الله عليه وسلم فهو شيء ثابت .
(حَدَّثَنَا عَلِيُّ بْنُ مُحَمَّدٍ قَالَ: حَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ إِدْرِيسَ، عَنْ هِشَامِ بْنِ حَسَّانَ، عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ سِيرِينَ، عَنْ كَعْبِ بْنِ عُجْرَةَ، قَالَ: ذَكَرَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فِتْنَةً فَقَرَّبَهَا، فَمَرَّ رَجُلٌ مُقَنَّعٌ رَأْسُهُ، فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: «هَذَا يَوْمَئِذٍ عَلَى الْهُدَى» فَوَثَبْتُ، فَأَخَذْتُ بِضَبْعَيْ عُثْمَانَ، ثُمَّ اسْتَقْبَلْتُ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَقُلْتُ: هَذَا؟ قَالَ: «هَذَا»)
أن الخارجين على عثمان هم على غير الحق .
أن بقاء عثمان رضي الله عنه متمسكا بالخلافة لما أرادوا أن ينزعوا منه الخلافة أنه مبني على وصية من النبي صلى الله عليه وسلم وإشارة منه إلى أنه ستقع بينه وبين هؤلاء فتنة ، كما ستأتي بذلك الأحاديث الأخرى .
أن قوله ( فأخذت بضبعي عثمان ) يعني الكتف .
وقوله ( مقنع الرأس ) يعني مغطى رأسه .
(حَدَّثَنَا عَلِيُّ بْنُ مُحَمَّدٍ قَالَ: حَدَّثَنَا أَبُو مُعَاوِيَةَ قَالَ: حَدَّثَنَا الْفَرَجُ بْنُ فَضَالَةَ، عَنْ رَبِيعَةَ بْنِ يَزِيدَ الدِّمَشْقِيِّ، عَنِ النُّعْمَانِ بْنِ بَشِيرٍ، عَنْ عَائِشَةَ، قَالَتْ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: «يَا عُثْمَانُ، إِنْ وَلَّاكَ اللَّهُ هَذَا الْأَمْرَ يَوْمًا، فَأَرَادَكَ الْمُنَافِقُونَ أَنْ تَخْلَعَ قَمِيصَكَ الَّذِي قَمَّصَكَ اللَّهُ، فَلَا تَخْلَعْهُ» ، يَقُولُ: ذَلِكَ ثَلَاثَ مَرَّاتٍ، قَالَ النُّعْمَانُ: فَقُلْتُ لِعَائِشَةَ: مَا مَنَعَكِ أَنْ تُعْلِمِي النَّاسَ بِهَذَا؟ قَالَتْ: أُنْسِيتُهُ)
أن عثمان رضي الله عنه على الحق لما امتنع من أن ينزل إلى رأي هؤلاء الذين نقموا عليه ، وقصته مشهورة في السير .
أن خلافة عثمان خلافة ثابتة من قِبل الله عز وجل ، لأن الله سبحانه وتعالى قمَّصه هذا القميص ، والمقصود منه الخلافة.
أن العالم قد ينسى ما كان محفوظا لديه في أول الأمر ، مثل ما حصل لعائشة رضي الله عنها فقد أنسيت ، أنساها الشيطان أن تذكره .
(حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ نُمَيْرٍ، وَعَلِيُّ بْنُ مُحَمَّدٍ، قَالَا: حَدَّثَنَا وَكِيعٌ قَالَ: حَدَّثَنَا إِسْمَاعِيلُ بْنُ أَبِي خَالِدٍ، عَنْ قَيْسِ بْنِ أَبِي حَازِمٍ، عَنْ عَائِشَةَ، قَالَتْ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فِي مَرَضِهِ: «وَدِدْتُ أَنَّ عِنْدِي بَعْضَ أَصْحَابِي» قُلْنَا: يَا رَسُولَ اللَّهِ، أَلَا نَدْعُو لَكَ أَبَا بَكْرٍ؟ فَسَكَتَ، قُلْنَا: أَلَا نَدْعُو لَكَ عُمَرَ؟ فَسَكَتَ قُلْنَا: أَلَا نَدْعُو لَكَ عُثْمَانَ؟ قَالَ: «نَعَمْ» ، فَجَاءَ، فَخَلَا بِهِ، فَجَعَلَ النَّبِيُّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يُكَلِّمُهُ، وَوَجْهُ عُثْمَانَ يَتَغَيَّرُ قَالَ: قَيْسٌ، فَحَدَّثَنِي أَبُو سَهْلَةَ مَوْلَى عُثْمَانَ، أَنَّ عُثْمَانَ بْنَ عَفَّانَ، قَالَ يَوْمَ الدَّارِ: «إِنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ عَهِدَ إِلَيَّ عَهْدًا، فَأَنَا صَائِرٌ إِلَيْهِ» وَقَالَ عَلِيٌّ فِي حَدِيثِهِ: «وَأَنَا صَابِرٌ عَلَيْهِ» ، قَالَ قَيْسٌ: فَكَانُوا يُرَوْنَهُ ذَلِكَ الْيَوْمَ )
ذكرهم لأبي بكر أولا ثم لعمر يدل على فضل هذين الرجلين رضي الله عنهما ، وأن أفضل أصحابه أبو بكر ثم عمر .
أن ( يوم الدار ) هو اليوم الذي حوصر فيه عثمان رضي الله عنه في داره ، وأن النبي صلى الله عليه وسلم عهد إليه أن يصبر إذا حوصر من أجل أن يخلع الخلافة ، ولذلك صبر ، فهذا يدل على فضل عثمان رضي الله عنه ، فما كان صبره من أجل الرئاسة وإنما كان صبره من أجل عهد النبي صلى الله عليه وسلم لهذا الأمر .
أن الفتن كلها شر ، ولذلك لما وقع السيف في الأمة من عهد عثمان رضي الله عنه لم يرفع ( وإذا وقع السيف في أمتي لم يرفع إلى يوم القيامة ) كما أخبر عليه الصلاة والسلام .
وبالفعل حتى لو رفع في مكان أو كف عن القتال في مكان من بلدان المسلمين إذا به في البلد الآخر .
(حَدَّثَنَا عَلِيُّ بْنُ مُحَمَّدٍ قَالَ: حَدَّثَنَا وَكِيعٌ، وَأَبُو مُعَاوِيَةَ، وَعَبْدُ اللَّهِ بْنُ نُمَيْرٍ، عَنِ الْأَعْمَشِ، عَنْ عَدِيِّ بْنِ ثَابِتٍ، عَنْ زِرِّ بْنِ حُبَيْشٍ، عَنْ عَلِيٍّ، قَالَ: عَهِدَ إِلَيَّ النَّبِيُّ الْأُمِّيُّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: «أَنَّهُ لَا يُحِبُّنِي إِلَّا مُؤْمِنٌ، وَلَا يُبْغِضُنِي إِلَّا مُنَافِقٌ»)
ذكر ابن ماجه رحمه الله هذه الفضائل ، ذكر فضائل أبي بكر ثم عمر ثم عثمان ثم علي ، لما ذهب إليه أهل السنة أن ترتيبهم في الفضل كترتيبهم في الخلافة ،
صحيح أن هناك نزاعا بين أهل السنة أيهما أفضل علي أم عثمان ؟
ولكن استقر الأمر على أن عثمان أفضل من علي رضي الله عنهما ، ولذلك من قدَّم عليا على عثمان في الخلافة فهو أضل من حمار أهله ، ضال مبتدع ، لكن من قدم عليا على عثمان في الفضل فإنه لا يضلل .
وسبب تفضيل بعض أهل السنة لعلي على عثمان أن هناك مناقب كثيرة وردت في علي رضي الله عنه ، وسبب إيرادها أنه لما حصل السب والشتم من بني أمية في علي رضي الله عنه بدأ الصحابة يظهرون ما عندهم من أحاديث في فضل علي رضي الله عنهم حتى يردوا بها على هؤلاء .
وجنحت طائفة من الوضَّاع فوضعوا أحاديث في علي رضي الله عنه كلها كذب وافتراء ، ومن أضل هؤلاء ( الروافض ) فقد أتوا بأحاديث في علي رضي الله عنه هي عارية من الصحة ، بل إنه يتبرأ رضي الله عنه منها .
الرد على الروافض الذين غالوا في علي رضي الله عنه ، فالمقصود من المحبة هنا المحبة الشرعية وليس المحبة الزائدة على قدر الإنسان ، ولذلك رفعه بعضهم إلى منزلة الأنبياء ، وبعضهم رفعه إلى منزلة الإله .
الرد على النواصب الذين ناصبوا العداء لعلي رضي الله عنه ، ففيه ترهيب لتلك الطائفتين ، من غالى فيه ومن أبغضه وعاداه .
(حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ بَشَّارٍ قَالَ: حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ جَعْفَرٍ قَالَ: حَدَّثَنَا شُعْبَةُ، عَنْ سَعْدِ بْنِ إِبْرَاهِيمَ، قَالَ: سَمِعْتُ إِبْرَاهِيمَ بْنَ سَعْدِ بْنِ أَبِي وَقَّاصٍ، يُحَدِّثُ عَنْ أَبِيهِ، عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَنَّهُ قَالَ لِعَلِيٍّ: «أَلَا تَرْضَى أَنْ تَكُونَ مِنِّي بِمَنْزِلَةِ هَارُونَ مِنْ مُوسَى» )
هذا القول قيل لما ذهب النبي صلى الله عليه وسلم إلى غزوة تبوك وقد خلَّفه النبي صلى الله عليه وسلم على المدينة ( فقال أتجعلني مع النساء والصبيان ؟ فقال النبي صلى الله عليه وسلم ألا ترضى أن تكون مني بمنزلة هارون من موسى ) ليبين له فضله وأنه قريب منه كما أن هارون قريب من موسى عليه السلام ، لما استخلف موسى هارون عليهما السلام { وَقَالَ مُوسَى لأَخِيهِ هَارُونَ اخْلُفْنِي فِي قَوْمِي وَأَصْلِحْ وَلاَ تَتَّبِعْ سَبِيلَ الْمُفْسِدِينَ }الأعراف142 .
وهذا الحديث مطلق لكن تقيده الأحاديث الأخرى ( إلا أنه لا نبي بعدي ) حتى لا يتمسك به على أن هارون كان نبيا فلماذا لا يكون علي رضي الله عنه نبيا باعتبار أن النبي صلى الله علبيه وسلم جعله في المقام مع كمقام هارون من موسى .
(حَدَّثَنَا عَلِيُّ بْنُ مُحَمَّدٍ قَالَ: حَدَّثَنَا أَبُو الْحُسَيْنِ قَالَ: أَخْبَرَنِي حَمَّادُ بْنُ سَلَمَةَ، عَنْ عَلِيِّ بْنِ زَيْدِ بْنِ جُدْعَانَ، عَنْ عَدِيِّ بْنِ ثَابِتٍ، عَنِ الْبَرَاءِ بْنِ عَازِبٍ، قَالَ: أَقْبَلْنَا مَعَ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فِي حَجَّتِهِ الَّتِي حَجَّ، فَنَزَلَ فِي بَعْضِ الطَّرِيقِ، فَأَمَرَ الصَّلَاةَ جَامِعَةً، فَأَخَذَ بِيَدِ عَلِيٍّ، فَقَالَ: «أَلَسْتُ أَوْلَى بِالْمُؤْمِنِينَ مِنْ أَنْفُسِهِمْ؟» قَالُوا: بَلَى، قَالَ: «أَلَسْتُ أَوْلَى بِكُلِّ مُؤْمِنٍ مِنْ نَفْسِهِ؟» قَالُوا: بَلَى، قَالَ: «فَهَذَا وَلِيُّ مَنْ أَنَا مَوْلَاهُ، اللَّهُمَّ وَالِ مَنْ وَالَاهُ، اللَّهُمَّ عَادِ مَنْ عَادَاهُ»
)
هذا الحديث يتمشى مع قوله تعالى : {النَّبِيُّ أَوْلَى بِالْمُؤْمِنِينَ مِنْ أَنفُسِهِمْ }الأحزاب6 ، فأراد أن يبين مقامه عليه الصلاة والسلام بهذه الجمل ثم لما أقروا بذلك أراد أن يبين فضل علي رضي الله عنه ، ولذلك ذهب بعض جهال أهل السنة كما قال ابن القيم رحمه الله فلفقوا أحاديث في فضل علي رضي الله عنه .
ولعل في هذا إشارة إلى أن هناك من سيناصب العداء لعلي رضي الله عنه ، والمقصود من العداوة العداوة الدينية ، وليست العداوة الدنيوية ، لأنه قد جرى بين علي رضي الله عنه وبعض الصحابة بعض المخالفات ، فالمقصود من ذلك العداوة الدينية .
(حَدَّثَنَا عُثْمَانُ بْنُ أَبِي شَيْبَةَ قَالَ: حَدَّثَنَا وَكِيعٌ قَالَ: حَدَّثَنَا ابْنُ أَبِي لَيْلَى قَالَ: حَدَّثَنَا الْحَكَمُ، عَنْ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ أَبِي لَيْلَى، قَالَ: كَانَ أَبُو لَيْلَى يَسْمُرُ مَعَ عَلِيٍّ، فَكَانَ يَلْبَسُ ثِيَابَ الصَّيْفِ فِي الشِّتَاءِ، وَثِيَابَ الشِّتَاءِ فِي الصَّيْفِ، فَقُلْنَا: لَوْ سَأَلْتَهُ، فَقَالَ: إِنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بَعَثَ إِلَيَّ وَأَنَا أَرْمَدُ الْعَيْنِ يَوْمَ خَيْبَرَ، قُلْتُ: يَا رَسُولَ اللَّهِ، إِنِّي أَرْمَدُ الْعَيْنِ، فَتَفَلَ فِي عَيْنِي، ثُمَّ قَالَ: «اللَّهُمَّ أَذْهِبْ عَنْهُ الْحَرَّ وَالْبَرْدَ» قَالَ: فَمَا وَجَدْتُ حَرًّا وَلَا بَرْدًا بَعْدَ يَوْمِئِذٍ، وَقَالَ: «لَأَبْعَثَنَّ رَجُلًا يُحِبُّ اللَّهَ وَرَسُولَهُ، وَيُحِبُّهُ اللَّهُ وَرَسُولُهُ، لَيْسَ بِفَرَّارٍ» فَتَشَرَّفَ لَهُ النَّاسُ، فَبَعَثَ إِلَى عَلِيٍّ، فَأَعْطَاهَا إِيَّاهُ)
هذا الحديث أصله في الصحيحين لكن من غير ذكر ( ليس بفرار ) ومن غير ذكر ( اللهم أذهب عنه الحر والبرد ) ومن ثم فإن بعض العلماء نظر إلى أحد طرقه فضعفه ، بينما الألباني رحمه الله يرى أنه بمجموع هذه الطرق يرتقي إلى درجة الحسن .
معجزة النبي صلى الله عليه وسلم إذ شفى الله سبحانه وتعالى عين علي لما بصق فيها وذلك لما دعا له بأن يذهب الله عنه الحر والبرد فما شكا حرا ولا بردا بل كان من باب توضيح دعوة النبي صلى الله عليه وسلم كان يخالف في اللباس فيلبس ثياب الشتاء في الصيف والعكس .
أن عليا رضي الله عنه بلغ منزلة عالية وهي أن الله عز وجل ورسوله صلى الله عليه وسلم يحبانه ، وهو أيضا يحب الله ورسوله ، فالمحبة ثابتة من كلا الطرفين .
الرد على من زعم أن الله سبحانه وتعالى لا يُحِب ولا يُحَب – تعالى الله عما يقولون علوا كبيرا .
(حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ مُوسَى الْوَاسِطِيُّ قَالَ: حَدَّثَنَا الْمُعَلَّى بْنُ عَبْدِ الرَّحْمَنِ قَالَ: حَدَّثَنَا ابْنُ أَبِي ذِئْبٍ، عَنْ نَافِعٍ، عَنِ ابْنِ عُمَرَ، قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: «الْحَسَنُ وَالْحُسَيْنُ سَيِّدَا شَبَابِ أَهْلِ الْجَنَّةِ، وَأَبُوهُمَا خَيْرٌ مِنْهُمَا»)
فضل الحسن والحسين .
أنهما من أهل الجنة .
أن عليا رضي الله عنه من أهل الجنة ، لأن أثبت الخيرية له على ولديه .
(حَدَّثَنَا أَبُو بَكْرِ بْنُ أَبِي شَيْبَةَ، وَسُوَيْدُ بْنُ سَعِيدٍ، وَإِسْمَاعِيلُ بْنُ مُوسَى، قَالُوا: حَدَّثَنَا شَرِيكٌ، عَنْ أَبِي إِسْحَاقَ، عَنْ حُبْشِيِّ بْنِ جُنَادَةَ، قَالَ: سَمِعْتُ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَقُولُ: «عَلِيٌّ مِنِّي وَأَنَا مِنْهُ، وَلَا يُؤَدِّي عَنِّي إِلَّا عَلِيٌّ»)
عمق الترابط بين النبي صلى الله عليه وسلم وبين علي رضي الله عنه إلى أن جعله بهذا الدرجة أنه من النبي صلى الله عليه وسلم بل جعله كفيلا له فيما يؤديه عليه الصلاة والسلام .
(حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ إِسْمَاعِيلَ الرَّازِيُّ قَالَ: حَدَّثَنَا عُبَيْدُ اللَّهِ بْنُ مُوسَى قَالَ: أَنْبَأَنَا الْعَلَاءُ بْنُ صَالِحٍ، عَنِ الْمِنْهَالِ، عَنْ عَبَّادِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ، قَالَ: قَالَ عَلِيٌّ: «أَنَا عَبْدُ اللَّهِ وَأَخُو رَسُولِهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، وَأَنَا الصِّدِّيقُ الْأَكْبَرُ، لَا يَقُولُهَا بَعْدِي إِلَّا كَذَّابٌ، صَلَّيْتُ قَبْلَ النَّاسِ لِسَبْعِ سِنِينَ» )
ومن بطلانه أنه قال ( أن الصديق الأكبر ) ومعلوم أن الصديق الأكبر هو أبو بكر رضي الله عنه .
(حَدَّثَنَا عَلِيُّ بْنُ مُحَمَّدٍ قَالَ: حَدَّثَنَا أَبُو مُعَاوِيَةَ قَالَ: حَدَّثَنَا مُوسَى بْنُ مُسْلِمٍ، عَنِ ابْنِ سَابِطٍ وَهُوَ عَبْدُ الرَّحْمَنِ، عَنْ سَعْدِ بْنِ أَبِي وَقَّاصٍ، قَالَ: قَدِمَ مُعَاوِيَةُ فِي بَعْضِ حَجَّاتِهِ، فَدَخَلَ عَلَيْهِ سَعْدٌ، فَذَكَرُوا عَلِيًّا، فَنَالَ مِنْهُ، فَغَضِبَ سَعْدٌ، وَقَالَ: تَقُولُ هَذَا لِرَجُلٍ سَمِعْتُ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَقُولُ: «مَنْ كُنْتُ مَوْلَاهُ فَعَلِيٌّ مَوْلَاهُ» وَسَمِعْتُهُ يَقُولُ: «أَنْتَ مِنِّي بِمَنْزِلَةِ هَارُونَ مِنْ مُوسَى، إِلَّا أَنَّهُ لَا نَبِيَّ بَعْدِي» ، وَسَمِعْتُهُ يَقُولُ: «لَأُعْطِيَنَّ الرَّايَةَ الْيَوْمَ رَجُلًا يُحِبُّ اللَّهَ وَرَسُولَهُ»)
تقييد ما أطلق في الحديث السابق إذ قال : ( إلا أنه لا نبي بعدي )
أنه قد جرى بين معاوية وبين علي رضي الله عنهما من النزاع المعروف ما جعل عامة أهل السنة يقولون ” يمسك عما شجر بينهم ” فكلهم مجتهد المصيب له أجران والمخطئ له أجر واحد ” والسب الحاصل من معاوية رضي الله عنه ليس سبا يراد منه الشتم ، فإن هذا لا يتناسب مع معاوية رضي الله عنه أبدا ، ولكن السب المطلق الذي فيه إشارة إلى خطأ من علي رضي الله عنه .
وقد قال شيخ الإسلام رحمه الله : ( إن النزاع الحاصل بين علي ومعاوية لم يكن المقصود فيه ذات النفس – كلا – قال ما كان معاوية ولا علي يحبان أن يقع القتال ، لكن كان هناك من الطرفين من فريق علي وفريق معاوية من يرغب في القتال بل من بدأ بالقتال حتى يخفوا قاتل عثمان رضي الله عنه ، ومعاوية رضي الله عنه يرى أنه قد ولي على الشام من قِبل عثمان ومن قبل عمر فهو أحق بولايتها ، فجرى ما جرى .
أن قول الرجل : ( يا مولاي ) الأفضل ألا تقال لورود النهي في صحيح مسلم ، لكنه نهي على سبيل التنزيه وليس على سبيل التحريم ، لأن النبي صلى الله عليه وسلم قال : ( لا يقل أحدكم أطعم ربك وضئ ربك ، ولكن ليقل سيدي ومولاي ) فمن كانت له ولاية على إنسان فلا بأس أن يقولها ، ولو استغنى عنها لكان أفضل .
(حَدَّثَنَا عَلِيُّ بْنُ مُحَمَّدٍ قَالَ: حَدَّثَنَا وَكِيعٌ قَالَ: حَدَّثَنَا سُفْيَانُ، عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ الْمُنْكَدِرِ، عَنْ جَابِرٍ قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَوْمَ قُرَيْظَةَ «مَنْ يَأْتِينَا بِخَبَرِ الْقَوْمِ؟» فَقَالَ الزُّبَيْرُ: أَنَا، فَقَالَ: «مَنْ يَأْتِينَا بِخَبَرِ الْقَوْمِ؟» قَالَ الزُّبَيْرُ: أَنَا ثَلَاثًا، فَقَالَ النَّبِيُّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: «لِكُلِّ نَبِيٍّ حَوَارِيٌّ، وَإِنَّ حَوَارِيَّ الزُّبَيْرُ»)
فضل الزبير رضي الله عنه وأنه من الأصفياء الخُلَّص عند النبي صلى الله عليه وسلم ، كما كان الحواريون مع عيسى عليه السلام .
بيان شجاعة الزبير رضي الله عنه .
أن قول الإنسان ( أنا ) ليس مذموما في جميع الأحوال ، فإن ابن القيم رحمه الله قال ” احذر الطواغيت الثلاثة : أنا ، وعندي ، ولي ” ولكن تقال هذه الكلمات الثلاث في مواضع جائزة ، بل قد تكون مندوبة أو واجبة .
(حَدَّثَنَا عَلِيُّ بْنُ مُحَمَّدٍ قَالَ: حَدَّثَنَا أَبُو مُعَاوِيَةَ قَالَ: حَدَّثَنَا هِشَامُ بْنُ عُرْوَةَ، عَنْ أَبِيهِ، عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ الزُّبَيْرِ، عَنِ الزُّبَيْرِ، قَالَ: «لَقَدْ جَمَعَ لِي رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَبَوَيْهِ يَوْمَ أُحُدٍ»)
فضل الزبير إذ فدَّاه النبي صلى الله عليه وسلم بأبيه وأمه ، فهذا يدل على فضل الزبير رضي الله عنه .
(حَدَّثَنَا هِشَامُ بْنُ عَمَّارٍ، وَهَدِيَّةُ بْنُ عَبْدِ الْوَهَّابِ، قَالَا: حَدَّثَنَا سُفْيَانُ بْنُ عُيَيْنَةَ، عَنْ هِشَامِ بْنِ عُرْوَةَ، عَنْ أَبِيهِ، قَالَ: قَالَتْ لِي عَائِشُةُ، ” يَا عُرْوَةُ كَانَ أَبَوَاكَ مِنَ الَّذِينَ اسْتَجَابُوا لِلَّهِ وَالرَّسُولِ مِنْ بَعْدِ مَا أَصَابَهُمُ الْقَرْحُ: أَبُو بَكْرٍ، وَالزُّبَيْرُ ” )
فأبوا عروة من جهة الأب هو الزبير ومن جهة الأم هو أبو بكر ، لأن أسماء رضي الله عنها هي زوجة الزبير ، ومعلوم أن أسماء بنت أبي بكر رضي الله عنه ، ففيه فضل لأبي بكر والزبير رضي الله عنهما ، فإنه لما أصاب المسلمين من الجراح في أحد ما أصابهم وذهبت قريش وتوعدت فأراد النبي صلى الله عليه وسلم أن يرجع إلى قريش وأن يبين لهم أنه مازلت به قوة ، فخرج مع النبي صلى الله عليه وسلم من بين من خرج أبو بكر والزبير .
(حَدَّثَنَا عَلِيُّ بْنُ مُحَمَّدٍ، وَعَمْرُو بْنُ عَبْدِ اللَّهِ الْأَوْدِيُّ، قَالَا: حَدَّثَنَا وَكِيعٌ قَالَ: حَدَّثَنَا الصَّلْتُ الْأَزْدِيُّ قَالَ: حَدَّثَنَا أَبُو نَضْرَةَ، عَنْ جَابِرٍ، أَنَّ طَلْحَةَ مَرَّ عَلَى النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَقَالَ: «شَهِيدٌ يَمْشِي عَلَى وَجْهِ الْأَرْضِ»)
هذا الحديث حمله بعض العلماء على أنه ( شهيد يمشي على وجه الأرض ) باعتبار المآل .
وقد حمله بعض العلماء من أن المراد من الشهادة هنا أنه رجل يسعى إليها ويحرص على أن ينالها .
فضل طلحة رضي الله عنه .
(حَدَّثَنَا أَحْمَدُ بْنُ الْأَزْهَرِ قَالَ: حَدَّثَنَا عَمْرُو بْنُ عُثْمَانَ قَالَ: حَدَّثَنَا زُهَيْرُ بْنُ مُعَاوِيَةَ قَالَ: حَدَّثَنِي إِسْحَاقُ بْنُ يَحْيَى بْنِ طَلْحَةَ، عَنْ مُوسَى بْنِ طَلْحَةَ، عَنْ مُعَاوِيَةَ بْنِ أَبِي سُفْيَانَ، قَالَ: نَظَرَ النَّبِيُّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ إِلَى طَلْحَةَ، فَقَالَ: «هَذَا مِمَّنْ قَضَى نَحْبَهُ»)
(حَدَّثَنَا أَحْمَدُ بْنُ سِنَانٍ قَالَ: حَدَّثَنَا يَزِيدُ بْنُ هَارُونَ قَالَ: أَنْبَأَنَا إِسْحَاقُ، عَنْ مُوسَى بْنِ طَلْحَةَ، قَالَ: كُنَّا عِنْدَ مُعَاوِيَةَ، فَقَالَ: أَشْهَدُ لَسَمِعْتُ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَقُولُ: «طَلْحَةُ مِمَّنْ قَضَى نَحْبَهُ» )
( ممن قضى نحبه ) إما أن يقال كما قلنا من أنه باعتبار المآل ، كما في قوله تعالى { قَالَ أَحَدُهُمَا إِنِّي أَرَانِي أَعْصِرُ خَمْراً } يوسف36 ، والذي يعصر الخمر أم الزبيب والتمر ؟ لكن باعتبار ما سيكون .
وقال بعض العلماء : يعني ممن قام بالحق الذي أوجبه الله عز وجل عليه .
(حَدَّثَنَا عَلِيُّ بْنُ مُحَمَّدٍ قَالَ: حَدَّثَنَا وَكِيعٌ، عَنْ إِسْماعيلَ، عَنْ قَيْسٍ، قَالَ: رَأَيْتُ يَدَ طَلْحَةَ شَلَّاءَ، وَقَى بِهَا رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَوْمَ أُحُدٍ ” )
فضل طلحة رضي الله عنه وأنه قد أبلى بلاء حسنا في غزة أحد حتى أنه رضي الله عنه قد وقى النبي صلى الله عليه وسلم ، ليس بيده فقط وإنما بجميع بدنه ، لكن مما تأثر بذلك يده إذ شُلَّت رضي الله عنه .
(حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ بَشَّارٍ قَالَ: حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ جَعْفَرٍ قَالَ: حَدَّثَنَا شُعْبَةُ، عَنْ سَعْدِ بْنِ إِبْرَاهِيمَ، عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ شَدَّادٍ، عَنْ عَلِيٍّ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ، قَالَ: مَا رَأَيْتُ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ جَمَعَ أَبَوَيْهِ لِأَحَدٍ غَيْرَ سَعْدِ بْنِ مَالِكٍ، فَإِنَّهُ قَالَ لَهُ يَوْمَ أُحُدٍ: «ارْمِ سَعْدُ، فِدَاكَ أَبِي وَأُمِّي» )
(حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ رُمْحٍ قَالَ: أَنْبَأَنَا اللَّيْثُ بْنُ سَعْدٍ، ح وَحَدَّثَنَا هِشَامُ بْنُ عَمَّارٍ قَالَ: حَدَّثَنَا حَاتِمُ بْنُ إِسْمَاعِيلَ، وَإِسْمَاعِيلُ بْنُ عَيَّاشٍ، عَنْ يَحْيَى بْنِ سَعِيدٍ، عَنْ سَعِيدِ بْنِ الْمُسَيِّبِ، قَالَ: سَمِعْتُ سَعْدَ بْنَ أَبِي وَقَّاصٍ، يَقُولُ: لَقَدْ جَمَعَ لِي رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَوْمَ أُحُدٍ أَبَوَيْهِ، فَقَالَ: «ارْمِ سَعْدُ، فِدَاكَ أَبِي وَأُمِّي»)
هذا الحديث لا يتعارض مع ما سبق من تفدية النبي صلى الله عليه وسلم أبويه للزبير وإنما هذا على حسب علم بعض الصحابة ، فبعضهم علم وبعضهم لم يعلم ، ولا شك أنها منزلة لسعد ومنزلة للزبير رضي الله عنهما .
أن ” ياء النداء ” تحذف متى ما عرف ذلك من السياق ( ارم سعد ) يعني ( ارم يا سعد )
{يُوسُفُ أَيُّهَا الصِّدِّيقُ } يوسف46 ، يعني ( يوسف يا أيها الصديق ) وهلم جرا .
(حَدَّثَنَا عَلِيُّ بْنُ مُحَمَّدٍ قَالَ: حَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ إِدْرِيسَ، وَخَالِي يَعْلَى، وَوَكِيعٌ، عَنْ إِسْماعيلَ، عَنْ قَيْسٍ، قَالَ: سَمِعْتُ سَعْدَ بْنَ أَبِي وَقَّاصٍ، يَقُولُ: «إِنِّي لَأَوَّلُ الْعَرَبِ رَمَى بِسَهْمٍ فِي سَبِيلِ اللَّهِ»)
كونه أول من رمى بسهم في سبيل الله لأنه كان في أول سرية أرسلها النبي صلى الله عليه وسلم لتفقد تجارة قريش التي عليها أبو سفيان قبل أن تحدث غزوة بدر .
( حَدَّثَنَا مَسْرُوقُ بْنُ الْمَرْزُبَانِ قَالَ: حَدَّثَنَا يَحْيَى بْنُ أَبِي زَائِدَةَ، عَنْ هَاشِمِ بْنِ هَاشِمٍ، قَالَ: سَمِعْتُ سَعِيدَ بْنَ الْمُسَيِّبِ، يَقُولَ: قَالَ: سَعْدُ بْنُ أَبِي وَقَّاصٍ،: «مَا أَسْلَمَ أَحَدٌ فِي الْيَوْمِ الَّذِي أَسْلَمْتُ فِيهِ، وَلَقَدْ مَكَثْتُ سَبْعَةَ أَيَّامٍ وَإِنِّي لَثُلُثُ الْإِسْلَامِ»)
كونه ثلث الإسلام من الأحرار ، ففيه بيان لفضل سعد رضي الله عنه من أنه لم يسلم أحد في اليوم الذي أسلم فيه بل بقي بعد ذلك سبعة أيام ثم بعدها تتابع الناس في الدخول في الإسلام .