بسم الله الرحمن الرحيم
الحمد لله رب العالمين والصلاة والسلام على نبينا محمد وعلى آله وأصحابه وسلم تسليما كثيرا إلى يوم الدين .
أما بعد :
فقد قال المصنف رحمه الله :
باب الوضوء من مسِّ الذكر
حديث رقم – 479-
( صحيح ) عن بسرة بنت صفوان قالت قال رسول الله صلى الله عليه وسلم إذا مس أحدكم ذكره فليتوضأ )
من الفوائد :
أن مس الذكر موجب للوضوء ، وظاهر هذا الحديث يدل على أن مس أي عضو أو جزء من هذا الذكر أنه ناقض للوضوء ، ويشترط في هذا المس أن يكون بالكف فإن النبي صلى الله عليه وسلم قال ( إذا أفضى أحدكم بيده إلى ذكره من غير ستر فقد وجب الوضوء ) واليد إذا أطلقت في النصوص الشرعية يراد منها الكف ، ولذا لو مسَّه بمرفقه أو بساعده فلا ينتقض وضوؤه .
ومن الفوائد :
أن الحكم يتعلق بالماسِّ لا بالملموس ، فمن مُسَّ ذكره لا ينتقض وضوؤه ، إنما الحكم متعلق بالماس لقوله صلى الله عليه وسلم ( إذا مسَّ أحدكم )
ومن الفوائد :
أنه ذكره إحدى صيغ الأمر وهي [ الفعل المضارع المقرون بلام الأمر ] قال ( فليتوضأْ ) .
ومن الفوائد :
أن جملة من العلماء يرون الأخذ بظاهره ، بينما يرى آخرون أن مس الذكر لا ينقض الوضوء ، وتتضح هذه المسألة بإذن الله تعالى إذا قرئت الأحاديث التي نفت نقض الوضوء من مس الذكر .
ومن الفوائد :
أن مس ” الخصيتين ” ليس ناقضا للوضوء ، وقد وضعت زيادة من قِبل الوضَّاعين ( من مس ذكره وأنثييه فليتوضأ ) فزيد في ذلك كلمة ( وأنثييه ) يعني ” خصيتيه ” وهي موضوعة .
ومن الفوائد :
أن في ظاهره دلالة على أن مس الذكر ناقض للوضوء سواء كان هذا المس متعمدا أو لم يكن ، خلافا لمن فرَّق بين الحالتين ، كما أن ظاهر الحديث يشمل مسه بشهوة أو من غير شهوة ، فهناك من فرق بين الحالتين فقال من مسه بشهوة انتقض وضوؤه ومن مسه بغير شهرة لم ينتقض وضوؤه .
حديث رقم – 480-
( صحيح بما قبله ) عن جابر بن عبد الله قال قال رسول الله صلى الله عليه وسلم إذا مس أحدكم ذكره فعليه الوضوء )
من الفوائد :
أنه عليه الصلاة والسلام لم يذكر العضو الذي يُمس به الذكر ، والأحاديث الأخرى بينت لأن النقض إنما يكون إذا كان المس للذكر بالكف .
ومن الفوائد :
أنه لم يذكر في هذه الأحاديث هل مسه بحائل أو من غير حائل ؟
الأحاديث الواردة بأن مسه بحائل ليس بناقض للوضوء على جميع الأقوال ، للحديث الذي أوردناه آنفا ( إذا أفضى أحدكم بيده إلى ذكره من غير ستر فقد وجب الوضوء )
حديث رقم – 481-
( صحيح بما قبله ) عن أم حبيبة قالت سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول من مس فرجه فليتوضأ )
من الفوائد :
أن هذا الحديث أتى باسم الشرط ( من مسَّ) واسم الشرط يفيد العموم ، فيدخل فيه كل ماس حتى لو لم يكن بالغا ، ذكرا كان أو أنثى ، فلو كان غير بالغ وكان على وضوء ومس ذكره فإن وضوءه ينتقض .
ومن الفوائد :
أن كلمة ( فرجه ) يدخل فيها مس فرج المرأة ، وكذلك يدخل فيها الدُّبر ، لأنه يطلق عليه أنه فرج ، وقد ذكر الفقهاء رحمهم الله أن الذكر إذا كان مقطوعا فمُسَّ بعد قطعه فلا يدخل ، لأنه أضاف قال ( ذكره ) وهذا لا يصدق إلا على الذكر المتصل .
سؤال : قوله عليه الصلاة والسلام ( من مس ذكره فليتوضأ) وقوله ( من مس فرجه فليتوضأ ) ظاهره أنه خاص بذكره فقط ، ما الدلالة على أنه لو مس ذكر غيره ينتقض وضوؤه؟
الجواب :
من أوجب الوضوء من مس الذكر قال إذا كان مس ذكر الإنسان مع أنه عضو منه كما جاء في الحديث الآخر ينقض الوضوء فمس ذكر غيره من باب أولى ، لأن [ الشريعة لا تفرق بين متماثلين ] فكيف إذا كان أحدهما أعظم من الآخر ؟ ولأن المعهود أن الإنسان لا يمس ذكر غيره وإنما يمس ذكره هو ، فعبر عليه الصلاة والسلام بهذا التعبير لأن هذا يقع من الإنسان لنفسه ولا يقع لغيره إلا في أندر الأحوال ، كما لو مست المرأة ذكر زوجها .
حديث رقم -482-
( صحيح بما قبله ) عن أبي أيوب قال سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول من مس فرجه فليتوضأ )
من الفوائد :
ذكر ابن ماجه رحمه الله هذه الأحاديث من باب التأكيد على أن الحديث محكم وليس بمنسوخ ، ويمكن أن ابن ماجه رحمه الله لما ذكر أحاديث عدم النقض كأنه يرجح أنه ليس بناقض للوضوء كما سيأتي بيانه إن شاء الله ، والمسألة كما أسلفت فيها عدة أقوال .