تعليقات على سنن ابن ماجه ( 47 ) من حديث ( 496-503 )

تعليقات على سنن ابن ماجه ( 47 ) من حديث ( 496-503 )

مشاهدات: 497

تعليقات على سنن (  ابن ماجه  )

الدرس السابع والأربعون

 496-503

فضيلة الشيخ زيد بن مسفر البحري

بسم الله الرحمن الرحيم

الحمد لله رب العالمين والصلاة والسلام على نبينا محمد وعلى آله وأصحابه وسلم تسليما كثيرا إلى يوم الدين .

أما بعد :

فقد قال المصنف رحمه الله :

باب ما جاء في الوضوء من لحوم الإبل 

 

حديث رقم – 496-

( ضعيف ) حدثنا أبو إسحق الهروي إبراهيم بن عبد الله بن حاتم حدثنا عباد بن العوام عن حجاج عن عبد الله بن عبد الله مولى بني هاشم وكان ثقة وكان الحكم يأخذ عنه حدثنا عبد الرحمن بن أبي ليلى عن أسيد بن حضير قال قال رسول الله صلى الله عليه وسلم لا تتوضئوا من ألبان الغنم وتوضئوا من ألبان الإبل )

هذا الحديث ضعيف ، ولو صح لكان لبن الإبل ناقضا للوضوء ، وكما أسلفنا أن لبن الإبل ليس بناقض الوضوء لقصة العرنيين لما أمرهم النبي صلى الله عليه وسلم أن يشربوا من ألبانها وأبوالها ، وما أمرهم بالوضوء ، فيكون هذا الحديث ضعيفا من حيث السند ، ولو صح فإنه يحمل على الاستحباب.

حديث رقم- 497-

( صحيح ) عدا ما بين المعقوفتين فهو ” ضعيف ” )  حدثنا محمد بن يحيى حدثنا يزيد بن عبد ربه حدثنا بقية عن خالد بن يزيد بن عمر بن هبيرة الفزاري عن عطاء بن السائب قال سمعت محارب بن دثار يقول سمعت عبد الله بن عمر يقول سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول توضئوا من لحوم الإبل ولا تتوضئوا من لحوم الغنم وتوضئوا من ألبان الإبل ولا توضئوا من ألبان الغنم وصلوا في مراح الغنم ولا تصلوا في معاطن الإبل )

من الفوائد :

أن هذا تذكر عنده الفوائد السابقة ، ويزاد على ذلك أن الرواية التي هنا جاءت فيها جُمل تؤكد ما في الحديث السابق من أن ألبان الإبل يؤمر بالوضوء منها ، ولكن كما أسلفنا ضعيفة ولو صحت لكان الأمر مبنيا على الاستحباب ، وأما من حيث السند فإن قول ابن عمر رضي الله عنهما ( سمعت النبي صلى الله عليه وسلم ) لفظة السماع أقوى من لفظة ” قال رسول الله ” أو ” عن رسول الله صلى الله عليه وسلم ” لأن السماع يوحي بأن الصحابي لم يسمعه من غيره من الصحابة عن الرسول صلى الله عليه وسلم ، فسمعه من النبي صلى الله عليه وسلم من غير واسطة ، أما قوله ” قال رسول الله صلى الله عليه وسلم ” أو قال ” عن رسول الله صلى الله عليه وسلم ” يحتمل أن يكون مرسلا ، ويحتمل ألا يكون ، ولو كان مرسلا فإن مراسيل الصحابة رضي الله عنهم مقبولة ، فهي في حكم المرفوع ، لكن لفظة السماع أقوى .

باب المضمضة من شرب اللبن

حديث رقم – 498-

( صحيح ) عن ابن عباس أن النبي صلى الله عليه وسلم قال مضمضوا من اللبن فإن له دسما )

من الفوائد :

أن شرب اللبن ، وليس المقصود هنا لبن الإبل ، بل كل لبن سواء كان للإبل أو للبقر أو للغنم أو مما تدره الحيوانات التي يجوز شرب حليبها ، السنة أنه إذا شربها من كان على وضوء السنة أن يتمضمض ، وليس بواجب لأن الرسول صلى الله عليه وسلم كما صح عنه ( شرب لبنا وصلى ولم يتمضمض ) فدل هذا الأمر الموجود هنا دل على أنه للاستحباب وليس للوجوب .

ومن الفوائد :

أن بعض العلماء قال :إن قول النبي صلى الله عليه وسلم ( إن له دسما ) يستحب أن يتمضمض من أي طعام أو شراب فيه دسم ، لأن النبي صلى الله عليه وسلم علل بالدسومة .

وقال بعض العلماء : يمكن أن يحصر في اللبن ، ولكن الصواب أنه عام في كل مأكول وفي كل مشروب له دسم ، لأنه مر معنا أن النبي صلى الله عليه وسلم ( أكل كتف شاة وتمضمض وصلى ولم يتوضأ ) ومعلوم أن لحم الشاة فيه دسومة ، بل أرى أن كل مأكول ومشروب يسن فيه المضمضة لمن كان على وضوء ، لأنه مر معنا أن النبي صلى الله عليه وسلم لما كان بالصهباء وهو موضع قرب خيبر ودعا بطعام ولم يكن هناك إلا سويق فأكل منه عليه الصلاة والسلام ” قام فتمضمض وصلى ولم يتوضأ ” والسويق ليس دسما ، فإذاً تتأكد السنية فيما لو شرب الإنسان لبنا ، ويليها في الدرجة من حيث السنية فيما لو أكل طعاما أو شرب شرابا فيه دسومة ، ويليه في السنية لو أكل أي طعام أو شرب أي شراب ، فإن السنة له أن يتمضمض .

ومن الفوائد :

أن تعبير النبي صلى الله عليه وسلم باللبن بأن له دسما يقرر ما جاء في الحديث الصريح إذ قال صلى الله عليه وسلم ( ليس هناك ما يغني عن الطعام والشراب سوى اللبن ) فدل على أن اللبن يغني عن الطعام والشراب ، ولذلك أمر النبي صلى الله عليه وسلم من شرب لبنا أن يقول ( اللهم بارك لنا فيه وزدنا منه ) .

ومن الفوائد :

أن هذا الحديث ذكرت فيه العلة ، والعلة قد تكون منصوصة وقد تكون غير منصوصة إنما هي مستنبطة ومستوحاة يستنبطها العلماء ، إذاً العلة هنا موجودة ، فلو أتى الإنسان بعلة أخرى لا نلتفت إليها ، لم ؟ لأن الشرع علل بعلة واضحة وهي الدسومة .

حديث رقم – 499-

( صحيح ) عن أم سلمة زوج النبي صلى الله عليه وسلم قالت قال رسول الله صلى الله عليه وسلم إذا شربتم اللبن فمضمضوا فإن له دسما )

حديث رقم – 500-

( صحيح ) عن سهل بن سعد الساعدي عن أبيه عن جده أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال مضمضوا من اللبن فإن له دسما )

يقال في هذا الحديث ما قيل فيما مضى ، ولكن المذكور هنا أن هذا الحديث روته أم سلمة رضي الله عنها ، وقال ابن ماجه ( زوج النبي صلى الله عليه وسلم ) بدون التاء ، وهذا هو المشهور ، فالمشهور أن يقال للمرأة إذا أضيفت إلى زوجها أن يقال ” زوج فلان ” وقلَّ أن يؤتى بالتاء ” زوجة فلان ” لكنها واردة من حيث اللغة ، فقد ورد في بعض الأشعار وجوب التاء ، لكن الأكثر والأشهر في اللغة أن تأتي هذه الكلمة بدون التاء .

ومن الفوائد :

أن ” الفاء ” من معانيها ” السببية ” ويقول  بعض العلماء إن من مسالك العلة ( الفاء ) يعني بسبب الدسومة يتمضمض من اللبن.

حديث رقم – 501-

( ضعيف عن أنس ، وثبت عنه خلافه ، لكنه صح من حديث ابن عباس ، وهو في الصحيح ) حدثنا إسحق بن إبراهيم السواق حدثنا الضحاك بن مخلد حدثنا زمعة بن صالح عن ابن شهاب عن أنس بن مالك قال حلب رسول الله صلى الله عليه وسلم شاة وشرب من لبنها ثم دعا بماء فمضمض فاه وقال إن له دسما )

هذا الحديث لو صح فيكون هذا الحكم قد ثبت من حيث السنة القولية والسنة الفعلية ، فأمر صلى الله عليه وسلم وفعل .

 

 

باب الوضوء من القبلة

حديث رقم – 502-

( صحيح ) عن عروة بن الزبير عن عائشة أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قبل بعض نسائه ثم خرج إلى الصلاة ولم يتوضأ قلت ما هي إلا أنت فضحكت )

من الفوائد :

أن عروة رضي الله عنه قريب من عائشة رضي الله عنها فهي خالته ، ولذا سأل هذا السؤال ( ما هي إلا أنت ، فضحكت ) ولذلك أقدم رضي الله عنه على سؤالها باعتبار قربها منه .

ومن الفوائد :

أن تبويب ابن ماجه رحمه الله قال ( باب الوضوء من القُبلة ) فالباء هنا سببية ، أي باب الوضوء بسبب القبلة .

ومن الفوائد :

بيان فضل زوجات النبي صلى الله عليه وسلم إذ نقلن للأمة ما يخفى عليها مما لا يظهر في بيته عليه الصلاة والسلام ولا سيما المعاشرة الحاصلة بينهما .

ومن الفوائد :

أن الجواب بالتلميح يغني في بعض الأحيان عن الجواب بالتصريح ، فإنه لما سألها ضحكت رضي الله عنها ، وهذا جواب لمحت فيه ولم تصرح ، لأن الضحك دلالة وعلامة على إقرار ما سألها عنه ، ولذا ذكر الفقهاء أن البِكر إذا خُطبت فضحكت فإن ضحكها علامة على قبولها .

ومن الفوائد :

أن ما يستحيى من ذكره تصريحا ينبغي ألا يصرح به ، وهذه طريقة القرآن ، فقد كنى عن الجماع بالإفضاء وباللباس .

ومن الفوائد :

أن هذا الحديث دليل لمن قال من العلماء إن مس المرأة بشهوة ليس بناقض للوضوء لأن النبي صلى الله عليه وسلم قبَّل عائشة رضي الله عنها ثم خرج ولم يتوضأ .

بينما يرى بعض العلماء أن مس المرأة بشهوة ناقض للوضوء ، ولا يرون صحة هذا الحديث ، بينما أصحاب القول الأول يرون صحته ويقولون لو لم يصح لكانت البراءة الأصلية دليلا لنا ، لأن الأصل براءة الذمة ، لكن أصحاب هذا القول يقولون إن لدينا دليلا على أنه ناقض للوضوء ، وهو قوله تعالى { أَوْ لاَمَسْتُمُ النِّسَاء } .

فأجاب أصحاب القول الأول بأن الآية فسرها ابن عباس رضي الله عنها بالجماع ، وكما أنه فسرها رضي الله عنهما بالجماع فكذلك سياق الآية يدل على أنها في الجماع ، كيف ؟ الله عز وجل لما ذكر سبب الحدث الأصغر وهو الغائط ذكر بعده سبب الحدث الأكبر وهو الجماع ، فلو كان معنى { أَوْ لاَمَسْتُمُ النِّسَاء } مس المرأة بشهوة ، لكان عز وجل ذاكرا لسببين من أسباب الحدث الأصغر وهذا غير مناسب ، فيكون قوله تعالى { أَوْ جَاء أَحَدٌ مَّنكُم مِّنَ الْغَائِطِ } هذا سبب الحدث الأصغر { أَوْ لاَمَسْتُمُ النِّسَاء } هذا سبب الحدث الأكثر .

وأصحاب القول الأول يستدلون بأن النبي صلى الله عليه وسلم كما عند مسلم ( افتقدته عائشة رضي الله عنه فأتته وهو يصلي وقدماه منصوبتان ، تقول فوقعت يدي على قدميه وهو منصوبتان ) فلو كان ناقضا للوضوء لأبطل النبي صلى الله عليه وسلم صلاته ، ولا شك أن القول بعدم النقض هو الصواب ، لكن هذا الدليل لا يسعفهم ، لم ؟ لأنه ليس بشهوة ، ولكن دليلهم ما سبق هنا ، لاسيما أن القُبلة في الغالب لا تكون إلا بشهوة .

إذاً الراجح أن مس المرأة بشهوة ليس بناقض للوضوء إلا إذا مس أو قبَّل أو ضمَّ  فخرج منه شيء ، فيجب عليه الوضوء لا لكونه مس المرأة وإنما للخارج من السبيلين .

ومن الفوائد :

أن العلم لا يناله مستحي أو متكبر ، فعروة رضي الله عنه لم يستح ، فسألها سؤالا ليعلم ما حدثت به ومن وقع لها ؟ ولذلك قال ( ما هي إلا أنت ) .

حديث رقم – 503-

( ضعيف ) حدثنا أبو بكر بن أبي شيبة حدثنا محمد بن فضيل عن حجاج عن عمرو بن شعيب عن زينب السهمية عن عائشة أن رسول الله صلى الله عليه وسلم كان يتوضأ ثم يقبل ويصلي ولا يتوضأ وربما فعله بي )

لو صح هذا الحديث لكان فيه تأكيد أن هذا الفعل واقعا عليها رضي الله عنها ، لكن الحديث ضعيف .