تعليقات على سنن ابن ماجه ( 5 ) من حديث ( 133- 156 )

تعليقات على سنن ابن ماجه ( 5 ) من حديث ( 133- 156 )

مشاهدات: 533

شرح  سنن ( ابن ماجه )

الدرس  الخامس

من الحديث 133- 156

ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

فضيلة الشيخ زيد بن مسفر البحري

ـــــــــــــــــــــــــــــــــــ

بسم الله الرحمن الرحيم

الحمد لله رب العالمين والصلاة والسلام على نبينا محمد وعلى آله وأصحابه وسلم تسليما كثيرا إلى يوم الدين .

أما بعد :

فقد قال المصنف رحمه الله :

 

فَضَائِلُ الْعَشَرَةِ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمْ

 

حديث رقم -133-

 

( صحيح )

 

(حَدَّثَنَا هِشَامُ بْنُ عَمَّارٍ قَالَ: حَدَّثَنَا عِيسَى بْنُ يُونُسَ قَالَ: حَدَّثَنَا صَدَقَةُ بْنُ الْمُثَنَّى أَبُو الْمُثَنَّى النَّخَعِيُّ، عَنْ جَدِّهِ رِيَاحِ بْنِ الْحَارِثِ، سَمِعَ سَعِيدَ بْنَ زَيْدِ بْنِ عَمْرِو بْنِ نُفَيْلٍ، يَقُولُ: كَانَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ عَاشِرَ عَشَرَةٍ، فَقَالَ: «أَبُو بَكْرٍ فِي الْجَنَّةِ، وَعُمَرُ فِي الْجَنَّةِ، وَعُثْمَانُ فِي الْجَنَّةِ، وَعَلِيٌّ فِي الْجَنَّةِ، وَطَلْحَةُ فِي الْجَنَّةِ، وَالزُّبَيْرُ فِي الْجَنَّةِ، وَسَعْدٌ فِي الْجَنَّةِ، وَعَبْدُ الرَّحْمَنِ فِي الْجَنَّةِ» فَقِيلَ لَهُ: مَنِ التَّاسِعُ؟ قَالَ: «أَنَا» )

 

من الفوائد :

هؤلاء المذكورون في هذا الحديث هم تسعة ، وإنما عُبِّر عنهم بالعشرة من باب التغليب ، لأن من طرق التغليب في اللغة العربية ” أن يغلب الأكثر على الأقل “

 

ومن الفوائد :

أن سعيدا رضي الله عنه لم يذكر اسمه في بادئ الأمر ، من باب التواضع ، ولكنه لما سئل واحتيج إلى الجواب أجاب رضي الله عنه .

 

ومن الفوائد :

أن ذكر هؤلاء لا يعني أن ما سواهم ليس من أهل الجنة ، فإنه هناك صحابة أجلّاء قد ثبت النص أنهم من أهل الجنة ، وهم ليسوا محصورين في هذا العدد بل هم كثر ، ولكن ذكر هؤلاء وتسميتهم بالعشرة من باب أنهم امتازوا على غيرهم بمزايا تفوق أولئك .

 

ومن الفوائد :

الرد على الروافض الذين لا يحبون لفظ العشرة لأن معتقد هؤلاء معتقد فاسد وهو القدح في أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم ، ولذا لا يحبون أن يتلفظوا بلفظ العشرة ولا أن يذكروه .

 

حديث رقم – 134-

 

( صحيح )

 

(حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ بَشَّارٍ قَالَ: حَدَّثَنَا ابْنُ أَبِي عَدِيٍّ، عَنْ شُعْبَةَ، عَنْ حُصَيْنٍ، عَنْ هِلَالِ بْنِ يَسَافٍ، عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ ظَالِمٍ، عَنْ سَعِيدِ بْنِ زَيْدٍ، قَالَ: أَشْهَدُ عَلَى رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَنِّي سَمِعْتُهُ يَقُولُ: «اثْبُتْ حِرَاءُ، فَمَا عَلَيْكَ إِلَّا نَبِيٌّ، أَوْ صِدِّيقٌ، أَوْ شَهِيدٌ» وَعَدَّهُمْ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: «أَبُو بَكْرٍ، وَعُمَرُ، وَعُثْمَانُ، وَعَلِيٌّ، وَطَلْحَةُ، وَالزُّبَيْرُ، وَسَعْدٌ، وَابْنُ عَوْفٍ، وَسَعِيدُ بْنُ زَيْدٍ»  )

 

من الفوائد :

أن هؤلاء المذكورين قد مدحوا من قِبل رسول الله صلى الله عليه وسلم علانية ، ومعلوم أن الأحاديث الأخرى نهت أن يمدح الشخص في وجهه ولذا لما مدح بعض الصحابة البعض ، قال النبي صلى الله عليه وسلم :  ( ويحك قطعت عنق صاحبك ) فيكون المدح مقبولا فيما إذا علم أن هذا الممدوح لن يتأثر غرورا بهذا المدح بل يزيده هذا المدح تواضعا وإقبالا على الله سبحانه وتعالى ، وهكذا كان هؤلاء المذكورون في هذا الحديث .

 

ومن الفوائد :

أن حرف النداء في الغالب يحذف ( اثبت حراء ) يعني ( اثبت يا حراء )

ومن الفوائد :

أن سعد بن أبي وقاص رضي الله عنه ما مات في المعركة وإنما مات من مرض فكيف يطلق عليه شهيد ؟

يطلق عليه شهيد باعتبار أنه رضي الله عنه رغب في الشهادة وحرص عليها ، لكنه لم ينلها ، ومعلوم جهد سعد رضي الله عنه في معركة القادسية وما يشابهها من معارك .

ويمكن أن يقال بأنه ليس من الشهداء ولكنه من الصديقين ، فكونه عليه الصلاة والسلام يقول ( فإنما عليك صديق ) يدخل ضمن هذه الكلمة ، لأن الله سبحانه وتعالى قال : {وَمَن يُطِعِ اللّهَ وَالرَّسُولَ فَأُوْلَـئِكَ مَعَ الَّذِينَ أَنْعَمَ اللّهُ عَلَيْهِم مِّنَ النَّبِيِّينَ وَالصِّدِّيقِينَ وَالشُّهَدَاء وَالصَّالِحِينَ وَحَسُنَ أُولَـئِكَ رَفِيقاً } النساء69 ، لكن لا ينال مثل منزلة أبي بكر رضي الله عنه في الصديقية .

 

فَضْلُ أَبِي عُبَيْدَةَ بْنِ الْجَرَّاحِ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ

 

حديث رقم – 135-

 

( صحيح )

 

(حَدَّثَنَا عَلِيُّ بْنُ مُحَمَّدٍ قَالَ: حَدَّثَنَا وَكِيعٌ، عَنْ سُفْيَانَ، ح وَحَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ بَشَّارٍ قَالَ: حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ جَعْفَرٍ قَالَ: حَدَّثَنَا شُعْبَةُ، جَمِيعًا عَنْ أَبِي إِسْحَاقَ، عَنْ صِلَةَ بْنِ زُفَرَ، عَنْ حُذَيْفَةَ، أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ لِأَهْلِ نَجْرَانَ: «سَأَبْعَثُ مَعَكُمْ رَجُلًا أَمِينًا حَقَّ أَمِينٍ» ، قَالَ: فَتَشَرَّفَ لَهُ النَّاسُ، فَبَعَثَ أَبَا عُبَيْدَةَ بْنَ الْجَرَّاحِ)

 

من الفوائد :

فضل أبي عبيدة رضي الله عنه وأنه قد بلغ مرتبة عليا في الأمانة ، ولا يعني أن من عداه من الصحابة رضي الله عنهم ليسوا بأمناء – كلا – ولكنه بلغ مرتبة عالية في هذا ، وكان يصف عليه الصلاة والسلام كما أسلفت يصف بعض أصحابه بهذه الصفة في غيره لكنه امتاز عن غيره بها .

 

حديث رقم – 136-

 

( صحيح )

 

(حَدَّثَنَا عَلِيُّ بْنُ مُحَمَّدٍ قَالَ: حَدَّثَنَا يَحْيَى بْنُ آدَمَ قَالَ: حَدَّثَنَا إِسْرَائِيلُ، عَنْ أَبِي إِسْحَاقَ، عَنْ صِلَةَ بْنِ زُفَرَ، عَنْ عَبْدِ اللَّهِ، أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ لِأَبِي عُبَيْدَةَ بْنِ الْجَرَّاحِ: «هَذَا أَمِينُ هَذِهِ الْأُمَّةِ» )

 

من الفوائد :

كما قلنا يجوز أن يمدح الإنسان في وجهه إذا عُلم أن المدح لا يؤثر فيه تأثيرا سلبيا .

 

فَضْلُ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ مَسْعُودٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ

 

حديث رقم – 137-

 

( ضعيف )

 

(حَدَّثَنَا عَلِيُّ بْنُ مُحَمَّدٍ قَالَ: حَدَّثَنَا وَكِيعٌ قَالَ: حَدَّثَنَا سُفْيَانُ، عَنْ أَبِي إِسْحَاقَ، عَنِ الْحَارِثِ، عَنْ عَلِيٍّ، قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: «لَوْ كُنْتُ مُسْتَخْلِفًا أَحَدًا عَنْ غَيْرِ مَشُورَةٍ، لَاسْتَخْلَفْتُ ابْنَ أُمِّ عَبْدٍ»)

 

من الفوائد :

هذا الحديث ضعيف من حيث السند ، وأيضا يخالف ما جاء عنه عليه الصلاة والسلام من قوله : ( إن هذا الأمر في قريش ) فالذين لهم زمام الأمور والسلطة هم قريش .

ولو صح هذا الحديث فيحمل على أن ابن مسعود رضي الله عنه له من المكانة ما يجعل غيره يستشيره في أمر الولاية ، لا أن يكون وليا .

 

حديث رقم – 138-

 

( صحيح )

 

(حَدَّثَنَا الْحَسَنُ بْنُ عَلِيٍّ الْخَلَّالُ قَالَ: حَدَّثَنَا يَحْيَى بْنُ آدَمَ قَالَ: حَدَّثَنَا أَبُو بَكْرِ بْنُ عَيَّاشٍ، عَنْ عَاصِمٍ، عَنْ زِرٍّ، عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ مَسْعُودٍ، أَنَّ أَبَا بَكْرٍ، وَعُمَرَ، بَشَّرَاهُ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ: «مَنْ أَحَبَّ أَنْ يَقْرَأَ الْقُرْآنَ غَضًّا كَمَا أُنْزِلَ، فَلْيَقْرَأْهُ عَلَى قِرَاءَةِ ابْنِ أُمِّ عَبْدٍ»)

 

من الفوائد :

 

الحرص على تبشير المؤمن بما يدخل السرور على قلبه كما فعل أبو بكر وعمر رضي الله عنهما .

 

ومن الفوائد :

أن هذه البشرى وصلت من الشيخين إلى ابن مسعود مع أنه مدح وثناء لأنهما يعلمان أنه سيزيده هذا الخبر خيرا .

 

ومن الفوائد :

أن ابن مسعود رضي الله عنه كان ملاصقا لرسول الله صلى الله عليه وسلم إلى درجة أنه أخذ من رسول الله صلى الله عليه وسلم سبعين سورة بخلاف غيره من الصحابة فإنه تلقاها عن بعضهم ، ولذا قال : ( غضا ) يعني طريا .

 

ومن الفوائد :

أن علو السند مطلب عالي عند المحدثين ، لأن ابن مسعود رضي الله عنه لم يفصل بينه وبين رسول الله صلى الله عليه وسلم في التلقي أحد ، فعلو السند له أثر كبير ، لأن علو السند يجعل الحديث أبعد عن الضعف ، لأنه كلما نزل الإسناد بكثرة الرجال فلربما يعتريه ضعف أو انقطاع أو ما شابه ذلك من العلل .

 

حديث رقم – 139 –

 

( صحيح )

 

(حَدَّثَنَا عَلِيُّ بْنُ مُحَمَّدٍ قَالَ: حَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ إِدْرِيسَ، عَنِ الْحَسَنِ بْنِ عُبَيْدِ اللَّهِ، عَنْ إِبْرَاهِيمَ بْنِ سُوَيْدٍ، عَنْ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ يَزِيدَ، عَنْ عَبْدِ اللَّهِ، قَالَ: قَالَ لِي رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: «إِذْنُكَ عَلَيَّ أَنْ تَرْفَعَ الْحِجَابَ، وَأَنْ تَسْمَعَ سِوَادِي، حَتَّى أَنْهَاكَ» )

 

من الفوائد :

فضل عبد الله بن مسعود رضي الله عنه إذ إنه بلغ من النبي صلى الله عليه وسلم مرتبة جعله يدخل عليه من غير أن يستأذن الإذن المعلوم ، بل بمجرد ما يسمع كلام النبي صلى الله عليه وسلم ويسمع تلاوته يدخل ، لكن العلماء شرطوا شرطا وهو إذا علم من قِبل ابن مسعود رضي الله عنه أن ليس هناك حُرمة ، يعني محارم أثناء الدخول ، ولذلك لأن ابن مسعود رضي الله عنه كان يخدم رسول الله صلى الله عليه وسلم ، وهذا لا شك أنه فضل وشرف .

 

فَضْلُ الْعَبَّاسِ بْنِ عَبْدِ الْمُطَّلِبِ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ

 

حديث رقم – 140-

 

( ضعيف )

 

(حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ طَرِيفٍ قَالَ: حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ فُضَيْلٍ قَالَ: حَدَّثَنَا الْأَعْمَشُ، عَنْ أَبِي سَبْرَةَ النَّخَعِيِّ، عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ كَعْبٍ الْقُرَظِيِّ، عَنِ الْعَبَّاسِ بْنِ عَبْدِ الْمُطَّلِبِ، قَالَ: كُنَّا نَلْقَى النَّفَرَ مِنْ قُرَيْشٍ وَهُمْ يَتَحَدَّثُونَ فَيَقْطَعُونَ حَدِيثَهُمْ، فَذَكَرْنَا ذَلِكَ لِرَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَقَالَ: «مَا بَالُ أَقْوَامٍ يَتَحَدَّثُونَ، فَإِذَا رَأَوُا الرَّجُلَ مِنْ أَهْلِ بَيْتِي قَطَعُوا حَدِيثَهُمْ، وَاللَّهِ لَا يَدْخُلُ قَلْبَ رَجُلٍ الْإِيمَانُ حَتَّى يُحِبَّهُمْ لِلَّهِ وَلِقَرَابَتِهِمْ مِنِّي»)

من الفوائد :

هذا الحديث لو صح لكان فيه بيان فضل آل البيت ، وأن الإيمان لا يمكن أن يدخل إلى قلب رجل إلا بمحبة هؤلاء ، لقربهم من رسول الله صلى الله عليه وسلم ، وكتمان هؤلاء لو كان كتمان سر لما غضب عليه الصلاة والسلام ولكنه كتمان عن عمد حتى يغيظوا العباس رضي الله عنه ، وإلا لو كتم الإنسان سره فلا جناح عليه في هذا الأمر .

 

حديث رقم – 141-

 

( موضوع )

 

(حَدَّثَنَا عَبْدُ الْوَهَّابِ بْنُ الضَّحَّاكِ قَالَ: حَدَّثَنَا إِسْمَاعِيلُ بْنُ عَيَّاشٍ، عَنْ صَفْوَانَ بْنِ عَمْرٍو، عَنْ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ جُبَيْرِ بْنِ نُفَيْرٍ، عَنْ كَثِيرِ بْنِ مُرَّةَ الْحَضْرَمِيِّ، عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عَمْرٍو، قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: «إِنَّ اللَّهَ اتَّخَذَنِي خَلِيلًا كَمَا اتَّخَذَ إِبْرَاهِيمَ خَلِيلًا، فَمَنْزِلِي وَمَنْزِلُ إِبْرَاهِيمَ فِي الْجَنَّةِ يَوْمَ الْقِيَامَةِ تُجَاهَيْنِ، وَالْعَبَّاسُ بَيْنَنَا مُؤْمِنٌ بَيْنَ خَلِيلَيْنِ» )

 

من الفوائد :

 

هذا الحديث كما حكم عليه الألباني رحمه الله بأنه موضوع .

والموضوع أحط منزلة من الضعيف ، لأنه لا أصل له ، ولتعلموا أن بعض العلماء قد يحكم على الحديث بأنه موضوع ويحكم عليه البعض الآخر بأنه ضعيف جدا ، فإن هناك من يبالغ في الحكم على الحديث بالوضع كابن الجوزي رحمه الله فإنه جازف في بعض الأحاديث ورد عليه المحققون من أهل الحديث فإنه كان يحكم بالوضع على بعض الأحاديث التي لا تصل إلى مرتبة الوضع .

 

فَضْلُ الْحَسَنِ وَالْحُسَيْنِ ابْنَيْ عَلِيِّ بْنِ أَبِي طَالِبٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمْ

 

 

حديث رقم – 142-

 

( صحيح )

 

(حَدَّثَنَا أَحْمَدُ بْنُ عَبْدَةَ قَالَ: حَدَّثَنَا سُفْيَانُ بْنُ عُيَيْنَةَ، عَنْ عُبَيْدِ اللَّهِ بْنِ أَبِي يَزِيدَ، عَنْ نَافِعِ بْنِ جُبَيْرٍ، عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ، أنّ النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ لِلْحَسَنِ: «اللَّهُمَّ إِنِّي أُحِبُّهُ فَأَحِبَّهُ، وَأَحِبَّ مَنْ يُحِبُّهُ» ، قَالَ: وَضَمَّهُ إِلَى صَدْرِهِ )

من الفوائد :

فضل الحسن وأن النبي صلى الله عليه وسلم كان يداعب الصغار وكان يضمهم إلى صدره عليه الصلاة والسلام ، فما يصنعه البعض مع أولاده أو مع أبناء إخوانه أو أخواته من ضمهم هذا له سلف وهدي من رسول الله صلى الله عليه وسلم

 

حديث رقم – 143-

( حسن )

 

(حَدَّثَنَا عَلِيُّ بْنُ مُحَمَّدٍ قَالَ: حَدَّثَنَا وَكِيعٌ، عَنْ سُفْيَانَ، عَنْ دَاوُدَ بْنِ أَبِي عَوْفٍ أَبِي الْجَحَّافِ، وَكَانَ مَرْضِيًّا، عَنْ أَبِي حَازِمٍ، عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ، قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: «مَنْ أَحَبَّ الْحَسَنَ وَالْحُسَيْنَ فَقَدْ أَحَبَّنِي، وَمَنْ أَبْغَضَهُمَا فَقَدْ أَبْغَضَنِي»)

من الفوائد :

أنه يجب أن يُحب الحسنان ” الحسن والحسين ” لأن محبتهما محبة لرسول الله صلى الله عليه وسلم وبغضهما بغض لرسول الله صلى الله عليه وسلم ، وذلك باعتبار أنهما جزء منه عليه الصلاة والسلام فإن الابن وحتى ابن الابن جزء ، ولذا أنكر سبحانه وتعالى على من جعل له ولدا في قوله تعالى في سورة الزخرف {وَجَعَلُوا لَهُ مِنْ عِبَادِهِ جُزْءاً إِنَّ الْإِنسَانَ لَكَفُورٌ مُّبِينٌ }الزخرف15 .

 

ومن الفوائد :

أن البغض المذكور هنا هو البغض الناشئ ديانة ، أما إذا كان بغضا من أجل أمر دنيوي قد يجري بينهما فإنه لا يدخل في هذا الحديث .

 

ومن الفوائد :

أن في هذا الحديث وفيما سبقه من أحاديث الرد على النواصب الذين ناصبوا العداء لآل بيت رسول الله صلى الله عليه وسلم ، والمعتقد السليم معتقد أهل السنة والجماعة في آل البيت أنهم يحبونهم لإيمانهم وقربهم من رسول الله صلى الله عليه وسلم ، ولكنه حب بما يليق بهم فلا يرفعون إلى منزلة أعلى من منزلتهم ، فيكون في هذا رد على النواصب الذين ناصبوا العداء لآل البيت ، وفيه رد على الروافض الذين رفعوهم فوق منزلتهم .

 

حديث رقم – 144-

 

( حسن )

 

(حَدَّثَنَا يَعْقُوبُ بْنُ حُمَيْدِ بْنِ كَاسِبٍ قَالَ: حَدَّثَنَا يَحْيَى بْنُ سُلَيْمٍ، عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عُثْمَانَ بْنِ خُثَيْمٍ، عَنْ سَعِيدِ بْنِ أَبِي رَاشِدٍ، أَنَّ يَعْلَى بْنَ مُرَّةَ، حَدَّثَهُمْ أَنَّهُمْ خَرَجُوا مَعَ النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ إِلَى طَعَامٍ دُعُوا لَهُ، فَإِذَا حُسَيْنٌ يَلْعَبُ فِي السِّكَّةِ، قَالَ: فَتَقَدَّمَ النَّبِيُّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَمَامَ الْقَوْمِ، وَبَسَطَ يَدَيْهِ، فَجَعَلَ الْغُلَامُ يَفِرُّ هَاهُنَا وَهَاهُنَا، وَيُضَاحِكُهُ النَّبِيُّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ حَتَّى أَخَذَهُ، فَجَعَلَ إِحْدَى يَدَيْهِ تَحْتَ ذَقْنِهِ، وَالْأُخْرَى فِي فَأْسِ رَأْسِهِ فَقَبَّلَهُ وَقَالَ: «حُسَيْنٌ مِنِّي، وَأَنَا مِنْ حُسَيْنٍ، أَحَبَّ اللَّهُ مَنْ أَحَبَّ حُسَيْنًا، حُسَيْنٌ سِبْطٌ مِنَ الْأَسْبَاطِ»)

من الفوائد :

فضل الحسين رضي الله عنه ، وأن رسول الله صلى الله عليه وسلم كان حريصا على أن يداعب الأطفال وأن يقبلهم ، ولذا لما كان في إحدى السكك ، وبعض الناس يسمي الطريق سكة ، وهذا له أصل في اللغة ، فتقدم هؤلاء النفر لكي يأخذ الحسين ، لكنه جعل يفر هاهنا وهاهنا كعادة الصبيان إذا أردتهم يذهبون يمنة ويسرة ، فأخذه عليه الصلاة والسلام ووضع إحدى يديه الشريفتين تحت ذقنه والأخرى على فأس رأسه في المؤخرة وقبَّله .

 

ومن الفوائد :

أن الرسول صلى الله عليه وسلم بين أنه سبط ، إما أن يكون هو سبط رسول الله صلى الله عليه وسلم كما هو معلوم ، لأن ابن البنت يسمى سبطا ، فيكون النبي صلى الله عليه وسلم هو السبط له ، وإما أن يكون الحسين هو سبط ، بمعنى أن فيه بشارة أن الحسين يطول عمره وتكثر ذريته وذرية ذريته إلى أن يكون سبطا ، محتمل هذا ومحتمل هذا .

 

حديث رقم – 145-

( ضعيف )

 

(حَدَّثَنَا الْحَسَنُ بْنُ عَلِيٍّ الْخَلَّالُ، وَعَلِيُّ بْنُ الْمُنْذِرِ، قَالَا: حَدَّثَنَا أَبُو غَسَّانَ قَالَ: حَدَّثَنَا أَسْبَاطُ بْنُ نَصْرٍ، عَنِ السُّدِّيِّ، عَنْ صُبَيْحٍ مَوْلَى أُمِّ سَلَمَةَ، عَنْ زَيْدِ بْنِ أَرْقَمَ، قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ لَعَلِيٍّ، وَفَاطِمَةَ، وَالْحَسَنِ، وَالْحُسَيْنِ،: «أَنَا سِلْمٌ لِمَنْ سَالَمْتُمْ، وَحَرْبٌ لِمَنْ حَارَبْتُمْ» )

 

فَضْلُ عَمَّارِ بْنِ يَاسِرٍ

حديث رقم -146-

( صحيح )

 

(حَدَّثَنَا عُثْمَانُ بْنُ أَبِي شَيْبَةَ، وَعَلِيُّ بْنُ مُحَمَّدٍ، قَالَا: حَدَّثَنَا وَكِيعٌ قَالَ: حَدَّثَنَا سُفْيَانُ، عَنْ أَبِي إِسْحَاقَ، عَنْ هَانِئِ بْنِ هَانِئٍ، عَنْ عَلِيِّ بْنِ أَبِي طَالِبٍ، قَالَ: كُنْتُ جَالِسًا عِنْدَ النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: فَاسْتَأْذَنَ عَمَّارُ بْنُ يَاسِرٍ، فَقَالَ النَّبِيُّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: «ائْذَنُوا لَهُ، مَرْحَبًا بِالطَّيِّبِ الْمُطَيَّبِ» )

من الفوائد :

فضل عمار رضي الله عنه وأن النبي صلى الله عليه وسلم مدحه بالطيب باعتبار ما جُبل عليه من الأخلاق الكريمة ، والمطيب بما جاء من الشرع من فضائل فطبقها رضي الله عنه ، فهو طيب في أصله من حيث الجبلة ، ثم لما جاء الشرع زاده طيبا .

 

ومن الفوائد :

أن المسلم يمكن أن يستقبل أخاه بصيغة الترحيب ( مرحبا )

 

ومن الفوائد :

أن معنى ( مرحبا ) يعني رحب بك المكان واتسع { وَعَلَى الثَّلاَثَةِ الَّذِينَ خُلِّفُواْ حَتَّى إِذَا ضَاقَتْ عَلَيْهِمُ الأَرْضُ بِمَا رَحُبَتْ }التوبة118، هي واسعة لكن ضاقت عليهم من الهم والقلق .

 

حديث رقم – 147-

 

( صحيح )

 

(حَدَّثَنَا نَصْرُ بْنُ عَلِيٍّ الْجَهْضَمِيُّ قَالَ: حَدَّثَنَا عَثَّامُ بْنُ عَلِيٍّ، عَنِ الْأَعْمَشِ، عَنْ أَبِي إِسْحَاقَ، عَنْ هَانِئِ بْنِ هَانِئٍ، قَالَ: دَخَلَ عَمَّارٌ عَلَى عَلِيٍّ، فَقَالَ: مَرْحَبًا بِالطَّيِّبِ الْمُطَيَّبِ، سَمِعْتُ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَقُولُ: «مُلِئَ عَمَّارٌ إِيمَانًا إِلَى مُشَاشِهِ» )

 

من الفوائد :

فضل عمار رضي الله عنه وأن الإيمان قد بلغ في بدنه إلى أن وصل هذا الإيمان إلى أصول العظام ، مثل المرفقين فإنها أصل العظام .

 

ومن الفوائد :

أن الإيمان يزيد وينقص ، لأن الامتلاء لا يكون إلا عن نقص سابق .

 

ومن الفوائد :

أن الإيمان ليس من حول الإنسان ولا من قوته ، ولم يقل ” ملأ نفسه ” وإنما قال ( ملئ ) يعني من قِبل الله عز وجل {يَمُنُّونَ عَلَيْكَ أَنْ أَسْلَمُوا قُل لَّا تَمُنُّوا عَلَيَّ إِسْلَامَكُم بَلِ اللَّهُ يَمُنُّ عَلَيْكُمْ أَنْ هَدَاكُمْ لِلْإِيمَانِ إِن كُنتُمْ صَادِقِينَ }الحجرات17 ، فما يجده الإنسان من خير وطاعة فإنما هو فضل من الله سبحانه وتعالى وليس بحوله ولا بقوته ، وكم من شخص يحب أن يطيع الله سبحانه وتعالى ولكن تحول دونه الحوائل .

 

حديث رقم – 148-

 

( صحيح )

 

(حَدَّثَنَا أَبُو بَكْرِ بْنُ أَبِي شَيْبَةَ قَالَ: حَدَّثَنَا عُبَيْدُ اللَّهِ بْنُ مُوسَى، ح وَحَدَّثَنَا عَلِيُّ بْنُ مُحَمَّدٍ، وَعَمْرُو بْنُ عَبْدِ اللَّهِ، قَالَا جَمِيعًا: حَدَّثَنَا وَكِيعٌ، عَنْ عَبْدِ الْعَزِيزِ بْنِ سِيَاهٍ، عَنْ حَبيبِ بْنِ أَبِي ثَابِتٍ، عَنْ عَطَاءِ بْنِ يَسَارٍ، عَنْ عَائِشَةَ، قَالَتْ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: «عَمَّارٌ مَا عُرِضَ عَلَيْهِ أَمْرَانِ إِلَّا اخْتَارَ الْأَرْشَدَ مِنْهُمَا»)

من الفوائد :

أن عمارا لطيبه من حيث الخِلقة وازداد طيبا لما جاء الشرع ، أصبح في منزلة إذا عرض عليه أمران اختار الأرشد منهما .

ومن الفوائد :

أن عليا رضي الله عنه هو أولى الطائفتين بالحق ، لأن عمارا قاتل مع علي ، ولذلك قال عليه الصلاة والسلام ( عمار تقتله الفئة الباغية ) فكلتا الطائفتين على حق لكن معتقد أهل السنة والجماعة أن أولى الطائفتين بالحق هي طائفة علي رضي الله عنه .

 

فَضْلُ سَلْمَانَ، وَأَبِي ذَرٍّ، وَالْمِقْدَادِ

 

حديث رقم – 149-

 

( ضعيف )

 

(حَدَّثَنَا إِسْمَاعِيلُ بْنُ مُوسَى، وَسُوَيْدُ بْنُ سَعِيدٍ، قَالَا: حَدَّثَنَا شَرِيكٌ، عَنْ أَبِي رَبِيعَةَ الْإِيَادِيِّ، عَنِ ابْنِ بُرَيْدَةَ، عَنْ أَبِيهِ، قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: «إِنَّ اللَّهَ أَمَرَنِي بِحُبِّ أَرْبَعَةٍ، وَأَخْبَرَنِي أَنَّهُ يُحِبُّهُمْ» ، قِيلَ: يَا رَسُولَ اللَّهِ، مَنْ هُمْ؟ قَالَ: «عَلِيٌّ، مِنْهُمْ» يَقُولُ ذَلِكَ ثَلَاثًا: «وَأَبُو ذَرٍّ، وَسَلْمَانُ، وَالْمِقْدَادُ» )

 

حديث رقم – 150-

 

( حسن )

 

(حَدَّثَنَا أَحْمَدُ بْنُ سَعِيدٍ الدَّارِمِيُّ قَالَ: حَدَّثَنَا يَحْيَى بْنُ أَبِي بُكَيْرٍ قَالَ: حَدَّثَنَا زَائِدَةُ بْنُ قُدَامَةَ، عَنْ عَاصِمِ بْنِ أَبِي النَّجُودِ، عَنْ زِرِّ بْنِ حُبَيْشٍ، عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ مَسْعُودٍ، قَالَ: ” كَانَ أَوَّلَ مَنْ أَظْهَرَ إِسْلَامَهُ سَبْعَةٌ: رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، وَأَبُو بَكْرٍ، وَعَمَّارٌ، وَأُمُّهُ سُمَيَّةُ، وَصُهَيْبٌ، وَبِلَالٌ، وَالْمِقْدَادُ، فَأَمَّا رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَمَنَعَهُ اللَّهُ بِعَمِّهِ أَبِي طَالِبٍ، وَأَمَّا أَبُو بَكْرٍ فَمَنَعَهُ اللَّهُ بِقَوْمِهِ، وَأَمَّا سَائِرُهُمْ فَأَخَذَهُمُ الْمُشْرِكُونَ، وَأَلْبَسُوهُمْ أَدْرَاعَ الْحَدِيدِ، وَصَهَرُوهُمْ فِي الشَّمْسِ، فَمَا مِنْهُمْ مِنْ أَحَدٍ إِلَّا وَقَدْ وَاتَاهُمْ عَلَى مَا أَرَادُوا، إِلَّا بِلَالًا، فَإِنَّهُ هَانَتْ عَلَيْهِ نَفْسُهُ فِي اللَّهِ، وَهَانَ عَلَى قَوْمِهِ، فَأَخَذُوهُ فَأَعْطَوْهُ الْوِلْدَانَ، فَجَعَلُوا يَطُوفُونَ بِهِ فِي شِعَابِ مَكَّةَ، وَهُوَ يَقُولُ: أَحَدٌ أَحَدٌ ” )

 

من الفوائد :

فضل هؤلاء المذكورين في هذا الحديث وأنهم أعلنوا إسلامهم

 

ومن الفوائد :

أن ما بعد لوط من الأنبياء ما بعث إلا في منعة من قومه ، {قَالَ لَوْ أَنَّ لِي بِكُمْ قُوَّةً أَوْ آوِي إِلَى رُكْنٍ شَدِيدٍ }هود80 ، لأنه ما كان عنده قبيلة تحميه ، ولذلك يسر الله سبحانه وتعالى للنبي صلى الله عليه وسلم عمه للمنافحة عنه .

 

ومن الفوائد :

أن الإكراه يرفع الإثم والحرج عن المُكرَه إذا كان قلبه مطمئنا بالإيمان قال تعالى : {مَن كَفَرَ بِاللّهِ مِن بَعْدِ إيمَانِهِ إِلاَّ مَنْ أُكْرِهَ وَقَلْبُهُ مُطْمَئِنٌّ بِالإِيمَانِ وَلَـكِن مَّن شَرَحَ بِالْكُفْرِ صَدْراً فَعَلَيْهِمْ غَضَبٌ مِّنَ اللّهِ وَلَهُمْ عَذَابٌ عَظِيمٌ }النحل106 ، فإن هؤلاء واتوا المشركين يعني وافقوهم على ما يريدون من إظهار الكفر مع أن قلوبهم مطمئنة بالإيمان إلا بلالا رضي الله عنه فإنه لم يوافقهم ، ومعلوم قصته رضي الله عنه ، لكن لما كان العذاب الذي أنزل بهؤلاء كان شديدا وكبلوهم بالحديد وصهروهم في الشمس ، وافقوهم على ما يريدون ، لكن قلوبهم كانت مطمئنة بالإيمان ، لكن بلالا هانت عليه نفسه في الله سبحانه وتعالى ، ومن ثم اختلف العلماء هل الأفضل أن يوافقهم إذا أكرهوه على الكفر أو لا يوافقهم  حتى لو ترتب على ذلك أن يقتل ؟

بعض العلماء قال : لا يوافقهم ، واستدل بقوله تعالى : { وَلاَ تَقْتُلُواْ أَنفُسَكُمْ إِنَّ اللّهَ كَانَ بِكُمْ رَحِيماً }النساء29 .

لكن رد على القول : بأن الله سبحانه وتعالى ذكر بعد ذلك فقال : {وَمَن يَفْعَلْ ذَلِكَ عُدْوَاناً وَظُلْماً فَسَوْفَ نُصْلِيهِ نَاراً وَكَانَ ذَلِكَ عَلَى اللّهِ يَسِيراً }النساء30

وهذا لم يفعله ظلما ولا عدوانا .

وفعل هؤلاء ببلال وإقرار النبي صلى الله عليه وسلم على ذلك يدل على أن الأمر ليس على سبيل الوجوب .

 

وقال بعض العلماء : يوافقهم لم ؟ لأن عمر المؤمن لا يزيده إلا خيرا ، اللهم إلا في حالة واحدة فيما لو كان إماما ويخشى لو وافقهم أن يتبعه أناس آخرون ويتأثرون ، فهنا يجب عليه أن يصبر ولو قتل ، ولذل تحمل قصة ذلك الغلام الذي تعلم السحر ، لما قال للملك ” اجمع الناس في صعيد ثم ارم بالسهم وقل باسم الله رب هذا الغلام ” من أجل أن يظهر لهم الدين الصحيح ، وكذلك في قصة الإمام أحمد رحمه الله فإنه لما وافق العلماء على ما ذهب إليه الخليفة من الأمر باعتقاد أن القرآن مخلوق بقي رحمه الله وحيدا، فصبر على التعذيب لأنه يعلم أنه لو تابع هؤلاء العلماء على ما ذهبوا إليه ولهم في ذلك سعة ، لربما انطلت هذه البدعة إلى العصور الآتية من بعد الإمام أحمد رحمه الله .

 

فضل بلال رضي الله عنه

حديث رقم – 151-

( صحيح )

(  حَدَّثَنَا عَلِيُّ بْنُ مُحَمَّدٍ قَالَ: حَدَّثَنَا وَكِيعٌ، عَنْ حَمَّادِ بْنِ سَلَمَةَ، عَنْ ثَابِتٍ، عَنْ أَنَسِ بْنِ مَالِكٍ، قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: «لَقَدْ أُوذِيتُ فِي اللَّهِ وَمَا يُؤْذَى أَحَدٌ، وَلَقَدْ أُخِفْتُ فِي اللَّهِ وَمَا يُخَافُ أَحَدٌ، وَلَقَدْ أَتَتْ عَلَيَّ ثَالِثَةٌ وَمَا لِي وَلِبِلَالٍ طَعَامٌ يَأْكُلُهُ ذُو كَبِدٍ، إِلَّا مَا وَارَى إِبْطُ بِلَالٍ» )

من الفوائد :

بيان ما كان يعانيه النبي صلى الله عليه وسلم من الاضطهاد من قِبل كفار قريش ، وأنه لا يمكن لأحد أن يساويه عليه الصلاة والسلام فيما أوذي فيه وفيما أخيف به .

ومن الفوائد :

فضل بلال رضي الله عنه إذ عاشر النبي صلى الله عليه وسلم في هذا الأمر في الأذية وفي الخوف فصبر .

ومن الفوائد :

أن النبي صلى الله عليه وسلم ذكر ( ثلاث ليال ) مع أنه عند الترمذي ذكر ( ثلاثين ليلة ) فيمكن أن يجمع بين الروايتين بأن أشد ما حصل على النبي صلى الله عليه وسلم من الأذية والإخافة من بين الثلاثين هذه الثلاث ليال .

 

حديث رقم – 152-

 

( ضعيف )

 

(حَدَّثَنَا عَلِيُّ بْنُ مُحَمَّدٍ قَالَ: حَدَّثَنَا أَبُو أُسَامَةَ، عَنْ عُمَرَ بْنِ حَمْزَةَ، عَنْ سَالِمٍ، أَنَّ شَاعِرًا مَدَحَ بِلَالَ بْنَ عَبْدِ اللَّهِ، فَقَالَ: بِلَالُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ خَيْرُ بِلَالٍ، فَقَالَ ابْنُ عُمَرَ: «كَذَبْتَ، لَا، بَلْ بِلَالُ رَسُولِ اللَّهِ خَيْرُ بِلَالٍ» )

من الفوائد :

هذا الحديث لو صح يكون المقصود من ذلك بلال بن عبد الله بن عمر رضي الله عنه الذي قال له أبوه إن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال : ( لا تمنعوا إماء الله مساجد الله ) قال والله لنمنعهن ” فلما مدح على أنه خير بلال ، عارض أبوه ، مما يدل على أنه يقرب بحسب قربه من الدين لا بقربة من جهة النسب ، فقال : ( بلال رسول الله صلى الله عليه وسلم ) هو أفضل من أي بلال .

 

فضائل خبَّاب رضي الله عنه

 

حديث رقم – 153-

 

( صحيح )

 

(حَدَّثَنَا عَلِيُّ بْنُ مُحَمَّدٍ، وَعَمْرُو بْنُ عَبْدِ اللَّهِ، قَالَا: حَدَّثَنَا وَكِيعٌ قَالَ: حَدَّثَنَا سُفْيَانُ، عَنْ أَبِي إِسْحَاقَ، عَنْ أَبِي لَيْلَى الْكِنْدِيِّ، قَالَ: جَاءَ خَبَّابٌ إِلَى عُمَرَ فَقَالَ: «ادْنُ، فَمَا أَحَدٌ أَحَقَّ بِهَذَا الْمَجْلِسِ مِنْكَ إِلَّا عَمَّارٌ، فَجَعَلَ خَبَّابٌ يُرِيهِ آثَارًا بِظَهْرِهِ مِمَّا عَذَّبَهُ الْمُشْرِكُونَ»)

 

من الفوائد :

أن الصحابة رضي الله عنهم ولاسيما الكبار يعرفون للصحابة الآخرين قدرهم بقطع النظر عن أنسابهم وعن قرابتهم ، ولذلك قرَّب عمر خبابا رضي الله عنهما ، وأشعر خبابا بأنه أحق بهذا المكان من غيره إلا من عمار ، لأن عمار يفوقه ، هذا يدل على أنهم كانوا يفضل بعضهم بعضا ، فأراد خباب أن يثبت صدق عمر فيما ذكره فأراه آثار التعذيب الذي حصل من المشركين .

 

فضال صحابة آخرين

 

حديث رقم – 154-

 

( صحيح )

 

(حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ الْمُثَنَّى قَالَ: حَدَّثَنَا عَبْدُ الْوَهَّابِ بْنُ عَبْدِ الْمَجِيدِ قَالَ: حَدَّثَنَا خَالِدٌ الْحَذَّاءُ، عَنْ أَبِي قِلَابَةَ، عَنْ أَنَسِ بْنِ مَالِكٍ، أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ: «أَرْحَمُ أُمَّتِي بِأُمَّتِي أَبُو بَكْرٍ، وَأَشَدُّهُمْ فِي دِينِ اللَّهُ عُمَرُ، وَأَصْدَقُهُمْ حَيَاءً عُثْمَانُ، وَأَقْضَاهُمْ عَلِيُّ بْنُ أَبِي طَالِبٍ، وَأَقْرَؤُهُمْ لِكِتَابِ اللَّهِ أُبَيُّ بْنُ كَعْبٍ، وَأَعْلَمُهُمْ بِالْحَلَالِ وَالْحَرَامِ مُعَاذُ بْنُ جَبَلٍ، وَأَفْرَضُهُمْ زَيْدُ بْنُ ثَابِتٍ، أَلَا وَإِنَّ لِكُلِّ أُمَّةٍ أَمِينًا، وَأَمِينُ هَذِهِ الْأُمَّةِ أَبُو عُبَيْدَةَ بْنُ الْجَرَّاحِ» )

 

حديث رقم – 155-

( صحيح )

 

(حَدَّثَنَا عَلِيُّ بْنُ مُحَمَّدٍ قَالَ: حَدَّثَنَا وَكِيعٌ، عَنْ سُفْيَانَ، عَنْ خَالِدٍ الْحَذَّاءِ، عَنْ أَبِي قِلَابَةَ، مِثْلَهُ عِنْدَ ابْنِ قُدَامَةَ، غَيْرَ أَنَّهُ يَقُولُ: فِي حَقِّ زَيْدٍ «وَأَعْلَمُهُمْ بِالْفَرَائِضِ» )

 

من الفوائد :

كما أسلفنا أن النبي صلى الله عليه وسلم ذكر ما يمتاز به أحدهم أكثر من غيره ، وإلا فهم مشتركون في هذه الصفات ، لكن بعضهم أرفع من بعض في بعض هذه الصفات .

 

ومن الفوائد :

أن أبا بكر رضي الله عنه كان رحيما بهذه الأمة ، ولذلك نال الخلافة من بعد رسول الله صلى الله عليه وسلم ، لأن الولي لابد أن يكون رحيما برعيته .

وفيه فضل عمر رضي الله عنه لأنه قويا في دين الله عز وجل ولا يبالي حينما يصدع بالحق ، ولذلك كانت معه الدُّرة يضرب بها من خالف وحاد عن الطريق السليم .

وفيه فضل عثمان رضي الله عنه وأنه رجل بلغ من الحياء ما قاله النبي صلى الله عليه وسلم في أحاديث أخرى ( أن الملائكة تستحي منه )

وفيه فضل علي رضي الله عنه وأنه صاحب علم غزير ، لأن القضاء لا يمكن أن يكون قضاء شرعيا محمودا عليه إلا إذا كان عن علم .

وفيه فضل أبي رضي الله عنه وأنه أقرأ الصحابة من حيث المخارج ، وإلا فهناك من هو قارئ وحافظ ومتقن كابن مسعود رضي الله عنه .

وفيه فضل زيد بن ثابت رضي الله عنه ، وأنه أفرض هذه الأمة ،  وفضل معاذ رضي الله عنه وأنه أعلم الأمة بالحلال والحرام ، ولذلك جاء في أحاديث صحيحة ( أنه يتقدم العلماء يوم القيامة )

وفضل أبي عبيدة رضي الله عنه وأنه أمين هذه الأمة .

 

ومن الفوائد :

أن الإنسان لا ينبغي له أن يتخصص في علم ما ويجهل العلوم الأخرى ، لأن الصحابة رضي الله عنهم المذكورين في هذا الحديث عندهم دراية بالعلوم الأخرى ، ولكن بعضهم يمتاز عن بعض في هذا العلم ، فلا يفهم من ذلك أن الإنسان يتخصص في علم ما ثم يدع العلوم الأخرى – لا – لأن الشريعة متكاملة ، ولا يمكن أن يكون عالما شرعيا إلا إذا كان على دراية بعلم التفسير وبعلم الحديث وبعلم الفقه وبعلم الفرائض ، لكن يمكن أن يبرز شخص في علم لكن لا يعني أنه يهمل العلوم الأخرى ، لا كما يفعل في هذا العصر تجد أنه يتخصص في علم ما وفي فن من الفنون ثم يدع العلوم الأخرى وإذا سألته عن ذلك العلم الآخر لم تجد عنده جوابا، ولذلك إذا أراد الإنسان أن يكون صاحب علم ينفع عليه أن يتعلم ما جاء في الكتاب والسنة ، فإذا تعلم ما جاء في الكتاب وفي السنة بطبيعة الحال سوف يكون عالما بالتفسير عالما بالفرائض عالما بالفقه عالما بالحديث .

 

ولا يأتي بعض  الأشخاص ويجلس في فن ما أو في جزئية ما خمس أو ست سنوات ويتبحر فيها ويدع العلوم الأخرى ، لأن من تخصص في علم من العلوم إذا كان مجتهدا فيه فعنده سعة من الوقت .

 

وأهم شيء لدى طالب العلم أن يظفر بعلم ينفع نفسه وينفع الآخرين ، لأنه إذا حصر نفسه على فن معين أصبح حبيس هذا العلم ، والأمة بحاجة ، وقد يجعل الله سبحانه وتعالى هذا الشخص في منطقة ما يحتاج إليه الناس ، وكما قلت ابحث عن العلم الذي تراه نافعا في واقع الناس ، لأن هذا هو العلم الذي ينفعك في الدنيا وفي الآخرة وينفع غيرك.

 

ولذلك لم يقل النبي صلى الله عليه وسلم للصحابة افعل كذا أو تخصص في القضاء أو تخصص في الفرائض – لا – ثم لو نظرنا إلى أول الحديث وجدنا أن أول الحديث فيه ذكر للصفات وليس فيه ذكر للعلم (أرحم أمتي بأمتي أبو بكر وأشدهم في دين الله عمر ، وأصدقهم حياء عثمان وأقضاهم علي بن أبي طالب ) فبرزت هذه الصفة عليهم ، ومما يؤكد أن هذا الحديث لا يدل على التخصص أنه أتى بصيغة التفضيل ، ومعلوم أن صيغة التفضيل في اللغة أن المفضل والمفضل عليه يشتركان في الصفة ، لكن أحدهما يزيد على الآخر ، لو قلت ” زيد أكرم من عمرو ” كلاهما فيه صفة الكرم لكن زيدا زاد على عمرو في الكرم ، قال ( أقضاهم ، أصدقهم ، أعلمهم )

 

فَضْلُ أَبِي ذَرٍّ

 

حديث رقم – 156-

 

( صحيح )

 

(حَدَّثَنَا عَلِيُّ بْنُ مُحَمَّدٍ قَالَ: حَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ نُمَيْرٍ قَالَ: حَدَّثَنَا الْأَعْمَشُ، عَنْ عُثْمَانَ بْنِ عُمَيْرٍ، عَنْ أَبِي حَرْبِ بْنِ أَبِي الْأَسْوَدِ الدِّيْلِيِّ، عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عَمْرٍو، قَالَ: سَمِعْتُ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَقُولُ: «مَا أَقَلَّتِ الْغَبْرَاءُ، وَلَا أَظَلَّتِ الْخَضْرَاءُ، مِنْ رَجُلٍ أَصْدَقَ لَهْجَةً مِنْ أَبِي ذَرٍّ» )

 

من الفوائد :

أنا أبا ذر رضي الله عنه كان صداعا بالحق ، ولا يقل أحد أن ما سواه من الصحابة ليس صادعا بالحق ، ولذلك قال ( ما أقلت الغبراء ) يعني الأرض ( ولا أظلت الخضراء ) يعني السماء ( أصدق لهجة ) فكما قلنا هم يشتركون في هذه الصفة لكن يغلب على أحدهم صفة ما لا يشاركه الآخر فيها ، فيكون أبو ذر رضي الله عنه صداعا بالحق ولا يواري

 

وسميت الأرض بالغبراء ، لأن الأرض في أصلها مقحطة مجدبة ، وبالنسبة إلى السماء خضراء لأن الخضرة تمدح كثيرا ، بينما الزرقة لا تمدح ، ففيه مدح لها ، لأن في السماء الرزق { وَمَا أَنزَلَ اللَّهُ مِنَ السَّمَاءِ مِن رِّزْقٍ }الجاثية5 ، {وَفِي السَّمَاء رِزْقُكُمْ وَمَا تُوعَدُونَ }الذاريات22

 

ومن الفوائد :

أن الكلام يسمى لهجة ، مثلا يقال لهجة هذه القبيلة أو لهجة هذه الديار كذا وكذا ، فهذا له أصل في اللغة .